محاصرة القصور الملكية يوم 26 يوليه 1952
في الخامسة صباحاً في القاهرة مع ضوء النهار، تحركت قوات من أسلحة الجيش المختلفة، تتقدمها العربات المصفحة، والدبابات وحاملات مدافع الميدان، إلى قصر عابدين، وسبق خروجها، من الثكنات بالعباسية، وألماظة، تعزيز الحراسة، في المواقع الحساسة في القاهرة، بمزيد من المدرعات والمصفحات، وأُغلقت منافذ الطرق المؤدية إلى القصر، وانتشر الجنود، في رحبة الميدان، في مربعات تشكيل، ولم تحاول القوات دخول القصر، بل لازمت أمكنتها، أمام البوابة، وخارج أسواره. وفي الوقت نفسه، تحركت قوات أخرى، واتجهت إلى قصر القبة، تشمل مشاة، ومدرعات، ومدافع ميدان، وأحكمت الحصار، حول القصر، ومنعت موظفي القصر من الدخول، وكانت تجري، بين لحظة وأخرى، اتصالات مع القيادة بالإسكندرية، بينما كان سرب من الطائرات يحلق على ارتفاع منخفض.
أما في الأسكندرية، ففي فجر اليوم نفسه، 26 يوليه، أمر محمد نجيب القوات بمحاصرة قصري الملك، بأسرع ما يمكن، وأعطى أوامره بالهجوم عند الضرورة بقوله: "كنا نتصور أن الملك في قصر المنتزه، فقررت أن يحاصر القصر حسين الشافعي. وتوجهت إلى هناك أكبر القوات. لكننا اكتشفنا أن الملك غادر قصر المنتزه، سراً بالأمس، ويقيم في رأس التين، فقررت أن تحاصره القوة الكبيرة، التي وصلت تواً من القاهرة، بقيادة عبدالمنعم أمين. وبعد صدام خفيف، جرح فيه (6) أشخاص فقط استسلم حرس رأس التين.
في السابعة صباحاً، بالإسكندرية، بلغت القوات مشارف قصر المنتزه، وأحاطت به بقيادة البكباشي حسين الشافعي، وسدت جميع المنافذ، الموصلة إليه، ورابطت قوات أخرى، شرقي القصر، في المعمورة، واحتلت الأماكن المرتفعة المشرفة على القصر، ووجهت الدبابات مدافعها نحوه، يقول البكباشي حسين الشافعي: حاصرنا القصر بالدبابات، والسيارات المدرعة، ووحدات المدفعية والكتيبة (13) مشاة، وقمت بتوزيع القوة، ومررت بنفسي على مداخل القصر، حتى وصلت إلى أبي قير، لأحصر كل الزوارق التجارية واليخوت التي قد تُستعمل، وظللنا في أماكنا، حتى الظهر، ثم عدت بمفردي إلى مقر القيادة، في مصطفى باشا، لأتابع الترتيبات، التي أعددناها، في الليلة السابقة، وقد تم تنفيذها..".
أما صلاح نصر فيقول:
"في مساء 24 يوليه، استدعاني عبدالناصر إلى مكتبه، في كوبري القبة، وأخبرني أنه تقرر عزل فاروق. وأن قوتين عسكريتين سوف تتحركان إلى الإسكندرية. صباح 25 من يوليه لإجبار فاروق على التنازل عن العرش. كان القول الأول تحت قيادتي، ويتكون من الكتيبة الثالثة عشرة مشاة، وبطارية مدفعية، وتروب دبابات، أُلحق علينا، من قوات الإسكندرية، أما القول الثاني فوضع تحت قيادة البكباشي عبدالمنعم عبدالرؤوف. وتولى قيادة القولين القائمقام أحمد شوقي، الذي كان قد عين قائداً لقسم القاهرة.
صدرت الأوامر لي بالتحرك إلى الإسكندرية، في الصباح المبكر يوم 25 يوليه، والمبيت بقواتي في إستاد الإسكندرية ليلتي 25ـ26، على أن أقوم بمحاصرة قصر المنتزه، في الصباح المبكر يوم 26 يوليه. تحركنا، في أول ضوء من يوم 25، من معسكر العباسية. وعلى امتداد طريق الجيزة ـ الهرم، ثم الطريق الصحراوي، المؤدي إلى الإسكندرية، كانت السيارات المدنية، المتجهة إلى الإسكندرية، لتمضية فصل الصيف، تهدئ من سرعتها ثم يلوح الركاب بأيديهم تحية لنا، كنت أسمع بضع كلمات تشجعنا، وتدعوا لنا بالتوفيق.
