إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعةٌ حُرُم‏

من الدلالات العلميه للايه الكريمه:
هذه الايه الكريمه تتحدث عن عده الشهور في سنه من سني الارض لان الخطاب القراني موجه لنا نحن اهل الارض ولان كل جرم من اجرام السماء له ازمنته الخاصه به من السنين‏، والشهور‏، والاسابيع‏، والايام‏، واذا كان الجرم جسما معتما كان له ايضا ليله ونهاره‏، ويتضح هذا التباين في ازمنه كل جرم من اجرام السماء بالتباين بين ازمنه اجرام مجموعتنا الشمسيه.

الذي بيانه كما يلي‏:‏
‏*‏ سنه الشمس‏= 225‏ مليون سنه من سني الارض‏.‏

*‏ سنه عطارد‏= 0.24‏ من السنه الارضيه ‏(= 88‏ يوما من ايام الارض‏).‏

*‏ سنه الزهره‏= 0.70‏ من السنه الارضيه ‏(= 255‏ يوما من ايام الارض‏).‏

*‏ سنه الارض‏= 1‏ سنه ارضيه ‏(= 365.25‏ يوم من ايام الارض‏).‏

‏*‏ سنه المريخ‏= 1.88‏ سنه ارضيه‏ (= 686.67‏ يوم من ايام الارض‏).‏

‏*‏ سنه المشتري‏= 11.86‏ سنه ارضيه‏ (= 4332‏ يوما من ايام الارض‏).‏

‏*‏ سنه زحل‏= 29.46‏ سنه ارضيه ‏(= 10760.27‏ يوما من ايام الارض‏).‏

‏*‏ سنه يورانوس‏= 84.02‏ سنه ارضيه ‏(= 30688.31‏ يوم من ايام الارض‏).‏

‏*‏ سنه نبتيون‏= 164.80‏ سنه ارضيه ‏(= 60193.20‏ يوم من ايام الارض‏).‏

‏*‏ سنه بلوتو‏= 247.70‏ سنه ارضيه ‏(= 90472.40‏ يوما من ايام الارض‏).‏

وهذا التباين في ازمنه كل جرم من اجرام مجموعتنا الشمسيه‏، بل كل جرم من اجرام السماء يوكد علي نسبيه كل شيء في وجودنا‏، حتي يبقي العلم‏، الحقيقي‏، المطلق‏، الكامل‏، المحيط لخالق هذا الكون وحده‏، الذي هو فوق الخلق كله‏، فوق الماده والطاقه واضداهما‏، وفوق المكان والزمان بمختلف اشكالهما وابعادهما‏:... {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} ‏(‏الشوري‏ :11).‏

وعلي الرغم من ايماننا بمحدوديه علمنا فاننا ندرك ان من صور تسخير ما في السماوات‏، وما في الارض لهذا الانسان الضعيف‏، المحدود القدرات‏، والحواس ان يمكنه ربه تبارك وتعالي من الوصول الي شيء من الحق في صفحه السماء علي تعاظم ابعادها مما يشهد للخالق سبحانه وتعالي بالالوهيه والربوبيه‏، والوحدانيه‏، بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏.‏

والخطاب الالهي‏:‏
(إنَّ عِدَّةَ الشُّهُور عِندَ اللهِ اثنا عشر شهرًا فِي كتابِ اللهِ يَوْمَ خلق السَّمَاوَاتِ والارض منها أربعةٌ حُرُم‏...)، كما يشمل سنه الارض لابد ان له دلاله كونيه مهمه منطلقه من ان الارض في مركز الكون حسبما جاء في العديد من الايات القرانيه الكريمه والاحاديث النبويه الشريفه‏.‏

مركزيه الارض بالنسبه الي الكون‏:‏
يمكن استنتاج مركزيه الارض بالنسبه الي السماوات من الاشارات التاليه‏:‏
‏(1)‏ يشير القران الكريم‏، كما تشير الاحاديث النبويه الشريفه في مئات المواضع الي السماوات والارض‏، فقد جاءت لفظه السماء في القران الكريم بالافراد والجمع في ثلاثمائه وعشره مواضع‏، منها مائه وعشرون مره بالافراد‏، ومائه وتسعون مره بالجمع‏.‏

كذلك جاءت الاشاره الي الارض في القران الكريم في اربعمائه وواحد وستين موضعا منها مايشير الي الكوكب ككل‏، ومنها ما يشير الي كتل القارات التي نحيا عليها‏، وما بها من صخور‏، ومنها مايشير الي قطاع التربه الذي يغطي صخور الارض‏، وفي معظم هذه الايات نجد المقابله القرانيه الصريحه بين الارض علي ضاله حجمها بالنسبه الي بقيه الكون والسماء علي ضخامه ابعادها‏، وقطر الجزء المرئي من السماء الدنيا يقدر باربعه وعشرين الف مليون سنه ضوئيه وهذه المقابله لايمكن ان تقوم الا اذا كان للارض وضع متميز بالنسبه الي السماء الدنيا‏.‏

(2)‏ في احدي وعشرين ايه قرانيه كريمه جاء ذكر الوصف الالهي‏: (‏السماوات والارض ومابينهما‏)‏ وهذه البينيه لا يمكن ان تتم الا اذا كانت الارض في مركز الكون‏).‏

(3)‏ جاء في سوره الرحمن قول الحق تبارك وتعالي‏:‏ {يا معشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من اقطار السماوات والارض فانفذوا لا تنفذون الا بسلطان} ‏[الرحمن‏: 33].‏

وقطر اي شكل هندسي هو الخط الواصل بين طرفيه مرورا بمركزه‏، فاذا كانت اقطار السماوات والارض واحده‏، فلا بد ان تكون الارض في مركز الكون‏.‏

(4)‏ في اغلب الحضارات القديمه اعتبرت الارض مركزا للكون‏، وكل المعارف الصحيحه في تلك الحضارات خاصه في القضايا الغيبيه‏، هي بالقطع من وحي السماء‏، او من بقايا ما قاله ربنا تبارك وتعالي‏:‏ {وعلم ادم الاسماء كلها‏...‏}  ‏[البقره‏: 31].‏

(5)‏ تبدو السماء للناظر اليها من اي مكان علي سطح الارض وكانها كره شاسعه الابعاد تحيط بالارض من كل جانب‏، ولذلك يسميها الفلكيون باسم الكره السماويه ويرسمونها دائما بجعل كوكب الارض مركزا لها‏، ومع توزيع اجرام السماء علي سطح تلك الكره السماويه‏.‏

(6)‏ روي كل من الامام الهروي في غريب الحديث ‏(362/3)، والامام الزمخشري في الفائق في غريب الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله‏:‏ كانت الكعبه خشعه علي الماء فدحيت منها الارض والخشعه الاكمه الصغيره‏، والعلم يثبت اليوم توسط الكعبه المشرفه لليابسه‏، كما يثبت ان الارض مرت في مرحله من مراحل اعدادها لاستقبال الحياه بفتره كانت مغموره غمرا كاملا بالماء‏، ولم تكن هناك يابسه‏، ثم فجر الله تعالي قاع هذا المحيط الغامر بثوره بركانيه من تحت الماء فكونت اول جزيره بركانيه في العالم‏، ثم دحيت بقيه اليابسه حول هذه الجزيره لتكون قاره وحيده اسمها‏:‏ القاره الام او‏Pangaea، ثم تفتت هذه القاره الام الي القارات السبع الحاليه التي تتوسطها الكعبه المشرفه اليوم كما توسطتها في جميع مراحل نموها‏.‏

(7)‏ كذلك روي مجاهد عن رسول الله‏ (‏صلي الله عليه وسلم‏)‏ قوله‏:‏ ان الحرم حرم مناء من السماوات السبع والارضين السبع‏، ولفظه مناء معناها قصده‏، وفي حذاه‏، يقال‏:‏ داري منا دار فلان اي في مقابلتها‏، ومعني هذا الحديث الشريف ان الكعبه المشرفه هي مركز اليابسه في الارض الاولي‏، ومن تحتها ست ارضين‏، وان هذه الارضين السبع محاطه احاطه كامله بالسماوات السبع‏، وعلي ذلك فان الكعبه المشرفه هي مركز الكون‏.‏

وتاكيدا لذلك قال المصطفي صلي الله عليه وسلم‏:‏ البيت المعمور مناء مكه‏، وسال جمعا من الصحابه بقوله الشريف‏:‏ اتدرون ما البيت المعمور؟ قالوا‏:‏ الله ورسوله اعلم‏، قال: ‏(‏صلي الله عليه وسلم‏):‏ هو بيت في السماء السابعه‏، علي حيال الكعبه تماما حتي لو خر لخر فوقها‏....‏

كل ذلك يوكد موقع الكعبه المشرفه من الكون كله‏، كما يشير الي توسط الارض للكون‏، ومن هنا كان لسنه الارض المكونه من اثني عشر شهرا معني كونيا لم يدركه العلم المكتسب وتتضح دلالته من قول الحق تبارك وتعالي‏:‏ (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها أربعةٌ حُرُم‏...‏)
 
ماهو الشهر القمري؟‏:‏
يعرف الشهر لغه بانه مده مشهوره باهلال الهلال‏، وقيل‏:‏ الشهر القمر‏، سمي بذلك لشهرته وظهوره‏;‏ وقيل‏:‏ هو العدد المعروف من الايام‏، يشهر بالقمر‏، وفيه علامه ابتدائه وانتهائه‏;‏ والجمع اشهر وشهور‏;‏ والعرب تقول‏:‏ رايت الشهر‏، اي‏:‏ رايت هلاله‏.

وقال الامام الرازي‏:‏
واما الشهر فهو عباره عن حركه القمر من نقطه معينه من فلكه الخاص الي ان يعود الي تلك النقطه‏...‏

هذا‏، وقد ذكرت لفظه الشهر بالافراد في القران الكريم اثنتي عشره مره‏، جاء نصفها تماما بالصيغه المعرفه الشهر‏، والنصف الاخر بالصيغه غير المعرفه شهر او شهرا‏.‏

كما جاءت الاشاره الي الشهر بالتثنيه شهرين مرتين‏، وبالجمع سبع مرات‏، احداها بالصيغه المعرفه الشهور‏، والباقي بالصيغه غير المعرفه اشهر‏.‏

ويعرف الشهر القمري فلكيا بانه دوره القمر حول الارض‏، منسوبه الي موقع الشمس في صفحه السماء‏، وهي دوره معقده يدخل فيها دوران القمر حول الارض‏، ودورانه مع الارض حول الشمس‏، ومع باقي افراد المجموعه الشمسيه حول مركز المجره‏، وما فوق ذلك من حركات لا يعلمها الا الله تعالي‏.‏

ولتباين سرعه كل دوره من هذه الدورات في جريها الحقيقي‏، وفي حركاتها الظاهريه التي نراها بها من علي سطح الارض فان الحركه الظاهريه للشمس تبدو لنا اسرع من الحركه الظاهريه للقمر‏، وان كان لكل منهما مداره المحدد الخاص به‏.‏

ونتيجه لهذه الحركات المتعدده فان القمر يمر بين الارض والشمس فيكون وجهه المنير في اتجاه الشمس‏، ووجه المظلم في اتجاه الارض‏، وتسمي هذه المرحله باسم مرحله المحاق او مرحله الاقتران‏;‏ وبمجرد خروج القمر عن هذا الوضع يبدا اهل الارض في رويه حافته المنيره التي توذن بميلاد شهر قمري جديد‏.‏

وبتواصل دوران القمر حول الارض تزداد مساحه الجزء المنير من سطحه المواجه لنا فيتحرك من الهلال الوليد الي الهلال المتنامي‏، الي التربيع الاول‏، الي الاحدب المتنامي الي البدر الكامل‏، ثم تبدا مساحه الجزء المنير من سطح القمر المواجه لنا في التناقص التدريجي حتي المحاق‏، ويمر خلال فتره التناقص تلك بمراحل الاحدب المتناقص‏، ثم التربيع الثاني‏، ثم الهلال المتناقص الي المحاق ليختتم شهرا قمريا‏، ويوذن بميلاد شهر جديد مع هلال وليد جديد‏.‏

والقمر يدور حول نفسه‏، وحول الارض بنفس السرعه المتوسطه المقدره بنحو كيلومتر واحد في الثانيه‏، فيواجه الارض دائما بوجه واحد‏، وبذلك يصبح يوم القمر شهرا قمريا كاملا نصفه ليل‏، ونصفه نهار‏، وتفصل بين هذين النصفين دائره قريبه من الدائره العظمي تعرف باسم دائره النور‏، كما تفصل بين ما يري وما لا يري من سطح القمر دائره اخري تعرف باسم دائره الرويه‏;‏ وهاتان الدائرتان تنطبقان في مرحلتي البدر الكامل ‏(‏الاستقبال‏)، والمحاق‏ (‏الاقتران اوالاجتماع‏)، وتتقاطعان بزوايا مختلفه في المراحل المتوسطه بين هذين الحدين‏;‏ وتنشا عن تطابقهما وتقاطعهما الاشكال المختلفه لوجه القمر المواجه للارض‏ ‏من المحاق الي البدر الكامل‏، ومنه الي المحاق الذي يليه‏.‏

فعند تطابق دائرتي النور والرويه في وضع الاقتران يكون القمر في المحاق‏، وفي وضع الاستقبال يكون القمر في البدر الكامل‏، وعند تقاطع هاتين الدائرتين فاننا نري جزءا من نصف القمر المنير‏، وجزءا من نصفه المظلم‏، ويبقي القمر في مرحله الهلال المتنامي الذي يزداد حجمه بالتدريج حتي يصل الي مرحله التربيع الاول في اليوم السابع من الشهر القمري‏، ثم الي مرحله الاحدب المتنامي بعد مضي احد عشر يوما من بدء الشهر القمري‏، ويصل الي البدر الكامل بعد مضي اربعه عشر يوما او نحوها من بدايه الشهر القمري‏، ويصل الي مرحله الاحدب المتناقص بعد انقضاء اربعه ايام تقريبا علي مرحله البدر‏، وبعد مضي‏22‏ يوما تقريبا من الشهر القمري يصل الي مرحله التربيع الثاني‏، وفي الايام الثلاثه التي تلي التربيع الثاني يصل القمر الي مرحله الهلال المتناقص‏، وفي اخر يوم من الشهر القمري يكون القمر قد اصبح بين الارض والشمس علي استقامه واحده فيدخل في مرحله الاظلام الكامل او المحاق‏، والمراحل الرئيسيه في هذه الدوره التربيع الاول‏، البدر الكامل‏، التربيع الثاني‏، المحاق التي يستمر كل منها قرابه الايام السبعه كانت اساس تقسيم الشهر القمري الي اربعه اسابيع‏.‏

وفي دوره القمر حول الارض فانه يمر عبر برج من بروج السماء الاثني عشر في كل شهر حتي يعود الي البرج الذي بدا به مع فروق تقدر بنحو‏ 11‏ يوما‏، وبذلك تتحدد سنه كامله‏.‏

كذلك يمر القمر في كل ليله بمكان معين من البرج الشهري‏، وينسب هذا المكان الي عدد من النجوم التي تبدو ظاهريا انها قريبه من القمر‏، وتعرف هذه المواقع باسم منازل القمر اي اماكن وجود القمر في كل ليله من ليالي الشهر القمري بالنسبه الي نجم معين او مجموعه نجميه محدده‏;‏ وعدد هذه المنازل ثمانيه وعشرون منزلا بعدد الليالي التي يري فيها القمر‏، ومتوسط مده كل منها ‏13‏ يوما بالنسبه الي السنه الشمسيه‏.‏

ماهي السنه القمريه؟
تعرف السنه القمريه بالفتره الزمنيه التي يتم فيها القمر اثنتي عشره دوره كامله حول الارض‏;‏ وتستغرق هذه الفتره ‏(354.37‏ يوم‏)‏ لان متوسط عدد الايام في كل شهر قمري هو نحو‏(29.53‏ يوم‏)، ولما كانت كسور الايام لا تدخل في حساب الشهور‏، ولا في حساب السنين اعتبرت السنه القمريه مساويه للرقم الصحيح ‏(354‏ يوما‏)، وتعرف بالسنه القمريه البسيطه‏، وتتجمع الكسور لتتم يوما كاملا مره كل ثلاث سنوات تقريبا تصبح مده السنه القمريه فيها ‏(355‏ يوما‏)، وتعرف باسم السنه القمريه الكبيسه‏، وتظهر ‏11‏ مره في كل‏30‏ سنه تقريبا‏.‏

والتعبير اللغوي سنه مستمد من ‏(‏سنا‏)، (‏سنيو‏)، بمعني دار يدور حتي يعود الي مكانه الاول‏، وكذلك تعبير الحول مستمد من حال يحول‏، وهو بنفس المعني‏، كما ان السنه هي اول السن‏.‏
 
ماهي السنه الشمسيه؟‏:‏
السنه الشمسيه تحددها دوره كامله للارض حول الشمس‏، وتقسم هذه السنه بواسطه بروج السماء الاثني عشر الي اثني عشر شهرا‏، كما يمكن ان تقسم بواسطه اثنتي عشره دوره كامله للقمر حول الارض بفرق يقدر بنحو الاحد عشر يوما‏، وهو الفرق بين السنتين الشمسيه والقمريه‏، لان السنه الشمسيه يقدر زمنها بنحو‏365.25‏ يوم‏، بينما يقدر زمن السنه القمريه بنحو‏354‏ يوما‏.‏
 
ماهو الشهر الشمسي؟‏:‏
يقوم حساب الشهور الشمسيه اساسا علي مراقبه بروج السماء الاثني عشر الرئيسيه‏، وهذه البروج هي تجمعات من النجوم تمر بها الارض في دورتها السنويه حول الشمس‏، وتبدو هذه البروج من فوق سطح الارض باشكال محدده تميز برجا عن الاخر‏;‏ ودائره البروج هي مسار الشمس السنوي بين النجوم كما يظهر لنا من علي سطح الارض‏;‏ وهي في حركتها الظاهريه لنا تبدو وكانها تمر باثني عشر برجا تسمي باسم منازل الشمس‏، وتبقي في كل واحد منها نحو الشهر‏، ثم تعود في نهايه السنه الشمسيه الي البرج الذي بدات منه‏، وهكذا دواليك‏.‏

وهذه البروج هي‏:‏
الجدي‏، الدلو‏، الحوت‏، الحمل‏، الثور‏، الجوزاء‏، السرطان‏، الاسد‏، العذراء‏، الميزان‏، العقرب‏، والقوس‏;‏ مبتدئين بالاول من شهر يناير‏، ومنتهين بشهر ديسمبر تقريبا‏، وان سميت تلك البروج باسماء مختلفه في الدول المختلفه‏.‏
 
الشهور في القران الكريم هي الشهور القمريه
الايه القرانيه الكريمه التي نحن بصددها توكد ان الشهر المقصود في القران الكريم هو الشهر القمري‏، وكذلك العديد من الايات الاخري في كتاب الله‏، والشهور القمريه عرفتها اغلب الحضارات القديمه كما استخدمها العرب قبل بعثه خاتم الانبياء والمرسلين‏ (‏صلي الله عليه وسلم‏)، وكان هذا من بقايا وحي السماء الذي توارثوه عن كل من نبي الله ابراهيم وولده اسماعيل ‏(‏علي نبينا وعليهما من الله السلام‏).‏

ويوكد هذا ان جميع التكاليف الشرعيه قد ربطها الشارع الحكيم بالاهله‏;‏ وعلي ذلك فان السنه المعتبره في الاسلام هي السنه القمريه‏، وان الشهور المعتبره هي الشهور القمريه‏.‏

كذلك كان من تراث النبوه ان العرب قبل بعثه خاتم الانبياء والمرسلين‏ (‏صلي الله عليه وسلم‏) ‏كانوا يعظمون الاشهر الحرم‏، وهي ذو القعده‏، وذو الحجه‏، والمحرم‏، ورجب حتي في زمن شركهم وجاهليتهم‏.‏

ومعروف شرعا ان المعصيه في هذه الشهور تلقي عقابا من الله اشد‏، كما ان الطاعه تلقي اجرا اعظم وثوابا اكثر من بقيه شهور السنه‏، وعلي المسلمين اليوم ادراك ذلك ومتابعته كي تتعزز مكانه هذه الاشهر الحرم في قلوبهم وعقولهم فتتحقق الحكمه من قول ربنا‏ (‏تبارك وتعالي‏):‏ {‏...‏ فلاتظلموا فيهن انفسكم‏....‏}.

وياتي بعد ذلك ان القمر هو اقرب اجرام السماء الينا‏، وحركاته هي اكثر حركات اي جرم من الاجرام الكونيه وضوحا لنا‏، وضبط الازمنه به احكم من ضبطها باي وسيله كونيه اخري‏.‏

وتبقي الحكمه الالهيه واضحه جليه بوجود هذا الفارق الزمني الطفيف بين السنتين الشمسيه والقمريه حتي لا ترتبط العبادات الشرعيه بظروف مناخيه محدده علي مدار الزمن‏، بل تتحرك مع فصول السنه ومناخاتها المتباينه‏، فتودي في كل من الحر والقمر‏، وفي طول اي من النهار والليل او قصره‏، ومع ذلك فلا يوجد ما يمنع من اعتبار كل من الشهور القمريه والسنه القمريه جنبا الي جنب مع السنه الشمسيه التي تحددها دوره الارض حول الشمس دوره كامله في كل اثنتي عشره دوره كامله للقمر حول الارض‏، مع حساب الفارق المقدر باحد عشر يوما بينهما‏، بدلا من استخدام اسماء الشهور الميلاديه‏، واغلبها من الوثنيات القديمه‏.‏

وبذلك تكون السنه الاسلاميه شمسيه‏/‏قمريه تحدد السنه فيها دوره كامله للارض حول الشمس‏، وتقسم هذه السنه الي اثني عشر شهرا دوره القمر حول الارض في اثنتي عشره دوره كامله مع حساب الفوارق‏.‏
 
من اوجه الاعجاز العلمي في الايه الكريمه
بتحديد الايه الكريمه التي نحن بصددها عده الشهور عند الله باثني عشر شهرا تحديد للسنه القمريه كما هو تحديد للسنه الشمسيه فكلاهما مكون من هذا العدد من الشهور علي الرغم من تاكيد القران الكريم علي الشهور القمريه ومن ثم علي السنه القمريه‏.‏

وسَنَةُ اي كوكب هي الفتره الزمنيه التي يستغرقها ليتم دوره كامله حول النجم الذي يتبعه‏، وهو يجري في مدار محدد حول ذلك النجم‏، وبمتوسط سرعه محدد كذلك‏.‏

ويحدد سنه الكوكب‏، كما يحدد متوسط سرعه جريانه عاملان ضابطان مهمان‏:‏ هما طول مدار الكوكب حول النجم ويحدده متوسط نصف قطر هذا المدار‏، وكتله الكوكب بالنسبه الي كتله النجم وكلاهما مرتبط بقوه الجاذبيه بين كل من النجم والكوكب الذي يدور حوله‏.‏

ومدار كل الاجرام المعروفه لنا مثل مدار كل من القمر حول الارض‏، والارض حول الشمس هو مدار اهليلجي ‏(‏بيضاوي‏)‏ الشكل‏، علي شكل القطع الناقص‏، ومن قوانين الحركه في مدار القطع الناقص خضوع السرعه المحيطيه لقانون تكافو المساحات مع الزمن‏، وهذا القانون يحتم اختلاف مقدار السرعه علي طول المحيط‏، فعندما يقترب القمر من الارض‏، او يقتربان معا من الشمس لابد من ان تزداد سرعه كل منهما المحيطيه حتي تزداد بالتبعيه قوه الطرد المركزي علي كل منهما‏، والا انهار هذا النظام بالكامل بارتطام القمر بالارض‏، او باندفاعهما معا الي سعير الشمس‏.‏

وبالمقابل فعندما يبتعد القمر في مداره عن الارض‏، او يبتعدان معا عن الشمس‏، فان السرعه المحيطيه لكل منهما لابد وان تتناقص بنسب محدده حتي تقل قوه الطرد المركزي لكل منهما‏، والا انفلت القمر من عقال جاذبيه الارض‏، او انفلتا معا من عقال جاذبيه الشمس فيضيعان في فسحه الكون‏.‏

والاشاره القرانيه الكريمه الي ثبات عده الشهور باثني عشر شهرا منذ خلق الله السماوات والارض تاكيد ضمني علي انضباط كتل‏، واحجام‏، وابعاد وسرعات الارض‏، وجميع اجرام السماء منذ اللحظه الاولي للخلق‏، والي ان يرث الله تعالي الارض ومن عليها‏، والا لانهار بناء الكون‏.‏

وفي انضباط هذه المسافات ضبط لكميات الطاقه التي تصل من النجم الي كل كوكب يدور في فلكه مثل الارض‏، ولو زادت كميه الطاقه التي تصلنا من الشمس‏، ولو قليلا لأحرقتنا ولأحرقت كل ما حولنا‏، ولو قلّت قليلا لجمَّدتنا‏، وجمَّدت كل شيء حولنا‏.‏

ولذلك يشير القران الكريم الي هذه الحقائق التي لم تدرك الا في العقود المتاخره من القرن العشرين‏.

‏كما يشير في مقام اخر الي ان اولي بوادر انهاء النظام الكوني هو انفلات القمر من عقال جاذبيه الارض‏، ووقوعه في جحيم الشمس‏، فقال عَزَّ مَنْ قائل‏:‏ وجمع الشمس والقمر‏، وقد ثبت ان بوادر ذلك قد ظهرت في قدر من التباعد بين القمر والارض‏.‏

فسبحان الذي انزل القران الكريم انزله بعلمه علي خاتم انبيائه ورسله‏، ليكون للعالمين نذيرا‏، والصلاه والسلام علي خاتم الانبياء والمرسلين الذي تلقاه‏، والحمد لله رب العالمين‏.‏
 
زغلول النجار
أستاذ علم الجيولوجيا بالعديد من جامعات العالم