منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الجمعة 25 يوليه 1952

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الجمعة 25 يوليه 1952 Empty
مُساهمةموضوع: الجمعة 25 يوليه 1952   الجمعة 25 يوليه 1952 Emptyالخميس 01 أغسطس 2013, 6:14 am

الاجتماع الأول للوزارة الجديدة
الجمعة 25 يوليه 1952 Images?q=tbn:ANd9GcRR0yXg441gH2dB5jhZuVCkOnDLA5r0DgekaL3t4jJys07T9rH9
في التاسعة والنصف مساء، عُقد أول اجتماع للوزارة الجديدة، وتضمنت قراراته تعيين اللواء أ.ح محمد نجيب، قائداً عاماً للقوات المسلحة، خلفاً للفريق محمد حيدر باشا المستقيل، وتلا ذلك صدور مرسوم بمنح اللواء محمد نجيب رتبة الفريق، في الليلة نفسها، كما أصدر المجلس قرارات منها: إلغاء مصيف الإسكندرية، وإلغاء سيارات الوزارة الحكومية، وعدم صرف بدل انتقال للوزراء، وأذاعت سكرتارية مجلس الوزراء بياناً جاء فيه: بناء على رغبة حضرات صاحب المقام الرفيع، وأصحاب المعالي، الوزراء، ترجو سكرتارية مجلس الوزراء ألا يجشم حضرات المواطنين أنفسهم، عناء تهنئتهم بتولي مناصبهم، فإن عنايتهم بالبحث، وتصريف الأمور، في الآونة الحاضرة، تستغرق كل وقتهم". وواضح أن هذه القرارات العاجلة لا تمس صميم الأزمة.
        في هذا اليوم، استقبل إدريس السنوسي، ملك ليبيا قائد النسافات المصرية الثلاث، المرابطة أمام ميناء بنغازي، وبصحبة القائد، قنصل مصر، أحمد رضوان، ثم غادرت النسافات الميناء إلى الإسكندرية، على أثر الحوادث الأخيرة.
        أُذيع من سويسرا أن رفعة النحاس باشا سيبقى في أوروبا (حيث كان في جنيف لإجراء فحوص طبية)، إلى أن تستقر الأحوال، وذكر أن، من بين أسباب حالة القلق، التي تسود البلاد، عدم إجراء انتخابات حرة. وإنه من المنتظر، بعد أن تستقر الأمور، على يد الجيش، أن تُجرى الانتخابات العامة، كما أعلن سراج الدين باشا أنه مستعد للعودة، إذا استدعى الحال وجوده في مصر.
        ومن الخرطوم، أعلن السيد عبدالرحمن المهدي، إرجاء زيارته للقاهرة، مع وفد، يضم خمسين من أتباعه، وهي الزيارة التي كان مقرراً لها أن تتم في الغد (25 يوليه). وفي اليوم نفسه، أُعلن أن إسرائيل حاولت تهريب كميات من البترول، ومواد تموينية، إلى ميناء حيفا، عبـر قناة السويس (يعنى أن ميناء إيلات لم يستخدم بعد).
        وقبل انتهاء بيان أحداث يومي 23و24 يوليه، يجدر ذكر ما قاله اللواء محمد نجيب، مجلة لايف الأمريكية، بعد شهرين فقط، من نجاح الحركة،
 وتُرجم حينذاك، وصدر في كُتيب جاء فيه:
        "وفي اجتماع طويل، استغرق الساعات الأخيرة، من ليل 23 يوليه، والساعات الأولى، من صباح 24 يوليه، قررت اللجنة التنفيذية أن تقوم، بمجهود أخير، لإنقاذ مصر من متاعبها، باجتثاث الداء من جذوره، وصحت عزائمنا على الزحف إلى الإسكندرية، وخلع فاروق عن العرش، وفي الساعة السابعة من صباح يوم الجمعة 25 يوليه، كان الضابط، المكلف بتنفيذ خطط اللجنة المركزية، يقوم باسكتشاف منطقة الإسكندرية، تمهيداً لحصارها..".
الجمعة 25 يوليه 1952
        منذ فجر هذا اليوم، انتقل النشاط السياسي والعسكري، من القاهرة، وتركز في الإسكندرية. وأهم من هذا، إنه اتخذ طابعاً مثيراً، بدد الوهم، الذي استولى على كثيرين، من أن الحركة تمر بمرحلة دوران تقليدية، حتى الصحافة الإنجليزية كانت تشير بحذر إلى احتمال حدوث تطور مفاجئ، فجريدة المنشستر جارديان تقول "إن الفساد هو الذي يهدد بتسميم جميع نواحي الحياة السياسية، في مصر، وعلى المصرين أن يقتلعوه من جذوره"، وتقول جريدة التايمز المستقلة "خير أمل لمصر أن تتوفر لعلي ماهر الحكمة، مع القدرة، على تطهير الإدارة المصرية، من عناصر الفساد والرشوة. إننا لا نعرف ما إذا كانت هناك تطورات، غير منظورة، لا  تزال في طي الكتمان".
1 - يوم 25 يوليه في القاهرة :
        في الساعة الواحدة صباحاً، طاف مندوب للقيادة، مستخدماً دراجة نارية الموتوسيكل، يحمل إشارة إلى رؤساء تحرير الصحافة تقول : إن القيادة العامة للجيش ترجو الصحف أن تخصص مكاناً لبلاغ مهم ستذيعه القيادة، على الرأي العام.
         وبعد قليل تسلمت إدارات تحرير الصحف البلاغ التالي:
        "بعد أن تم، بحمد الله، للقوات المسلحة، إقرار الأوضاع والأمن العام، نمى إلينا، من أوثق المصادر، أن بعض ضباط القلم السياسي، والقسم المخصوص (إدارة المباحث العامة)، بوزارة الداخلية يتآمرون على الإخلال بالأمن العام، الذي تضامن، مع هيئات البوليس، على المحافظة عليه، مما دعانا إلى القبض على الآتين بعد: اللواء عبداللطيف محمود، وكيل وزارة الداخلية، لواء أحمد طلعت، حكمدار القاهرة، لواء محلى محمد إمام إبراهيم، رئيس القسم المخصوص، بكباشي توفيق السعيد، وبكباشي محمد الجزار، من البوليس السياسي، كما نرجو من إخواننا، ضباط البوليس الاستمرار في تقديم المساعدة للمحافظة على الأمن، تحقيقاً لسلامة الوطن، الذي هو الهدف الأساسي لكم، ولنا، ولكل وطني غيور".
        في نحو الثالثة صباحاً، اعتقل اللواء عبدالمنصف محمود باشا، وكيل الداخلية واللواء أحمد طلعت، بك حكمدار القاهرة، في وزارة الداخلية وحملتهما سيارة، إلى القيادة العامة بكوبري القبة، حيث قابلا القائد العام، ثم نُقلا إلى معتقل الكلية الحربية. أما اللواء إمام إبراهيم، فقد اعتقلته قوة في منزله، فاستمهلها حتى يرتدى ملابسه، فلما أراد استعمال التليفون، منعه رئيس القوة قائلاً له أن التليفونات معطلة (وكان رئيس القوة قد اعتقله اللواء، في مناسبة سابقة)، ونقل جميع المعتقلين الآخرين إلى معتقل الكلية الحربية، مباشرة، كذلك تم اعتقال محمد يوسف بك، وكيل الأمن العام.
وكان رد فعل هيئات البوليس، لنداء القيادة، أن أصدرت اللجنة التنفيذية، لرجال البوليس، في هذا اليوم نفسه، البيان التالي:
"رجال البوليس، في جميع أنحاء البلاد، يقومون بواجبهم، نحو الوطن، في المحافظة على الأمن، متضامنين متعاونين، مع إخوانهم، رجال الجيش، في تطهير البلاد، من الخونة، والمرتشين، وعناصر الفساد. واللجنة التنفيذية، لرجال البوليس، تشكر جميع قوات البوليس، من جنود، وضباط، لقيامهم بواجبهم، على الوجه الأكمل، ولتعاونهم، مع رجال الجيش، في هذه "الحركة المباركة"، داعين الله القدير أن يحقق لمصرنا العزيزة كل ما تصبو إليه من عز ومجد، في ظل الدستور".
        توقيعات: بكباشي يوسف غراب، أنور العبد، صاغ مصطفى رفعت، يوزباشي فتحي الرشيدي، صاغ أحمد الوتيدي، يوزباشي كمال صدقي.
        ويُلاحظ أن البيان وقَّعه عدد من الضباط، أكثرهم من صغار الرتب، وأنه لا يتضمن أية إشارة إلى الملك، بل اكتفى بالإشارة إلى تحقيق الآمال، في ظل الدستور، كما خلا من إشارة إلى اعتقال كبار ضباط البوليس، بما يعني أن القيادة أخذت تعمل على احتواء رجال البوليس، بتقديم طائفة منهم تضعها، تحت رعايتها، تتحدث باسمهم.
        في الخامسة صباحاً، تجمعت، عند مدخل الهرم، في أول الطريق الصحراوي، وحدات من مختلف أسلحة القوات البرية، في طريقها إلى الإسكندرية، تضم أربع كتائب مشاة، وألاي مدرعات، وألاي دبابات، وبطاريات ومدافع، تُقدر جملتها ما بين ستة وسبعة آلاف من الأفراد، وكانت القيادة للقائمقام أحمد شوقي، والبكباشي حسين الشافعي، والبكباشي عبدالمنعم أمين، كما تضم، من الضباط الأحرار، حمدي عبيد، وصلاح نصر، وكانت الخطة تقوم على إرسال جانب من هذه القوات، بطريق السكة الحديد، وجانب بالطريق الصحراوي، ثم رؤي لدواعي الأمن والسرية، إرسالها جميعاً، بالطريق الصحراوي. وفي خلال نقل هذه القوات، من مواقعها، في الهايكستب، وألماظة، والعباسية، أُطفأت الأنوار، من شارع الملكة نازلي، والطرق الأخرى، الموصلة إلى الجيزة، كما قطعت الاتصالات مع الإسكندرية، نحو ساعتين.
        في الخامسة والنصف صباحاً، أمرت القيادة بالقبض على صاحبي دار أخبار اليوم، مصطفى وعلى أمين، وأُرسلا بعد القبض عليهما، إلى معتقل الكلية الحربية، وأصدرت القيادة البلاغ التالي:
        "نمى إلى علم القيادة العامة، للقوات المسلحة، من مصادر مختلفة، أن الأستاذين مصطفى، وعلي أمين على اتصال بأفراد، يهدفون إلى هدم "حركتنا الوطنية المباركة"، فلم يسعنا، في هذه الظروف الدقيقة، التي تجتازها البلاد، سوى اعتقالهما، وقد تم ذلك اليوم. وغني عن البيان، أن أمر اعتقالهما، كفردين، تحوم حولهما الشكوك، وليس له أدنى علاقة، بأسرة الصحافة، وسوف يطلق سراحهما فوراً، بمجرد عودة الأمور إلى مجاريها الطبيعية".
        توقيع لواء أ.ح محمد نجيب - قائد عام القوات المسلحة.
        في التاسعة صباحاً، قصد اللواء نجيب الثكنات، المجاورة لمبنى القيادة، وأشرف على شؤون التموين. وفي التاسعة والنصف صباحاً، استقبل القائد العام مصطفى صادق بك، عم الملكة، للمرة الأخيرة، كما استقبل اللواء وحيد شوقي بك، مدير مصلحة خفر السواحل، (ابن أخت النحاس باشا)، ليضع نفسه تحت أمر القيادة العامة. وكان قد اتهم، في اليوم السابق، بمحاولة تنظيم مظاهرة، من رجال خفر السواحل، تهتف بحياة الملك، مؤيدة من بعض الساسة القدماء، ولكن تم إجهاضها.
        في 9,45 صباحاً، استقبل القائد العام الأستاذ محمد التابعي، أحد رؤساء تحرير الأخبار، وصاحب مجلة "آخر ساعة"، بخصوص اعتقال صاحبي "أخبار اليوم"، الأستاذين مصطفى وعلى أمين، ودامت المقابلة عشر دقائق. وقد وعد اللواء نجيب بسرعة التحقيق، في التهمة الموجهة إليهما، والبت فيها، كما قابل الأستاذ التابعي بعض ضباط القيادة، وبعد المقابلة، أشار، في مقال له، بعد ذلك، بقوله: "تركوني أعتقد أن الحركة تهدف إلى تطهير الجيش فقط" أي لم ترد إشارة عابرة، أثناء المقابلة، إلى الخطوة، التي تقرر تنفيذها، منذ الصباح.
        قبل الساعة الثانية عشرة ظهراً، استقبل اللواء نجيب الملحقين، الأمريكي والبريطاني، وحدد أهداف الحركة، أو دستورها، في بيان تقرر إذاعته، في اليوم نفسه.
        في الساعة الثانية عشرة ظهراً، أو بعدها بقليل، غادر القائد العام مبنى القيادة العامة، بصحبة فريق، من ضباط القيادة، إلى مصر الجديدة، وأدوا صلاة الجمعة في مسجد الملك فؤاد، ودعا لهم الخطيب بالتوفيق لصالح الأمة والوطن، وبعد انتهاء الصلاة، قام بزيارة مفاجئة للمطار الحربي، ثم اتجه إلى مطار ألماظة، حيث أعد قائد الجناح علي صبري، بصفته ضابط مخابرات الطيران، وملحق بمكتب الرئاسة، طائرة، بقيادة سعد الدين الشريف، أقلعت، على الفور، إلى مطار النزهة بالإسكندرية، وبرفقته ياوره إسماعيل فريد، وبصحبته خمسة من ضباط القيادة، هم يوسف صديق، وجمال سالم، وأنور السادات، وحسين الشافعي، وزكريا محيي الدين".
        ويشير الرئيس السادات، إلى هذه الرحلة، بأسلوب آخر قائلاً: "عبدالناصر قال لي، في ردهة القيادة العامة، للقوات المسلحة: اسمع يا أنور خلصنا بقى من الجدع دا بسرعة. إديله إنذار ومشيه". أثناء حديثنا مر بنا، (أي في الردهة)، محمد نجيب، فلما علم بموضوع الحديث، طلب منا أن يذهب "معي" ووافقنا. وأخذت، مع محمد نجيب طائرة عسكرية من طراز دوف (DOVE) صغيرة، أوصلتنا إلى مطار النزهة بالإسكندرية.
        في الواحدة والنصف ظهراً، وصل اللواء حسين سري عامر، المدير السابق لسلاح الحدود، مقبوضاً عليه، إلى مبنى القيادة، في حراسة بعض الضباط، وصعد إلى الطابق الأول (غير أن القائد العام كان في طريقه إلى الإسكندرية)، بعد ربع ساعة، عاد إلى السيارة، التي حملته إلى ثكنات العباسية، ومن هناك إلى السجن الحربي. وكان اللواء عامر قد تيقن من اتجاه النية إلى اعتقاله، منذ ليلة 23 يوليه، فلجأ إلى الصحراء الغربية، وفي طريقه إلى الحدود الليبية، أمر بإتلاف أجهزة اللاسلكي، عند النقط، التي مر بها، بصفته مديراً للحدود، وكان قد استقل سيارة مدنية، ولم يستعمل الطريق المعبد المعتاد، بل سار في درب منخفض، في الجنوب، متجهاً إلى السلوم. ولحقت به القوة المطاردة، على بعد كيلو متر واحد، من حدود ليبيا واعتقلته، وأُرسل، بالسيارة، إلى مرسى مطروح، ثم أُبلغت القيادة فأنفذت طائرة حربية، نقلته إلى القاهرة. وكان ذلك بعد محاولته جمع الأعراب، في الصحراء الغربية، لتعضيد موقف الملك، إلا أنه فشل.
