أخطاء المصلين يوم الجمعة
محمد الحمود النجدي
 أخطاء المُصلين يوم الجمعة 1376
إن يوم الجمعة من أفضل الأيام عند الله تعالى، كما صَحَّتْ بذلك الأحاديث الشريفة، ومنها قوله ﷺ: ” خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلِقَ آدم، وفيه إدْخِلَ الجَنَّة، وفيه أخْرِجَ منها ” رواه مسلم.

ويقع كثير من المصلين بأخطاء كثيرة، وهذه بعض أخطاء المصلين يوم الجمعة:
1- استحضار النية في الذهاب إلى الجمعة، فقد يغفل البعض عن ذلك ويتخذها عادة نشأ عليها منذ من الصغر، وقد قال ﷺ: ” إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى ” رواه البخاري.

2- تركُ بعض الناس لصلاة الجمعة أو التهاون بها، وهو من كبائر الذنوب، فقد قال النبي ﷺ: ” لينتهين أقوامٌ عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين ” رواه مسلم.

وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه قال: قال رسول ﷺ: ” الجمعة حقٌ واجبٌ على كل مسلمٍ، إلا أربعة: عبدٌ مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض ” رواه أبو داود.

3- السهر ليلة الجمعة إلى ساعات متأخرة من الليل، مما يؤدي إلى النوم عن صلاة الفجر، التي هي حدٌّ بين المؤمن والمنافق، وصلاة الفجر يوم الجمعة خاصة لها فضل كبير، فقد ثبت أن النبي ﷺ قال: ” أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة ” رواه أبو نعيم في الحلية ( 7/207) وصححه الألباني في الصحيحة: 1566.

وربما استمر به النوم حتى تفوته صلاة الجمعة؟! فيصلي ظهراً؟! فيفوته الخير الكثير في هذا اليوم المبارك.

4- التهاون في حضور خطبة الجمعة، فيأتي بعضهم أثناء الخطبة، أو في آخرها! بل ويأتي بعضهم أثناء الصلاة!

ومعلومٌ أن حضور الخطبة والإنصات يوم الجمعة واجب.

كما أن في التبكير للجمعة فضل وفير، كما جاء في قوله ﷺ: ” إذا كان يوم الجمعة، كان على كل بابٍ من أبواب المسجد ملائكةٌ يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر، ومثل المُهجّر كمثل الذي يهدي البدنة، ثم كالذي يُهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة ” رواه مسلم.

وبعض الناس يحضر الخطبة يوم الجمعة مع عدم الإنصات والانتباه، فالقلب مشغول بالدنيا وأعمالها، أو غير ذلك من الأمور.

5- ترك غُسْل الجمعة، والتطيُّب والتسوك ولبس أحسن الثياب، وبعض ذلك واجب، وهو الغسل، فقد قال النبي ﷺ: ” غُسل الجمعة واجبٌ على كل محتلم ” رواه مسلم. أي: على كل بالغ.

وعن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ” إذا جاء أحدُكم إلى الجمعة فليغتسل ” متفق عليه.

ويُستحب له أن يلبس أحسن ثيابه، ويتطيَّب، ويتسوَّك، ويتنظّف بقص الظفر وأخذ الشعر من الإبط والعانة والشارب.

فعن أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله ﷺ: ” مَن اغتسل يوم الجمعة، ومسّ من ِطيب أهله إنْ كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع إنْ بدا له، ولم يؤذِ أحداً، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى ” رواه أحمد.

6- البيع والشراء بعد أذان الجمعة الثاني، وقد قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نُودي للصلوة من يوم الجمعة فاسْعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خيرٌ لكم إنْ كنتم تعلمون) [الجمعة: 9].

فإذا نودي للصلاة، حرم البيع والشراء حينئذ.

7- تضييع صلاة الجمعة بالخروج للنزهة في البرية، أو بعيداً عن المدينة، وهذا من الأخطاء الشائعة! وكذلك تعمُّد السَّفر في يومها، مما يؤدي إلى تضييعها وفواتها.

8- التعبد لله ببعض المعاصي في يوم الجمعة، كمن اعتاد حلق اللحية كل جمعة! ظناً منه أن ذلك من التزين أو كمال النظافة!

والواجب هو قص الشارب فقط، وأمَّا اللحية فيجب ثوفيرها وإعفاؤها، كما أمر النبي ﷺ: ” أحفوا الشوارب، واعفوا اللحى ” رواه مسلم.

9- جلوس بعض الناس في مؤخرة المسجد قبل امتلاء الصفوف الأمامية، وبعضهم يجلس في الحوش الخارجي للمسجد مع وجود أماكن كثيرة داخل المسجد، وهذا تفريط في الصف الأول وفضله.

10- إقامة الرجل من مكانه ثم الجلوس فيه، فعن جابر عن النبي ﷺ قال: ” لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم يخالف إلى مقعده فيقعد فيه، ولكن يقول: افسحوا ” رواه مسلم.

11- تخطي الرقاب وايذاء الجالسين، والتفريق بين الاثنين والتضييق عليهما.

فقد قال النبي ﷺ لرجل تخطى رقاب الناس يوم الجمعة وهو يخطب: ” اجلس، فقد آذيت وآنيت ” رواه ابن ماجة وصححه الألباني.

وقال ﷺ: ” لا يحلُّ لرجلٍ أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما ” رواه أحمد وأبوداود والترمذي.

12- رفع الصوت بالحديث أو القراءة، فيشوّش على المصلين أو التالين لكتاب الله تعالى.

قال ﷺ: ” ألا إن كلَّكم مناجٍ ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة ” رواه أحمد وأبوداود.

13- الخروج من المسجد بعد الآذان الثاني لغير عُذر.

14- الإنشغال عن الخطبة وعدم الإنصات إلى ما يقوله الخطيب، واللهو بالثياب أو الجسد أو النظر إلى السجاد والنقوش.

وقد قال ﷺ في فضل الإنصات: ”.. ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غُفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيامٍ، ومَنْ مَسَّ الحصى فقد لغا ” رواه مسلم في الجمعة ( 5/588 ).

ولا يُشرع الكلام أثناء الخطبة، ولو كان أمراً بمعروف أو نهياً عن المنكر، قال ﷺ: ” إذا قلتَ لصاحبك: أنصتْ –يوم الجمعة– والإمامُ يخطب، فقد لغوتَ ” رواه مسلم (851).

ومثله: رَدُّ السَّلام وتشميتُ العاطس.

15- صلاة ركعتين بعد الأذان الأول، واعتقاد أن ذلك سُنَّة للجمعة! والصحيح: أنه لا توجد سُنَّةٌ قبلية للجمعة، لعدم ثبوت ذلك عن النبي ﷺ.

إنما ثبت عن النبي ﷺ صلاة السُّنَّة بعد الجمعة، فقد صَحَّ عنه أنه قال: ” إذا صلّى أحدُكم الجمعة، فليصل بعدها أربعاً ” رواه مسلم ( 881 ).

وأحياناً يصلي ركعتين في بيته، كما روى ابن عمر رضي الله عنه، والحديث عند مسلم.

16- سرعة الخروج من المسجد بعد تسليم الإمام من الصلاة، والمرور بين يدي المصلين، والتدافع على الأبواب دون الإتيان بالأذكار المشروعة بعد الصلاة.

وفي هذا تفويت لخير كثير!

فقد قال نبينا ﷺ: ” مُعقبات لا يخيب قائلهن: ثلاثٌ وثلاثون تسبيحةً، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة، في دبر كل صلاة مكتوبة ” رواه مسلم وأحمد.

17- الغفلة عن ساعة الإجابة التي تكون يوم الجمعة، والتي حَثَّ على اغتنامها رسولُ الله ﷺ بالدعاء، في قوله: ” إنّ في الجمعة لساعة، لا يوافقها مسلمٌ يسألُ اللهَ شيئاً، إلا أعطاه إيَّاه ” رواه مسلم ( 852 ).

وهي آخر ساعة من يوم الجمعة قبل الغروب، كما جاء في الحديث الصحيح: ” فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر ” رواه أبوداود والنسائي عن جابر رضي الله عنه.
 
محمد الحمود النجدي
باحث شرعي رئيس اللجنة العلمية
بجمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية