أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: عن المؤلف نهاد خياطة الأحد 05 مايو 2024, 1:49 pm | |
| عن المؤلف نهاد خياطة: أحد أبرز المترجمين السوريين، كانت له مشارَكات فعَّالة في العديد من الندوات الفكرية التي دارت مَحاوِرها حول الموضوعات النفسية والأدبية والصوفية، وقد نال في عام ٢٠٠٩م، جائزةَ الباسِل التقديرية تكريمًا له على ترجماته القيِّمة. وُلد «نهاد خياطة قطان» في عام ١٩٢٨م، بمدينة حلب بسوريا، وتلقَّى تعليمَه الأوَّلي بإحدى مدارس حلب العامة، وبعد أن أنهى دراسته الثانوية في معهد حلب العلمي، سافَر إلى دمشق حيث التحق بجامعتها لدراسة الحقوق. بدأ عمله في مجال التدريس خلال فترة دراسته الجامعية؛ حيث عمل مدرسًا لمادة اللغة العربية، وعاد ثانيةً إلى حلب بعد تخرُّجه في الجامعة عام ١٩٥٢م، حيث عمل أولًا بالبنك المركزي، ثم تولَّى رئاسةَ إدارة التسويق في المؤسسة العامة لحلْجِ وتسويقِ الأقطان، هذا إلى جانب تدريسه اللغةَ الإنجليزية في إحدى الدُّور التعليمية بحلب. وفي فترة الثمانينيات بدأ ترجمةَ الكتب، ولا سيما المتخصِّصة في مجالات علم النفس والأسطورة والأديان، وقدَّمَ للمكتبة العربية الكثيرَ من الترجمات البارزة والجديرة بالتقدير، وهو أولُ مَن ترجَم أعمال «كارل غوستاف يونغ» من الإنجليزية إلى العربية. ومن أعماله المترجَمة نذكر: «الفِرَق والمذاهب المسيحية من البدايات حتى ظهور الإسلام»، و«دراسة في التجرِبة الصوفية»، و«الدِّين في ضوء علم النفس»، و«البنية النفسية عند الإنسان»، و«القوى الروحية وعلم النفس التحليلي»، و«المذهب الباطني في ديانات العالم»، و«النار في التحليل النفسي»، و«الإيمان والإسلام والإحسان في مقارَنة الأديان»، هذا فضلًا عن مقالاته المتعددة. تُوفِّي «نهاد خياطة» في عام ٢٠١٢م عن عمر يناهز ٨٤ عامًا، إثرَ تعرُّضه لإصابةٍ شديدة في القلب. ------------------------------------ إلى روح أبي كان والدي رحمه الله يحب الشعر ويحفظه ولطالما ردد على مسمعي قصائد طويلة، فأتعجب من ذاكرته التي ظلت نشطة حيَّة حتى آخر أيام عمره الأربعة والثمانين. ولم يسمح لي حبه للغة العربية أن أنصت مرة واحدة إلى نشرة الأخبار بشكل كامل؛ إذ كان يصوِّب لفظًا هنا، وعبارة هناك، ويأخذ بشرح قواعد ما عرفتها إلا منه. وكان لا يُرضيه الخطأ، ويأسف لبعض المذيعين إذ لم يتقنوا فن الأداء الصوتي والنبرة اللازمة في الاسترسال والوقوف. ورفض في شهر أكتوبر من عام ١٩٥٦م، الالتحاق بالإذاعة البريطانية BBC، بعد نجاحه في اختبار مذيعي الأخبار، نصرة لجمهورية مصر العربية عقب تعرضها للعدوان الثلاثي آنذاك. أمَّا عن اللغتَين الفرنسية والإنكليزية اللتين أتقنهما وترجم عنهما مختلف المواضيع، فقد كان لمجهوده الذاتي أكبر الأثر في بلوغ ما طمح إليه من معرفة واطلاع لم ينتهِ، إلا بعد أن أصاب الداء الأصفر عينيه في السنوات العشر الأخيرة؛ فأقعده عن الترجمة التي كان يعشقها، وعن مطالعة كتب مكتبته الضخمة التي كان قد أعدَّها وحرص عليها؛ ليُتابع