        في الواحدة والنصف ظهراً، وصلت طائرة القائد العام إلى مطار النزهة، بالإسكندرية، ولم يبق بالقاهرة، من قادة الحركة سوى: جمال عبدالناصر، عبدالحكيم عامر، صلاح سالم، عبداللطيف بغدادي، حسن إبراهيم، وخالد محيي الدين.
بيـان قيـادة الحركـة
        في الثانية والنصف ظهراً، أُذيع بيان مطول باسم قيادة الحركة يتضمن دستور الحركة يقول: " لكل حركة من حركات البناء والإصلاح دستورها، الذي تسير على هديه، ولها منهاجها، الذي تعنى بإتباعه، فلا تخرج عنه. وهي لا تنجح، إلا إذا اتبعت هذا المنهج، وسارت على هدى السبيل، الذي رسمته لنفسها.
        ولحركة الجيش دستورها، الذي رسمته، من أول لحظة، ألا وهو التطهير، واحترام الدستور، والمحافظة على الحريات العامة". هذا هو المبدأ، الذي قامت عليه حركة الجيش الإصلاحية. لقد عمت الشكوى من الفوضى، والفساد في الجيش، وخارج الجيش، ولهذا كان لزاماً أن يرسم للإصلاح والتطهير، دستور صحيح، وأن يطهر من سيقومون بالأمر أنفسهم، أولاً، من كل فساد، قبل أن يبدأ أي عمل، فلا يمكن أن يُقهر الشر بالشر، ولا تُدفع الجريمة بالجريمة، ولا أن تقوم الأحداث الجسام لنفع شخص، أو جماعة، على أنه كان لزاماً، إلى أن تستقر الأحوال، أن تُعدل الأوضاع، بسرعة، في الجيش، وعلى الأخص، في قياداته وإداراته، وأن يتولى تصريف الأمور العامة نفر من المخلصين، ممن تطهرت نفوسهم، وأعدوا جهودهم، وشبابهم، وخبرتهم، لمواجهة هذه الحالة الجديدة، وأعدوا هذا كله، يوم أن رسموا الخطوط الأولى للسياسة، التي يجب أن تقوم عليها حركة التطهير والإصلاح، وكانت هذه كلها إجراءات موقوتة مداها، باستقرار الأمر، ودراسة حال كل أولئك، الذين نُحوا من أعمالهم، أو اعتقلوا إلى أن تُبحث حالتهم، وتفحص صلاتهم، وتتضح اتجاهاتهم، وقد حرصت القيادة العامة على إصدار أمرها، اليوم الأول، لإيضاح هذا حتى يطمئن كل فرد إلى مكانه من درجات السلم العسكرية، فلا يمكن أن تقر القيادة العامة طغيان فرد، ولا وثوب شخص، لتخطي غيره، فإن هذا من عوامل الفساد، الذي قامت "حركة الجيش المباركة" لتحاربها، فلا يمكن أن يتنكب أصحاب الحركة فيما قاموا للقضاء عليه. لقد جأرنا من الفساد، لهذا، حرصنا على أن يعم الاطمئنان النفوس، لا سيماً نفوس، الذين اعتقلوا مؤقتاً، فلا تنسى مصر من خدمها، ولا تصفح عمن أساء إليها، وإلى بنيها، وليعرف كل فرد أنه، يوم تستقر الأحوال، سيوضع كل فرد، في مكانه الصحيح، وسيعود كل واحد، من أولئك، الذين يتولون هذه الحركة، التي باركها الشعب، من أول لحظة، سيعود إلى مكانه، بعد أن يكون قد اطمأن إلى الأيدي، التي تدير دفة السفينة".
        وقد أعلن متحدث رسمي، إلى الصحفيين، أن اعتقال رجال البوليس السياسي والمدنيين، عموماً، قد تُرك البت فيه للحكومة، التي تدير دفة البلاد، وهي صاحبة التصرف المطلق فيهم.
وأُعلن أن معالي الفريق محمد نجيب، القائد العام، سيعود إلى القاهرة غداً (كان ذلك من باب الإيهام).
2.  يوم 25 في الإسكندرية
        في الساعة الرابعة بعد الفجر، صدرت الأوامر إلى القوات المعسكرة، في ثكنات مصطفى باشا، وسوتير، بالتحرك، والتوجه إلى بعض المراكز الحيوية بالمدينة، وتعسكر فيها. منها محطات السكة الحديد، وسيدي جابر، والقباري، ومحرم بـك، وميدان سعد زغلول، وإسماعيل باشا، وميدان ملعب فؤاد الأول (إستاد الإسكندرية)، ومحطة الإذاعة، ومحطات توليد الكهرباء، وخزانات المياه، ومصلحة التليفونات، والبنوك.
انتقال فاروق إلى قصر رأس التين
الجمعة 25 يوليه 1952 Far11wq8
        في الخامسة صباحاً، خرجت، من بوابة قصر المنتزه، سيارة إلى طريق الكورنيش، واندفعت، بسرعة رهيبة، في طريقها إلى قصر رأس التين، وكان يقودها الملك فاروق، وبجانبه، على المقعد الأمامي، الطيار حسن عاطف بك، قائد السرب الملكي، وفي المقعد الخلفي، جلست الملكة ناريمان، ومربية ولى العهد، أحمد فؤاد الثاني، وله، من العمر، خمسة أشهر وتسعة أيام، والأميرات. ولم تلبث السيارة أن دخلت أسوار قصر رأس التين، وجاءت، خلفها، بعض سيارات للنقل، تابعة للقصور الملكية، وقد ظل انتقال الملك، من قصر المنتزه، إلى قصر رأس التين، سراً حتى أن القيادة الجديدة في القاهرة عندما كانت تخطط لحصار القصور لم تكن واثقة مما إذا كان الملك في قصر المنتزه، أو قصر رأس التين.
        في الخامسة والنصف وصباحاً، استقبل يسرى قمحة بك، حكمدار الإسكندرية، ثلاثة من هيئة أركان المنطقة الشمالية، وأبلغوه أوامر القيادة العامة بحراسة بعض المرافق العامة، في المدينة، بقوات من الجيش، فرد بأنه يرحب بالتعاون، بين الجيش والبوليس، لحفظ الأمن، فانتدب اليوزباشي محمد أمين فوزي ليعمل ضابطاً للاتصال، وأُعد مكتب خاص له، في دار المحافظة، كما تولى مهمة تنفيذ تعليمات الرقابة العسكرية، فيما يتعلق بمراقبة الصحف، التي تصدر بالإسكندرية .
استقبال علي ماهر للقائم بأعمال السفارة البريطانية
الجمعة 25 يوليه 1952 Alimaher
        في الساعة العاشرة صباحاً، استقبل الرئيس علي ماهر المستر كرزويل، القائم بأعمال السفارة البريطانية، وامتدت المقابلة ساعة. وفي الحادية عشرة صباحاً، بدأت مساجد الإسكندرية تفتح أبوابها، وبعد صلاة الجمعة، أقيمت صلاة شكر، ودعا الناس لينصر الله رجال الجيش، ويوفقهم، وخرج المصلون يهتفون بحياة اللواء القائد العام.
        في الواحدة ظهراً، دعا علي ماهر مندوبي الصحف، ووكالات الأنباء، وأبلغهم بأن الوزارة قبلت استقالات رجال الحاشية، الذين كانوا موضع اتهام وهم:
        أميرالاي حلمي حسين بك، وقائد الفرقة الجوية، حسن عاكف بك، وقائمقام يوسف رشاد باشا، كبير أطباء اليخوت الملكية، أنطون بوللي بك، محمد حسن الأمين الخاص، إلياس أندراوس باشا، المستشار الاقتصادي للملك، ومندوب الحكومة في مجلس شركة قناة السويس.
        كما أدلى علي ماهر بالتصريح التالي: "تفضل حضرة صاحب الجلالة، الملك، فأنعم برتبة الفريق على اللواء محمد نجيب بك، وقد صدر المرسوم الملكي بتعيين معالي الفريق محمد نجيب بك، قائداً عاماً للقوات المسلحة، بدرجة وزير.
وصول محمد نجيب إلى الإسكندرية
        في الساعة الواحدة والنصف ظهراً، هبطت، في مطار النزهة، طائرة محمد نجيب، وبرفقته أربعة من ضباط القيادة. وكان، في استقباله، مندوب رئيس الوزراء، محيي الدين فهمي بك، السكرتير العام المساعد لمجلس الوزراء، وبعض كبار ضباط المنطقة الشمالية، ويسري قمحة بك حكمدار الإسكندرية، واستقلوا سيارة، تتبعها، وتتقدمها بعض سيارات البوليس الحربي إلى ثكنات مصطفى باشا. وتجمع المواطنون، على طول الطريق، يحيون قائد الحركة ومرافقيه، الذين عقدوا، على الفور، اجتماعاً على هيئة مؤتمر مغلق.
        في الثانية ظهراً، اتصلت رئاسة مجلس الوزراء، بالإسكندرية، بمعتقل الهايكستب، بالقاهرة. وطلب المتحدث، باسم رئيس الوزراء، الإفراج عن الأساتذة فتحي رضوان، ويوسف حلمي، وسعد كامل، وذلك تنفيذاً لحكم محكمة الدولة، الصادر في 29 يونيه، برئاسة المستشار السيد علي السيد، وكيل المجلس، بوقف القرار الصادر من الحاكم العسكري باعتقالهم، في حوادث 26 يناير، متهماً الأول بأنه من المشبوهين السياسيين، والثاني باتصاله بجماعة أنصار السلام الشيوعية، ثم اتصل سليمان حافظ بك، وكيل مجلس الدولة، ومستشار الرئاسة معلنا أن طائرة في انتظار نقل الأستاذ فتحي رضوان إلى الإسكندرية، ومقابلة الرئيس علي ماهر، في السادسة مساء.
        في الثانية ظهراً، عاد محيي الدين فهمي بك، السكرتير العام المساعد لمجلس الوزراء، إلى دار الوزارة في بولكلي، وبصحبته محمد أنور السادات، مندوباً عن القيادة، ودام اجتماعه بالرئيس علي ماهر، نحو ساعة ونصف الساعة، عاد بعدها إلى القيادة، في ثكنات مصطفى باشا، ونوقشت، في الاجتماع، مطالب الجيش، وشكاواه، مؤيدة بالأدلة والبراهين وأعلن مندوب القيادة، بعد الاجتماع، أن جميع مطالب الجيش، قد أجيبت، ولم يبق ثمة وجه خلاف على سلامة هذه المطالب، وعدالتها، وأشار إلى أن حراسة قوات الجيش للمرافق، في الإسكندرية، هي من قبيل الاحتياط، والمحافظة على سلامة المواطنين، والرغبة المشتركة بين الجيش والبوليس، في تأكيد الأمن.
بيان من حركة الجيش
        في الثالثة والثلث بعد الظهر، تصدرت نشرة الأخبار إذاعة البيان التالي: "ورد، في بعض الصحف، أنه تقرر أن يرقى سعادة القائد العام إلى رتبة فريق، وأن يتقاضى مرتب وزير. والقيادة العامة تعلن أن ما طالب به الضباط هو أن يرقى القائد العام إلى رتبة فريق، وأن يكون في درجة وزير، وليس أن يصرف له مرتب وزير، حيث أن الطلبات المادية والشخصية، ما كانت، يوماً من الأيام، موضوع تفكير القائمين بالحركة، كما أنه معلوم للجميع أن كل ضابط لا يصرف إلا مرتب الرتبة التي يحملها".
        كما أصدرت القيادة أمراً بمنع استخدام العربات الفاخرة، الليموزين لركوب الضباط، وعلى أن يتم التصرف فيها، بالبيع، بعد ذلك، والاقتصار على سيارة الجيب.
استقبال محمد نجيب لقادة البحرية
        في الرابعة والنصف مساء، استقبل القائد العام، في ثكنات مصطفى باشا، أمير البحر محمود بدر بك، قائد عام سلاح البحرية، ويوسف حماد بك، رئيس الإدارة البحرية، والقائمقام عزالدين عاطف بك، قائد المدمرات، العائدة من بني غازي، وأعلنوا، باسم البحرية، تأييدهم للحركة، ورد الفريق محمد نجيب معلناً، ارتياحه لروح التعاون، بين أسلحة القوات المسلحة.
وصول طلائع قوات القاهرة
        في الخامسة والنصف مساء، وصلت طلائع القوات، القادمة من القاهرة، واتجهت إلى ملعب فؤاد الأول (إستاد الإسكندرية) وعسكرت به، وألقى القائد العام كلمة ترحيب بهم، قال فيها: "الحمد لله على سلامتكم. إني سعيد جداً برؤيتكم، وكنت أود البقاء معكم، مدة طويلة، لولا ضيق الوقت، وكثرة العمل وسأعود، بإذن الله ومشيئته، مرة أخرى لألقاكم، في أحسن حال" وصافح القائد العام ضباط الوحدات، فرداً فرداً، وقام بجولة، في المدينة شملت ميدان الإسماعيلية، ومحمد علي وشارع توفيق، وميدان محطة مصر.
اجتماع محمد نجيب بالرئيس علي ماهر
الجمعة 25 يوليه 1952 Mahernajeeb265265
        في السادسة مساء، اجتمع القائد العام بالرئيس علي ماهر، في دار الرئاسة، وبرفقته البكباشي أنور السادات، وأعلن القائد العام، أن المقابلة جرت على انفراد، بين الرئيس والقائد، كما جاء في الصحف، وتعلقت ببحث جزء جديد، من مطالب الجيش، رأى أن يصارح بها المسؤولين، لضرورة البت فيها، على نحو يحقق العدالة، بعيداً عن كل اعتبار، أو تأثيرات خارجية، وانتهت المقابلة، قبيل الساعة الثامنة، واعتذر القائد العام للصحفيين، عن الإدلاء بشيء، حتى يعقد مؤتمره الصحفي، في الساعة التاسعة من صباح الغد، واستقبل الرئيس، في الوقت نفسه، فتحي رضوان، رئيس الحزب الوطني الجديد، الذي وصل إلى الإسكندرية، بالطائرة، على أثر الإفراج عنه من معسكر الهايكستب بالقاهرة.
بيان القائد العام
        في الثامنة مساء، أذاع القائد العام، بياناً، يتضمن شكر قوات البوليس، جاء فيه: "إنني أشكركم، وأقدر لكم، مساهمتكم الفاعلة للمحافظة على كيان أمتنا، في هذه الظروف، وأطلب منكم أن تسموا بهذه الروح الوطنية الصادقة، وإذا كانت مصلحة الوطن قد أجبرتني على إبعاد بعض حضرات ضباط البوليس السياسي، عن الميدان، لظروف قاهرة، تتعلق بسلامة البلاد، إلا أنني أؤكد لكم أنني أكن، لكل فرد منكم، التقدير الكامل، ويجب أن تعلموا أن الجيش والبوليس أسرة واحدة، يجب أن تتضافر لرفع شأن الوطن. والله ولى التوفيق".
جولة محمد نجيب
        في الوقت نفسه، قام القائد العام بجولة، شملت منطقة السلسلة، وتفقد بطارية المدافع المضادة، ومنطقة سيدي جابر. وتفقد قوات سلاح الفرسان، القادمة من القاهرة، كما تفقد كتائب الجيش، وسلاح خدمة الجيش المعسكرة، في مصطفى باشا.