وصلنا، قبل غروب 25 يوليه، إلى الإسكندرية. وعسكرنا في إستاد الإسكندرية. وافترشنا الغبراء، ونمنا بملابسنا العسكرية. وفي صباح 26 يوليه، تحركت بقواتي لمحاصرة قصر المنتزه. كان قائد بطارية المدفعية، الصاغ أنور ثابت، وقائد المدرعات، الصاغ أحمد عطية. وصلنا إلى مشارف قصر المنتزه، واتخذت من مقهى متواضع، في نهاية منطقة المنتزه، مركز قيادة لي. وقمت بعمل استطلاع، ثم أصدرت أوامري بنشر القوات، حول القصر، وكان من المعروف، حتى هذه اللحظة، أن الملك يقيم داخل قصر المنتزه".
"وما أن اتخذت الدبابات والمدفعية موقعها، وما كادت تنتشر المشاة، لتتخذ مواقع دفاعها، حتى رأيت جنود الحرس الملكي، وقد اعتلوا سور القصر المواجه للمندرة، وانتشروا عليه، كالجراد استعداداً لإطلاق النار. وقدرت أن القوة، التي كانت تحت قيادتي، تستطيع أن تدك القصر، وتقضي على أية مقاومة، ولكنني حرصت على ألا يحدث أي اشتباك، بين القوتين، منعاً من حدوث أية خسائر في الأرواح. وتوجهت، بعربتي الجيب، إلى بوابة القصر القبلية المواجهة للمندرة. وقابلت يوزباشي نوبتجي الحرس الملكي، وتفاهمت معه، وقلت له إننا مصريون، قبل كل شئ، وأنه في قدرتي، أن أقتحم القصر، ولكن ليس هناك داع كي يزهق مصري روح أخيه. واستجاب الضابط فوراً وقال: إننا ننتظر هذا اليوم، ثم أمر جنوده بالنزول من على سور القصر، وجمعهم، وأخذ سلاحهم".
"في ذاك الوقت، علمنا أن الملك، كان قد غادر قصر للمنتزه، مساء الليلة السابقة، إلى قصر رأس التين، حينما علم بزحف الجيش من القاهرة. وبينما كنت أحاصر قصر المنتزه، كان عبدالمنعم عبدالرؤووف يحاصر قصر رأس التين.".
رواية عبدالمنعم عبدالرؤوف في محاصرة قصر رأس التين
"عند فجر 24 يوليه، دق باب شقتي الصاغ أركان الحرب عبدالوهاب جمال الدين، وأبلغني بأنني عُينت قائداً للكتيبة (19)، بنادق مشاة، وهي في انتظاري، عند فندق ميناهاوس، بالهرم، على طريق مصر ـ إسكندرية، وأنه عُين أركان حرب مجموعة اللواء السابع الموجودة هناك، كذلك، استعداداً للتحرك معاً إلى الإسكندرية، تحت قيادة القائمقام أحمد شوقي. ركبت السيارة، بصحبة الصاغ عبدالوهاب جمال الدين، إلى حيث تقف كتيبتي الجديدة، (19) بنادق مشاة، وتممت عليها، فوجدت أن عدد ضباطها تسعة، وكلهم برتبـة الملازم أول، وكان هناك نقص كبير في ضباط الصف والجنود، فعينت الملازم أول محمد كامل سليم، أركان حرب لي، ووزعت الضباط الباقين على السرايا، بمعدل واحد لكل سرية، وضابط للشؤون الإدارية، وسادس للمخابرات. ووصلت مقدمة مجموعة اللواء السابع، بقيادة القائمقام أحمد شوقي، إلى ميدان المنشية، مساء هذا اليوم".
"قبل صلاة فجر 26 يوليه بقليل، استدعاني قائد مجموعة اللواء السابع، القائمقام أحمد شوقي وسلمني قطعة من ورق النشاط، كتب عليها الغرض المطلوب منى تنفيذه، وكان الغرض محاصرة قصر رأس التين، ومنع دخول، وخروج أي شخص، ومنع الاحتكاك. يتم ذلك قبل الساعة 7.30 صباح اليوم، 26 يوليه 1952، "تحت قيادتك جماعة مدافع ماكينة، في معاونتك تروب مدفعية متوسطة. أبلغت القائمقام أحمد شوقي أن هذا الغرض متضارب في الفقرتين الثانية والثالثة! إذ كيف يمكنني منع الدخول والخروج للموظفين وغيرهم، على اختلاف رتبهم، ووظائفهم، وأعمالهم، من وإلى القصر، من دون حدوث احتكاك؟ فأجاب: تصرف بما تراه مناسباً".
