منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 ثورة عام 1958 في العراق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

ثورة عام 1958 في العراق Empty
مُساهمةموضوع: ثورة عام 1958 في العراق   ثورة عام 1958 في العراق Emptyالسبت 01 ديسمبر 2012, 10:33 pm

ثورة العام 1958 في العراق

ثورة عام 1958 في العراق Wwwsup10

المقدمة:


مر العراق، خلال مراحل تاريخه الطويل، بتقلبات واضطرابات متنوعة، ونادراً ما شهدت أراضيه فترات استقرار وهدوء خالية من الفتن والصراعات.

وتُعد ثورة (تموز) يوليه 1958، علامة على مرحلة اضطراب وقلق واضحين في المجتمع العراقي، وتكتسب دراسة هذه الثورة أهميتها من أنها أطاحت بالنظام الملكي، وحوَّلت البلاد إلى النظام الجمهوري، بزعم أنها ستجلب معه الرخاء والأمن والاستقرار.

ولكن العراق وشعبه شهدا، مع تلك الثورة، مزيداً من الاضطراب والقلق والتدهور العام والانهيار، على الصعيدين الداخلي والخارجي، واهتزاز العلاقات بأغلب دول العالم!

تبدأ هذه الدراسة، بعد المقدمة، بسرد موجز لأحوال العراق العامة بالفصل الأول، قبل تلك الثورة، داخلياًّ وخارجياًّ، وبيان للتنظيمات السياسية، والتيارات المختلفة، وعرض موجز لأبرز الثورات والانتفاضات التي شهدها العراق.

ثم تنتقل في الفصل الثاني لتوضيح العوامل المختلفة، داخل العراق وخارجه، التي هيأت الأجواء لاندلاع الثورة.

ثم تتناول، في الفصل الثالث، تشكيل تنظيم الضباط الأحرار داخل الجيش، والتخطيط للثورة مرات عديدة، باءت جميعها بالفشل، أو انتهت بصرف الضباط نظرهم عنها؛ لأسباب مختلفة.

ثم تتعرض، في الفصل الرابع، لأحداث الثورة بالتفصيل، يوم 14 (تموز) يوليه 1958.

وتنتهي الدراسة في الفصل الخامس، بتناول تأثيرات تلك الثورة وتداعياتها ونتائجها على الصعيدين الداخلي والخارجي في العراق.

*************************

الفصل الأول



أوضاع العراق قبل 1958


شهد العراق، خلال القرن العشرين، عدة ثورات، وانتفاضات، بلغت سبعاً تقريباً، أغلبها كان ضد الاحتلال الإنجليزي للعراق، وقد أدت إلى إحداث تغييرات شديدة في ظروفه وأحواله.


ومن أبرز هذه الثورات:



1. ثورة عام 1920 ضد الإنجليز


أثناء الحرب العالمية الأولى، تقدمت القوات البريطانية إلى ميناء البصرة، فاحتلتها في 6 نوفمبر 1914، بعد انسحاب الأتراك منها، ثم واصل الإنجليز تقدمهم وهم يتوغلون في الأراضي العراقية، إلى أن دخلوا بغداد في 11 مارس 1917.


ولكي يكسب الإنجليز ود العراقيين نشر قائدهم (مود) بياناً جاء فيه:


"إننا لم ندخل بلادكم غزاة وأعداء، بل أصدقاء محررين.. ويا أهل بغداد إن تجارتكم، وإدخال الطمأنينة والأمن في بلادكم من الأمور التي توليها الحكومة البريطانية اهتماماً كبيراً دائماً".

وبعد أن أتم الإنجليز احتلال العراق كله، أصدر القائد العام البريطاني (لويد جورج) في 30 نوفمبر 1918، عقب استسلام تركيا وألمانيا، بياناً أكد فيه أن بريطانيا حاربت من أجل تأمين حرية الشعوب، التي نالها العذاب من جور ألمانيا وحلفائها.

ومن ثمّ توقع العراقيون أن ينالوا حريتهم، خاصة بعد تصريح الحكومة البريطانية بأنها تعترف بالاستقلال التام للعرب، وأراضيهم التي تحررت من السيطرة التركية، وأنها تريد إقامة حكومات وطنية يختارها الأهالي اختياراً حراًّ.

ولكن البريطانيين لم يفوا بوعودهم، وبدأوا يمارسون إجراءات إقامة حكم بريطاني مباشر في العراق.

وزاد الطين بلة أن مؤتمر سان ريمو، الذي عُقد في أواخر أبريل 1920، شهد قرار الحلفاء فرض الانتداب البريطاني على العراق.

خرجت التظاهرات من مساجد بغداد، خلال شهر رمضان (مايو 1920)، تؤججها الخطب الحماسية والقصائد الوطنية.

ثم اشتعلت الثورة في 30 يونيه 1920، حين اعتقل حاكم الرميثة البريطاني أحد زعماء القبائل، فجاء أنصاره وأخرجوه بالقوة.

وانتشرت الثورة، وامتدت إلى مناطق عدة في أنحاء العراق، وخاصة بعد مقتل الحاكم البريطاني (ليجمان) في منطقة الفلوجة.

وتضامن الأكراد والتركمان مع العرب، في ثورتهم، في مناطق عديدة، كما أسهم كثير من الضباط والجنود العراقيين في الثورة.

استمرت الثورة نحو خمسة أشهر، تكبد الإنجليز والعراقيون، خلالها، خسائر فادحة في الأرواح والأموال، واضطر الإنجليز، في نهاية الأمر، إلى التفاوض مع قيادات الثورة العراقية، وتم الاتفاق نهائياًّ، في 27 نوفمبر 1920، على الاعتراف باستقلال العراق.

وهكذا انتهت الثورة، بعد نحو خمسة أشهر، وتُوجت بإعلان العراق دولة عربية مستقلة، يوم 23 أغسطس 1921، وتنصيب الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على العراق، الذي أعلن على الفور شكره للشعب العراقي على مبايعته إياه، وشكره لبريطانيا على مناصرتها للعرب، واعترافها به ملكاً على الدولة العراقية.

وتعهد بأن أول عمل سيقوم به هو مباشرة الانتخابات، وجمع المجلس التأسيسي لوضع دستور للبلاد، والمصادقة على المعاهدة التي تنظم العلاقات بين العراق وبريطانيا.


2. التظاهرات الوطنية الكبرى "21 مارس 1930" ضد الإنجليز


حاولت الوزارة العراقية، التي تشكلت برئاسة ناجي السويدي في 18 نوفمبر 1929، وضع أنظمة جديدة لإنهاء خدمات كثير من الموظفين البريطانيين، وإحلال عراقيين محلهم، فاحتج المندوب السامي البريطاني، وطلب من الملك فيصل بن الحسين عدم التصديق على هذه القرارات، فاستجاب الملك، وغضب أعضاء الوزارة؛ فأعلنوا استقالتهم، بعد أن أصدرت الوزارة بياناً إلى الشعب، شرحت أسباب الاستقالة وظروفها.

فخرجت التظاهرات الغاضبة، تؤيد الحكومة المستقيلة، وتحتج على تدخل المندوب السامي البريطاني.

كما أرسلت القيادات الوطنية بيان احتجاج إلى الملك.

وكانت تلك التظاهرات منظمة بأسلوب جيد، واشتركت فيها طوائف الشعب كافة، لإعلان غضبها على أسلوب الحكم، وتدخل الإنجليز السافر في شؤون العراق.

وأدت هذه التظاهرات إلى توقيع معاهدة 1930، بين الإنجليز والعراق، وفيها وعد من بريطانيا بانضمام العراق لعصبة الأمم، والاعتراف بالعراق دولة حرة مستقلة.

(انظر ملحق معاهدة 1930 بين العراق وبريطانيا).


3. الانقلاب العسكري بقيادة بكر صدقي في 29 أكتوبر 1936


بدءاً من عام 1931، أخذت تظهر بين ضباط الجيش العراقي حركة تذمر من الأوضاع السائدة، وطمعت هذه الحركة في فرض سيطرة الجيش على الحكومة.

وساند ضباط الجيش الوزارة التي كان يرأسها ياسين الهاشمي، في إخماد تمرد العشائر في الفرات الأوسط، وقوى المعارضة السياسية.

غير أن اتصال عدد من رؤساء الخلايا العسكرية ببعض قوى المعارضة، أبرزها جماعة الأهالي أدى إلى قيام تنظيم سياسي عسكري قوي، نجح في القيام بأول انقلاب عسكري أطاح بوزارة ياسين الهاشمي في 29 أكتوبر 1936.

لم يكن هذا الانقلاب بداية الانقلابات العسكرية في تاريخ العراق الحديث فحسب، بل كان كذلك أول انقلاب عسكري في تاريخ العرب الحديث والمعاصر، وفتح الباب على مصراعيه لتدخل الجيش العراقي في سياسة البلاد.

كان قائد الانقلاب هو الفريق بكر صدقي، قائد الفرقة الثانية في الجيش العراقي، وكان على صلة وثيقة، وصداقة حميمة، بحكمت سليمان، أبرز أعضاء جماعة الأهالي، والذي تمكن من ضم صديقه الفريق بكر صدقي إلى جماعة الأهالي.

وكان حكمت سليمان هو الذي شجع بكر صدقي، من قبل، على شن حملته التأديبية ضد الآشوريين عام 1933، وهي الحملة التي انتصر فيها بكر صدقي، وذاع صيته كبطل وطني.

واقتنع بكر صدقي، من ذلك الوقت، بإمكانية تدخل الجيش في السياسة، وبأن مستقبله ومستقبل الجيش، وتحقيق مطالبه، يتوقف، إلى حدٍّ كبير، على إسناد الحكم إلى حكمت سليمان، الذي كان حلقة الاتصال بين جماعة الأهالي والجيش.

ويبدو أن الهدف المشترك، لكل من بكر صدقي وحكمت سليمان، كان استخدام الجيش للإطاحة بوزارة ياسين الهاشمي.

وهكذا بدأ التخطيط للانقلاب، وحانت الفرصة في أكتوبر 1936، عندما كان طه الهاشمي، رئيس أركان الجيش العراقي، يقضي إجازة خارج العراق، وأصبح بكر صدقي وكيلاً عنه في رئاسة الأركان.

وعندئذ اتصل بكر صدقي بكل من الفريق عبد اللطيف نوري، قائد الفرقة الأولى، والعميد محمد علي جواد، آمر القوة الجوية، واتفق ثلاثتهم على الثورة؛ فزحفت قوات الفرقتين الأولى والثانية، والتي أُطلق عليها اسم "القوة الوطنية الإصلاحية"، إلى منطقة قريبة من بغداد، في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أكتوبر 1936، في الوقت الذي حلقت فيه بعض طائرات القوات الجوية العراقية، وراحت تلقي المنشورات على الأهالي، تدعوهم إلى التزام الهدوء والسكينة.


وجاء في هذه المنشورات:



أيها الشعب الكريم.


لقد نفد صبر الجيش، المؤلف من أبنائكم؛ بسبب الأحوال التي تعانونها من جراء اهتمام الحكومة الحالية بمصالحها، ورغباتها الشخصية، دون أن تكترث بمصالحكم ورفاهيتكم.

فطلب إلى صاحب الجلالة الملك إقالة الوزارة القائمة، وتأليف وزارة من أبناء الشعب المخلصين، برئاسة السيد حكمت سليمان، الذي طالما لهجت البلاد بذكره الحسن، ومواقفه المشرفة.

وبما أنه ليس لنا قصد من هذا المطلب إلاّ تحقيق رفاهيتكم؛ فلا شك في أنكم تؤيدون إخوانكم أفراد الجيش ورؤساءه في ذلك، وتؤيدونه بكل ما أوتيتم من قوة.

وقوة الشعب هي القوة المعوَّل عليها في الملمات.

توقيع قائد القوة الوطنية الإصلاحية: الفريق بكر صدقي".

بعد ذلك أخذت الطائرات تحلق في سماء بغداد، ومن ثم أدرك ياسين الهاشمي حرج موقفه ووزارته؛ فقدم استقالته، مبرراً إياها بقوله: "لاجتناب تعرض البلاد إلى خطر القلاقل الداخلية".

وهكذا نجح الانقلاب في تحقيق هدفه الأساسي، وعهد الملك غازي بتأليف الوزارة إلى حكمت سليمان، فبادر إلى ذلك، وانتهى من تشكيلها في مساء يوم الانقلاب.

وأسند إلى الفريق عبداللطيف نوري منصب وزير الدفاع، فكان أول قرار له هو تولية قائد الانقلاب، الفريق بكر صدقي، منصب رئيس أركان الجيش، حسب طلبه؛ لكي يتمكن من السيطرة الفعلية على الجيش.

خرجت التظاهرات في بغداد، وفي كثير من المدن العراقية، تعلن تأييدها للانقلاب وللوزارة الجديدة.


وأصدرت الحكومة بياناً في 5 نوفمبر 1936، شرحت فيه أسباب الانقلاب، والسياسة التي ستتبعها، جاء فيه:


إن الظروف الاستثنائية، التي اضطرت المخلصين من إخواننا إلى أن يتكاتفوا، ويتعاضدوا مع ضباط الجيش الأشاوس، هي وليدة سياسة الحكومة الطاغية التي تجاوزت حدود الحكام المستبدين، في تجاوزاتها غير القانونية، وتحديها دستور البلاد؛ فاستهانت بالدماء التي أُهرقت، وتفننت في اضطهاد الحريات؛ فخنقت الصحف الحرة، ولاحقت الأحرار من أبناء البلاد، أينما ساروا وحيثما توجهوا، وهي لم تُزح عن كراسي الحكم، إلاّ بعد أن تركت الخزينة في عوز لا يُستهان به.

الحكومة الحالية مؤلفة وفق رغبات الشعب، وستقوم بما يكفل إحلال الطمأنينة التامة لعامة الشعب، وتطبيق العدل على الجميع.

تستهدف الحكومة تحسين الصلات الودية مع الدول، بصورة عامة، والدول المجاورة بصورة خاصة، وتوثيق الروابط مع الأقطار العربية.

تعتزم الحكومة وضع خطة إصلاحية شاملة للمعرفة والثقافة، وإعمار الأراضي، وتوزيع الأراضي الأميرية غير المملوكة، وغير المزروعة منها على أبناء البلاد.

نال هذا البيان تأييداً وحماساً من قطاعات ضخمة من الشعب.

ويبدو أن هدف بكر صدقي من محاولته الانقلابية، كان محاولة إقامة دولة كردية على المدى البعيد؛ ففي ذلك الوقت كان حزب خويبون (الاستقلال) الكردي يواصل نشاطه في تركيا وسورية.

وقد ذكر بعض أصدقاء بكر صدقي أنه كان، في بادئ الأمر، رئيساً للحركة الكردية الانقلابية، ووصفوها بأنها: "لا تؤمن بالعروبة ولا الدين".

ومما يثبت ذلك أنه، عقب نجاح الانقلاب، راح يطرد العرب من المراكز القيادية بالجيش، ومن المناصب الدينية، ويحل أكراداً محلهم.

يُضاف إلى ذلك أنه لم يؤيد فكرة "الوحدة العربية"، التي كان ينادي بها كثير من الضباط العراقيين العرب، ممن كانوا يرفعون شعار "عروبة العراق".

وأعلن، بدلاً من ذلك، مبدأ "العراق للعراقيين"، المضاد للوحدة العربية.

أمَّا هدفه المباشر من الانقلاب فهو أن يحل محل رئيس أركان الجيش، طه الهاشمي، الذي كان يكرهه.

فاجأ هذا الانقلاب بريطانيا؛ فسارع السفير البريطاني إلى زيارة رئيس الوزراء، حكمت سليمان، واستوضحه خطة حكومته؛ فأجابه:

"إن الوزارة تؤكد على العلاقات الطيبة مع بريطانيا، وتحترم العهود والمواثيق، خاصة معاهدة عام 1930".

ولكن بريطانيا لم تخف قلقها من السياسة العسكرية التي أخذ الفريق بكر صدقي يتبعها؛ بهدف تقوية الجيش العراقي، وزيادة عدد أفراده، عن طريق التجنيد الإلزامي، ودعم تسليحه، وعقد صفقات أسلحة مع إيطاليا وألمانيا وتشيكوسلوفاكيا.

بعد ذلك أخذ بكر صدقي يتدخل في شؤون البلاد الصغيرة والكبيرة، وبدأت الشائعات تتردد حول مظاهر الدكتاتورية العسكرية، التي يحاول إقامتها في البلاد.

وخوفاً من معارضي الحكم، بدأ بكر صدقي وأنصاره، يعدون قوائم بأسماء المعارضين العسكريين والمدنيين، للتخلص منهم عن طريق الاغتيالات.

وسرت الشائعات في البلاد، وسادها جوّ من الاضطراب والتربص والتوجس، وبدأ خصوم بكر صدقي يضعون الخطط للتخلص منه.

وحانت فرصتهم في 11 أغسطس 1937 لاغتيال بكر صدقي، ومعه آمر القوة الجوية، العميد محمد علي جواد، في مطار الموصل، وهما يستعدان للسفر إلى تركيا لحضور المناورات العسكرية هناك؛ إذ تقدم إليه جندي يدعى محمد علي طلعفري، وأطلق عليه رصاصتين من مسدسه؛ فسقط قتيلاً، فلما همّ محمد علي جواد بالإمساك بالجندي، تلقى رصاصة ألحقته بصاحبه.

وكان ذلك بداية انقلاب عسكري جديد، نتج عنه إقالة وزارة حكمت سليمان، في 17 أغسطس 1937، وتشكيل وزارة جديدة، في اليوم نفسه، برئاسة جميل المدفعي.


4. ثورة رشيد عالي الكيلاني ضد الإنجليز عام 1941


في الأول من أبريل 1940، تولى رشيد عالي الكيلاني رئاسة الوزارة، للمرة الثالثة في حياته؛ فقد تولاها مرتين في عام 1933، وقد اشترط رشيد عالي الكيلاني على الأمير عبدالإله، الوصي على العرش أن يتعهد جميع السياسيين، ورؤساء الوزراء السابقين، في وثيقة مكتوبة، بمساندته، وإطلاق يده في رسم السياسة، التي يراها مناسبة لصالح العراق، وقد تم له ما أراد.

عُرف رشيد عالي الكيلاني بكراهيته للإنجليز، وسخطه على معاهدة التحالف الإنجليزي ـ العراقي، التي كان نوري السعيد -رئيس الوزراء الأسبق- قد وقعها مع الإنجليز في 30 يونيه 1930.