شغفه في أثناء فترة التقاعد. لقد كان أبي مُحبًّا للعلوم الإنسانية، من تاريخ وأدب وفلسفة وشعر وتصوف وعلم نفس، ومحبًّا للتعمق في أديان العالم وثقافات الشعوب، من سياسة وأساطير وحكايات. لطالما أذهلني بوافر اطلاعه، حتى أيقنت أن الله سبحانه اختصَّ أدمغةً دون غيرها لتلقي هذا الكم الغزير من الثقافة، الذي قلما تجد مثيله بين البشر. أمَّا مزاجه المتفرد وتفضيله العزلة، وعدم سعيه للشهرة فكان له الدور الأكبر في ندرة مَنْ يعرفونه؛ إذ إن أصدقاءه لم يتجاوزوا الخمسة، ولقاؤهم على الأغلب كان يجري بشكل دوري في أحد المقاهي من مدينة حلب حيث مسقط رأسه. وفي أثناء عمله رئيسًا لدائرة التسويق في الهيئة العامة لحلج وتسويق الأقطان. كانت له أسفار عديدة إلى كل من الهند والصين واليابان، وإلى إسبانيا وإيطاليا وغيرها من البلدان التي كانت تستورد القطن السوري. لقد كان أبي حنونًا عطوفًا، طيبًا حَدَّ البُكاء. وأذكر أنه كان يُغريني بالهدايا، إن حفظتُ بعض المقاطع الأدبية التي كان ينتقيها خصوصًا، من أجل أن أحذوَ حذوه في حب الشعر والأدب واللغة العربية. كما كان له الفضل الأكبر في تأسيسي على قواعد اللغة العربية والفرنسية التي اعتمدت عليها لاحقًا في مهنتي. وأذكر حين عُدتُ يومًا باكية؛ لأنني لم أحرز المرتبة الأولى كما عادتي في المرحلة الابتدائية، أذكر أنه احتضنني ومسح دمعتي، وهنأني وخفّف عني حزني؛ فكان درسًا في التواضع، والثقة بالنفس، وتقبل عثرات الدرب وما ستحمله لاحقًا إليَّ الحياة. أحَبَّ والدي أحفاده لابنته الوحيدة، وأسهم في تربيتهم، وعمل حثيثًا على نقل معارفه إليهم. وأحَبَّ القطط حُبًّا شديدًا؛ إذ قلّما خلا بيتنا منها، فكان يعطف عليها، ويعمل ما في وسعه، إن أصاب أحدها مكروه أو مرض. كان أبي من الذوَّاقين جدًّا للطعام كمعظم أهالي حلب، حتى إنه كان يقول لأمي باستمرار إن له الفضل في إتقانها فن الطهي من خلال ملحوظاته، فصارت، وهي ابنة اللاذقية، من أمهر مَنْ أعَدَّ الأطباق الشهيرة الخاصة بمدينة حلب. كنت وددت —ككل مَنْ فارق أحبته— لو قضيت معه أوقاتًا مديدة، ولو أنني خدمته أكثر، لكن زحمة الحياة ومشاغلها، والمسئوليات والأعباء التي ألقتها على عاتقي كانت جمَّة؛ فكانت الفترة الأطول التي بقيت فيها بجانبه قبيل وفاته، خلال علاجه في المشفى؛ حيث التقى بربه بعد أزمة شديدة في القلب، فارق على إثرها الحياة وهو يدعو لي ولزوجي وأولادي: اللهم ارضَ عنهم جميعًا، ولا تُرِهم الضيم أبدًا. رحمكَ الله وأمي وأسكنكما فسيح جناته. آمين يا رب العالمين. لينة نهاد خياطة قطان ٢٠ / ٣ / ٢٠٢٣م ------------------------------------ المصدر: Hindawi Foundation «مؤسسة هنداوي» مؤسسة غير هادفة للربح، تهدف إلى نشر المعرفة والثقافة، وغرس حب القراءة بين المتحدثين باللغة العربية. جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي :copyright: ٢٠٢٤م
الرابط: https://www.hindawi.org/books/24158095/ ------------------------------------------------------- |
|