في الساعة 710 تحركت الكتيبة، من ملعب البلدية، متجهة نحو القصر، وصلتها الساعة 740، وقد قمت، فوراً، بتوزيع القوة، حول القصر. بعد استكشاف سريع، وجدت أن الجانب الأيسر منطقة مهمة، حيث أنها تشرف على الميناء مباشرة، فأمرت بتكثيفها بنيران مدافع الماكينة، وفعلاً، وُضعت بها فصيلة مشاة، وجماعة مدفع فيكرز، وقد تم الحصار فعلاً الساعة 755. في الساعة 800، وأثناء وجودي بتنظيم مواقع هذه المنطقة، أطلقت طلقات نارية من جهة السرايا على قواتي، وشاهدت مدفع فيكرز يُنصب في حديقة القصر للاستعداد لفتح النيران، على قواتي، فوجدت أنه من الضروري سرعة تأمين قواتي، خاصة، وقد ابتدئ بفتح النيران، من ناحية الحرس، فأمرت بإطلاق النيران على مواقع مدفع الحرس، وفعلاً تم ذلك، وترك طاقم المدفع موقعه، ودخلوا القصر، وخرج خمسة من ضباط الحرس، على رأسهم اللواء عبدالله باشا النجومي، معلنين الاستسلام، وقدموا سلاحهم، إلا أنه فُتحت نيران سريعة، وفردية، من مباني الحرس بالقصر، من جهات عدة، وخاصة من أعلى المباني، على موقعنا، فجاوبناها بالمثل وأسكتناها، وخرج ضابط برتبة اليوزباشي، حاملاً علماً أبيض، معلناً استسلام كل من في القصر، وبعد فترة، حضر القائمقام عبدالله رفعت، من حرس القصر، وتعهد بعدم إطلاق أي طلقة، من ناحية القصر، وعليه، أمرت بوقف إطلاق النيران، في الحال، وقد أصيب في هذه المعركة كل من: [الجندي حميدة أبوسريع، من الكتيبة الثانية، مدافع ماكينة، الجندي سعدالدين عطية، من الكتيبة (19) مشاة]...
ولا يفوتني أن أقرر ما قام به كل من الضباط، والصف، والعساكر، الآتية أسماؤهم لما أبدوه من شجاعة، وثبات وتنفيذهم لأوامري بحماس وإيمان، تحت وابل من النيران السريعة، مما أثار إعجابي:
الكتيبة (19) مشاة
إسماعيل السيد عبدالوهاب
صاغ
الكتيبة (19) مشاة
مدحت زكي شعيب
يوزباشي
الكتيبة ( 2) مدافع ماكينة
حسين علي حافظ
ملازم أول
الكتيبة (19) مشاة
محمد كامل سليم
ملازم ثان
الكتيبة (19) مشاة
عبدالمحسن أبو زهرة
ملازم ثان
ميخائيل فرنسيس
امباشي
طاقم رشاش فيكرز
محمد عبدالحليم إبراهيم
عسكري
الكتيبة ( 2) مدافع ماكينة
محمد إبراهيم جادالله
عسكري
الكتيبة ( 2) مدافع ماكينة
محمد أحمد على
عسكري
سيد محمد سليمان
عسكري
طاقم رشاش براونتنج
محمد البيومي أبو شهاب
عسكري
تزايد حجم القوات المحاصرة لقصر رأس التين
في الساعة 7,45 (بالإسكندرية)، وصلت قوات كبيرة، وحاصرت قصر رأس التين، بقيادة البكباشي عبدالمنعم أمين، الذي تولى القيادة العامة للوحدات الأخرى، التي أضيفت على مقدمة اللواء السابع، واشتملت على وحدات من المشاة، ودبابات، ومصفحات، ومدافع ميدان. وكانت الخطة أن تقف القوات المصفحة في الخط الأول من الحصار، تليها، في الخط الثاني، قوات المشاة، ثم حدث تغيير بسبب خطأ، أو لعدم وضوح التعليمات فوقفت المصفحات في الخط الثاني، وتقدم المشاة، ودخلت بعض هذه القوات إلى فناء القصر، من باب الجراج، وحاصرت قاعة العرش، مما أدى إلى التحرش بقوات الحرس، وتبادل بعض الطلقات، وأقيمت، عند المداخل المؤدية إلى القصر، مدافع من عيار 17 رطلاً، وصوبت مدفعية الساحل، في جهة الأنفوشي، مدافعها من عيار 25رطلاً، إلى المقر كذلك، وحلق سرب مؤلف من ثلاث قاذفات كبيرة، فوق القصر، على ارتفاع منخفض، ومنعت القوات الدخول والخروج من القصر. وكان اللواء عبدالله النجومي باشا، نائب كبير الياوران، يريد الخروج من القصر، فمنع من ذلك، كما منع النبيل عباس حليم، من الدخول، وفي الوقت نفسه، أغلق الميناء، وأديرت مدافع الوحدات البحرية، وخفر السواحل، إلى أهدافها، وقطعت خطوط التليفون مع القصر، ولكن تبين أن في القصر خطاً تليفونياً سرياً، يتصل مباشرة مع الخارج، من دون أن يمر بالمركز العام لسنترال التليفون، وهو الذي استخدمه الملك في الاتصال برئيس الوزراء، والسفير الأمريكي.
فاروق يتصل بعلي ماهر عن طريق الخط السري
في الساعة 8,00 صباحاً، بالإسكندرية، دق جرس التليفون في غرفة رئيس الوزراء، بالفندق، وكان المتحدث الملك فاروق، عن طريق الخط السري، (ذكر محمد حسن الشماشرجى، بعد ذلك، أن يهودياً مصرياً، يدعى أيلي، من المتخصصين في الاتصالات اللاسلكية، كان يقوم بهذه المهمة)، وأبلغه أن القصر محاصر، وأن بعض قوات الجيش تهاجم القصر، من ناحية الجراجات وأن بعض المدافع أطلقت عدة قذائف، وأن نائب كبير الياوران (أي النجومي باشا)، ذهب ليستوضح الموقف فجرى التحفظ عليه.
القوات المدافعة عن القصر
كانت القوات الداخلية تشمل قوات الحرس الملكي، وعليها الأميرالاي محمد أبو النصر، والصاغ عبدالله رفعت، وقوة حرس الهجانة، وآلاي مدافع ماكينة، وعليها البكباشي عبدالمحسن كامل مرتجي، قائد عام القوات البرية بعد ذلك، وقوة بوليس، القصر وعليها الأميرالاي أحمد كامل بك، وقوة الحرس الخاص، وعليها اليوزباشي حسين عرفة، وكان اللواء عبدالله النجومي باشا نائب كبير الياوران. هو أكبر رتبة عسكرية.
يقول عبدالمنعم أمين: ".. لم نكن نعرف أين هو (أي الملك)، أعطيت قوات لحصار رأس التين، ومعي عبدالمنعم عبدالرؤوف، أقدم الضباط (مع دبابات، وعربات مصفحة، ومشاة)، وضربنا حصاراً حول القصر، ومنع الدخول والخروج. سمعت ضرب رصاص، من ناحية المينا، وجدت 30عسكرياً منبطحين أرضاً، يضربون على شبابيك السراي، نتيجة طلقة خطأ، فعملت على الفور بتصحيح الوضع". ويفصّل اليوزباشي فتح الله رفعت الصورة بقوله: "تلقيت، صباح يوم 26، أمراً كتابياً، من زكريا محيي الدين، عن طريق خالد فوزي، يطلب منا التوجه إلى قصر رأس التين، مع كتيبة قائد الجناح سابقاً، عبدالمنعم عبدالرؤوف، كانت تعليمات زكريا محيي الدين تقضى بأنه، إذا بلغت الساعة الثانية عشرة ظهراً، ولم يوقع الملك وثيقة التنازل، فعلينا أن نضرب السراي بالمدفعية. وقد تحدثنا مع قائدي ضباط الحرس، عبدالله النجومي وعبدالله رفعت، وحاولنا إقناعهما بأن الأمر جد، ولا تردد فيه، وذلك بعد أن كان قد حدث تبادل محدود لطلقات رصاص. وقبل الثانية عشرة رفعت السراي العلم الأبيض واتصل عبدالمنعم أمين بالقيادة..".
ومن داخل القصر المحاصر، يصور اليوزباشي حسين عرفة، من قوة الحرس الخاص، الموقف بقوله: "في 26 يوليه حاصرت، أي الدبابات والمدرعات، قصر رأس التين، وقامت وحدات الحرس، من الهجانة ومدافع الماكينة، التي كان يقودها البكباشي عبدالمحسن كامل مرتجي، بالضرب على الدبابات. وحدث تبادل لإطلاق النيران. طلب الملك رجال الحرس الخاص، وبوليس القصور، إلى اجتماع، حضره محمد حسن (الشماشرجي)، والأميرالاي محمد أبو النصر، مدير مشاة الحرس الملكي، والياور على مقلد، والياور حسن عاكف. وقال لهم: "عمروا مدافعكم، وخذوا بالكم من الأولاد، ولما قيل له إن هناك مدفعية مصوبة على صالة القصر، تراجع فوراً، وقال "طيب امنعوا الضرب.." أسرعت بإبلاغ الهجانة، وتوقف الضرب فعلاً. وطلبت قوات الجيش تسليم (أنطون) بوللي، (والأميرالاي) حلمي حسين، ووافق الملك على تسليم حلمي حسين وقمت شخصياً بتسليمه إلى ضابط المدفعية، خالد فوزي، الذي سلمه إلى عبدالمنعم أمين، الذي كان موجوداً في طابية قايتباى".
ويذكر البكباشي عبدالمنعم أمين
"وجاء يوم 26 يوليه 1952، وكنت قد حاصرت، بقوات المدفعية، رأس التين. وحاصر عبدالمنعم عبدالرؤوف القصر، بمشاته، وتبادل جنود مشاتنا إطلاق النار مع جنود حرس القصر، الذين تركوا أسلحتهم، وفروا داخل القصر، إلا أن جنودنا المشاة لم يتوقفوا عن إطلاق الرصاص، وبحثت عن عبدالمنعم عبدالرؤوف، ليوقف هذا السيل، من الطلقات، ولكنى لم أجده، واستطعت مع اليوزباشي خالد فوزي، مدفعية، أن نسيطر على المشاة، ونوقف إطلاق النار".
فاروق لم يتحرك
كان فاروق، حين جاءته أول أنباء الانقلاب، في قصر المنتزه. ولم تكن قوة الحرس، الموجودة في القصر، تزيد على 300 جندي وضابط. وكانت أول أوامر فاروق، بعد الحركة، أن أمر جنود الحرس الحربي باتخاذ موقف الاستعداد، على أبواب القصر الخارجية، في حين وقف بوليس القصور الملكية، عند الأبواب الداخلية للحرملك. الذي بات فيه الملك، والأسرة، والحاشية.
ولم يطمئن فاروق إلى هذا المقام، فانتهز أول فرصة، وانتقل، مع أسرته وحاشيته، إلى قصر رأس التين. فهو هناك يجاور قشلاق الحرس، الذي توجد فيه القوة الرئيسية، حوالي 800 جندي، ويجاور الميناء، واليخت والبحرية الملكية!
ومع ذلك، فقد كان فاروق يعتقد أن العاصفة الرئيسية مرت، بقبوله التخلي عن أفراد الحاشية، وطردها من القصر. وقد كذب على الجيش ولم يطرد بوللي بالذات. وظن أن الباقي لن يزيد على بعض طلبات أخرى، أهون. وظل فاروق على هذا الاطمئنان، حتى الساعة السابعة وعشر دقائق، من صباح السبت 26 يوليه، إذ تقدم مشاة الجيش من أسوار القصر، ومعهم عربتان من حملات البرن المدرعة. ورأى أحد ضباط الياوران الطابور الزاحف من إحدى الجهات، فأطلق من مسدسه طلقه في الهواء، للتحذير من الاقتراب، ومن ناحية الميناء، أطلق جنود الهجانة بعض دفعات، من مدافع الفيكرز، على القوة الزاحفة، التي ردت بالمثل.
وارتفع صياح مذعور من جناح الحرملك، مصدره الوصيفات، و"الكلفوات"[3]. وأسرع فاروق، وكان منذ قيام الحركة، يستيقظ في ساعة مبكرة جداً، أسرع يأمر الأميرالاي أحمد كامل، قائد بوليس القصور الملكية، أن يتصل بقشلاق الحرس، ويكلف أحد الضباط، بأن يتوجه إلى الجيش لإيقاف الضرب. وخرج من قشلاق الحرس يوزباشي، يحمل علماً أبيض متوجها إلى قائد قوة الجيش، التي تحاصر القصر، ونقل له هذه الرغبة. وقال قائد قوة الجيش أنه يسره جداً أن لا يقع أي قتال، بين مصريين. وعاد فاروق، بعد قليل، يسأل الأميرالاي أحمد كامل: الجيش أوقف الضرب؟ فقال أحمد كامل: أيوه يا أفندم. وكان فاروق لا يتصور أن المسألة متصلة بعزله، فقال لأحمد كامل: "هما طالبين إيه تاني؟.. ما أنا قلت اللي عايزين يعملوه يعملوه..".
ثم استدعى اللواء عبدالله النجومي، وكلفه أن يخرج ليتساءل عن سبب الحصار، وخرج اللواء عبدالله النجومي، ولكن قوة الجيش أسرته، وأرسلته إلى معسكر مصطفى باشا.
علي ماهر يصل إلى قصر رأس التين
في الثامنة والنصف صباحاً، أسرع علي ماهر إلى قصر رأس التين، بصحبة ياوره، يوزباشي عادل طاهر، فأفسحت القوات المحاصرة لسيارته الطريق، وكان باب القصر مغلقاً من الداخل، فنزل الياور، وطرق الباب ففتح أحد الحراس طاقة صغيرة لمعرفة القادم، فلما عرف أن القادم هو رئيس الوزراء، فتح الباب على الفور، ودخل علي ماهر مسرع الخطى، فوجد الملك واقفاً في حديقة القصر بملابس البحرية، فتقدم إليه وحياة، ولم تدم المقابلة سوى عشر دقائق، أوضح الرئيس، في خلالها، حقيقة الموقف، وخطورته، وأكد للملك أن الذين قالوا له غير ذلك يضللونه، كما ذكر للملك أنه لم يتسلم بعد مطالب الجيش رسمياً، إذ هو على موعد مع القائد العام، واستأذن لمقابلته (وفي رواية أخرى أن الملك استقبل رئيس وزارئه في غرفة نومه بملابسه الداخلية) والرواية الأولى أقرب إلى الواقع.
وكان الملك فاروق، في هذه اللحظة، قد جمع أنطوان بوللي كافاتسي، مدرب الكلاب، وجارو، الحلاق، والأميرالاي حلمي حسين، السائق الخاص، ومحمد حسن، الشماشرجي، والأميرالاي محمد أبوالنصر، مدير مشاة الحرس، والياور علي مقلد، والياور الجوي حسن عاكف، وطلب منهم صد الهجوم على القصر، بتوجيه نيران الهجانة ومدافع الماكينة على الدبابات المرابطة، خارج الأسوار. وبدأت الطلقات المتبادلة، ثم أمر الملك بوقف الضرب، عندما أبلغ أن مدفعاً كبيراً مصوب فوهته على صالة القصر. وغادر علي ماهر القصر بعد أن عاد الهدوء.
وصول علي ماهر إلى بولكلي ومباحثاته مع الفريق محمد نجيب
في الساعة 9,10 صباحاً، وصل رئيس الوزراء إلى مقر الحكومة، في بولكلي، وكان قد سبقه إليها القائد العام، في موكب تحيط به عدة سيارات، من سيارات البوليس الحربي، وكانت الجماهير على جانبي الطريق، تهتف: "يحيا نجيب حامي الشعب، يحيا نجيب محطم الطغيان". ودخل القائد العام إلى مكتب رئيس الوزراء، لحين عودته من القصر، وكان بصحبته ضابطان هما: جمال سالم وأنور السادات. وبعد عشر دقائق، عاد علي ماهر، ودام الاجتماع نحو الساعة.
كان القائد العام، وأعضاء القيادة بالإسكندرية، عاكفين، منذ الليلة السابقة، على إعداد إنذار إلى الملك، يطلبون فيه تنازله عن العرش لابنه أحمد فؤاد، وقيل كان الإنذار في صورته الأولى يتضمن إشارات محددة إلى عدد من الانحرافات الفردية مما لا يجوز أن تتضمنها وثيقة تاريخية.
أما كيف تلقى علي ماهر المفاجأة، فتقول رواية الفريق محمد نجيب، التي تتفق مع رواية الكاتب أحمد عطية الله: "في التاسعة صباحاً، قابلت علي ماهر، في مقر الحكومة، في بولكلي، وكان معي جمال سالم وأنور السادات. وبمجرد أن رأيته، أخرجت ورقة كبيرة، عليها الإنذار الموجه للملك، فأخذها أنور السادات، وقرأ ما فيها بصوت مرتفع. وطلبت منه أن يوقع الملك وثيقة تنازله عن العرش، قبل الثانية عشرة ظهراً. ومغادرة البلاد، قبل السادسة مساء. وارتجفت شفتا علي ماهر وشحب وجهه، وقال:
ـ هل قدرتم كل شيء؟
قلت: نعم!
ـ قال: زي ما تشوفوا!
وغادر مقر الحكومة إلى قصر رأس التين، ليعرض على الملك مطلبنا في تنازله عن العرش، وتسليم الإنذار الأخير له، وكان نصه (انظر ملحق نص الإنذار الموجه إلى الملك من الفريق أركان حرب محمد نجيب باسم ضباط الجيش ورجاله إلى الملك فاروق الأول):
"من الفريق أركان حرب محمد نجيب: باسم ضباط الجيش ورجاله، إلى جلالة الملك، إنه نظراً لما لاقته البلاد، في العهد الأخير، من فوضى شاملة، عمت جميع المرافق، نتيجة سوء تصرفكم، وعبثكم بالدستور، وامتهانكم لإرادة الشعب، حتى أصبح كل فرد، من أفراده، لا يطمئن على حياته، أو ماله، أو كرامته، ساءت سمعة مصر، بين شعوب العالم، من تماديكم في هذا المسلك، حتى أصبح الخونة والمرتشون يجدون في ظلكم الحماية، والأمن، والثراء الفاحش، والإسراف الماجن، على حساب الشعب الجائع الفقير.
ولقد تجلت آية ذلك في حرب فلسطين، وما تبعها من فضائح الأسلحة الفاسدة، وما ترتب عليها من محاكمات، تعرضت لتدخلكم السافر، مما أفسد الحقائق، وزعزع الثقة في العدالة، وساعد الخونة على ترسم هذا الخطأ، فأثرى من أثرى، وفجر من فجر. وكيف لا والناس على دين ملوكهم؟
لذلك قد فوضني الجيش، الممثل لقوة الشعب، أن أطلب، من جلالتكم، التنازل عن العرش لسمو ولي عهدكم، الأمير أحمد فؤاد، على أن يتم ذلك في موعد، غايته الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم، السبت الموافق 26 يوليه 1952، الرابع من ذي القعدة 1371، ومغادرة البلاد قبل الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه. والجيش يحمل جلالتكم كل ما يترتب على عدم النزول على رغبة الشعب من نتائج".
فريق أركان حرب
محمد نجيب
الإسكندرية في: 26 يوليه عام 1952
من ذي القعدة عام 1371
وعدنا إلى ثكنات مصطفى كامل، في انتظار رد الملك، الذي سيحمله لنا علي ماهر. وترقبا لما يمكن أن يحدث من الملك. وتحادثت مع زكريا محيي الدين، للتأكد من استعداد قواتنا لفرض إرادتها بالقوة، إذا احتاج الأمر. واطمأننت لما سمعته منه، وخاصة بعد أن سمعت أزيز الطائرات في سماء الإسكندرية، يلفت نظر الناس، ويصل بالتأكيد إلى سمع فاروق، في قصره.
روايـة سليمان حافــظ
عندما وصل الفريق محمد نجيب إلى بولكلي، الساعة التاسعة صباحاً، أبلغه سليمان حافظ، وكيل مجلس الدولة، الذي استدعي لمجلس الوزراء لاستشارته في الشؤون القانونية، أن مستر سباركس، مستشار السفارة الأمريكية، قد حضر منذ مدة. وأنه في حالة اضطراب، وانفعال شديدين، ويقول أنه موفد من مستر كافري للتحري عن حقيقة إطلاق الرصاص على قصر رأس التين، ومدى ما يترتب على ذلك من أضرار، قد تسيء إلى مصلحة البلاد.
وهدَّأ محمد نجيب مستر سباركس، قائلاً له، إن هذه القوات قد وزعت في الإسكندرية، كإجراء روتيني لحماية الأمن، وإنه أصدر أوامره بوقف الضرب، الذي بدأ على أساس تصور خاطيء، من الحرس الملكي، بأن هذه القوات تريد أن تقتحم القصر. وانصرف مستر سباركس وقد خف اضطرابه، وهدأت حدة انفعاله.
جدير بالذكر أن رواية أنور السادات عن هذه الأحداث بها بعض الاختلافات (انظر ملحق رواية السادات عن الأحداث).
علي ماهر يعود إلى قصر رأس التين مرة أخرى
في الساعة 10,25 صباحاً، عاد علي ماهر، إلى قصر رأس التين، للمرة الثانية، ليقدم مطالب الجيش، التي تتضمن تنازل الملك عن العرش لابنه، ومغادرة البلاد في اليوم نفسه، وظل مجتمعاً بالملك، نحواً من نصف ساعة، وبدأ بالتمهيد شفهياً بمضمون الإنذار، بأسلوب دبلوماسي رفيق، وبيَّن للملك جميع الظروف المحيطة به، وأن لا فائدة من المواجهة العسكرية، التي قد تتحول إلى حرب أهلية، إذ أن حركة الجيش مؤيدة من الشعب كله، وذلك قبل أن يقدم إليه الإنذار، وبدا، على الملك، التجهم، ولكنه ظل متماسكاً، وفي النهاية اقتنع بجدية الموقف، ووافق على ما جاء بالإنذار من التنازل عن العرش، ومغادرة البلاد، في الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه، على أن يكون رئيس الوزراء، والسفير الأمريكي، في وداعه، وأن يتم ذلك، بالتكريم اللائق، الذي يقتضيه البروتوكول، في حالة تنازل رئيس الدولة عن منصبه، إذ يقضي القانون العسكري، في حالة تنازل الملك، القائد الأعلى للقوات المسلحة، عن عرشه أن يودع وداعاً عسكرياً، إلى النهاية، ويراعى إتمام هذا المراسم كاملة .
أنهى رئيس الوزراء المقابلة، قائلاً أن وثيقة التنازل سوف ترسل إلى جلالته، لتوقيعها، فأبدى الملك ملاحظة أخيرة، بأن يكتب التنازل على ورق لائق، وبصيغة تحفظ كرامة رئيس الدولة، كما وافق رئيس الوزراء على أن يكون سفر الملك، على يخت المحروسة، إلى الجهة، التي يقررها، بصحبة زوجته وأبنائه، وبعض خدمه الخصوصيين، واستثنى، من هذه المطالب، طلب الملك في أن تصحب المحروسة حراسة، من المدمرات، حتى المياه الإقليمية، (وهو ما رفضه القائد العام).
ويذكر أحمد بهاء الدين
توجه علي ماهر باشا إلى قصر رأس التين، ودخل إلى حجرة في السلاملك، المطل على الميناء، كان فاروق ينتظره فيها. ووجد علي ماهر أن فاروق ما يزال في حالة قلق شديد؛ فقال له: "يا مولاي، الشعب ثائر، والجيش متحفز، وأنا شايف إن جلالتك تضحي، وتتنازل عن العرش، فتتحاشى أي اشتباك، وتضمن العرش لابنك".
وفكر فاروق لحظة. ثم قال، بعد لحظات: "طيب"، ثم طلب أن يصحب معه ولى عهده، فوعده علي ماهر بذلك. وأخرج علي ماهر، من جيبه، الإنذار الموجه من الجيش، وقرأه فاروق وهو يرتجف، وقال: لكن دي لهجة عنيفة قوي، وما تصحش في موقف زي ده".
فقال علي ماهر: أنه لم يحمل إليه الإنذار الأول، وأنه بذل جهده، في إقناع الجيش، بتخفيف الصيغة، حتى جاءت على هذا النحو.
وأذعن فاروق مرة أخرى. وقال: "لازم الإنذار الأول كان فظيع جداً".
الملك فاروق يرفض
وفي رواية أخرى (وهي الأقرب إلى الواقع)، أبلغ علي ماهر الملك فاروق، شفاهه، بإنذار الجيش، لقسوة بعض كلماته، مشفوعاً برأيه، ونصيحته في النزول عن العرش لابنه أحمد فؤاد الثاني، استبقاء للعرش في ذريته. ولكن الملك قال أنه ليس جباناً، وأن عنده قوات موالية أكثر مما عند الثائرين، ولكن علي ماهر أوضح له مخاطر تعريض مصر لحرب أهلية لا يعلم مداها إلا الله، واقتنع الملك من دون نقاش طويل، وعندما سأله علي ماهر إذا كان يفضل، السفر جواً.
أجاب بأنه يفضل السفر بحراً على الباخرة (المحروسة) وهي يخته الخاص مشترطاً الآتي:
أن يصحب معه زوجته ناريمان، وابنه الطفل أحمد فؤاد، وسائر أولاده.
أن يودَّع على الصورة، التي تليق بملك نزل عن العرش، باختياره.
أن تشترك الحكومة في وداعه، ممثلة برئيسها، وكذلك القوات المسلحة ممثلة، بقائدها الفريق محمد نجيب.
أن يُمكِّن من مقابلة السفير الأمريكي، جيفرسون كافري، قبل سفره.
أن تقوم قطع الأسطول المصري بحراسة الباخرة، التي سيستقلها، حتى وصوله إلى إيطاليا.
وهذه الرواية هي نفسها رواية اللواء محمد نجيب التي قال، في آخرها:
وافقت فوراً على كل هذه الطلبات عدا الطلب الأخير، الذي عدلته، لتكون حراسة الأسطول المصري للمحروسة حتى نهاية المياه الإقليمية المصرية فقط. وقد أيقنت، في هذه اللحظة، أن اختياري لعلي ماهر، رئيساً للوزراء، في هذه الفترة، كان موفقاً تماماً؛ لصلته القديمة بالملك ولأنه موضع ثقته، مما جعل عملية النزول عن العرش تتم، في سهولة مطلقة.
علي ماهر يعود مرة أخرى إلى بولكلي
في الحادية عشرة صباحاً، عاد رئيس الوزراء إلى دار الرئاسة، وفي الطريق، تقدم بعض الشباب، وفتحوا باب السيارة وحاولوا حمله فوق رؤوسهم، واتصل بالقائد العام، ودعاه للاجتماع به، وحول هذا الوقت، وصل السفير الأمريكي، جيفرسن كافري، واجتمع بالملك، لفترة قصيرة، وذكر شاهد عيان أن الدموع كانت تترقرق في عينيه، بعد خروجه، وعاد بعدها السفير إلى الرئاسة ببولكلي، واجتمع برئيس الوزراء، لمدة ربع ساعة، وكان ذلك بناء على طلب السفير، وعلى أثره حضر المقابلة الرئيس، والوزير المفوض البريطاني، مستر كرزويل (لغياب السفير في فرنسا)، وفي الوقت نفسه، استقبل القائد العام، قبل مغادرته، في ثكنات مصطفى باشا، مستر سمسون، مستشار السفارة الأمريكية، حاملاً رسالة خاصة من السفير.
وأثناء اجتماع محمد نجيب بعلي ماهر، بدار الرئاسة ببولكلي، اتفقا على كتابة صيغة التنازل، بما تتناسب مع مخاطبة ملك يرحل، تلبية لرغبة فاروق. وقد اعتذر علي ماهر عن القيام بعملية تسليم الملك وثيقة التنازل عن العرش، بسبب ارتباطه، عاطفياً، بالدور، الذي كان قد سبق ولعبه، بوقوفه بجانب فاروق، عند توليه العرش، عام 1937، بعد وفاة والده، الملك أحمد فؤاد الأول. ولذا فقد كلف، بدلاً منه، المستشار سليمان حافظ، للقيام بتلك المهمة. وغادر محمد نجيب مكتب علي ماهر، في بولكلي، متوجهاً إلى ثكنات مصطفى كامل، حتى ينتهي سليمان حافظ من إنجاز مهمته.