أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: القاعدة التاسعة والعشرون: في الفوائد التي يجتنيها العبد في معرفته وفهمه لأجناس علوم القرآن السبت 10 مارس 2012, 1:30 am | |
| القاعدة التاسعة والعشرون
في الفوائد التي يجتنيها العبد في معرفته وفهمه لأجناس علوم القرآن:
وهذه القاعدة تكاد تكون هي المقصود الأعظم في علم التفسير وذلك أن القرآن مشتمل على علوم متنوعة، وأصناف جليلة من العلوم .
فعلى العبد أن يعرف المقصود من كل نوع منها، ويعمل على هذا، ويتتبع الآيات الواردة فيه، فيحصِّل المراد منها: علماً وتصديقاً وحالاً وعملاً.
فأجلُّ علوم القرآن على الإطلاق:
علم التوحيد، وما لله من صفات الكمال، فإذا مرت عليه الآيات في توحيد الله وأسمائه وصفاته أقبل عليها، فإذا فهمها وفهم المراد بها أثبتها لله على وجه لا يماثله فيه أحد، وعَرَفَ أنه كما ليس لله مثيل في ذاته فليس له مثيل في صفاته، وامتلأ قلبه من معرفة ربه وحبه بحسب علمه بكمال الله وعظمته.
فإن القلوبَ مجبولةٌ على محبة الكمال، فكيف بمن له كل الكمال؟ ومنه جميع النعم الجِزَال.
ويعرف أن أصل الأصول هو الإيمان بالله، وأن هذا الأصل يقوى ويكمل بحسب معرفة العبد لربه، وفهمه لمعاني صفاته ونعوته وامتلاء القلب بمعرفتها ومحبتها.
وأيضاً يعرف أنه بتكميله هذا العلم تكمل علومه وأعماله.
فإن هذا هو أصل العلم وأصل التعبد.
ومن علوم القرآن:
صفات الرسل وأحوالهم، وما جرى لهم وعليهم، مع من وافقهم ومن خالفهم.
وما هم عليه من الأوصاف الوافية.
فإذا مرت عليه هذه الآيات عرف بها أوصافهم وازدادت معرفته ومحبته لهم، وعرف ما هم عليه من الأخلاق والأعمال خصوصاً إمامهم وسيدهم محمد -صلى الله عليه وسلم-.
فيقتدي بأخلاقهم وأعمالهم بحسب ما يقدر عليه، ويفهم أن الإيمان بهم تمامه وكماله: بمعرفته التامة بأحوالهم ومحبتهم واتباعهم.
وفي القرآن من نعوتهم الشيء الكثير الذي يحصل به تمام الكفاية.
ويستفيد أيضاً الاقتداء بتعليماتهم العالية وإرشاداتهم للخلق وحسن خطابهم ولطفَ جوابهم وتمام صبرهم.
فليس القصد من قصصهم أن تكون سمراً!!
وإنما القصد أن تكون عبراً.
ومن علوم القرآن:
علم أهل السعادة والخير وأهل الشقاوة والشر.
وفي معرفته لهم ولأوصافهم ونعوتهم فوائد الترغيب والاقتداء بالأخيار، والترهيب من أحوال الأشرار، والفرقان بين هؤلاء وهؤلاء، وبيان الصفات والطرق التي وصل بها هؤلاء إلى دار النعيم، ووصل بها أولئك إلى دار الجحيم، ومحبة هؤلاء الأتقياء من الإيمان، كما أن بغض أولئك من الإيمان. وكلما كان العبد أعرف بأحوالهم تمكن من هذه المقاصد.
ومن علوم القرآن:
علم الجزاء في الدنيا والبرزخ والآخرة على أعمال الخير وأعمال الشر.
وفي ذلك مقاصد جليلة:
الإيمان بكمال عدل الله وسعة فضله والإيمان باليوم الآخر، فإن تمامَ الإيمان بذلك يتوقف على معرفة ما يكون فيه، والترغيب والترهيب والرغبة في الأعمال التي رتب الله عليها الجزاء الجزيل، والرهبةُ من ضدها.
ومن علوم القرآن:
الأمر والنهي.
وفي ذلك مقاصد جليلة:
معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله؛ فإن العباد محتاجون إلى معرفة ما أمروا به وما نهوا عنه، وبالعمل بذلك والعلم سابق للعمل.
وطريق ذلك:
إذا مر على القارئ نص فيه أمر بشيء عرفه وفَهِم ما يدخل فيه وما لا يدخل فيه.
وحاسب نفسه:
هل هو قائم بذلك كله أو بعضه أو تاركه؟ فإن كان قائماً به فليحمد الله، ويسأله الثبات والزيادة من الخير.
وإن كان مقصراً فيه فليعلم أنه مطالب به وملزم به.
فليستعن بالله على فعله، وليجاهد نفسه على ذلك.
وكذلك في النهي ليعرف ما يراد منه، وما يدخل في ذلك الذي نهى الله عنه، ثم لينظر إلى نفسه فإن كان قد ترك ذلك فليحمد الله على توفيقه، ويسأله أن يثبته على ترك المناهي كما يسأله الثبات على فعل الطاعات؛ وليجعل الداعي له على الترك امتثال طاعة الله، ليكونَ تركه عبادةً، كما كان فعله للطاعة عبادة، وإن كان غير تارك له فليتبْ إلى الله منه توبة نصوحا جازمة وليبادر، ولا تمنعه الشهوات الدنية ما تدعوه إليه النفس الأمارة بالسوء.
فمن كان عند هذه المطالب وغيرها عاملاً على هذه الطريقة فإنه ماش على الصراط المستقيم والطريقة المثلى في ما عليه من الاسترشاد بكتاب الله وحصل له بذلك علم غزير وخير كثير. |
|