سورة العاديات
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً} * {فَالمُورِيَاتِ قَدْحاً} * {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً} * {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً} * {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً} * {إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} * {وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} * {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} * {أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ} * {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} * {إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ}
شرح الكلمات:
{ والعاديات } : أي والخيل تعدو في الغزو.
{ ضبحا } : اي تضبح ضبحا والضبح صوت الخيل إذا عدت اي جرت.
{ فالموريات قدحا } : أي الخيل توري النار بحوافرها إذا سارت بالليل.
{ فالمغيرات صبحا } : أي الخيل تغير على العدو صباحا.
{ فأثرن به نقعا } : هيجن به اي بمكان عدوها نقعا اي غبارا.
{ فوسطن به جمعا } : أي بالنقع جمع العدو أي حيث تجمعاته.
{ لكنود } : لكفور بجحد نعمه تعالى عليه.
{ لشهيد } : أي يشهد على نفسه بعمله.
{ وإنه لحب الخير } : أي المال.
{ إذا بعثر } : أي أثير وأخرج ما في القبور.
{ وحصل ما في الصدور } : بيّن وأفرز ما في الصدور من الإِيمان والكفر.
معنى الآيات:
قوله تعالى { والعاديات ضبحا } الآيات إلى قوله { أفلا يعلم } تضمنت قسما إلهيا عظيما على حقيقة كبرى يجهلها كثير من الناس وهي كفر الإِنسان لربه ولنعمه عليه يعد المصائب وينسى النعم والفواضل وهذا بيان ما اقسم تعالى به وهو العاديات ضبحاً وهي الخيل تضبح أي تخرج صوتا خاصا غير الصهيل المعروف فالموريات قدحا اي الخيل توري النار بحوافرها إذا مشت فوق الحجارة ليلا ويدخل ضمن هذا كل قادحة للنار فالمغيرات صبحا اي جماعات الخيل يركبها فرسانها للإغارة على العدو بها صباحا. وقوله فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا اي فأثارت الخيل النقع وهو الغبار والتراب عند سيرها بفرسانها فتوسطت جمع العدو وكتائبه لقتال أعداء الله الكافرين بالله وآياته ولقائه المفسدين في الأرض بالشرك والمعاصي هذا ما أقسم الله تعالى به وهو الخيل ذات الصفات الثلاث: العدو والإِوراء والإِغارة والمقسم عليه قوله { إنالإِنسان لربه لكنود } المراد من الإِنسان الكافر والجاهل بربّه تعالى الذي لم تتهذب روحه بمعرفة الله ومحابه ومكارهه ولم يزك نفسه بفعل المحاب وترك المكاره هذا الإِنسان أقسم تعالى على أنه كفور لربه تعالى ولنعمه عليه اي شديد الكفر كثيره بذكر المصائب ويشعر بها ويصرخ لها ويصر عليها وينسى النعم والفواضل عليه فلا يذكرها ولا يشكر الله تعالى عليها. فالكنود الكفور. وقوله تعالى وإنه على ذلك لشهيد أي وإن الله تعالى على هذا الوصف في الإِنسان لشهيد فأخبر تعالى بما علمه من الإِنسان وشهد به عليه كما أن الإِنسان شهيد بأعماله وصنائع أقواله وأفعاله شهيد على نفسه بالكفر والجحود.
وقوله وإنه لحب الخير لشديد هذا مما أقسم تعالى عليه ايضا وهو وصف للإِنسان الكنود وهو انه شديد حب المال وسمّي المال خيرا تسمية عرفية إذ تعارف الناس على ذلك كما أنه خير من حيث أ،ه يحصل به الخير الكثير إذا أ،فق في مرضاة الله تعالى.
وقوله تعالى { أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير } أي أيكفر الإِنسان بربه ويجحد نعمه عليه وإحسانه إليه ويحب المال أشد الحب فيمنع حقوق الله فيه ويكتسبه مما حرم الله عليه وقوله تعالى { أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور } أي بعثرت القبور وأخرج ما فيها من البشر للحساب والجزاء ووقفوا بين يدي الله تعالى وأفرز وبيّن ما كان خفيا في الصدور من الاعتقادات والنيات الصالحة والفاسدة ولا يخفى على الله تعالى منهمشيء حيث { إن ربهم بهم يومئذ لخبير } كما هو اليوم خبير إلا أنها ساعة الحساب والمجازاة فذكر فيها علم الله تعالى وخبرته بالظواهر والبواطن والضمائر والسرائر فلا يخفى على الله من ذلك شيء وسيتم الجزاء العادل بحسب هذا العلم وتلك الخبرة الإِلهية.
فلو علم الكفور من الناس المحب للمال هذا وأيقنه لعدّل من سلوكه واصلح من اعتقاده ومن أقواله وأعماله فالايات دعوة غلى مراقبة الله تعالى بعد الإِيمان والاستقامة على طاعته.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- الترغيب في الجهاد والإعداد له كالخيل أمس، ونفاث الطائرات اليوم.
2- بيان حقيقة وهي أن الإِنسان كفور لربه ونعمه عليه يذكر المصيبة إذا أصابته وينسى النعم التي غطته إلا إذا آمن وعمل صالحا.
3- بيان أن الإِنسان يحب المال حبا شديدا إلا إذا هذّب بالإِيمان وصالح الأعمال.
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء.