منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 تفسير سورة القصص (28)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52580
العمر : 72

تفسير سورة القصص (28) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة القصص (28)   تفسير سورة القصص (28) Emptyالأحد 16 يونيو 2013, 5:26 pm

تفسير سورة القصص (28)

تفسير سورة القصص (28) 38510

بسم الله الرحمن الرحيم

{طسم {1} تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ {2} نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {3} إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {4} وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ {5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ {6}}


شرح الكلمات:

{ طسم }: هذه إحدى الحروف المقطعة تكتب طسم وتقرأ: طا، سيْن، ميمْ.

{ تلك }: أي الآيات المؤلفة من مثل هذه الحروف هي آيات القرآن الكريم.

{ نتلو عليك }: أي نقرأ عليك قاصين شيئاً من نبأ موسى وفرعون أي من خبرهما.

{ لقوم يؤمنون }: أي لأجل المؤمنين ليزدادوا إيماناً ويوقنوا بالنصر وحسن العاقبة.

{ علا في الأرض }: أي تكبر وظلم فادعى الربوبية وظلم بني إسرائيل ظلماً فظيعاً.

{ شيعاً }: أي طوائف بعضهم عدوّ لبعض من باب فَرِّق تَسُدْ.

{ ويستحي نساءهم }: أي يبقي على النساء لا يذبح البنات لأنه لا يخاف منهن ويذبح الأولاد لخوفه مستقبلاً على ملكه منهم.

{ ونريد أن نمن }: أي ننعم على الذين استضعفوا فنجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين.

{ ما كانوا يحذرون }: من المولود الذي يولد في بني إسرائيل ويذهب بملكهم.


معنى الآيات:

" طسم ": هذا اللفظ الله أعلم بمراده منه، وقد افاد فائدتين عظيمتين الأولى هي إعجاز القرآن الموجب للإِيمان به وبمنزلة من أنزل عليه القرآن وهو محمد صلى الله عليه وسلم ذلك أن هذا القرآن الذي أعجز العرب أن يأتوا بسورة مثله قد تألف من مثل هذه الحروف المقطعة فدل ذلك على أنه كلام الله ووحيه.

والثانية أنه لما خاف المشركون من تأثير القرآن على نفوس السامعين له وأمروا باجتناب سماعه واستعملوا وسائل شتى لمنع الناس في مكة من سماعه كانت هذه الحروف تضطرهم إلى السماع لغرابتها عندهم فإذا قرأ القارئ طسم وجد احدهم نفسه مضطراً إلى لاسماع، فإذا ألقى سمعه نفذ القرآن إلى قلبه فاهتدى به إن شاء الله تعالى له الهداية كما حصل لكثيرين منهم.

وقوله تعالى: { تلك آيات الكتاب } أي هذه آيات الكتاب المبين أي القرآن المبين للهدى من الضلال والخير من لاشر والحق من الباطل، وقوله { نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق } أي نقرأ قاصين عليك أيها الرسول شيئاً من نبأ موسى وفرعون أي من خبر موسى وفرعون وقوله { لقوم يؤمنون } باعتبارهم أنهم هم الذين ينتفعون بما يسمعون في حياتهم ولأنهم في ظرف صعب يحتاجون معه إلى سماع مثل هذا القصص ليثبتوا على إيمانهم حتى ينصرهم الله كما نصر الذين من قبلهم بعد ضعف كان أشد من ضعفهم وقوله تعالى: { إن فرعون.. } إلى آخر الآية هذا بيان لما أخبر أنه يقصه للمؤمنين، يخبر تعالى فيقول: { إن فرعون.. } إلى آخر الآية إن فرعون الحاكم المصري المسمى بالوليد بن الريان الطاغية المدعى الربوبية والألوهية { علا في الأرض } اي أرض البلاد المصرية ومعنى علا طغى وتكبر وتسلط وقوله { وجعل أهلها } أي أهل تلك البلاد المصرية { شيعاً } أي طوائف فرق بينها إبقاء على ملكه قاعدة فَرِّق تَسُدْ المذهب السياسي القائم الآن في بلاد الكفر والظلم وقوله { يستضعف طائفة } من تلك الطوائف وهي طائفة بني إسرائيل وكيفية استضعافهم أنه يذبح أبناءهم ساعة ولادتهم { ويستحي نساءهم } اي بناتهم ليكبرن للخدمة وتذبيح الأولاد سببه أن كهانة وسياسييه أعلموه أن مهلكه مهدد بوجود بني إسرائيل أقوياء كثر في البلاد فاستعمل طريقة تقليلهم والحد من كثرتهم بذبح الأولاد الذكور منهم وإبقاء الإِناث منهم وهي سياسة تشبه تحديد النسل اليوم التي يستعملها الهالكون اليوم وهم لا يشعرون.

وقوله: { إنه كان من المفسدين } هذا تعليل لعلو فرعون وطغيانه فذكر أن سبب ذلك الذي يرتكبه من السياسة العمياء الظالمة أنه { من المفسدين } أي في الأرض بارتكاب الجرائم العظام التي لا توصف.

وقوله تعالى { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة } أي { نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون } أي من بعض خبرهما أنا نريد اي أردنا أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض أرض مصر وهم بنو إسرائيل، نَمُنُّ عليهم بإيمانهم وتخليصهم من حكم فرعون وتسلطه ونجعلهم قادةً في الخير { ونجعلهم الوارثين } لحكم البلاد وسياستها بعد إهلاك فرعون وجنوده وهو معنى قوله:

{ ونمكن لهم في الأرض }. وقوله { ونري فرعون } أي من جملة ما نتلو عليك أنا أردنا أن { نرى فرعون وهامان وجنودهما منهم } اي من بني إسرائيل ما كانوا يحذرونه من مولود يولد في بني إسرائيل فيذهب بملك فرعون وذلك بما سيذكر تعالى من اسباب وترتيبات هي عجب!

تبتدئ من قوله تعالى: { وأوحينا إلى أم موسى.. }


هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- تقرير إعجاز القرآن الذي هو آية أنه كتاب الله حقاً.

2- تقرير النبوة المحمدية بهذا الوحي الإلهي.

3- التحذير من الظلم والاستطالة على الناس والفساد في الأرض.

4- المؤمنون هم الذين ينتفعون بما يتلى عليهم لحياة قلوبهم.

5- تقرير قاعدة لا حذر مع القدر.

6- تحريم تحديد النسل بإلزام المواطن بان لا يزيد على عدد معين من الأطفال.

تفسير سورة القصص (28) 326110

{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ {7} فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ {8} وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ {9} وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {10} وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ {11}}


شرح الكلمات:

{ وأوحينا إلى أم موسى } : أعلمناها أن ترضع ولدها الرضعات الأولى التي لا بد منها ثم تضعه في تابوت ثم تلقيه في اليم.

{ في اليم } : أي في البحر وهو نهر النيل.

{ ولا تخافي ولا تحزني } : أي لا تخافي أن يهلك ولا تحزني على فراقه، إنا رادوه إليك.

{ فالتقطع آل فرعون } : أي أعوانه ورجاله.

{ ليكون لهم عدواً وحزناً } : أي في عاقبة الأمر، فاللام للعاقبة والصيرورة.

{ قرة عين لي ولك } : اي تقر به عيني وعينك فنفرح به ونُسَرْ.

{ وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً } : أي من كل شيء إلا منه عليه السلام أي لا تفكر في شيء إلا فيه.

{ إن كادت لتبدي به } : أي قاربت بأن تصرخ أنه ولدها وتظهر ذلك.

{ وقالت لأخته قصيه } : أي اتبعي أثره حتى تعرفي اين هو.

{ فبصرت به عن جنب } : أي لاحظته وهي مختفيه تتبعه من مكان بعيد.


معنى الآيات:


هذه بداية قصة موسى مع فرعون وهو طفل رضيع إلى نهاية هلاك فرعون في ظرف طويل بلغ عشرات السنين.

بدأ تعالى بقوله تعالى: { وأوحينا إلى أم موسى } اي أعلمناها من طريق الإِلقاء في القلب { أن أرضعيه فإذا خفت عليه } آل فرعون الذين يقتلون مواليد بني إسرائيل الذكور في هذه السنة { فألقيه في اليم } أي بعد أن تجعليه في تابوت أي صندوق خشب مطلي بالقار، { ولا تخافى } عليه الهلاك { ولا تحزني } على فراقك { إنا رادوه إليك } لترضعيه { وجاعلوه من المرسلين } ونرسله إلى عدوكم فرعون وملائه.

قال تعالى: { فالتقطه آل فرعون } أي فعلت ما أمرها الله تعالى به بأن جعلته في تابوت وألقته في اليم أي النيل { فالتقطه آل فرعون } حيث وجدوه لقطة فأخذوه وأعطوه لآسية بنت مزاحم عليها السلام امرأة فرعون.

