أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: القاعدة الثامنة والعشرون: في ذكر الأوصاف الجامعة التي وصف الله بها المؤمن السبت 10 مارس 2012, 1:20 am | |
| القاعدة الثامنة والعشرون
في ذكر الأوصاف الجامعة التي وصف الله بها المؤمن:
لما كان الإيمان أصل كل الخير كله والفلاح، وبفقده يفقد كل خير ديني ودنيوي وأخروي، أكثر الله من ذكره في القرآن جداً: أمراً به، ونهياً عن ضده، وترغيباً فيه، وبياناً لأوصاف أهله، وما لهم من الجزاء الدنيوي والأخروي.
فأما إذا كان المقام مقامَ خطاب للمؤمنين بالأمر والنهي، أو مقامَ إثبات الأحكام الدنيويه بوصف الإيمان، فإنها تتناول كل مؤمن، سواء كان متمما لواجبات الإيمان وأحكامه، أو ناقصاً في شيءٍ منها.
وأما إذا كان المقام مقام مدح وثناء وبيان الجزاء الكامل للمؤمن:
فإنما المراد بذلك المؤمن حقاً الجامع لمعاني الإيمان.
وهذا هو المراد بيانه هنا.
فنقول:
وصف الله المؤمن في كتابه باعترافه وتصديقه بجميع عقائد الدين وبإرادة ما يحبه الله ويرضاه، وبالعمل بما يحبه الله ويرضاه، وبترك جميع المعاصي، وبالمبادرة بالتوبة مما صدر منه منها، وبأن إيمانهم أثر في أخلاقهم وأقوالهم وأفعالهم الآثار الطيبة.
فوصف المؤمنين بالإيمان بالأصول الجامعة:
وهي الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وأنهم يؤمنون بكل ما أتت به الرسل كلهم ويؤمنون بالغيب، ووصفهم بالسمع والطاعة، والانقياد ظاهراً وباطناً.
ووصفهم بأنهم:
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً } [الأنفال: 2،3،4 ].
ووصفهم بأن جلودهم تقشعر، وعيونهم تفيض من الدمع، وقلوبهم تلين وتطمئن لآيات الله وذكره، وبأنهم يخشون ربهم بالغيب والشهادة، وأنهم يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون.
ووصفهم بالخشوع في أحوالهم عموماً، وفي الصلاة خصوصاً وأنهم عن اللغو معرضون، وللزكاة فاعلون، ولفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم. وأنهم بشهاداتهم قائمون، ولأماناتهم وعهدهم مُراعون.
ووصفهم باليقين الكامل الذي لا ريب فيه، وبالجهاد بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله.
ووصفهم بالإخلاص لربهم في كل ما يأتون ويذرون.
ووصفهم بمحبة المؤمنين والدعاء لإخوانهم من المؤمنين السابقين واللاحقين، وأنهم مجتهدون في إزالة الغل من قلوبهم على المؤمنين، وبأنهم يتولون الله ورسوله وعباده المؤمنين، ويتبرؤن من موالاة جميع أعداء الدين، وبأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويطيعون الله ورسوله في كل أحوالهم.
فجمع الله لهم بين العقائد الحقة واليقين الكامل، والإنابة التامة التي آثارها الانقياد لفعل المأمورات وترك المنهيات، والوقوف الحدود الشرعية.
فهذه الأوصاف الجليلة هي وصف المؤمن المطلق الذي سلم من العقاب، واستحق الثواب، ونال كل خير رُتِّب على الإيمان.
فإن الله رتب على الإيمان في كتابه من الفوائد والثمرات ما لا يقل عن مائة فائدة، كل واحدة منها خير من الدنيا وما فيها.
رتب على الإيمان نيل رضاه الذي هو أكبر من كل شيء، ورتب عليه دخول الجنة والنجاة من النار، والسلامة من عذاب القبر ومن صعوبات القيامة وتعثر أحوالهم، والبشرى الكاملة في الحياة الدنيا وفي الآخرة، والثبات في الدنيا على الإيمان والطاعات وعند الموت وفي القبر على الإيمان والتوحيد والجواب النافع السديد، ورتب عليه الحياة الطيبة في الدنيا والرزق والحسنة وتيسيره العبدَ لليسرى وتجنيبه للعسرى، وطمأنينة القلوب وراحة النفوس والقناعة التامة، وصلاح الأحوال، وصلاح الذرية، وجعلهم قرة عين للمؤمن، والصبر عند المحن والمصائب.
وحمْل الله عنهم الأثقالَ، ومدافعة الله عنهم جميع الشرور، والنصر على الأعداء، ورفع المؤاخذة عن الناسي والجاهل والمخطئ منهم، وأن الله قد وضع عنهم الآصار والأغلال ولم يحملهم ما لا طاقة لهم فيه، ومغفرة الذنوب بإيمانهم والتوفيق للتوبة.
فالإيمان أكبر وسيلة للقرب من الله والقرب من رحمته، ونيل ثوابه، وأكبر وسيلة لمغفرة الذنوب، وإزالة الشدائد أوتخفيفها.
وثمرات الإيمان على وجه التفصيل كثيرة، وبالجملة خيرات الدنيا والآخرة مرتبة على الإيمان، كما أن الشرور مرتبة على فقده.
والله أعلم. |
|