ولكن خطأ رشيد عالي الكيلاني هو أنه أراد أن ينفّذ سياسة جديدة، باستخدام الأشخاص أنفسهم؛ فقد عهد إلى نوري السعيد بتولي وزارة الخارجية، فأصبح بالضرورة مطلعاً على جميع تصرفات رشيد عالي الكيلاني في العلاقات الدولية.

وفي الوقت نفسه لم يكن بوسع رشيد عالي الكيلاني إخراج نوري السعيد من الوزارة؛ خشية انتقام بريطانيا.

حاولت بريطانيا، في بادئ الأمر، جسّ نبض وزارة رشيد عالي الكيلاني، والتعرف على حقيقة نواياها من المعسكرين المتحاربين في (الحرب العالمية الثانية)؛ بأن طلبت من العراق قطع علاقاته السياسية مع إيطاليا، كما فعلت وزارة نوري السعيد من قبل مع ألمانيا.

وطلبت بريطانيا، كذلك، وضع حد للدعاية النازية في الصحف والإذاعة العراقية.

إلاّ أن رشيد عالي الكيلاني رفض قطع العلاقات مع إيطاليا، وأوضح أن مصلحة العراق تكمن في تجنب دخول الحرب، والوقوف على الحياد.

وقد وصف أحد السياسيين البريطانيين موقف الوزارة العراقية بقوله:

"إنهم يقصدون القول: إذا كسبت بريطانيا الحرب؛ فسنكون بمأمن على كل حال، وإذا اتضح أن النازيين هم الذين سيكسبون الحرب؛ فعلينا ألا نرتكب ما يثيرهم ضدنا".

ومع ذلك، بدأ رشيد عالي الكيلاني يتصل بألمانيا وإيطاليا.

ولم تخف هاتان الدولتان أطماعهما في المنطقة؛ فألمانيا طلبت أن تحلَّ محلّ بريطانيا في شركة نفط العراق، وإيطاليا طلبت أن تحلّ محلّ فرنسا في حماية الموارنة في لبنان.

وطلب الألمان من العراق إظهار عمل إيجابي ضد الإنجليز، كما طلبوا إقالة نوري السعيد من وزارة الخارجية.

ولقد واجهت حكومة رشيد عالي الكيلاني ضغوطاً شديدة، من أمريكا وتركيا وغيرهما، فضلاً عن بريطانيا.

وكان الغرض منها حمل رشيد عالي الكيلاني على إظهار المرونة تجاه المطالب البريطانية بإنزال قواتها في البصرة، وقطع العراق علاقاته مع إيطاليا، بعد أن أعلنت إيطاليا الحرب على بريطانيا، في 10 يونيه 1940.

وقد ردّ رشيد عالي الكيلاني على مندوب بريطانيا بقوله: "إن المعاهدة المعقودة بيننا وبينكم لا توجب علينا ذلك"، فقال المندوب البريطاني: "ولكن سلفك، وهو وزير خارجيتك الآن، نوري السعيد، قطعها مع ألمانيا، ومن ثمَّ عليك أن تحذو حذوه".

فرفض رشيد عالي الكيلاني رفضاً قاطعاً.

وإزاء ذلك حاولت بريطانيا فرض حصار اقتصادي على العراق لإذلاله؛ إذ أن ألوف الأطنان من التمور كانت مكدسة في البصرة، والتمر من محاصيل التصدير الرئيسية لدى العراق.

ومن ثمَّ امتنعت بريطانيا عن شرائه، فاتجه رشيد عالي الكيلاني إلى فتح باب جديد لبيع محصول التمر العراقي إلى اليابان، وكانت لا تزال دولة محايدة.

كما انتهز الفرصة، وطلب شراء أسلحة حديثة للجيش العراقي، بعد أن توقفت بريطانيا عن تزويده بالسلاح.

ورحبت اليابان بالعرض العراقي، وقدمت أسعاراً أفضل لشراء التمر.

ويبدو أن بريطانيا حثت أصدقاءها على مشاركتها في الضغط على حكومة رشيد عالي الكيلاني؛ فأوعز ونستون تشرشل -رئيس وزراء إنجلترا- إلى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، بأن يرسل خطاباً يحذر فيه العراق من مغبة التقارب مع المحور، وأن ذلك لا يمكن أن يخدم قضية استقلال العراق.

كما جاء خطاب من حسين سري، رئيس وزراء مصر، ينصح نظيره العراقي بضرورة التحالف مع بريطانيا.

وفي الوقت نفسه مارست بريطانيا أنواع الضغوط كلها، فقطعت إمدادات الأسلحة عن الجيش العراقي، وامتنعت عن توفير الدولارات، التي كان العراق في أمسِّ الحاجة إليها، لشراء المواد الأمريكية التي يحتاجها المستهلك العراقي.

وسرت الشائعات أن العراق في طريقه إلى إعادة العلاقات مع ألمانيا.

وأبدت بريطانيا معارضتها الشديدة لهذه الخطوة، بل وهددت بأنها سوف تعيد النظر، في علاقاتها مع العراق، إذا أقدم على هذه الخطوة.

ولم يكتف السفير البريطاني بإبلاغ هذا التهديد، بل أعلن أن حكومته قد فقدت الثقة برشيد عالي الكيلاني، وأنها تطالب باستقالته من رئاسة الوزارة.

استفز هذا التدخل السافر، من جانب بريطانيا، رشيد عالي الكيلاني، فأعلن أنه لا يهتم أبداً بثقة أي حكومة أجنبية، مادام يتمتع بثقة الشعب العراقي وتأييده.

وطلبت الحكومة العراقية إيضاحاً من وزارة الخارجية البريطانية، في شأن تهديدات السفير البريطاني.

وجاء الجواب في ديسمبر 1940، بأن تردد رئيس الوزراء العراقي، في تنفيذ معاهدة 1930، يدفع الحكومة البريطانية إلى تأييد موقف السفير البريطاني في بغداد.

وهي لذلك ترى أن استقالة رشيد عالي الكيلاني، من رئاسة الوزارة، هو الحل الوحيد لإعادة العلاقات العراقية البريطانية إلى وضعها الطبيعي.

كان من العوامل التي ساعدت رشيد عالي الكيلاني على التمسك بموقفه، والصمود أمام الضغوط والتهديدات المتتالية، ودعم شعور العداء داخل الشعب العراقي ضد بريطانيا، وجود دعاية قوية مضادة لإنجلترا، وموالية للمحور داخل بغداد، حتى أن مفتي فلسطين، الحاج أمين الحسيني، وعددًا من السياسيين السوريين، أمثال جميل مردم، وسعد الجابري، وشكري القوتلي، إضافة إلى أنصار مفتي فلسطين، ويراوح عددهم بين أربعمائة وخمسمائة شخص، اتخذوا بغداد مركزًا لهم، في الفترة من 15 أكتوبر 1939 إلى 29 مايو 1941.

ولقد لعب المفتي، أثناء وجوده في بغداد، دورًا نشيطًا في تجميع عناصر مدنية وعسكرية، وتكونت لجنة سرية عليا لإدارة هذا النشاط، قيل إن رشيد عالي الكيلاني كان عضواً بها.

لم يتوقف الضغط البريطاني، بل طلبت بريطانيا -عن طريق سفارتها في واشنطن- من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، أن توقف شحن الأسلحة الأمريكية، التي طلبت حكومة رشيد عالي الكيلاني شراءها، أو على الأقل تؤجل الشحن إلى حين تولى وزارة جديدة في العراق؛ بدعوى خطر تسرب هذه الأسلحة إلى أيدي عرب فلسطين.

وقد وافقت الحكومة الأمريكية بالفعل على هذا الطلب.

وواصل الإنجليز، خلال ذلك، الضغوط على حكومة رشيد عالي الكيلاني، وطلبوا تدخّل عبدالإله، الوصي على العرش، فاستجاب لذلك، وطلب عقد اجتماع عاجل برئاسته، في البلاط الملكي، في 17 ديسمبر 1940، ثم أشفع ذلك بإرسال رئيس الديوان الملكي إلى رئيس الوزراء، يطلب منه الاستقالة.

ولكن رشيد عالي الكيلاني ردَّ على ذلك بأن الدستور العراقي لا يجيز للملك حق إقالة الوزارة، ومن ثمَّ فإن طلبه غير دستوري، خاصة أنه يأتي تحت ضغط من قوة أجنبية.

فألقى الوصي خطاباً في الإذاعة، قال فيه:

"إذا كانت الوزارة -خلافاً لرأيي- لا ترى من المصلحة أن تتنحى عن الحكم، وليس لي حق دستوري في إقالتها؛ فإنني أترك للوزراء تقرير موقفهم، وألفت نظرهم إلى أن تبعة الحوادث، التي يحتمل أن تنشأ عن إصرارهم، تقع على عواتقهم".

عمد الإنجليز، بعد ذلك إلى وضع خطة، مع الوصي، تقضي بدعوة أعضاء الوزارة إلى الاستقالة؛ فيبقى رشيد عالي الكيلاني وحده، ومن ثمَّ يضطر إلى الاستقالة.

ونفذوا الخطة بإحكام، وكان نوري السعيد (وزير الخارجية)، أول مستقيل، وتبعه وزير العدل، فالمعارف، فالمالية، فالدفاع، وهكذا وجد رشيد عالي الكيلاني نفسه وحيدًا.

وفي الوقت نفسه، عمد الوصي إلى عدم الحضور إلى البلاط، فتأخر توقيع الكثير من المراسيم، وأصيبت أعمال الحكومة بالشلل.

وفكر رشيد عالي الكيلاني في الاستقالة، ولكن العقداء الأربعة، وكانوا يمثلون الجيش العراقي، ويتكلمون باسمه، ألحوا عليه في البقاء، وأبلغوه أن الجيش يؤيده ويسير معه، ومن ثم اختار وزراء آخرين بدلاً من المستقيلين، وأرسل مرسوم تعيينهم إلى القصر، ليوقع عليها الوصي.

ولم يكتف بذلك، بل أعد مرسوماً بحل مجلس النواب، وحمله بنفسه إلى الوصي، وطلب منه توقيعه، فاستمهله الوصي بضع ساعات، وما كاد يودعه حتى أسرع إلى سيارته، ولاذ بالفرار إلى "الديوانية"، ليكون في حمى عشائرها، وفي حمى الفرقة العراقية المرابطة هناك.

عند هذا الحد، أرسل رشيد عالي الكيلاني برقية إلى الوصي في الديوانية، يوم 31 يناير 1941، محمّلاً الوصي المسؤولية كاملة، ومتهماً إياه بالخضوع للضغط الأجنبي.

ظل عبدالإله في الديوانية، خاصة بعد أن بلغته أنباء خروج التظاهرات الحاشدة؛ غضبًا من استقالة رشيد عالي الكيلاني، وأرسل في طلب طه الهاشمي، وكلفه بتشكيل الوزارة، في الأول من فبراير 1941، وطلب منه إحالة العقداء الأربعة إلى التقاعد، وظل الوصي في الديوانية خمسة أيام، بعد تشكيل الوزارة خوفاً من التظاهرات.

بعد أيام أصدر طه الهاشمي أوامره، بصفته وزيراً للدفاع، بنقل كامل شبيب، قائد الفرقة الأولى، من بغداد إلى قيادة الفرقة الرابعة في الديوانية.

واستنكر العقداء الأربعة هذا النقل، ورفضوا الانصياع له، فاضطر طه الهاشمي إلى التراجع، وتجاهل الأمر، ولكن العقداء الأربعة تمكنوا، بعد ذلك، من تحريك الجيش، في الأول من أبريل 1941، وزحفت بعض القوات لاحتلال المواقع المهمة في العاصمة، وقدم بعض الضباط، إلى طه الهاشمي، طلبهم العاجل بتقديم استقالته فوراً، فاستجاب لذلك، وأرسل يخبر عبدالإله أنه اضطر لذلك، تحت وطأة التهديد.

فيما كان الهاشمي يوقع خطاب الاستقالة، كانت بعض وحدات الجيش تحيط بالقصور الملكية، وتحاول اعتقال عبدالإله، ولكنه أسرع بالفرار في زي امرأة، ولجأ إلى مفوضية أمريكا، فوضعه الوزير المفوض داخل سجادة في أسفل السيارة، وسار به إلى الحبّانية، على بعد 100 كم غربي بغداد، وفيها قاعدة جوية كبرى للإنجليز، فنقلوه بطائرة عسكرية إلى البصرة، ثم إلى القدس، ولحق به نوري السعيد.

في ذلك الوقت، اتفق رشيد عالي الكيلاني، وقادة الجيش، على ضرورة عزل الوصي على العرش، وتعيين حكومة عسكرية، أطلق عليها "حكومة الدفاع الوطني"، يرأسها رشيد عالي الكيلاني.

وتم الاتفاق على اختيار وصي جديد للعرش، واختاروا "الشريف شرف"، من الأسرة الهاشمية، وصيًّا على عرش العراق، فأعلن الوصي الجديد تكليف رشيد عالي الكيلاني بتأليف وزارة جديدة.

أعلنت الوزارة الجديدة التزامها الأكيد بمعاهدة 1930 مع بريطانيا، تجنباً للصدام معها.

ولكن بريطانيا رفضت الاعتراف بها، وامتنع السفير البريطاني الجديد عن تقديم أوراق اعتماده.

وأصدرت الحكومة البريطانية أوامرها إلى جزء من قواتها في الهند، والتي كانت متوجهة أصلاً إلى الشرق الأقصى، بالتوجه إلى البصرة.

فوصلت تلك القوات، يومي 17 و 18 أبريل 1941، وظل تدفق القوات البريطانية يتتابع، دون أن تأبه بريطانيا إلى احتجاجات العراق، وأصدرت الوزارة العراقية في أول مايو 1941، بلاغاً قالت فيه إن إصرار الحكومة البريطانية على عدم سحب قواتها، والإخلال بوعودها، يضطر الحكومة العراقية إلى اتخاذ التدابير التي تكفل سيادة البلاد.

وتجاهلت بريطانيا معارضة العراق واحتجاجاته، وأصدر السفير البريطاني بيانًا موجهًا إلى سكان بغداد، هاجم فيه على قادة الجيش العراقي ورشيد عالي الكيلاني.

وكان لابد من وقوع الصدام.

اتجهت القوات العراقية إلى الحبّانية، فتحركت الطائرات البريطانية، وأرسل القائد البريطاني يطلب من القوات العراقية الانسحاب من مواقعها، ثم أتبع ذلك بهجوم جوي مباغت، يوم 2 مايو 1941، وأخذت الطائرات البريطانية تقصف معسكر الرشيد، والطرق المؤدية إلى بغداد، والمواقع المدنية حول الحبّانية.

حاول رشيد عالي الكيلاني الصمود، ودعا الشعب العراقي إلى الدفاع، واندلعت التظاهرات، ووجهت النداءات إلى العالمين العربي والإسلامي لنصرة الشعب العراقي.

ولكن القوات البريطانية كانت قد أعدت قوة خاصة في فلسطين لغزو العراق، فانطلقت عبر شرق الأردن، ووصلت إلى الحبانية، وشددت الهجوم على الجيش العراقي.

لم يستطع الجيش العراقي الصمود أمام هجمات القوات البريطانية، فاضطر إلى الانسحاب، وأخذت القوات البريطانية تزحف إلى بغداد، وعندئذ فر رشيد عالي الكيلاني، والحاج أمين الحسيني، والعقداء الأربعة، وكثير من أعضاء الحكومة، عابرين الحدود إلى إيران يوم 29 مايو 1941، وطلب الجيش العراقي الهدنة من الإنجليز في اليوم التالي، فأجيب إلى طلبه، وتألفت لجنة أهلية، برئاسة أحد الوزراء السابقين، فوقعت اتفاق الهدنة، ودخل الجيش البريطاني بغداد، واحتلها، وأعاد الوصي على العرش ورفاقه إلى الحكم.

وأعلنت الأحكام العرفية، وأصدرت محكمة عسكرية، شكلت في بغداد، حكمًا غيابيًا بالإعدام على رشيد عالي الكيلاني، والعقداء الأربعة وأشخاص آخرين، وأصدرت أحكاماً بالسجن مدداً مختلفة على غيرهم.

أمَّا رشيد عالي الكيلاني والحاج أمين الحسيني، فقد فرّا من إيران إلى ألمانيا، وفرّ صلاح الدين الصباغ إلى تركيا، أما بقية الهاربين فقد قبضت عليهم بريطانيا في إيران، وأرسلتهم إلى روديسيا، ثم أُعيدوا إلى العراق، ونفذت فيهم الأحكام، وأعدم ثلاثة من العقداء الأربعة.

أمّا الرابع، وهو صلاح الدين الصباغ، فقد سلمته تركيا، بعد ثلاث سنوات، إلى السلطات العراقية، فأُعدم أمام وزارة الدفاع في أكتوبر 1945، وأما الحاج أمين الحسيني، فقد فرّ من ألمانيا إلى فرنسا ثم إلى القاهرة، واستقر هناك.

وأما رشيد عالي الكيلاني، فقد فرّ من ألمانيا، ثم ذهب إلى الرياض، فأجاره الملك عبدالعزيز "يرحمه الله".


5. ثورة يناير 1948


ظل الاحتلال العسكري البريطاني للعراق حتى أكتوبر 1947، وأراد الإنجليز عقد معاهدة جديدة مع العراق، بدلاً من معاهدة 1930، التي لم يبق سوى سبع سنوات على انتهائها.

وهكذا دارت المفاوضات بين الجانبين العراقي والبريطاني، في بغداد ولندن، في الفترة من 8 مارس 1947 إلى 4 يناير 1948، وانتهت بتوقيع معاهدة جديدة في ميناء بورتسموث البريطاني، في 15 يناير 1948، وقَّعها صالح جبر عن العراق، والمستر بيفن عن إنجلترا.

وهي تؤكد ما تضمنته معاهدة 1930، من وجوب التشاور التام الصريح بين الدولتين في جميع الشؤون الخارجية، والتحالف السياسي والعسكري بينهما، وتزيد في الامتيازات العسكرية البريطانية، ونصّت على أن لبريطانيا الحق في استمرار وجود قواتها في قاعدتي الحبّانية والشعيبة، إضافة إلى حق استخدام مطارات العراق بكاملها.

عارضت الأحزاب العراقية الأخرى تلك المعاهدة، وأصدرت بيانات الشجب لها، واندلعت التظاهرات، وأضربت الصحف عن الصدور.

وأذاعت الحكومة العراقية بياناً يحظر التظاهرات والإضراب، ويهدد بقمعها بكل شدة، فتجددت التظاهرات، واشتدت حدتها، وشارك فيها قطاعات كبيرة من العمال وأفراد الشعب.

ووقع الصدام بين الطلاب ورجال الأمن، وسقط أربعة من الطلاب والأهالي قتلى، وجرح الكثيرون، وامتدت التظاهرات إلى مدن أخرى كثيرة في العراق.

وصرح صالح جبر، رئيس الوزراء، في لندن، بأنه موقن بأن البرلمان والشعب العراقي سيؤيدان المعاهدة، وإنه سوف يعود إلى بغداد لسحق رؤوس المتظاهرين.

استمرت التظاهرات، وازداد عنفها، حين اتجهت وفود الطلاب إلى مستشفى المعهد الطبي لاستلام جثث الشهداء، فهاجمتها قوات الشرطة، وأطلقت الرصاص، فسقط طالبان، أحدهما من كلية الصيدلة، فحمله زملاؤه ودخلوا به إلى عميد كلية الطب، الذي أرسل استقالته احتجاجاً على الحكومة، ووصف عدوان رجال الشرطة بالبربرية الوحشية، واستقال معه 110 آخرون من الأساتذة.

حاول الوصي على العرش، عبدالإله، تهدئة الأوضاع، فأصدر بياناً في 26 يناير 1948، أعلن فيه أن المعاهدة لن تُبرم ولن تنفذ.

ولكن رئيس الوزراء، لدى وصوله إلى بغداد، أعلن أنه سيمضي في تنفيذ المعاهدة حتى النهاية، فتجددت التظاهرات، في يوم 27 يناير، واشتد عنفها، وأصبحت العاصمة كأنها ساحة حرب، واحتلت الشرطة مداخل الطرق، وانطلقت سياراتها تجوب الشوارع، ونُصبت المدافع فوق البنايات العالية ومآذن المساجد، وسارت مواكب التظاهرات في الشوارع تتحدى رجال الشرطة، وتحرق سياراتها، وأضرمت النار في مبنى جريدة بغداد تايمز البريطانية، وأحرقت بعض مباني الإنجليز، ومكاتب الاستعلامات الإنجليزية والمحلات التجارية.

حاولت الحكومة الاستعانة بالجيش، ثم صرفت النظر عن ذلك، وقدم عدد من النواب استقالاتهم، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب، واستقال وزيرا المالية والشؤون الاجتماعية، فطلب عبدالإله من صالح جبر تقديم استقالته، فاستقال، ثم فر من بغداد إلى أصهاره "آل جريان" خارج بغداد.

قررت الوزارة الجديدة، التي شكلت برئاسة السيد محمد الصدر، رفض معاهدة بورتسموث، واعتبار يوم 27 يناير يوم الوثبة الوطنية.


6. انتفاضة 1952


عقب حدوث ثورة يوليه 1952 في مصر، ونجاح ضباطها في الاستيلاء على الحكم، تشجعت الأحزاب العراقية المعارضة، وأخذت تقدم المذكرات إلى عبدالإله، الوصي على العرش، تطالب بالتغيير الجوهري في البلاد.

وعُقد مؤتمر في البلاط، يوم 3 أكتوبر 1952، حضره رؤساء الوزارات السابقون، ورؤساء الأحزاب.

وقال أحد رؤساء الأحزاب:

إن الوضع في العراق يتطلب ضرورة النظر إليه نظرة جدية، خاصة بعد تأميم محمد مصدق، رئيس وزراء إيران، النفط في بلاده، والأحداث الأخرى في مصر وغيرها.

وقال إن الأسباب التي أدت إلى الانقلاب في مصر قائمة في العراق، وإذا كانت العوامل متشابهة، فلابد أن تكون النتائج واحدة، والمسألة مسألة وقت.

في يوم 26 أكتوبر 1952، أضرب طلاب كلية الصيدلة والكيمياء في بغداد، احتجاجاً على تعديلات في لوائح الرسوب فيها، وانضم إليهم طلاب الكليات الأخرى، وحدثت بعض المصادمات بين الطلاب أنفسهم.

واندلعت تظاهرات الطلاب، بعد ذلك، في 20 نوفمبر 1952، واستمرت في اليومين التاليين، ووقعت اشتباكات مع الشرطة، وسقط قتيل واحد، وجرح الكثير من الجانبين.

وقدم رئيس الوزراء، مصطفى العمري، استقالة وزارته يوم 21 نوفمبر، وقرر كل من مجلس التعليم العالي ومجلس المعارف، تعطيل الدراسة في المعاهد العليا، ومدارس بغداد، اعتباراً من يوم 23 نوفمبر.


وأذاع الطلاب بياناً هاجموا فيه الحكومة، وأعلنوا استمرار الإضراب حتى يتحقق الآتي:


أ. وجوب الأخذ بمبدأ الاختيار المباشر في الانتخابات النيابية القادمة.

ب. وجوب إحداث إصلاحات داخلية فورية لصيانة الحريات.

واستؤنفت التظاهرات يوم 23 نوفمبر، وانضم العمال وفئات أخرى، بقيادة الشيوعيين، إلى الطلاب، وهم يحملون لافتات تهاجم الحكومة والإنجليز، وأحرقوا مكتب الاستعلامات الأمريكي، وأحرقوا قسم شرطة باب الشيخ، في بغداد، وقتلوا جندياًّ، وأحرقوا جثته.

في اليوم نفسه، تم تكليف الفريق الأول نورالدين محمود، رئيس أركان الجيش، بتشكيل الوزارة، فأعلن الأحكام العرفية، وحل الأحزاب، وأوقف صدور الصحف، واعتقل بعض السياسيين، ونزل الجيش إلى الشوارع في بغداد، وحظر التجول، وأطلق النار على المتظاهرين، وسقط منهم ثمانية عشر شخصاً قتلى، وجرح الكثيرون، وقُمعت الانتفاضة.


7. وأخيراً ثورة 14 (تموز) يوليه 1958 والتي قضت على الحكم الملكي، وعصفت بحلف بغداد.


* هناك كذلك ثورتان أخريان قام بهما طائفتان من طوائف الأقليات في العراق، وهاتان الثورتان هما:



أ. ثورة الآشوريين "النساطرة": أول يونيه 1932


في أعقاب معاهدة 1930، بين العراق وبريطانيا، أظهر النساطرة، وخصوصاً الذين كانوا منهم يعملون في الجيش البريطاني، معارضة أن ينال العراق استقلاله، وبالتالي يفقدهم آمالهم في إقامة دولة خاصة بهم، لذلك عقد زعماؤهم اجتماعاً، في أواخر يونيه 1932، وضعوا فيه "الميثاق الوطني الآشوري"، والذي ينص على:


(1) الاعتراف بالآشوريين شعباً يسكن العراق، لا على أنهم طائفة دينية أو عنصرية.

(2) إعادة أوطانهم في حكاري (منطقة حدودية بين تركيا وسورية والعراق).

(3) إذا استحال تنفيذ البند الثاني، فيجب إيجاد وطن لهم في العراق، مفتوحًا لجميع الآشوريين، وتشكيل هيئة لإعداد الأرض، وإيجاد المبالغ المالية المطلوبة، كما يجب تقديم الآشوريين على غيرهم في الوظائف الإدارية لهذه المنطقة، وفتح مدارس للآشوريين، وتأسيس مستشفى خاص بهم، وتأسيس أوقاف لرجال الدين منهم.

وقد اختار الآشوريون منطقة دهوك وطناً لهم.

لم يستجب الإنجليز لهذه المطالب، وصمموا على القضاء على هذه الحركة، وجُلبت قوات عسكرية من مصر، على وجه السرعة، للتصدي لهذه الطائفة، وتم تسريح بعض الضباط الآشوريين من الجيش البريطاني وقُمعت الثورة.


ب. الثورة اليزيدية



تعد الطائفة اليزيدية من الأقليات في العراق، ويتمركز اليزيديون في منطقة جبل "سنجار"، شمال العراق في محافظة نينوى [1].

ثار اليزيديون في أول أكتوبر عام 1935، نتيجة لرفضهم تطبيق قانون التجنيد الإلزامي على أفراد عشائرهم، ولامتناعهم عن دفع الضرائب التي فرضتها الحكومة، تدخلت قوات الشرطة والجيش بقيادة الفريق بكر صدقي، وتمكنت من إخماد هذه الثورة في 7 أكتوبر 1935، بعد معركة حامية سقط فيها الكثير من اليزيديين، وتم تطبيق قانون التجنيد الإلزامي على أفرادهم.
*****************************
الهامش:

[1] يصل تعدادها حاليا إلى حوالي مائة ألف نسمة.

يتبع إن شاء الله.


ثورة عام 1958 في العراق 2013_110


عدل سابقا من قبل ahmad_laban في السبت 08 ديسمبر 2012, 10:33 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

ثورة عام 1958 في العراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورة عام 1958 في العراق   ثورة عام 1958 في العراق Emptyالسبت 01 ديسمبر 2012, 10:42 pm

وقد وصل أعداد أفرادها في الموصل عام 1965 إلى نحو 65715 نسمة، وقد اختلف المؤرخون في أصل صاحب الطريقة التي ينتمون إليها، وهم غلاة في تطرفهم الديني، وأفكارهم، مما أدى بكثير من المسلمين إلى اعتبارهم خارجين عن الإسلام.

ويعتقد اليزيديون بوجود إلهين (للخير والشر)، ويرمزون للثاني بالشيطان، ويسمونه ` طاووس ملك`.

وتختلف عبادتهم بين الإلهين؛ فعبادتهم للشيطان عبادة تضرع وخشية؛ لأنه قادر على إيذائهم، بينما إله الخير، لا يريد بهم شراًّ.

ومن ثم فإن من أراد السعادة في الدنيا عليه أن يهمل عبادة الله، ويسعى وراء عبادة الشيطان.


ومن أبرز ممارساتهم أنهم:


يحرمون تعلم القراءة والكتابة، واستخدام الفرس في نقل الأثقال، ولبس الأزرق، والاغتسال من الجنابة، وتقليم الأظفار، والاستماع إلى صلاة المسلم أو المشاركة فيها.

كما يحرمون أكل الخس واللهانة، أو الخضر التي تسمّد بعذرة الإنسان، وحلق الشوارب، أو حفها بالمقص، ودخول الحمامات والمراحيض العامة، معتقدين أنها من ملاجئ الشيطان، وكذلك يفسخون نكاح من تغيّب منهم عن بلده سنة كاملة.

ويوجبون على كل فرد منهم زيارة ` طاووس ملك` ثلاث مرات في السنة، وزيارة قبر الشيخ عدي بن مسافر الأموي، الذي يُظنّ أنه مؤسس الطائفة، في منتصف (أيلول) سبتمبر من كل عام، كما يوجبون على كل من اشترى قميصًا جديدًا، أن يتولى أخوه، أو أخته من ملته، فتح جيب القميص

*************************

ملامح الحكم في العراق في الفترة ما بين "1920 ـ 1958"


لم تستقر أركان النظام في المملكة العراقية، في أي وقت من الأوقات، خلال تلك المرحلة، وانعكس ذلك على الكم الهائل من الوزارات، التي تولت الحكم في تلك المرحلة، حتى إن بعضها استمر في الحكم لعدة أيام لا تزيد على عدد أصابع اليدين.

ولعل الإحصاءات التالية تبين حجم الفوضى السياسية التي عاشها العراق طوال 38 عاماً من تاريخه:

عدد الوزارات التي تشكلت (59) وزارة.

شارك فيها (157) وزيراً، ورأس هذه الوزارات (21) رئيساً للوزراء، وكانت أقصى فترة زمنية لبقاء الوزارة لا تزيد على سنتين.

أمَّا أقصرها عمراً فكانت (11) يوماً فقط، (وزارة جميل المدفعي الثالثة، 4-15 مارس 1935).

رأس نوري السعيد أربع عشرة وزارة، وجميل المدفعي سبع وزارات، وكل من عبد المحسن السعدون ورشيد عالي الكيلاني، أربع وزارات، وكل من عبدالرحمن النقيب، وتوفيق السويدي، وعلي جودت الأيوبي، ثلاث وزارات، وكل من جعفر العسكري وياسين الهاشمي، وحمدي الباجهجي، وأرشد العمري، وفاضل الجمالي، وزارتين.

تألف في الفترة نفسها (16) مجلسًا نيابيًّا، لم تستكمل جميعها مدتها التشريعية، عدا مجلس واحد.

أُعلنت الأحكام العرفية ست عشرة مرة خلال هذه الفترة.


تولى ثلاثة ملوك ووصي على العرش مملكة العراق، خلال تلك الفترة، وهم:


أ. الملك فيصل الأول "بن الحسين": من 23 أغسطس 1921 إلى 7 سبتمبر 1933، وقد تُوفي في سويسرا التي كان يعالج فيها في ذلك الوقت.

ب. الملك غازي بن فيصل: تولى الحكم، عقب وفاة والده، ولكنه قُتِل في حادث سيارة في 3 أبريل 1939 (ويعتقد أن هذا الحادث كان مدبراً؛ نظراً للقلاقل الشديدة التي واكبت فترة حكمه).

ج. تولى الأمير عبدالإله وصاية العرش، لحين بلوغ ابن شقيقته، الملك فيصل الثاني، السن القانونية.

د. تولى الملك فيصل الثاني الحكم، في أواسط الخمسينيات، إلى أن قُتِل في ثورة 14 (تموز) يوليه 1958.


النظام السياسي في العراق



بدأت التنظيمات السياسية العراقية بعد الحرب العالمية الأولى.

وكان تأثير الاحتلال الإنجليزي للعراق، من الأسباب الرئيسية لوجود تلك التنظيمات، التي تحولت إلى أحزاب بعد ذلك، والتي كان منها ما يهدف إلى تحقيق الأماني الوطنية، ومنها ما كان يتحالف مع الإنجليز، ومنها ما كان يهدف إلى تحقيق مصالح شخصية أو قبلية.

وقد شهدت تلك المرحلة العديد من الأحداث، التي أوقفت إنشاء أحزاب جديدة، وفترات تشكلت فيها الأحزاب بالجملة، كما كان لبعض الأحزاب دور رئيسي في الحياة العامة، بينما لم يكن للبعض الآخر أي دور سياسي.

وقد صاحب إنشاء الأحزاب، ووجود الوزارات المتعاقبة، تشكيل المجلس التأسيسي (البرلمان)، عندما صدر المرسوم الملكي في 19 أكتوبر 1922، بتأليف المجلس التأسيسي ليقرر: دستور المملكة، وقانون انتخاب مجلس النواب، والمعاهدة العراقية - البريطانية، وهي المعاهدة البريطانية العراقية الأولى.

والتي نصت على:

تعهد ملك بريطانيا بتقديم المشورة والمساعدة لملك العراق وشعبها.

تعهد ملك العراق، بألاّ يعيَّن، خلال مدة المعاهدة، موظفًا في العراق، من تابعية غير عراقية، دون موافقة ملك بريطانيا.

تعهد ملك بريطانيا بالسعي لإدخال العراق في عضوية عصبة الأمم، في أقرب وقت ممكن.

تعهد ملك بريطانيا بتقديم المساعدات لقوات ملك العراق.

تعهد ملك العراق بقبول توصيات ملك بريطانيا، وتنفيذها، في أمور العدل، وضمان مصالح الأجانب.

تسري هذه المعاهدة، بعد التوقيع عليها من الطرفين، لمدة عشرين عاماً.

وقد وقعها برسي كوكس، المندوب السامي في العراق، وعبدالرحمن النقيب، رئيس وزراء العراق.

ولكن قطاعات كبيرة عارضت فكرة المجلس، ودعت المعارضة، من خلال الصحف والاجتماعات، إلى مقاطعة الانتخابات، وصدرت بعض الفتاوى تحرم المشاركة فيها، ما لم تستجب الحكومة، وتطلق حرية المطبوعات والاجتماعات وإنشاء الجمعيات.

ومن ثم تأجلت الانتخابات، واستقالت الوزارة، وتألفت وزارة جديدة، أعلنت الاستجابة لمطالب الشعب، وأُجريت الانتخابات البرلمانية، في فبراير 1924، وافتتح المجلس الأول في مارس 1924.


الأحزاب العراقية



1. الحزب الوطني الديموقراطي العراقي


أُسـس في 2 أغسطس 1922، برئاسـة جعفر أبو التمّن، وهو يُعد استمراراً لجمعية "حرس الاستقلال"، التي رفعت شعار الاستقلال التام للعراق، والنضال المستمر من أجل تحقيقه، ومؤازرة حكومته الملكية الدستورية، ورفض التفريق بين أفراد الشعب، باسم الدين أو الجنس.


2. حزب النهضة العراقية


أُسس في 19 أغسطس 1922، برئاسة أمين الجرجفجي، ويدعو إلى الاستقلال، في ظل حكومة عربية ملكية دستورية ديموقراطية، تعمل على إقامة وحدة وطنية عراقية.

وجدير بالذكر أن الحزبين، سابقي الذكر، قررا توحيد مساعيهما، ورفعا مذكرة إلى الملك، يطالبان فيها بإيقاف التدخل البريطاني في شؤون البلاد.

وفي يوم ذكرى التتويج 23 أغسطس 1922، أصيب الملك بالتهاب الزائدة الدودية، وأجريت له عملية، وتولى برسي كوكس، المندوب السامي البريطاني، إدارة البلاد، فأغلق الحزبين المذكورين، ونفى قادتهما إلى جزيرة هنجام في الخليج العربي.


3. الحزب الحرّ العراقي "حزب الأحرار"


أُسس في 3 سبتمبر 1922، برئاسة محمود النقيب (ابن رئيس الوزراء وقتها، عبد الرحمن النقيب)، وقد أيد الحزب عقد معاهدة التحالف مع بريطانيا، وأصدر جريدة باسم "العاصمة".


4. حزب الأمة


أُسس في 19 أغسطس 1924، وأبرز قادته ناجي السويدي، وطالب بالإسراع في وضع دستور البلاد، وإجراء انتخابات نيابية، ولكنه لم يلعب دوراً أساسياًّ في حياة العراق السياسية.


5. حزب الاستقلال الوطني


أُسس في الموصل، في الأول من سبتمبر 1924، ودعا إلى تقوية العلاقات الودية بين العراق وبريطانيا.

وناضل من أجل ضم ولاية الموصل التي كانت تطالب بها تركيا، إلى العراق، ولعب دوراً مؤثراً عند وصول لجنة التحقيق التي أرسلتها عصبة الأمم لهذا الغرض.

وأصدر جريدة باسم "فتى العراق".


6. جمعية الدفاع الوطني عن ولاية الموصل


أُسست في 26 نوفمبر 1925، في الموصل بمساعدة حزب الاستقلال الوطني العراقي في الموصل.


7. الحزب الوطني العراقي بالموصل


أُسس في الموصل في أوائل عام 1925، ودعا إلى الوحدة الوطنية العراقية، واستقلال العراق.


8. حزب التقدم


أُسس في نوفمبر عام 1925، برئاسة عبدالمحسن السعدون، ويُعد أول حزب نيابي حكومي، وتتلخص أهدافه في السعي إلى تطبيق المعاهدة العراقية - البريطانية، وإجراء التعديلات عليها، والعمل على إدخال العراق عصبة الأمم، والعمل على جعل التعليم الابتدائي إلزاميًّا.

وأصدر الحزب جريدة اللواء، ثم جريدة التقدم.


9. حزب الشعب


أُسس في 20 نوفمبر 1925، برئاسة ياسين الهاشمي، وتتلخص أهدافه في تأمين استقلال العراق، وتطوير القوى الوطنية، وإدخال العراق عصبة الأمم، وقد أصدر الحزب جريدته "نداء الشعب".


10. حزب العهد العراقي


تألف في 14 أكتوبر 1930، برئاسة نوري السعيد، وكان حزباً حكومياًّ مؤيداً لسياسة التحالف مع بريطانيا.

وكان ينادي بتنمية العراق، وتنظيم الإدارة، والاقتصاد، والمعارف، والجيش.

وفي عهد هذا الحزب تم إبرام المعاهدة العراقية - البريطانية عام 1930.

وقد أصدر جريدة "صدى العهد".


11. حزب الإخاء الوطني


أُسس في 25 فبراير 1930، برئاسة ياسين الهاشمي، ومن أبرز رجاله رشيد عالي الكيلاني، وحكمت سليمان.

كان ينادي بتحقيق الاستقلال، وإرساء الوحدة الوطنية، وحماية الصناعة الوطنية، واستثمار موارد العراق لخير أبنائه.

عارض هذا الحزب معاهدة 1930، ووصفها بأنها فاسدة جائرة، وطالب بحل مجلس النواب الذي أقرها.

وأصدر صحيفة أسماها "جريدة البلاد"، وصحيفة أخرى أسماها "جريدة الإخاء الوطني"، وكانت كل من جرائد "الجهاد"، و"العراق"، و"الشعب"، و"الأخبار"، و"نداء الشعب"، و"الزمان" تعبر عن هذا الحزب وآرائه.


12. حزب الاتحاد الدستوري


أُسس في 21 نوفمبر 1949، برئاسة نوري السعيد، وتعمد أن يضم عناصر من معظم الأحزاب العراقية إليه، حتى يستقطب ولاء الأحزاب والشعب العراقي لصالحه.

وأصدر الحزب جريدته "الاتحاد الدستوري".


13. حزب الإصلاح


أُسس في عام 1949، برئاسة سامي شوكت، أحد المقربين لنوري السعيد، وأصدر جريدته، "الإصلاح".


14. نادي البعث العربي


أُسس في مارس 1950، ولم يكن حزباً، ولكنه كان بداية لحركة البعث في هذه المنطقة والتي بدأت من سورية.


15. حزب البعث العربي الاشتراكي


أُسس كتنظيم سري في بداية عام 1950، وهو الوجه الآخر، لنادي البعث العربي، وكان الهدف من هذا الحزب استقطاب الشباب والشخصيات العراقية للانضمام إليه، ولم يستمر خارج الأضواء إلاّ فترة بسيطة؛ ثم تصاعد نشاطه اعتباراً من انتفاضة يوليه 1952.


16. حزب الجبهة الشعبية المتحدة


أُسس في مارس 1950، وهو حزب اشتراكي.


17.حزب الإصلاح


أُسس عام 1950، وهو حزب يميني.


18. حزب الاتحاد الدستوري


أُسس عام 1950، وهو حزب يميني.


19. حزب الأمة الاشتراكي


أُسس عام 1950، وهو حزب يميني معارض.


20. المنظمات والأحزاب الكردية



أ. منظمة الأمل "هيوا


أُسست عام 1935، وهي أولى المنظمات الكردية، وكان لها اتجاهات يسارية.


ب. الحزب القومي الكردستاني


أُسس عام 1939، من أعضاء منظمة "هيوا" أنفسهم، برئاسة رفيق حلمي، وأصدر صحيفة "الحرية"، وكان برنامجه يتحدد في الاستقلال الذاتي للأكراد.


ج. الحزب الشيوعي الكردي "شورش


أُسس في خريف عام 1945، من معظم عناصر الحزب القومي، بدعم من الاتحاد السوفيتي.


د. حزب الحرية


تأسس عام 1945، وهو بداية عمل التنظيم الحزبي للملا مصطفى البرزاني.

وضم أعضاء عاملين في الجيش، وأعضاء من المهنيين.


هـ. جبهة تحرير الأكراد "روزكاري"


تأسست عام 1945، بهدف توحيد جهود الجبهة الكردية لمواجهة التغيرات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.


و. الحزب الديموقراطي الكردستاني "البارتي"


خُطط لإنشائه في نوفمبر 1945، ثم أُسس رسمياًّ في بداية عام 1946، بقيادة الملا مصطفى البرزاني.

وهذا الحزب هو أهم الأحزاب الكردية على الإطلاق، ومازال له دور رئيسي حتى الآن.


21. الحزب الشيوعي العراقي


وهو من الأحزاب السرية، التي لها تأثيرات واضحة على الساحة العراقية، ولم يكن للحزب الشيوعي العراقي صفة دستورية، ولكنه كان تنظيمًا موجودًا في الشارع العراقي، ويتلقى أوامره من الاتحاد السوفيتي.

وظهر على الساحة بوصول عبدالكريم قاسم إلى الحكم، وسارع بإرسال برقية تأييد ومناصرة للثورة يوم قيامها، في 14 (تموز) يوليه 1958.

ثم كان له دور رئيسي في الحياة السياسية، إبان حكم عبدالكريم قاسم.


22. حزب البعث الاشتراكي


تأسس عام 1950، وبدأ نشاطاته عام 1952 سرًّا، ظل على الساحة العراقية، فرعاً من الفروع التي تنتشر في سورية، ومناطق أخرى من العالم العربي.

ومع ثورة 14 يوليه 1958، بدأ نشاط الحزب في الظهور بعد أن كان له يد في قيامها، ولكن سرعان ما تحالف مع القوميين العراقيين للإطاحة بعبد الكريم قاسم، وخططوا لاغتياله في 7 أكتوبر 1959، إذ أصيب، فعلاً، واضطر للسفر إلى موسكو للعلاج، وكان من بين من نفذوا عملية الاغتيال الشاب صدام حسين، البالغ من العمر وقتها، نحو اثنين وعشرين عاماً، والذي نجح في الهرب من مسرح الأحداث، بعد وقوع المحاولة مباشرة، وحُكم عليه (غيابياًّ مع رفيقه طه ياسين رمضان وآخرين)، بالإعدام شنقاً حتى الموت.

نجح الحزب، بالتعاون مع القوميين العرب، في الإطاحة بعبدالكريم قاسم في انقلاب 9 فبراير 1963، ولكن سرعان ما تخلص الرئيس العراقي عبدالسلام محمد عارف (قائد الجناح القومي من الثورة)، من رفقاء السلاح البعثيين، ووضع قياداتهم في السجن، وعلى رأسهم أحمد حسن البكر (رئيس الوزراء، وقائد الجناح البعثي)، وذلك من خلال حركة التصحيح، في 18 نوفمبر 1963.

ولم يهدأ الموقف عند هذا الحدّ؛ فقد تمكنت الكوادر البعثية من تجميع قواتها، وقامت بانقلاب 17 (تموز) يوليه 1968، بقيادة أحمد حسن البكر، إذ تولى حزب البعث الحكم إلى يومنا هذا.

يتبع إن شاء الله.


ثورة عام 1958 في العراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

ثورة عام 1958 في العراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورة عام 1958 في العراق   ثورة عام 1958 في العراق Emptyالسبت 01 ديسمبر 2012, 10:49 pm

حلف بغداد


تولى نوري السعيد رئاسة الوزارة، للمرة الثانية عشرة، في 3 أغسطس 1954، فحل مجلس النواب، وأجرى انتخابات جديدة جاءت بمجلس آخر مؤيد لسياساته.

في أكتوبر 1954، زار نوري السعيد تركيا، وبعد شهرين زار بغداد عدنان مندريس، رئيس وزراء تركيا، ودارت المباحثات، بين الجانبين، حول وجوب التعاون لتأمين استقرار المنطقة.

وقررت الحكومتان عقد اتفاق يرمي إلى تحقيق التعاون المذكور لصد أي اعتداء يقع عليهما، من داخل منطقة الشرق، أو من خارجها، بمقتضى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.

ورأت الحكومتان، العراقية والتركية، أن من الضروري والمفيد أن ينضم، إلى هذا الاتفاق، غيرهما من الدول التي ثبت عزمها على العمل لتحقيق أهدافه.