وقوله تعالى: { ليكون لهم عدواً وحزناً } هذا باعتبار ما يؤول غليه الأمر فهنم ما التقطوه لذلك ولكن شاء الله ذلك فكان لهم { عدُّواً وحزناً } فعاداهم وأحزنهم.

وقوله تعالى: { إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين } اي آثمين بالكفر والظلم ولذا يكون موسى لهم عدواً وحزناً.

وقوله تعالى: { وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه } قالت هذا حين هم فرعون بقتله لما نتف موسى لحيته وهو رضيع تعلق به فأخذ شعرات من لحيته فتشاءم فرعون وأمر بقتله فاعتذرت آسية له فقالت هو { قرة عين لي ولك لا تقتلوه } فقال فرعون قرة عين لك أما أنا فلا وقولها { عسى أن ينفعنا } في حياتنا بالخدمة ونحوها { أو نتخذه ولداً } وذلك بالتبني وهذا الذي حصل، فكان موسى إلى الثلاثين من عمره يعرف بإبن فرعون وقوله { وهم لا يشعرون } اي بما سيكون من أمره وأن هلاك فرعون وجنوده سيكون على يده.

وقوله تعالى: { وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً } أي من اي شيء إلا من موسى وذلك بعد أن ألقته في اليم.

وقوله { إن كادت لتبدى به } أي لتصرخ بأ،ه ولدها وتُظهر ذلك من شدة الحزن لكن الله تعالى ربط على قلبها فصبرت لتكون بذلك من المؤمنين بوعد الله تعالى لها بأن يرده إليها ويجعله من المرسلين.

وقوله تعالى: { وقالت لأخته قصيه } اي تتبعي أثره وذلك عندما ألقته في اليم وقوله { فبصرت به عن جنب } أي رأته من بُعد فكانت تمشي على شاطئ النهر وتلاحقه النظر من بعد حتى رأته انتهى إلى فرع الماء الذي دخل إلى قصر فرعون فعلمت أنه قد دخل القصر.

وقوله تعالى: { وهم لا يشعرون } أي لا يشعرون أنها أخته لما كانت تلاحقه النظر وتتعرف إليه من بعد.


هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- بيان تدبير الله تعالى لأولياء وصالحي عباده وتجلى ذلك في الوحي إلى أم موسى بارضاعه وإلقائه في البحر والتقاط آل فرعون له ليتربى في بيت الملك عزيزاً مكرماً.

2- بيان سوء الخطيئة وآثارها السيئة وعواقبها المدمرة وتجلى ذلك فيما حل بفرعون وهامان وجنودهما.

3- فضيلة الرجاء تجلت في قول آسية { قرة عين لي ولك } فقال فرعون: أمَّا لي فلا.

فكان موسى قرة عين لآسية ولم يكن لفرعون.

4- بيان عاطفة الأمومة حيث أصبح فؤاد أم موسى فارغاً إلا من موسى.

5- بيان عناية الله بأوليائه حيث ربط على قلب أم موسى فصبرت ولم تبده لهم وتقول هو ولدي ليمضي وعد الله تعالى كما أخبرها. 


والحمد له رب العالمين.

{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ {12} فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ {13} وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ {14} وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ {15} قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {16}}


شرح الكلمات:

{ وحرمنا عليه المراضع } : أي معناه من قبول ثدى أيَّة مرضعة.

{ من قبل } : أي من قبل رده إلى أمه.

{ فقالت هل أدلكم على } : أي قالت أخت موسى.

{ أهل بيت يكفلونه لكم } : يضمونه غليهم، يرضعونه ويربونه لكم.

{ وهم له ناصحون } : أي لموسى ناصحون، فلما قالوا لها إذاً كنت أنت تعرفينه، قالت لا، إنما أعني أنهم ناصحون للملك لا للود.

{ فرددناه إلى أمه } : أي رددنا موسى إلى أمه أي قبلوا اقتراح أخته.

{ ولتعلم أن وعد الله حق } : إذ أوحى إليها أنه راده إليها وجاعله من المرسلين.

{ ولكن أكثرهم لا يعلمون } : أي أكثر الناس لا يعلمون وعد الله لأم موسى ولا يعلمون أن الفتاة أخته وأن أمها أمه.

{ ولما بلغ اشده واستوى } : أي ثلاثين سنة من عمره فانتهى شبابه وكمل عقله.

{ آتيناه حكماً وعلماً } : أي وهبناه الحكمة من القول والعمل والعلم بالدين الإِسلامي الذي كان عليه بنو إسرائيل وهذا قبل أن ينبأ ويرسل.

{ ودخل المدينة } : مدينة فرعون وهي مُنْفُ بعد أن غاب عنها مدة.

{ على حين غفلة من أهلها } : لأن الوقت كان وقت القيلولة.

{ هذا من شيعته } : أي على دينه الإِسلامي.

{ وهذا من عدوه } : على دين فرعون والأقباط.

{ فوكزه موسى فقضى عليه } : أي ضربه بجمع كفه فقضى عليه أيْ قتله.

{ هذا من عمل الشيطان } : أي هذا الفعل من عمل الشيطان لأنه المهيج غضبي.

{ أنه عدو مضل مبين } : أي الشيطان عدو لابن آدم مضل له عن الهدى، مبين ظاهر الإِضلال.


معنى الآيات:


ما زال السياق في قصص موسى مع فرعون: إنه بعد ان التقط آل فرعون موسى من النيل وهو رضيع قدموا له المراضع فرفضهن مرضعة بعد أخرى، فاحْتار آل فرعون لحبهم لموسى لأن الله تعالى ألقى عليه محبة منه فما رآه أحد إلا أحبه وهذا معنى قوله تعالى في الآية (12) { وحرمنا عليه المراضع من قبل } أي قبل رده إلى أمه. 

وقوله: { فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون } هذه أخته وقد امرتها أمها أن تقص آثار موسى وتتبع أخباره فلما علمت أن أخاها لم يقبل المراضع وأن القصر في قلق من جراء عدم رضاع موسى تقدمت وقالت ما أخبر الله تعالى به عنها في قوله: { فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم } ويرضعونه ويحفظونه حتى تنتهي مدة رضاعته { وهم له ناصحون } وهنا ارتابوا في أمرها واستنطقوها واتهموها بأنها تعرفه فقالت: لا أعرفه، إنما عنيت { وهم له ناصحون } أن أهل هذا البيت ناصحون للملك وهنا استجابوا لها فأتت به أمه فما إن رآها حتى رمى نفسه عليها وأخذ ثديها يمتصه فقالو لها: ما سر قبوله هذه المرأة فأجابت: بأنها طيبة الريح طيبة اللبن فأذنوا لها في إرضاعه في بيتها فعادت به وهو معنى قوله تعالى { فرددناه إلى أمه كي تقر عينها } اي تفرح وتسر ولا تحزن على فراقه، { ولتعلم أن وعد الله حق } إذ وعدها بأنه راده إليها.


{قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ {17} فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ {18} فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ {19} وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ {20} فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {21}}


شرح الكلمات:

{ بما أنعمت على } : بإنعامك على بمغفرة ذنبي.

{ فلن أكون ظهيراً للمجرمين } : أي معيناً لأهل الإِجرام.

{ خائفاً يترقب } : ماذا يحدث من خير أو غيره بعد القتل.

{ استنصره بالأمس } : أي طلب نصرته فنصره.

{ يستصرخه } : أي يستغيث به على قبطي آخر.

{ إنك لغوي مبين } : أي لذو غواية وضلال ظاهر.

{ أن يبطش بالذي هو عدو لهما } : أي أن يأخذ الذي هو عدو لموسى والقبطي معاً.

{ إن تريد إلا أن تكون جباراً } : اي ما تريد إلا أن تكون جباراً تضرب وتقتل ولا تبالي بالعواقب.

{ من المصلحين } : أي الذين يصلحون ببين الناس إذا اختلفوا أو تخاصموا.

{ وجاء رجل من أقصى المدينة } : أي مؤمن آل فرعون أتى من أبعد نواحي المدينة.

{ إن الملأ يأتمرون بك } : أي يتشاورون ويطلب بعضهم أمر بعض ليقتلوم.

{ فاخرج إني لك من الناصحين } : أي اخرج من هذه البلاد إلى أخرى.

{ فخرج منها خائفاً يترقب } : خائف من القتل يترقب ما يحدث له.


معنى الآيات:


لقد تقدم في الآية قبل هذه أن موسى عليه السلام قد قتل قبطياً بطريق الخطأ وأنه اعترف لربه تعالى بخطإه واستغفره، وأن الله تعالى غفر له وأعلمه بذلك بما شاء من وسائط، ولما علم موسى بمغفرة الله تعالى له عاهده بأن لا يكون { ظهيراً للمجرمين } مستقبلاً ومن ذلك أن يعتزل فرعون وملائه لأنهم ظالمون مجرمون فقال:

{ رب بما أنعمت علي } أي بمغفرتك لي خطإي وذلك بالنظر إلى إنعامك علي بالمغفرة أعاهدك أن لا أكون { ظهيراً للمجرمين } هذا ما دلت عليه الآية (17) أي الأولى في هذا السياق وهي قوله تعالى: { قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين } وقوله تعالى: { فأصبح في المدينة خائفاً يترقب } اي فأصبح موسى في مدينة (مُنْفُ) عاصمة المملكة الفرعونية { خائفاً } مما قد يترتب على قتله القبطي { يترقب } الأحداث ماذا تسفر عنه؟ فإذا الذي يستنصره بالأمس وهو الإِسرائيلي الذي طلب نصرته أمس { يستصرخه } أي يستغيثه بأعلى صوته فنظر إليه موسى وأقبل عليه ليخلصه قائلاً: { إنك لغوي مبين } أي لذو غواية بينة والغواية الفساد في الخلق والدين لأنك أمس قاتلت واليوم تقاتل أيضاً.

{ فلما أن أراد أن يبطش } أي موسى { بالذي هو عدو لهما } وهو القبطي قال الإِسرائيلي { أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس إن تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض } أي تضرب وتقتل كما تشاء ولا تخاف عقوبة ذلك { وما تريد أن تكون من المصلحين } الذي يصلحون بين المتخاصمين قال الإِسرائيلي هذا لأنه جبان وخاف من هجمة موسى ظاناً أنه يريده هو لما قدم له من القول { إنك لغوي مبين } فلما سمع القبطي ما قال مقاتله الإِسرائيلي نقلها إلى القصر وكان من عماله فاجتمع رجال القصر برئاسة فرعون يتداولون القضية وينظرون إلى ظروفها ونتائجها وما يترتب عليها وكان من جملة رجال المؤتمر مؤمن آل فرعون (حزقيل) وكان مؤمناً يكتم إيمانه فأتى موسى سراً ليخبره بما يتم حياله وينصح له بالخروج من البلاد وهو ما جاء في قوله تعالى في الآية (20) من هذا السياق { وجاء رجل من أقصا المدينة } من أبعدها فان قصر الملك كان في طرف المدينة وهي مدينة فرعون (مُنْفُ) { يسعى } فمشي بسرعة وجد وانتهى إلى موسى فقال { يا موسى إن الملأُ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين } قال تعالى: { فخرج منها } أي من بلاد فرعون { خائفاً يترقب } خائفاً من القتل يترقب الطلب وماذا سيحدث له من نجاة أو خلافه ودعا ربه عز وجل قائلاً:

{ رب نجني من القوم الظالمين } أي من فرعون وملائه أولاً ومن كل ظالم ثانياً.

تفسير سورة القصص (28) 25440210

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- شكر النعم، فموسى لما غفر تعالى له شكره بأن تعهد له أن لا يقف إلى جنب مجرم أبداً.

2- سوء صحبة الأحمق الغوى فإن الإِسرائيلي لغوايته وحمقه هو الذي سبب متاعب موسى.

3- لزوم إِبلاغ الدولة عن أهل الفساد والشر في البلاد لحمايتها.

4- وجوب النصح وبذل النصيحة فمؤمن آل فرعون يعلم سلامة موسى من العيب ومن الجريمة فتعين له أن ينصح موسى بمغادرة البلاد لينجو إن شاء الله وليس هذا من باب خيانة البلاد والدولة، لأن موسى من أهل الكمال وما حدث عنه كان من باب الخطأ فرفده ومد إليه اليد إِنقاذاً من موت متعين.

5- الخوف الطبيعي لا يلام عليه فموسى عليه السلام قد خاف خوفاً أدى به إلى الالتجاء إلى ربه بالدعاء فدعاه واستجاب له ولله الحمد والمنة.

{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ {22} وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ {23} فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ {24}}


شرح الكلمات:

{ ولما توجه تلقاء مدين } : أقبل بوجهه جهة مدين التي هي مدينة شعيب.

{ عسى ربي أن يهديني سواء } : أرجو ربي أن يهدني وسط الطريق حتى لا أضل فأهلك

{ السبيل } : فاستجاب الله له وهداه إلى سواء السبيل ووصل مدين.

{ ولما ورد ماء مدين } : انتهى إلى بئر يسقى منها أهل مدين.

{ يسقون } : أي مواشيهم من بقر وإبل وغنم.

{ تذودان } : أي أغنامهما منعاً لهما من الماء حتى تخلو الساحة لهما خوف الاختلاط بالرجال الأجانب لغير ضرورة.

{ قال ما خطبكما } : قال موسى للمرأتين اللتين تذودان ما خطبكما أي ما شأنكما.

{ حتى يصدر الرعاء } : لا نسقي ماشيتنا حتى يصدر الرعاء ويبقى لنا الماء وحدنا.

{ ثم تولى إلى الظل } : أي بعد أن سقى لهما رجع إلى ظل الشجرة التي كان جالساً تحتها.

{ لما أنزلت إلي من خير فقير } : أي من طعام محتاج إليه لشدة جوعه عليه السلام.

{ تمشي على استحياء } : أي واضعة كم درعها على وجهها حياء منه.


معنى الآيات:

ما زال السياق في شأن موسى عليه السلام بعد حادثة القتل والنصح له بمغادرة بلاد مصر غلى بلاد مدين مدينة شعيب عليه السلام قال تعالى مخبراً عنه: { ولما توجه تلقاء مدين } أي ولما توجه موسى عملاً بنصيحة مؤمن آل فرعون تلقاء مدين أي نحوها وجهتها ولم يكن له علم بالطريق الصحراوي والمسافة مسيرة ثمانية أيام قال: { عسى أن يهدني ربي سواء السبيل } أي ترجَّى ربه سبحانه وتعالى أن يهديه الطريق السوي حتى لا يضل فيهلك، واستجاب الله له فهداه الطريق حتى وصل إلى بلاد مدين وقوله تعالى في الاية الثانية من هذا السياق (23) { ولما ورد ماء مدين } اي وحين ورد ماء مدين وهو بئر يسقي منها الناس مواشيهم { وجد عليه } اي على الماء رأمة من الناس } اي جماعة كبيرة يسقون أنعامهم ومواشيهم { ووجد من دونهم امرأتين } وهما بنتا شعيب عليه السلام { تذودان } اي تمنعان ماشيتهما من الاختلاط بمواشي الناس.

فسألهما لا تطفلاً وإنما حالهما دعاه إلى سؤالهما لأنه رأى الناس يسقون مواشيهما ويصدرون فوجاً بعد فوج والمرأتان قائمتان على ماشيتهما تذودانها عن الحوض حتى لا تختلط ولا تشرب فسألهما لذلك قائلاً: { ما خطبكما } أي ما شأنكما فأجابتاه قائلتين: { لا نسقي حتى يصدر الرعاء } لضعفنا وعدم رغبتنا في الاختلاط بالرجال { وأبونا شيخ كبير } لا يقوي على سقي هذه الماشية بنفسه فنحن نسقيها ولكن بعد أن يصدر الرعاء ويبقى في الحوض ماء نسقي به، فلما علم عذرهما سقى لهما ماشيتهما { ثم تولى إلى الظل } الذي كان جالساً تحته وهو ظل شجرة وهو شجر صحراوي معروف يقال له السمر، ولما تولى إلى الظل سأل ربه الطعام لشدة جوعه إذ خرج من مصر بلا زاد ولا دليل ولولا حسن ظنه في ربه لما خرج هذا الخروج فقال: { رب إني لما أنزلت إلي من خير } اي طعام { فقير } اي محتاج إليه أشد الاحتياج.

وفي أقرب ساعة وصلت البنتان إلى والدهما فسالهما عن سبب عودتهما بسرعة فأخبرتاه، فقال لإحداهما إذهبي إليه وقوله له: { إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } وهو معنى قوله تعالى: { فجاءته إحداهما } استجابة الله له { تمشي على استحياء } واضعة كم درعها على وجهها حياء.

وقد قال فيها عمر رضي الله عنه إنها ليست سلفعاً من النساء خرَّاجة ولاجة، وبلغت الرسالة المختصرة وكأنها برقية ونصها ما أخبر تعالى به في قوله: { إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } ‍‍وقد ورد أنهما لما كانت تمشي أمامه تدله على الطريق هبت الريح فكشفت ساقيها قال بها موسى: إمشي ورائي ودليني على الطريق بحصى ترميها نحو الطريق وهذا الذي دلها على أمانته لما وصفته لأبيها بأنه: { قوي أمين } كما سيأتي فيما بعد.