تعيين علي ماهر حاكماً عسكرياً
        في التاسعة والثلث مساء، وصل حافظ عفيفي باشا، رئيس الديوان، إلى رئاسة الوزارة. واجتمع بالرئيس علي ماهر، وكان قد أمضى خمس ساعات، بقصر رأس التين حيث انتقل إليه الملك سراً، في الصباح الباكر، وصدر مرسوم ملكي بتعيين علي ماهر حاكماً عسكرياً، وفي الوقت نفسه، قصد الهلالي باشا، وأعضاء وزارته، قصر رأس التين، المقر الرسمي للدولة في الإسكندرية، وقيدوا أسماءهم في سجل التشريفات، للشكر على قبول استقالتهم، كما جرى العرف.
نقاش في شأن مصير الملك
        في العاشرة مساء، بدأ اجتماع ضباط القيادة، برئاسة الفريق محمد نجيب، وكان القرار الأول هو تقسيم القوات  القادمة من القاهرة، إلى مجموعتين، من المشاة، والمدرعات، والمدفعية. الأولى: لمحاصرة قصر المنتزه، بقيادة البكباشي حسين الشافعي. والثانية لحصار قصر رأس التين، بقيادة القائمقام أحمد شوقي، والبكباشي عبدالمنعم عبدالرؤوف. وذلك لأنه مكان وجود الملك لم يكن معروفاً بدقة.
        انتقل الاجتماع، بعد ذلك، إلى مناقشة مصير الملك؛ وذلك أن الخطة، التي تمت الموافقة عليها، في القاهرة، اقتصرت على الموافقة على إنذار الملك، ومطالبته بالتنازل عن العرش لابنه الرضيع، وكان يوم 25 محدداً لتقديم إنذار، ثم تقرر تأجيله، يوماً، لكي تسترد القوات القادمة من القاهرة أنفاسها، فضلاً عن أن بعض المدرعات تنقصها بعض التجهيزات، بينما كانت قوات الإسكندرية تتألف من كتيبتين، إلا أن القيادة لم تشركها في عمليات الحصار، مكتفية بقيامها بتأمين المرافق.
يقول اللواء محمد نجيب
        "في يوم الجمعة 25 يوليه، سافرت بالطائرة إلى الإسكندرية. وسافر معي أنور السادات، وجمال سالم، وزكريا محيي الدين، وتوجهت إلى معسكر مصطفى باشا، وعلى طول الطريق، من مطار النزهة إلى مصطفى باشا، كانت جموع المواطنين، على الصفين، يهتفون لنا، وكان على أن أسلم إنذار الملك إلى علي ماهر، في بولكلي، وفي الإنذار ما يكفي لتنازل فاروق عن العرش. وساعتها تمنيت أن يقبل فاروق الإنذار، وينزل عن عرشه، من دون إراقة دماء، أو قتال، بين جنودنا وجنود الحرس الملكي.
        لكن زكريا محيي الدين طلب أن نؤجل العملية، إلى اليوم التالي، حتى يستريح الجنود، الذين لم يناموا، منذ قامت الحركة. ورفض جمال سالم، لكني حسمت الأمر، وأمرت بتأجيل العملية إلى السبت 26 يوليه، حتى يستريح الجنود. وقررت أن لا أفاتح علي ماهر في حكاية الإنذار اليوم. وتناقشنا في بعض الأوضاع القانونية، وانضم إلينا المستشار سليمان حافظ، ليوضح وجهة نظره، وتذكرت أنني كنت عضواً معه في محكمة عسكرية، كان يرأسها أثناء الحرب العالمية الأخيرة. وعندما عدت إلى ثكنات مصطفى كامل، فوجئت بجمال سالم يثير مشكلة، في غاية الأهمية، عن مصير الملك فاروق بعد خلعه من العرش.
        "ماذا سنفعل به؟ هل نحاكمه؟ هل نطلق سراحه؟ أم نرسله إلى المنفى؟"
        وقال جمال سالم: إننا قررنا عزل فاروق، لكننا لم نقرر شيئاً عن مصيره! وقبل أن يتركنا نرد على سؤاله، قال: من رأيي أن نحاكمه على جرائمه التي ارتكبها، في حق مصر، وفي حق فلسطين.
        قلت: من رأيي أنه مهما كانت جرائم الملك فإننا لا يجب أن نحاكمه، أو نسجنه، لنتركه يقرر مصيره. ونلتفت نحن إلى مستقبل البلاد.
        فصاح جمال سالم:  لا يجوز أن نترك الملك حراً.
        وقال آخر : إن ثورتنا بيضاء، ولا يجب أن تُلوث بدماء أحد، حتى ولو كان الملك.
        فعاود جمال سالم الصراخ وقال: تذكروا شهداء فلسطين، تذكروا أن عليكم الانتقام لهم.
        فقلت في حدة: يا جمال، لقد قلت لك إني لا أهتم بمعاقبة فاروق أم لا، لكن اهتمامي الآن بمستقبل مصر.
        وامتد النقاش إلى ما بعد منتصف الليل، من دون أن نصل إلى نتيجة، وفجأة لاح لي خاطر سرعان ما أعلنته.
        قلت:  إننا نشكل نصف أعضاء مجلس القيادة، وفي مثل هذا القرار الخطير، يجب أن نأخذ رأي الجميع.
        قال جمال سالم: ماذا تقصد بالضبط؟
        قلت:  عليك أن تركب الطائرة، وتسافر إلى القاهرة، وتعرض الأمر على جمال عبدالناصر، وعبدالحكيم عامر، وعبداللطيف البغدادي، وكمال الدين حسين، وتعود لنا برأيهم، هل  يسجن، أم يعدم، أم يطرد من البلاد؟
        قال:  ولماذا لا نسألهم بالتليفون؟
        قلت:  لأن ذلك مستحيل في هذه الظروف، توكل على الله، وسافر يا جمال.
وعاد جمال سالم، بعد ساعات، وسلمنا رسالة، من جمال عبدالناصر، تقول:
        "إن حركة التحرير يجب أن تتخلص من فاروق، بأسرع ما يمكن، لكي نتفرغ إلى ما هو أهم، وهو القضاء على الفساد في مصر، ويجب علينا أن نمهد الطريق لعهد جديد، يتمتع فيه الناس بالحرية، والكرامة، والعدل، وإننا لا يمكن أن نضع فاروق أمام محكمة، ولا نضعه أيضاً في السجن، ونشغل أنفسنا بالخطأ والصواب، وننسى أغراض الثورة. دعنا نترك فاروق يذهب إلى المنفى، ونترك التاريخ يحكم عليه بالموت".
        في خلال هذين اليومين، تلقت القيادة بعض برقيات التأييد، على الرغم من أن الصحف دأبت على أن تقدم لها بأنها آلاف البرقيات، وما نشر منها في الصحف، حتى يوم 25 من يوليه يشمل: اللجنة الوطنية بجامعة فؤاد، أطباء المستشفيات الجامعية، هيئة التدريس بجامعة فاروق، أهالي شبرا، مركز ديرب نجم، موظفو وعمال وطلبة الأزهر بطنطا، سكرتارية نقابة الأطباء البيطريين، تجار وعمال شارع محمد على، لواءات الجيش في المعاش، اتحاد الكونستبلات، عنهم محمد خالد، اللجنة التنفيذية العليا لضباط البوليس والإدارة، عنهم توفيق حمدي، جمهور المصلين بمسجد الكردي، بروض الفرج.
السبت 26 يوليه
        منذ فجر السبت 26 يوليه 1952م، الموافق، الرابع من ذي القعدة 1371هـ، انتقل النشاط السياسي والعسكري إلى الإسكندرية، واتخذ طابعاً مثيراً، تخللته سلسلة من المفاجآت الدرامية، حتى أن الصحافة الإنجليزية كانت تشير، بحذر، إلى إمكان وقوع تطور مفاجئ للأحداث، بما في ذلك جريدة التايمز المحايدة، التي راحت تتساءل  قائلة: لا نعرف ما إذا كانت هناك تطورات، غير منظورة، لا تزال طي الكتمان؟، وقد صدق حدسها:
        في الواحدة صباحاً (بالإسكندرية)، بدأ رئيس الوزراء، علي ماهر باشا، اتصالاته من جناحه بفندق "سان إستيفانو"، لأن وصول قوات عسكرية، من القاهرة، تمثل أسلحة الجيش المختلفة، أثارت شكوكه على الرغم من تأكيدات القيادة.
        ولما زادت القوات، اتصل علي ماهر، متسائلاً عن أسباب وصول هذه القوات، إلى الإسكندرية، فقيل له إنها  بغرض تعزيز القوات المصرية هناك، للمحافظة على أرواح وممتلكات الأجانب، بالإسكندرية، خوفاً من حدوث فتنة، مشابهة للفتنة التاريخية أيام الثورة العرابية. وعاود علي ماهر الاتصال بالقيادة، في القاهرة، عندما لاحظ تزايد عدد القوات لأنه تولاه القلق.
        وكان الملك فاروق قد انتقل، من قصر المنتزه، إلى سراي رأس التين يوم 25 يوليه ليلاً، ولعله ظن أن وجوده، في سراي رأس التين، يجعله أكثر أماناً على نفسه، وأقرب إلى الفرار، بطريق البحر، إذا حدثته نفسه بذلك. وقد ساورته، وقتاً ما، فكرة الهرب، منذ أن قدم إليه رئيس الوزراء طلب إخراج السبعة المذكورين، من رجال حاشيته، ولكنه وجد أنه لا يستطيع الرحيل، بطائرته الخاصة، لأن القوات الجوية المصرية كانت مسيطرة على الإسكندرية، والمطارات كلها في يد الجيش، ولا يستطع الرحيل على متن المحروسة، لأن قيادة الثورة أصدرت إليها الأوامر بعدم التحرك، كما أمرت بعدم مغادرة أي سفينة، من سفن البحرية، ميناء الإسكندرية.


الجمعة 25 يوليه 1952 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الجمعة 25 يوليه 1952
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الخامس ليلة 23 يوليه 1952
» محاصرة القصور الملكية يوم 26 يوليه 1952
» أسماء الضباط الأحرار، من قوة الاعتقالات، الذين اشتركوا ليلة 22 يوليه:
» قانون الإصلاح الزراعي (9 سبتمبر 1952)
» ثورة 23 يوليه في مصر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: ثورة يوليو ١٩٥٢م :: ثورة 23 يولـيو 1952م-
انتقل الى: