المبحث الثاني عشر
نتائج الحرب سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً
أحدثت الحرب، تغيرات عميقة في كثير من المجالات، على الصعيد المحلي لدول الحرب، والإقليمي للمنطقة العربية. كما كان لها انعكاسات على العلاقات الدولية بين دول المنطقة، والعالم الخارجي، خاصة الدول العظمى والكبرى.
أولاً: النتائج السياسية للحرب
كانت البداية موفقة، سياسياً، حيث استطاعت الدبلوماسية المصرية حصار النفوذ السياسي الإسرائيلي، وفرضت نطاق من العزلة على العلاقات الخارجية لإسرائيل، خاصة في الميدان الأفريقي.
كان الهدف الرئيسي، من أعمال القتال، كما حددتها القيادة السياسية المصرية منذ البداية، كسر جمود الموقف، الذي أحدثته سياسة الوفاق بين القطبين العالميين. وقد نجحت نتائج الحرب، في تحريك قضايا المنطقة، والاتجاه بها نحو الحل السلمي، رغم البداية العسكرية لها.
وقد وضح ذلك منذ اللحظات الأولى لبدء القتال، إذ قرر مجلس الأمن، في قراره الرقم 338، يوم 22 أكتوبر 1973، البدء فوراً في التفاوض بين الأطراف المتقاتلة.
وإن كان لم يتيسر ذلك في الحال، لتعنت الجانب الإسرائيلي وتسويفه المستمر، في تنفيذ القرار (والذي كان يقضي بوقف إطلاق النار خلال 12 ساعة)، إلا أن إجراءات التنفيذ، كان تصر، في كل خطوة، على التباحث بين الطرفين، وقد ساعد ذلك، إلى التوصل لنتائج إيجابية من اتفاقيات، وكانت مثالاً يحتذى به من دول أخرى، للوصول إلى اتفاق مع إسرائيل، للمشاكل المعلقة معها.
كان من أهم النتائج، سياسياً، وضوح تأثير التضامن السياسي العربي، فقد كان لقرارات مؤتمر قمة الخرطوم، عقب الحرب السابقة (1967)، آثاراً معنوية، ومادية مؤثرة، لصمود دول المواجهة التي تأثرت بنتائج تلك الحرب (1967)، وتمكنها من الإعداد لمعركة تالية (1973).
وقد انعكس التضامن السياسي، إلى المجال الاقتصادي والعسكري، بدرجات متفاوتة، وضحت كذلك فيما قدمته الدول العربية، من دعم للمعركة، في ذلك المجالين، والذي كان أبرزهما، استخدام النفط العربي كسلاح في تلك الحرب، ودعم القوات المسلحة للدول العربية المشتركة في الحرب (مصر وسورية)، بقوات وأسلحة، من دول عربية أخرى.
كان العمل السياسي، الذي تم أثناء القتال (اتفاقيات فك الاشتباك)، ذو هيئة عسكرية بحتة، حرصت عليها مصر ـ إذ تمت المباحثات بأطراف عسكريين، بما في ذلك ممثل الأمم المتحدة ـ وكان العمل السياسي العسكري يبحث التعقيدات في الموقف العسكري، وقد توصل لحلول إيجابية نسبياً، أدت إلى انفراج مرحلي في الموقف، العسكري، مما ساعد على توقف قتال حقيقي بين الطرفين.
وقد مهد ذلك إلى التطلع إلى السلام الدائم في المنطقة، والذي بتحقيقه، "كسلام شامل وعادل"، تكون حرب أكتوبر 1973، قد حققت المطالب العربية منذ 1948، وبدون ذلك السلام، فإن حرب أكتوبر 1973، تكون مبتورة النهاية، محلية النتائج.
أثمرت نتائج حرب أكتوبر 1973 العسكرية، عن إعادة العلاقات بين مصر، والولايات المتحدة الأمريكية، والتي قطعت في أعقاب حرب يونيه 1967، وإن استمرت في شكل تشاور، من خلال القنوات الغير رسمية، بهدف تطبيق القرار الرقم 242.
كذلك فإن مقدمات الحرب 1973، أدت إلى متغيرات في نفوذ قطبيّ العالم، إذ فقد الاتحاد السوفيتي وضعه المميز في مصر، عقب قرار الرئيس السادات، بإنهاء عمل المستشارين السوفيت، بالقوات المسلحة المصرية، وزيادة النفوذ الأمريكي بها.
كان للموقف السياسي الداخلي الأمريكي، أثره على السياسة الخارجية لها. فقد كان الرئيس الأمريكي نيكسون، يحاول معالجة آثار أزمة تورطه في فضيحة انتخابية، وكان نائبه يعاني من أزمة فضيحة مالية.
ونتج عن ذلك، أن أصبح مستشار الرئيس الأمريكي للأمن الوطني، هنري كيسنجر، المحرك الرئيسي للسياسة الخارجية الأمريكية، إلى درجة تجميد فاعلية وزير الخارجية (وليام روجرز)، وإملاء كل ما هو لمصلحة إسرائيل، على الساحة السياسية، ثم الإطاحة بوزير الخارجية، ليتولى كيسنجر هذه المهمة كذلك، وتصبح مصلحة إسرائيل، هي الشغل الشاغل للسياسة الخارجية الأمريكية.
وقد ابتدع كيسنجر، سياسة الخطوة خطوة، وأسلوب الزيارات المكوكية بين طرفي النزاع.
ثانياً: النتائج الاقتصادية للحرب
أدت النتائج الإيجابية العسكرية للحرب، إلى تغيير في المناخ السياسي بالمنطقة، بما تبعها من اتفاقيات ومبادرات لإحلال السلام الدائم في المنطقة، وقد ساعد ذلك على انتعاش الاستثمار الخارجي، واتجاه رؤوس الأموال الأجنبية، والعربية، للاستثمار في مصر، وهو ما غير الواقع الاقتصادي المصري، والذي كان على حافة الإفلاس، إلى انتعاش، ونمو اقتصادي نسبي.
وقد غير ذلك في اتجاهات العلاقات الاقتصادية والتجارية العالمية، والتي تبعت التغير في اتجاهات العلاقات السياسية، بزيادة الاعتماد على الدول الغربية اقتصادياً وتجارياً، وتقليل العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الكتلة الشرقية، التي يتزعمها الاتحاد السوفيتي.
كانت أولى النتائج الاقتصادية عربياً، هو التضامن العربي الاقتصادي، والذي لم يشهد من قبل، تأثيراً فعالاً للقدرات الاقتصادية العربية، في الأحداث الإقليمية والعالمية، كما شهدته تلك الحرب.
وكانت البداية قرارات مؤتمر قمة الخرطوم، الذي دعمت فيه دول النفط العربية (المملكة العربية السعودية، والكويت، وليبيا) دول المواجهة، مالياً، ليمكنها الصمود وتخطي نتائج الحرب السابقة (يونيه 1967) استعداداً لجولة جديدة من الصراع مع إسرائيل.
غيرت حرب أكتوبر من توجهات الاقتصاد العربي، نحو الكتلة الشرقية، ليتحول إلى الكتلة الغربية، شأنها في ذلك، شأن السياسة المصرية، وقد أدى ذلك إلى تغيير في النظام الاقتصادي المصري ككل، فابتعد عن النظام الشمولي، والمركزية في التخطيط والإدارة للشؤون الاقتصادية، الذي يفرضهما النظام الشمولي، إلى الانفتاح الاقتصادي، وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل الاقتصاد المصري، وإن كان لم يحقق كل النتائج المرجوة منه (لاختلاف المفهوم، والنهج الذي سار عليه الانفتاح، حيث تحول إلى انفتاح استيرادي، أضعف من مشاركة القطاع الخاص الوطني في الإنتاج الصناعي).
أوضحت النتائج الاقتصادية للحرب، القيمة الاقتصادية الحقيقية، للاقتصاد العربي، والإمكانات العربية الاقتصادية الغير نفطية كذلك، وهو ما أدى إلى زيادة محسوسة، في حجم التبادل التجاري البيني للدول العربية، والاتجاه إلى زيادة فاعلية التكامل الاقتصادي العربي.
على الصعيد الدولي، غيرت حرب أكتوبر، من بعض المفاهيم الاقتصادية العالمية، فقد كان الاعتقاد السائد، أن مستويات النشاط الاقتصادي المنخفضة، يتولد عنها معدلات أرباح منخفض، وهي بدورها ستخفض من معدلات الاستثمار والإنتاجية، وينتج عن ذلك معدلات تضخم منخفضة.
مع بداية عام 74 (بعد حرب أكتوبر 73 مباشرة)، كانت معدلات البطالة آخذة في الارتفاع، متزامنة مع معدلات تضخم آخذه في الزيادة السريعة، مع انخفاض حاد في معدلات النمو الإنتاجي. ولم يفلح التعامل مع تلك الأزمات المتناقضة، بالآليات الاقتصادية التي ابتكرت التيار الفكري الاقتصادي، المعروف "بالتيار الكينزي"، (عن طريق آليات رفع الطلب الفعال)، وأدى الأمر إلى ظهور تيار فكري اقتصادي جديد (التيار النقدي)، والذي عرض آليات جديدة عن طريق اقتصاديات العرض. من وجهة أخرى، كان الاقتصاد الدولي، يشهد عدة تطورات، تزامنت مع الأحداث الاقتصادية للحرب، فزادت من آثار الأزمة الاقتصادية التي كان يمر بها الاقتصاد الغربي، والأمريكي، في هذه الحقبة (السبعينات من القرن العشرين). فقد تراجعت القوة الاقتصادية الأمريكية (قياساً على الدول المتقدمة اقتصادياً الأخرى)، وزاد العجز الأمريكي في الميزان لزيادة وارداتها، عن صادراتها. ومع زيادة القدرة الإنتاجية التي وفرها التطور التقني للإنتاج الصناعي الياباني، اهتزت مكانة الولايات المتحدة، كزعيمة للعالم الغربي اقتصادياً وتقنياً. وزاد ذلك من آثار الأزمة الاقتصادية. أدت الإيرادات الاقتصادية، العربية، والتي عرفت بسلاح النفط، بداية من 16 أكتوبر 1973، تضاعف لآثار الأزمة الاقتصادية على العالم الغربي، إذ نتج عنها توزيع متكافئ للأمة تقريباً لآثار الأزمة على دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية. أدى ذلك إلى تأثر كل الدول الغربية بالأزمة ونتائجها المتضاعفة، في وقت واحد، وهو ما قلل من المرونة المتاحة، التي يمكن التنقل خلالها، لتفادي الضرر المتوقع من الأزمة). وقد أسفرت أزمة السبعينات عن تدهور لقيمة العملة الأمريكية ـ الدولار الأمريكي ـ أدى إلى تعميق الآثار الناتجة، إذ كان الاقتصاد العالمي يعتمد على قوة تلك العملة، كاحتياطي نقدي دولي، طبقاً لاتفاقيات مريتون وودز عام 1944. وكان ذلك يدعم من قوة الولايات المتحدة الأمريكية اقتصادياً، وقد انهار ذلك النظام، باضطرار الولايات المتحدة، لفصل العلاقة بين الدولار الأمريكي والذهب، ثم تعويم سعره، مما عرضه خلال حرب 1973، لصدمات متتالية، بدءاً من الحظر الذي فرض على النفط، ثم رفع أسعاره عالمياً، وأدت تلك النتائج إلى تأزم العلاقات التجارية الدولية، بين الدول الكبرى في النظام الاقتصادي العالمي. وأدى نجاح دول الأوبك في رفع أسعار النفط، المصدر للخارج، إلى تنبيه آخرين من دول العالم الثالث، المصدرة للمواد الأولية، الهامة لاقتصاد الدول الصناعية الغربية، بإمكان تكرار التجربة. أزمة النفط العربي عام 1973 لم تكن الأحداث، التي عرفت بأزمة النفط عام 1973، هي الأولى، وإنما سبقها أزمة نفطية، عربية/ غربية كذلك، عام 1956، وإن اختلف أسباب الأزمة، وتطور تداعياتها، على الاقتصاد الأوروبي. في عام 1973، كانت الأزمة النفطية في تزايد الأسعار، مما يؤثر على اقتصاد العالم الغربي. خلال الأعوام من عام 1950، إلى عام 1973، زاد الاعتماد على النفط العربي، مع تزايد النشاط الاقتصادي الغربي، وارتفع تدفق النفط العربي إلى الغرب من مليون برميل يومياً، إلى 20 مليون برميل يومياً عام 1973. بينما خفضت الشركات العالمية سعره عام 1959، 1960، وهو ما دعا لإنشاء منظمة الأوبك، لحماية مصلحة الدول المنتجة للنفط. وأدى تآكل القيمة الحقيقية للأسعار، إلى انخفاض لأسعار النفط عالمياً لتصبح 1.8 دولار للبرميل عام 1960، وظل كذلك حتى عام 1970، بينما ارتفعت أسعار صادرات المواد النفطية المصنعة (وقود وزيوت) لأكثر من 300%. بذلك أصبح السعر الحقيقي لبرميل النفط، عام 1970، 70 سنت أمريكي، نصيب الدول المصدرة للبترول منه النصف (35 سنت). ورفضت الشركات عرضاً سعودياً لزيادة الأسعار مقابل ضمان الحصول عليه لفترة طويلة. نجحت الثورة الليبية في رفع أسعار النفط الليبي، عام 1970، وتمكنت دول الخليج العربي من إبرام اتفاق جديد لزيادة السعر 35 سنتاً أمريكياً، وتقرر زيادة سنوية، 5 سنت للبرميل، وزيادة أخرى 2.5% لمواجهة التضخم النقدي العالمي، وانخفاض سعر الدولار، الذي يقوم البترول عليه. تدهورت قيمة الدولار، بقرار تعويمه (15 أغسطس 1971)، وطالبت الدول المنتجة للنفط بزيادة سعر بيعه، وتمكنت في اتفاق جنيف الأول من الحصول على زيادة في السعر من الدول المستهلكة (المستوردة) 8.5%، ثم أعادت المطالبة برفع السعر بعد قرار خفض قيمة الدولار في 13 فبراير 1973، وتمكنت في اتفاقية جنيف الثانية (يونيه 1973) من زيادة السعر بمقدار 11.5% آخرين، ونص في الاتفاقية على تصحيح الأسعار شهرياً، بما يعادل التغيرات في أسعار العملات الرئيسية. ولم تقنع الدول المصدرة للنفط بتلك الزيادة الاسمية، خاصة أن الدول المصنعة زادت أسعار منتجات تصنيع النفط، بمقدار 6 ـ 8 % سنوياً.تدخل الرئيس الأمريكي في النزاع بين الدول المنتجة والمستهلكة، محذراً الأولى من الاستمرار في المطالبة بزيادة الأسعار، وتهددهم بمصير الدكتور مصدق رئيس وزراء إيران، الذي أمم النفط الإيراني[1]. على إثر ذلك عقدت دول الأوبك اجتماعاً[2] وقررت تفاوض الدول الأعضاء مع الشركات فردياً أو جماعياً، لرفع أسعار النفط. وتحدد بدء التفاوض بين مجموعة دول الخليج والشركات العالمية يوم 8 أكتوبر 1973.كانت الحرب قد بدأت منذ يومين، إلا أن اللقاء تم في موعده، مع تغيير في المناخ العام، إذ أصبح للعرب كلمة مسموعة إثر انتصارات اليومين السابقين، لذلك رفضوا عرض مندوبي الشركات، برفع معدل التضخم إلى 8%، بدلاً من 2.5%، وهو ما يزيد سعر البرميل من 3 دولار إلى 3.25 دولار. وعادت الشركات تعرض نسبة زيادة 15%، لكي يصبح السعر 3.46 دولاراً للبرميل، إلا أن دول الخليج العربية، ومعها إيران، رفضوا العرض مجدداً، مدركين أن الشركات قد وعت المتغيرات، وحقيقة ما يجري في ساحة القتال، وطالبوا الشركات بزيادة 100% [3].عجزت الشركات عن البت في قرار الزيادة المضاعفة، إلا بعد التشاور مع الحكومات المعنية، في الدول المستهلكة (الصناعية)، وعلى ذلك توقفت المفاوضات يومين (10، 11 أكتوبر)، وجاء رد الحكومات والمنظمات الغربية[4] سلبياً وبالإجماع، وفي جلسة 12 أكتوبر طلبت الشركات مهلة أسبوعين لمشاورات أوسع، وهو ما رفضه، وزراء النفط الخليجيون، حيث كانت الانتصارات العربية، قد تأكدت، وشد ذلك من عزيمة المفاوضين العرب، بإمكان تغيير واقع الاستغلال الغربي للثروة العربية. |
توقفت المفاوضات في فينا، لتبدأ في الكويت اجتماعات مكثفة، قادها وزير النفط المصري[5]، ونظيره السعودي، وشارك فيها نظرائهم في الكويت، والإمارات العربية المتحدة، والعراق، وقطر، وإيران. كانت تلك الدول تمثل الثقل الرئيسي في الإنتاج النفطي، والمستقبل المنظور له كذلك، بما تحتويه آبارها من كمّ ضخم من الاحتياطي النفطي. واتخذ في ذلك الاجتماع، يوم 16 أكتوبر 1973، أخطر القرارات النفطية. للمرة الأولى، تتخذ الدول المنتجة للنفط قراراً، بزيادة سعر النفط من جانب واحد، محدده قيمة الزيادة 70% مرة واحدة، ليرتفع سعر البرميل إلى 5.12 دولار، وانتقلت السيادة على صناعة النفط الإستراتيجية كاملة للدول المنتجة، منذ ذلك التاريخ. لم يكن من الممكن أن تتطور الأحداث، في ميدان النفط، إلى مثل ذلك التغيير الكامل في العلاقة بين طرفيّ المعادلة الرئيسيين (المنتج والمستهلك)، دون الانتصارات العسكرية، في الجبهة المصرية والسورية، في بداية الحرب. وقد أحسن صانعوا القرار النفطي ومتخذيه، استغلال الظروف المواتية، ليصنعوا نصراً اقتصادياً موازياً للنصر العسكري. جاء القرار التالي، في شكل تضامن عربي نفطي، في إطار سياسي، لدعم الأعمال العسكرية، التي كانت قد بدأت تهتز، نتيجة لثقل التدخل الأمريكي، سياسياً، وعسكرياً، لمصلحة إسرائيل. ففي يوم 17 أكتوبر، أتخذ مؤتمر وزراء النفط العرب قراراً بخفض إنتاج النفط فوراً بنسبة 5% شهرياً. ومع توقف القتال، وزيادة التعنت الأمريكي والإسرائيلي في المفاوضات الجارية لفك الاشتباك، كان القرار يوم 4 نوفمبر 1973، بالخفض 25% حتى هذا التاريخ ـ وهو ما يعني خفض يعادل 15% : 20% فوراً ـ مع الاستمرار في الخفض الشهري بنسبة 5%. وأدى ذلك القرار، إلى نقص المعروض من النفط في السوق الدولي 13% (4.2 بليون برميل في اليوم). لم تكتفي الدول العربية المنتجة للنفط، بقرارات خفض الإنتاج، وإنما رأت، زيادة الضغط على السياسة العالمية، باستغلال الموقف لمصلحة الدول العربية، لذلك بدأت في التشاور، لمعاقبة الدول المؤيدة لإسرائيل. كان هناك اتجاهاً بتأميم فوري لصناعة إنتاج النفط، وكذلك كل المصالح الاقتصادية للدول المساندة لإسرائيل، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وهولندة، بينما تزعمت المملكة العربية السعودية اتجاهاً أكثر اتزاناً، بالاكتفاء بإدانة الموقف الأمريكي، وتنبيه الدول الصناعية، لما سيحيق بها من أضرار، إذا استمر التأييد المطلق لإسرائيل. أعلن الرئيس الأمريكي عن صفقة مساعدات عسكرية لإسرائيل بلغت تكلفتها 2.2 مليار دولار لإعادة تسليح القوات الإسرائيلية، في 20 أكتوبر 1973، وكانت الحرب قد بدأت تتغير نتائجها لمصلحة إسرائيل على جبهة الجولان بشكل قاطع ونهائي، ومازالت تتراوح بين طرفيّ القتال على جبهة سيناء، حيث كان ثقل الخسائر على الجانبين، أعظم أثراً من نصر تكتيكي محدود هنا أو هناك. وحتى لا تسلب المساندة الأمريكية المطلقة لإسرائيل، نتائج الحرب كلياً من العرب، فإن الدول المنتجة للنفط، بادرت إلى اتخاذ قرار بحظر كامل للنفط للولايات المتحدة الأمريكية وهولندة والبرتغال، وانضمت المملكة العربية السعودية، ومن كان على رأيها المتزن في العلاقات النفطية، إلى دول المقاطعة. أدت قرارات الحظر الكامل للنفط، والتخفيض المتزايد للإنتاج، إلى تغيير نسبي في سياسة الدول الأوروبية، تجاه المنطقة العربية، وطالبت في بيان مشترك ضرورة وقف إطلاق النار، والعودة لخطوط 22 أكتوبر، وقت أن صدر القرار الأول الرقم 338، وطالبت الدول الأوروبية، حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن، وتكون أكثر اعتدالاً في خلال المباحثات التي ستجرى بعد ذلك. بعد أن توقف القتال بصفة رسمية، وشكل أكثر واقعية، اعتباراً من يوم 28 أكتوبر 1973 أخذت المقاطعة النفطية للدول الثلاث في التراخي، وسرعان ما تلاشت في مارس 1974 إذ رفع الحظر عن الولايات المتحدة الأمريكية، وأبدت مصر ذلك، حيث اشترطت الإدارة الأمريكية رفع الحظر على النفط، إليها، مقابل قيامها بجهد سياسي، للتوصل إلى حل سلمي في المنطقة. في طهران، اجتمع وزراء النفط في دول الخليج العربية وإيران، يومي 22، 23 ديسمبر 1973، لتثبيت مكاسبهم النفطية، واستمراراً في استغلال ما أحدثته الحرب من تغيرات في العلاقات النفطية بين المنتجين والمستهلكين. وقررت الدول المجتمعة رفع سعر البرميل من النفط الخام مرة أخرى ـ بقرار منفرد ـ إلى 11.65 دولار، بنسبة زيادة 130%، تسري من أول يناير 1974. ثم توالت قرارات شبيهه، مستخدمة حق السيادة الوطنية على الثروة النفطية. اتخذت القرارات، مساراً جديداً، اعتباراً من بداية عام 1974، فقد رفعت الدول المنتجة للنفط، حصتها في المشاركة (التملك) إلى 60%، بدلاً من 25% التي كانت تتيحها لها اتفاقيات المشاركة المبرمة عام 1972 (قبل الحرب بأقل من عام) والتي كانت تنص على رفع الحصة إلى 50% بعد عشر سنوات (أي عام 1982). وفي سلسلة متتالية من القرارات، والإجراءات تملكت الدول المنتجة كامل المنشآت النفطية على أرضها. أدت تداعيات حرب أكتوبر 1973، في قطاع النفط إلى إعادة هيكلة صناعة النفط، فارتفعت إيرادات صادرات النفط للدول العربية (المصدرة للنفط) من 14 مليار دولار للعام 1972، إلى 75 مليار دولار عام 1974، أي أكثر من خمسة أضعاف ما قبل الحرب مباشرة. ثم تزايدت عام 1977 لتصل إلى 91 مليار، وقفزت إلى 146 مليار عام 1979، ثم إلى 213 مليار دولار عام 1980، أي بعد 7 سنوات من الحرب كانت إيرادات صادرات النفط قد تضاعفت خمسة عشر ضعفاً، مع تملك كامل، وسيطرة على السوق. كانت زيادة الأسعار (الصدمة النفطية الأولى)، تمثل استغلال أمثل النتائج الأولية للحرب، أما المقاطعة والتخفيض في الإنتاج فكانت مساندة من الدول المصدرة للنفط العربية للدول العربية المشتركة في الحرب، وقد ساعدت، بصورة غير مباشرة في دعم قرارات رفع الأسعار كذلك. ثم عادت قرارات زيادة الأسعار، ورفع حصص المشاركة في شركات النفط، لتستثمر المناخ الجديد الذي غيرته الحرب، لتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية. ثالثاً نتائج الحرب عسكرياً رغم الخسائر الجسيمة، التي حاقت بطرفي الحرب، على جبهة سيناء، فإن كل من الطرفين استطاع أن يحقق عدة أهداف. ولم يحقق كلاهما الهدف الرئيسي من القتال عسكرياً. (أُنظر جدول خسائر الطرفين، في حرب أكتوبر 1973على جبهة سيناء، والجولان). 1. الجانب الإسرائيلي فشلت إسرائيل في تقديرها لقوة الدول العربية المجاورة، وإمكاناتها العسكرية، كما فشلت كذلك في تحليلها للمعلومات المتحصل عليها، حيث لم تستطيع التوصل إلى نوايا المصريون والسوريون في بدء الحرب ضدهما، إلا في وقت متأخر للغاية. وهي بذلك تكون قد أهدرت الأساس الأول لإستراتيجيتها العسكرية، بالاحتفاظ بقوة رادعة. وكذلك أهدرت الأساس الثالث لإستراتيجيتها العسكرية، بقدرة استخبارتها العسكرية على اكتشاف نوايا العرب لشن حرب ضدها، في وقت مبكر، حتى يمكنها إحباط التحضير للهجوم، وهو ما لم يحدث. ثبت كذلك، أن خط بارليف الحصين، ما هو إلا خط دفاعي محصن، يمكن اختراقه بالتخطيط الجيد والعزم والتدريب العالي المستوى، وقد لحق خط بارليف بنظائره في التاريخ من خطوط دفاعية، لم يصمد أي منها للهجوم المخطط جيداً. وقد أهدر ذلك الأساس الرابع للإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، بالاستناد إلى العائق الطبيعي القوي (قناة السويس) في خطوط دفاعية محصنة متتالية. من وجهة أخرى فإن هدف الخطة الإسرائيلية الدفاعية لم يتحقق في بعض من مراحلها، حيث لم تستطيع منع المصريين من العبور، كما لم يستطع الخط الدفاعي الأول (خط بارليف) رغم حصانته المبالغ فيها، الصمود لأطول وقت، يتيح للقيادة السياسية والعسكرية اتخاذ القرارات الملاءمة وتعبئة وحشد القوات ودفعها. نجحت القوات الإسرائيلية، في منع القوات المصرية من الوصول إلى خط المضايق الغربية لسيناء، حيث كان هذا الخط محدداً من قبل القيادة السياسية كآخر خط دفاعي، غير مسموح باختراقه. وبمعاونة من الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة تسليح قواتها، بعد استعراض خسائرها الكبيرة، تمكنت من اختراق الفاصل بين الجيشين المصريين، والتي عرفت به من نتائج استطلاع إستراتيجي أمريكي، وأن تعبر إلى الغرب، لتنفذ خطة سابقة، تم التدريب عليها، ونجحت، نجاحاً محدوداً، في إنشاء رأس كوبري في الغرب، واستطاعت فتح ثغرة في حائط الصواريخ المضادة للطائرات المصري، وحصار ثلث القوات المصرية (الجيش الثالث الميداني). كانت النتيجة النهائية، بالنسبة لإسرائيل غير مطمئنة، فهي قد خسرت المعركة إستراتيجياً منذ البداية، وإن أمكنها تحقيق بعض النجاح عملياتياً، وتفوقت تكتيكياً. مقابل خسائر كبيرة في المعدات الرئيسية خاصة الطائرات والدبابات، وفي الأفراد كذلك، وقد مكنتها المعاونة العسكرية الأمريكية من إعادة تسليح قواتها في الوقت المناسب. كذلك فإن المساندة السياسية، الأمريكية، مكنت إسرائيل من التسويف في تنفيذ قرارات مجلس الأمن، في محاولة للحصول على نصر إعلامي، بالاستيلاء على هدف إستراتيجي، يمكنها من التفاوض من قوة، وقد فشلت في ذلك وصُدّتْ قواتها أمام الإسماعيلية وفي مداخل السويس. ساعدت الترتيبات الأمريكية، إسرائيل، على تحقيق بعض المطالب السياسية السابقة، وأضيف لها مطالب أخرى، وهو المكسب الحقيقي لإسرائيل من الحرب، والذي لم تستطيع تحقيقه بنصرها في حرب يونيه 1967: أ. حرية الملاحة لسفنها والسفن المتجهة إليها عبر خليج العقبة. ب. حرية الملاحة لسفنها والسفن المتجهة إليها عبر قناة السويس، بشرط ألا تحمل مواد عسكرية. ج. المباحثات المباشرة مع الأطراف العربية. د. التفاوض من أجل حلول لإنهاء الحرب، مع الدول المجاورة لها. هـ. الحصول على اعتراف الدول العربية بها كدولة، وإقامة علاقات سياسية واقتصادية معها. و. إنهاء الحصار السياسي والاقتصادي العربي ضدها، والمقاطعة الخارجية كذلك. 2. الجانب المصري استطاعت القوات المصرية، تحقيق عدة أهداف للخطة الهجومية، وكذلك تحقيق عدة أسس للإستراتيجية العسكرية المصرية. بينما فشلت في تحقيق بعض الأهداف من الخطة، وكذلك أهدرت بعض أسس الإستراتيجية العسكرية، وكان للتدخل الأمريكي عسكرياً وسياسياً، إلى جانب إسرائيل، أثره في استفادتها من أخطاء القيادة المصرية عسكرياً وسياسياً، والذي لم تكن تستطيع أن تفطن لها بسهولة دون المعاونة الأمريكية. حقق المصريون من أهداف خطة "العملية بدر" الهجومية: د. تدمير حجم كبير من القوات الإسرائيلية، ولم يكن لذلك أثر كبير، حيث تمكنت إسرائيل، بمعاونة أمريكية، من استعواض الخسائر في المعدات والأسلحة، خلال فترة الوقفة العملياتية، الاختيارية للمصريين. ب. تحقق إلحاق خسائر عالية بالأفراد في القوات الإسرائيلية، إلا أنها لم يكن بالقدر الذي يجعل القيادة العسكرية الإسرائيلية عاجزة عن إمداد قواتها بالأفراد المدربين، مما يؤثر على كفاءة قواتها القتالية، لذلك لم يكن هناك تأثير مباشر لما تحقق. من وجهة أخرى، فإن الخسائر العالية في الأفراد، أدي إلى تحول نسبي في اتجاهات الرأي العام الإسرائيلي، إذ بدأ الشعب الإسرائيلي، يميل إلى تحقيق سلام دائم مع العرب المجاورين له، بدلاً من غزوهم، وتوتر العلاقات معهم. ج. استطاع النظام المتكامل للدفاع الجوي المصري، رغم إنشاؤه تحت ضغط الهجمات الجوية الإسرائيلية، خلال حرب الاستنزاف، من تحييد القوة الجوية الإسرائيلية، وهو ما لم تستفد منه القوات الجوية المصرية جيداً، بالحصول على السيطرة الجوية على مسرح العمليات. وقد اتسمت أعمال قتال القوات المصرية، بالحذر الشديد، مما أفقدها الفاعلية، والاستفادة بالمبادأة والمباغتة في بداية الحرب، وتدريجياً انتزعت القوات الجوية الإسرائيلية المبادأة وانكمشت القوات الجوية المصرية للدفاع عن قواعدها الجوية ومطاراتها العاملة فوق أراضيها، تاركة قواتها البرية دون معاونة جوية أرضية فعالة، وأفقد القوات المصرية تفوقها البحري لعدم وجود مساندة جوية له. د. حققت الخطة المصرية الهجومية مفاجأة إستراتيجية، ونجحت بذلك في شل وإرباك القيادة الإسرائيلية، على مختلف المستويات، في المراحل الأولى من الحرب. وقد مكنها ذلك من تحقيق هدف آخر، وهو بناء رؤوس كباري شرقاً، واستقرارها وثباتها. إلا أن تسليم المبادأة لإسرائيل، بالوقفة العملياتية (10 ـ 13 أكتوبر) ثم فشل التطوير شرقاً بتعديلاته وحجمه المحدود القدرة والهدف، أدى إلى استعادة القيادات الإستراتيجية والعملياتية لقدراتها على إدارة أعمال القتال، في مراحل حرجة، مكن إسرائيل من تحقيق بعض المكاسب التكتيكية والعملياتية. و. بالتعاون مع سورية، حتى تحقيق المهام المباشرة للجيوش، تمكنت القوات المصرية من إجبار إسرائيل على القتال في أكثر من جبهة في نفس الوقت، مما شتت جهودها، وأضعفها على الجبهتين، في المرحلة الأولى للحرب. في المقابل فقد فشل المصريون في تحقيق عدة أهداف للخطة بدر: أ. لم يحقق المصريون المهمة النهائية للعملية، بالوصول إلى خط المضايق الجبلية شرق القناة، بعد أن فشل تطوير الهجوم. ب. لم تستطيع القوات الجوية، والمفارز المقاتلة من حرمان العدو من المناورة التي تتميز بها قواته، إذ استطاعت القوات الإسرائيلية الاحتفاظ بمحاور المناورة تحت سيطرتها دائماً، مما مكنها من تغيير جهودها الرئيسية بين الجبهتين بسرعة، كذلك استطاعت قواتها البرية من المناورة باحتياطياتها من اتجاه لآخر، طبقاً لسير القتال. ج. فقد المصريون مبدأ حربي هام وهو التعاون عندما توقفوا بعد تحقيق مهام الجيوش، تاركين الجبهة السورية، وحدها تحت ثقل المجهود الرئيسي لإسرائيل، كما لم يهتم قادة التشكيلات المقاتلة المصرية (الفرق) بالاستيلاء على محاور المناورة الرئيسية، لحرمان إسرائيل من المناورة التكتيكية بالقوات، ونقل المجهود من محور لآخر. من وجهة نظر أخرى، فإن المصريون استطاعوا تحقيق أسس إستراتيجيتهم العسكرية، بشكل عام. فهم وإن كانوا قد تمكنوا من عزل إسرائيل سياسياً قبل الحرب، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يضعفوا الروابط القوية بين إسرائيل والولايات المتحدة، وهو ما مكنها من تفادي النتائج القاسية التي كان من الممكن التأثير على إسرائيل ـ كدولة ـ فترة طويلة. لم تكلف القيادة السياسية، القوات المسلحة بعمل عسكري، أكبر من قدراتها، وهو أحد أسس الإستراتيجية العسكرية المصرية، في تلك المرحلة إلا أنها من جانب آخر كبلت قدراتها وحدت منها، بالتدخل في إدارة العمليات العسكرية أحياناً، وتحديد أهداف محدودة أحياناً أخرى، وإجبار القوات المسلحة على تنفيذ قرارات سياسية، غير متمشية مع الموقف العسكري (الوقفة العملياتية ـ التطوير شرقاً). كذلك، فإن الحذر المبالغ فيه من القيادة العليا العسكرية، أدى إلى عدم استغلال القوات المسلحة المصرية لنجاحها الأولى. نجحت الإستراتيجية العسكرية المصرية، في إهدار نظرية الأمن الإسرائيلي، في معظم نقاطها، فلم تستطع العوائق الطبيعية القوية بين القوتين من منع المصريون من بدء الهجوم، كما لم يحقق احتلال شرم الشيخ ضماناً للملاحة الإسرائيلية في خليج العقبة، ولم تحقق القوات الجوية المتفوقة ردعاً للمصريين، واستطاعت مصر أن تدير أعمال قتالية بالغة العنف ضد إسرائيل فترة طويلة من الزمن نسبياً، ما أثر على المجتمع الإسرائيلي واقتصاديات الدولة، وأدى التنسيق مع الجبهة السورية، قبل بدء القتال وفي المراحل الأولى، إلى تشتيت الجهود الإسرائيلية على جبهتين، وتمكنت خطة الخداع الإستراتيجية من تضليل القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية. نجحت القيادة السياسية والعسكرية، في إعداد الدولة للحرب، على أسس علمية، وساعد ذلك على تنفيذ الحشد والفتح الإستراتيجي للقوات، طبقاً للخطة بدر، ومن خلال خطة خداع إستراتيجي معقدة، دون مشاكل تقريباً، ودون أن تفطن القيادة الإسرائيلية. كما كان للإعداد الجيد سياسياً، أثره في دعم الموقف العسكري عند بدء القتال بنجاح خطة الإعداد السياسي في عزل إسرائيل عالمياً، كذلك نجحت خطة إعداد الشعب للحرب، إذ تجاوبت الأجهزة الشعبية لتوعية الشعب، ووضح ذلك في الدفاع عن مدن القنال الرئيسية، إلا أن القرى والمناطق القليلة السكان، لم تحظ بنفس الاهتمام، وأدى ذلك إلى تدفق المواطنين بأعداد كبيرة إلى السويس والإسماعيلية، في المراحل الأخيرة للحرب، مما شكل عبء على إمكانيات المدن في وقت حرج. ويتلاحظ أن تصور الأجهزة الشعبية، والقيادات السياسية والعسكرية، لتطور أعمال القتال المحتمل، كان قاصراً، مما نتج عنه عدم استعداد مدن القناة الرئيسية، وكذلك القرى للدفاع أو الحصار. استطاعت الإستراتيجية العسكرية المصرية، الاستفادة بالطاقات العربية، بقدر محدود نسبياً، سواء بالدعم المالي، أو شراء الأسلحة اللازمة أحياناً، أو الدعم بالقوات، المحدودة أحياناً أخرى. وقد نجح ذلك في تجنب كثير من المواقف الصعبة، خاصة في الأيام الأخيرة للحرب. (أُنظر جدول حجم الدعم العسكري المقرر من الدول العربية لمساندة دول المواجهة، وما نفذ منه). يتبع إن شاء الله... المصدر: موسوعة مقاتل من الصحراء |
هـ. استطاعت العناصر المكلفة بعرقلة تحركات القوات الإسرائيلية من تحقيق أهدافها، لفترات محدودة، لم تكن كافية كما كان مطلوباً، ولم تستغل جيداً من باقي القوات.