هداية الآيات:

من هداية الايات:

1- وجوب حسن الظن بالله تعالى وقوة الرجاء فيه عز وجل والتوكل عليه.

2- بيان فضل الحياء وشرف المؤمنات اللائي يتعففن عن الاختلاط بالرجال.

3- بيان مروءة موسى في سقيه للمرأتين.

4- فضل الدعاء وسؤال الله تعالى ما العبد في حاجة إليه.

5- ستر الوجه عن الأجانب سنة المؤمنات من عهد قديم وليس كما يقول المبطلون عهو عادة جاهلية، فبنتا شعيب نشأتا في دار النبوة والطهر والعفاف وغطت إحداهما وجهها عن موسى حياءً وتقوى.


{فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {25} قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ {26} قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ {27} قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ {28}}


شرح الكلمات:

{ وقص عليه القصص } : أخبره بشأنه كله من قتله القبطي وطلب السلطة له ونصح المؤمن له بمغادرة البلاد ووصوله إلى ماء مدين.

{ لا تخف نجوت من القوم الظالمين } :أي من فرعون وملئه إذ لا سلطان لهم على بلاد مدين.

{ يا أبت استأجره } : أي اتخذه أجيراً يرعى لنا الغنم بدلنا.

{ القوي الأمين } : ذكرت له كفاءته وهي القوة البدنية والأمانة.

{ علىأن تأجرني } : أي تكون أجيراً لي في رعي غنمي.

{ ثماني حجج } : أي ثماني سنوات إذ الحجة عام والجمع حجج.

{ فإن أتممت عشراً فمن عندك } : أي جعلت الثمانية عشراً فرغبت عشراً فهذا من كرمك.

{ قال ستجدني إن شاء الله من الصالحين } : اي الذين يوفون ولا ينقضون ولا ينقصون.

{ ذلك بيني وبينك } : أنا أفي بشرطي وأنت تفي بشرطك.

{ أيما الأجلين قضيت } : أي الأجلين الثمانية أو العشرة أتممت.

{ فلا عدوان على } : وذلك بطلب الزيادة فوق الثمانية أو فوق العشرة.

{ والله على ما نقول وكيل } : أي وكيل وحفيظ اي أشهد الله على العقد بشطريه أي النكاح ورعي الغنم وبذلك تم العقد.



عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأربعاء 09 يونيو 2021, 6:34 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52580
العمر : 72

تفسير سورة القصص (28) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة القصص (28)   تفسير سورة القصص (28) Emptyالأحد 16 يونيو 2013, 6:03 pm

تفسير سورة القصص (28) Al-qas10

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في ما تم بين موسى وابنتي شعيب من السقي لهما ومجيء إحداهما تبلغه رسالة والدها ومشيه معها وقوله تعالى { فلما جاءه } اي جاء موسى شعيباً { وقص عليه القصص } أي أخبره بشأنه كله من قتله القبطي خطأ وطلب السلطات له ونصح مؤمن آل فرعون له بالخروج من البلاد، ووصوله غلى ماء مدين قال له شعيب عندئذ { لا تخف نجوت من القوم الظالمين } يعني فرعون وحكومته وهذا ما يعرف الآن باللجوء السياسى فأمنه على نفسه لأن فرعون لا سلطان له على هذه البلاد.

وقال له شعيب: اجلس تعش معنا فقال موسى أخاف أن يكون عوضاً عما سقيت لابنتيك ما شيتهما وإني لمن اهل بيت لا يطلبون على عمل الخير عوضاً فقال له شعيب لا ليس هذا بأجر على سقيك وإنما عادتنا أن نقري الضيف ونطعم الطعام فأكل ولم ير بذلك بأساً.

وقوله تعالى { قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين } يروى أنها لما قالت { إن خير من استأجرت القوي الأمين } أثارت حفيظته بهذه الكلمة فسألها: كيف علمت ذلك فذكرت له عن القوة في سقيه لهما وعن الأمانة في غض بصره عن النظر إليها، فصدقها شعيب وقال لموسى: { إني أريد أن أنكحك } أي أزوجك رإحدى ابنتى هاتين } { على أن تأجرني ثماني حجج } اي سنين جمع حجة وهي السُّنَهْ وقوله { فإن أتممت عشراً فمن عندك } اي احساناً منك وكرماً، { وما أريد ان أشق عليك } بطلب العشرة { ستجدني إن شاء الله من الصالحين } أي الذين يوفون بعهودهم فقال موسى رداً على كلامه { ذلك بيني وبينك } أنا عليَّ أن أفي بما اشترطت عليَّ وأنت عليك أن تفي بما اشترطت لي على نفسك { ايما الأجلين } الثمانية أو العشرة { قضيت } أي وفيت وأديت { فلا عدوان عليّ } اي بطلب الزيادة على الثمانية ولا على العشرة.

فقال شعيب: نعم { والله على ما نقول وكيل } فأشهشد الله تعالى على صحة العقد وبذلك اصبح موسى زوجاً لابنة شعيب التي عيّنها له والغالب أنها الكبرى التي شهدت له بالأمانة والقوة.


هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- تجلى كرم شعيب ومروءته وشهامته في تطمين موسى وإكرامه وإيوائه.

2- بيان أن الكفاءة شرط في العمل ولا أفضل من القوة وهي القدرة البدنية والعلمية والأمانة.

3- مشروعية عرض الرجل ابنته على من يرى صدقه وأمانته ليزوجه بها.

4- مشروعية غشهاد الله تعالى على العقود بمثل { والله على ما نقول وكيل }.

5- فضيلة موسى عليه السلام بإيجار نفسه على شبع بطنه وإحصان فرجه.


{فَلَمَّا قَضَى مُوسَىالْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ {29} فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {30} وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ {31} اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ {32}}


شرح الكلمات:

{ قضى موسى الأجل } : أتم المدة المتفق عليها وهي ثمان أو عشر سنوات.

{ آنس } : أبصر.

{ أوجذوة من النار } : عود غليظ في راسه نار.

{ لعلكم تصطلون } : أي تَسْتَدْفِئون.

{ نودي } : أي ناداه الله تعالى بقوله يا موسى إني أنا الله رب العالمين.

{ في البقعة المباركة } : قطعة الأرض التي عليها الشجرة الكائنة بشاطئ الوادي.

{ تهتز كأنها جانُّ } : تضطرب وتتحرك بسرعة كأنها حية من حيات البيوت.

{ ولى مدبراً ولم يعقب } : رجع هارباً ولم يعقب لخوفه وفزعه منها.

{ اسلك يدك في جيبك } : أدخلها في جيب قميصك.

{ من غير سوء } : أي عيب كبرص ونحوه.

{ واضمم إليك جناحك من الرهب } : اضمم إليك يدك بأن تضعها على صدرك ليذهب روعك.

{ فذانك برهانان } : أي آيتان من ربك على صدق رسالتك.


معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في قصص موسى وهو في طريقه بتدبير الله تعالى إلى مصر، إنه لما قضى الأجل الذي تعاقد مع صهره شعيب وقد أتم خير الأجلين وأوفاهما وهو العشر حجج قف ماشياً بأهله زوجته وولده في طريقه إلى مصر لزيارة والدته وإخوته حدث أن ضل الطريق ليلاً، وكان الفصل شتاء والبرد شديد فإذا به يأنس { من جانب الطور } أي جبل الطور { ناراً } فقال لأهله امكثوا هنا { إني آنست } اي أبصرت { ناراً } سأذهب غليها { لعلي آتيكم منها بخبر } إذ قد أجد عندها من يدلنا على الطريق أو آتيكم بجذوة من النار أي خشبة في راسها نار مشتعلة { لعلكم تصطلون } أي من أجل اصطلائكم بها أي استدفائكم بها، هذا ما دلت عليه الاية (29) وقوله تعالى في الآية الثانية { فلما أتاها } اي أتى النار { نودي } اي ناداه منادٍ { من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى } أي ناداه ربه يا موسى إني أنا الله رب العالمين } { وأن ألق عصاك } فألقاها فاهتزت واضطربت وتحركت بسرعة { كأنها جان } أي حية عظيمة من الحيات المعروفة بالجنّان ولى مدبراً ولم يعقب } أي فزع منها فرجع من الفزع إلى الوراء { ولم يعقب } أي ولم يرجع إليها من الرعب، فقال له ربه تعالى: { أقبل } أي على العصا ولا تخف إنك من الآمنين } اي الذين أمنهم ربهم فلا يخافون شيئاً.

وقال له بعد أن رجع { اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء } اي أدخل يدك في جيب قميصك وهو الشق الذي يدخل معه الرأس في الثوب ليلبس وقوله { تخرج } اي اليد { بيضاء } كالنور { من غير سوء } أي برص أو نحوه رواضمم إليك جناحد } أي يدك مع العضد غلى صدرك { من الرهب } أي الخوف فإن يذهب عنك بحيث تعود يدك عادية لا نور فيها كما كانت من قبل إدخالها في جيبك أولاً.

ثم قال تعالى له { فذانك } اي العصا واليد البيضاء.

{ برهانان من ربك } اي آيتان تدلان على رسالتك المرسل بها إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين خارجين عن طاعة الله حيث كفروا به وعبدوا غيره وظلموا عباده، لتدعوهم إلى الإيمان بالله وعبادته وإرسال بني إسرائيل معك لتذهب بهم إلى أرض المعاد أي فلسطين وما حولها من ارض الشام.


هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- الأنبياء أوفياء فموسى قضى أوفى الأجلين وأتمهما وهو العشر.

2- مشروعية السفر بالأهل وقد يحصل للمرء أنه يضل الطريق أو يحتاج إلى شيء ويصبر.

3- فضل تلك البقعة التي كلم الله تعالى موسى عليه السلام وهي من جبل الطور.

4- مشروعية حمل العصا لا سيما للمسافر وراعي ماشية أو سائقها.

5- مشروعية التدريب على السلام قبل استعماله.

6- لا يلام على الخوف الطبيعي.

7- آية العصا واليد.

8- من خاف، وضع يده على صدره زال خوفه إن شاء الله تعالى.

9- التنديد بالفسق وأهله.


{قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ {33} وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ {34} قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ {35} فَلَمَّا جَاءهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ {36} وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ {37}}


يتبع إن شاء الله...



تفسير سورة القصص (28) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأربعاء 09 يونيو 2021, 6:35 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52580
العمر : 72

تفسير سورة القصص (28) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة القصص (28)   تفسير سورة القصص (28) Emptyالأحد 16 يونيو 2013, 6:21 pm

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ {62} قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ {63} وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ {64} وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ {65} فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ {66} فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ {67}}


تفسير سورة القصص (28) Src12410

شرح الكلمات:

{ ويوم يناديهم } : أي الربّ سبحانه وتعالى.

{ كنتم تزعمون } : أي أنهم شركاء لي فعبدتموهم معي.

{ حق عليهم القول } : أي بالعذاب في النار وهم أئمة الضلال.

{ أغويناهم } : أي فَغَوَوْا ولم نكرههم على الغي.

{ تبرأنا إليك } : أي منهم ما كانوا يعبدوننا بل كانوا يعبدون أهواءهم.

{ وقيل ادعوا شركاءكم } : أي نادوهم ليخلصوكم مما أنتم فيه.

{ لو أنهم كانوا يهتدون } : أي لما رأوا العذاب وَدُّوا لو انهم كانوا في الدنيا من المهتدين.

{ ويوم يناديهم } : أي الله تبارك وتعالى.

{ فعميت عليهم الأنباء } : أي فخفيت عليهم الأنباء التي يمكنهم أن يحتجوا بها.

{ فهم لا يتساءلون } : أي انقطعوا عن الكلام.

{ فأما من تاب وآمن } : أي آمن بالله ورسوله وتاب من الشرك.

{ وعمل صالحاً } : أي الفرائض والواجبات.

{ فعسى أن يكون من المفلحين } : أي الفائزين بالنجاة من النار ودخول الجنة، وعسى من الله تعالى لا تفيد مجرد الرجاء بل هي لتحقق الموعود به.


معنى الآيات:

يقول تعالى لرسوله واذكر يوم ينادي ربك هؤلاء المشركين وقد ماتوا على شركهم فيقول لهم { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } أي أنهم شركائي هذا سؤال تقريع وتأنيب والتقريع والتأنيب ضرب من العذاب الروحي الذي هو أشد من العذاب الجثماني. وقوله تعالى { قال الذين حق عليهم القول } اي نطق الرؤساء من ائمة الضلال وهم الذين حق عليهم العذاب في نار جهنم { ربنا هؤلاء الذين أغوينا } { أغويناهم } فغووا { كما غوينا } أي ما أكرهناهم على الغواية، { تبرأنا إليك } أي منهم. { ما كانوا إيانا يعبدون } اي بل كانوا يعبدون أهواءهم لا غير. وقوله: { وقيل ادعوا شركاءكم } أي يقال للمشركين تهكماً بهم واستهزاء، { ادعوا شركاءكم } اي لينصروكم ويخلصوكم مما أنتم فيه من الذل والهوان.

قال تعالى: رفدعوهم } بالفعل نادوا { فلم يستجيبوا لهم } إذا لا يقدر واحد من الإِنس أو الجن أن يقول هذا كان يعبدني، بل كل معبود يتبرأ ممن عبده كما قالوا في الاية قبل ذي تبرأنا إليك اي منهم ما كانوا يعبدوننا بل كانوا يعبدون أهواءهم وقوله تعالى: { ورأوا العذاب } بأعينهم فاشتدت حسرتهم وودوا لو انهم كانوا في الدنيا من المهتدين. وقوله تعالى: { ويوم يناديهم } أي ربهم قائلاً { ماذا أجبتم المرسلين }؟ أخبرونا كيف كان موقفكم مع من أرسلنا إليكم؟ هل آمنتم بهم واتبعتموهم أم كذبتموهم وحاربتموهم قال تعالى: { فعميت عليهم الأنباء يومئذ } أي فخفيت عليهم الأخبار التي يمكنهم أن يحتجوا بها فلم يجدوا حجة واحدة ولذا { فهم لا يتساءلون } أي لا يسأل بعضهم بعضاً لأنه سقط في أيديهم وعلموا أنهم صالو الجحيم لا محالة. وقوله تعالى: { فأما من تاب } من هؤلاء المشركين اليوم من الشرك وآمن بالله ولقائه ورسوله وعمل صالحاً فأدى الفرائض والواجبات { فعسى أن يكون من المفلحين } أي الفائزين بالنجاة من النار ودخول الجنة، فهذه دعوة سخية لكل مشرك وكافر وفاسق أنيتخلى عن الباطل المتلبس به ويؤمن الإِيمان الصحيح ويعمل صالحاً بأداء الفرائض فإنه ينجو من النار ويدخل الجنة دار الأبرار فهل من تائب؟!.


هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- التنديد بالشرك والمشركين.

2- براءة الرؤساء في الضلالة من المرؤوسين.

3- التحذير من الغواية وهي الضلال والانغماس في الذنوب والآثام.

4- خذلان المعبودين عابديهم يوم القيامة وتبرؤهم منهم.

5- باب التوبة مفتوح لكل عبد مهما كانت ذنوبه ولا يهلك على الله إلا هالك.


{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {68} وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ {69} وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {70}}


شرح الكلمات:

{ يخلق ما يشاء } : أي من خلقه.

{ ويختار } : أي من يشاء لنبوته وطاعته.

{ ما كان لهم } : أي للمشركين.

{ الخيرة } : أي الاختيار في شيء.

{ سبحان الله } : أي تنزيهاً لله عن الشرك.

{ يعلم ما تكن صدورهم }: أي ما تسر وتخفي من الكفر وغيره.

{ له الحمد في الأولى } : أي في الدنيا لأنه مولى كل نعمة.

{ وفي الآخرة } : أي في الجنة.

{ وله الحكم } : أي القضاء النافذ.

{ وإليه ترجعون } : بعد النشور وذلك يوم القيامة.


معنى الآيات:

لقد تقدم في الآيات قبل هذه التنديد بالشرك وتوبيخ المشركين وتحديهم بدعاء شركائهم ليخلصوهم مما هم فيه من الذل والعذاب، وكان شركهم باختيارهم الخاص وإرادتهم الحرة إذ تبرأ منهم من اختاروهم آلهة مع الله فعبدوهم معه. وفي هذه الآية يكشف تعالى عن خطئهم في الاختيار، وذلك من وجهين: الأول أنه لاحق لهم في الاختيار. إذ الاختيار الخالق المخلوقات فيختار منها ما يشاء لنبوته أو طاعته أما الذي يُخلَقْ ولا يَخْلُقُ فيكف يصح منه اختيار. والثاني بحكم أنهم مخلوقون مربوبون لله تعالى وهم يعلمون هذا إذ لو سألهم أحد: من خلقكم؟ لقالوا: الله؛ كان المفروض فيهم والمطلوب منهم أن يطلبوا من الله تعالى خالقهم أن يختار لهم ما يعبدون ويبين لهم كيف يعبدون، ‘ذ هو مولاهم الحق ولا مولى لهم سواه أما أن يركبوا رؤوسهم ويختاروا بأنفسهم ما يعبدون فهذا ظلم منهم كبير استوجبوا به اللوم في الدنيا والعذاب في الآخرة. قال تعالى: (68) { وربك يخلق ما يشاء }.. أي وربك يا محمد يخلق ما يشاء ممن يريد خلقهم ويختار من يشاء لما يشاء من يشاء من عباده لما يشاء من كمال أو نقصان. أما عبيده فليس لهم حق الاختيار وإنما عيهم السمع والطاعة قال تعالى: { ما كان لهم الخيرة } اي حق الاختيار بل الذي يختاره الله هو الذي يجب أن يختاره العبد. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول: " اللهم خِرْ لي واختر لي " وكان يعلم أصحابه دعاء الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن، ويحضهم على أن يختاروا في الأمر الواحد سبع مرات. وقوله تعالى: { سبحان الله وتعالى عما يشركون } نزه تعالى نفسه عن شرك المشركين وباطل المبطلين وقوله { وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون } وهذا برهان أن الخيرة له وليس لغيره إذ الذي يعلم الظواهر والبواطن والبدايات والنهايات قبل البدء والمنتهى صاحب هذا العلم هو الذي يختار. أما الذي لا يعلم ما يكنه أخوه في صدره بل ولا ما يظهره آخر إلى جنبه اي لا يعلم عاقبته فكيف يصح منه الاختيار أو تكون له خيرة في شيء. وفوق ذلك انه سبحانه وتعالى وهو الله الذي لا إله إلا هو أي المعبود الذي لا معبود بحق سواه الذي له الحمد في الدنيا إذ كل ما في الدنيا هو خلقه وفضله وإنعامه، وله الحمد في الآخرة، يحمده أهل الجنة إذ قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن بل الحياة الدنيا كالآخرة تختم بالحمد لله.


قال تعالى { وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين } { وله الحكم وإليه تُرجعون } أي وله الحكم أي القضاء في الدنيا والآخرة { وإليه ترجعون } فكما أن الحكم خاص به فكذلك الرجوع إليه، ويوم يرجعون إليه يحكم بينهم بحكمه وهو العزيز العليم.


هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- تقرير مبدأ " ليس من حق العبد أن يختار إلا ما اختار الله له ".

2- تعين طلب الاختيار في الأمر كله من الله تعالى بقول العبد " اللهم خر لي واختر لي ".

3- تأكيد سنة الاستخارة وهي إذا هم العبد بالأمر يصلي ركعتين في وقت لا تكره فيه صلاة النافلة، ثم يدعو بدعاء الاستخارة كما ورد في الصحيح وهو " اللهم إني أستَخِيرُكَ بعلمك واستقدرك بقدرتك، واسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ودنياي وفي عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ودنياي وفي عاجل أمري وآجله فاصرفه عنى واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به ".

ويسمي حاجته التي همَّ بها من سفر أو زواج أو بناء أو تجارة أو غراسة.

4- تقرير التوحيد وإبطال التنديد.

5- وجوب حمد الله وشكره على كل حال وذلك لتجدد النعمة في كل آن.


{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ {71} قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ {72} وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {73} وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ {74} وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ {75}}


شرح الكلمات:

{ أرأيتم } : أي أخبروني.

{ سرمداً } : أي دائماً، ليلاً واحداً متصلاً لا يعقبه نهار.

{ بضياء } : أي ضوء كضوء النهار.

{ بليل تسكنون فيه } : أي تنامون فتسكن جوارحكم فتستريح من تعب الحياة.

{ لتسكنوا فيه } : أي في الليل.

{ ولتبتغوا من فضله } : أي تطلبوا الرزق من فضل الله في النهار.

{ ولعلكم تشكرون } : أي كي تشكروا ربكم بطاعته كالصلاة والصيام والصدقة.

{ ونزعنا من كل أمة شهيداً } : اي أحضرنا من كل أمة من يشهد عليها وهو بيها عليه السلام.

{ فقلنا هاتوا برهانكم } : أي حججكم على صحة الشرك الذي أنذرتكم رسلنا عواقبه فما قبلتم النذارة ولا البشارة.

{ فعلموا أن الحق لله } : أي وغاب عنهم ما كانوا يكذبونه من الأقوال الباطلة التي كانوا يردون بها على الرسل عليهم السلام.

تفسير سورة القصص (28) Super110

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد وإبطال التنديد وهو حول أنداد لله تعالى من مخلوقاته فقال تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، قل لهؤلاء المشركين الذين جعلوا لله أنداداً وهو خالقهم ورازقهم ومدبر أمر حياتهم { أرأيتم } اي أخبروني رإن جعل الله عليكم الليل سرمداً } اي دائماً ليلاً واحداً متصلاً لا يعقبه نهار { إلى يوم القيامة } أخبروني هل هناك { إله غير الله يأتيكم بضياء } كضياء النهار، والجواب لا أحد وإذا فكيف تشركون به اصناماً.

{ أفلا تسمعون } ما يقال لكم. وقل لهم ايضاً { أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً } أي دائماً متصلاً لا يخلفه ليل ابداً { إلى يوم القيامة } غلى انقراض هذا الكون وانتهاء هذه الحياة وقيام الناس لربهم من قبورهم يوم القيامة { من إله غير الله } أي أيُّ غله غير الله { يأتيكم بليل تسكنون فيه } فتخلدون إلى الراحة بالنوم والسكون وعدم الحركة فيه، وإذا قلتم لا أحد يأتينا بليل نسكن فيه إذاً فما لكم لا تبصرون هذه الآيات ولا تسمعون ما تحمله من الأدلة والحجج القواطع القاضية بأ،ه لا إله إلا الله، ولا معبود بحق سواه. وقوله تعالى: { ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار } إذ ليس واجباً عليه ذلك وإنما هو فضل منه ورحمة فالليل تسكنون فيه والنهار تتحركون فتبتغون رزقكم من فضل الله، وبذلك تهيؤون للشكر إذا أكلتم أو شربتم أو ركبتم أو نزلتم قلتم الحمد لله، والحمد لله راس الشكر، كما أن الليل والنهار ظرف للعبادة التي هي الشكر، فالعبادات لا تقع إلا في الليل والنهار، فالصيام في النهار والقيام بالليل والصلاة والصدقات فيهما. وقوله تعالى: { ويوم يناديهم } أي اذكر يا رسولنا لهم تنبيهاً وتعليماً يوم يناديهم الرب تبارك وتعالى فيقول لهم: رأين شركائي الذين كنتم تزعمون } أنهم شركاء لي فعبدتموهم، وهل يرجى أن يجيبوا لا، لا، وإنما هذا السؤال ونظائره هو سؤال تبكيت وتأنيب وتوبيخ وهو ننوع من العذاب النفسي الذي هو أشد من العذاب الجسمي.

وقوله تعالى: { ونزعنا من كل أمة شهيداً } أي وأذكر لهم هذا الموقف من مواقف القيامة الصعبة { ونزعنا } أي أحضرنا { من كل أمة شهيداً } يشهد عليها وهو نبيها، ويشهد الرسول أنه بلغ ونصح وأنذر، ويقال لهم: { هاتوا برهانكم } على صحة ما كنتم تعبدون وتدعون. قال تعالى: { فعلموا أن الحق لله } أي تبين لهم أن الحق لله اي أن الدين الحق لله فهو المستحق لتأليه المؤلهين وطاعة المطيعين وقربات المتقربين لا غله غيره ولا رب سواه.


هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- اشارة علمية غلى أن السماع يكون مع السكون وقلة الضجيج، وأن الإِبصار يكون مع الضوء، ولا يتم مع الظلام بحال من الأحوال.

2- البرهنة القوية على وجوب توحيد الله إذ لا رب يدبر الكون سواه.

3- كون النهار والليل ظرفان للسكون وطلب العيش هما من رحمة الله تعالى أمر يقتضي شكر الله تعالى بحمده والاعتراف بنعمته وطاعته بصرف النعمة فيما يرضيه ولا يسخطه.

4- بيان أهوال القيامة، بذكر بعض المواقف الصعبة فيها.

5- إذا كان يوم القيامة بطل كل كذب وقول ولم يبق إلا قول الحق والصدق.


{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ {76} وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ {77} قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ {78}}


شرح الكلمات:

{ إن قارون كان من قوم موسى } : أي ابن عم موسى عليه السلام.

{ فبغى عليهم } : أي ظلمهم واستطال عليهم.

{ ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة } : أي أعطاه الله من المال ما يثقل عن الجماعة حمل مفاتح خزائنه.

{ لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين } : أي لا تفرح فرح البطر والأشر.

{ وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة } : أي اطلب في المال الذي أوتيته الدار الآخرة بفعل الخيرات.

{ علىعلم عندي } : أي لعلم الله تعالى بأنى أهل لذلك.

{ وأكثر جمعاً } : أي للمال.

{ ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون } : أي لعلم الله تعالى بهم فيدخلون النار بدون حساب.


معنى الآيات:


هذا بداية قصص قارون الباغي، وهو قارون ابن يصهر بن قاهَثْ بن لاوى بن يعقوب ابن اسحق بن غبراهيم عليه السلام. فهو ابن عم موسى بن عمران وابن خالته أيضاً وكان يلقب المنور لحسن صورته، ونافق كما نافق السامري المطرود. قال تعالى في ذكر خبره { إن قارون كان من قوم موسى } أي إسرائيلي ابن عم موسى بن عمران الرسول. رفبغى عليهم } اي على بني إسرائيل أي ظلمهم وطغى عليهم، ولعل فرعون كان قد اسند إليه إمارة على بني إسرائيل فأطغته وملك أموالاً كثيرة ففرته وألهته. وقوله تعالى: { وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة }. وهذا الخبر الإِلهي دليل على ما كان للطاغية قارون من أموال بحيث أن المفاتح تثقل كاهل العصبة أي الجماعة من الرجال لو حملوها كلها وذلك لثقلها. وقوله تعالى: { إذ قال له قومه } اي من بني إسرائيل واعظين له مذكرين { لا تفرح } أي بأموالك فرح الشر البطر، { إن الله لا يحب الفرحين } اي الأشرين البطرين الذين يختالون ويتفاخرون ويتكبرون. { وابتغ } أي اطلب { فيما آتاك الله } من أموال { الدار الآخرة } بأن تصدَّقْ منها وأنفقْ في سبيل الله كبناء مسجد أو مدرسة أو ميتم أو ملجأ إلى غير ذلك من أوجه البر والإِحسان. { ولا تنس نصيبك من الدنيا } فكل واشرب والبس واركب واسكن ولكن في غير اسراف ولا مخيله، { وأحسن } عبادة الله تعالى وطاعته وأحسن إلى عباده بالقول والعمل { كما أحسن } أي الله تعالى إليك { ولا تبغ الفساد في الأرض } بترك الفرائض وارتكاب في الدنيا والآخرة فبعد هذه الموعظة من قومه الصالحين أهل العلم والبصيرة رَدَّ هذا الطاغية قارون بما أخبر به تعالى عنه في قوله في الآية (78) { قال إنما أوتيته على علم عندي } أي لا تهددوني ولا تخوفوني بسلب مالي عني إن أنا لم أُحْسن فإن هذا المال { قد أوتيته } اي آتانيه الله على علم منه بأني أهل له ولذا أعطاني وزاد عطائى وأكثره قال تعالى في الرد عليه في زعمه هذا { أو لم يعلم } اي ايقول ما يقول من الزعم الكاذب ولم { يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً } ، كعاد وثمود وقوم إبراهيم فلو كان كثرة المال دليلاً على حب الله ورضاه عن أهله، ما أهلك عاداً وثموداً وقوم نوح من قبل وكانوا أشد قوة وأكثر مالاً ورجالاً وقوله تعالى: { ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون } أي إذا أكثر العبد من الإِجرام بالشرك والمعاصي حق عليه كلمة العذاب وأن أوان عذابه لا يسأل عن ذنوبه بل يؤخذ فجأة كما أن هؤلاء المجرمين سيدخلون النار بغير حساب فلا يسألون ولا يحاسبون.

قال تعالى: { يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والقدام } أي ويُرْمَون في جهنم ويقال لهم: { هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون }


هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- المال والمنصب العالي عرضة لإفساد المرء إلا من رحم الله عز وجل وقليل ما هم.

2- جرمة الفرح بالمال والإِمارة إذا كان الفرح فرح بطر وفخر واعتزاز وكبر وخيلاء.

3- من فضل الله على الأمة أن يوجد فيها عالمون ينصحون ويرشدون ويوجهون.

4- من الحزم للمرء أن يطلب من المال والجاه والمنصب أعلى الدرجات في الجنة.

5- حلّية الأكل من الطيب والشرب من الطيب واللبس والركوب والسكن من غير إسراف ولا خيلاء ولا كبر.

6- العافية والمال وعز السلطان يصاب صاحبها بالاغترار إلا من رحم الله.


{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {79} وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ {80} فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ {81} وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ {82}}


شرح الكلمات:

{ في زينته } : أي لباس الأعياد والحفلات الرسمية.

{ يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون } : أي تمنوا أن لو أعطوا من المال والزينة ما أعيط قارون.

{ إنه لذوو حظ عظيم } : أي إنه لذو بخت ونصيب وهبه الله إياه في كتاب المقادير.

{ وقال الذين أوتوا العلم } : أي اعطوا العلمم الديني بمعرفة الله والدار الآخرة وموجبات السعادة والشقاء.

{ ويلكم } : أي حضر ويلكم وهلاككم بتمنيكم المال وزخرف الدنيا.

{ ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً } : أي ما عند الله من جزاء للمؤمنين العاملين الصالحات وهو الجنة خير من حطام الدنيا الفاني.

{ ولا يلقاها إلا الصابرون } : أي ولا يوفق لقول هذه الكلمة وهي ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً إلا الصابرون على الإِيمان والتقوى.

{ فخسفنا به وبداره الأرض } : أي أسخنا الأرض من تحته فساخت به وبداره وكل من كان معه فيها من أهل البغي والإِجرام.

{ تمنوا مكانه بالأمس } : أي الذين قالوا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون فالمراد من المكان المكانة وما عليه قارون من الامارة والزينة والمال والجاه.

{ ويكأنَّ الله يبسط } : أي أعجبُ عالماً أن الله يبسط الرزق لمن يشاء.

{ ويقدر } : أي يضيّق.

{ ويكأنه لا يفلح الكافرون } : أي أعجبُ عالماً أنه لا يفلح الكافرون أي أنهم لا يفوزون بالنجاة من النار ودخول الجنان كما يفوز المؤمنون.


تفسير سورة القصص (28) 10325_10


معنى الآيات:

ما زال السياق في قصص قارون الباغي قال تعالى { فخرج على قومه } اي قارون في يوم عيد أو مناسبة خرج على قومه وهمم يشاهدون موكبه { في زينته } الخاصة من الثياب والمراكب. قوله تعالى: { قال الذين يريدون الحياة الدنيا } أي من قوم موسى وهم المفتونون بالدنيا وزخرفها من أهل الغفلة عن الآخرة وما أكثرهم اليوم وقبل وبعد اليوم قالوا ما أخبر الله تعالى به عنهم: { يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون } تمنوا أن يكون لهم مثل الذي أوتي قارون من المال والزينة { إنه لذو حظ عظيم } اي بخت ونصيب ورزق { وقال الذين أوتوا العلم } اي الشرعي الديني العالمون بالدنيا والآخرة. واسباب السعادة والشقاء في كل منهما قالوا ما أخبر تعالى به عنهم في قوله: { ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً } اي ويحكم هلكتم إن كنتم تؤثرون هذا الفاني على الباقي { ثواب الله } وهو الجنة خير من هذا الزخرف الفاني { لمن آمن وعمل صالحاً } ولازم وذلك أنه ترك الشرك والعاصي، وقوله تعالى: { ولا يلقاها } أي هذه الجملة من الكلام: رثواب الله خير لمن آمن } بربه { وعمل صالحاً } في حياته بأداء الفرائض والنوافل وترك المحرمات والرذائل أي ولا يلقى هذه الكلمة { إلا الصابرون } من أهل الإِيمان والتقوى هم الذين يلقنهم الله غياها فيقولونها الصفاء أرواحهم وزكاة أنفسهم وقوله تعالى في الاية (81) { فخسفنا به وبداره الأرض } يخبر تعالى أنه خسف بقارون وبداره الأرض انتقاماً منه لكفره ونفاقه وبغيه وكبريائه.

وقوله تعالى { فما كان له من فئة } أي جماعة { ينصرونه من دون الله } لما أراد الله خذلانه بخسف الأرض به وبداره ومن قبلها من أعوانه الظلمة والمجرمين. { وما كان من المنتصرين } أي لنفسه فنجاها مما حل بها من الخسف في باطن الرض التي ما زال يتجلجل فيها غلى يوم القيامة. وقوله تعالى: { وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس } يخبر تعالى عن الذين قالوا يوم خرج عليهم قارون في زينته يا ليت لنا مثل ما أُوتي قارون يخبر تعالى عنهم أنهم لما شاهدوا الخسف الذي حل بقارون وبداره وقالوا ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء اي نعجب عالمين، أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أي على من يشاء فالبسط والقبض كله لله وبيد الله فما لنا لا نفزع إلى الله نطلب رضاه ولا نتمنى ما تمنيناه وقد اصبح ذَاهباً لا يرى بعين ولا يلمس بيدين، { لولا أن منَّ الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون } اي نعجب ايضاً عالمين بأنه لا يفلح الكافرون وكقارون وفرعون وهامان أي لا يفوز الكافرون لا بالنجاة من العذاب ولا بدخول الجنان.


هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- بيان أن الفتنة أسرع إلى قلوب الماديين ابناء الدنيا والعياذ بالله تعالى.

2- بيان موقف أهل العلم الديني وأنهم رُشَّد أي حكماء يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

3- بيان أن البغي يؤخذ به البغاة في الدنيا ويعذبون به في الآخرة.

4- بيان أن وجود الإِيمان خير من عدمه وإن قل وأن ذا الإِيمان أقرب إلى التوبة ممن لا إِيمان له.


{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ {83} مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {84}}


شرح الكلمات:

{ تلك الدار الآخرة } : أي الجنة، دار الأبرار.

{ لا يريدون علواً في الأرض } : أي بغياً ولا استطالة على الناس.

{ ولا فساداً } : أي ولا يريدون فساداً بعمل المعاصي.

{ والعاقبة } : أي المحمودة في الدنيا والآخرة.

{ للمتقين } : الذين يتقون مساخط الله فلا يعتقدون ولا يقولون ولا يعملون مالا يرضى به الله تعالى.

{ من جاء بالحسنة } : أي يوم القيامة والحسنة: اثر طاعة الله تعالى يجزى به المؤمن.

{ فله خير منها } : أي تضاعف له عشرة أضعاف.

{ ومن جاء بالسيئة } : السيئة أثر معصية الله تعالى يعاقب به العبد إذا لم يعف الله تعالى عنه.


معنى الايات:

لقد تقدم في السياق أن ثواب الله وهو الجنة خير لمن آمن وعمل صالحاً فاشار إليه تعالى بقوله { تلك الدار الآخرة } التي هي الجنة إذ هي آخر دار يسكنها المتقون فلا يخرجون منها.

نجعلها، هذا هو الخبر عن قوله تلك الدار الآخرة فأخبر تعالى أنه يجعلها مأوى ومسكناً للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً، لا يريدون استطالة على الناس وتعالياً وتكبراً عليهم وبغياً، ولا فساداً بارتكاب المعاصي كالقتل والزنا والسرقة وشرب الخمر، وقوله تعالى: { والعاقبة للمتقين } أي والعاقبة المحمودة في الدارين لأهل الإِيمان والتقوى وهم المؤمنون الذين يتقون مساخط الله عز وجل، وذلك بفعل المأمورات واجتناب المنهيات.

وقوله تعالى: { من جاء } اي يوم القيامة { بالحسنة } وهي الطاعات لله ورسوله { فله } جزاء مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها وقد تُضاعف إلى أكثر بشرط أن لا تكون حسنة أعطيت له من حسنات ظالم في الدنيا فهذه لا تتضاعف. إذ تضاعف الحسنة التي باشرها، كما لا تضاعف حسنة من همَّ بحسنة ولم يعملها فإنها تكتب له حسنة ولا تضاعف لعدم مباشرته إياها وقوله { ومن جاء بالسيئة } أي يوم القيامة. والسيئة أثر معصية الله تعالى ورسوله في نفسه { فلا يجزى } إلا مثلها اي لا تضاعف عليه وذلك لعدالة الله تعالى ورأفته بعباده، وهو معنى قوله تعالى { فلا يجزى الذين عملوا السيئات } من الشرك والمعاصي { إلا ما كانوا يعملون } أي في الدنيا إذ هي دار العمل والآخرة دار الجزاء.


هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- حرمة التكبر والاستطالة على الناس، والعمل بالمعاصي، وأنه الفساد في الأرض.

2- بيان فضل الله ورحمته وعدله بين عباده بمضاعفة الحسنات وعدم مضاعفة السيئات.

3- العاقبة الحسنى وهي الجنة لأهل الإِيمان والتقوى.


{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {85} وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِّلْكَافِرِينَ {86} وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {87} وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {88}}


شرح الكلمات:

{ إن الذي فرض عليك القرآن } : أي الله الذي أنزل عليك القرآن وفرض عليك قراءته والعمل بما فيه وتبليغه.

{ لرادك إلى معاد } أي لمرجعك إلى مكة فاتحاً إذ معاد الرجل بلده الذي يعود إليه.

{ وما كنت ترجو } : أي تأمل أن ينزل عليك القرآن ويوحى به إليك.

{ إلا رحمة من ربك } : لكن برحمة من الله وفضل أنزله عليك.

{ فلا تكونن ظهيراً } : أي فمن شكر هذه النعمة أن لا تكون معيناً للكافرين.

{ ولا يصدنك } : أي لا يصرفنك عن العمل بآيات الله بعد أن شرفك الله بإنزالها عليك.

{ وادع إلى ربك } : أي ادع الناس إلى الإِيمان بالله وعبادته وترك الشرك به.

{ ولا تدع مع الله إلهاً آخر } : أي لا تعبد مع الله إلهاً آخر بدعائه والذبح والنذر له.

{ كل شيء هالك } : أي فانٍ.

{ إلا وجهه } : أي إلا الله سبحانه وتعالى فلا يهلك كما يهلك ما عداه.


معنى الآيات:

تقدم في السياق الكريمة الدعوة إلى أصول الدين الثلاثة: التوحيد، النبوة، البعث والجزاء وهذه خاتمة ذلك في هذه السورة الكريمة فقال تعالى: { إن الذي فرض عليك القرآن } أي أنزله عليك وفرض عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه، { لرادك } اي لمرجعك { إلى معاد } وهو العودة غلى مكة بعد خروجك منها واشتياقك إلى العودة إليها وإلى الجنة بعد وفاتك لأنك دخلتها ليلة عُرج بك إلى السماء وفي هذا تقرير لنبوته صلى الله عليه وسلم بالوحي إليه، وقوله تعالى: { قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين } فإنه تعليم له صلى الله عليه وسلم بما يرد به على المشركين الذين اتهموه بأ،ه ضال في دعوته وخروجه عن دين آبائه وأجداده علَّمه أن يقول لهم ربي أعلم بمن جاء بالهدى وهو أنا، رسول الله، ومن هو في ضلال مبين وهو أنتم أيها المشركون. وقوله { وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب } اي وما كنت يا محمد تأمل أن ينزل عليك القرآن، وذلك قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، وقوله { إلا رحمة من ربك } أي لكن رحمة ربك عليك اقتضت إنزاله عليك لتكون رسول الله للعالمين، وهي نعمة كبيرة وإفضال عظيم فاشكره بما يلي:

(1) { فلا تكونن ظهيراً للكافرين } أي عوناً لهم بحال من الأحوال.

(2) { ولا يصدنك عن ىيات الله بعد إذ أنزلت إليك } فتترك تلاوتها وإِبلاغها والعمل بها.

وفي هذا تقرير للنبوة المحمدية.

(3) { وادع إلى ربك } ادع الناس إلى توحيد ربك والعمل بشرعه.

(4) ولا تكونن من المشركين } أي فتبرَّأُ منهم ولا ترضى بشركهم وادعهم إلى خلافه وهو التوحيد.

(5) { ولا تدع مع الله إلهاً آخر } أي لا تعبد مع الله إلهاً آخر لا بالدعاء ولا بالنذر والذبح ولا بتقديم أيّ قربان أو طاعة لغير الله سبحانه وتعالى، وفي هذا تقرير للتوحيد وقوله { لا إله إلا هو } تقرير للتوحيد بإبطال أن يكون هناك إله مع الله.

وقوله { كل شيء هالك إلا وجهه } يخبر تعالى أن كل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل ذاهب بلا مثوبة عليه. كما أن كل شيء سوى الله عز وجل فإن ولم يبق إلا الله سبحانه وتعالى كقوله { كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإِكرام } { وله الحكم } أي القضاء العادل بين عباده وقوله { وإليه ترجعون } أي بعد الموت للحساب والجزاء يوم بعثكم وحشركم إليه عز وجل، وفي تقرير للبعث والجزاء. والحمد لله أولاً وآخراً.


هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- معجزة القرآن في وقوع الغيب بعد الإِخبار به وذلك حيث عاد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة بعد الخروج منها.

2- مشروعية الملاينة في الجدال والمناظرة أثناء الدعوة باستعمال أسلوب التشكيك.

3- حرمة معاونة الكفار ومناصرتهم لا سيما ضد المؤمنين.

4- وجوب الثبات والصبر على الدعوة حتى نجاحها ببلوغها الناس واستجابتهم لها.

5- تقرير التوحيد والبعث والنبوة المحمدية.

6- فناء كل شيء إلا الله تعالى إلا ما ورد الدليل بعدم فنائه وعُدَّ منهُ ثمانية نظمها بعضهم بقوله: هي العرش والكرسي نار وجنة وعجب وأرواح كذا اللوح والقلم.



تفسير سورة القصص (28) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
تفسير سورة القصص (28)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة القصص
» سورة القصص
» سورة القصص
» سورة القصص
» (28) سورة القصص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: أيســـر التفاســــير-
انتقل الى: