أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: من طرائف الترجمة والمُترجمين الأحد 02 ديسمبر 2012, 12:31 am | |
| من طرائف الترجمة والمُترجمين
مجموعة مُترجِمون
*د. حسام الخطيب:
طرائف الترجمة كثيرة.
ومعظم الترجمات غير الأدبية التي توليتها في حياتي كانت من خلال موقعي الوظيفي وليس من خلال الموقع المهني.
ومن جملة المواقف التي لا أنساها أبداً حين كنت أعمل في الاتحاد البرلماني العربي، أنه في إحدى الليالي، بل في منتصف تلك الليلة، دق جرس الهاتف، وطلب مني رئيس برلمان عربي معيّن أن آتي إليه فوراً لتدارك مشكلة كبيرة.
حين ذهبت وجدت أركان حرب المجلس مجتمعين في حالة وجوم.
وسلموني ترجمة رسالة واردة من الكونغرس الأمريكي (لجنة الشؤون الخارجية) وطلبوا مني كتابة ردّ مباشر بالإنكليزية يكون حاسماً وقوياً.
تقول الترجمة إن الوفد الأمريكي إلى مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في لندن (أوائل الثمانينات) لا يوافق أبداً على الإجراء الذي اتخذه المؤتمر العام بقبول وفد المجلس الوطني الفلسطيني عضواً مراقباً في الاتحاد.
ولا يعترف بذلك ولا يريد أن يعود إلى بحث هذا الموضوع.
قرأت الترجمة فوجدت فيها اضطراباً، وطلبت الأصل وقرأته فهالني كيف انقلب المعنى رأساً على عقب.
كان النص الأصلي يقول: إن وفد الكونغرس الأمريكي صوّت ضد قرار قبول البرلمان الفلسطيني في الاتحاد البرلماني الدولي ومازال عند رأيه في هذا الموضوع.
ولكن بما أن القرار اتخذ بطريقة ديمقراطية فإن الشعبة البرلمانية الأمريكية تعتبر الموضوع منهياً، ولن تعود إلى طرحه مرة ثانية.
(في ذلك الوقت كان الأمريكيون مازالوا يحتفظون بشيء من التهذيب في إملاءاتهم على الدول الأخرى!).
وبالطبع حين أوضحت المعنى المقصود زالت الغمة عن إخواني، وتذكروا ضغطي عليهم بسبب استهانتهم بشروط استخدام المترجمين، لأن المترجم الضعيف يمكن أن يوقع المؤسسة التي يترجم لها في أوخم العواقب السياسية والمالية والمعنوية..
إن الترجمة أداة فعالة للتواصل والتفاهم والتفاعل فحذار حذار من التهاون في شروطها والإعداد لها.
*د. حسان قمحية:
كثيرٌ من المواقف الطريفة قد تواجه المترجم في عمله، فكثيراً ما وقع نظري على ترجمات مُضحكة أسوق منها هاتين الحالتين؛ فمن المعروف لدينا نحن الأطبَّاء أن هناك متلازمات مرضية Syndromes تُكتَب بشكل مختصر في النصِّ الأجنبي لطول عبارتها، مثل متلازمة تكوُّن الورم الصمَّاوي المتعدِّد Multiple Endocrine Neoplasia حيث تُكتَب اختصاراً MEN، ولها أنواع مثل MEN1 و MEN2، لكنَّ المترجم لم ينتبه إلى ذلك لجهله -على ما يبدو- بالمعرفة الطبية، فذكر مقابلها "رجال 1" و "رجال 2"؛ أما الموقف الآخر فقد جدته في كتاب في الطبِ الباطني، حيث تورد فقرة من الفقرات أسباباً لعرض من الأعراض المرضية Symptoms، وبعد الانتهاء من ذكر الأسباب الرئيسية تذكر عبارة Miscellaneous Diseases، أي أمراض متفرِّقة، لكنَّ المترجم كتب بدلاً من ذلك أمراضَ المذيلات.
*د. فاروق مواسي:
ترجمتي هي قليلة، وتتركز في الشعر العبري، لكني أراجع ترجمات عن العبرية في ميادين مختلفة، فأفحص دقة الترجمة، وأنقح اللغة، ويظهر اسمي على أغلب الكتب الدراسية الصادرة لدينا – تلك التي تُرجمت عن العبرية.
وثمة طرائف كثيرة تجابهني:
فأحدهم يترجم عن العبرية (شجوياس محمود) بمعنى أن محمودًا جُنّد، فإذا بالمترجم يجعلها (بأن جويس محمود) -ربما بتأثير جيمس جويس- ظانًا أن الفعل هو اسم شخص.
وقد ترجم أحدهم prehistoric وهي بالعبرية مأخوذة تمامًا بحرفيتها - التي تعني قبتأريخي فقال لا فُض فوه (بقرة تاريخية) لماذا؟ لأن (بارا) بالعبرية تعني بقرة.
ومن البلاء أن بعضهم يترجم الكنايات حرفيًا فـ "صدره واسع" مثلا تصبح معنى حرفيًا لقياس الصدر، و"يده طويلة" مثلها، وكذلك "قلبه أبيض" و "لسانه قصير" ومثل ذلك كثير، وخاصة في الأمثال التي يحتاج المترجم إلى بحث عن مثل مطابق في اللغة التي ينقل إليها، لا أن يُترجم ترجمة حرفية.
ومن المترجمين من لا يتروى، فيعرف هل المقصود في (ذكر) مثلا هو المذكر، أم عضو التذكير، أم مجرد ذكر الشيء وعدم نسيانه، أم أنه فعل أمر يطالب بالتذكير، أم أنه طقس من طقوس الصوفية، ومنهم من لا يفحص معنى الكلمة فـ ( عسعس الليل ) هي في ترجمته طال، والموشح هو (البالاد) و (بريّتي) هي بئري و(المعلّقات) هي التي كانت معلقة ربما بحبال أو مرتبطات بسبب من الأسباب.. وقد جمعت مئات من هذي الأخطاء.
*جورج فرج:
أذكر أني دعيتُ لترجمة كلمة ألقتها ضيفة من اسكتلندة حلّت في إحدى الأمسيات الأدبية.
وكانت تلثغ فتلفظ السين ثاءً.
فبذلتُ قصارى جهدي لالتقاط كلماتها بمفهومها الصحيح، لكنها حين قالت: Sorry, I mixed things حسبتُها تقول: Sorry, I missed things ، ولتبديد الشك رجوتها إعادة الجملة، فأعادتها، ولم أميّز ما قالت.
فسألتها: Missed or Mixed? قالت: I mean mith.. th..ted مشدّدة على الثاء... فلم أتأكّد مما سمعت، وخجلتُ من تكرار السؤال، فتوجهتُ إلى الجمهور وقلت: إما أنها أسقطَت أشياءً أو خلطتها... لكُم أن تختاروا!
فضحك المستمعون، وأدركَتْ هي ما يجري فتناولت ورقة كتبت فيها بخط عريض: MIXED ودفعتها إليَّ.
*د. محمد الديداوي:
قررت، منذ السنوات الأولى من الجامعة، ألا أتحدث إلا بالفصحى أو بالدارجة المفصحة على الأقل.
وتوطد هذا القرار عندي بعدما التحقت بقسم الترجمة العربية بالمقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك، حيث يعمل زملاء من شتى الأقطار العربية.
وقد كان الغرض من ذلك تحاشي متاهات الدارجات العربية وأن أتطبّع بالحديث بالعربية وأطوّع لساني عليها تسهيلاً للكتابة.
وذات يوم، وأنا أتجاذب أطراف الحديث مع زميل لي جاراني في الإفصاح، انضم إلينا زميل ثالث معروف عنه أنه غريب الأطوار، وتابع كلامنا برهة، ثم قال متعجِّبا "الله!.. أَنتُمْ بِتِحْكُو تَرْجَمة!"، لأنه لاحظ أننا نتكلم ونتقعّر وكأننا نترجم!
وما زلت مقتنعا بصواب نهج تفصيح الدارجة لتضييق الهوّة بينها وبين الفصحى. وهذا هو السبيل الذي يجب أن يسلكه المثقف العربي.
*د. عبدالرحمن السليمان:
أتى إلى مكتبي مواطن أفريقي وبحوزته عدة وثائق أراد ترجمتها إلى اللغة الهولندية بقصد الزواج وبينها شجرة عائلة مكونة من عشرين صفحة أصر على ترجمتها -وترجمناها له- ليثبت لعروسه البلجيكية أنه من أصل لا يستهان به!
ومرة ترجمت ترجمة فورية لمدة خمس ساعات متواصلة وفي نهايتها اكتشفنا أن التيار الواصل بين غرفة المترجم والمستمعين كان منقطعا!
ومرة أُعطيت نصا للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لأترجمه فوريا أثناء إلقائه إياه أمام البرلمان البلجيكي فما قرأ منه حرفا بل ارتجل خطبة بليغة أتعبت كل المترجمين الموجودين!.
*د. محمود نديم النحاس:
من أطرف ما حصل معي في أول سنة لي في بريطانيا، وإن لم يكن له علاقة بعملي كمترجم ولكنه ذو صلة، كان يوم شكوت للطبيب بأن الدواء الذي وصفه لزوجتي قد أثر سلباً على إدرار الحليب لرضيعها، فقال لي: ضعه على الرف! (قالها بالإنجليزية طبعاً).
فأخذت أتلفَّت في الغرفة حتى وجدت رفاً صغيراً فسألته: أأضعه هنا؟
فأخذ يصرخ ويقول: يعني أوقف استعماله.
فخرجنا من عنده ونحن نضحك على أنفسنا لسوء فهمنا لتعبير بسيط، ثم تذكرنا بأننا نستخدم تعبيراً مماثلاً لهذا التعبير في لغتنا في بلدنا.
*د. سامان عبدالمجيد:
يحضرني هنا مثال مفيد رغم بساطته يبين أهمية الاستعداد الجيد للمترجم فقد كلفت بالترجمة التعاقبية لاجتماعات وفد رفيع المستوى جاء من "جزر القمر".
وبما إن هذه الزيارة كانت الأولى من نوعها، لم تتوفر لدي أية وثائق عن لقاءات أو قرارات سابقة فكانت خطوات الاستعدادات الوحيدة التي كانت بمقدوري هي قراءة كل ما يتعلق بـ "جزر القمر" من موقعها الجغرافي إلى نظامها السياسي وتأريخها ومواردها الطبيعية.
وفي اليوم التالي بدأت المفاوضات السياسية ثم التجارية بين البلدين فقال رئيس وفد جزر القمر إن بلاده تنتج كميات كبيرة من "الكوبرا" ترغب في تصديرها.
وهنا ظهرت أهمية استعدادي للترجمة فلولاها لتصورت أن الكوبرا هي ذلك الثعبان الشهير في العالم ولكني كنت قد قرأت في الليلة الماضية أن جزر القمر تشتهر بفاكهة لذيذة أسمها "كوبرا"!!.
وخلال زيارة الوفد نفسه صادفني موقف محرج جدا يؤكد أهمية التهيئة الجيدة للترجمة الشفوية فقد قال رئيس وفد جزر القمر في نهاية اللقاءات: "لقد جئتكم بهدية وهي سمكة نادرة ومعها الكاتلوج" أي الدليل (وكان يتكلم الفرنسية) فترجمت ذلك بقولي: "ومعها دليل طبخها"، ولكني صعقت وشعرت بالخجل لاحقاً عندما اكتشفت إن الأمر يتعلق بسمكة محنطة حفظت في متحف التاريخ الطبيعي وإن "الدليل" المقصود هو دليل يتضمن عمر ووزن وطول السمكة ومكان صيدها!.
*خديجة بن قنه:
كان الدكتور عمر عبد الكافي يلقي محاضرة دينية في كندا باللغة العربية وبعد أن انتهى سأل جَمْع تحلق حوله من غير الناطقين بالعربية عن الترجمة وهل أوصلت كل ما قاله صحيحاً أمينا بدون تحريف؟.
رد أحدهم قائلا: لا لم تكن الترجمة أمينة يا شيخ، فقد ضحك الناطقون بالعربية ثلاث مرات ونحن ضحكنا مرة واحدة فقط.
*د .زهير سمهوري:
في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي انعقد في لندن ألقت رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر كلمة في هذه المناسبة وكنت أقوم بترجمة خطابها فورياًً من كابين الترجمة الفورية.
كنت منهمكا بكليتي في متابعتها متابعة دقيقة حرصاً مني على أن لا يفوت الوفود البرلمانية العربية أي شيء من خطابها.
وأثناء الترجمة كنت أرى من وراء زجاج الكابين عدة أشخاص من الوفود العربية في قاعة المؤتمر يلتفتون إلى الخلف باتجاه كابين الترجمة ويلوحون بأيديهم.
ولم يسعني الاهتمام كثيراً بتلك الحركات لانهماكي في الترجمة.
وبعد مضي بعض الوقت على الخطاب حانت مني التفاتة إلى جهاز الترجمة الفورية فوجدت أني لم أضغط الزر وكانت كل جهودي حتى ذلك الوقت تذهب أدراج الرياح.
وضغطتُ على الزر فسمعت الوفود العربية صوتي و تنفسوا الصعداء.
ولعلهم كانوا يظنون أن الخلل الذي تصوروا أنه كان يحول بينهم وبين سماع الترجمة قد تم إصلاحه وربما لم يخطر ببال أحد منهم أني نسيت أن أضغط على الزر!.
*د.محسن الرملي:
عندما كنت في بدايات تعلمي للترجمة، قرأت مقالاً عن ترجمات (القرآن الكريم)، لا أذكر اسم كاتبها بدقة الآن، ربما كان عبدالحميد العلوجي أو الشيخ جلال الحنفي، من بين ما ذكره فيها أن إحدى الترجمات التركية قامت بترجمة (إن الله لا يستحي من الحق) هكذا: (إن الله أدبسِز حقجي) و(أدبسِز) في العامية العراقية تعني؛ سيئ الأخلاق.
وهناك ترجمة فرنسية قامت بترجمة (أنتم لباس لهن وهن لباس لكم) هكذا: ( أنتم بنطلونات لهن وهن بنطلونات لكم)..
من يومها وأنا أشك في كل ترجمات القرآن وأحاذر ترجمة النصوص الدينية.
|
|