أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الفصل الثاني: بعد سقوط بغداد الأحد 26 مايو 2024, 12:26 am | |
| الفصل الثاني: بعد سقوط بغداد تمهيد: يبدو أنه كان نصيب هذا العصر من تلك النواحي أن يجول فيما سُبق به من تجريد السُّنَّة من الأسانيد مع عزو الأحاديث إلى كتبها التي أخذت منها، وتقويمها أو تركها بلا تقويم اعتمادًا على هذا العزو، كما يتبين هذا فيما سوف نعرضه من دراسة في المدونات الحديثية بأنواعها بإذن الله.
المناهج: ويمكن بيان المناهج إجمالًا في طرق عرض السُّنَّة ونقلها بما يأتي: فمنها ما وضع في أحاديث الأحكام، وهي تلك التي تبين أدلة الأحكام الشرعية فيما استنبطه الأئمة في فروع الفقه، مثل كتاب المنتقى لابن تيمية، وتقريب الأسانيد للعراقي، وبلوغ المرام للحافظ ابن حجر.
ومنها ما وضع في الأحاديث الداعية إلى أبواب الخير ببيان ما تعد به فاعله من الثواب والأجر حثًّا على فعله والإقبال عليه، والأحاديث الناهية عن أنواع الشر ببيان ما تهدد به فاعله من العقوبة والوزر تنفيرًا منه وزجرًا عنه، ومن ذلك كتب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري، والزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيثمي، والإتحافات السنية في الأحاديث القدسية للمناوي.
ومنها ما وضع قصدًا إلى جميع السُّنَّة النبوية كلها، أو جمع بعضها من جوامع الكلم مما يقرب أبواب السُّنَّة بأنواعها لطالبيها، كما في جمع الجوامع والجامع الصغير كلاهما للسيوطي وكنوز الحقائق في أحاديث خير الخلائق للمناوي.
وما قصد فيه إلى جمع ما زاد على الكتب الستة الأصول، أو عليها وعلى مسند أحمد بن حنبل من المؤلفات الحديثية الأخرى ليتكون من مجموع هذه الكتب ما يعطي صورة مستوعبة أو شبهًا للسنة النبوية المطهرة، وذلك ما يعرف بين المحدثين بكتب الزوائد، ومنها مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي، كما أن منها المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر.
ومنها ما وضع قصدًا إلى توضيح أحاديث كتب الأصول الستة أو غيرها بيانًا للغريب من الأحاديث أو شرحًا لها، أو دفعًا للتضارب الذي يظهر بينها، ومن هذه الكتب الدر النثير تلخيص النهاية لابن الأثير، وفتح الباري وعمدة القاري وإرشاد الساري وفيض القدير.
ومن المؤلفات من وضع لبيان اصطلاحات المحدثين مما يعرف باسم كتب أصول الحديث أو علوم الحديث، مثل كتاب التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح، ونخبة الفكر وشرحها، وفتح المغيث شرح ألفية الحديث، وتدريب الراوي شرح تقريب النواوي.
ومنها ما وضع لتخريج الأحاديث الواردة في بعض الكتب، وغزوها إلى المصادر الأصلية التي وردت فيها وتقويمها ببيان درجتها، رغبة في فرز السُّنَّة لاختيار مقبولها ونفي ما عداه، ومن ذلك كتاب المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار، وكتاب التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، ومناهل الصفا لتخريج أحاديث الشفا.
ومن المؤلفات ما وضع بيانًا لرواة الحديث ونقلته، والتأريخ لولادتهم ووفاتهم، وتمييز العدول من المجروحين، حرصًا على تنقية السُّنَّة ونفي الدخيل عنها، وتنزيهًا لساحتها من رواية الضعفاء والمجاهيل وكذب الوضاعين، وهذا النوع يسمى بكتب الرجال، ومنه كتاب الإصابة في تمييز الصحابة، والضوء اللامع لأهل القرن التاسع، وطبقات الحافظ، وإسعاف المبطأ برجال الموطأ.
في كل هذه الأنواع من المؤلفات وفي غيرها مما سبق لنا إيراده في الفصل الأول من هذا الباب كتب علماء الحديث في مصر، ودونوا من المؤلفات ما يعول عليه الدارسون للسنة، ولكل منهم فيما كتب منهجه الذي سلكه وتميز به، ولنضرب أمثلة لذلك لمناهجهم في تناول أحاديث الأحكام ليستدل بها على طريقتهم فيما سواها.
كان منهم من يحذف الإسناد اختصارًا، ويستعيض عنه بعزو الأحاديث وتخريجها وتقويمها، وعرضها لمن يريد الانتفاع بها، بعد أن يختارها من أقوى الأحاديث متنًا وأصحها إسنادًا مما اتفق عليه الشيخان، وذلك كما فعل الإمام المقدسي في كتابه عمدة الأحكام.
وكان منهم من توسع فيما رجع إليه من المادة الحديثية، واستقاها من كتب الأصول الستة ومن مسند أحمد، واستغنى بالغزو إلى هذه المسانيد عن الإطالة بذكر الأسانيد، وأغفل تقويم الأحاديث اعتمادًا على استمدادها من كتب الأصول التي تلقتها الأمة بالقبول، وذلك كما فعل ابن تيمية في كتابه المنتقى.
وكان منهم من التزم الرواية من أسانيد بعينها لا يعدوها إلى غيرها، واختار أعلاها وأقواها، وركز البيان عن رجالها والكشف عن أحوالهم، ثم أورد رواياتهم في كتب السُّنَّة دون أن يعزو من هذه المرويات ما كان متفقًا عليه في الصحيحين، أما ما كان في أحدهما أو في غيرهما من كتب السُّنَّة -كالموطأ ومسند أحمد- فإنه يعزوه إلى أصله، وكان من منهجه عند العزو أنه يريد أصل الحديث لا ذلك اللفظ، وذلك كما فعل الحافظ العراقي في كتابه تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد.
ومنهم من اختصر في كتابه على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية، وبيان مخرج الحديث بعد ذكره نصحًا للأمة، وقدم الضروري من الأدلة في إيجاز يعين على الحفظ والفهم دون توسع، ورمز للتخريج برموز بَيَّنها في مقدمة كتابه، وجرد الأحاديث من أسانيدها، واختار نخبة من الأحاديث متجهًا في أكثر ما اختاره منها إلى ما بنى عليه أحد الأئمة مذهبه في الفقه بمقتضى الميل والمناضرة، ولم يمنعه ذلك من إيراد أدلة المذاهب الأخرى تحقيقًا لأمانة العلم، ودفعًا؟؟؟ المذهبي، وتقريبًا لأدلة الأحكام إلى الدارسين، وذلك كما في كتاب بلوغ المرام أدلة الاحكام.
ومنهم من حشد في كتابه جميع ما استدل به الأئمة الأربعة أصحاب المذهب المشهورة وغيرها من صريح السُّنَّة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين، وجرده من أقوال جميع المجتهدين التي لم تصرح بها الشريعة -على حد قول مؤلفه- فجمع من كتب الحديث التي تيسرت له عند تأليف كتابه أحاديث الشريعة وآثارها، وتوسع في الأخذ عن كثير من هذه الكتب كموطأ مالك، ومسند الإمام سنيد بن داود -وهو من أقران مالك يروي عن وكيع- وكالصحيحين، ومسانيد الأئمة الثلاثة أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وصحيح أبي داود، وصحيح الحاكم، وصحيح ابن خزيمة وابن حبان، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والمختارة للضياء المقدسي، فأخذ من كل هذه الكتب مادة حديثية خصبة قربها إلى الدارسين، ليأخذ كل بما يفتح الله به عليه منها، ولم يعز أحاديث الكتاب إلى من أخرجها من الأئمة استنادًا إلى أنه لا يروي إلا ما استدل به الأئمة المجتهدون في مذاهبهم، واقتصر من الحديث على إيراد محل الاستدلال المطابق للترجمة، ولا يكرر حديثًا في باب إلا إذا اشتمل على زيادة حكم ظاهر لا يوجد في الحديث الذي قبله، وقدم لطلاب أدلة الأحكام مادة حديثية مجردة، وترك أمرين بارزين تقحم فيهما كثير من العلماء والفقهاء: هما التأويل والحكم بالنسخ؛ لأن كلا منها لا يخلو من إظهار شخصية حيال الحديث النبوي الكريم، وذلك كما فعل الإمام الشعراني في كتابه كشف الغمة عن جميع الأمة.
ومثل هذا التعدد في مناهج المحدثين في كتب أحاديث الأحكام كان اختلاف المناهج في غيرها من أنواع العلوم الحديثية الأخرى، ففي كتب الترغيب والترهيب، وفي كتب الجوامع العامة، وفي كتب الزوائد، وفي توضيح المبهمات، وفي كتب أصول الحديث، وفي كتب التخريج وكتب الرجال، في كل ذلك وفي غيره من أنواع علوم السُّنَّة الأخرى تعددت المناهج، واختلفت الطرائق فإن في بعضها بسطًا، وفي الآخر اختصارًا، وفي بعضها التزامًا برواية الصحيح أو المقبول، وفي الآخر عدم التزام به مع التنبيه، ولكنها جميعًا كانت تدور في فلك واحد هو خدمة السُّنَّة، وتهدف إلى غاية واحدة كانت مقصدا لمناهج المحدثين في دورها الأخير فيما قبل سقوط بغداد، هي تقريب السُّنَّة إلى طلابها وعرض النافع منها والتنبيه على ما عداه، وبذلك يمكن أن نعتبر مناهج المحدثين فيما بعد سقوط بغداد امتداد للدور الأخير من مناهجهم قبل ذلك في مرحلة التقليد والاختصار والتقريب، ثم محاولة جمع الشتيت من علوم السُّنَّة ومادتها، وإضافة الجديد إلى كل من هذه العلوم: من شرح لغامض، أو بيان لمبهم، أو تفصيل لمجمل، أو توفيق بين النصوص الحديثية حين يظهر بينها التعارض والاختلاف.
وهذه أمثلة أخرى لما تصرف بها المتأخرون في بعض كتب الأولين، تستبين منها مناهجهم في اختيار بعض العلوم الحديثية وإفرادها بالتأليف.
ففي الكتب المخرجة على الصحاح من كتب الحديث أملى الحافظ العراقي مستخرجًا على مستدرك الحاكم ولكنه لم يكمل، والمستخرج عندهم أن يأتي المصنف إلى الكتاب فيخرج أحاديث بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب، فيجتمع معه في شيخه أو فيمن فوقه -ولو في الصحابي- مع رعاية ترتيبه ومتونه وطرق أسانيده، وشرطه أن لا يصل إلى شيخ أبعد حتى يفقد سندًا يوصله إلى الأقرب إلا لعذر من علو أو زيادة مهمة، وربما لم يجد المخرج سندًا يرتضيه للحديث فيسقطه، أو يذكره من طريق صاحب الكتاب. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصل الثاني: بعد سقوط بغداد الأحد 26 مايو 2024, 12:27 am | |
| وفي كتب السنن التي اصطلح العلماء على أنها المرتبة على الأبواب الفقهية كتب الشيخ علاء الدين بن التركماني حاشية على كتاب السنن الكبير للبيهقي، سماها الجوهر النفي في الرد على البيهقي، في سفر كبير أكثرها اعتراضت عليه ومناقشات له ومباحثات معه، وقد لخصها قاسم بن قطلوبغا الحنفي في كتاب سماه ترجيع الجوهر النقي، ورتبه على ترتيب حروف المعجم ولم يكمله، ووصل منه إلى حرف الميم.
وفي مجال الكتب المرتبة على أبواب الفقه مما اشتملت على السنن أو ما هو في حيزها كتب بدر الدين العيني شرحًا على معاني الآثار للطحاوي سماه مباني الأخبار في شرح معاني الآثار.
وفي كتب الأحاديث المسلسلة وهي التي تتابع رجال إسنادها على صفة أو حالة ألف أبو زرعة العراقي كتابًا في الأحاديث المسلسلة، كما ألف الحافظ شمس الدين السخاوي كتابًا جمع فيه مائة مسلسل مبينًا شأنها، وكذلك الحافظ السيوطي الذي ألف المسلسلات الكبرى وهي خمسة وثمانون حديثًا، كما ألف جياد المسلسلات.
وفي مجال كتب الشمائل والسير اختصر عز الدين بن جماعة كتاب الروض الأنف في شرح غريب السير لأبي القاسم السهيلي في كتاب سماه نور الروض، وكتب حاشية عليه شرف الدين يحيى بن محمد المناوي، جردها سبطه عبد الرءوف المناوي، وقد ألف أبو الفتح بن سيد الناس كتابًا في السيرة سماه عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير.
وفي كتب المتفق والمفترق اختصر الحافظ ابن حجر مختصر الحافظ الذهبي الذي جمعه في مشتبه الأسماء والنسبة ملخصًا من عبد الغني المقدسي وابن ماكولا وابن نقطة وأبي الوليد القرضي، وقد سمى مختصره هذه تبصير المنتبه وتحرير المشتبه في مجلد زاد فيه على أصله كثيرًا، واختصر القاضي علاء الدين بن التركماني كتاب الخطيب البغدادي المسمى تلخيص المتشابه في الرسم وحماية ما أشكل منه عن بوادر التصحيف والوهم، كما اختصره السيوطي أيضًا في كتاب سماه تحفة النابة بتلخيص المتشابه، وللحافظ ابن حجر مؤلف بديع في الألقاب سماه نزهة الألباب، جمع فيه مع التلخيص ما لغيره وزيادة، وللسيوطي كشف النقاب عن الألقاب، وكتاب المنى في الكنى.
وفي كتب مبهم الأسانيد أو المتون من الرجال والنساء اختصر كتاب ابن بشكوال المسمى بالغوامض والمبهمات أبو الحسن علي بن الحافظ عمر بن الملقن، وأتى فيه بزيادات، وألف الحافظ قطب الدين أبو بكر محمد بن أحمد القسطلاني المصري المتوفى سنة ست وثمانين وستمائة كتابًا سماه الإفصاح عن المعجم من الغامض والمبهم رتبة على الحروف، كما صنف الشيخ ولي الدين أبو زرعة العراقي كتابًا سماه المستفاد من مبهمات المتن والإسناد رتبه على أبواب الفقه ليسهل الكشف منه، واعتنى الحافظ ابن حجر بتحرير المبهمات بالنسبة للبخاري خاصة.
وفي كتب الأنساب لخص الحافظ السيوطي كتاب اللباب لعز الدين محمد بن محمد بن الأثير الجزري في كتاب سماه لب اللباب في تحرير الأنساب وزاد فيه على أصله أشياء، وهو في مجلد لطيف، كما لخص أنساب السمعاني القاضي قطب الدين محمد بن محمد بن عبد الله بن خضير، وضم إليها ما عند ابن الأثير والرشاطي وغيرهما من الزيادات وسماه الاكتساب في تلخيص كتاب الأنساب.
وفي كتب تواريخ الرجال وأحوالهم رتب الحافظ قاسم بن قطلوبغا من تلاميذ الحافظ ابن حجر كتاب الإرشاد في علماء البلاد لأبي يعلى الخليلي القزويني.
وفي كتب المعاجم ألف شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي كتابًا ضمنه شيوخه وهم ألف وثلاثمائة، كما ألف كل من أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد التنوخي المصري، وتقي الدين السبكي معجمًا كذلك.
وفي مجال كتب الطبقات المشتملة على ذكر الشيوخ وأحوالهم ورواتهم -طبقة بعد طبقة وعصرًا بعد عصر إلى زمن المؤلف- رتب الحافظ نور الدين الهيثمي كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم في كتاب سماه تقريب البغية في ترتيب أحاديث الحلية، وكتب في طبقات الشافعية الشيخ تقي الدين السبكي.
وفي كتب الضعفاء والمخرجين من الرواة ذيل الحافظ العراقي على ميزان الاعتدال للذهبي بذكر جماعة فاتهم وهو في مجلد، كما عمل شيخ الإسلام ابن حجر لسان الميزان ضمنه الميزان وزوائده في مجلدين، كما رتب الحافظ نور الدين الهيثمي كتاب الثقات لابن حبان بإشارة شيخه العراقي وولده أبي زرعة، وللشيخ قاسم بن قطلوبغا كتاب الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة في أربع مجلدات.
وفي كتب علل الأحاديث ألف الحافظ ابن حجر كتاب الزهر المطول في الخبر المعلول.
وفي كتب الموضوعات اختصر الحافظ السيوطي كتاب الموضوعات الكبرى لأبي الفرج بن الجوزي في كتابه الذي سماه اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، كما ذيل عليه بكتاب سماه ذيل اللآلئ، وله كذلك تعقبات على ابن الجوزي سماه النكت البديعات على الموضوعات، ثم اختصره في كتاب سماه التعقبات على الموضوعات، وقد ألف خاتمة المحدثين أبو عبد الله محمد بن يوسف علي الشامي المصري المتوفى سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة كتاب الفوائد المجموعة في بيان الأحاديث الموضوعة.
وفي الأمالي أملى الحافظ زين الدين العراقي نحو أربعمائة مجلس، وأملى السخاوي شمس الدين نحو ستمائة مجلس في مكة وفي غيرها، وأملى السيوطي ثمانين مجلسًا، كما أملى الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة للغزالي.
وفي كتب رواية الأكابر عن الأصاغر والآباء عن الأبناء وعكسه لخص الحافظ ابن حجر كتاب الوشي المعلم فيمن روى عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، لصلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي، وزاد عليه تراجم كثيرة.
وفي الأطراف كتب الحافظ ابن حجر العسقلاني أيضًا في أطراف الكتب العشرة كتابًا سماه إتحاف المهرة بأطراف العشرة في ثمان مجلدات "والعشرة التي ذكر أطرافها هي: الموطأ ومسند الشافعي ومسند أحمد ومسند الدارمي وصحيح ابن خزيمة، ومنتقى ابن الجارود وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم ومستخرج ابن عوانة وشرح معاني الآثار وسنن الدارقطني"، وزاد العدد واحدًا لأن صحيح ابن خزيمة لم يوجد منه نحو ربعه، كما جمع الحافظ العراقي أطراف صحيح ابن حبان، وجمع أبو العباس أحمد بن أبي بكر محمد بن إسماعيل البوصيري المتوفى بالقاهرة سنة أربعين وثمانمائة أطراف المسانيد العشرة "مسند أبي داود الطيالسي ومسند مسدد ومسند الحميدي ومسند ابن أبي عمر العدني، ومسند إسحاق بن راهويه، ومسند أبي بكر بن أبي شيبة ومسند أحمد بن منيع ومسند عبد بن حميد ومسند الحارث ومسند أبي يعلى الموصلي".
وفي كتب الزوائد ألف العلماء المصريون كثيرًا من الكتب، نوردها بأسمائها وأسماء مؤلفيها في الفصل الذي نعقده لدراسة الزوائد بإذن الله.
وفي الجمع بين بعض الكتب الحديثية شرح الحافظ قاسم بن قطلوبغا كتاب جامع المسانيد الخمسة عشر المنسوبة لأبي حنيفة من تخاريج الأئمة من أصحابه الأربعة فمن بعدهم، وألف السيوطي جامع المسانيد، وجمع الحافظ نور الدين الهيثمي أحاديث الغيلانيات والخلعيات وأفراد الدارقطني وفوائد تمام مع ترتيبها على الأبواب في مجلدين.
وفي مجال كتب التخريج -وهو من العلوم المستحدثة بعد حذف الأسانيد في مرحلة اختصار السُّنَّة وتقريبها- خرج الحافظ جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي المصري أحاديث الكشاف استوعب ما فيه من الأحاديث المرفوعة، فأكثر من تبيين طرقها وتسمية مخارجها، ولم يتعرض غالبًا للآثار، وخرج الحافظ العراقي أحاديث الإحياء، وخرج الحافظ ابن حجر أحادبث الكشاف في كتابه العافي الشاف ملخصا من تخريج الزيلعي، وخرج الشيخ عبد الرءوف المناوي أحاديث تفسير البيضاوي، وخرج السخاوي والسيوطي وابن الملقن والتاج السبكي وابن التركماني أحاديث كتب كثيرة، نشير إلى الكثير منها في الفصل الذي عقدناه لكتب التخريج بإذن الله.
وفي مجال الكتب المؤلفة في الأحاديث المشهورة على الألسنة ألف الحافظ شمس الدين السخاوي كتابه المقاصد الحسنة في بيان الأحاديث المشهورة على الألسنة، كما ألف الحافظ السيوطي كتاب الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة، ملخصًا إياه من تذكره الزركشي مع زيادة عليه، والبدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير في نحو من ألفين وثلاثمائة، للشيخ عبد الوهاب الشعراني المصري انتخبها من جوامع السيوطي مع المقاصد الحسنة.
وفي كتب الفتاوى الحديثية فتاوى شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني، والأجوية المرضية عما سئلت عنه من الأحاديث النبوية، للحافظ السخاوي، وفتاوي جلال الدين السيوطي ومنها كتاب الحاوي للفتاوى، وفتاوى شهاب الدين أحمد بن حجر السعدي الهيثمي المصري.
وفي الكتب المفردة في جمع أحاديث بعض أنواع الحديث جمع السيوطي كتابه الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة، ومختصره المسمى بالأزهار المتناثرة له أيضًا، ولخص أبو الفيض محمد مرتضى الحسيني الزبيدي المصري كتاب اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة، لشمس الدين محمد بن طولون مسند الشام، وسماه لفظ اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة.
وفي كتب التفاسير والشروح الحديثية ألف العلماء عددًا كبيرًا من الكتب نشير إلى بعضها فيما خصصناه لهذا النوع بإذن الله.
وفي كتب السيرة النبوية والخصائص المحمدية سيرة أبي الفتح بن سيد الناس الصغرى، وهي المسماة بنور العيون في تلخيص سير الأمين المأمون، والزهر الباسم في سيرة المصطفى أبي القاسم للحافظ علاء الدين مغلطاي، واختصرها في كتاب سماه الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفا والسيرة الكبرى لعز الدين بن جماعة والصغرى له أيضًا، والسيرة لشرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي، والسيرة لقطب الدين الحافظ عبد الكريم بن عبد النور المصري، المعروف بابن أخت الشيخ نصر، والسيرة للحافظ ابن حجر، ومن خير من كتب في السيرة خاتمة المحدثين محمد بن يوسف بن علي الشامي نزيل القاهرة، ألف كتابًا في نحو من أربع مجلدات ضخام، سماه سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، ذكر فيه فضائله وأعلام نبوته وأحواله وأفعاله في البدء والمعاد، وانتخبه من أكثر من ثلاثمائة من كتب المتقدمين وتحرى فيه الصواب، وقد زادت أبوابه على سبعمائة، ختم كلا منها ببيان المشكل من غريب اللفظ، وكتاب المواهب اللدنية بالمنح المحمدية لأبي العباس أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني المصري، وحاشيتها لأبي الضياء الشيراملسي المصري، وغير ذلك من كتب السيرة الكثيرة.
وفي كتب بيان حال الرواة وضبط أسمائهم وأسماء بلدانهم اختصر السيوطي معجم ياقوت الحموي، وسماه بهذا الاسم ولم يكمله، ولابن حجر ولغيره من أعلام مصر مؤلفات نشير إليها في موضعها بإذن الله.
وفي كتب الوفيات ألف الحافظ عبد العظيم المنذري كتاب التكملة لوفيات النقلة، كما ألف غيره من الأعلام كتبًا نذكرها في كتب الرجال.
وفي كتب المصطلح ألفوا كذلك كتبًا نعقد لدراستها فصلًا نشير في مقدمته إلى بيان هذا الكتب وأسماء مؤلفيها إن شاء الله.
هذه أهم أنواع العلوم الحديثية التي تناولها الأعلام من المحدثين في مصر بعد سقوط بغداد، واختيار أحد هذه العلوم للتأليف يعد منهجًا لمن يؤلف فيه، ولكل مؤلف في كتابه منهج خاص بهذا الكتاب، وباستعراض هذه الأنواع من العلوم ومناهج بعض الكتب المؤلفة فيها يتبين أنها تدور حول اختصار السُّنَّة وجمعها وترتيبها وتقريبها إلى الدارسين بالشرح والتهذيب، والبيان والتبويب، وقد كان من مظاهر الاختصار حذف الأسانيد، والاكتفاء بتخريج الأحاديث بعزوها إلى الكتب التي استمدت منها، وتقويم هذه الأحاديث ببيان درجتها غالبًا، والتنبيه إلى الضعيف منها والموضوع ثم محاولة إضافة الجديد إلى علوم الأولين ومؤلفاتهم بما يخدم السُّنَّة، ويجعلها دانية لمن أراد الانتفاع بها في دينه ودنياه.
على أنه لا بد لنا -قبل الانتهاء من هذه الدراسة- أن ننبه إلى أنه لم يكن في منهج المتأخرين في جمع السُّنَّة أخذها عن طريق المشافهة أو الرواية بالأسانيد، ضرورة أن عهد الرواية قد انتهى بانتهاء القرن الثالث، وإن كان قليل منهم قد حاول ذلك في بعض كتبه، كما سيتبين ذلك فيما يأتي في دراسة المدونات الحديثية إن شاء الله. |
|