عارضت سورية ومصر، والمملكة العربية السعودية هذا الاتفاق.

أمَّا الأردن فقد حاول الانضمام إليه، ولكن المعارضة الداخلية أحبطت مساعي حكومته في هذا الشأن.

ودعت مصر في 22 ديسمبر 1954، إلى عقد مؤتمر لرؤساء الحكومات العربية بالقاهرة لمناقشة هذا الأمر.

ووصلت الوفود إلى القاهرة، في أواخر يناير 1955.

وحضر فارس الخوري، عن سورية، وسامي الصلح، عن لبنان، وتوفيق أبو الهدى، عن الأردن، والأمير فيصل بن عبد العزيز، عن السعودية، وفاضل الجمالي، عن العراق.


ويصف صلاح سالم، ما جرى في الاجتماع، الذي بدأ يوم 26 يناير 1955، وحضره عبد الناصر، بقوله:


"كانت المحادثات حية وصريحة، إذ كان على كل جانب أن يعلن موقفه، وكان موقف السوريين مبهماً، فقد وافق ممثل سورية فارس الخوري ووزير خارجيته فيضي الأتاسي، على عدم إلزام سورية بأي حلف أجنبي، لكنهما لم يذهبا إلى حد إدانة نوري السعيد، وأصرّا على أنه حرّ تماماً في أن يفعل ما يشاء في بلده، ورفضا التوقيع على تصـريح رسمي ينص على: (إننا -نحن الحكومات العربية- نرفض كل ارتباط بالأحلاف الأجنبية)، وأصرّا على أن مثل هذا القرار يؤذي العراق.

أما اللبنانيون فلم يصرحوا بشيء يذكر.

وأما الأردنيون، الذين كانوا مع السعوديين وضد العراق، فقد ساندونا، مثلما ساندتنا المملكة العربية السعودية."

ومن الواضح أن المؤتمر لم يصل إلى أي اتفاق، وبدأ راديو القاهرة موجة كثيفة من الدعاية ضد الحلف، وحين انتهى المؤتمر إلى الفشل التام في الأسبوع الأخير من يناير 1955، وجهت لهجة عنيفة، وشتائم شخصية ضد نوري السعيد، تتهمه بخيانة القضية العربية، وإصراره على هذا الحلف، وتحديه للشعب العربي.

وشهد ذلك الأسبوع أيضاً نهاية العلاقات بين تركيا ومصر؛ ففي 25 يناير 1955، أعلنت مصر أن أي حلف مع تركيا، "صديقة إسرائيل"، يعني بالضرورة حلفاً غير مشروع مع إسرائيل نفسها، وخيانة للقضية العربية، وأصبح نوري السعيد "حليف حليفة إسرائيل".

وفي 7 فبراير 1955، حدثت نقطة تحول بارزة في السياسة العربية؛ فقد سقطت حكومة فارس الخوري في سورية، وأمسك اليسار بزمام المبادرة، وواجه اليمين المؤيد للعراق هزيمة في مجلس النواب، وكان سقوط حكومة فارس الخوري بسبب اتهامها بالتخلي عن سياستها المعادية للأحلاف الأجنبية.

وتشكلت حكومة جديدة برئاسة صبري العسلي في 13 فبراير 1955، وكان خالد العظم أبرز عضو في الحكومة الجديدة، الذي كان وزيراً للخارجية والدفاع معاً.

وسرعان ما تضامنت مصر وسورية في معركة حلف بغداد.


العراق يوقع حلف بغداد


في الرابع والعشرين من فبراير 1955 وقعت العراق وتركيا اتفاقهما "حلف بغداد"، فوقعه نوري السعيد عن العراق، وعدنان مندريس عن تركـيا.

وما لبثت أن انضمت بريطانيا إلى الحلف، في 4 إبريل 1955، وبهذا لم يكن قد تبقى إلا القليل من الخطة الكبرى، التي وضعها نوري السعيد لربط اتفاقية الأمن العربي الجماعي بتركيا والغرب.

والواقع أن نوري السعيد لم يفقد الأمل في أن يتخذ من حلف بغداد أداة لتحقيق مركز ممتاز في المشرق العربي، يعـوض عن فشل مشروعه السابق "الهلال الخصيب".

لهذا يُعّد تحول سورية عن الدخول في هذا الحلف، ضربة قاضية لخطط نوري السعيد، التي أدت إلى توجيه حلف بغداد وجهة أخرى؛ فقد فتح باب عضويته أمام باكستان، فانضمت إليه في 22 سبتمبر 1955، ثم إيران في 3 نوفمبر 1955، ثم الولايات المتحدة الأمريكية في 21 نوفمبر 1955، بصفة مراقب.

وعلى الرغم من أن أنطوني إيدن Anthony Eden، أدرك صعوبة جرّ الدول العربية إلى الحلف، فإنه مضى في تدعيم الميثاق العراقي - التركي، وذلك ليقوي مركز نوري السعيد في الداخل.

ولم يكن بوسعه أن يذكر ذلك كمبرر للمضي في تدعيم الميثاق، فذكر أنه يخدم على الأقل المحافظة على المصالح البريطانية النفطية في الخليج العربي.

كان من الملاحظ عدم إعلان اشتراك الولايات المتحدة الأمريكية، في الحلف بمجرد إعلانه، وتأجيل هذا الإعلان لمدة سنتين كاملتين إلى أوائل عام 1957، وكان من أسبابه، أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت ترجو الاحتفاظ بصداقة مصر، ومعها المملكة العربية السعودية وسورية؛ لأنها تُعّد هذه الكتلة العربية هي القوة الكبرى الحقيقية في الشرق الأوسـط، التي ينتظر مـنها القـيام بدور إيجابي في تأمين المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.

وهكذا كانت السياسة الأمريكية تستهدف، بعدم إعلان الانضمام إلى حلف بغداد، مجاملة الاتجاهات المصرية - السعودية - السورية في المحيط السياسي، خصوصاً بعد أن اشتدت حملة النصح والعقاب والتحذير الموجهة إلى حكومة العراق؛ بسبب جنوحها عن الخط العربي وتحالفها مع تركيا وبريطانيا.

ومع ذلك لم تهمل الولايات المتحدة الأمريكية حقيقة استمرار مساعيها، بصورة أو بأخرى، من أجل إقناع باقي الدول العربية للاشتراك في الحلف، الذي وصفته بأنه الرداء الواقي من الخطر الأحمر، ولكن باءت محاولاتها بالفشل.

وكذلك كان الوضع بالنسبة لبريطانيا التي حاولت الضغط على كل من الأردن ولبنان والسودان وليبيا واليمن للدخول في الحلف.

ولكن بعد العدوان الثلاثي على مصر، وانحسار النفوذ التقليدي البريطاني عن الشرق الأوسط، تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بمشروع أيزنهاور لملء الفراغ الموجود في المنطقة، بعد أن أسفر العدوان الثلاثي عن إمكان قيام روسيا بإجراء مفاجئ من أجل القضاء على النفوذ الغربي في شخص بريطانيا وفرنسا.

ومن ثم وجدت أمريكا أن الاشتراك في الحلف، إنما يعني إيجاد الوسيلة العملية لها لممارسة تطبيق مشروع أيزنهاور بصورته العسكرية، بل مظـهر للضغط الهادئ القوي على مصر، وكذلك كنوع من الضغط على كل من سورية والأردن للانضمام إليه، وهو ما يؤدي إلى عزل مصر عن شقيقاتها العربية.

وعدّت الولايات المتحدة الأمريكية، حلف بغداد امتداداً صريحاً لحلف شمال الأطلسي جهة الشرق، وامتداداً (لحلف جنوبي شرق آسيا) جهة الغرب؛ وذلك لاستكمال قيام الحوائط الدفاعية من أجل حصار الشيوعية في ميدانها، ومنعها من التسلل إلى باقي دول العالم.

ومن ثم ففي الثالث والعشرين من مارس 1957، انضمت الولايات المتحدة الأمريكية إلى اللجنة العسكرية لحلف بغداد.

الشعب العراقي وحلف بغداد

حرص الأعضاء المشتركون في حلف بغداد على إعطاء العراق مركزاً متميزًا، فكان أول سكرتير للمنظمة شخصية عراقية.

وكان الهدف من ذلك هو إغراء الدول العربية، خاصة الأردن، للانضمام إلى الحلف.

ولما لم يوفق نوري السعيد في تحقيق هذا الهدف، صار يستخدم الحلف للقضاء على خصومه السياسيين، وقمع المعارضة في الداخل، تحت ستار مكافحة الشيوعيين.

والواقع أن كل هذه الأفعال، من جانب نوري السعيد وأتباعه، لقيت غضباً شعبياً عارماً من قطاعات كبيرة من الشعب العراقي، مما جعل كثيراً من التنظيمات الشيوعية السرية تُعد للثورة، وقلب نظام الحكم القائم.


ثورة عام 1958 في العراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
ثورة عام 1958 في العراق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الثاني: العوامل الأساسية التي أثرت في ثورة 1958
» ثورة إسلامقراطية لا ثورة ديمقراطية
» ثورة 23 يوليه في مصر
» [03] ثورة على الأفكار
»  ثورة عرابي في مرحلتها الثانية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: ثورة عام 1958م في العراق-
انتقل الى: