المبحث الخامس
الأكراد عقب تحرير الكويت عام 1991
عقب انتصار العراق في الحرب العراقية - الإيرانية، سعت إيران إلى دفع الفصائل الكردية إلى توحيد جبهتها، مرة أخرى، بهدف استخدامها ضد صدام حسين. لذلك، عقد في كولون، في ألمانيا، في يناير 1990، مؤتمر كردي، يهدف إلى توحيد الجهود، والعودة إلى النضال، في سبيل تحقيق الحكم الذاتي لمنطقة كردستان. وكان التنسيق الرئيسي بين الحزبَين الكبيرَين: الديموقراطي الكردستاني، بقيادة مسعود البارزاني، والوطني الكردستاني، برئاسة جلال الطالباني.
بعد هزيمة العراق في حرب تحرير الكويت، انطلقت انتفاضة كردية شاملة، في مارس 1991، تطالب بالحصول على حكم ذاتي. وشهدت مدن السليمانية، ودهوك، وأربيل، موجة عنف شديدة، بين الثوار الأكراد والسلطات الأمنية الحكومية.
وكان رد الفعل المركزي العراقي شديداً، بتدخل القوات المسلحة، بشقَّيها، البري والجوي، لإنهاء هذه الانتفاضة. ونجحت، فعلاً، في تكبيد الأكراد خسائر كبيرة. واستفاد الأكراد من تحالفاتهم الغربية، التي اتخذتهم ورقة للضغط على الحكومة العراقية. إذ تقدمت دول التحالف، بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، إلى مجلس الأمن بمشروع لاستصدار القرار 688، في 5 أبريل 1991، بتشكيل قوة لتوفير الحماية للأكراد، ولإعادة الاستقرار، وإنهاء القمع، الذي يتعرض له الأكراد، في شمالي العراق. وتكونت هذه القوة من وحدات، أمريكية وبريطانية وفرنسية، وتحدد لها ثلاثة أشهر، لتنفيذ مهمتها. وانسحبت في نهاية يوليه 1991، تاركة مجموعات من المراقبين. ومع انسحابها، أُعلن إنشاء منطقة أمنية كردية، يحدها خط العرض 36 درجة شمالاً، ويحظر على الطائرات العسكرية العراقية الطيران فوقها، كما يمنع بقاء أي قوات عسكرية، أو قوات أمن خاصة عراقية فيها[1].
ومنذ تلك اللحظة ، وجد الأكراد أنفسهم يخطون أولى خطواتهم، نحو تحقيق الحكم الذاتي لإقليم كردستان، وخلق وطن كردي مستقر، تتوافر فيه ضمانات حقوق الإنسان، والعمل السياسي الديموقراطي، الذي يضطلع به الأكراد أنفسهم، بما يساعد على نضج التجربة الكردية، التي طال كفاحها من أجْل الاعتراف بقومية كردستان.
وكانت الأمم المتحدة، ودول التحالف الرئيسية، تساير هذا الخط، ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، التي رأت في الأكراد ورقة رابحة يمكن من خلالها، تحقيق سياستها في مواجَهة العراق، وإيران، كذلك. لذلك، عملت، منذ اللحظات الأولى، في تجنيد الأكراد، بمستوياتهم المختلفة، في مصلحة النفوذ الأمريكي في المنطقة.
ولم يكن وضع الأكراد، بدءاً من يولـيه 1991، هو الوضع المثالي، بالنسبة إلى الأكراد أنفسهم، أو إلى دول الجوار. وظهر العديد من المتغيرات، التي أثرت في الموقف الكردي - الكردي، وأشعلته، إلى جانب تأثيرها في المواقف المختلفة لدول الجوار، والتي كان لكلٍّ منها موقف مستقل أو بالتنسيق مع سواها، في مواجَهة الموقف الجديد. بيد أن جميع القوى، الإقليمية والعالمية، تبنّت موقفاً رئيسياً، وهو عدم السماح بنشوء دولة كردية مستقلة، في هذه المنطقة.
أولاً: مواقف القوى الكردية من قضية الحكم الذاتي
على الرغم من الكفاح الكردي المتواصل، فترات طويلة، على مراحل سياسية واجتماعية متباينة، إلا أن الأكراد، لم يكونوا مهيئين، على أي مستوى، للاستفادة من الموقف المفاجئ، الناجم عن انكسار العراق في الحرب، والذي آذن بتحقيق الحكم الذاتي. لذلك، فإن خطواتهم في مسيرة هذا الحكم، اتصفت بالعشوائية، ومحاولة حصد المكاسب العشائرية، على حساب كردستان نفسها.
نظراً إلى وجود حزبَين كبيرَين، فقد بدأ التنافس بينهما، منذ اللحظة الأولى. وما لبث أن استحال صراعاً، أعاد إلى الذاكرة صراعاتهما القديمة، منذ السبعينيات، إذ تطور من صراع مبادئ إلى صراع مسلّح.
وزاد من حدّة هذا الصراع، أن توجهات الحزبَين مختلفة، بل إن انتماءاتهما وتحالفاتهما مختلفة، كذلك. وتخضع، باستمرار، للتوجهات القَبلية والعشائرية.
ونظراً إلى افتقاد بنية أساسية ملائمة، والافتقار إلى موارد مالية، لإدارة منطقة الحكم الذاتي الجديدة، فضلاً عن الحصار الاقتصادي، الذي فرضته الحكومة العراقية على إقليم كردستان، اعتمد الأكراد اعتماداً كلياً على المساعدات الخارجية. ويلفت، في هذا الاتجاه، تصريح مسعود البارزاني، في يونيه 1993، "أن جهود شهرَين في محاولة جمع مساعدات مالية، مـن الولايات المتحدة الأمريكية، أو دول أوروبية أو خليجية، قد فشلت. وصار أكراد العراق أمام خيارين. إما أن يعودوا لاجئين من جديد، في إيران أو تركيا أو غيرهما، أو أن يستسلموا للرئيس العراقي صدام حسين".
ومع تفاهم القوى الإقليمية على عدم السماح بإنشاء دولة كردية، فقد عانى أكراد العراق عدم اعتراف أي دولة بوضعهم الجديد، وخصوصاً دول الجوار التي تمثل أهمية خاصة للأكراد. بل كان العكس تماماً، إذ لجأت دول الجوار إلى شبه مقاطعة، سياسية واقتصادية، عدا "المساعدات المحسوبة"، التي تقدمها إلى الأكراد، وخصوصاً من إيران وتركيا وسورية، في مقابل أهداف محددة يحققونها لها، ومن ثم، فإن حجم المساعدات يتقرر بمدى تحقيق الأهداف.
حيال الفراغ السياسي، والمصاعب الجمة، انقسم الأكراد، وتعددت زعاماتهم، وظهرت حركات وتنظيمات كردية جديدة، كالحركة الإسلامية الكردية، التي مثلت تجمعات إسلامية مختلفة، وتزعمها الملا عثمان عبدالعزيز، الذي حصل في انتخابات الرئاسة في كردستان على 4% من مجموع الأصوات. وحاولت أداء دور أكبر، على الساحة الكردية، وحالفت الحزب الكردستاني ضد الحزب الوطني. وقد تبنّت إيران هذه الحركة.
كانت تحالفات أبرز أحزاب المنطقة الكردية، خلال فترة الثمانينيات وأوائل التسعينيات كالآتي:
1. الحزب الديموقراطي الكردستاني: كان يعتمد، في الدعم الخارجي، "إقليمياً، على إيران، ودولياً، على الولايات المتحدة الأمريكية، وينفّذ أهداف إيران في العراق.
2. الاتحاد الوطني الكردستاني: كان حليفاً للنظام العراقي، ودائم الاتصال به. وكان جلال الطالباني، رئيس الحزب، هو الراعي الرئيسي للمفاوضات الكردية مع الحكومة، وكان يتلقى مساعداته من العراق.
إلا أنه في الفترة، من نهاية عام 1993 وحتى منتصف عام 1994، حدث انقلاب تام في توجهات الحزبَين، بسبب التدخل الإيراني. إذ اكتشفت إيران أن هناك تنسيقاً وتفاهماً بين الحزبين الديموقراطيَّين الكردستانيَّين في العراق وإيران، هاجم على أثرهما الحزب الكردستاني الإيراني أهدافاً داخل إيران، بنجاح. وقد احتمى العديد من مقاتلي الحزب داخل معسكرات تابعة للحزب الديموقراطي العراقي، في شمالي العراق. لذلك قصفت مدفعية إيران وسلاحه الجوي تلك المعسكرات. ولم تكتفِ طهران بذلك، بل عمدت إلى التحالف مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فأمدته بالأسلحة والمعدات، ليهاجم هو نفسه معاقل الحزب الديموقراطي. وفعلاً، اشتعل الصراع في شمالي العراق، بين الحزبَين، في أبريل 1994. وتكبد كلاهما خسائر كبيرة، ولم يتوقف إلا بتدخل قوات التحالف الدولي. (أُنظر ملحق النص الكامل للاتفاق بين الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني)
ومنذ تلك اللحظة تغيرت توجهات الحزبَين.
1. إذ تحالف الحزب الديموقراطي الكردستاني مع الحكومة العراقية. ونادى بأن الحوار مع النظام العراقي، هو الطريق إلى حل المشكلات الكردية. واتجه إلى الحصول على الدعم من "العراق الأم".
2. أما الاتحاد الوطني الكردستاني، فأكد أن حل المشكلة الكردية، لن يتحقق، إلا بإشراف أمريكي - أوروبي. واتجه إلى التحالف مع إيران، التي تدعمه بالإمكانيات المادية والسلاح، في سبيل تحقيق أهدافها.
3. وتحالف الحزب الإسلامي الكردستاني، والذي سبق إنشاؤه بدعم إيراني، مع الحزب الديموقراطي، في معاركه ضد الاتحاد الوطني. ثم اتخذ الحياد بين الحزبَين. وقد أدى ذلك إلى فتور شديد بين الحزب وإيران، التي كانت تسعى، من خلاله، إلى تحقيق أهدافها تحقيقاً كاملاً.
ثانياً: الصراع الكردي ـ الكردي، عام 1996
كانت هذه الجولة من الصراع، هي الأشد عنفاً، بين الفصائل الكردية، خلال تاريخها الطويل. وهي تدخل في نطاق "الحرب بالوكالة"، أو "الحرب الاقتصادية" وكل منهما لها مبرراتها.
فتسمية الحرب بالوكالة، تأتي من منطلق، أن كّلاً من الحزبَين المتحاربَين، كان يقف وراءه، ويتدخل في نهجه دولة لها مصالح في إرهاق دولة أخرى. فالحزب الوطني، كان يقف وراءه إيران، تسانده بإمكانات عسكرية ومادية. والحزب الديموقراطي، كان العراق يسانده، ويتدخل بقواته لمصلحته.
أما تسميتها بالحرب الاقتصادية، فلأنها اشتعلت في توقيت متزامن مع قرب الاتفاق على قرار الأمم المتحدة، "النفط مقابل الغذاء". وهو اتفاق ذو علاقة قوية بالمنطقة الكردية، إذ يخصص نسبة من عائد النفط إلى الأكراد، مما يتطلب أن تضطلع هيئة كردية عليا بالتصرف في هذه المخصصات، وكلا الحزبَين يريد أن يكون هو هذه الهيئة.
ناهيك، أن النفط المصدَّر، سيمر في خطوط، تعبُر المنطقة الكردية من العراق إلى تركيا، وتتطلب تأميناً في مرحلة إصلاحها، مع ضمان عدم تعطيلها، بعد ذلك. ويرغب العراق في أن تكون الخطوط تحت سيطرته، بوساطة حلفاء من الأكراد وترغب إيران، خلافاً للرغبة العراقية، في أن تكون هي المسيطرة على الخطوط، للضغط على العراق.
وقد اشتعل الصراع، في نطاق تحالفات 1994، التي لم يطرأ عليها أي تغيير، في هذا الوقت، وبدأ، منذ أوائل عام 1996، بحشود إيرانية، على طول الحدود الشمالية الغربية لإيران، في مواجهة كردستان العراق، إذ كانت تدفع، من وقت إلى آخر، قوات من الحرس الثوري الإيراني، وأخرى من كتائب "بدر" التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، إلى مهاجمة معاقل الحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني، الموجودة في شمالي العراق، في مناطق سيطرة الحزب الديموقراطي الكردستاني العراقي. وقد توغلت هذه القوات إلى مسافات تصل إلى 50 كم، داخل الأراضي العراقية، منتهكة سيادة العراق. وكان مسعود البارزاني، رئيس الحزب الديموقراطي، يتولى إعلان هذه الإتهامات. وكانت إيران تقابلها بالصمت، عدا تصريحات قليلة، بأنها تقصف مَواقع الحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني، "الخارجة عن القانون"، انتقاماً من غاراتها على أهداف حيوية إيرانية.
في الوقت عينه، تصاعدت اتهامات الحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني للاتحاد الوطني الكردستاني العراقي، بتقديمه تسهيلات إلى القوات الإيرانية، وتوفير طرق المرور لها وتعرّفها أهدافها (قواعد الحزب الإيراني المتهِم)، في منطقة أربيل، و منطقة كوي سنجق.
وبدءاً من يوليه 1996، بدأت الاشتباكات العنيفة بين الحزبَين العراقيَّين تتجدد. ودعمت إيران قوات الطالباني دعماً كثيفاً،، حتى إن مصادر صحافية ذكرت، أن "ألفي جندي إيراني، يعبُرون الحدود العراقية، لمطاردة المتمردين الأكراد في كردستان".
كما اتهم الحزب الديموقراطي الكردستاني العراقي، إيران، بتقديم دعم مدفعي للاتحاد الوطني، واستخدام طائرات عمودية، لنقل قواته إلى خلف خطوط الحزب. وفي خلال أغسطس، سارت المعارك في غير مصلحة الحزب الديموقراطي، حليف بغداد، مما يشير إلى الخطر الذي سيسفر عنه نجاح إيران في السيطرة على شمالي العراق، من خلال حليفها، جلال الطالباني.
لذلك، كان قرار العراق خطيراً، ومفاجئاً. فبدل أن يزيد دعمه لمسعود البارزاني، قرر الدخول "سافراً" في هذا الصراع. وكانت وجهة نظره تتحدد في الآتي:
1. أن شمالي العراق جزء من الوطن العراقي. ولا يوجد نص، في قرارات مجلس الأمن، على تقسيم العراق، أو فصل هذا الشمال عن الجنوب، فهذا الجزء خاضع، إذاً، للسيطرة العراقية.
2. إن الموقف خطير، ولا يحتمل أنصاف الحلول، ولا بدّ من التدخل الحاسم لمصلحة وحدة العراق.
3. إن قوات التحالف والأمم المتحدة، ستكون في اختبار، وخصوصاً أن التخطيط للعملية، سيكون مفاجئاً، وسريعاً، لتدمير القوة المعادية، ثم الانسحاب، مع الإعلان المسبق عن عدم استمرار القوات العراقية في الشمال، ولكنها تنفّذ مهمة محددة، ثم تنسحب.
4. إن استعراض القوة، هو من أجل تأكيد قوة العراق، القادر على التحرك من أجل تحقيق ذاته. وأنه استعاد عافيته، بعد حرب الخليج الثانية، على الرغم من الحظر الدولي.
وفي 31 أغسطس 1996، اجتاح الجيش العراقي مدينة أربيل الكردية، التي كان قد استولى عليها جلال الطالباني، وأعاد رفع العلم العراقي عليها. ثم عمدت القوات العراقية إلى القبض على الكثير من الأكراد، العاملون لمصلحة جهات أجنبية. كما أوقعت هزائم متكررة بقوات جلال الطالباني، خلال أيام القتال الثلاثة (31 أغسطس - 2 سبتمبر) التي اجتاحت فيها القوات العراقية المنطقة، مما سهّل على مسعود البارزاني استعادة سيطرته على الموقف، بعد ذلك. أما على المستوى السـياسي، فإن وزارة الخارجية العراقية، أعلنت، منذ اللحظة الأولى، أن القوات العراقية في مهمة محددة، سوف تنسحب بعدها، ولن يستمر وجودها في المنطقة.
ولم تكن هذه الحركات العسكرية المفاجئة، تمر بسهولة أمام أعين قوات التحالف الدولي، لذلك، فقد رفعت القوات الأمريكية في الخليج درجة استعدادها إلى الحالة القصوى، في اليوم عينه. ووجهت إنذاراً إلى القوات العراقية بعدها مباشرة، أعلن التليفزيون العراقي انسحاب القوات من شمالي العراق .
وكان لا بد لقوات التحالف أن تثبت ذاتها، وتعاقب العراق على قراره. وفي هذا المجال، اتخذت أربعة إجراءات:
1. في 3 سبتمبر، وجهت الولايات المتحدة الأمريكية ضربة صاروخية، بقوة 27 صاروخاً، من نوع "توما هوك"، ضد مراكز الدفاع الجوي، ومنصات الصواريخ، جنوب بغداد.
2. في 4 سبتمبر، تكررت الضربة، بقوة 17 صاروخاً، ضد المنشآت نفسها، إضافة إلى منشآت عسكرية أخرى.
3. في 5 سبتمبر أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها قائدة التحالف الدولي، توسيع مجال الحظر الجوي، ليمتد إلى خط العرض 33°، بدلاً من 32° (الخط السابق).
4. وخلال الفترة عينها، أعلن مجلس الأمن استمرار الحظر على العراق، ووجهت الولايات المتحدة الأمريكية طلباً إلى رعاياها، بمغادرته، مما أوحى ببدء اتساع رقعة القتال. ولذلك، فإن الرئيس صدام حسين، عقد اجتماعاً طارئاً بالقادة العسكريين، من أجل تهدئة الموقف، مع الاستعداد لأي تطورات قادمة.
وقد أتاح هذا المناخ، الفرصة للحزب الديموقراطي الكردستاني، لاستعادة السيطرة على المدن الرئيسية، والأجزاء التي فقدها في جولته الأولى مع الاتحاد الوطني. إذ نجح، في 5 سبتمبر، في الاستيلاء على مدينتَين كرديتَين. ثم استعاد السيطرة على مدينة السليمانية، في 9 سبتمبر مما أدى إلى نزوح حوالي 75 ألف كردي إلى إيـران. وفي عقب ذلك، أدى مسعود البارزاني دور زعيم كردستان، وأصدر عفواً عن جلال الطلباني، وكل الأكراد المناوئين.
وفي 12 سبتمبر، حدث تطور آخر، بإطلاق بطارية صواريخ عراقية ثلاثة من صواريخها، على إحدى الطائرات الأمريكية، في منطقة الحظر الجديدة. ولكن أمكن استيعاب الموقف، سياسياً، بإعلان بغداد وقف هجماتها الصاروخية. ومع ذلك، فقد وصلت طلائع قوات أمريكية إلى منطقة الحدود، بين العراق والكويت، في 20 سبتمبر 1996.
أما الموقف في الشمال، فلم يتوقف عند هذا الحدَ، على الرغم من الهدنة غير المعلنة، لالتقاط الأنفاس، إذ سرعان ما اشتعلت المعارك من جديد، بين الحزبَين الكرديَين، وكانت هذه الجولة في مصلحة جلال الطالباني، الذي تلقّى مساعدات كبيرة من إيران، بينما كان الدعم العراقي للبارزاني شبه متوقف، بسبب الإجراءات الأمريكية المضادّة. لذلك، استعاد الاتحاد الوطني معظم المناطق، التي سبق أن فقدها في معاركه السابقة.
ومع بدء استعادة التوازن بين قوى الأكراد، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تلقي بثقلها، لإيقاف القتال. وحضر بيليترو، مساعد وزير الخارجية الأمريكية إلى المنطقة، واجتمع، في تركيا، مع قطبَي النزاع، اللذين أعلنا استعدادهما لوقف القتال. ووُقِّع اتفاق إيقاف النيران، فعلاً في 31 أكتوبر 1996. وتضمن تشكيل حكومه كردية جديدة، لتولي مسؤوليات كردستان، ونص على عقد اجتماع مشترك، لفض النزاعات بين الجناحَين الكرديَّين، كل خمسة عشر يوماً، في أنقرة في حضور مندوبي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وتركيا. (أنظر ملحق النص الكامل للاتفاق الذي تم التوصل إليه في 31 أكتوبر 1996 بين حزبَي مسعود البرازاني (الحزب الديموقراطي) وجلال الطالباني (الاتحاد الوطني) وممثلين عن التركمان في شمال العراق إضافة إلى ممثلين عن الحكومات الأمريكية والتركية والبريطانية)
ولم يكن لهذا الاتفاق أن ينهي صراع الفصائل الكردية، إذ سرعان ما تجدد، في أوائل شهر ديسمبر.
وفي مبادرة منها، وتحسباً لتكرار الحكومة العراقية هجومها، الذي شنته في نهاية أغسطس، فقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، في 4 ديسمبر 1996، ترحيل المنشقِّين الأكراد "وهم الأكراد، الذين كانت تعدهم لتنفيذ مهام خاصة في المنطقة، سواء في اتجاه العراق أو إيران". وقد نقلوا، أولاً، إلى أنقرة، ثم إلى إحدى جزر المحيط الهادي، لتأهيلهم قبْل نقلهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ثالثاً: الموقف العربي من تطورات المسألة الكردية في العراق
يتحدد الموقف العربي، بصفة عامة، في النقاط الآتية:
أ. التمسك بوحدة العراق، ورفض أي نوع من تقسيمه، فيدرالياً أو كونفيدرالياً، مع الاعتراف بحق الأكراد في حياة آمنة، ضمن الوطن العراقي الواحد.
ب. يرى العديد من الدول العربية، المهتمة بالقضية، وفي مقدمتها مصر والسعودية وسورية، ودولة الإمارات، أن دخول الجيش العراقي إلى شمالي العراق في سبتمبر 1996 هو دخول شرعي إلى جزء من أراضيه، ولا يمثل هذا أي انتهاك للقوانين الدولية، وفي الوقت عينه، انتقد أو تحفظ كل الدول العربية من الضربة الصاروخية الأمريكية للعراق .
ج. تمثل الخلافات العربية ـ العربية مناخاً ملائماً لمزايدة فصائل الأكراد المختلفة للمزايدة للحصول على المعونات من شتى الأطراف، ويرجع ذلك إلى افتقاد أكراد العراق حماية عربية، ترعى مصالحهم، في هذه المرحلة الحساسة، إلى أن يستعيد العراق وضعه في النطاق العربي.
لسورية موقف خاص من أكراد العراق، إذ توجد على أراضيها أقلية كردية، كما أن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، تأسس في دمشق عام 1975، بدعم سوري. وهي، كدولة حدودية، يلجأ إليها بعض الفارِّين من فئات الأكراد الأخرى للاحتماء بأراضيها. لذلك، فاهتمام سورية بقضايا الأكراد، يمثل عاملاً رئيسياً في القضية.
أما موقف العراق نفسه تجاه قضية الأكراد، فيتمثل في تنفيذ استراتيجية النفس الطويل، ريثما تنهتي الأزمة العراقية، فيلتفت إلى الشمال، ويخضعه، بأي صورة، للسلطة المركزية. وترى بغداد، أن صيغة بيان 11 مارس 1970، الخاصة بالحكم الذاتي، هي المثلى، وهي التي أُقرت، عام 1991، بعد المتغيرات الناجمة عن حرب الخليج الثانية.
رابعاً: مواقف الأطراف الإقليمية من الصراع
أدى الموقف غير المسبوق، في شمالي العراق، إلى فراغ، سياسي وإداري، خطير، في منطقة تعاني متاعبها حكومات الدول المجاورة، منذ زمن طويل. لذلك، وفي عقب انتهاء حرب الخليج الثانية، سعت تركيا وإيران وسورية إلى التنسيق فيما بينها بهدف الحفاظ على وحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، والحيلولة دون تعاون الفئات الكردية الفاعلة، سياسياً وعسكرياً، ومنع قيام أي دولة كردية مستقلة. وقد تجسّد هذا التنسيق، رسـمياً في اجتماع الأطراف الثلاثة، في نوفمبر 1992. ولم يُدعَ العراق إلى هذا المؤتمر، فسارع إلى الإعلان أن الاجتماع، يمثل تدخلاً في شؤونه الداخلية. كذلك، لم تُدعَ إليه الأحزاب الكردية، مما دفع تلك الأحزاب إلى التوجس من أن هذا المؤتمر، يهدف إلى إجهاض تجربة الحكم الذاتي الكردي، الوليدة، في شمالي العراق.
وقد تكرر الاجتماع، بصفة دورية، على مستوى وزراء الخارجية، أو مستوى الخبراء. وكان مضمون البيانات، الصادرة عن الاجتماعات، يتلخص في الآتي:
1. تأكيد الالتزام بوحدة أراضي العراق.
2. عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية.
3. بحث الوضع في شمالي العراق، حؤولاً دون الفوضى في هذه المنطقة الحساسة، التي تمثل تهديداً للأمن والاستقرار الإقليميَّين.
ومع ذلك، لم تؤد هذه الاجتماعات إلى حلول عملية للمشكلة الكردية، في شمالي العراق. وكان هناك اجتهادات، نبعت من تركيا بضرورة وجود دور أمريكي - بريطاني.
كان رد أكراد العراق على انعقاد مؤتمرات التنسيق، ينحصر في نقطتين:
أ. دعوة هذه الدول إلى حل مشكلات مواطنيها من الأكراد، أولاً.
ب. عدم نية أكراد العراق التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة.
وهناك عدة عوامل مهمة في تعامل الأطراف الإقليمية مع أكراد العراق، أو منطقة كردستان العراقية:
· إن الدول المجاورة لم تعترف بحق الأكراد في الحكم الذاتي. وكان هناك قطيعة تامة بين الأكراد والمؤسسات الرسمية لهذه الدول، في جميع المجالات، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، "عدا موضوعات التآمر أو الحرب بالوكالة ، وتقديم المساعدات المحدودة".
· إن الحزبَين الكرديَّين الرئيسيَّين، تحملا عواقب أنشطة الأحزاب الكردية المناوئة، سواء في إيران أو تركيا، والتي كانت، دائماً، تنطلق من كردستان العراق، كما أن الصراع بين الحزبَين الرئيسيَّين، كان له أبعاد تنافسية، تفرض علية، دائماً، من إيران أو تركيا أو الحلفاء الغربيِّين.
· إن جميع أحزاب المعارضة العراقية، والتي تتلقى مساعدات من دول، عربية أو أجنبية، رفضت أي صيغة فيدرالية لأكراد العراق، على أساس أن هذا سيكون نوعاً من تقسيم العراق، واكتفت بإعلانها احترام آمال وتطلعات الأكراد إلى حكم ذاتي.
· إن كلاً من إيران وتركيا، أعلنت أن لها الحق في ملاحقة مواطنيها، من الأكراد المنشقِّين، في داخل كردستان العراق.
ويذكر أن الاتحاد السوفيتي، الذي كان له في السابق، دور رئيسي في القضية الكردية، فقدَ تأثيره، بدءاً من عام 1991، عقب نهاية حرب الخليج الثانية، نظراً إلى المتغيرات الحادّة التي تعرض لها، وفرطت عقده، في دول مختلفة، كل منها كان لها مشاكلها، التي تشغلها عن القضية الكردية.
1. الموقف التركي
في خلال الثمانينيات، كان التعاون التركي - العراقي متكاملاً، لاحتواء حركة الأكراد، إذ كان هناك أهداف مشتركة، في المجال الاقتصادي، أهمها أنابيب النفط، يراد تحقيقها، بكفاءة.
في عقب حرب الخليج الثانية، تغير الموقف السياسي التركي، نتيجة المتغيرات المتعلقة بتركيا نفسها، وأهمها:
· الالتزام السياسي التركي تجاه قوات التحالف بالحفاظ على الوضع الراهن في العراق، واستكمال حصاره من اتجاه الشمال. وهكذا حرمت تركيا من عوائد نقل النفط العراقي عبر الأنابيب، التي تمر في أراضيها، على الرغم من المقررات التعويضية، التي لا تتلاءم مع العائد الحقيقي.
· تخوف الحكومة التركية من انعكاس أثر الحكم الذاتي لأكراد العراق، على أكراد تركيا نفسها، مما قد يحدث قلاقل داخلية فيها.
وأثار هاجس تركيا، خوفها من زيادة نشاط حزب العمال الكردستاني التركي، واتخاذه من كردستان العراق قاعدة له، مع إمكان تجنيده لعناصر جديدة، أو التحالف مع الأحزاب الكردية العراقية، مما يؤثر في الوضع، السياسي والأمني، في تركيا. ولإزالة هذا التخوف، فإن تركيا سمحت لنفسها، في كثير من الأوقات، بدفع قواتها المسلحة إلى داخل الحدود العراقية، محاولة تدمير قواعد هذا الحزب. كما تحالفت، في أوقات أخرى، مع الأحزاب الكردية العراقية، ولاسيما الحزب الديموقراطي الكردستاني، لقتال عناصر حزب العمال التركي.
رغبة تركيا في الظهور بمظهر "راعي أكراد العراق"، في إطار ما أسمته، منذ عام 1994، "التعامل مع الواقع الكردي". وتهدف تركيا من هذا التعامل إلى:
أ. مقاومة أي اتجاه لاستقلال الأكراد، أو إعلان دولة منفصلة.
ب. ضمان عدم تأثيرهم في أكراد تركيا. وفي الوقت عينه، الإيحاء لهؤلاء أنها ترعى أشقاءهم في العراق، وبذلك تحتوي ردود فعلهم.
ج. ضمان عدم إثارة العراق للمشاكل الحدودية، أو حقه التاريخي في أراضٍ تركية .
د. الحصول على دعم ملائم من دول الاتحاد الأوروبي، من خلال دعمها لأكراد العراق.
هـ. تخوف تركيا من تدفّق مهاجرين أكراد إلى داخل أراضيها، في حالة عدم وجود استقرار شمالي العراق، وهي الحالة التي تنجم عن ثلاثة عوامل:
(1) فراغ السلطة، أو الصراع بين الأكراد أنفسهم.
(2) محاولة الحكومة العراقية إعادة ضم شمالي العراق، بالقوة، مما يثير حرباً جديدة في المنطقة .
(3) حدوث مجاعات، أو أوبئة.
وهكذا، انبثقت فكرة عملية توفير الراحة لحماية أكراد العراق، التي تبنّتها الحكومة التركية Provide Comfort Operation.
بناء على ذلك، تحددت الإستراتيجية التركية تجاه أكراد العراق، منذ عام 1991 وحتى الآن، في ثلاثة مبادئ:
أ. عدم السماح بدعم أكراد العراق لأي حركات قومية كردية، في تركيا .
ب. عدم السماح، بل مقاومة إنشاء حزب العمال الكردستاني التركي، قواعد له في كردستان العراق، وتدمير أي قواعد ينجح في إنشائها.
ج. ضمان عدم مقاومة أي أعمال عسكرية تركية، داخل أراضي العراق لتدمير قواعد حزب العمال.
وقد تفهم الطرفان، الكردي والتركي، هذه الإستراتيجية. كما تفهمها النظام العراقي. لذلك، فإن النزاعات "السياسية"، العراقية - الكردية - التركية، خلال الست سنوات الماضية، تُعَدّ محدودة جداً، إذ قيست بحجم انتهاكات حدود العراق، أو العمليات العسكرية التركية، داخل كردستان العراق، التي لا تجد أي مقاومة، نظامية أو شعبية.
ومنذ عام 1991، في إثر حرب الخليج الثانية، حدثت عدة تطورات، نوجزها في الآتي:
أ. كان أول إجراء، اتخذه الحزبان الكرديان الرئيسيان، بعد حصول الأكراد على الحكم الذاتي، هو توجيه تحذير إلى تركيا، أنه في حالة دخول الجيش التركي إلى كردستان، فإنهم سيتصدون له.
ب. رأت تركيا أن تستقطب أكراد العراق. لذلك، بدأت سلسلة مفاوضات معهم، في ضوء استراتيجيتها تجاه تلك المنطقة، بهدف تأمين تعايش مستقر في شمالي العراق، يجمع العرب والأكراد والتركمان (تهتم تركيا برعاية الأقلية التركمانية في العراق، كالتزام، أدبي وعِرقي، في آن معاً، واستغلالها في تنفيذ السياسة التركية في العراق) .
ج. عندما تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها قائدة التحالف الدولي لتحرير الكويت، في ذلك الوقت، للتوسط بين أكراد العراق وتركيا، في عقب الإنذارات الكردية، كان شرطها الرئيسي، الذي يجب أن يقبَله الطرف الكردي، هو عدم دعم الحركات الانفصالية الكردية في تركيا. وقد قبِل أكراد العراق هذا الشرط، إذ إن تركيا، تمثل لهم خط الاتصال الرئيسي مع الغرب، للحصول على الحماية والدعم الدوليَّين، علاوة على رغبة الأكراد، أن تكون تركيا هي حلقة الوصل، لمزيد من تقاربهم مع الولايات المتحدة الأمريكية.
د. سارت الأمور، عقب المفاوضات، مسيرة حسنة، إلى درجة أن "جلال الطالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني العراقـي، فاجأ الجميع بالحديث عن إمكانية دخول أكراد العراق في ترتيب فيدرالي مع تركيا".
إلا أن هذا الاقتراح لاقى معارضة لسبَبين :
(1) عدم رغبة تركيا في إضافة أعباء أقليات إلى أعبائها، إذ لو أضيف أكراد العراق إلى أكراد تركيا، فسيمثلون 75% من حجم أكراد المنطقة، وسيكون لهم مطالب حادّة، بعد ذلك.
(2) اتجاه معظم القوى إلى التحذير من تقسيم العراق، بينما يعني انضمام الأكراد إلى تركيا، اقتطاع جزء من العراق.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أن الطالباني، طالب أن تكون تركيا ضامنة لحصول الأكراد على اتفاق حكم ذاتي لهم، من الحكومة العراقية.
هـ. ولم تكن المطالب الكردية سوى نوع من التقرب والتحالف مع تركيا، لمواجهة المتغيرات الجديدة، في عقب حرب الخليج الثانية. واستمرت المزايدات بين الطالباني ومسعود البارزاني، لاستقطاب تركيا، من أجل مزيد مـن الدعم لأكراد العراق. وبالغ الزعيمان في إثارة موضوعات، منها "تفضيل تركيا، لتوافر الديموقراطية فيها"، و"أحقية تركيا التاريخية في إقليم الموصل".
و. وقد اتخذت تركيا، تجاه ذلك، موقفاً متزناً، طبقاً لإستراتيجيتها، ولم تستجب لهذه الأقاويل.
ز. خصصت تركيا دعماً لأكراد العراق (13.5 مليون دولار)، في شهر أغسطس 1993.
ح. فرضت تركيا قيوداً شديدة على أي إمدادات (التسليح، أساساً) تمر بأراضيها إلى أكراد العراق.
ي. تتخذ أنقرة إجراءات أمنية، ضد تنقلات الأكراد، عند حدوث أي أزمة، تحسباً لانتقال أعضاء حزب العمال الكردستاني إلى تركيا، ضمن الفارين من أكراد العراق. وحاولت إقامة منطقة آمنة، داخل حدود العراق. وقوبل ذلك بالرفض. إلا أن إحدى صحف تركيا، ذكرت، في 22 أكتوبر 1997، أن تركيا أقامت فعلاً منطقة أمنية، بعمق عشرة كيلومترات، يوجد فيها حوالي ثمانية آلاف جندي تركي. "إلا أن هذا التصريح، لم يتأكد بعد".
2. حزب العمال الكردستاني التركي، وموقفه من أكراد العراق
في عقب حرب تحرير الكويت، وبدءاً من صيف 1991، انتقل نشاط حزب العمال الكردستاني التركي (PKK)، ليتخذ من كردستان العراق قواعد آمنة له. وكان ذلك مثار تخوف رسمي لتركيا، وأدى إلى تحالفات تركية مع أحزاب الأكراد، لقتاله (بالوكالة عنها). كما أدى إلى مبادرة تركيا إلى عدة حملات عسكرية، لتدمير قواعده، في شمالي العراق.
منذ عام 1992، سعى حزب العمال الكردستاني التركي، إلى توسيع نشاطه شمالي العراق، والوقوف جنباً إلى جنب مع الحزبَين الكرديَّين العراقيَّين. ولكن ذلك قوبل بجفاء منهما ، ورفض للفكرة من الأساس، على الرغم من معارضتهما للإجراءات التركية، في محاولة القضاء عليه، النابعة من حرصهما على إحياء القومية الكردية، وحتى لا يكون موقفهما حرجاً أمام الشعب الكردي، في تركيا وفي العراق. وقد أسس حزب العمال فرعاً له، شمالي العراق، باسم "حزب التحرير الكردي".
يرى أكراد العراق، أن حزب العمال الكردستاني التركي، يؤثر فيهم تأثيراً مباشراً، في المجالات الآتية:
أ. تدخله في الشؤون الداخلية لكردستان العراق، وعدم احترامه للاتفاقيات مع أكرادها.
ب. استخدام العنف في حل مشاكله مع الأحزاب الكردية العراقية.
ج. قيامه بأعمال استفزازية، تؤدي إلى تدخّل القوات المسلحة التركية في شمالي العراق، مما يؤثر في الأمن الكردي العراقي.
د. تأثيره في العلاقات بين أكراد العراق، وتركيا، التي تضغط، بدورها، على أكراد العراق، للحد من أنشطة حزب العمال، التي تعدها أنشطة "إرهابية".
يتبع إن شاء الله...