منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 حبــــــــــًا في أمي عائشة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

حبــــــــــًا في أمي عائشة Empty
مُساهمةموضوع: حبــــــــــًا في أمي عائشة   حبــــــــــًا في أمي عائشة Emptyالخميس 28 فبراير 2013, 12:58 am

حبــــــــــًا في أمي عائشة
حبــــــــــًا في أمي عائشة 110
السيد إبراهيم أحمد
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين

إهداء
إلى أمي عائشة .. لعلها ترضى ......
وإلى من سبها أو لعنها .. لعله يرجع..
وإلى من أحبها .. لعله يقتدي .......

الابن المحب
السيد إبراهيم أحمد

’’ الحمد لله الذى منَّ علينا بالإسلام، وجعلنا من أمة خير الآنام صلى الله عليه وسلم، وأمرنا عز وجل باتباعه، وحبه وحب آله، وأزواجه، وذريته، وأرشدنا أن طاعة الله فى طاعة رسوله، ومن دلائل الطاعة، وعلامات المحبة، الاتباع، ومن مظاهر الاتباع، عدم المخالفة؛ وذلك بأن نحب ما يحب الله ورسوله، ونبغض فى الله ما يبغض الله ورسوله.

ولقد أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله عليهم، وأمرنا بالاقتداء بهم، فى أحاديث كثيرة، قال الإمام الطحاوي فى شرحه بعد أن استعرض تلك الأحاديث، مبينًا ما يجب على المسلم اعتقاده فى محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ونحن نحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرط فى حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان".

ويستتبع حبه صلى الله عليه وسلم وتوقيره توقير وبر آله وذريته وأمهات المؤمنين أزواجه الطاهرات، وأمهات المؤمنين: كنية كرَّم بها القرآن الكريم أزواج النبي صلَّى الله عليه وسلم في قوله تعالى: "وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" (الأحزاب: 6)، بهدف تقرير حرمة الزواج بهن بعد مفارقته صلَّى الله عليه وسلم وهو الحكم الوارد في قوله تعالى: "وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُواْ رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا" (الأحزاب: 53).

قال ابن كثير في تفسير الآية: "وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" أي في الحرمة والاحترام والتوقير والإكرام والإعظام.

ولكن لا تجوز الخلوة بهن.

ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وإخواتهن بالإجماع.

وقد أجمع العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم تزوج ودخل بإحدى عشرة امرأة، ماتت اثنتان منهن في حياته صلى الله عليه وسلم وهما خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة، وتوفي صلى الله عليه وسلم عن تسع، وهن: سودةُ بنتُ زمعة، وعائشةُ بنت أبي بكر الصديق، وحفصةُ بنت عمر الفاروق، وأمُ سلمة هندُ بنتُ أبي أمية، وزينبُ بنتُ جحش، وجويريّةُ بنتُ الحارث، وأمُ حبيبة رملةُ بنتُ أبي سفيان، وصفيةُ بنتُ حييٍ بنِ أخطب، وميمونةُ بنتُ الحارث الهلالية رضي الله عنهن وأرضاهن، وهن أفضل النساء وأزكاهن وأطهرهن، كيف لا يكن كذلك، وهن زوجات أفضل الخلق وأطهرهم صلى الله عليه وسلم والله تعالى.

وقد أعانني الله فكتبت عن سيرة أمهاتنا أمهات المؤمنين ضمن كتابي: "نساء فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم"، ولذا فلن أتناول سيرتهن العطرة في هذا الكتاب؛ بينما يكون الحديث فيه قاصر على سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها؛ إذ تجمع عندي ثلاثة فصول من ثلاثة كتب كتبتها بحمد الله في سيرة المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وسيد الخلق أجمعين صلى الله عليه وسلم، تمحورت المادة العلمية في هذه الفصول عن السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وجاء هذا وفقًا لمراد الله، ومن ثم لمجريات البحث العلمي.

ولما اقتضت مشيئة الله فخرج كتاب من هذه الكتب في طبعة ورقية، وهو كتاب: "محمد.. صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوه"، وأنشأتُ مقالات مأخوذة من فصول كتابي: "نساء في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم" والتي تعهدتْ بنشرها "صحيفة حور الالكترونية" ولم يصدر الكتاب بعد، ومازال هناك كتابًا ينتظر الخروج إلى عجلات المطابع وبين طياته فصل طويل عن سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها، آثرتُ أن أجمعهم في كتاب واحد لِما وجدته من فائدة سبقت حين استخدم الأحبة كتابي: "المعجزة المحمدية" في الرد على الشيعة والنصارى ضمن حملة الدفاع عن أمنا رضي الله عنها.

لعل قارئي سيسامحني إذا ما صادف تكرارًا في بعض المواقف -وهو قليل-  بين الفصول الثلاثة؛ فقد بينتُ سبب ذلك، غير أن هناك زيادات أضيفت فكأنما هو كتابٌ جديد.

أرجو الله أن ينتفع به كل مسلم، محب، متبع، غير مبتدع، وغير مجافٍ، وغير قالٍ، فيزيد المقتنع اقتناعًا، ويقرأه صاحب الهوى، فيرده إلى الحق إن لزمته الحجة، وغلبه الصواب.

ولقد سألني أحدهم عن سر كتابتي الكثيرة عن السيدة عائشة، وتعجلي نشر هذا الكتاب قبل صدور كتبي الأخرى؟!! فأجبته: إنه الحب يا أخي، كتبت كل هذا، وسأكتب أكثر منه، حبــًا في أمي عائشة.
السيد إبراهيم أحمد
الفصل الأول
حبــــــــــًا في أمي عائشة 210
الصديقة
الحبيبة بنت الحبيب
وزوج الحبيب

مثلما رأت أمنا سودة بنت زمعة رسول الله في منامها قبل زواجها منه صلى الله عليه وسلم وكان بشارة لها باقترانها منه، رأى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أمنا عائشة ثلاث ليال، وهى رؤيا باتت حبيسة صدره لم يخبر بها أحدًا حتى صديقه أبا بكر والد الفتاة، فلم يصارح إلا عائشة نفسها بعدها بعدة سنوات، وبعد أن أصبحت الرؤيا واقعًا، فقال لها صلى الله عليه وسلم: ’’أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ ثَلاَثَ لَيَالٍ جَاءَنِي بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ فَإِذَا أَنْتِ هِي فَأَقُولُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ’’.

والرسول صلى الله عليها وسلم لم يخبر عائشة بأنه رآها بل أُريها، وهذا لقطع الطريق على من يتصورون أن الرسول صلى الله عليه وسلم رآها يقظة فتمناها، فظهرت في منامه، كلا، بل أريها، والدلالة على ذلك أن الملك أتى بها في سَرَقَةٍ [أي قطعة جيدة من الحرير] لم تكن ظاهرة لرسول الله، وإنما أخبره الملك بأن تلك التي يلفها الحرير ستكون زوجًا لكَ، ولم يعرف الرسول من هيًّ حتى كشف بيده عن وجهها "فَإِذَا أَنْتِ هِيَ" [أي عائشة]، وأما ما قاله صلى الله عليه وسلم: ’’إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ’’ [أي: إن كان ربنا قدّر ذلك فسيكون ما قدّر سبحانه وتعالى]، وهذا ليس شكًا منه صلى الله عليه وسلم، وقد فسر هذا القول أبلغ تفسير الْقَاضِي عياض حين ‏قَالَ: (إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الرُّؤْيَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ, وَقِيلَ تَخْلِيصُ أَحْلَامه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَضْغَاث فَمَعْنَاهَا إِنْ كَانَتْ رُؤْيَا حَقٍّ.

إِنْ كَانَتْ بَعْدَ النُّبُوَّة فَلَهَا ثَلَاثَةُ مَعَانٍ:
أَحَدُهَا أَنَّ الْمُرَاد إِنْ تَكُنْ الرُّؤْيَا عَلَى وَجْهِهَا وَظَاهِرِهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَتَفْسِيرٍ فَسَيُمْضِيهِ اللَّه تَعَالَى وَيُنَجِّزُهُ, فَالشَّكُّ عَائِدٌ إِلَى أَنَّهَا رُؤْيَا عَلَى ظَاهِرهَا أَمْ تَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَصَرْفٍ عَلَى ظَاهِرِهَا.

الثَّانِي أَنَّ الْمُرَاد إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الزَّوْجَة فِي الدُّنْيَا يُمْضِهَا اللَّه, فَالشَّكّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا أَمْ فِي الْجَنَّة.

الثَّالِثُ أَنَّهُ لَمْ يَشُكَّ, وَلَكِنْ أُخْبِرَ عَلَى التَّحْقِيق وَأَتَى بِصُورَةِ الشَّكّ كَمَا قَالَ: أَأَنْتِ أَمْ أُمّ سَالِم؟ وَهُوَ نَوْع مِنْ الْبَدِيع عِنْد أَهْل الْبَلَاغَة يُسَمُّونَهُ تَجَاهُل الْعَارِف, وَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ مَزْج الشَّكّ بِالْيَقِينِ). ‏

دخلت عائشة حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعد وفاة السيدة خديجة، وذلك عندما فاتحته خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون قائلة: يا رسول الله ألا تزوج؟، قال: ’’من؟ ’’، قالت: إن شئت بكرًا وإن شئت ثيبًا، قال:’’فمن البكر؟’’، قالت: ابنة أحب خلق الله عز وجل إليك عائشة بنت أبي بكر.

أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم لها الإذن ببدء مشاورات زواجه من الثيب وقد كانت سودة بنت زمعة، والبكر عائشة ــوهى موضع حديثناــ  فدخلت خولة بيت أبي بكر فقالت: يا أم رومان ماذا أدخل الله عز وجل عليكم من الخير والبركة، قالت: وما ذاك؟، قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، قالت: انتظري أبا بكر حتى يأتي، فجاء أبو بكر فقالت: يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة، قال: وما ذاك؟، قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، قال: وهل تصلح له إنما هي ابنة أخيه؟!، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، قال:’’ارجعي إليه فقولي له أنا أخوك وأنت أخي في الإسلام وابنتك تصلح لي’’، فرجعت فذكرت ذلك له قال: انتظري، وخرج، قالت أم رومان: إن مطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه فوالله ما وعد موعداً قط فأخلفه لأبي بكر، فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي وعنده امرأته أم الفتى فقالت: يا ابن أبي قحافة لعلك مُصب صاحبنا أى ابنها جبيرًا ـ مدخله في دينك الذي أنت عليه إن تزوج إليك، قال أبو بكر للمطعم بن عدي: ما تقول هذه؟!، قال: إنها تقول كذلك، فخرج من عنده وقد أذهب الله عز وجل ما كان في نفسه من عدته التي وعده، فرجع فقال لخولة: ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كان أبو بكر الصديق المصدق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، عالمًا بالأعراف العربية، مثلما يخبرها الرسول تمامًا، ولهذا فلابد أن تراعي تلك التقاليد بأن ينتقل طالب الزواج إلى بيت العروس، أما في غير هذه فقد كان الصديق أول من يلبي نداء محمدًا النبي صلى الله عليه وسلم، كما كان عليه أن يعود إلى من طلب ابنته قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولك أن تعلم لو أن مطعمًا نفذ وعده، لاعتذر الصديق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقبل الرسول هذا بغير غضاضة، ولأنه من العارفين بعاداتهم وتقاليدهم، لم يعترض على فارق السن بين ابنته وصديقه، فقد كان هذا مألوفًا، كما لم يعترض على أن النبي كان متزوجًاً آنذاك، فقد كان هذا أيضاً شائعًا في مجتمعهم.

فهل كان أبو بكر فقيرًا ليزوج ابنته الصغيرة مبكرًا؟!، الوقائع تشهد بأنه كان تاجرًا محسوبًا من أغنياء مكـة المعروفين، بل كان من وجهاء قريش وأشرافهم وأحد رؤسائهم، وذلك أن الشرف في قريش قد انتهى قبل ظهور الإسلام إلى عشرة رهط من عشرة أبطن، وأبو بكر الصديق من بني تيم كان معدودًا من هذا الرهط ، فقد كان إليه أمر الديات والمغارم، فكان إذا حمل شيئًا فسأل فيه قريشًا صدقوه، وامضوا حمالة من نهض معه، وإن احتملها غيره خذلوه.

يتبقى إذن أن أبا بكر كان يريد التخلص من بناته مبكرًا بتزويجهن، والواقع والتاريخ يكذِّبان هذا الطرح، إذ كانت قبيلة بني تميم من القبائل العربية التي تميزت بحسن معاملتها للمرأة، كما أن بيت الصديق كان من أشد بيوت هذه القبائل محبة للنساء وإكرامهن، وتعليمهن حتى القراءة والكتابة، كما تعلمت عائشة كل هذا في صغرها.

كما يتبقى أن أبا بكر لم يصاهر إلا من هو كفء لمصاهرته، ويليق بابنته، إنه جبير بن مطعم بن عدي، ومن هو مطعم هذا؟.. إنه مُطعِم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي شيخ قريش في زمانه، وسـيِّدٌ من سـاداتهم، ورئيس بني نوفل في الجاهليَّة، وقائدهم في حرب الفجار.

‏ ثم لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وتركا عائلتيهما بمكة، فلما استقرا بالمدينة بعث صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وأبا رافع، وبعث أبو بكر عبد الله بن أريقط وكتب إلى عبد الله بن أبي بكر أن يحمل معه أم رومان وأم أبي بكر وعائشة وأسماء ونزل آل النبي صلى الله عليه وسلم‏ عنده، وهو يومئذ يبني المسجد وبيوته، فأدخل سودة بنت زمعة أحد تلك البيوت، وكان يكون عندها، فقال له أبو بكر: (ما يمنعك أن تبني بأهلك؟)، فبني بها صلى الله عليه وسلم.

ويُفهم مما سبق أن الرسول صلى الله عليه وسلم لَمْ يبادر إلى التعجيل بالدخول على عائشة، وإنما الذي طلب هذا أبوها، الذي كان يراها مناسبة وصالحة ومهيأة لأن يبني بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لَمْ تُتْرَك عائشة طيلة سنوات خطبتها هملاً، بل كانت فترة إعداد لها على قدر طاقتها حتى تصبح الزوج اللائق للنبي صلى الله عليه وسلم، كان قدوتها ومعلمها آنذاك الصديق والدها، وكان مشهود له بأنه أعلم الصحابة بكتاب الله تعالى، وأعرفهم بالسنة المطهرة، كما كان من أعلام العرب في النسب، ومن أفصحهم في الخطابة، وكان مع كل هذا عالمًا بتأويل الرؤيا، وكما ورثت عائشة عنه صفاته في الجمال فقد كان قسيمًا وسيمًا فكانت جميلة، بيضاء البشرة، حمراء الشعر، طويلة بعض الشيء، ورثت عن أبيها أيضًا، البديهة الحاضرة، والذكاء الحاد، بالإضافة إلى قدرتها التي لا تبارى على التحصيل، والذاكرة الجيدة التي تبدت في الإحاطة بكل ما يقع حولها.

أهلها هذا كله رضي الله عنها وأرضاها لأن تكون التلميذة النبوية النجيبة في بيت زوجها وأستاذها الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي حفظت عنه الشيء الكثير بالتلقي المباشر، وشهدت نزول الوحي في حجرتها، كما أتيح لها بدالة القرب الحياتي والقلبي من النبي صلى الله عليه وسلم، نقل السنة الفعلية عنه صلى الله عليه وسلم، وسؤاله فيما استشكل عليها فهمه، والاستفسار عما استعجم عليها معرفته، فأضاف لها كل هذا فهم عميق للكتاب الكريم، والسنة المطهرة، أكسبها ملكة لا تبارى في النقد، والتأويل، والاستنباط، أجلسها هذا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم مجلس العالمة، المحدثة، الفقيهة، المفسرة، المفتية، المجتهدة، المستنبطة، حتى غدت حجرتها الطيبة المباركة جامعة للعلوم الإسلامية، تقصدها نساء المؤمنين، كما يقصدها الصحابة الكرام رضوان الله عليها وعليهم جميعًا.
حبــــــــــًا في أمي عائشة 310
نعم، كانت أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها بحق بركة على المسلمين، ولما لا وما نزلت آية التيمم إلا بسببِ يتصل بها، وذلك حين أعارتها أختها أسماء قلادة، فضاعت منها،  فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ليبحثوا عنها، فأدركتهم الصلاة ولم يكن عندهم ماءٌ فصلّوا بغير وضوء، فلما أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ما كان من أمر صلاتهم فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا, فقال أسيد بن الحضير لعائشة: "جزاكِ الله خيراً، فو الله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لكِ منه مخرجاً، وجعل للمسلمين فيه بركة"، ودخل أبو بكر عليها كأنه يستسمحها: "إنك لمباركة نزلت فيك رخصة"، بعدما عاتبها سابقًا: "حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء؟"، وقال ما شاء الله أن يقول, وهو يطعن بيده في خاصرتها، ولا يمنعها من التحرك إلا مكان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذها، وما أن بعثوا البعير الذي كانت عليه عائشة حتى وجدوا العقد تحته.

شهدت خديجة الفترة التأسيسية للدعوة الإسلامية في مرحلتها المكية، وهيأ الله تعالى لعائشة أن تشهد بواكير الدولة الإسلامية الفتية في مرحلتها التأسيسية بالمدينة، ومثلما كانت خديجة حب الرسول الأكبر في مكة، كانت عائشة حب الرسول الأكبر فى المدينة، يشهد لهذا الحب ما رواه عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ؛ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: ’’عَائِشَةُ’’، قُلْتُ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: ’’أَبُوهَا’’ (1).

وهل هناك أبلغ من هذا الحوار الودود الذي دار بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين زوجه عائشة رضي الله عنها التي نقلته لنا حين قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:’’إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً, وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى"، قَالَتْ: فَقُلْتُ وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قَالَ: ’’أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً؛ فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ, وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ’’، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ, وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ(2).

ثم يشهد بهذا أعظم شهادة ما رواه ابن عساكر عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: ’’أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة؟’’، قلت: بلى، قال: ’’فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة’’ (3).

ولئن اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة رضي الله عنها لينقل لها أنه مودعها حيث الرفيق الأعلى، إلا أنه لحبه الكبير لعائشة اختار صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَرَّضَ فِيْ بَيْتِهَا, ليموت بَيْنَ سَحْرِهَا وَنَحْرِهَا رضي الله عنها, ثم يكون َدَفْنُهُ فِيْ بَيْتهَا بِبُقْعَةٍ هِيَ أَفْضَل بِقَاعِ الْأَرْض بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ (4), وقد كان ذلك حين كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ’’أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟’’ اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ (5).

عاشت رضي الله عنها بعد انتقال زوجها الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه قريبًا من خمسين سنة، تحفها في رحلتها تلك ذكرياتها الجميلة معه التي ما فتئت تتذكر وتذكرها عندما يسألها أحدهم أو إحداهن، ومنها، قَالَتْ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالأَثِيلِ عِنْدَ الأَرَاكِ، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ لِحَاجَتِي، فَدَخَلْتُ فِي خِلالِ الأَرَاكِ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا نَحْنُ بِشَخْصٍ رَجُلٍ يَتَخَلَّلُ الأَرَاكَ عَلَى بَعِيرٍ، فَذَهَبْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ حَتَّى نَزَلَ عِنْدِي، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ حَاجَتِي قَالَ: ’’تَعَالَيْ أُسَابِقُكِ’’، فَشَدَدْتُ دِرْعِي عَلَى بَطْنِي، ثُمَّ خَطَطْنَا خَطًّا فَعُجْت عَلَيْهِ فَاسْتَبَقْنَا، فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: ’’هَذِهِ مَكَانُ ذِي الْمَجَازِ’’، وَكَانَ جَاءَ يَوْمًا وَنَحْنُ بِذِي الْمَجَازِ، وَأَنَا جَارِيَةٌ قَدْ بَعَثَنِي أَبِي بِشَيْءٍ، فَقَالَ: ’’أَعْطِنِيهِ’’، فَأَبَيْتُ، فَسَعَيْتُ وَسَعَى عَلَى أَثَرِي فَلَمْ يُدْرِكْنِي).

وكيف لها أن تنسى وقوفه صلى الله عليه وسلم على باب حجرتها ليسترها بردائه وهىَّ تنظر من بين أذنه وعاتقه إلى لعب الأحباش يلعبون بالحراب في المسجد (6)، وهم من وفدوا مسلمين مع جعفر بن أبى طالب من الحبشة آنذاك، وكيف لها أن تنسى فعل الصحابة وهم يتحرون اليوم الذي يكون فيه النبي صلى الله عليه وسلم عندها دون سائر الأيّام ليقدّموا هداياهم وعطاياهم، لعلمهم بمكانة عائشة منه صلى الله عليه.

كما كيف لها أن تنسى أيضاً أيام المحن، وبخاصة محنة "الإفك"، وهي معروفة مشهورة ثابتة في عشر آيات من سورة النور، وفي الأحاديث الصحاح، وهو خبر صحيح مشهور، أغنى اشتهاره عن ذكره، وسنورده مختصرًا: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة معه في غزوة بني المصطلق، وقفل ودنا من المدينة آذن ليلة بالرحيل قامت حين آذنوا بالرحيل فمشت حتى جاوزت الجيش، فلما فرغت من شأنها أقبلت إلى الرحل فلمست صدرها فإذا عقد من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمسته فحبسها ابتغاؤه، فوجدته وانصرفت فلما لم تجد أحدًا، وكانت شابة قليلة اللحم، فرفع الرجال هودجها ولم يشعروا بزوالها منه؛ فلما لم تجد أحدا اضطجعت في مكانها رجاء أن تفتقد فيرجع إليها، فنامت في الموضع ولم يوقظها إلا قول صفوان بن المعطل: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ وذلك أنه كان تخلف وراء الجيش لحفظ الساقة. وقيل: إنها استيقظت لاسترجاعه، ونزل عن ناقته وتنحى عنها حتى ركبت عائشة، وأخذ يقودها حتى بلغ بها الجيش في نحر الظهيرة؛ فوقع أهل الإفك في مقالتهم، وكان الذي يجتمع إليه فيه ويستوشيه ويشعله عبدالله بن أبي بن سلول المنافق، وهو الذي رأى صفوان آخذا بزمام ناقة عائشة فقال: والله ما نجت منه ولا نجا منها، وقال:امرأة نبيكم باتت مع رجل. وكان من قالته حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش.

يقول صاحب الظلال عن تلك المحنة: (لقد كانت معركة خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاضتها الجماعة المسلمة يومذاك، وخاضها الإسلام، معركة ضخمة لعلها أضخم المعارك التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج منها منتصرًا كاظمًا لآلامه الكبار, محتفظًا بوقار نفسه وعظمة قلبه وجميل صبره. فلم تؤثر عنه كلمة واحدة تدل على نفاد صبره وضعف احتماله، والآلام التي تناوشه لعلها أعظم الآلام التي مرت به في حياته، والخطر على الإسلام من تلك الفرية من أشد الأخطار التي تعرض لها في تاريخه).

أما الذى لا يمكنها نسيانه لأنه اشتهر عنها أيضًا هو غيرتها الشديدة على رسول الله صلى الله عليها وسلم، وهو من فرط حبها له، وكان تبريرها له: "وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟"، ولكنها بسبب تلك الغيرة فعلت أمورًا كثيرة، غفرها لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل ذلك الذي رواه البخاري في صحيحه، أنه في يومٍ من الأيّام كان النبي صلى الله عليه وسلم عند عائشة، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بوعاء فيه طعام، فقامت عائشة رضي الله عنها إلى الوعاء فكسرته، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يجمع الطعام وهو يقول: ’’غارت أمكم’’.

كما تتذكر كيف غفر لها صلى الله عليه وسلم ولكن بعد أن عاتبها بل هاجمها مهاجمة شديدة، هو تجاوزها منطقة "خديجة" وقد ظنت عائشة لفرط حبه لها أن خديجة صارت في ذاكرته صلى الله عليه وسلم نسيًا منسيا، الأمر الذي طمأنها هيِّ نفسها على مدى وفاء زوجها لها حتى وأن قضت قبله، فلن يسمح لمن تأتي بعدها أن تتناولها بسوء، وهذا لم يكن غريبًا على أخلاق سيد الخَلق والخُلق، من بعثه الله ليكمل ويتمم مكارم الأخلاق، وهو الذي عُرِفَ عنه الوفاء لكل من قدم له معروفًا حتى قبل تكليفه بالرسالة، فكيف لا يكون وفيًا لزوجة عاشرها كل هذه السنوات، ورأى منها الذرية التي أقرت عينيه من البنين والبنات؟!!

أما الذي لم يغفره لها رسول الله من أمر غيرتها فهيَّ ما تحكيه قائلة: "لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي، انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع، فلم يلبث إلا ريثما ظنّ أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدًا وانتعل رويدًا وفتح الباب فخرج، ثم أجافه [أغلقه] رويدًا، فجعلت درعي في رأسي واختمرت [لبست خمارها] وتقنعتُ إزاري ثم انطلقت على إثره، حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعتُ، فهرول فهرولتُ، فأحضر [الحضر هو العدْو السريع] فأحضرتُ، فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل، فقال: ’’مالك يا عائش.. حشيًا رابية؟’’ [حشيا رابية: هو مرض يسبّب ارتفاع صوت النفس مع تسارعه]، قلت: لاشيء، قال: ’’لتخبريني أو ليخبرنّي اللطيف الخبير’’، قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فأخبرتُهُ فقال: ’’فأنت السواد الذي رأيت أمامى؟’’ قلت: نعم، فلهدني [اللهد: الدفع بجميع الكف في الصدر] في صدري لهدة أوجعتني، ثم قال: ’’أظننت أن يحيف [الحيف: الظلم] الله عليك ورسوله؟’’، قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله؟ قال: ’’نعم’’، قال: ’’فإن جبريل أتاني حين رأيتِ، فناداني فأخفاه منك، فأجبته فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعتِ ثيابك، وظننتُ أن قد رقدتِ، فكرهتُ أن أوقظكِ، وخشيت أن تستوحشي’’ [الوحشة: الخوف من الوحدة]، فقال: (إن ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم)، قلتُ: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: ’’قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون’’(7).

وتذكر كتب السيرة أن السيدة عائشة التي كانت الزوجة الأثيرة عنده صلى الله عليه وسلم وختم حياته في بيتها، لم تجرؤ بعد هذا أن تذكر السيدة خديجة أبدًا.

غير أن من الثابت من فعلها رضي الله عنها وأرضاها أنها لم تكن تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب منها مدة من الزمن حتى تتحين الوقت الذي تصفو نفسه صلى الله عليه وسلم وتطيب فتطلب منه علماً أو دعاء.

كما يحسب لها من ذكائها أنها أرادت أن تغير موضوع المعاتبة بينهما وذلك حين تتبعته إلى البقيع لما رأت تغير وجهه عند غضبه، فسألته كيف تدعو لأهل البقيع؟، فكان من أدبه ورحمته صلى الله عليه وسلم أن أجابها ولم ينهرها -كما يفعل بعض الرجال الغشوم من عصرنا بدعوى الرجولة والكرامة- إيثارًا لتواصل المودة بينهما.

عن السيدة عائشة أنها قالت: لما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلّم طيب نفس قلت: يا رسول الله، ادع الله لي. قال: ’’اللهمّ أغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهَا وَمَا تأخَّرَ، ومَا أَسَرَّتْ ومَا أَعْلَنَت’’. فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ’’أَيَسُرُّكِ دُعَائِي؟’’، فقالت: وما لي لا يسرني دعاؤك؟! فقال: ’’والله إنَّها لَدَعْوَتِي ُلأمَّتِي في كُلِّ صَلاةٍ’’ (8).

نشأت رضي الله عنها في بيت كرم، وتزوجت أكرم أهل الأرض جميعًا صلى الله عليه وسلم ، فصارت مشهورة بالكرم، والجود، والسخاء يشهد بهذا ما ذكره عروة بن الزبير قال: (لقد رأيت عائشة ـرضي الله عنهاـ تقسم سبعين ألفًا, وإنها لترفع جيب درعها. وعنه أيضًا فيما يرويه أبيه قال: (بعث معاوية -رضي الله عنه- إلى عائشة ـرضي الله عنهاـ بمائة ألف, فو الله ما غابت الشمس عن ذلك اليوم حتى فرقتها, قالت مولاة لها: (لو اشتريت لنا من الدراهم بدرهم لحمًا؟), فقالت: (لو قلت قبل أن أفرقها لفعلت).



حبــــــــــًا في أمي عائشة 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 12 أبريل 2021, 2:53 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

حبــــــــــًا في أمي عائشة Empty
مُساهمةموضوع: رد: حبــــــــــًا في أمي عائشة   حبــــــــــًا في أمي عائشة Emptyالخميس 28 فبراير 2013, 1:20 am

عانق الزهد في الدنيا وعلائقها ومباهجها الزائلة، ذلك الكرم في إنفاق الذهب والفضة، هكذا علم الرسول صلى الله عليه وسلم أزواجه وبناته، أن ما عند الله خير وأبقى، ومنهن عائشة رضي الله عنها التي زهدت فى الدنيا التي خيم عليها المُلك العضوض، وسقط فيها الخلفاء الواحد تلو الآخر شهيدًا، فماذا تبقى لها إلا الاشتياق إلى من رحلوا وأغلاهم وأعلاهم عندها الزوج والحبيب صلى الله عليه وسلم، فكانت توصي بأن تدفن مع أزواجه فى البقيع، وتقول مناجية ربها: (يا ليتني كنت شجرة. يا ليتني كنت حجرًا. يا ليتني كنت مُدرة.ياليتنى كنت نسيًا منسيا).

وكانت رضي الله عنها إذا قرأت الآية: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ" تبكي حتى تبل خمارها، إلى أن أدركتها الوفاة رضي الله عنها وأرضاها سنة سبع وخمسين أو ثمان وخمسين للهجرة النبوية، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان بعد وتر تلك الليلة، لتدفن بالبقيع، فيصلى عليها أبو هريرة، وكان يومئذ خليفة مروان على المدينة المنورة في أيام معاوية ابن أبي سفيان, وهى في سن الخامسة أو السادسة والستين من عمرها، وأَمَرَتْ أَنْ تُدْفَنَ مِنْ لَيْلَتِهَا؛ ليشيعها المهاجرون والأنصار فى موكب حزين اعتصر القلوب و العيون.

ولئن طوى الزمن صفحة السيدة عائشة رضى الله عنها مثلها فى ذلك مثل كل البشر، إلا أن صفحتها فى قلوب من أحبوها لم تزل مفتوحة موصولة بها ومعها، يستعيدون سيرتها مع سيرة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ويستذكرونها علمًا فى مجالس العلم، ومحافل الأدب، فقهًا، وشعرًا، و حديثًا، ورأيًا لماحًا، وقولاً نفاذًا فى كل علم، رضيًّ الله عن أمنا الباقية بقاء الدين فى الدنيا وأرضاها وسائر أمهات المؤمنين.


الفصل الثاني


معه في بيت السيدة عائشة


من المعروف أن السيدة خديجة كانت أول زوجة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت تكبره بل قيل أنها كانت كهلة ولو عاشت السيدة آمنة أم النبي نفسه لكانت في سنها أو أسن منها أو لما تجاوزت الأربعين، وهو شاب ممتلئ فتوة ووسامة وقد اختارته لدماثة خلــــــقه وأمانته وعفته وترفعه عن الصغائر والدنايا، وكانت سيدة ًحازمة ًلبيبة.

ولم يتزوج الرسول عليها حتى ماتت، وقد تزوج السيدة عائشة بعدها بأعــــوام وهي البكر الوحيد التي تزوجهــــا صلى الله عليه وسلم، صبيحة مليحة، لم تغر من زوجات الرسول قدر غيرتها من السيدة خديجة، وكانت بعض زوجاته مازلن أحيــاء وَهُنَّ أحق بغيرتها من زوجة سابقة قد أفضت إلي ما قدمت إليه لذكره صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة دائمًا بكل خير واستقباله صاحباتها اللاتي كن يزرنّها في حياتها، مما ضيَّقَ صدر السيدة عائشة ذات مرة فحادثت الرسول غاضبة ًلوفائه لزوجته الأولي رغم وفاتها ومرور هذه الأعوام، قائلة ً: (ما تتذكر من عجـــــــوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر، وأبدلك الله خيراً منها؟!).

وقبل أن أنقل هنا رده صلى الله عليه وسلم نناقش الجو العام حول هذه الزيجة وسر هذا الســـــــــؤال.

لو تعرض أي رجل لمثل هذا الموقف ماذا سيكون رد فعله وجوابه، عندما يتزوج من زوجة تصغره كثيرًا، ذات جمال وملاحة، وهو كبيرُ السن، له زيجة سابقة من امراة تكبره تُوفيتْ من سنين، وهذا هو سراستغراب السيدة عائشة، فليس معنى أنها زوجة نبي أنها صارت نبية، وهي بقدر ما استفادت وتشربت من النور المحمدي والخلق النوراني بدلالة أو دالة القــــرب، بقدر ما هيَ في النهاية امــــراة من البشـر خاطبت في زوجها رجولته وبشريته، ولم تعترض علي أصل من أصــــول العقيدة أوخالفته فيمـــا أوحى الله به إليه..

إذن فغيرتها وسؤالها لا ينتقص منها، ولا ينتقص أيضًا من قدر السيــــدة خديجة رضيَّ الله عنهما، وعائشة واحدةً من البشر ولم تخالف المعايير البشرية في سؤالها وإستنكارها، كما أنها لم تخالف معلومًا من الدين بالضرورة.

إذن لنا أن نتخيل ماذا سيكون جواب رجل مسن مع زوجته الجديدة كما تعودنا أن نطلقه عليها في أيامنا هذه، ونعلم ما للزوجة الجديدة من دلالٍ وتيهٍ وغـرور، فلنخمن ماذا ستكون الإجابة؟، بداهةً ستكون قدحـًا وذمًا في سابقتها، ومدحـًا واسترضاءً لها، ووصفها بصفاتٍ رائعةٍ تكاد تقترب من حد الكمال، بما يضفيه عليها ويعدده من محاسن خلقتها، واعتدال قوامها وحسن أخلاقها، بما يبعث فيها نعرة الغرور فتحس أنها تبز وتفوق كل نساء العالمين السابقــات واللاحقات، الحاضرات منهن والغائبات بطبيعة الحال، وكلنا هذا الرجل!

ولئن خرجت من دائرة التعميم غير العلمي، فأقول: أغلبنا هذا الرجل، وهذا بنظرة واقعية ودون الإتكاء علي احصاءات مسحية إجتماعية وإقتصادية علي شرائح الرجال بحسب مواقعهم الجغرافية في بلدان العالم.

ولن نجد غير الأحاديث المروية لتنقل لنا تصوير حدث استقبال سؤال أمنا عائشة المباغت.

ففي مستدرك الحاكم ومسند أحمد نقلا قول عائشة رضي الله عنها وأرضاها عن موسى بن طلحة: (فتمعر وجهه تمعرًا ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي [والتمعر هو تغير فى الوجه تعلوه صُفرة].

أما فى صحيح مسلم فكان قول عائشة: (فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب).

ولك أن تدرك ماذا سيجيب رجل بمثل هذا الغضب من تغيرٍ في الوجه حتى أنه لعظم غضبه صلى الله عليه وسلم شبهته بما يعتوره من تعب تلقى الوحي.

ولعل سائلٍ يسأل وما الذي أعلم عائشة بتعب تلقي الوحي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تقارن وتصف غضبه به؟!، يجيبك هذا الحديث عن سؤالك.

عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَل رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ’’أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ’’. قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ، وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا).

فلنعد مرة أخرى لسؤال السيدة عائشة، ولنصخ السمع جيدًا لندرك الفارق لرد رسولنا الرد العنيف، زاجرًا إياها بقوله: ’’والله ما أبدلني الله خيراً منها’’ وأخذ يعدد مناقب زوجته السابقة كأحسن ما يناجي الحبيب حبيبه، وهذا علي خلاف المتوقع: ’’آمنت بي حين كفــــر الناس، وصدقتني إذ كـــــذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الولد دون غيرها من النساء’’.

تعقيبًا علي جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومكمن الإعجاز فيه، أن الرسول الكريم فضل الزوجة المسنة المتوفية علي الزوجة الصغيرة المليحة التي مازالت معه حية ترزق، ولم يكتف بهذا صلوات ربي وسلامه عليه بل أخذ يدلل علي سرعظمتها عنده واستحقاقها لهذا الوفاء الصادق نقطة نقطة إلي أن وصل إلي النقطة الفارقة بينهما ألا وهي الإنجاب ليؤلمها بها فلم يقل لها ’’ورزقني منها الولد ولم يرزقني منك’’ بل قالها بشكلٍ ضمني يَفهم سامعه المراد منه ’’دون غيرها من النساء’’ ولا يظن ظان أن حسم إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم، صدرت منه بهذه الحدة الظاهرة عن كرهٍ لزوجته الحالية، ولكن عن حبٍ شديدٍ للسيدة عائشة اعترف به صراحةً ودون مواربة أمام صحابي جليل هو عمرو بن العاص عندما سأله ذات مرة: (مَنْ أحب الناس إليك يا رسول الله؟، فأجابه صلى الله عليه وسلم دون تردد: ’’عائشـــــــة’’.

وهنا يكمن سر الإعجاز المحمدي عندما تكلم عن زوجة سابقة أحبها في حضور زوجة حالية يُكنُ لها الحب أيضا، ولكنه في قرارة نفسه ظلت خديجة عنده سيدة النساء ليس كمثلها إمرأة وإن تكن عائشة بنــــت صديقه الصدوق الصديق أبي بكر الذي أحبه أيضاً، فقد كان صلى الله عليه وسلم يشعـر بالبنوة مع خديجة، ويشعر بحنان الأبوة مع عائشـــــة، فقد كانت السيدة خديجة أماً ترعاه، تمده وتتعهده بالعقل والحنكة، رافقته بدايات رحلة الدعوة الأولى وهو بعد يتلمس الأنصار الأكفاء لدعوته الوليدة، بينما كانت السيدة عائشة بنتاً يدللها ويرعاها، تدخل السرور على قلبه بطرافتها وجمالها وأيضاً ذكائها وعقلها وفطنتها، أكملت مع الرسول صلى الله عليه وسلم خواتيم رحلة الدعوة بعد الجهر والقوة والمنعة، كما صاحبته خواتيم حياته الشريفة نفسها فبين صدرها ونحرها كانت وفاته صلى الله عيه وسلم.

يقول الإمام ابن تيمية (9): (وهؤلاء يقولون: قوله لخديجة: ”ما أبدلني الله بخير منها’’ -إن صح- معناه: ما أبدلني بخير لي منها، لأن خديجة نفعته في أول الإسلام نفعًا لم يقم غيرها فيه مقامها، فكانت خيرًا له من هذا الوجه، فكونها نفعته وقت الحاجة، لكن عائشة صحبته في آخر النبوة وكمال الدين، فحصل لها من العلم والإيمان ما لم يحصل لمن لم يدرك إلا أول زمن النبوة، فكانت أفضل بهذه الزيادة، فإن الأمة انتفعت بها أكثر مما انتفعت بغيرها، وبلغت من العلم ما لم يبلغه غيرها، فخديجة كان خيرها مقصورًا على نفس النبي صلّى الله عليه وسلّم، لم تُبَلِّغ عنه شيئاً، ولم تنتفع بها الأمة كما انتفعوا بعائشة، ولا كان الدين قد كمل حتى تعلمه ويحصل لها من كمال الدين به ما حصل لمن علمه وآمن به بعد كماله، ومعلوم أن من اجتمع هَمُّه على شيء واحد كان أبلغ فيه ممن تفرَّق همُّه في أعمال متنوعة، فخديجة رضي الله تعالى عنها خير له من هذا الوجه).

وفي الجملة، فالكلام في تفضيل عائشة وخديجة ليس هذا موضع استقصائه، لكن المقصود هنا أن أهل السُّنة مُجمعون على تعظيم عائشة ومحبتها، وأن نساء النبى أمهات المؤمنين اللاتي مات صلى الله عليه وسلم عنهنَّ كانت عائشة أحبهنَّ إليه وأعلمهنَّ وأعظمهنَّ حُرمةً عند المسلمين.

يقول العقاد (10) وهو يرصد هذا التقابل المذهل بين الزوجتين: (كان تقابلاً بين الزوجين الفضليين من أعجب ماتأتى به المصادفة بل من أعجب مايأتى به التدبير، وليس هناك تدبير معروف).

وليس العقاد فقط الذى استلفتته تلك المطابقة بين أمهاتنا عائشة وخديجة بل ذكرها ر. ف . بودلي (11):(ليس هناك شك فى أن عائشة وخديجة كان لهما أثرٌ عظيم فى وجود هذه الديانة التى يدين بها اليوم سبع سكان العالم.

[الآن صار المسلمون -بفضل الله- ربع سكان العالم ] (12).

يوضح الدكتورعبد الحليم حفنى سبب غيرة أمنا عائشة من الوجهة النفسية (13): (كانت عائشة تغار من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة، بمعنى أنها الأثيرة عنده والمرجحة، فهى إذن خيرٌ منها، ولكنها ترفض هذه الأولوية لها وتريد أن تكون الأولى دائمًا).

كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يؤاخذها على ما قالت لمعرفته بدوافعها النفسية المشروعة، وأن الغيرة ليست مستنكرة من فاضلات النساء.

غير أن العقاد يصور لنا مشاعر الغيرة عند المرأة مهما كانت؛ فالمرأة هىَّ المرأة، مهما كانت مكانتها، ومهما كان العصر والبيئة التى تعيش فيها، وإنما يَكْمُن التباين بينهن فى التزام الأدب من عدمه، فيقول (14): (والسيدة عائشة مثل من أمثلة الأنوثة الخالدة فى جميع أقوامها وجميع عصورها.

فضلها فى الكتابة عنها أنها تلك الأنوثة التى نلمحها حولنا ونلمحها من قبلنا فى كل أنثى وأنها ترينا النبى فى بيته فترينا الرجل الذى ارتفع بالنبوة إلى عليا مراتب الإنسانية، ولكنه مع هذا هو الرجل فى بيته كما يكون الرجل بين النساء على سنة الفطرة المعهودة من آدم وحواء، وفضلها على الجملة إنك تقرأ من أخلاقها ما تقرأ فلا تزال تقول بعد كل خبر ترويه أو يرويه غيرها : أجل هذه هى الأنثى الخالدة فى كل سمة من سماتها.

هذه هى الأنثى الخالدة فى غيرتها، وهذه هى الأنثى الخالدة فى دلالها، وهذه هى الأنثى الخالدة فى كل ما عُرِفتْ به الأنثى من حب الزينة وحب التدليل والتصغير وحب التطلع وحب المكايدة والمناوشة، ومكاتمة الشعور والتعريض بالقول وهى قادرة على التصريح.

وكل لون من ألوان الغيرة التى تتراءى فى طبيعة المرأة فهو باد فى خبر من أخبار السيدة عائشة، كأوضح مايبدو وأصدق ما يكون فى طباع النساء.

والغيرة فى طبائع النساء ألوان: تغار المرأة على قلب الرجل الذى تحبه ولو شغلته الذكرى ولم تشغله المودة الحاضرة، لأنها تعلم من هذا أنها لم تشغل قلبه كله، وهى تأسى على كل ما يفوتها من شواغل ذلك القلب، ولو لم تكن ثمة منافسة محذورة.

وتغار المرأة من المرأة الجميلة وإن لم تنافسها على رجل تحبه، وتغار من شريكتها فى رجلها كائنًا ما كان حظها من الجمال، وتغار من كل مزية غير الجمال ما كان فيها سبيل إلى الحظوة في القلب الذى تريده لها ولا تطيق المزاحمة عليه.

و"الأنثى الغيرى" في جميع هذه الألوان من الغيرة النسائية ماثلة هنالك فى سيرة عائشة كما روتها وكما رواها غيرها، ما من فارق بينها وبين سائر النساء إلا الأدب الذى ينبغى لها والحق النبوي الذى هي جاهدة جهدها أن توفره وترعاه).

وتذكر كتب السيرة أن السيدة عائشة التي كانت الزوجة الأثيرة عنده صلى الله عليه وسلم وختم حياته في بيتها، لم تجرؤ بعد هذا أن تذكر السيدة خديجة أبدًا.

غير أن من الثابت من فعلها رضي الله عنها وأرضاها أنها لم تكن تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب منها مدة من الزمن حتى تتحين الوقت الذى تصفو نفسه فيه وتطيب فتطلب منه علمًا أو دعاءً، وذلك كما فعلت حين تتبعته إلى البقيع لَمَّا رأت تغير وجههه عند غضبه عندما صارحته بتتبعها له، فسألته كيف تدعو لأهل البقيع، فكان من أدبه ورحمته صلى الله عليه وسلم أن أجابها ولم ينهرها -كما يفعل بعض الرجال الغشوم من عصرنا بدعوى الرجولة والكرامة- إيثارًا لتواصل المودة بينهما.

-عن السيدة عائشة أنها قالت: لما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلّم طيب نفس قلت: يا رسول الله، ادع الله لي، قال: ’’اللهمّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهَا وَمَا تأخَّرَ، ومَا أَسَرَّتْ ومَا أَعْلَنَت’’، فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ’’أَيَسُرُّكِ دُعَائِي؟’’ فقالت: وما لي لا يسرني دعاؤك؟! فقال: ’’والله إنَّها لَدَعْوَتِي ُلامَّتِي في كُلِّ صَلاة’’ (15).

هذا الموقف الذى مر بين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبين أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها وأرضاها لم يلفت نظري وحدي بل لفت أنظار كثير ممن تناولوا سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم سواء من العرب أو من غيرهم، فها هو توماس كارليل يقول (16) منبهرًا بصدق ووفاء الرسول صلى الله عليه وسلم لزوجته السابقة المتوفاة: (كان وفاؤه وفاءً لا تحده حدود، إنه لم ينس أبدًا زوجته الطيبة الكريمة الأخلاق خديجة، وبعد وفاة زوجته أم المؤمنين خديجة بوقت طويل، سألته زوجته الشابة، وهى امرأة كانت تشعر بمكانتها المتميزة بين نساء النبي، وسألته يومًا قائلة له: "ألستُ أنا الآن أفضل من خديجة؟، لقد كانت أرملة تقدم بها العمر، وكانت قد فقدت رونق شبابها، ألست تحبني أنا أكثر مما كنت تحبها؟"، فقال لها: ’’لا، والله لقد آمنت بى إذ كفر بي الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقت منها الولد وحُرِمتموه مني’’.

يعلق أحمد ديدات على هذا الموقف: (إن هذا الإطراء لا ضرر فيه لأي شخص على قيد الحياة حتى روح أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها ربما كانت تسامح مثل هذا الإطراء، ولا يوجد أى خداع فى مثل هذه الأكذوبة البيضاء فى حالة حدوثها، ولكن الحادثة قد وقعت بالفعل تدل على عبقرية هذا الرجل العظيم، والنبي الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم لكى تتجلى واضحة المعالم تلمحها كل العيون لكل البشر بعد أربعة عشر قرناً من حدوثها،إنه الصدق، إنه الاعتراف بالجميل).

ليس في الأمر عبقرية من الرسول صلى الله عليه وسلم بقدر ما هو الصدق وقولة الحق عن شخص يستحق هذا الحق بغض النظر عن كونه حيًا أو ميتًا غائبًا أم حاضرًا، فالمباديء لا تتجزأ ولقد كان صلى الله عليه وسلم من أصحاب المباديء وجاء ليعلم أمته ويرسخ فيها قيم العدل والإنصاف والعرفان بالجميل، وهو درس فى الوفاء والقصاص من الحي للميت، ليتعلم منه نهازوا الفرص فيكفوا عن الإنتهازية والنفاق وبيع المباديء والذمم من أجل منافع وقتية زائلة، فصلى الله عليه وسلم وأكرم به من بشر ومن رسول مازلنا نمضي على طريق هداه نتلمس خطاه عسانا نصل، وسنصل بعون الله.

يجب علي القاريء رجلاً كان أو امرأة أن يضع نفسه أو تضع نفسها في إحدى طرفي المحاورة الزوجية التي سقناها ويري أو ترى أكان سيتصرف أو تتصرف بمثل الذي حدث؟!!

وأسبق بالإجابة عن يقين: لا أعتقد، ومن هنا تتبدى أمام أعيننا نور تلك المعجزة المحمدية، ولمن تشكك.. فليجرب.


الفصـل الثــالث

أُمُنّا الحائرة بين سب الشيعة، وشبهات النصارى


أُمُنَّا المُبرَّأةُ من فوق سبع سماوات

الطعنات المسمومة

شُبــــــــــهاتٌ مردودٌ عليـــــــــــها

عقــــــــوق بعض الشــــــــــــــيعة

عالمة الأمــــة.. عاليــــــــــة الهمة


أُمُنَّا المُبرَّأةُ من فوق سبع سماوات

أمنا من قبل أمهاتنا، الصديقة بنت الصديق، أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلى قلبه، والتى جاء أمر زواجها بالنبي فى رؤيا رأها صلى الله عليه وسلم مرتين، وسمعتها من فمه الطاهر الصادق المعطر بعطر السماء زوجته البكر بالعذرية وبالقلب والعاطفة والوجدان، فقال لها صلى الله عليه وسلم:’’ أُريتـُك فى المنام مرتين، ورجل يحملك فى سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك، فأقول: إن كان هذا من عند الله -عز وجل- يُمّضِهِ’’.

[ أخرجاه فى الصحيحين ]، أى فى أصح كتابين بعد كتاب الله، الذى لم يغفل هو أيضاً ذكرها فيه بقرآنٍ يُتعبد بتلاوته إلى قيام الساعة.

ولما جاءته صلى الله عليه وسلم فاطمة ابنته وحبيبته وأكرم الناس عليه موفدة إليه تطالبه العدل على لسان زوجاته، نظر إليها بحنان الأب المشفق عليها من ثقل إتهامها لأبيها العادل -فمن يعدل إن لم يعدل محمد!- فما لبث إلا أن أمرها بحب عائشة الذى جاء مشروطًا منه بتساؤل دافيء يعلم إجابته منها، فقال صلى الله عليه وسلم: ’’أى بُنيّة ألستِ تحبين ما أحب؟’’، فقالت: بلى، قال: ’’فأحبي هذه’’ [يقصد عائشة].

وفهمت فاطمة رضي الله عنها الرسالة، فعندما يقرن حب فاطمة بما يحبه صلى الله عليه وسلم، يأمرها بحنو أن تحب عائشة لأن هذا مايحبه فلزمها أن تحب ما أحب رسول الله طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

ولقد وقع حب عائشة فى قلب فاطمة من لحظتها، فبعد خروجها يسألنها أمهاتنا رضي الله عنهن زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم، فتجيبهن بما دا، فقلن لها: (ما أغنيتِ عنّا من شىء فارجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم)، فرفضت فاطمة وهى تقسم: (والله ما أكلمه فيها أبدًا).

أمُنّا عائشة التى نزل الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم في لحافها، ولم ينزل عليه وهو مع غيرها من زوجاته الطاهرات، بل يُعْرِض عن أم سلمة ثلاثًا وهى تذكر له عائشة، فلمَّا أعرض عنها الثالثة ذكرت له ذلك مرة أخرى، فقال: ’’يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما أنزل علىَّ الوحْيُ وأنا فى لحاف امْرَأَةٍ منْكُنَّ غَيْرهَا’’ (17)، وخافت أم سلمة على نفسها من مخالفته وإيذائه صلى الله عليه وسلم فقالت إعتذارًا ومحبةً وتوبة: (أتوبُ إلى الله من أذاك يا رسول الله).

وليعقل كلُ ذى لُب يفهم كلمة "تؤذينى"؛ فالشيعي الذي تجرأ ويتجرأ على أمه وجاوز الحد، وركب موجة الشطط، أو من أهل السنة ممن ركب عجلة التنوير وساقه الجهل والرعونة، فليعلم أن هذا يؤذي سيده ونبيه وإمامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذى كان يؤذيه أن يسمع عن عائشة من إحدى زوجاته، وهذه أمٌ للمؤمنين وتلك أُمٍ مثلها، فما بالك ببعض المارقين من أتباعه، الخارجين عن حد اللياقة والأدب.

أُمُنّا عائشة رضى الله عنها وأرضاها التى رأت جبريل مرتين، مرة لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ودخل المغتسل فجاءه جبريل فقال: أو قد وضعتم السلاح ؟ ماوضعنا أسلحتنا بعدُ، انهدْ إلى بنى قريظة، فقالت عائشة: كأنى أنظر إلى جبريل من خلل الباب قد عصب رأسه الغبارُ. وأما الثانية فعن أبي سلمة قال: قالت عائشة: (رأيتُ النبى واضعًا يديه على معْرفة فرس دِحْية الكلبى وهو يكلمه قالت: قلت: يارسول الله رأيتك واضعاً يدك على معرفة فرس دحية الكلبى وأنت تكلمه، قال: ’’ذاك جبريل وهو يقرئكِ السلام’’، قلت: وعليه السلام جزاهُ الله من صاحب، ودخيلِ خير ٍ، فنعم الصاحب ونعم الدخيل).

أُمُنّا الطاهرة الشريفة من إفكٍ تناقلته الأفواه حين وقوعه، ومازالت أنجس الأفواه، وأكذب البرايا، تلوكه ألسنتها ، ممن لادين لهم ولاعلم ولا خلاق، سواءٌ ممن كانوا على الملة، أو من أصحاب الملل الأخرى.

لقد جاءت براءتها رضي الله عنها من السماء بعد انقطاع من الوحي دام شهرًا، ليقف هذا دليلاً على أن الوحي لم يكن من عند رسول الله صناعة بشرية بل هو من عند الله، فلو كان ذلك كذلك لاصطنع براءئها وهىَّ الحبيبة إلى قلبه، ولفوت الفرصة على شرذمة المنافقين، ولرحم المؤمنين المشفقين عليه، ولرحم نفسه بالأولى من عذابٍ مقيم، بل كان صلى الله عليه وسلم يتعامل معها آنذاك ببشرية الزوج لابعلم الرسول؛ إذ قال لها: ’’أما بعدُ ياعائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنتِ بريئة فسيُبَرْئك الله، وإن كنتِ قد هممتِ أو ألممتِ بذنبٍ فاستغفرى الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه’’، فهذه ثلاث خيارات لزوج لايعلم عن الموقف أكثر مما يعرفه عامة الناس، إما براءتها من الله، أو اعترافها بالذنب، ثم استغفارها عنه بالتوبة إن كانت قد ارتكبته.

لقد كان لسيدتنا عائشة من الأدب مع رسول الله الزوج الذى يجابهها بخيارات من الصعوبة بمكان على نفسها وقلبها الذى يعد مضرب الأمثال، فلم تطالبه بأن يبحث هو عن الدليل مادام نبيًا أو جاهرت له بالقول بأن عليه أن ينتظر خبر السماء وستقيم هانئة فى بيت أبيها حتى تظهر براءتها التى لاتشك أنها آتية لأنها لم ترتكب ذلك الصنيع الشائن، وإذ بالطاهرة، الحيية العفيفة تقول له ودمعها يغالبها وعذاباتها تَحُشُها حشا، وحالها الذى لايسمح لها بأكثر من تصديقه أو تكذيبه لما تقول، ولكنها تجأر بشكواها والتياعها إلى الله من ظلمٍ حاق بها، وذنب لم تفعله، ولم تفكر فيه، ولادار بخلدها: (بلى إني واللهِ قد عرفتُ أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر فى أنفسكم وَصدَّقْتُمْ به، ولئن قلتُ لكم أنى بريئة والله يعلمُ أنى بريئة لاتصدقوني، وإن اعترفت لكم بأمرٍ والله يعلم أني منه بريئة تصدقوني، وإني والله لاأجد لي ولكم إلا كما قال أبو يوسف: ? فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ?) (18).

ولينظر اللبيب إلى حسن تمثلها رغم مصابها، فقد تمثلت سيدنا يعقوب عليه السلام فى محنة فقد ابنه الحبيب إليه، والناس فى المحن تتأسى ببلايا وأرزاء من أصيبوا بأكبر من مصابهم للتعزية والتصبر ومواساةٍ لنفوسهم المظلومة المكلومة، ولتشد من أزرها، وتتقوى بهذا على حالها، ويتنزل قرآن ربي بعد حين لِيعُلِنْ براءتها من فوق سبع سماوات، فلا تصرخ مزهوة ولا تخرج على الملأِ الظالم لتكيل لهم الصاع صاعين، ولكنها بكل تواضع المؤمن الصابر المحتسب الشاكر، تقول: (والله ماكنتُ أظن أن يٌنَّزَل فى شأني وَحْيٌ يُتلى، ولشأني كان أحقر فى نفسي من أن يتكلم الله فيَّ بأمرٍ يتلى)، وكانت غايتها رضي الله عنها وأرضاها وأقصى ما تتمناه على الله أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم :(فى النوم رؤيا يبرئني الله عز وجل بها).

قال ابن كثير: (فغار الله لها، وأنزل براءتها فى عشر آياتٍ تتلى على الزمان، فسما ذكرها، وعلا شأنها، لتسمع عفافها وهىَّ فى صباها، فشهد الله لها بأنها من الطيبات، ووعدها بمغفرةٍ ورزقٍ كريم).

ولقد كانت أُمُنّا السيدة زينب بنت جحش من السابقات التى برأْنَّها عند رسول الله برغم المنافسة بينهما على الفوز والاستئثار بحبه صلى الله عليه وسلم، ولم تهتبلها زينب فرصةٌ سانحة للدس عنده صلى الله عليه وسلم، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما حدثها في أمرعائشة: (يارسول الله صلى الله عليه وسلم أحمي سمعي وبصري، والله ماعلمتُ إلا خيرًا)، فقالت عائشة قولة الأخت المؤمنة فى أختها المؤمنة: (فعصمها الله تعالى عني بالورع).

وقد استنبط أهل العلم من حديث الإفك فوائد كثيرة، ذكر منها الإمام النووي فى شرحه لصحيح مسلم أربعًا وخمسين فائدة، كانت خيرًا وتيسيرًا على المسلمين.

هذه الحادثة التي مازالت تلوكها بعض ألسنة أهل الكتاب، وقلوب وأقلام وألسنة بعض أدعياء العلم من أبناء ديننا وجلدتنا، ولو أُتُهِمت أم أحدهم بما ينسبونه إليها من ذلك الذى يسودون به صفحاتهم من ألفاظٍ يئن اللسان بنطقها، لهاج وماج ودفع حياته -ربما- ثمنًا للدفاع عن شرفه وعرض أمه، فما بالنا بأم المؤمنين جميعًا التى هىَّ أشرف من أشرف شريفة على الأرض منذ مماتها وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ فهىَّ أمُنّا التى أحبها نبينا ولم يكن يحب إلا طيبًا، تلك التي سمت على النساء بفضائلها وجميل عشرتها.

فعن أبى موسى الأشعرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’كَمُلَ من الرجال كثيرٌ ولم يَكْمٌلْ من النّساءِ إلا مريم بنتُ عمران وآسية امرأةُ فرعون، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام’’ (19).

وجاء في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني بسندٍ صحيح .

عن مسروق [مسروق بن الأجدع ممن روى عن السيدة عائشة]، أنه كان إذا حدَّث عنها، قال: (حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب الله المبرأة فلم أكذبها).

وفي رواية أخرى، قال: (حدَّثتنِي الصِّدِّيقةُ بنتُ الصِّدِّيق، حبيبةُ حبيبِ الله، المُبرَّأةُ من فوق سبع سماوات، فلَم أكذبها).


الطعنات المسمومة

كانت عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم فى حياته داخل جدران بيته مع أسرته كما كانت خارج بيته، لقد صدق فولتير(20) حين قال فى كلمته المشهورة :(إن الرجل لايكون عظيمًا فى داخل بيته، ولابطلاً فى أسرته ذلك لأن المعايشين له يرقبونه عن قرب، ويعلمون تصرفاته الظاهرة، ويسمعون ويتسمعون لدواخله الباطنة، فلا يشهدون له لا بالإعجاز ولا البطولة)، إلا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ويشهد بهذا باسورت سميث (21): (إن ماقيل عن العظماء في مباذلهم لايصح ـ على الأقل ـ فى محمد رسول الإسلام، فلم يُمْتحن رسول من الرسل أصحابه كما امتحن محمد أصحابه، فأول من آمن به أهله : زوجته وغلامه وابن عمه، وأعظم الناس لايأذن لزوجة واحدة بأن تحدث الناس عن أحواله)، فما بالك برجل ٍ له تسع زوجات، ولم يصدر إليهم أمرًا ديكتاتورياً كهذا بل أذن لهم بأن يحدثنَّ أصحابه لا بكل الأحوال المعروفة نهارًا فقط، بل بالمخبؤ عنهم تلفه خلوات الليل، فكل علماء الحديث يعرضون كل ما يتعلق بالنبى صحيحًا أم سقيمًا، حقاً أو باطلاً ، ثم نقلوا إلى المسلمين جيلاً بعد جيل كل أحوال رسولهم، مما يظن الذين يثيرون الشبهات حولها أنهم قد وقعوا على كنز ٍ دفين، ليخرجوا من مخبؤاته كل فترة مايلوث سمعته صلى الله عليه وسلم من غمز ٍ له فى زواجه أو أزواجه الطاهرات، وكأنهم أفذاذ فى ميدان البحث العلمي والتأريخ الرصين واستكناه الأسرار، واستخراج الشبهات، ولو تحروا العظمة فى أوج قمتها، لوجدوا أن هذا إنجاز لصاحب الرسالة يحسب له لاعليه، ولكنها الأحقاد تملأ السطور وسخائم الصدور، وذلك من باب رمتني بدائها وانسلت، ولو مارس الصحابة الإنتقائية بحسب وجهة نظرهم فيثبتوا ويحذفوا ماشاءوا كما فعل غيرهم لما وجدوا الذى يتصورونه شبهة فنحن نعترف بكون رسولنا صلى الله عليه وسلم بشر، ولم نرفعه لمصاف الآلهة فنخفي أفعاله الإنسانية ونبررها بتبريرات خائبة لاتنطلي على عاقل.

تقول جورجيا هاركنس (22): (لانعرف عنه ـ أى يسوع ـ شيئًا حتى بدأ خدمته وهو فى حوالي الثلاثين من عمره، وكنا نود لو أن كُتَّاب البشائر أخبرونا عن حياة يسوع المبكرة أكثر مما لدينا، ولكنهم سجلوا فقط ما اعتبروه فى نظرهم أكثر أهمية من غيره..!!)

ومنذ متى عرف التاريخ كتبًا مقدسة يُتعبد بها تُكتَب بالهوى ووجهات النظر، ولهذا تنفى جورجيا أن الكتاب المقدس ليس بالضبط كلام الله الذى تكلم به مباشرةً إليهم، ولاتنفي العصمة عن كتاب البشائر ، فتقول :(ويظهر من هذه النظرة العاجلة عن كيفية كتابة أجزاء الكتاب المقدس المختلفة أنه لايمكن القول إن الله تكلم به مباشرةً، ودوَّنه الذين كتبوه بتدقيق معصوم من الخطأ. ويعتقد بعض المسيحيين أنه وحيٌ حرفي، وأن أية دراسة تاريخية أو حرفية تسلب الكتاب المقدس أي ادَّعاء بالوحي الإلهي!)، ثم تخرج عن حيادها العلمي لتعود لتلك التبريرات الدفاعية التى لاتقنع صبي ناهيك عن مؤمن من ديانة أخرى، فتقول : (ويُسَمِي المسيحيون الكتاب بالكتاب المقدس وذلك لا لأنه يخلو من النقصات، ولكن بغض النظر عن وجودها، لأن قداسة الله تشرق فيه!)، وفى موضع أخر تعترف المؤلفة بكون يسوع كان إنسانًا ولكن المسيحيين هم الذين حولوه بأهوائهم لإله، فتقول : (ولايشك أحد أن يسوع كان إنساناً، ولكن المسيحيين يرون فى يسوع أكثر من عبقري أونبي أو قديس!!).

بعد ماتقدم كان الأجدر بمن يلطخون تاريخ وعقائد غيرهم الناصعة الصادقة بجلاء، أن يبيضوا صحائف وتاريخ عقائدهم المكذوبة والمحرفة باعتراف عقلائهم، والتي دوّنَّها البشر ولعنتها السماء ألف مرة لأنها مدسوسة عليها، ولم تتنزل حتى من سحابها كمطرٍ أسود، فما بالك بمن هو أعلى وأقدس؟

يقول الشيخ محمد الغزالي (23): (ولمن شاء أن يقنع نفسه بهذه النقائض وأن يفني عمره فى خدمتها أما أن يجيء إلينا نحن المسلمين ليلوينا بالختل أو بالعنف عن عقيدتنا الواضحة ويحاول الطعن فيها فهذه هى السماجة القصوى).

ومع هذا فيخرج علينا بعض النصارى بين الحين والآخر بالتشكيك فى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التى تجمعها كتب الصحاح المعتبرة، أى الأحاديث الصحيحة دومًا، وينجرف فى تيارهم بعض العلمانيين تارة والشيعة دومًا، والقرآنيون مذهبهم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سنته المطهرة فمعروف سلفًا وهو إنكارها جملة ودون مواربة، بل حتى الملاحدة الذين نفضوا أيديهم من الدين كلية ً لايسكتون عن تناوله، وكان الأولى بهم أن يريحونا ويريحوا أنفسهم بالصمت المخزي المطبق، إذا بهم يريدون أن ينقذونا من إيماننا الساذج إلى كفرهم العبقري فيتهجمون على الدين والرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته أمهات المؤمنين المؤمنات الطاهرات ومن ثم الصحابة رضوان الله عليهم بالتبعية.

يتباكى "القرآني" كيف تروي عائشة أحداث تمت بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لماذا تصف كيف كان يباشر نسائه أثناء حيضهن؟!، ويصرخ: (ألا نخجل من أنفسنا؟، ماذا نريد أن نثبت من هذا الحديث؟ هل نريد أن نثبت أن أم المؤمنين عائشة تريد أن تثقفنا جنسياً؟!)، وأخذ يهذي بكلام لاعلم له به، ويواصل بجاحاته (هل كان الرسول لايستطيع أن يتحكم فى شهوته لعدة أيام؟، هل كان عمل أمنا عائشة بعد وفاة الرسول هو فضح العلاقة الزوجية بينها وبين رسولنا الكريم ؟،هل يرضى رجل أن تصرح زوجته بأسرارهما الجنسية؟)، ثم يهديء الرجل من روعنا قائلاً : (أنه لايصدق أن أم المؤمنين تفعل ذلك) ـ ونحن أيضًا لانصدق ـ ولكن الرجل لايجد أمامه سوى البخاري ليصب عليه جام غضبه فيقول : (ولكن البخاري ـ جازاه الله ـ هو الذى أورده فى صحيحه، وصحيح البخاري ـ بزعمه ـ ليس من أصول الإسلام، ونستطيع أن ننقي مافيه بما لايتفق لا مع العقل والمنطق والأخلاق العامة)، ولم لا فالرجل من مؤسسي أهل القرآن، والقرآن الكريم يتبرأ منه وممن تبعوه.

سنحت الفرصة وإذا بالشيعي صالح الورداني (24) وينكر هو الآخر أحاديث الوحي فى بيت عائشة، ودافعه فى دفاعه ـ كما نظن ـ عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن هذه الأحاديث المروية عنها فى شأن حياتها الزوجية مع الرسول صلى الله عليه وسلم صورته بأنه رجل لاهم له سوى النساء، وكأن النساء هُنَّ عائشة وعائشة هيَّ النساء .. ويضيف مدافعًا بخبث عن أم المؤمنين : (إن العقل لايقبل أن هناك امرأة تتحدث عن علاقتها بزوجها بمثل هذه الطريقة الفاضحة فضلاً عن نبي.. فلابد أن تكون هذه الأحاديث قد دُسّت عليها، أو أن عائشة نفسها هى التى وضعتها على الرسول صلى الله عليه وسلم لكي توهم من حولها أنها كانت مرغوب فيها من الرسول دومًا)، ويباغتها بسؤال لو كان الأمر كذلك فلما تزوج عليها؟، وفى النهاية يرفض مثل هذه الأحاديث، بل ويطالب بتنقية التراث منها(25).

وينضم إلى القافلة المأفونة ملحد كتب مايسمى : "مقالات هامة فى نقد دين الإسلام"، هو من سماها هامة ولا ندرى ما مدى أهميتها؟!، ويتساءل الملحد الغافل: (ألم يكن حريًّا بعائشة أن تحفظ ماء وجه الرسول وتكتم هذه الفضائح؟!). ولأن أهل الكفر ملة واحدة فأنت لن تعدم فى هذا المشهد وكل مشهد تحاك فيه الدسائس للإسلام من أن تجد القرآني مع الملحد مع الشيعي مع النصراني، فهاهو أحد النصارى يتساءل بدهشة الأبله: (ماهيَّ حاجة المسلمين لأن يعرفوا كيف كان يتطهرأو يباشرأو يأكل أو يشرب نبيهم؟!)، وينعي عليهم اهتمامهم الزائد بتدوين كل شىء عنه حتى يثبتوا أنه بشر ويتفاخر بأن المدونين البوذيين والمسيحيين كان تركيزهم على التعاليم والحكم التى وعظ المسيح والبوذا بها.

أما عن سر اهتمامنا كمسلمين بتدوين كل شيء عن رسولنا الكريم لأن محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده الذى جمع العظمة من أطرافها، وما من أحد إلا كانت له نواحٍ يحرص على سترها وكتمانها، كنواحي تتصل بشهواته، بأسرته، وتدل على ضعفه وشذوذه.

محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده الذى كشف حياته للناس فكانت كتابًا مفتوحًا ليس عنده صفحات مطوية، ولا سطور ٍ مطموسة، بل حياته كتاب ُ يقرأ فيه من شاء ماشاء، فهو وحده الذى أذن لإصحابه أن يذيعوا عنه كل مايكون منه، بل يبلغوه لكل الناس، فرووا كل مارأوا من أحواله فى ساعات الصفاء، وفى ساعات الضعف البشري وهي ساعة الغضب والرغبة، والانفعال، وروى نساؤه كلهنَّ ـ وليست عائشة وحدها ـ كل ماكان بينه وبينهن، ولذلك كانت أمنا عائشة تعلن فى حياته وبإذنه أوضاعه فى بيته وأحواله مع أهله، لأن فعله وقوله وحركاته وسكناته صلى الله عليه وسلم دينٌ وتشريع، نعم.. أقولها للجاهل"القرآني" وللمتباهي "النصراني" وللمتغابي"الشيعي" وللمتجافي"الملحد":

أفعال نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ليست ثرثرة نساء، أوتفاهات يجمعها رجال لحشو الكتب والعقول، فلقد روى الرواة عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في كل شيء حتى ما يكون فى حالات الضرورة البشرية؛ فعرفنا كيف يأكل، وكيف يلبس، وكيف ينام، وكيف يقضي حاجته، وكيف يتنظف من آثارها، لأننا من باب الأدب مع رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم واجبٌ علينا: طاعته، واقتفاء أَثَرِه، وترسُم خطاه فى كل أمور الدين والدنيا، وإحياء سنته وإظهار شريعته، وإبلاغ دعوته، وإنفاذ وصاياه، وأمام كل مسلم بعد أن يعرف عقيدته، بابُ كامل اسمه "باب الآداب" يتعرف منه على الأدب مع الله عز وجل ومع كتابه الكريم، ورسوله الخاتم، والأدب مع النفس والخَلْق، والأدب مع الخلق يشمل الوالدين والزوجين والأقارب والجيران والمسلم والكافر والحيوان، وكذلك آداب الجلوس والأكل والشرب والضيافة والسفر واللباس وخصال الفطرة وآداب النوم حتى قبل أن يتعلم عباداته ومعاملاته، والتدوين هام جدًا فى التأسي بما كان يفعل ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لايجازف المسلم فيُدْخِلْ على دين الله مالم يشرع الله أو رسوله فَيُكتَبْ عند الله كذابًا مبتدعًا فيتبوأ مقعده من النار والعياذ بالله.

تقول الدكتورة عائشة عبد الرحمن (26): (وهل عرفت الدنيا ابن أنثى قبل محمد أو بعده ، يغدو سلوكه اليومى ـ كما يقول هوجارت ـ سواء فى الأمور الخطيرة أو الأمور البسيطة، القانون الذى يرعاه الملايين من أتباعه بكل دقة، ويقلدونه عن يقين وإيمان إلى أيامنا هذه؟... كلا، ولم يحدث أن أُعْتُبٍرَ شخص واحد، فى أية طائفة من طوائف الجنس البشرى، المثل الكامل للإنسان، فَقُلِدتْ أفعاله بتمام الدقة، كما حدث لمحمد بن عبدالله).

فمسلم اليوم يعبد الله ويتأسى بنفس أقوال وأفعال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مثلما كان يتعبد ويتأسى المسلم الأول منذ أن فرض الله عز وجل على أمة الإسلام عباداتها بفرائضها وسننها وشروط صحتها وأركانها فلا يتعبد مسلمان بطريقة مختلفة وهما يؤديان صلاة الظهر مثلاً، لا فى عدد ركعاتها أو شكل التعبد بها ولذلك فنحن ليس لنا الحرية فى أن نتعبد بكيفيات من عندنا أو استيرادها من مللٍ أخرى وإلا ابتدعنا وأدخلنا فى دين الله ما ليس منه فنكون قد كذبنا على الله ورسوله، وهذا عند غيرنا مباح.

يقول ابراهيم فارس (27):(لم يقدم المسيح قوانين وتشريعات عن طريق العبادة معًا، ولا عن أسلوب الصلاة. لكنه اكتفى بتقديم صلاة نموذجية ولم يحدد عدد الصلوات ولاطولها ولاكلماتها، لأنه أراد بها انطلاقًا فى الحديث مع الآب السماوي، وقد أراد المسيح لجماعة المؤمنين أن يتشاركوا فى ماعندهم من بركات مادية، وأن يعبّروا عن نفوسهم بحريّة أثناء العبادة بما يتناسب مع بيئتهم وحضارتهم. لذا تجد جماعة من المؤمنين تصلّي وترنم مع قْرع الطبول، فيما يُفضِلْ سواهم الصلاة الهادئة وفرض التأمل الصامت، ولاتعتبر طريقة واحدة أفضل من سواها.

إنَّما يكفي أن يجد الانسان حريته فى التعبيرعن محبة قلبه لله... ويظن بعض الناس أنه لما كان بعض المؤمنين يصلّون فى بلدٍ ما بطريقة معيّنة، وجَبَ على جميع المؤمنين فى البلدان كلّها أن يتبعوا الطريقة ذاتها. ولقد أدَّى هذا إلى أن يستورد بعض المؤمنين طرائق عبادة من أماكن أخرى).

لاأجد تعليقًا غير الحمد لله على نعمة العبودية، وأن إلهنا لم يمنحنا تلك الحرية لنعبده بما شئنا لا بما شاء، ولعل من لم يفهم يكون قد فهم أن ديننا موثق بكتاب إلهي وأقوال وأفعال رسول من البشر لا تحتمل المخالفة أو الإستغناء عن بعضها أو الإنتقائية أو الحرية فى التعبد أو الإقتباس ولا الإستيراد، فديننا نعمةُ تامة، وشريعةُ كاملة، أراده الله لنا وارتضاه لنا دينًا ونحن قبلناه، وبرئنا من كل دينٍ يخالف دين الإسلام ، ولم يبشر نبينا بعده بنبي لإكتمال رسالته واكتفائها بنفسها ولأنه خاتم المرسلين ونبوته ختام النبوات والدين الذى أٌرسَل به هو آخر الأديان والكتاب الذى نؤمن به هو المهيمن على كل الكتب السابقة عليه و آخر كتب السماء لأهل الأرض كافة.

فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.

السيرة النبوية المطهرة هي جزءٌ مهمٌّ موثقٌ من تاريخِ الإنسانية وتراثها والحمد لله ليس فيه مانخجل من عرضه، وقد كان يعلم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو الذى يعيش بين أطيافٍ مختلفة من الديانات والملل والنحل ومنهم من هو متربصٌ به وبكل مايخرج منه، وكذلك كان مستشرفًا آفاق المستقبل بما أوحى إليه ربه من غيب المستقبل له ولأمته من بعده، فلو أراد أن يكتم أمر بيته لألزم أزواجه بهذا وسيطعنَّ أمره، ولكنه كان يعلم أنه صلى الله عليه وسلم مُرسل للإنسانية كلها وهو هاديها ومعلمها وخاتم الرسل ولن يرسل الله من سيعلم أمته بعده.

ولهذا قال الدكتور مصطفى السباعى (28): (فلا تمتلك الإنسانية اليوم سيرة كاملة شاملة بهذا المعنى، سلطت الأضواء عليها من كل مكان فكانت مثالية -مثاليةَ الواقع لا مثالية الخيال- ولذا فهي تراثُ الإنسانية جمعاء، يرجع إليها المسلم تديُّنًا وتأسِّيًا وحُبًّا، ويقرؤها غير المسلم من ذوي الإنصاف ليرى نفسه أمام العظمة وقد جُمِعَتْ من أطرافها، ويعرف لهذا الرسول حقَّه).

فالذى ميز حياة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم أن حياته وسيرته وشمائله كلها قد حفظها لنا التاريخ، فليس ثمة غموض في أي ناحية من حياته وسيرته، وقد اعترف بهذه الحقيقة كبار المؤرخين الغربيين.

يقول المؤرخ البريطاني الشهير أرنولد توينبي (29): (الذين يريدون أن يدرسوا السيرة النبوية العطرة يجدون أمامهم من الأسفار مما لا يتوافر مثله للباحثين في حياة أي نبي من أنبياء الله الكرام).

ويضع الأديب مصطفى صادق الرافعي (30) المعايير التى يجب أن يلتزم بها كل من يريد قراءة سيرة الأنبياء: (فليس النبي إنسانًا من العظماء يقرأ تاريخه بالفكر معه المنطق، ومع المنطق الشك، ثم يدرس بكل ذلك على أصول الطبيعة البشريةِ العامة؛ ولكنه إنسانٌ نجميٌ يقرأ بمثل التلسكوب في الدقة، معه العلم، ومع العلم الإيمان؛ ثم يدرس بكل ذلك على أصول طبيعته النورانية وحدها.

والحياةُ تنشيء علم التاريخ، ولكن هذه الطريقة في درس الأنبياء صلوات الله عليهم تجعل التاريخ هو الذى ينشيء علم الحياة ؛ فإنما النبي إشراقٌ إلهيٌ على الإنسانية، يُقَوِّمُها في فلكها الأخلاقي، ويجذبُها إلى الكمال في نظامٍ هو بعينه صورة لقانون الجاذبية في الكواكب).

وليس توينبي وحده هو الذى يشهد بوفرة المعرفة عن حياة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بل طائفة من المنصفين التى سندع أقوالهم تعزف وحدها أهزوجة الحقائق متتالية متناغمة :
فيقول غوستاف لوبون (31): (نعرف ما فيه الكفاية عن حياة محمد، أما حياة المسيح فمجهولة تقريبًا، وإنك لن تطمع أن تبحث عن حياته في الأناجيل).

ويقول الكونت كاتياني (32): (أليس الرسول جديرًا بأن تقدَّم للعالم سيرته حتى لا يطمسها الحاقدون عليه وعلى دعوته التي جاء بها لينشر في العالم الحب والسلام؟! وإن الوثائق الحقيقية التي بين أيدينا عن رسول الإسلام ندر أن نجد مثلها، فتاريخ عيسى وما ورد في شأنه في الإنجيل لا يشفي الغليل).

ومما قاله بودلي تأكيدًا فى نفس السياق على هذا المعنى (33): (لا نعرف إلا شذرات عن حياة المسيح، أما في سيرة محمد فنعرف الشيء الكثير، ونجد التاريخ بدل الظلال والغموض).

ولا أدل على ذلك مما قاله القس شارك أندرسون سكوت : (ينبغي أن يتنازل الإنسان عن محاولة وضع كتاب في سيرة المسيح بكل صراحة، فإنه لا وجود للمادة العلمية التي تساعد على تحقيق هذا الغرض، والأيام التي تدور حولها المعلومات لا تزيد عن خمسين يومًا(34) .

أما الشهادة للمؤرخ المسلم - ناهيك عن كتبة الوحي القرآني العظيم والحديث النبوي الشريف - بالنزاهة والإستقلالية والتجرد والتحقق فتأتي من أكثر من مؤرخ غربي، فيقول هارييت بارنز(35) : (من نواح كثيرة لم تكن أكثر الحضارات تقدمًا فى العصر الوسيط الثقافة المسيحية بحال من الأحوال وإنما كانت حضارة الأقوام الذين يدينون بدين الإسلام؛لأن المؤرخون المسلمون فى مجموعهم إذا قارناهم بالمؤرخين المسيحيين فإنهم يمتازون باستقلال الرأى والنزاهة النسبية كما كانوا خيرًا منهم فى استعمال التسلسل التقويمي، وكان تاريخهم للمواد والأحداث أدق بكثير من الكتاب المسيحيين).

ويؤكد هذا القول أيضًا حسين أحمد أمين (36) إذ يقول : (إني ما قطعت شوطًا فى قراءة المؤرخين المسلمين القدماء، حتى تعلمتُ أن أكِنَ لهم احترامًا وتقديرًا عميقين، مقرونين بشيء من الدهشة، وأن أصل إلى الاعتقاد بأنه ما من أحد من مؤرخي العالم الغربي ـ ربما سوى ثيوسيديدس وتاسيتوس وجيبون ـ يفوق فى موضوعيته ودقته وجديته مؤرخين مثل الواقدي والبلاذري والطبري ومسكويه والمقريزي والجبرتي).

وينفي الكاتب تلك الانتقائية التى تحلى بها "كتبة الأناجيل" عن المؤرخين المسلمين فيقول : (وقد كان وراء منهاجهم هذا فى الكتابة ـ أى إكتفائهم بسرد الأحداث دون التعليق عليها وتسجيل وجهة نظرهم ـ ووراء ذلك القدر المذهل من الموضوعية الذى تتمتع به مؤلفاتهم، اعتبارهم التاريخ المظهر الخارجي لإرادة الله فى عالمنا هذا، واعتقادهم أنه بالإمكان التوصل إلى كنه هذه الإرادة باستقراء ظواهرها. ومن ثم فقد رأوا واجبًا عليهم تسجيل هذه الظواهر فى صدق، والإحجام عن الهوى فى الإنتقاء).

وهذا حق فلقد تعامل المؤرخ المسلم بالدقة والتحري فى تسجيل الحوادث وتأريخها بالسنة والشهر واليوم مخافة المجازفة بظلم من يكتب أو يروي عنهم فينسب لهم ماليس فيهم أو ما لم يقولوه، لأن منطلقه في كتابة التاريخ ليس الالتزام بالمنهجية العلمية وحسب بل المنطلق العقدي الإيماني، حتى اهتموا بالإسناد وبينوا أهميته من خلال عبارات مشهورة صاغها العلماء، أمثال : محمد بن سيرين : (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم) (37) ، وسفيان الثوري : (الإسناد هو سلاح المؤمن.

فإذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل؟) (38)، وعبدالله بن المبارك: (


حبــــــــــًا في أمي عائشة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

حبــــــــــًا في أمي عائشة Empty
مُساهمةموضوع: رد: حبــــــــــًا في أمي عائشة   حبــــــــــًا في أمي عائشة Emptyالخميس 28 فبراير 2013, 1:32 am

فإذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل؟) (38)، وعبدالله بن المبارك: (الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء) (39)، والإسناد هو رفع الحديث إلى قائله هذا بحسب تعريف علم الحديث، وبحسب علم التاريخ هو إرجاع الرواية التاريخية إلى شخص شاهد عيان، ولأهمية الإسناد فقد تعدى استخدامه لكل العلوم كعلم الأدب العربي، والتاريخ والطب وغيرها من علوم (40).

علاوة على أن هذا المنهج العلمي الصارم الدقيق غير المسبوق يأتي ـ كما أسلفنا ـ من منطلق ديني إيماني فيه خشية من الله ورسوله والخوف الجليل من التحريف والتبديل خاصةً إذا علمنا أن المحدثين كانوا هم المؤرخون فى باديء الأمر.

فأي عناية أحاطت المنقول عن تاريخ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم!

شُبهات مردودٌ عليها
يرمى الإمام الشهيد سيد قطب (41) طوق النجاة لأولئك الغرقى الذين تتقاذفهم ويزجون بأنفسهم طوعًا فى مهب أمواج الشك والتشكيك ونجاتهم حتمُا لو أرادوا رحمة الله للعالمين محمد فيقول : (لقد أرسل الله رسوله رحمة للناس كافة ليأخذ بأيديهم إلى الهدى، ومايتهيأ إلا أولئك المتهيئون المستعدون،  وإن كانت الرحمة تتحقق للمؤمنين ولغير المؤمنين).

فيا كل من تحوم بشبهاتك ـ التى تعبتْ الشبهات منها ـ  حول الإسلام، وكلها مردود عليها بعون الله، لو كنتَ متهيئًا مستعدًا لرحمة الله  محمد صلى الله عليه وسلم لعافاك الله واهتديت، وليعلم كل من ظن بأمهاتنا ـ رضوان الله عليهن ـ الظنون أن كل بنو الإسلام هم أولاد لأمنا عائشة وغيرها من أزواج النبى منذ نزلت آية الأحـــزاب : ?وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ? (42)، من صحابة وتابعين وتابعي التابعين حتى آخر جيل يحيا على وجه الأرض من أجيال المسلمين يُجِلوهُنَّ وَيَوقِرُوهُنَّ ويُبَجِلوهُنَّ.

يقول فتح الله كولن فى (43): (على الرغم من مرور أربعة عشر قرناً فلا نزال نقول: "أٌمَنا" لخديجة ، ولعائشة ولأم سلمة ولحفصة رضيَّ الله عنهنَّ جميعًا، ونحس بلذة وببهجة من هذا القول أكثر من لذتنا عندما نخاطب أمهاتنا، ولاشك أن الشعور بهذه اللذة وبهذه البهجة كان أعمق فى ذلك العهد ـ عهد النبوة ـ ، وأكثر حرارة و إخلاصًا وذلك من أجله صلى الله عليه وسلم، لذا  نرى أبا بكرٍرضي الله عنه يخاطب ابنته عائشة:" يا أمي").

أما الدليل على توقير الصحابة كبارهم وصغارهم لأمهم عائشة، هو أدبهم فى الاستئذان عليها، والتحرج من سؤالها، وهذا مما يقودنا طوعًا إلى "شبهة المباشرة فى الحيض" ... فقد روى جرير أن مسروقًا ركب إلى عائشة ـ رضي الله عنها ـ فقال : السلام على النبي وعلى أهله، فقالت عائشة : مرحبًا مرحبًا. فأذنِوا له فدخل، فقال: إنى أريد أن أسألك عن شىء وأنا أستحي، فقالت: "إنما أنا أمك وأنت ابني"، فقال : ما للرجل من امرأته وهى حائض؟، فقالت له : "كل شيء إلا الجماع" وفى رواية : "مافوق الأزرار" ... فالمباشرة ليست جماعًا كما يتصور البعض، ولقد ارتبطت شبهة المباشرة أثناء الحيض مع شبهة أخرى فى حديث رواه البخاري أيضٌا عن عائشة قالت : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأغسل رأسه وأنا حائض وكان يتكيء فى حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن".

وللرد على هاتين الشبهتين معًا : فإن أهل الكتاب يذكرون فى كتابهم قبلنا فـــى  (لاويين ـ 15ـ19): "وإذا حاضت المرأة فسبعة أيام تكون فى طمثها [الدورة الشهرية] وكل من يلمسها يكون نجسًا إلى المساء، كل ماتنام عليه فى أثناء حيضها أو تجلس عليه يكون نجسًا، وكل من يلمس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بماءٍ ويكون نجسًا إلى المساء، وكل من يلمس شيئاً كان موجودًا على الفراش أو المتاع الذى تجلس عليه يكون نجسًا إلى المساء ، وإن عاشرها رجلٌ وأصابه شىءٌ من طمثها، يكون نجسًا سبعة أيام، وكل فراش ينام عليه يصبح نجسًا.

لقد جاء الإسلام فكرَّم المرأة، ولم يأمر بإهانتها، ولهذا فلم يعتبرها  نجس أثناء حيضها يجب الإبتعاد عنها، بل حبًّب إلى زوجها ملامستها و التعامل معها وأن يلاطفها ويفعل معها مايفعل سوى الجماع، فلا تحس بجفوة بينها وبينه فلن ينجسه هذا ولن ينجس متاعه ولا ملابسه حتى المساء أو الظهيرة.

وكم كانت الحكمة رائعة من وراء عدم ابتعاد الرجل عن زوجه الحائض، مراعاةً لنفسيتها فى هذا الوقت وماينجم عنه من انعكاسات خطيرة ليس فقط على مستوى أسرتها بل على حياة و أمن المجتمع، فقد أكد الدكتورنجيب علي سيف الجٌميل (44): (أن أسباب ارتكاب المرأة للجريمة ما تتعرض له بحكم تكوينها البيولوجي إلى تغيرات فسيولوجية تؤدي إلى اضطرابات تؤثر على حالتها النفسية والعصبية خاصةً فى حالة الحيض، وحالة انقطاعها عنها، وحالة الحمل، وحالة الوضع، وحالة الرضاعة؛ ففى كل هذه المراحل التى تمر بها تكون أكثر إنفعالية ومزاجية مما يجعلها أكثر قابلية للإثارة، وسهلة الإستجابة للمؤثرات الخارجية، وبالتالي قد تندفع فى ظروف معينة إلى إرتكاب الجرائم، مثل السب والقذف والضرب والجرح والسرقات الخفيفة والبلاغ الكاذب).

أشارت هذه الدراسة العلمية إلى أن 41% من جرائم النساء فى بريطانيا قد أُرتكِبت وهنَّ فى حالة حيض، بينما كانت نسبة النساء الفرنسيات اللواتى إرتكبنَّ سرقات من المحلات التجارية كنَّ أيضًا فى حالة حيض، وهذه الدراسة كانت فى الأساس عن المرأة اليمنية من خلال مجموعة برامج عن حقوق الإنسان، سنعود إليها لاحقاً.

ولهذا لم يأمر الإسلام الرجل بالتوقف عن التواصل مع زوجته وأن تكون حياتهم كما كانت قبيل الحيض تسير فى مجراها الطبيعي، وعندما أمر الإسلام المرأة بالتوقف عن أداء عبادتيِّ الصلاة والصيام لم يكن هذا تحقيرًا لها بقدر ماكان راحة ًلها ورحمة بها، فلا تعسف فى أداء العبادات من باب دفع المشقة ورفع العنت، فالمسلمة لاتشعر بالإزدراء أو الذنب مثل المرأة الحائض عند أهل الديانات الأخرى وهذا بنص كتابهم "لاويين 15: 30ـ 28 ": "وإذا طهرت من سيلها تحسب لنفسها سبعة أيام ثم تطهر وفى اليوم الثامن تأخذ لنفسها يمامتين أو فرخي حمام وتأتي بهما إلى الكاهن إلى باب خيمة الإجتماع، فيعمل الكاهن الواحد ذبيحة خطية والآخر محرقة، ويكفر عنها الكاهن أمام الرب عن سيل نجاستها".

وقد كان من ذكر أمٌّنا عائشة هذا الحديث أن استدل العلماء على أنه يجوز ملامسة الحائض وأن ذاتها وثيابها على الطهارة ما لم يلحق شيئًا منها نجاسة، بل "وفيه جواز القراءة بقرب محل النجاسة"، قاله النووي، "وفيه جواز استناد المريض فى صلاته إلى الحائض إذا كانت أثوابها طاهرة"، قاله القرطبي ، بل يمكن للمرأة نفسها أن تتعبد بقراءة القرآن بعينها دون النطق به، بل يمكنها تقليب صفحاته باستعمال سواك أو إذا ارتدت قفازُا أو ماشابه ذلك، وعند ابن حزم يمكنها الجهر بقراءة القرآن وهى حائض دون مس المصحف الشريف.

مع العلم بما بات معروفًا فى قواعد علم مقارنة الأديان عدم مؤاخذة دين وفقًا لشريعة دين آخر، فما بالنا وشريعة الإسلام أعدل وأسمى شريعة أنصفت المرأة فى هذا المقام وغيره.

يقول الدكتورنجيب علي سيف ـ أستاذ القانون الجنائي ـ فى المبحث الخاص بالعوامل الذاتية لإجرام المرأة اليمنية بعد أن أسهب فى  الحديث حول عامل الوراثة، ثم عرج على عامل التكوين البيولوجي والمقصود به التكوين العضوي للمرأة والذى يحتوى على الصفات الْخِلْقِية المتعلقة بشكل أعضاء جسمها الخارجية ووظيفة الجسم الداخلية:( إن النضوج البدني المبكر للمرأة اليمنية وما يصاحب ذلك من ظهور علامات الأنوثة عليها وبروز مفاتنها قد يدفع أصحاب النوايا السيئة إما إلى التحرش بها جنسيًا وهتك عرضها أو إغتصابها).

والشاهد أن اليمن جغرافيًا تقع داخل نطاق الجزيرة العربية، والعوامل البيولوجية تنطبق تقريبًا على الفتيات السعوديات من حيث النضوج البدني المبكر، فهل كانت عائشة لاتصلح للزواج فى مثل هذا السن، وهذه عادات وقيم مجتمعية يجب الحكم عليها داخل إطارها الزمني والمكاني، فالقيم نسبية، وليس من العدل اقتلاعها من سياقها ثم الحكم عليها فالإنسان ابن بيئته وموروثاته، وقد عرف المصريون منذ العهد الفرعوني حتى مع تباشير قيام ثورة يوليو ومابعدها الزواج المبكر وكنا نسمع من آبائنا عن أعمار جداتنا وجدودنا حين زواجهم ونحن نتضاحك مستغربين.

يؤكد ما ذهبت إليه هذه الدراسة ما قاله الإمام الشافعي : (رأيتُ باليمن بنات تسع يحضن كثيرًا)(45). كما قال أيضًا : (رأيتُ بصنعاء جِدة ابنة إحدى وعشرين سنة حاضت بنت تسع وولدت بنت عشر, وحاضت البنت ابنة تسع وولدت ابنة عشر (46).

بل أن هذه الظاهرة مازالت موجودة وممتدة من زمن الشافعي وحتى الآن، فقد توصلت دراسة ميدانية إلى أن ظاهرة زواج الأطفال في اليمن أكثر انتشارًا بين الفتيات القاصرات من الفتيان الذكور.

وكشفت الدراسة الصادرة عن مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء أن نحو 52% من الفتيات اليمنيات تزوجن دون سن الخامسة عشرة خلال العامين الأخيرين، مقابل 7% من الذكور. وتصل نسبة حالات زواج الطفلات إلى 65% من حالات الزواج، منها 70% في المناطق الريفية، وفي حالات لا يتجاوز عمر الطفلة المتزوجة الثماني أو العشر سنوات(47).

إذن لم يكن فى مثل هذا الزواج فى مثل هذه السن فى مثل هذا المجتمع ما يُشين صاحبه ، يقول محمد جلال القصاص (48) : (تزوج صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها ولم يكن الزواج فى هذه السن ـ أي التاسعة ـ عيب، فقد كان تكلم لخطبة عائشة رضى الله عنها جبير بن المطعم بن عدي قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان هذا الأمر ـ زواج الكبير من الصغيرة ـ أمر عادي فى هذه الأيام، فقد تزوج عمرو بن العاص وأنجب وهو ابن اثنا عشر عامًا. ولو كان هذا الأمر عيب لم تكن قريش واليهود ليتركونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين كانوا يفتعلون الأكاذيب للنيل منه صلى الله عليه وسلم.

نعم، لو كان الأمر عيب لما تركه أعداؤه صلى الله عليه وسلم وكيف يلومونه وما كانت عائشة أول صبية تزف في بيئتهم إلى رجل في سن أبيها، ولن تكون كذلك أخِرُهن؟ لقد تزوج عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم الشيخ الهرم من هالة الزهرية بنت عم السيدة آمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك في نفس اليوم الذي تزوج فيه عبد الله أصغر أبنائه، من آمنة. كما عرض الفاروق عمر فى زمن النبوة على صديقه الصديق أبا بكر أن يتزوج ابنته الشابة السيدة حفصة وبينهما ما بينهما من فارق ٍ فى السن،  مثلما سيشهد نفس المجتمع فى وقتٍ لاحق وفى زمن الخلافة العمرية زواج عمر بن الخطاب من بنت علي بن أبي طالب، وهو في سن فوق سن أبيها، دون أن يدهش أحد.

الغريب فى الأمر أن أحدًا من المعارضين النصارى لايريد الاعتراف بالظروف المجتمعية والبيئية التى لا يصح انتزاعها من الحدث، بالرغم من تسليم رجل صادق من ملتهم بالظرف البيئي، فيقول الدكتور نظمى لوقا (49): (وحتى هذا القرن ـ العشرين ـ كانت حواضرنا تشهد زوجات فى هذه السن أو أقل منها، ولا أعدو الحقيقة إذا ذكرت أن ممن أعرفهن أوثق معرفة من تزوجن فى آخر العقد الثانى من هذا القرن العشرين وهن دون العاشرة).

أما ماتقوله موسوعة وصف مصر (50) عن زواج الأقباط المبكر وارتباطه بالبيئة فلا يمكن دمغه :(ويسارع الأقباط بتزويج أبنائهم ما أن يروا أنهم قد بلغوا سن البلوغ ، وكذلك يتم تزويج الفتيات فى سن الثانية عشرة بينما يتزوج الأولاد فى سن الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة. ولا ينبغى أن ندهش لمثل هذه الزيجات التى تتم هكذا قبل الأوان فى منطقة كهذه يعمل فيها الطقس على سرعة نمو الجسم كما يعمل على اثارة الشهوات منذ سن مبكرة)!!

فبضميمة ما أثبته علماء الحملة الفرنسية في مصر إلى الدراسة التى سقناها عن المرأة اليمنية فى شبه الجزيرة العربية، وبرغم اختلاف القرون واختلاف درجات الحرارة إلا أن القيم المجتمعية السائدة فى المنطقة العربية بين مختلف أديانها كان هواللجوء للزواج المبكرالذي لم يدهش إلا من هم خارج نطاق عاداتنا وحتى أولئك دعاهم علماء الحملة لعدم الدهشة فهو أمرٌ طبيعي فى تلك البلاد ومثل هذه الأجواء، وهذا ماتنبه إليه ونبه إليه بودلي حين قال : (كانت عائشة على صغر سنها نامية ذلك النمو السريع الذي تنموه نساء العرب، والذي يسبب لـهن الـهرم في أواخر السنين التي تعقب العشرين)، ولكن هذا الزواج شغل بعض المؤرخين المحدثين للسيرة النبوية فقيموه من وجهة نظر الـمجتمع العصري الذي يعيشون فيه، فلم يقدروا أن زواجًا مثل ذاك، كان ولا يزال عادة آسيوية، ولم يفكروا في أن هذه العادة مازالت قائمة في شرق أوربا، وكانت طبيعية في أسبانيا والبرتغال إلى سنين قليلة، وأنـها ليست غيرعادية اليوم في بعض الـمناطق بالولايات المتحدة (51).

والعجب أن الذين يستنكرون زواج عائشة رضى الله عنها  ينسون أن مريم العذراء أنجبت المسيح ـ عليه وعلى نبينا السلام ـ وهيَّ فى الثانية عشر من عمرها، كما تقول الموسوعة الكاثوليكية: "فحملت فى الحادية عشر"، وينسون أو يتناسون أيضًا أنها كانت مخطوبة قبل ذلك ، وكان "يوسف النجار خطيبها قد تجاوز التسعين من عمره (52).

تتساءل الدكتورة بنت الشاطىء مندهشة ممن يثيرون شبهة كونها طفلة وكيف يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من هى فى مثل سنها، فتقول (53): (هل كانت "عائشة" طفلة، كما يحلو لبعض المحدثين أن ينعتوها وهم يقيسون نضج المرأة فى المجتمع العربي منذ أربعة عشر قرناً، بمقاييس المجتمع الغربي فى عصرنا؟.. الذى يعرفه تاريخنا، أن عائشة فى صباها الغض وأنوثتها الذكية، بدأت من اليوم لحياتها الزوجية تحقق وجودها فى بيتها الجديد وتعي دورها الفذ فى حياة زوجها الرسول البطل، وتفرض شخصيتها على المجتمع المدني، ثم على التاريخ الإسلامي الذى عرف لها أعمق الأثر فى الحياة الفقهية والسياسية والإجتماعية للأمة الإسلامية).

والذى يجب التأكيد عليه أن زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها في السادسة، والبناء بها وهي في التاسعة جاء في عشرة كتب من كتب السنة غير صحيح البخاري، فلو أن كتب التاريخ تعارضت مع كتب السنة، فإن المنهج العلمي يفرض علينا تقديم كتب السنة المسندة المتصلة الإسناد على كتب التاريخ التي لا تنضبط بضوابط السنة، فالتاريخ كما يقول الإمام أحمد من العلوم التي لا أصل لها، غير أن التركيز على صحيح البخاري لأنه أصح كتاب بعد القرآن الكريم، فلو هُدم أمكن هدم باقي كتب السنة (54).

والواقع أن أغلب الخطأ الذى نرتكبه فى تفسير قيم الناس وعاداتهم بما قد يؤدى إلى سوء فهمهم أو التفاهم معهم، يرجع إلى أننا ننظر إلى سلوكهم بمنظار ملون بتجاربنا وقيمنا وعاداتنا، أى يرجع إلى أننا نقوِّم سلوكهم ونحكم عليه من وجهة نظرنا لا من وجهة نظرهم هم.

أن الحكم المبني على النظرة السطحية للأمور يجعلنا نحكم على تفكير الآخرين بأنه غير منطقي، أو فج أو مناف للفضيلة للإنسانية (55).

ولعل من يطالع كتاب الدكتور على عبد الواحد وافي :"غرائب النظم والتقاليد والعادات"، لتأكد له ما قلناه وأكثر.



حبــــــــــًا في أمي عائشة 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 12 أبريل 2021, 2:56 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

حبــــــــــًا في أمي عائشة Empty
مُساهمةموضوع: رد: حبــــــــــًا في أمي عائشة   حبــــــــــًا في أمي عائشة Emptyالخميس 28 فبراير 2013, 1:42 am

عقــوق بعض الشـــــــيعة
بالرغم من قول السيد محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي اللبناني (56) :(أما أمهات المؤمنين فنحن نحرم سبهنَّ، حتى لو أخطأنَّ في قضية حرب الجمل.

نقول لابد من إكرامهنَّ اكرامًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أنقل بيتًا من قصيدة لأحد علمائنا المتوفى قبل مئة سنة واسمه السيد محمد باقر حجة الإسلام، يقول :
فيا حميرا سبّك محرم    لأجل عين ألف عين تكرم

ولذلك نحن نحرم سبّ أمهات المؤمنين والإساءة إليهن كما نحرم سب الصحابة وأصدرنا فتوى انتشرت في العالم).

إلا أن كتب الشيعة ـ أو بعضهم ـ مازالت تنضح بسباب أمهات المؤمنين، وتأتي على رأسهنَّ أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها  إذ تحفها كوكبة من النعوت السلبية ، مثل :"أم الشرور" و"قرن الشيطان" و"الفاجرة" و"أن الله لم يبرأها من الزنا" (57) ، كما ورد فى أكثر من كتاب من كتبهم المشهورة اتهام أمهاتنا عائشة وحفصة رضيَّ الله عنهما بالخيانة (58).

كما أورد القمي (59) في تفسيره أن عائشة عندما خرجت إلى البصرة لقتال أمير المؤمنين [ علي بن أبي طالب] في حرب الجمل، أغواها طلحة بن عبيد الله (60) الذي كان يهواها قديمًا،  وقال لها: (لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم)! فزوّجت نفسها منه (61)، ولذا فإن إمامهم المهدي، عند ظهوره ـ إذا ظهرـ  فإنه سيُخْرِج  السيدة عائشة من قبرها ويحييها – أي سيعيدها للحياة - ليقيم عليها الحد لأنها تزوّجت من طلحة مع تحريم الرجال عليها كونها كانت زوجة سابقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم !!

ليس هذا وحسب بل تمشيًا مع هذا السيناريو الساقط أقدمت السيدة عائشة رضيٍّ الله عنها على دسّ السمّ في فم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلته بإيعاز من أبيها أبي بكر وصاحبه عمر، وبمشاركة صاحبتها حفصة (62).

وكأننا أمام دراما تليفزيونية سقيمة تدور أحداثها حول امرأتين تقتلان زوجيهما من أجل العشيق، ولماذا كل هذا؟.. يستكمل صاحب السيناريو الساقط س وتيرة الأحداث ليفجر المفاجأة التى ستدهش المتفرج وهى أن عائشة بدأت تدخل الرجال عليها وتختلي بهم بعد أن أفتت بجواز رضاع الكبير كذبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترضع أختها أم كلثوم أو أسماء الرجال فيصبحوا إخوتها من الرضاعة، فيكون ذلك مسوّغًا شرعيًا لتردّد الرجال عليها.

وذلك مشهور في التاريخ ومتفق عليه – ياللكاذب – الذى يدعي أن السيدة عائشة كانت تعيش عقدة نفسية جنسية بسبب عدم اهتمام رسول الله بها وانشغاله بالعبادة حتى في يومها وليلتها، وهذا هو ما يفسّر اختلاقها عشرات الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم التي زعمت فيها أنه – حاشاه – كان مولعًا بها ويمارس معها (كذا وكذا) من التفاصيل الزوجية التي يعفّ لسان كل ذي أخلاق عن ذكرها، فكأنها كانت بذلك تريد ملء النقص الذي كانت تشعر به في هذا الجانب، خاصة وأنها كانت قبيحة المنظر ومنفّرة لسوادها ولوجود أثر الجدري والبثور الكثيرة في وجهها، فلا يرغب بها أحد من الرجال!

وهذا – أي شعورها بالعقدة النفسية الجنسية - هو ما يفسّر اهتمامها الزائد بالرجال بعد استشهاد نبينا العظيم صلى الله عليه وسلم فكانت تفعل المستحيل لجذب أنظارهم حتى ولو بإغرائهم بالجواري!

ثم يقيم هذا المحلل النفسى الخائب - بعد أن قذف عرض رسوله صلى الله عليه وسلم - يقيم من نفسه الرجل المحب الزائد عن شرف محمد صلى الله عليه وسلم فلا يلبث أن يغسل مثل هذه الأدران عن سيرته صلى الله عليه وسلم فينبهنا  لأمرين :
اولاهما : أن نسبة الفاحشة إليها في زمن بقائها زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ممنوع وليس إليه دليل، وإنما الكلام في وقوع ذلك بعد استشهاده ورحيله وصيرورتها بلا ولي، وحينئذ لا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم مسؤولاً عن أعمالها وتصرّفاتها الشائنة.

بعد هذا التصور الدرامي للأحداث المفتعلة فى ذهن كاتبها السقيم، تأتي النهاية المفتعلة باكتشافه السعيد والذي سيعجب المشاهد بإن خيانة عائشة ـ التي يلتصق باسمها دائمًا اللعنة، لعن الله كل من لعنها ـ لا يخدش بمقام خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم سيما بعد مقتله.

غير أن المؤلف الكبير لم يخبرنا فى سقطة درامية منه، ما مصلحة حفصة فى أن تشارك هيَّ وأبوها فى مثل هذه الجريمة النكراء!

المؤسف والذى يندى له جبين كل مسلم غيور خجلا على رسوله الكريم وعرض أزواجه أمهاتنا أمهات المؤمنين رضيَّ الله عنهنِّ جميعًا أن يجد فى كتابات المحدثين والأقدمين من علماء الشيعة مثل هذا اللغو الآثم، والترهات الفاحشة النكراء، وهم يصفُّون الألقاب الثقيلة والصقيلة قبل أسمائهم كالعلامة والمجاهد والدكتور ثم يُتبعوُن اسم "العائشة" بأوصاف ونعوت فاضحةً لعينة بغيضة يأنفون وصم أمهاتهم بها بما فى ذلك البون الشاسع بين شخوصهم ومكانتهم، وكذلك قدر أمهاتهم، وقدر الصديقة بنت الصديق، والحبيبة بنت الحبيب وزوج الحبيب صلى الله عليه وسلم.

بل إصرارهم العجيب والمريب فى نفي البراءة عن جنابها الشريف، وإلصاق الفاحشة إلصاقًا بها عبر مؤلف شهير طاروا بها فرحًا واستأذنوا العالم النحرير ليجيزهم فى طبعه فأجازه ألا وهو بحث : "خيانة عائشة بين الاستحالة والواقع" لسماحة آيةُ الله/المجاهد/الشيخ/المحقق "محمد جميل حمود العاملي/دام ظله، الذي ينهيه :(فتحصَّل مما تقدَّم : أنَّ عائشة خائنة للرسول الأعظم فى عقيدته، وخائنة للرسول فى فراشه)(63).

ليس هذا فحسب بل الإصرار العجيب من بعض كتابهم على سلب لقب "الصدَيقة" من السيدة عائشة، ولقب "الصدّيق" من أبيها رضوان الله عليهما، ليهبهما لمن يستحقانهما، وذلك طبقًا لما فعل وكتب وأصدر حكمه النهائيِّ بهذا "علي الشهرستاني"(64): (... وعليه فالصدّيقية متفقةً مع علي والزهراء وأولادهم المعصومين، لا مع غيرهم).

ولن تخلو الشيعة ممن يجدد لها كذبها؛ فها هو نجاح الطائي (65) يدخل سياحة الافتراءات مباهيًا حوزته وشيعته بتأليفه باقة من الكتب المصححة للسيرة ـ بزعمه ـ ولن تفهم مدى ومعنى تصحيحها بحسب مفهومه للتصحيح أو بالأحرى ادعاء الباطل إلا بعد أن بقدمه لنا بعضها على النحو التالي:

حضور أبي بكر في الغار والهجرة، وكذب مقتل النبي بسم خيبر وبيّن ـ الطائي ـ مقتله بيد الأربعة [ أبا بكرٍ وعمر وابنتيهما عائشة وحفصة رضوان الله عليهم] في كتابه: "هل أغتيل النبي؟"، كمابيّن مقتل أبي بكر وحكومته بيد عمر وعثمان الذين ورثا سلطانه، وبين أيضًا كذّب ذبح الرسول أسرى بني قريظة اليهود بل حررهم إلى خيبر ، وكتب مبينًا كذّب تسمية الأئمة أولادهم بأسماء رجال السقيفة، ثم أثبت وجود بنت واحدة للنبي باسم فاطمة الزهراء مكذبًا كون عثمان صهرًا للنبي، وكذلك كذّب زواج عمر من أم كلثوم بنت فاطمة بنت محمد.. لماذا؟، فيجيب: (لأنه كانت لفاطمة بنت واحدة هي زينب كنيتها أم كلثوم)، وكذّب لقب أبي تراب للإمام علي لأنه لقب أموي اختلقه أبو هريرة  الأموي له، ثم أثبت علميًا إحراق عمر للحديث النبوي ومكتبة الأسكندرية في مصر وكتب الفرس في بغداد!!..

ودوّنَ لأول مرة بيعة الرضوان المنسية للإمام علي، وبين أن اسم علي مذكورفي القرآن الكريم، مثلما ذكر النبي أسماء الأئمة، كما أبطل علميًا نسب الإمام الصادق لإبي بكرالذي هو جد جعفر باعترافهم.

أما ما يخص أمنا عائشة رضي الله عنها من علم الطائي فهو كتاب قائم بذاتها عنونَّه باسمها غيرعدة كتب أخرى من عيون مؤلفاته كان لها فيها القاسم المشترك الأكبر وبقية الكتب لا تخلو من ذكر أبيها الذى يطول الحديث من خلاله الصدّيقة ابنته، وبهذا لم يقصر الرجل فأكثر من الحديث عنها وحولها آتيًا بكل إفك، ناسبًا كل باطل لها، قادحًا فى تاريخها وتاريخ عائلتها ليأتى بالغرائب والسخائم والأراذل من كل قول فاضح.

وبهذا ثبت فساد قول من قال أن هذا معتقد القوم في القديم أما في زماننا المعاصر فقد انتهوا وارعووا، فمازال دعائهم :"اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وإفكيها وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك، وعصيا رسولك وقلبا دينك وحرفا كتابك"(66).

ولطالما بين علماء أهل السنة والجماعة خطورة الطعن على الصحابة رضوان الله عليهم بعامة، وأمهات المؤمنين بخاصة، ومعلوم أنهن داخلات فى عموم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ويشملهن بالتبعية كل نهيٍ عن سبهن لعموم النهي النبوي عن سب عموم الصحابة، وأما الطعن على أصحابه وفيهن أزواجه ومنهن عائشة هو طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاته، وإيذاء له صلى الله عليه وسلم وإيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع.بل صار من يبغض حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون بغيضه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.

قال الإمام البربهاري: (واعلم أن من تناول أحدًا من أصحاب رسول الله  صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه إنما أراد محمدًا، وقد آذاه في قبره!!).

يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره: (ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة، لأنه أطيب من كل طيب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له، لا شرعًا ولا قدرًا).

فالذين يطعنون في الصديقة بنت الصديق، والحبيبة بنت الحبيب وزوج الحبيب عائشة بنت الصديق إنما يطعنون في رسول الله ذاته جهلوا أم علموا، وهم ـ من أسفٍ ـ يعلمون أن الطعن في الرسول طعن في الشريعة الإسلامية الغراء، وفي دين الله، ومن أسفٍ يستمرون ويستمرأون.

مما دعا الدكتور ناصر القفَاري يتساءل فى دهشة: (وأي فائدة اليوم في اللعن والسب والتكفير الذي ملأوا به كتبهم وأسواقهم ومزاراتهم، وقد انقضى العصر الأول بكل ما فيه؟! لا هدف في الحقيقة إلا الطعن في القرآن والسنة والدين بعامة، وإلا إثارة الفتنة وتفرقة الأمة. وماذا يبقى من أمجادنا وتاريخنا إذا كان أولئك السادة القادة الأتقياء الأصفياء الأوفياء الرواد الذين نشروا الإسلام وأقاموا دولته، وفتحوا البلاد وأرشدوا العباد، وبنوا حضارة لم تعرف لها الدنيا مثيلاً، إذا كان هؤلاء الرواد الأوائل لكل معالم الخير والعدل والفضائل يستحقون اللعن من أحفادهم، وتشويه تاريخهم، وهم الذين أثنى الله عليهم ورسوله صلى الله عليه وسلم، وسجل التاريخ الصادق مفاخرهم بمداد من نور. فمن الذي يستحق الثناء والمديح؟ وأين أمجادنا وتاريخنا إذا كان أولئك كذلك؟(67).

ومن أسفٍ سيستمرون ويستمرأون مادام ورائهم علماء يزينون لهم الباطل، ويعلمونهم أن سب الصحابة وزوجات النبي قربة إلى الله تعالى واكتساب مكانة ومنزلة عند آل البيت رضوان الله عليهم، ودليلي فى هذا سؤال تقدم به أحدهم ممن لا يدين بدين الشيعة، وسؤاله ينم عن علم بهم وفهم بالقضية؛ فقد قدم النصح لمن يسأله فى نهاية سؤاله:

(لماذا لا يكفّ الشيعة عن سبّ السيّدة عائشة والطعن في شرفها؟
أليس المفروض من الشيعة أن يقتدوا بأخلاق النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وآل بيته الأطهار؟، ونحن لم نسمع يومًا النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أو أهل البيت سبّوا أو لعنوا أحدًا من الصحابة أو زوجات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى وإن كانوا على خطأ.

ألاّ يستحقّ نبيّنا الحبيب محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم أن نحترم زوجاته، ونستر عرضهنّ، وهنّ زوجاته صلّى الله عليه وآله وسلّم؟.

أنت لا ترضى أن تُسَبّ زوجتك من جيرانها مثلاً لو تشاجرنَّ معها، فكيف ترضى أن تسبّ زوجة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم خير خلق الله تعالى، وأكرمهم وأحبّاهم لله تعالى؟، رجاءً أريد تفصيلاً لموضوع السيّدة عائشة، ولماذا تسبّوها وتطعنوها في شرفها؟، وهل ممكن الكفّ عن هذه الأعمال خاصّة أنّها سبّب لكره باقي المذاهب لكم، وتكفيركم، بل قُتِلَ الشيعة بسبب هذه التصرفات. أنتم بسبّكم ولعنكم تثيرون الفتنة الطائفية، فلو كففتم عن ذلك وتركتم أمرهم لله تعالى، فسيكون ذلك بابًا للصلح بين مذهبكم وباقي المذاهب. والكلام أيضًا عن الصحابة، فهل ممكن الكفّ عن سبّ زوجات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وصحابته؟ حتى وإن كان منهم ما تدّعونه عليهم؟).

كان السائل ينتظر من مجيبه تواصلاً وتفهمًا لمحاولة مد جسور التواصل والتلاقي بين المذاهب الإسلامية لإقامة وحدة كبرى تتترس بعدها الأمة كلها لمواجهة العدوالأكبر، لكن هيهات؛ فقد ظل سماحة السيّد جعفرعلم الهدى أستاذ الدراسات العليا لفرعي الفقه وأصوله في حوزة قم المقدسة يناور ويداور في إجابته حول التفرقة بين السب واللعن مؤكدًا كذب من يتهم شيعة أهل البيت من أعدائهم بأنهم يسبون عائشة (ليس هناك أحد من الشيعة،لا من علمائهم، ولا من جهّالهم مَن يطعن في شرف عائشة، ويقذفها، وهكذا السبّ؛ فإنّ الشيعة لا يسبّون حتّى المشركين؛ لأنّ السبّ سلاح العاجز، وقد قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام: "أكره لكم أن تكونوا سبّابين")، كان كلام "علم الهدى" يبدو فى مفتتحه طيبًا ويشي بتفهم وكف عن السب، غير أنه حرم السب وأحل اللعن بدعوى أن الله تعالى لعن فى القرآن الكريم الكافرين والمنافقين والظالمين، ومَن كتم الحقّ والهدى والبينات، ومَن آذى الله ورسوله، ولعن اليهود والنصارى، والشيعة يقتدون بالقرآن، وقدم من السنة المطهرة أدلته من أقوال علمائهم وعلماء أهل السنة، ليصل إلى بغيته ورأيه النهائي : (وبما أنّ تصرّفات عائشة وأعمالها وأفعالها لم تكن مرضية عند الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقد نزل في حقّها وحفصة آية سورة التحريم، وكانت تحرّض الناس على قتل عثمان وتقول: اقتلوا نعثلاً، قتله الله.

ثمّ اشعلت حرب الجمل، وخرجت من بيتها، وحاربت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، وأظهرت الفرح بعد استشهاده، فالشيعة وكلّ مسلم غيورلايحترمها، ولايقدّسها)!

تأتي إجابة علم الهدى مشبعة بالمغالاة التي يتصفون بها تجاه علي وأولاده، وموسومة بالمجافاة التى فطروا عليها للصحابة رضوان الله عليهم إلى حد الحكم عليهم بالتكفير ما عدا: علي وأبي ذر، والمقداد، وسلمان وعمار بن ياسر، وحذيفة. لتبقى عقيدتهم دائمًا أبدًا شعارها: "إننا نتبرأ من الأصنام الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، ومعاوية. والنساء الأربع:عائشة وحفصة وهند وأم الحكم أتباعهم، وأنهم شر خلق الله على وجه الأرض وأنه لا يتم الإيمان إلا بعد التبرؤ من أعدائهم".

نعم لن يتم إيمان الشيعي إلا بلعن من ذكرهم المجلسي فى هذا الدعاء، وسيستمرون يلعنون، ولا أدل على ما أذهب إليه من رسالة يرسلها سائل من القطيف بالسعودية لشيخه الجليل ياسر الحبيب ـ كما سماه وناداه ـ مستفسرًا من أنه قد تعود فى ورده اليومي اللعن بدعاء "اللهم العن عمر ثم أبا بكر وعمر ثم عثمان وعمر ثم عمر" مائة مرة يوميًا، وذلك للملمات ومصاعب الزمان، لأنه يعمل فى التجارة ويحتاج لتوفيق الله عبر أئمة الهدى عليهم السلام.. والسؤال هل إذا ردد هذا الدعاء "ألف مرة" يكون مبتدعًا؟!، ويريد صيغة مجربة فى اللعن لخوفه أن دعائه هذا لم يَرِد عن "أئمة الهدى"، ثم يختم طالبًا من شيخه الدعاء.

لست هنا لأقدم بحثًا نظريًا وإنما أقدم عملاً نظريًا وتطبيقيًا من الواقع مدعومًا بأسانيده العلمية من المراجع المعتبرة عند أهل السنة والشيعة. ولم أخطيء حين قلت أنهم يتقربون لله تعالى بلعن أصحاب وأزواج المعصوم ـ بحق ـ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

ويفتيه هذا المسمى كذبًا "الحبيب" بما لايدع مجالاً للشك أن أية تقارب شيعي ـ سني هو أكذوبة كبيرة يجب وأدها، وعدم بعثها من جديد مستقبلاُ، ونظرة عابرة على فتوى الرجل كفيلة بتبني ماارتأيناه؛ إذ يقول: (هذا الدعاء - بهذه الصيغة - وإنْ لم يؤثر عن المعصوم عليه السلام إلا أنه موافق لما أمر به، وقد أنشأه المحقّق "التويسركاني" في كتابه "الأخلاقي"!! "لآلئ الأخبار" فقال: "تنبيه: اعلم أن أشرف الأمكنة والأوقات والحالات وأنسبها للعن عليهم - عليهم اللعنة - إذا كنت في المبال[الحمامات]، فقل عند كل واحد من التخلية والاستبراء والتطهير مرارًا بفراغٍ من البال: "اللهم العن عمر، ثم أبا بكر وعمر، ثم عثمان وعمر، ثم معاوية وعمر، ثم يزيد وعمر، ثم ابن زياد وعمر، ثم ابن سعد وعمر، ثم شمر وعمر، ثم عسكرهم وعمر. اللهم العن عائشة وحفصة وهند وأم الحكم والعن من رضي بأفعالهم إلى يوم القيامة". "لآلئ الأخبار ج4 ص94".

وقد كان الإمام الصادق صلوات الله عليه يلتزم بلعن هؤلاء في دبر كل صلاة، كما رواه الكليني بسنده عن الحسين بن ثوير وأبي سلمة السراج قالا: "سمعنا أبا عبد الله عليه السلام وهو يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال وأربعًا من النساء، أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية، وعائشة وحفصة وهند وأم الحكم أخت معاوية“. "الكافي ج3 ص34" ..

وأفاض الشيخ في فتواه معلمًا السائل عدة أمور هامة، منها: أن لعن أعداء الله ورسوله له فضل عظيم حتى أن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: "اللعن أفضل من السلام وردّ السلام ومن الصلاة على محمد وآل محمد"!، وثانيًا اعلم أن لعن أعداء الله ورسوله له فضل عظيم، وأثر اللعن عجيب في قضاء الحوائج وحسن العواقب، مهما كانت صيغة هذا اللعن.

نعم، صيغة المعصوم هي الأولى، وهناك أدعية مطوّلة في اللعن كدعاء صنمي قريش لأمير المؤمنين عليه السلام، ودعاء اللعن للصادق عليه السلام، ودعاء اللعن للرضا عليه السلام، وغيرها، وهناك منها ما هو مختصر يفيدك في أورادك. وفقكم الله لنيل شفاعة النبي وآله صلوات الله عليهم!!

يأتي نهجهم هذا اتساقًا مع ما بثه شيخهم نعمة الله الجزائري من مفارقتهم ـ أي الشيعة ـ لأهل السنة والجماعة فى الألوهية والنبوة: (إننا لم نجتمع معهم [أي أهل السنة والجماعة] على إله ولا نبي، ولا على إمام، وذلك أنهم يقولون: إن ربهم هو الذي كان محمد نبيه، وخليفته أبو بكر.. ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفته أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبى نبينا) (68).

وبهذا يكون الجزائري قد وضع اللبنة الأخيرة فى جدار انفصال دين أهل السنة والجماعة عن دين الشيعة، ولا نستغرب من العلامة المجاهد محب الدين الخطيب حين جعل عنوان كتابه: "الخطوط العريضة لدين الشيعة".

ونعود إلى مفتتح الكلام المنقول من حديث السيد محمد حسين فضل الله والذي نصدقه فيما قال من أنهم لا يسبون عائشة رضي الله عنها بل يلعنونها وهو الثابت من أقوالهم، وبهذا يخدعوننا حين يصرخون رافضون سبها، ونحن نحسن الظن بما يفعلون، ولا نعلم ما يضمرون، ولكن نعلم علم اليقين أن أمنا عائشة رضي الله عنها قد برأها الله من فوق سبع سماوات فى آياتٍ بيناتٍ من كتابه الكريم يتلوها كل مسلم آناء الليل وأطراف النهار فى صلواته وخلواته، كما أنها لا تستحق لا القذف ولا السب من أي كائنٍ من كان، مهما علا شأنه، وارتفع قدره، فلم يوكله الله تعالى فى قذف الصدًيقة بنت الصدَيق، كما لم يفوض نبينا وزوجها صلى الله عليه وسلم أحدًا فى هذا الفعل المشين، ولن يرضى عليًا الخلوق، ولا زوجه فاطمة الصادقة الصدوق و المتحلية بأخلاق النبوة أن تسب زوجة أبيها الذي وصاها بأن تحبها لحبه لها.

فلماذا لا ينأى كل شيعي بنفسه عن اعتراض أمناعائشة رضي الله عنها، وهو الذى لم ينيبه ولم يفوضه الله ورسوله فى القيام بهذا العمل المشين، ولماذا إصراره على أن يتلقب بـ "الكافر" و "المرتد" حين يحاول الصاق الفاحشة بالحميراء رضوان ربي عليها، وقد نما إلى علمه أن الذي يتهمها بما برأها الله منه : كافرًا مرتدًّا؛ لأنه يكون مكذِّبًا لله تعالى، وهذا باتفاق أهل العلم فيمن قذفها أو سبَّها أو لعنها.

لماذا نَهَجَ بعضُ الشيعة نَهْجَ المنافقين، ولم ينهجوا نَهْجَ المؤمنين كأبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري وامرأته رضي الله عنهما، كما روى الإمام محمد ابن إسحاق: أن أبا أيوب قالت له امرأته أم أيوب: يا أبا أيوب أما تسمع ما يقول الناس في عائشة رضي الله عنها?، قال:نعم، وذلك الكذب أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب?، قالت: لا والله ما كنت لأفعله، قال: "فعائشة والله خير منك"... صدقت أبا أيوب، فعائشة خير من كل من رماها ومازال يرميها بسوء، وليت من قال بالسوء والفحشاء استخدم عقله فى القياس كما استخدمه أبو أيوب، بل سار فى ركاب اللاعنين كالسوائم، والإمعات، ولايدرى أن حتفه النار وبئس المصير.

عن عائشة رضى الله عنها أنها ذكرت عند رجل فسبها، فقيل له: أليست أمك؟، قال: لا، ما هيَّ بأمّ! فبلغها ذلك، فقالت: (صدق إنما إنا أم المؤمنين، وأما الكافرين فلستُ لهم بأم) (69) .وقالت رضي الله عنها: (لا ينتقصني أحد في الدنيا إلا تبرَّأت منه في الآخرة)(70).

تقولون ما تقولون في شأن أم المؤمنين وتحسبون ذلك يسيرًا سهلاً ولو لم تكن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم لما كان هينًا, فكيف وهي زوجة النبي الأمي خاتم الأنبياء وسيد المرسلين ؟ فعظيم عند الله أن يقال في زوجة رسوله ما قيل! فإن الله سبحانه وتعالى يغار لهذا, وهو سبحانه وتعالى لا يقدّر على زوجة نبي من الأنبياء ذلك حاشا وكلا, ولما لم يكن ذلك, فكيف يكون هذا في سيدة نساء الأنبياء وزوجة سيد ولد آدم على الإطلاق في الدنيا والاَخرة ؟ ولهذا قال تعالى: ? وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ? وفي الصحيحين: ’’إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يدري ما تبلغ, يهوي بها في النار أبعد مما بين السماء والأرض’’. وفي رواية ’’لا يلقي لها بالاً’’(71).



حبــــــــــًا في أمي عائشة 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 12 أبريل 2021, 2:57 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

حبــــــــــًا في أمي عائشة Empty
مُساهمةموضوع: رد: حبــــــــــًا في أمي عائشة   حبــــــــــًا في أمي عائشة Emptyالخميس 28 فبراير 2013, 1:52 am

عالمة الأمة.. عالية الهمة
الفضل والقدر والمنزلة الأعلى ثابتة لأمهات المؤمنين بوصفهنَّ صحابيات أكرمهنَّ الله بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم ومشاهدته ويفقنَّ جموع الصحابة بالمعايشة علاوة على المصاحبة لخير البشر محمد صلى الله عليه وسلم.

كانت  أمنا عائشة من أحب نساء الرسول إليه، ولذلك قالت لنساء النبي صلى الله عليه وسلم : (فضلت عليكن بعشر ولافخر : كنت أحب نسائه إليه وكان أبي أحب رجاله إليه، وابتكرني ولم يبتكر غيري، النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في مرضه، فقال: ’’إنه ليشق عليَّ الاختلاف بينكن، فائذن لي أن أكون عند بعضكن’’، فقالت أم سلمة: قد عرفنا من تريد عائشة،أذنا لك. وكان آخر زاده من الدنيا ريقي، أتي بسواك، فقال: انكثيه ياعائشة، فنكثته وقبض بين حجري ونحري، ودفن في بيتي) (72).

ويتبدى هذا الحب فى تلك الألقاب التي حظيت بها السيدة عائشة رضى الله عنها من الفم النبوي الطاهر صلى الله عليه وسلم، حين كان يناديها بألقاب ما سبقتها إليها واحدةً من صويحباتها من أزواج النبي ولا لحقتها، ولاشاركتها، مثل : ’’يا عائش’’ و ’’ياموفقة’’(73) ولقبها الأشهر ’’الحميراء’’ ذلك اللقب الآتي من كونها بيضاء، وقد كان نهج العرب في مناداة البيض من قومهم لغلبة السمرة على لونهم، ولحبه لها ولأبيها من قبلها كان كثيرًا مايناديها صلى الله عليه وسلم : ’’يا بنت الصدّيق، ويابنت أبي بكر’’.

أجمع علماء الحديث على أن السيدة عائشة رضى الله عنها رابع رواة الحديث المكثرين، إذ روت (2210) حديثًا بالتلقي المباشر من الفم النبوي الطاهر صلى الله عليه وسلم، ليسبقها في الترتيب صحابة أجلاء هم أبي هريرة، عبدالله بن عمر، أنس بن مالك غيرالكثير الذى تفردت به عن أبيها أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، والزهراء بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وسعد بن أبي وقاص وغيرهم رضوان الله عليهم.

وفي المقابل روى عنها عددًا كبيرًا من الصحابة، مثل :عمر بن الخطاب وابنه عبدالله وأبو هريرة وأبو موسى وابن عباس وزيد بن خطاب والسائب بن يزيد وعبدالله بن عامر وصفية بنت شيبة وغيرهم، ومن آل بيتها، وغير قليل من كبار التابعين.

غير أن هذا الإكثار من الحديث يثير حفيظة أحد علماء الشيعة (74) فيقول مستنكرًا ومشككًا: (عاشت ـ أي السيدة عائشةـ مع النبي صلي الله عليه وسلم ثمان سنين فقط، وبقيت أرملة 48 سنة وضعت فيها الحديث والروايات لصالحها وصالح أبي بكر وعمر وباقي رجال الحزب القرشي، بينما عاشت أم سلمة مع النبي صلى الله عليه وسلم مثلما عاشت عائشة ولم تترك هذا الكم الهائل من الحديث الذي تركته عائشة!).

ولا أدري متى ينتهي هذا الحقد على الحميراء؟!، فرغم بياض لونها إلا أنهم وصفوها بالسواد، وأبيها نفوا عنه الصديقية، والمبادرة إلى الإسلام، وصحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، وأنه كان عبدًا فقيرًا بخيلاً. عمدوا إلى كل منقبة من مناقب الصدّيقة حتى أحالوها معرةً وسُبة وكذبًا وتلفيقَا من المؤرخين والرواة لصالح البيت الأموي والحزب القرشي، ولهذا فقد طمس الله على أفهام المتعالمين منهم الران، وضنت الحقيقة أن تريهم أنوارها لَمَّا عُمُوا عنها.

يبدو أن هذا العالِم الفذ لم يعرف المنهج الاستقرائي أو الاستنباطي أو القياس؛ إذ لتبين له ـ لو أعمل عقله وحرره من نير الحقد ـ العديد من الحقائق: أولها أنه قاس بين الزوجة المتقدمة"عائشة" على الزوجة المتأخرة عنها نسبيًا ـ في ترتيب الدخول للبيت النبوي ـ "أم سلمة" من حيث اشتراكهما فى علة الاقتران بالنبي صلى الله عليه وسلم، وثانيهما غاب عنه الحالة الاجتماعية، والنفسية، والتاريخية لكلٍ منهما، وثالثهما أن أمنا عائشة رضي الله عنها أقامت في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أعوام وخمسة أشهر وقيل: تسع سنوات وليس ثماني سنوات كما ادعى بخبث المقصود من انقاص مدة صحبتها للنبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤكد صدق ماذهب إليه (75).

وبدون انتقاص من قدر أمنا أم سلمة رضى الله عنها، نوضح بعض الحقائق :
ـ السيدة عائشة نشأت في بيت مسلم تمامَا؛ فأمها صحابية، وأختها صحابية، وأخوها صحابي، ووالدها صدّيق هذه الأمة، وكانت صغيرة السن، صافية الذهن، سريعة الحفظ، متوقدة الذكاء، لبيبة.

ـ أمنا سلمة رضي الله عنها من بيت كريم، ومن السابقات إلى الإسلام مثل أمنا عائشة، أسلمت وزوجها أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي ابن عمة رسول الإسلام وأخوه من الرضاعة، وهاجرا إلى أرض الحبشة، ثم رجعا إلى مكة ثم هاجرت إلى المدينة المنورة لتلحق بزوجها بعد أن منعها أهلها من الهجرة مع زوجها وغضب عند ذلك أهل زوجها فتجاذبوا ابنها سلمة حتى خلعوا يده وأخذوه منها فحيل بينها وبين ابنها وزوجها وبقيت في مكة قرابة السنة على هذه الحال حزينة ومتألمة حتى رق قلب أهلها عليها فتركوها، وكانت أمًا لها ابنتين وابنان، ثم مات أبو سلمة زوجها من أثر جرح في غزوة أحد، ثم تزوجت الرسول الله صلى الله عليه وسلم، فصارت أمًا للمؤمنين، وصار أولادها: سلمة، وعمر، وزينب، ودره ربائب في حجرسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. تميزت أمنا أم سلمة بالجمال والفطنة والشخصية الحازمة القوية.

مما سبق يتبين لكل ذي لُبٍ وفهم السبب في كثرة مرويات أمنا عائشة عن أمنا أم سلمة رضوان الله عليهما؛ فعائشة دخلت الإسلام صغيرة، لم يشغلها شاغل عن تحصيل وحفظ كل مايرويه أبوها،الذي كان دائمًا ما يزوره الرسول صلى الله عليه وسلم في داره، وكان ملحقًا بالبيت مسجد بناه الصديق ليصلي فيه ويقرأ القرآن الذي كان يتسلل من فمه تلاوةً إلى قلبها الصغير حفظًا. كما أنها  خُطِبَتْ صغيرة لنبي هذه الأمة ولم يغب عنها ولا عن أهلها الدور والمهمة التي ينتظرانها مما استوجب اعدادها اعدادًا خاصًا، وهذه الفترة تتراوح بين السنتين والثلاث سنوات وهو ما كان يجب اضافته لعمرها في تلقي الحديث وروايته عن أبيها وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاصةً أن حياة عائشة لم يصبها انقطاع عن أهلها وعن الأحداث بمكة والمدينة سوى فترة هجرة والدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فترة استتباب الأمر لهما بعد وصولهما إلى المدينة ثم لحوق الأسرتين بعائليهما، وهيَّ فترة ليست بالطويلة على كل حال، إذ لا تقاس بفترة هجرتي المسلمين إلى الحبشة وهي الفترة التي استغرقت من رجب سنة خمس من النبوة(76) حتى قدم أبو سلمة إلى المدينة لعشر خلون من المحرم، لتلحق به أم سلمة بعد عام أو قريبًا من ذلك (77)، وهى الفترة التي باعدت بين أمنا أم سلمة وبين تلقي الحديث النبوي الشريف مما كان هذا سببًا من أسباب قلة المروي عنها بالنسبة لكثرة المروي عن أمنا عائشة رضي الله عنهما.

لم يحتسب العالم الفذ فترة طفولتها واحتسب فقط اتصالها برواية الحديث النبوي منذ وطأت بيت النبوة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهيَّ التي كانت تحفظ كل ما حدث أيام طفولتها، وتُخَزِّنه في ذاكرتها، وتفقه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تيسَّر لها أن تفقه، ثم ترويه، وتستخرج منه الأحكام، وتستنبط منه الجزيئات الفقهية، كما أنها كانت تشرح الحِكَم والمصالح من واقعات الطفولة الجزئية، حتى لو قرعت أذنيها آية من كتاب الله أثناء لعبها فإنها كانت تذكرها.

تقول رضي الله عنها : (لقد أُنْزلَ على محمد صلى الله عليه وسلم بمكة وإني لجارية ألعب :? بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ? (78).

وعندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لم تكن عائشة تجاوزت الثامنة من عمرها لكنها كانت تفهم وتعي وتحسن الحفظ لأسرار وقائع الهجرة النبوية والجزيئات المتعلقة بها، ولم يدانها أحد من الصحابة في حفظ هذه الوقائع بالترتيب المسلسل كما حفظته هي(79).

يذكر هذا العالم أن أم سلمة عاشت مع النبي صلى الله عليه وسلم مثلما عاشت عائشة، وكنا نتمنى أن يُتبع قوله بأي لفظ من الألفاظ العلمية، مثل: "تقريبًا، أو حوالي"، ولكنه لم يفعل وذلك بُغية التدليس على القاريء حتى يقر في نفسه أن المدتين متساويتان بدلالة قوله المغالط والمجافي للواقع تمامًا "مثلما".

وتاريخ السيرة النبوية المطهرة يذكر أن السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق، تزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنة إحدى عشرة من النبوة، وبنى بها في شوال من العام الأول بعد هجرته إلى المدينة بسبعة أشهروهي بنت تسع سنين، بينما تزوجت أم سلمة هند بنت أبي أمية من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال بقين من شوال سنة أربع للهجرة وكانت قريبًا من خمس وثلاثين سنة.

وهذا الفارق الزمني فى دخول البيت النبوي لاشك يشكل سببًا جوهريًا في كثرة وقلة المروي من الحديث الشريف بين الكريمتين الطاهرتين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما.

كما أن السيدة عائشة لم تنجب بعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يمر عليها من الأحزان مثلما مرعلى أم سلمة، من بُعْدِها عن ابنها وزوجها معذبة قرابة العام، وفقدها لزوجها رضي الله عنه، وبالتالي فبيت عائشة وعائشة مهيأ تمامًا لاستقبال الحديث النبوي، بينما تبقى أم سلمة موزعة النفس والجهد بين زوجها وأولادها مما سيأخذ من وقتها نصيبًا ليس بالكثير من متابعة الأحداث النبوية.

ومع ذكر ما تقدم فإن التاريخ يشهد لأمنا أم سلمة حُسن تربيتها لأولادها، وحُسن تبعلها لزوجها، وكثرة مروياتها لقوة حافظتها وعنايتها ومدى اهتمامها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى عُدَّت ثاني راوية للحديث بعد عائشة، إذ لها ثلاثمائة وثمانية وسبعين حديثًا (378).

ومما يدلل على الفرق بين بيت عائشة وبيوت أخوتها المؤمنات من أزواج النبي الطاهرات هو اختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم للتمريض فيه، وربما يفهم البعض أن سبب رغبته صلى الله عليها وسلم هو حبُّه لها، ولكننا ذكرنا سابقَا أن الله قد خصَّ السيدة عائشة رضي الله عنها بكثير من الفضائل ووهبها حظَا وافرًا من كمال العقل وقوة الذاكرة وسرعة الفهم والذكاء المتوقد والبديهة الواعية وقدرة التحصيل والاحاطة بكل ما يقع في متناول ذهنها، وملكة الاستنباط والاستخراج، وقوة نادرة للاجتهاد، إذن فلا غرابة أن يكون غرض الرسول صلى الله عليه وسلم التمريض في بيت عائشة بحفظ كل الأقوال والأفعال الصادرة من النبي صلى الله عليه وسلم في أيامه الأخيرة، والحق الذي لا مراء فيه أن المسلمين قد عرفوا الكثير من أمر نبيهم وأمر دينهم، وأحواله صلى الله عليه وسلم عند الاحتضار، من أحاديث عائشة عن زوجها المحبوب عليه الصلاة والسلام (80).

تتخلى روح البحث العلمي الأمين والرصين عن عالمنا الفذ، كما تخلى عنه الأدب أيضًا، وذلك حين يصم "الصدّيقة" بأنها "وضعت الحديث والروايات لصالحها وصالح أبي بكر وعمر وباقي رجال الحزب القرشي"، يدعي هذا الإدعاء من باب رمتني بدائها وانسلت، فقد كان عليه وهو يصف نفسه بأنه مفكر أن يكون حرًا مجردًا ومحايدًا، ويعلم وهو الشيعي أن الشيعة هم أول من تجرأ على الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم انتصارًا لمذهبهم، ومن المعلوم بداهةً عند أهل الحديث من أهل السنة والجماعة العدول أن الرافضة أكذب الناس، بل أكثر الفرق كذبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر الذي دعا ابن تيمية إلى أن يقول عنهم : ( وكذب الرافضة ما يضرب به المثل).

لذا فإن المشهور عنهم إسرافهم في وضع الأخبار التي تسيء إلى الصحابيين الجليلين الصديق والفاروق، كما غالوا في وضع الأحاديث في فضل الإمام علي وآل بيته بجرأة لا يحسدون عليها، حتى فشا أمر كذبهم بلسانهم  حين قال رجلاً منهم تاب إلى الله تعالى : (كُـنّـا إذا اجتمعنا فاستحسنّـا شيئا جعلناه حديثَا).

ولما سُئل الإمام مالك عن الرافضة، قال : (لاتُكلّمهم ، ولا تروي عنهم ، فإنهم يكذبون .(وتَابعه الإمام الشافعي مؤكدًا : (ما رأيت في أهل الأهواء قوماً أشهد بالزور من الرافضة).

وقال شريك بن عبد الله : (احملْ عن كل من لقيت إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث ويتّخذونه دِينًا)(81).

تتميز أمنا عائشة رضي الله عنها بالتزامها بالمنهج العلمي الذي يقترب من الأعراف الأكاديمية المعمول بها في عصرنا، الأمر الذي لفت انتباه من رصدوا سيرتها، واستخرجوا من نهجها في كل علم أهم الملامح التي تميزه، وحيث أن كلامنا في نطاق تعامل أمنا عائشة مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن منهجها رضي الله عنها يتسم بالضبط الدقيق، والنقل الأمين بحيث كانت رضي الله عنها ترى وجوب المحافظة على ألفاظ الحديث، ولا تُجيز روايته بالمعنى، سواء منها أو من غيرها، وتتحرى الدقة في ذلك، وتشترط أن يكون الحديث قد ثبت وروده عن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أخذ الحكم منه، فإن لم يثبت تُنكر أصله ولا تلتفت إلي أخذ الأحكام منه، وقد اتبعت طريقة مع الحديث الذي لا تعرفه بأن تختبر قائله، فإن ضبطه كان محل قبول لديها، أما إذا ثبت الحديث فلا تتردد في الأخذ به، وبالنسبة لموقفها من الحديث الضعيف فقد ترى رضي الله عنها رأيًا يوافق حديثًا ضعفه العلماء، فهذا الرأي منها يكون هو المُقدَّم على من لا دليل له (82).

أفمن كان هذا منهجها من دقة، وضبط، وتوثيق، ونقل أمين لسُنة وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية، وهيَ الصدّيقة بنت الصدَيق زوج الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، التي تعرف مغبة الوقوع فى الكذب المتعمد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي أخذت عنها الأمة ربع أحكام المعاملات، ومات الرسول بين يديها وفي بيته الذي صار من بعده مقصدًا لكل طالب علم بعد أن وثقت الأمة كلها من أكابر الصحابة حتى التابعين في صدق التلقي عنها، أتكون وضاعةً للحديث؟!.. حقًا أمُنا إنها لا تعمى الأبصار وإنما تعمى القلوب التي في الصدور.

قُبِضَ صلى الله عليه وسلم بين حجر ونحر أمنا عائشة رضي الله عنها يوم الإثنين الموافق 12من ربيع الأول سنة 11 للهجرة بعد الزوال، ودفن ليلة الأربعاء في حجرتها التي كانت تختص بها، شرقي مسجده في الزاوية الغربية القبلية من الحجرة. لتتحمل أمهات المؤمنين عبء تبليغ الدين بين المسلمين، وتضاء حجراتهن الطاهرات بأنوار العلم النبوي اللوائى حملنَّ مشاعله، فيقصدهنَّ كل طالب فتوى، وسائل عن فهم المراد من الآيات الكريمات، وحديث شريف غاب عن سائله معناه وصحته. فقد كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يحفظن من حديثه الكثير ولا مثلاً لعائشة وأم سلمة ـ كما يذكر ابن سعد في طبقاته (83).

صدق ابن سعد "ولا مثلاً لعائشة وأم سلمة"، فقد كانت أمنا أم سلمة من فقهاء الصحابة المعدودات في الافتاء، ولذلك فقد عدها ابن حزم من متوسطي الفتوى من الدرجة الثانية (84) فقد عوضت ما فاتها بكثرة الملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم، وحفظ كل ماينطق به فمه الشريف. ولصبرها وجهادها وهجرتها اختصها المولى تعالى بما اختص به عائشة فنزل القرآن الكريم في بيتها أكثر من مرة، ومن تلك المرات نزول آية التوبة عن أبي لبابة : ?وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ? (85).

أما أمنا عائشة فقد كانت عالية الهمة، مجدة ومجتهدة في طلب العلم قبل أن تصبح عالمة وعلامة الإسلام، يشهد بهذا ابن كثير:(لم يكن فى الأمم مثل عائشة فى حفظها وعلمها وفصاحتها وعقلها، فاقت نساء جنسها فى العلم والحكمة، ورزقت فى الفقه فهمًا، وفى الشعر حفظًا، وكانت لعلوم الشريعة وعاءً).

يشهد بحبها للعلم وتوقها للتعلم، علم الطب الذي تعلمته من وفود العرب حين كانوا يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مرضه الأخير، ويصفون لها الأدواء التي تعالجه هىَّ بها.

تقف أمنا عائشة في دائرة علوم عصرها نقطة مركزية محورية، أدلت بدلوها فى كل علم، وفي كل فن من الفنون؛ فهي في الحديث محدثة لا تباري، وفي الفقه لها سهم وافر من الفهم، وللقرآن الكريم مفسرة عليمة، ونسابة من نسابات العرب المشاهير، وإذا عدوا قصائد العرب حافظة ماهرة، وفي البلاغة حدث ولا حرج وتقف خطبها شاهدة بفصاحتها لاتحتاج لشهيد، وفي الطب نطاسية حفاظة لطب العرب، فحاروا من رصدوا سيرتها فى قديم أو حديث كيف يجمعون علمها، وإلى أي علم ينسبونها، وهي المُجيدة الأريبة الخبيرة بدروب ومسالك كل علم جازته، حتى بزت أقرانها من الرجال في هذه العلوم يشهد بهذا استدراكها على كبار الصحابة، ومخالفتهم لها أحيانًا بما عندها من رأي أو سنة أو زيادة، يشهد لها الزركشي بكتابه الماتع: "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة"، كماغلبت لداتها من البيت النبوي الكريم، فشهد لها الجميع بتفوقها وامتيازها وتقدمها وسبقها بلا مرية أو جدال أو نفاق، ومازلت هذه الشهادات تترى بعد وفاتها رضي الله عنها من كل من اطلع على علمها، وعاين أقوالها وآرائها من خبراء العلم والفهم فى كل ميدان، وهذا سرد يسير منتقى من شيءٍ كثير من العلماء الأقدمين والمحدثين:

شهد ابن القيم لعائشة حين عقد مفاضلة بينها وبين فاطمة رضي الله عنهما, فقال: (وإن أريد بالتفضيل التفضل بالعلم؛ فلا ريب أنّ عائشة أعلم وأنفع للأمة, وأدت إلى الأمة من العلم ما لم يؤد غيرُها, واحتاج إليها خاص الأمة وعامتها)(86).

يقول الذهبي:(أفقه نساء الأمة على الإطلاق ، ولاأعلم فى أمة محمد بل ولافى النساء مطلقًا امرأة أعلم منها)(87).

ومؤرخي السيرة في كل الأزمان والأصقاع على اختلاف مشاربهم، وأجناسهم، وألسنتهم يشهدون لأمنا عائشة بأنها من أعلم نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم الزهري لمَّا قال لو جمع علم عائشة بعلم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وجميع النساء كان علم عائشة أكثر وفي رواية أفضل)(88).

وذكر ابن حزم : (أن الذين حُفِّظَتْ عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ونيف وثلاثون نفسًا ما بين رجل وامرأة، وكان المكثرون منهم سبعة من بينهم عائشة أم المؤمنين) (89).

وعن عروة عن أبيه قال : (مارأيتُ أحداً من الناس أعلم بالقرآن ولا بفريضة ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة رضى الله عنها)(90).

عن أبى موسى الأشعرى قال : (ماأشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة عنه إلا وجدنا عندها منه علمًا) (91).

وقيل لمسروق: هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ فقال: (والذي نفسي بيده لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض) (92).

وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: (ما رأيت أحداً أعلم بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أفقه في رأي إن احتيج إلى رأيه ولا أعلم بآية فيما نزلت ولا فريضة من عائشة).

وقال محمد رحمة الله الهندي(93):(إن أخصَّ ما يبهر طالبَ العلم في سيرة أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها هو عِلمٌ زاخر كالبحر بُعْدَ غَوْر، وتلاطُمَ أمواج، وسَعَة آفاق، واختلافَ ألوان، فما شاء امرؤٌ مِن تمكُّنٍ في فقه، أو حديث، أو تفسير، أو علم بشريعة، أو آداب، أو شعر، أو أخبار، أو أنساب، أو مفاخر، أو طب، أو تاريخ - إلاَّ هو واجدٌ منه ما يَدْهشه عند تلك العبقرية الفذَّة، ولن يقضي عجبًا من اضْطِلاعها بكلِّ ذلك وهي لم تتجاوز بعدُ الثامنة عشرة من عمرها.

ومن هنا نوقن أنَّ حياة أمِّ المؤمنين بَنَتْ مجدًا باذخًا لتاريخ المرأة العلميِّ في الإسلام، بل إن عبقريَّتها وحدها كفيلةٌ بملء تاريخٍ كامل، فلا نجد في عبقريَّات الرجال والنِّساء في تواريخ الأمم ما يداني مكانةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها).

وعن مدى علمها رضي الله عنها، يقول أحمد أمين (94): (وكانت كما يفهم من سيرتها، تتوقد ذكاء، تعلمت القراءة وعرفت كثيرًا من الأدب الجاهلي، وكان لها بين الصحابة منزلة عالية يستشيرونها فى مسائل دينية وقضائية، وقد مكنها ذكاؤها وخلطتها بالنبي صلى الله عليه وسلم أن تروي عنه كثيرًا، خصوصًا فيما يتعلق بشئونه البيتية التى لم يتيسر للصحابة الإطلاع عليها).

قال سعيد الأفغانى (95): (كان الناس يرون علم عائشة قد بلغ ذروة الإحاطة والنضج في كل ما اتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه).

كما قال عنها الدكتورعبد الرحمن عميرة (96): (حاملة لواء العلم والمعرفة، عارفة بأحداث عصرها الذى عاشت فيه، خبيرة بشئون بيتها ومايجب أن تقوم به، وكيف لاتكون ذلك؟.. وقد نشأت فى بيت أبيها الذى كان أعلم الناس بأنساب العرب وأيامهم. وفقهت أمور دينها وتعلمت مبادىء الإسلام فى مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم وتلقت أصول الأدب والأخلاق على يد من أدبه ربه فأحسن تأديبه).

وعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: (مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْصَحَ مِنْ عَائِشَةَ) (97).

عن الشعبي أن عائشة قالت: (رويتُ للبيد نحوًا من ألف بيت)، وكان الشعبي يذكرها فيتعجب من فقهها وعلمها ثم يقول: (ماظنكم بأدب النبوة) (98).

عن الأحنف بن قيس قال : (سمعت خطبة أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب، فما سمعتُ الكلام من في في[فم] مخلوق أحسن ولاأفخم من في[فم] عائشة).

وقد قال عنها زياد: أيُّ الناس أبلغ؟، قال: أنت يا أمير المؤمنين، إذا عزمت عليَّ فعائشة (99).

تبدو فصاحة أمنا عائشة في أقوالها، كما تبدو أكثر وأجلى في خطبها، مثل خطبتها في أبيها الصِّدِّيق رضي الله عنه حين بلغَها أنَّ قَوْمًا يَنالون منه، وكذلك خطبتها في البصرة وهي ساعية في الطلب بدم عثمان رضي الله عنه، وتقف الخطبتان آيتين من آيات البلاغة العربية. وسأجتزيء استهلالها رضي الله عنها من الخطبة الأخيرة، إذ تبدو فيها وكأنما تحادث شانئيها ومتهميها، وسابيها، ولاعنيها فى كل زمان ومكان، مما كتب لكلماتها الخلود، فتقول رضي الله عنها:(إنَّ لي عليكم حرمةَ الأمومة وحقَّ الموعظة، لا يتَّهمني إلا من عصى ربَّه، قُبِض رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري، وأنا إحدى نسائه في الجنَّة، ادَّخرني ربِّي له، وحصَّنني من كلِّ بضعٍ، وبي مُيِّز مؤمِنُكم من منافقكم، وبي أرخصَ الله لكم في صعيد الأبواء).

الخاتمة
الأحبة من المؤمنين والمؤمنات، أبناء أمنا عائشة رضي الله عنها، عشنا وقتًا هنيًا طيبًا في صحبة الصدّيقة بنت الصدّيق، الحبيبة بنت الحبيب، زوج الصادق الأمين الحبيب صلى الله عليه وسلم في الجنة وفي الدنيا والأخرة، أم عبدالله، الموفقة، الحميراء، عائش، بنت أبي بكر، معلمة الأجيال والرجال، معلمة الأمة عالية الهمة، المبرأة من فوق سبع سماوات.. أمُنا.

تناولنا معًا من خلال سياحتنا بالفصول الثلاثة قبسًا من نورها، وطرفًا من حياتها، ونبذة من فضائلها ومناقبه، وشعاعًا وهاجًا من علمها، واليسير من ورعها وتقواها وتواضعها وبلاغتها وفصحاتها وحصافتها وبداهتها وألمعيتها وذكائها وحسن استنباطها وبراعة استهلالها واستدلالها، وأنوار أدبها وجهادها وعطائها للإسلام والمسلمين، لذلك فاسمها محفور في القلوب بحروف أغلى من أغلى معادن الدنيا، ولسان لايمل من ترديد عنعنة اسمها فى الحديث، والتفسير، والفقه، وأمنيةً تتردد في القلب أن يضمنا البقيع إلى جوارها وجوار أمهاتنا أمهات المؤمنين، وصحب محمد الأخيار الغر الميامين، عليهنَّ وعليهم رضوان الله جميعاتٍ وأجمعين..آمين.زآمين يارب العالمين.

أمُنا عائشة حبيبة حبيب العالمين صلى الله عليه وسلم.. معذرةً، فلم يبلغ بعض الشيعة بعض الأدب معكِ ومع بعض زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كالذي بلغه شاعر روسيا الأكبر"بوشكين" وأكثر أدبائها حبًا للشرق العربى وتأثرًا به حضاريًا وتراثيًا وروحيًا، إذ يقول (100) :

إيهٍ ، يا زوجات الرسول الطاهرات

أنكن تختلفن عن كل الزوجــــــات:
فحتى طيف الرذيـــــلة مفزع لكـن
فى الظل العذب للســــــــــــكينة
عشن فى عفــــاف: فقد علق بـكُن
حجـــاب الشابة العــــــــــــــذراء

ثم يخاطب بوشكين ضيوف نبينا صلى الله عليه وسلم، محذرًا، وآمرًا:

أما أنتم يا ضيوف محمد

وأنتم تتقاطرون على أمسياته
احذروا فبهرجة الدنيا تكدر رسولنا
فهو لا يحب الثرثارين
وكلمات غير المتواضعين والفارغين
شرفوا مأدبته في خشوع
وانحنوا في أدب
لزوجاته الشابات
المحكومات بالعفة

فالحمد لله أن "بوشكين" لم يصل لمسامعه تلك القاذورات الفجة التى تقيأتها قلوب ممن ينتسبون للإسلام ظلمًا قبل أن تتفوه بها أفواههم، ولم يحفظوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عهدًا ولاذمة فى بعض زوجاته أمهاتنا أمهات المؤمنين، وهم الذين يتباكون ليل نهار على حفيده، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعًا، وهم الخاسرون.

ولاأجد خير من قصيدة الواعظ الأندلسى فى الرد على من تجرأ وتجبر على زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الصديقة بنت الصديق أمنا أم المؤمنين السيدة  عائشة المبرأة من السماء بقرآن الله، ووصمها كل فاجر بما لايستطيع أن يصم به زوجة مرجع شيعي من ملته، أو زوجة رئيس جمهوريته، وأنها لأعلى وأغلى وأطهر وأشرف لو يعلمون وهم يعلمون ويعمهون، ولقد أحسن الأندلسي إذ كان ترجمانها وتحدث بلسان حالها فلنسمع لها رضى الله عنها وأرضاها وليسمع لها كل من خاض فى عرضها من مستشرق حاقد، أونصراني جاهل، أوشيعىٍ ضال، أوسُني مأجورعلى سبها رضى الله عنها وأرضاها ، وأخزاهم جميعًا.

كما أنني لن أجد خيرًا من بيان اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية  في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها، لأختم به كتابي الذي أتقدم به لأمنا رضي الله عنها وأرضاها، عساه يدخل السرورعلى قلبها، نائبًا عن الملايين من أبنائها البررة الذين يكنون لها من رجال ونساء أسمى آيات الإحترام والامتنان والرضا عن كل ما قامت به وقدمته للإسلام، وتفانيها في صحبة وعشرة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم الذي مات وهو عنها راض كما أنها عند ربها راضيةً مرضية هيَّ وسائر أمهاتنا أمهات المؤمنين عليهنَّ رضوان الله.



حبــــــــــًا في أمي عائشة 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 12 أبريل 2021, 2:58 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

حبــــــــــًا في أمي عائشة Empty
مُساهمةموضوع: رد: حبــــــــــًا في أمي عائشة   حبــــــــــًا في أمي عائشة Emptyالخميس 28 فبراير 2013, 2:03 am

قصيدة أبى عمران موسى بن محمد بن عبدالله الواعظ الأندلسي في: 
مناقب أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها
ما شَأنُ أُمِّ المؤمنين وشَانيِ
هُدِي المُحبُّ لها وضلَّ الشَّانيِ

إنِّي أقُول مُبينِّاً عنْ فَضْلها
وَمُترجماً عَنْ قَوْلِها بلسَانيِ

يا مُبْغِضِي لا تأْتِ قَبْر مُحَمَّد
فالبَيتُ بَيتي والمكَانُ مَكَانيِ

إِنَّي خُصصْتُ عَلى نِسَاء مُحَمَّدٍ
بِصَفَاتِ بر تَحْتَهُنَّ مَعَانيِ

وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضائِلِ كُلِّها
فالسَّبْقُ سَبَقي والعنَانُ عِنَانيِ

مَرَضَ النَّبيُ وماتَ بينَ تَرَائِبي
فاليومُ يَوْمِي والزَّمَانَ زَمَانيِ

زَوْجي رَسُولَ الله لَمْ أَرَ غْيرُهُ
اللهُ زَوَّجَني بِهِ وحَبَانيِ

وأتاهُ جبريلُ الأمين بصُورتي
فأَحبَّني المُخْتَارُ حِينَ رآني

أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرَّهُ
وضَجِيعُه في مَنْزِلي قَمَرانِ

وَتَكَلَم الله الْعَظِيمُ بِحُجَّتِي
وَبَراَءتي فِي مُحْكَمِ القُرآنِ

والله خَفْرَني وعَظَّمَ حُرْمَتِي
وعلى لِسَانِ نَبيِّهِ بَرَّانيِ

والله في القرآن قد لعن الذي
بعد البراءة بالقبيح رماني

واللهُ وَبَّخ مَنْ أراد تَنَقَّصي
إِفكَاً ، وسَبَّحَ نَفْسَه في شَانيِ

إنّي لَمحصَنَة الإِزارِ بَريِئَة
ودليلُ حُسن طَهَارَتي إحْصاني

والله أحصنني بخاتم رُسله
وأذل أهل اَلإفك والَبهتانِ

وسَمعْتُ وَحْي الله عِنْدَ مُحَمَّدٍ
من جِبْرَئِيلَ وَنُورُه يَغْشَانيِ

أَوْحَىَ إِلَيْهِ وَكُنْتُ تحْتَ ثِيَابِهِ
فَحَنَى عليَّ بِثَوبِه وخَبَّانَي

مَنْ ذَا يُفَاخِرُنيِ وينْكر صُحْبَتِي
ومحمَد في حجْرِه رَبَّاني

وأَخَذتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ
وَهُما على الإِسلامِ مصْطحِبانِ

وأبي أَقَام الدِّين بَعْدَ مُحَمَّدٍ
فالنَّصلُ نصلي والسِّنان سِنَانيِ

والفَخْرُ فَخْرِي , والخِلاَفَةُ في أبي
حَسْبي بِهذا مفْخَراً وكَفاني

وأنا ابنَةُ الصِّدِّيق صاحِبِ أَحْمَدٍ
وحَبِيبهِ في السِّرِّ والإِعلانِ

نَصَرَ النبيِّ بمالِهِ وفِعَالِه
وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِنَ الأوطانِ

ثانيه في الغارِ الذي سَد الكُوَى
بِردائِهِ , أَكْرِم بهِ مِنْ ثاني

وجَفا الغنى حتَّى تَخَلَّل بالعَبَا
زاَهْداً وأَذْعَنَ أَيَّما إِذْعَانِ

وَتَخلَّلتُ مَعَهُ مَلائِكِةُ السَّما
وَأَتَتْهُ بُشرى اللهِ بالرِّضوانِ

وهو الذي لَمْ يَخْشَ لَوْمةَ لائمٍ
فيِ قَتْل أهل الَبغْيِ والعُداونِ

بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

في المملكة العربية السعودية
في الدفاع عن أم المؤمنين
عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها
2 ذو القعدة 1431هـ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية على ما تناقلته وسائل الإعلام من القذف والسب والطعن في عرض زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مكذبًا للكتاب والسنة المطهرة وإحقاقًا للحق ودفعًا عن عرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الذي هو عرض النبي صلى الله عليه وسلم.

ـ كتبت اللجنة البيان الآتي:
إن من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، وجوب محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيرهم والترضي عنهم؛ فهم الذين صحبوا خاتم الأنبياء والمرسلين، وهم الذين عايشوا نزول الوحي، وهم الذين مدحهم الله في كتابه وأثنى عليهم المصطفى عليه الصلاة والسلام في سنته، وكفى بذلك منقبة وفضيلة:
قال الله تعالى: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ" (التوبة: 100)، وقال تعالى: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا" (الفتح: 18)، وقال تعالى: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ" (الفتح: 29).

وثبت عنه عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري ومسلم أنه قال: ’’خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم’’. وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: ’’لاتسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحُد ذهبًا ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه’’ (متفقٌ عليه). والأحاديث في تزكيتهم وذكر فضائلهم جماعة وأفرادًا كثيرة جدًا.

ومن أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة كذلك وجوب محبة آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام ومعرفة حقهم وتنزيلهم المنزلة اللائقة بهم فهم وصية رسول الله كما ثبت بذلك الخبر من قوله عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم: ’’أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثًا’’، وقد روى البخاري ومسلم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه، قال: (والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليَّ أن أصل من قرابتي)، وقال رضي الله عنه كذلك كما في صحيح البخاري: (ارقبوا محمدًا في أهل بيته).

ولا شك أن أزواجه وذريته عليه الصلاة والسلام من أهل بيته ويدل لذلك قوله تعالى: ? يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا? (الأحزاب 32 - 33).

ومن معتقد أهل السنة والجماعة أن المرء لا يبرأ من النفاق إلا بسلامة المعتقد في الصحابة وآل البيت، يقول الطحاوي: (ومن أحسن القول في أصحاب النبي وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق)، وقال: (ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان).

وبهذا يتبين أن سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو التعرض لعرضه عليه الصلاة والسلام بقذف أزواجه جرم عظيم وخصوصًا الصدًّيقة بنت الصدّيق، وهي المبرأة من فوق سبع سماوات وكانت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه، وكانت أفقه نساء الأمة على الإطلاق، فكان الأكابر من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين إذا أشكل عليهم الأمر في الدين استفتوها.

ومناقبها رضي الله عنها كثيرة مشهورة، فقد وردت أحاديث صحيحة بخصائص انفردت بها عن سواها من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن، ومنها:

1ـ   مجيء الملك بصورتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة من حرير قبل زواجها به صلى الله عليه وسلم. فقد روى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’أريتك في المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت هي فأقول إن يكن هذا من عند الله يمضه’’.

2ـ  ومن مناقبها رضي الله عنها أنها كانت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وقد صرح بمحبتها لما سئل عن أحب الناس إليه.

فقد روى البخاري عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقلت: أي الناس أحب إليك؟، قال: ’’عائشة’’، قلت: فمن الرجال؟، قال:’’ أبوها’’.

قال الحافظ الذهبي ـ رحمه الله ـ : (وهذا خبر ثابت وما كان عليه الصلاة والسلام ليحب إلا طيبًا، وقد قال:’’ لو كنت متخذا خليلاً من هذه الأمة لا تخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام أفضل’’ فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أفضل رجل من أمته وأفضل امرأة من أمته فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حري أن يكون بغيضًا إلى الله ورسوله وحبه عليه السلام لعائشة كان أمرًا مستفيضًا).

3ـ   ومن مناقبها رضي الله عنها نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها دون غيرها من نسائه عليه الصلاة والسلام.

فقد روى البخاري عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة، فقلن: يا أم سلمة والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث كان أو حيث ما دار، قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم، قالت: فأعرض عني. فلما عاد إليَّ ذكرتُ له ذلك فأعرض عني. فلما كان في الثالثة ذكرتُ له، فقال: ’’يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي في لحاف امرأة منكن غيرها’’.

قال الحافظ الذهبي رحمه الله: (وهذا الجواب منه دال على أن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها وأن ذلك الأمر من أسباب حبه لها).

4ـ  ومن مناقبها رضي الله عنها أن جبريل عليه السلام أرسل إليها سلامه مع النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا: ’’يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام’’، فقلت: (وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى مالا أرى) [تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم]. قال النووي: (وفيه فضيلة ظاهرة لعائشة رضي الله عنها).

5ـ  ومن مناقبها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بتخييرها عند نزول آية التخيير وقرن ذلك بإرشادها إلى استشارة أبويها في ذلك الشأن لعلمه أن أبويها لا يأمرانها بفراقه فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة فاستن بها بقية أزواجه صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي، فقال:’’إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك’’، قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت: ثم قال: ’’إن الله جل ثناؤه، قال: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا" (الأحزاب 28 -29)، قالت فقلت أفي هذا استأمر أبوي؟ فإني اريد الله ورسوله والدار الآخرة قالت ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت.

6ـ ومن مناقبها رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرص على أن يمرض في بيتها فكانت وفاته صلى الله عليه وسلم بين سحرها ونحرها في يومها وجمع الله بين ريقه وريقها في آخر ساعة من ساعاته في الدنيا وأول ساعة من الآخرة ودفن في بيتها، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول:’’ أين أنا غداً؟’’، حرصاً على بيت عائشة قالت فلما كان يومي سكن وعند مسلم عنها أيضاً قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفقد يقول:’’ أين أنا اليوم أين أنا غدًا؟’’ استبطاء ليوم عائشة، قالت: (فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري)..

وروى البخاري أيضاً عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه يقول:’’ أين أنا غداً أين أنا غدا؟’’، يريد يوم عائشة فأذن له أزواجه يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها، قالت عائشة: فمات في اليوم الذي يدور علي فيه في بيتي فقبضه الله وإن رأسه لبين نحري وسحري وخالط ريقه ريقي، ثم قالت: دخل عبدالرحمن ابن أبي بكر ومعه سواك يستن به فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: (اعطني هذا السواك يا عبدالرحمن فأعطانيه فقضمته ثم مضغته فأعطيته رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستن به وهو مستند إلى صدري). وفي رواية أخرى بزيادة (فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة).

7ـ  ومن مناقبها رضي الله عنها إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها من أصحاب الجنة.  فقد روى الحاكم بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت : ’’يارسول الله، من من أزواجك في الجنة؟’’، قال: ’’أما إنك منهن’’، قالت: "فخيل إلي أن ذاك لأنه لم يتزوج بكرًا غيري".وروى البخاري عن القاسم ابن محمد أن عائشة اشتكت فجاء ابن عباس، فقال:(يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر)، وفي هذا فضيلة عظيمة لعائشة رضي الله عنها حيث قطع لها بدخول الجنة إذ لا يقول ذلك إلا بتوقيف.

8ـ  ومن مناقبها رضي الله عنها ما رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ’’فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ففي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن فضل عائشة زائد على النساء كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة’’.

9ـ  ومن مناقبها رضي الله عنها نزول آيات من كتاب الله بسببها فمنها ما هو في شأنها خاصة ومنها ما هو على الأمة عامة فأما الآيات الخاصة بها والتي تدل على عظم شأنها ورفعة مكانتها شهادة الباري جل وعلا لها بالبراءة مما رميت به من الإفك والبهتان وهو قوله تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ? (النور: 11) إلى قوله تعالى: ?الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ? (النور: 26).

وقد قال بعض المحققين فيها أيضًا: (ومن خصائصها أن الله سبحانه وتعالى برأها مما رماها به أهل الإفك وأنزل في عذرها وبراءتها وحيًا يتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة، وشهد لها بأنها من الطيبات ووعدها المغفرة والرزق الكريم وأخبر سبحانه أن ما قيل فيها من الإفك كان خيرًا لها ولم يكن ذلك الذي قيل فيها شرًا لها ولا خافضًا من شأنها بل رفعها الله بذلك وأعلى قدرها وأعظم شأنها وصار لها ذكرًا بالطيب والبراءة بين أهل الأرض والسماء فيالها من منقبة ما أجلها).

وبهذا وغيره يتبين فضلها ومنزلتها رضي الله عنها وأرضاها وأن قذفها بما هي بريئة منه تكذيب لصريح القرآن والسنة يخرج صاحبه من الملة كما أجمع على ذلك العلماء قاطبة ونقل هذا الإجماع عدد من أهل العلم.

فالواجب على كل مسلم محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والترضي عنهم أجمعين وتوقيرهم ونشر محاسنهم والذب عن أعراضهم والإمساك عما شجر بينهم، فهم بشر غير معصومين ولكن نحفظ فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونتأدب معهم بأدب القرآن، فنقول: ? رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ? (الحشر: 10).

هدى الله الجميع لصراطه المستقيم واتباع سيد المرسلين وصحابته الغر الميامين والحمد لله رب العالمين.

ـ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
عضو / أحمد بن علي سير المباركي        عضو/ صالح بن فوزان الفوزان
عضو / محمد بن حسن آل الشيخ           عضو/ عبدالله بن محمد الخنين
عضو / عبدالله بن محمد المطلق            عضو/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير
الرئيس / عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ

الهوامش
(1) سنن الترمذي, كتاب المناقب, بَاب مِنْ فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, حديث رقم (3820), وقَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(2) صحيح مسلم, كِتَاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ, بَاب فِي فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا, حديث رقم (4469).
(3)  الألباني: السلسلة الصحيحة ، ص 2255
(4) انظر: الْإِجَابَةُ لِإِيْرَادِ مَا اسْتَدْرَكَتْهُ عَائِشَةُ عَلَى الصَّحَابَةِ (1/54).
(5) صحيح مسلم, كِتَاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ, بَاب فِي فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا, حديث رقم (4473)
، 1 : 123(6) صحيح البخارى : كتاب الصلاة باب أصحاب الحراب في المسجد ،
و ج 7 : 48 كتاب النكاح باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة
، صحيح مسلم :  كتاب صلاة العيدين باب ( 4 ) باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه.
(7) " رواه مسلم .وفي رواية الإمام أحمد : " فلهزني في ظهري لهزة فأوجعتني".
(8) (رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة.) مجمع الزوائد وصححه الألبانى(.
(9) أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها جمع وتحقيق محمد مال الله.
(10)عباس محمود العقاد ،  الصديقة بنت الصديق صـ42.
(11) الرسول ، حياة محمد  صـ 428.
(12) ذلك أن بودلى كتب كتابه فى ديسمبر عام 1945بواشنطن  وكان هذا هو التعداد تقريباً وقتها . المؤلف  
(13) موسوعة أم المؤمنين صـ 218.
(14) عائشة صـ 21ـ22.
(15)(رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة. مجمع الزوائد وصححه الألبانى( .
(16) توماس كارليل ،الأبطال وعبادة الأبطال والبطولات فى التاريخ.
(17) أخرجه البخارى . باب مناقب عائشة.
(18) يوسف : 18.
(19) [متفقٌ عليه ].
(20) فولتير (Voltaire) من كبار المؤلفين الفرنسيين، من مؤلفاته «محمّد» و «زئير» و «كنديد» توفى سنة 1778 م.
(21) المستشرق الإنجليزي "بوسورث سميث" ""Bosworth Smith (1815ـ1892)الأدب في آسيا، المقدمة.
(22) جورجيا هاركنس: بماذا يؤمن المسيحيون ص 46.
(23)محمد الغزالي : قذائف الحق .
(24) ترك صالح الورداني المذهب الشيعي بعد حوالي 20 عاما من اعتناقه.
(25) دفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم ضد الفقهاء والمحدثين، دار الرأي للطباعة والنشر والتوزيع.القاهرة 1998.
(26) عائشة عبد الرحمن: أم النبى ص184.
(27) ابراهيم فارس: سبيل المسيح ص254.
(28) مصطفى السباعى: السيرة النبوية دروس وعبر ص5.
(29) أرنولد توينبي: مدخل تاريخي للدين.
(30) مصطفى صادق الرافعي:  وحى القلم 2 / 5.
(31)غوستاف لوبون: حياة الحقائق ص62.
(32)الكونت كاتياني : تاريخ الإسلام.
(33) حياة محمد المستشرق بودلي ص6.
(34) الموسوعة البريطانية13 /1710.
(35)هارييت بارنز: تاريخ الكتابة التاريخية.
(36) حسين أحمد أمين: حول الكتابة التاريخية عند المسلمين المنشور بمجلة العربي العدد 406 سبتمبر1992 ص 94.
(37)مسلم بن الحجاج النيــسابوري، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي،بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1374ه/1955م، ط1، ج:1.
(38)محمد بهاء الدين، المستشرقون والحديث النبوي، عمان: دار النفائس، 1420هـ/1999م، ط1، ص: 15 – 16، نقلا عن ابن أبي حاتم، المجروحين، ج:1، ص: 19، والخطيب البغدادي، شرف أصحاب الحديث، ص: 42.
(39) مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، ج: 1 ص:15.
(40)عبدالفتاح أبو غدة، الإسناد من الدين، بيروت: 1992م/1412ه ، ص: 35 – 36.
(41) سيد قطب: تفسير فى ظلال القرآن.
(42)(سورة الأحزاب: 6).
(43)محمد فتح الله كولن: أخلاق الحبيب.
(44)كتاب المرأة والجريمة  من منظور القانون الاجتماعى العدد السادس من دراسات حقوق الإنسان ملتقى المرأة للدراسات والتدريب مدينة تعز اليمنية.
(45) الإمام الذهبي : سير أعلام النبلاء 10/91.
(46) سنن البيهقي الكبرى 1/139.
(47) إيلاف ـ وكالات 8/6/2008.
(48) محمد جلال القصاص، السيرة النبوية.
(49) الدكتور نظمى لوقا: محمد فى حياته الخاصة ص 134.
(50) الجزء الأول ترجمة زهير الشايب الهيئة العامة للكتاب 2002ص 30.
(51) دكتورة عائشة عبد الرحمن: نساء النبي ، ص 40 وما بعدها.
(52) انظر: الموسوعة الكاثوليكية، ودائرة المعارف الكتابية ج7 ص125، وكتاب مخلصون أحاطوا بالمذود،ص9:الأنبا تكلا، وكتاب العذراء مريم حياتها رموزها والقابها فضائلها تكريمها، ص21 :الأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية الأسبق.
(53) دكتورة عائشة عبد الرحمن : مع المصطفى فى عصر المبعث.ط3 ص139. دار المعارف، مصر1977.
(54) علي السالوس النائب الأول لرئيس مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا /www.islammemo.cc 28-10-2008 .
(55) فوزية دياب: القيم والعادات الإجتماعية، دار الكاتب العربى ص 140.
(56) صحيفة عكاظ ، فى  مكاشفات أجراها معه : عبدالعزيز محمد قاسم بتاريخ  6 / 3 / 2008م.
(57) علي بن يونس العاملي :كتاب الصراط المستقيم جـ 2 صـ 465هي أم الشرور ، كما أنها قرن الشيطان من نفس المصدر ص468، وأن الله لم يبرأها من الزنا صـ 469 نفس المصدر ومنه أيضاً يلقبونها بالفاجرة صـ 350.
(58) تفسير القمي ج2 ص 377 ، المجلسي بحار الأنوار ج22 ص240، تفسير العياشي سورة الملك ج29 ص358.
(59)القمي شيخ مشايخ علماء الشيعة، وأحد مراجعهم الهامة توفى 307هـ .
(60) طلحة بن عبيد الله، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن الذين شهدو أحدًا وما بعدها من المشاهد، وبايع بيعة الرضوان، وأبلى في أحد بلاءً عظيماً، ووقى رسول الله بنفسه، واتقى عنه النِّبْلَ بيده حتى شُلَّتْ أصبعه،وضُرِبَ على رأسه وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدره إلى الصخرة. قُتِّلَ رضي الله عنه يوم الجمل وبكاه علي بن أبى طالب ورثاه رثاءً مرًا.. فعن أي طلحةَ يتكلمون هؤلاء الكاذبون؟!
(61)تفسير القمي ج2 ص377.
(62) محمد باقر المجلسي :حياة القلوب ج2 ص700 طبعة طهران.
(63) العاملي هو المرجع الوحيد من مراجع الشيعة المعاصرين الذين يحكمون بكفر السنة حُكمًا وموضوعًا. في 12 أبريل 2011، هجمت مئات من عناصر حزب الله على منزله ومكتبه الكائنين بمنطقة المريجة في الضاحية الجنوبية ببيروت، وقاموا بالاستيلاء على بعض ممتلكاته الخاصة، وهدّدوه بسفك دمه، كما قاموا بالاعتداء ضربًا على بعض تلامذته، وذلك بدعوى تعرضه لعائشة بنت أبي بكر في كتابه المشار إليه، ونقده ونقضه لنظرية ولاية الفقيه.
(64)علي الشهرستاني: من هو الصدّيق؟ ومن هيَّ الصدّيقة؟، المجمع العالمي لمعرفة الشيعة والتشيع،المكتبة الشيعية.
(65) الشيخ نجاح عطا عبد محمد الطائي، عراقى المولد ، درس بالعراق وإيران وقم،حاصل على شهادة الدكتوراه الأولى من الحوزة الفيضية القمية و الثانية من جامعة المصطفى العالمية له كتب كثيرة منها:حضور أبي بكر في الغار والهجرة ـ هل أغتيل النبي؟ ... وغيرها.
(66) منصور حسين : " تحفة العوام مقبول"، ص423ـ424. طبعة باكستان.
(67)الدكتور ناصر بن عبدالله بن علي القفَاري أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية عرض ونقد،ط2،السعودية1994 ص745.
(68) نعمة الله الجزائري:الأنوار النعمانية جـ2 ص 279.طبعة مؤسسة الأعلى، بيروت.
(69)الحجة في بيان المحجة أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني 2/402.
(70)اللالكائي 2769.
(71)تفسير القرآن العظيم لابن كثير ، جـ3 ص328. دار التقوى للتراث القاهرة .
(72)الراوي: عبدالملك بن عمير المحدث: الذهبي - المصدر: سير أعلام النبلاء - الصفحة أو الرقم: 2/147 خلاصة حكم المحدث: إسناده صالح ، ولكن فيه انقطاع.
(73)السمط الثمين ص25، والترمذي رقم : 1068، ومسند أحمد1/335.
(74) نجاح الطائي: سيرة السيدة عائشة وأحاديثها ج1 ص14. دار الهدى لإحياء التراث.بيروت2010.
(75) انظر: المجموع شرح المهذب (1/89), والاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/108), وسير أعلام النبلاء (2/148).
(76) صفى الرحمن المباركفورى :الرحيق المختوم . الطبعة الأولى ص115، دار الوفاء ، مصر 2002.
(77)انظر: موسوعة حياة الصحابة، ط1،ج7 ص4096، إعداد وتنسيق وإخراج محمد سعيد مبيض. مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت 2000.
(78) (سورةالقمر:46).
(79) سليمان الندوي : سيرة أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، ص43.
(80) سليمان الندوي : سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضيً الله عنها. الطبعة الأولى ص151/152. دار القلم، دمشق 2003.
(81) انظر دراسات في المصطلح والرجال للدكتور محمد محمود أحمد هاشم، القاهرة 1993،والاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير للدكتور محمد بن محمد أبو شَهبة، مكتبة السنة. القاهرة1988،الموضوعات لابن الجوزي، المكتبة السلفية المدينة المنورة 1386هـ ، اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة. للسيوطي. المكتبة التجارية بمصر. بدون تاريخ.
(82)انظر: عائشة رضي الله عنها معلمة الرجال والأجيال محمد علي قطب: ،ط1ص90.مكتبة القرآن، موسوعة فقه عائشة أم المؤمنين.. حياتها وفقهها ط1ص555 وما بعدها:سعيد فايز الدخيل،دارالنفائس  للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت 1989.
(83)محمد بن سعد الزهري،الطبقات الكبرى،بيروت، دار صادر،2/375.
(84) ابن حزم، "أصحاب الفتيا من الصحابة "، ص320.
(85) (سورة التوبة:102).
(86) ابن القيم : بدائع الفوائد (3/683).
(87) انظر: سير أعلام النبلاء (2/140).
(88) الذهبي ، السير2/185. موطأ الإمام مالك, أبواب الصلاة, باب وقوت الصلاة, (1/45).
(89) ابن حزم ، "أصحاب الفتيا من الصحابة ومن بعدهم على مراتبهم في كثرة الفتيا " مطبوعة مع كتاب جوامع السيرة ، تحقيق :د.إحسان عباس ،د.ناصر الدين الأسد ، مصر ،دار المعارف ، ص320.
(90) ابن الجوزي : صفة الصفوة، تحقيق أبي علي مسلم الحسيني.ط1 المجلد الأول ص309.مكتب الإيمان المنصورة 1999.
(91)سنن الترمذي, كِتَاب الْمَنَاقِبِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, بَاب مِنْ فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, حديث رقم (3818).
(92) المعجم الكبير (23/181), حديث رقم (291), وقال الهيثمي: رواه الطبراني وإسناده حسن, وانظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (9/388).
(93) مُعَرِّبْ كتاب سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين لمؤلفه سليمان الندوي ص9.
(94) أحمد أمين: فجر الإسلام  ،ط1ص349ـ350.مكتبة الأسرة، القاهرة1996.
(95) سعيد الأفغانى :عائشة والسياسة ص13.
(96) عبد الرحمن عميرة (دكتور): رجال ونساء أنزل الله فيه قرآنًا، ط1 ص46.مكتبة الأسرة، القاهرة2001.
(97)سنن الترمذي, كِتَاب الْمَنَاقِبِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, بَاب مِنْ فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, حديث رقم (3819), وقَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
(98) سير أعلام النبلاء للذهبي.
(99)ابن الجوزي : صفة الصفوة،تحقيق أبي علي مسلم الحسيني.ط1 المجلد الأول ص309.مكتب الإيمان المنصورة 1999.
(100) نقلاًعن كتاب مؤثرات عربية وإسلامية فى الأدب الروسى للدكتور مكارم الغمرى.

أولاً: القرآن الكريــــــــم .
ثانياً:  كتب السنة الصحيحة الواردة بالهوامش والحواشي.
ثالثا: كتب السير والتراجم:
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر - الطبقات الكبرى لابن سعد- السيرة النبوية لابن هشام - البداية والنهاية لابن كثير - صفة الصفوة لمحمد أبو الفرج - سير أعلام النبلاء للذهبي ـ موسوعة حياة الصحابة - فضائل الصحابة لابن حنبل - دلائل النبوة للأصبهاني- الاستيعاب لابن عبد البر.

رابعا: تفاسير القرآن الكريم:
القرطبي ـ ابن كثير ـ فى ظلال القرآن.

خامساً: المصادر والمراجع التالية :
ـ ابن تيمية: أم المؤمنين عائشة جمع وتحقيق محمد مال الله ط 1 1989 .
ـ ابن هشام: السيرة النبوية. طبعة الحلبى، القاهرة 1936 .
ـ إبراهيم فارس : سبيل المسيح. دار منهل الحياة، لبنان1988 .
ـ أحمد أمين: فجرالإسلام، ط1ص349ـ350.مكتبة الأسرة، القاهرة1996.
ـ السهيلي: الروض الأنف.مطبعة الجمالية، مصر 1914 .
ـ المحب الطبري: السمط الثمين فى مناقب أمهات المؤمنين. طبعة حلب .
ـ القاضي عياض: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، تحقيق أحمد فريد المزيدي. الطبعة الأولى، المكتبة التوفيقية، القاهرة .
ـ توماس كارليل: محمد المثل الأعلى. ترجمة محمد السباعي، مكتبة الآداب، مصر 1991 .
ـ جلال الدين السيوطي: اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة. المكتبة التجارية بمصر. بدون تاريخ.
ـ جورجيا هاركنس: بماذا يؤمن المسيحيون؟، ترجمة اسحق سعد. دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية، القاهرة 1969.
ـ ر.ف. برادلى: الرسول ـ حياة محمد، ترجمة عبد الحميد جودة السحار السحار ،مكتبة مصر.
ـ سليمان الندوي: سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضيً الله عنها. الطبعة الأولى. دار القلم، دمشق 2003.
ـ سعيد فايز الدخيل: موسوعة فقه عائشة أم المؤمنين.. حياتها وفقهها ط1 : ،دارالنفائس  للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت 1989.
ـ صالح الورداني: دفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم ضد الفقهاء والمحدثين، دار الرأي للطباعة والنشر والتوزيع.القاهرة 1998.
ـ صفي الرحمن المباركفورى :الرحيق المختوم. الطبعة الأولى، دار الوفاء، مصر 2002 .
ـ عائشة عبد الرحمن (دكتورة) : نساء النبي، الطبعة الخامسة.  دارالهلال  1971.
ـ عائشة عبد الرحمن (دكتورة) : أم النبى  ط 2 الهيئة المصرية العامة للكتاب 1995 .
ـ عائشة عبد الرحمن(دكتورة) :مع المصطفى فى عصر المبعث . دار المعارف ، مصر1977 .
ـ عباس العقاد  :عائشة الصديقة بنت الصديق . منشورات الكتب العصرية .مصر
ـ عبد الحليم حفني (دكتور) : موسوعة أم المؤمنين. الطبعة الأولى، مكتبة مدبولي 2003 .
ـ عبد الرحمن عميرة (دكتور): رجال ونساء أنزل الله فيه قرآنًا، ط1 ص46.مكتبة الأسرة، القاهرة2001.
ـ علي الشهرستاني: من هو الصدّيق؟ ومن هيَّ الصدّيقة؟، المجمع العالمي لمعرفة الشيعة والتشيع،المكتبة الشيعية.
ـ فوزية دياب : القيم والعادات الإجتماعية . دار الكاتب العربى للطباعة والنشر ، القاهرة 1966.
ـ محمد أبو زهرة (دكتور) : خاتم النبيين . المؤتمر العالمى الثالث للسيرة والسنة النبوية .
ـ محمد الغزالى : قذائف الحق . مكتبة ، مصر2001 .
ـ محمد باقر المجلسي :حياة القلوب ج2 ص700 طبعة طهران.
ـ محمد بن محمد أبو شَهبة (دكتور):الاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير، مكتبة السنة. القاهرة1988.
ـ محمد بهاء الدين، المستشرقون والحديث النبوي، عمان: دار النفائس، 1420هـ/1999م.
ـ محمد فتح الله كولن  : النور الخالد مفخرة الإنسانية .  ط1 مؤسسة الرسالة 1999.
ـ محمد محمود أحمد هاشم( دكتور): دراسات في المصطلح والرجال للدكتور، القاهرة 1993.
ـ محمد قطب : عائشة رضي الله عنها معلمة الرجال والأجيال ،ط1ص90.مكتبة القرآن.
ـ مصطفى لطفى المنفلوطي : الأعمال الكاملة .المكتبة العصرية ، مصر2002 .
ـ مصطفى صادق الرافعي  : وحى القلم  . المكتبة العصرية بيروت .
ـ مكارم الغمرى (دكتورة):  مؤثرات عربية وإسلامية فى الأدب الروسى . عالم المعرفة، الكويت.
ـ منصور حسين : " تحفة العوام مقبول"، ص423ـ424. طبعة باكستان.
ـ موسوعة وصف مصر، الجزء الأول ترجمة زهير الشايب الهيئة العامة للكتاب. القاهرة 2002.
ـ ناصر بن عبدالله بن علي القفَاري (دكتور): أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية عرض ونقد،ط2،السعودية1994 ص745.
ـ نجاح الطائي (دكتور): سيرة السيدة عائشة وأحاديثها ج1 ص14. دار الهدى لإحياء التراث.بيروت2010.
ـ نظمي لوقا ( دكتور) : محمد فى حياته الخاصة . مكتبة غريب ، مصر1978 .


ــ للإتصال والتواصل مع الكاتب :

ــ elsayedebrahim1@hotmail.com
ــ elsayedebrahim22@gmail.com
ــ elsayedebrahim22@yahoo.com

ــ 00201000702282

ــ الموقع :
http://kenanaonline.com/elsayedebrahim

ــ المدونة:
http://elsayedebrahim22gmail.blogspot.com

ــ الفيس :
https://www.facebook.com/profile.php?id=100000789262267
ــ تويتر: https://twitter.com/_239498491495



حبــــــــــًا في أمي عائشة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
حبــــــــــًا في أمي عائشة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» هذه أمي عائشة رضي الله عنها وأرضاها
» الصِدَّيقة بنت الصِدَّيق ـ أم المؤمنين عائشة ـ
» الصدّيقة الطاهرة - أمّ المؤمنين عائشة
» عائشة أم المؤمنين براءتها وكفر الطاعنين
» أم رومان أم عائشة الصديقة بنت الصديق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: الصديقة بنت الصديق-
انتقل الى: