منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الدروس المستفادة من حادثة الإفك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

الدروس المستفادة من حادثة الإفك Empty
مُساهمةموضوع: الدروس المستفادة من حادثة الإفك   الدروس المستفادة من حادثة الإفك Emptyالأحد 02 أكتوبر 2011, 9:10 am

الدروس المستفادة من حادثة الإفك
فَضِيْلَة الْشَّيْخ
أَبِي إِسْحَاق الْحُوَيْنِي
حَفِظَه الْلَّه

مقدمة :

إن الْحَمْد لِلَّه تَعَالَى نَحْمَدُه وَنَسْتَعِيْن بِه وَنَسْتَغْفِرُه وَنَعُوْذ بِاللَّه تَعَالَى مِن شُرُوْر أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَات أَعْمَالِنَا مَن يَهْدِى الْلَّه تَعَالَى فَلَا مُضِل لَه وَمَن يُضْلِل فَلَا هَادِى لَه وَأَشْهَد أَن لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه وَأَشْهَد أَن مُحَمَّداً عَبْدُه وَرَسُوْلُه.

أَمَّا بَعــــــد.

فَإِن أَصْدَق الْحَدِيْث كِتَابُ الْلَّه تَعَالَي وَأَحْسَن الْهَدْي هَدْي مُحَمَّدٍ صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم ، وَشَّر الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعِه وَكِلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَة وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي الْنَّار الْلَّهُم صَلّى عَلَى مُحَمّدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد ، وَبَارِك عَلَى مُحَمدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد.

الْدَّرْس الْأَوَّل مِن الْدُرُوس الْمُسْتَفَادَة مِن حَادِثَة الْإِفْك

متى أُصيبت أمنا عائشة_ رضي الله عنها_ بحادثة الإفك؟

هذا هو الدرس الأول إن شاء الله تعالي من سلسلة من الدروس المستفادة من حديث الإفك , وحديث الإفك فقد أصيبت به أمنا عائشة - رضي الله عنها - بعد غزوة خرجت فيها مع النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - وهي غزوة بني المصطلق أو المريسيع ، وكانت في السنة الخامسة من الهجرة , في هذا الحديث عبارة عن قصة أو القصة التي حدثت حكتها لنا أمنا عائشة - رضي الله عنها - بملابستها وأخرجها لنا الإمامان الكبيران الجليلان البخاري ومسلم - رحمهما الله تعالي -. قالت عائشة - رضي الله عنها -: " كان النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم – إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فآيتهن خرج سهمها خرجت معه فأقرع بيننا في غزوة غزاها ، فخرج سهمي عليهن "عليهن: أي علي بقية أمهات المؤمنين . " فلما قضينا الغزوة وقفلنا راجعين إلي المدينة مع الرجال الذين كانوا يرحلون لي " وكانت السيدة عائشة علي بعير وعلي البعير هودج هذا الهودج الذي كان قديمًا في أيام الحياء رحم الله الحياء كانت العروس تزف قديمًا علي الجمل زمان ويوضع عليها ستار أيام الحياء الهودج: هذا هو الشيء الصندوق الذي يصنع من القماش ، ويوضع علي ظهر البعير ,وكانت السيدة عائشة - رضي الله عنها - تركب علي هذا البعير ويرحل لها جماعة من الصحابة .يرحلون لها: أي يهتمون بأمرها فأرادت أن تقضي حاجتها فقالت لنفسها أسبق الجيش فأقضي حاجتي وعندما يأتي هذا الجيش أمشي معه ، وفعلًا سبقت الجيش مع الصحابة الذين كانوا يرحلون لها ، أوقفت البعير ونزلت وتباعدت في الصحراء فلما قضت حاجتها وهي راجعة تحسست صدرها فإذا عِقدٍ لها قد أنفرط فرجعت تبحث عن العقد ، فجاء الذين يرحلون لها فاحتملوا الهودج ووضعوه علي البعير واستنفروه ومضوا علي أساس أن السيدة عائشة موجودة بداخل هذا الصندوق بداخل الهودج . قالت عائشة - رضي الله عنه -: " ولم ينكروا خفة الهودج "

لماذا لم يدرك الذي كانوا يرحلون لأمنا عائشة رضي الله عنه أنها ليست في الهودج؟ لم يقع في روع أحدهم أنه ليس هناك أحد بداخل الهودج .

أولاً! قالت: " لأن النساء كنا إذا ذاك " أي في أيامهن "يأكلن العُلقة من الطعام فهذا سبب في خفة الهودج .

ثانياً :قالت: " وكنت جارية حديثة السن " صغيرة مظنة للخفة ، وهم جميعًا مجموعة من رجال لو أن رجلاً واحدًا حمل الهودج لعله يستصعب ، لكن جميعًا حملوا الهودج فما شعر أحد أن الهودج خالي من السيدة عائشة رضي الله عنها . وفعلًا استنفروا البعير ومضوا مع الجيش وهي بعدما رجعت رضي الله عنها وبحثت عن عِقدِها وجاءت به قالت رضي الله عنها: " فأمنت ديارهم فلم أجد فيها داع ولا مجيب " وهي جارية حديثة السن ، ومعلوم مسألة الخوف عند النساء بقيت وحده رضي الله عنها في الصحراء.قالت: " فقعدت مكاني وعلمت أنهم لو افتقدوني سيرجعون إلي "

ما يدل علي فطن تدبير الله عز وجل لها: أنها لا تمشي في طرق الصحراء تبحث عنهم وإلا تضل ، لأن الصحراء تحتاج إلي رجل خبير ماهر بطرق الصحراء وإلا يموت . حادثة حدثت لأحد المصريين ضل الطريق في الصحراء:من خمس سنوات نشرت الجرائد أن رجلًا مصريًا يعمل في السعودية وجاء هنا إلي مصر في أجازة ، وذهب في صحراء أسوان لكي يزور واحد من هؤلاء الذين يسكنون تحت القباب ، ولم يكن خبيرًا بطرق الصحراء المهم تاه منه الطريق فعثروا علي جثثهم جميعًا متعفنة بعد خمسة عشر يومًا ، فماتوا جميعًا علي معصية " لا تشد الرحال إلا إلي ثلاث مساجد " فهذا غير خبير بطرق الصحراء فتاه وضل ومات .

فقعدت السيدة عائشة - رضي الله عنها - مكانها. قالت: " وأخذني النعاس فنمت ما استيقظت إلا علي صوت إنسان يسترجع " ما أفاقت من نومها إلا علي صوت رجل يقول: إن لله وإنا إليه راجعون , قالت: " فنظرت فإذا صفوان بن المعطِل السلمي ثم الذكواني فخمرت وجهي بجلبابي " أي أنزلت النقاب علي وجهها " فوالله ما كلمني كلمة وكان يراني قبل فرض الحجاب فعرفني ، فوضع رجليه علي يدي البعير فأناخه ثم ركبت وانطلقنا علي أثر الجيش فأدركناهم في نحر الظهيرة " انظر من بالليل أدركوهم ثاني يوم في نحر الظهيرة أي في عز الحر " فخاب من الناس من خاب" ، من الذين خاضوا في حادثة الإفك ؟عبد الله بن أبي بن سلول هذا رأس المنافقين زعم أن هناك علاقة ما بين صفوان وبين السيدة عائشة ، والدليل أنه قادم بها بالليل وتلقي هذا الكلام جماعة من الصحابة منهم حسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة , وحمنة بنت جحش وغيرهم ممن خاض في حديث الإفك كما قال الله - عز وجل -: ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ (النور: 11-15) تلقوا هذا الحديث ونقلوه ، وما تحققوا من صحته أو كذبه ,قالت: " فرجعت المدينة فمرضت شهرًا وأنا لا أدري ما يتكلم الناس في ؟! " كل العالم يعرفون الخبر ويأتي علي صاحب الخبر وينقطع , حتى خرجت يومًا مع أم مِسطح ، وهي ابنه خالة أبي بكر الصديق أي تربطها بالسيدة عائشة رضي الله عنها قرابة لتقضي حاجتها ولم يكن في البيوت آنذاك كُنف ، لم تكن دورات المياه اتخذت بداخل البيوت حين كان الذي كان يريد أن يقضي حاجته كان يسير في الصحراء مسافة بعيدة حتى يقضي حاجته ،.

مايدل علي أنفة العرب من اخذ الكُنُف في البيوت:

وهذا واضح أيضًا من حديث البخاري أن سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - وهي زوج النبي - عليه الصلاة والسلام - ، وكانت امرأة بدينة خرجت إلي الصحراء ذات يوم لتقضي حاجتها فأبصرها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقال لها:"يا سودة أنظري كيف تخرجين فو الله ما تخفين علينا ". فغضبت سودة ، ورجعت إلي النبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - تشتكي عمر وكان في بيت عائشة - رضي الله عنها - فدخلت فحكت للنبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - ما حدث ,

قالت عائشة - رضي الله عنها - راوية الحديث:

" وإنه ليتعرق عرقًا في يده " العرق: الذراع الأمامي للشاه ، فيتعرق عرقًا: أي يأكل اللحم , الذي بين العِرق والعظم,نزل عليه الوحي ، وكان إذا نزل عليه الوحي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - يتصبب عرقًا في اليوم الشديد البرد من ثقل ما يوحى إليه ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ (المزمل:5)من ثقل ما يوحى إليه ثم سُرِّيَ عنه فقال لها: " إن الله قد أذن لكن في قضاء حوائجكن " أي لا جناح عليكن أن تخرجن إلي الصحراء ,. السيدة عائشة تقول: " أن متبرزنا كان في الخارج ، ولم تكن العرب تتخذ الكنف في البيوت " .قالت: " فلما رجعنا عثرت أم مِسطح في مِرطها " أي في ملابسها فقالت: " تعس مسطح فقالت عائشة: فأنكرت عليها وقلت لها: أتسبين رجلاً شهد بدرًا ؟! فقالت أم مِسطح لعائشة: أي هنتاه " ( هنتاه ) يا ابنتي " ألا تعلمين ما يُقال ؟! قالت: وما يُقال ؟! " فسردت لها حديث الإفك ، وما يتكلم الناس به عنها . قالت: " فازددت مرضًا علي مرضي ، وقالت: وكان يريبني أني لا أجد اللطف من رسول الله - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - هذه المرة ما كنت أجده في المرات السابقة " وصلت إلي تفكير .

لماذا لا تجد اللطف الذي كانت تجده من الرسول - عليه الصلاة والسلام - إذا مرضت ؟!.

كل مرة تمرضها قبل ذلك كان الرسول - عليه الصلاة والسلام - يحنو عليها ويتلطف بها جدًا ، أما هذه المرة فمرضت ومع ذلك ما تلطف بها ، وما رأت منها ذاك اللطف إنما كان يدخل عليها وهي مريضة وعندها أمها أم رومان فيلقي السلام ثم يقول:" كيف تيكم ؟" أي كيف هذه . ما تعودت السيدة عائشة من النبي - عليه الصلاة والسلام - لاسيما في المرض هذا الجفاء الآن عرفت ، لماذا يقول كيف تيكم ؟! ولا تجد منه اللطف التي كانت تجده في مرضها قبل ذلك .قالت: " فاستأذنت النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - أن آتي أبويا لأستيقن الخبر ، فأذن لها . فذهبت إلي أمها فقالت: يا أم أصحيح ما يقولون ؟! قالت: يا بنيتي هوني عليكي فو الله ما من امرأة وضيئة قط ولها ضرائر إلا أكثرن عليها . فقالت عائشة: سبحان الله قد قيل " أي هذا الخبر صحيح أي يخوضون في حديث الإفك " قالت: نعم . قالت: فبكيت يومي وليلتي ، وطفق النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - يستشير أصحابه في فراق أهله أو إمساكها فسأل أسامة بن زيد فقال له: سأله عن عائشة وما يعلمه عنها ، وهل عليها جربت ريبًا قبل ذلك ؟! فأشار عليه أسامة بما يراه من براءة أهله ، وسأل علي بن أبي طالب فقال له: يا رسول الله ما يحزنك النساء غيرها كثير طلقها وإن تسأل الجارية تصدقك " أي تعطيك الخبر اليقين والجارية هي بريرة مولاة عائشة ، وملازمه لها فأرسل النبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - إلي بريرة . قال: " أي بريرة ما تعلمين من حال مولاتك ؟! قالت: يا رسول الله ما أعلم إلا خيرًا غير أنها فتاة " أي جارية " حديثه السن تعجن العجين ثم تتركه فتأتي الداجن فتأكله " تعجن العجين وتتركه فيأتي الدجاج ويأكل العجين ، هذا عيب السيدة عائشة " لكن لا أعلم عنها إلا خيرًا " حينئذ صعد النبي المنبر ، وقال: " أيها الناس من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي ؟! فو الله ما أعلم عن أهلي إلا خيرا . فقام سعد بن معاذ " ذاك الذي اهتز له عرش الرحمن يوم مات ، وكان زعيم الأوس قام وقف " فقال: يا رسول الله إن كان من الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتني فضربت عنقه . فقام سعد بن عبادة زعيم الخزرج فقال لسعد بن معاذ: والله لا تستطيع ولا تقدر علي ذلك فقام أُسيد بن حضير عم سعد بن معاذ فشتم سعد بن عبادة ، وقال: إنك منافق تجادل عن المنافقين وقام الجميع في المسجد ، وكاد الحيان من الأوس والخزرج أن يقتتلان في المسجد فمازال النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - يشير إليهم بيده ويخفضهم حتى سكتوا وسكت " وكانت أم رومان أم السيدة عائشة وأبو بكر الصديق في هذه المحنة الشديدة يلازمان عائشة - رضي الله عنها - . فذات يوم دخل النبي - عليه الصلاة والسلام - فقال لعائشة وجلس وهذا أول يوم يجلس عندها منذ خاض الناس في حديث الإفك فحمد الله وأثني عليه بما هو أهله ، ثم قال: " يا عائشة إن كنتِ ألممتِ بذنب فاستغفري الله ، فإن العبد إذا فعل الذنب ثم تاب منه تاب الله عليه ، وإن كنتِ بريئة فسبرئكي الله تعالي . قالت عائشة: فقلت لأبي أجب رسول الله - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - فقال: والله يا بنيتي ما أدري ما أجيبه ، فقالت لأمها: أجيبي النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم -. قالت: يا بنيتي والله ما أدري ما أجيبه . قالت: فقمت فقعدت وكنت جارية حديثه السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن " أي لا تحفظ كثيرًا من القرآن " فقلت إنني إن قلت لكم إنني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقونني ، وإن قلت لكم إنني فعلت ذلك والله يعلم أني ما فعلته لتصدقونني فوالله ما أجد لكم مثلًا إلا كما قال أبو يوسف يعقوب ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ﴾ (يوسف: 18) .

قالت: " والله ما خرج أحد من البيت إلا أنزل الله براءتي في عشر آيات من القرآن من أول قوله عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ (النور:11) إلي تمام العشر آيات التي سنذكرها بعد إن شاء الله .

قالت عائشة رضي الله عنها: " والله إني لفي نفسي أحقر من أن ينزل الله في قرآنًا ، إنما كنت أرجو أن يري الله رسوله - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - رؤيا يعلم بها براءتي ، وإني في نفسي لأحقر من أن ينزل الله في قرآنًا " فلما نزل ذلك علي النبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - قام ضاحكًا يستبشر وكان - عليه الصلاة والسلام - كما في حديث كعب بن مالك " إذا سُرَّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر " . فقال لعائشة: " أبشري إن الله أنزل براءتك ، فقالت أمها: قومي إليه تحمديه ، فقالت عائشة: والله لا أقوم له ولا أحمده إنما أحمد الله - عز وجل - فأقسم أبو بكر الصديق وكان ينفق علي مسطح بن أُثاثة وكان فقيرًا يتيمًا أقسم أنه لن يعطيه بعد ذلك نفقة فنزل قول الله - عز وجل -:﴿ وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ (النور:22) ، فقال أبو بكر: بلي أحب أن يغفر الله لي وأجري النفقة علي مسطح ، وقال: والله لا أمنعه منها أبدا " . هذا حديث الإفك وهو كما علمتم من السياق يتعلق بعرض أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ، وكانت محنة شديدة جدًا علي المسلمين جميعًا لأن هذا يمس زوجة النبي - عليه الصلاة والسلام - حتى ورد في بعض الروايات أن هذا المنافق زعم أن صفوان فجر بها أي زني بها ، وأنه لم تزني امرأة نبي قط إطلاقًا الزنا عيب كبير لا يمكن أن يلطخ به نبي .

مالمراد بقوله عز وجل عن امرأة لوط وامرأة نوح ﴿ فَخَانَتَاهمُا ﴾ (التحريم: 10) ؟ قال بن عباس رضي الله عنه: "ما زنت امرأة نبي قط إنما خانتاهما بالشرك أي بالشرك ، وأنهما كانتا تدلان القوم علي مواضع نوح ولوط - عليهما السلام –" .

فالسيدة عائشة - رضي الله عنها - سردت هذا الحديث وفيه فوائد كثيرة لذلك قلت هذا الدرس الأول لأنه مسلسل نقف علي فوائده ونخرجها ، ونأخذ العبرة منها .قالت عائشة - رضي الله عنها -: " كان النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه " في هذا جواز استخدام القرعة عند الخلاف .

حكم استخدام القرعة :في هذا جواز القرعة عند الخلاف ، وهذا رد علي من أنكرها كأبي حنيفة وأصحابه - رحمهما الله تعالي - فإنهم قالوا أنها تشبه الأزلام فمنعوها ولعلهم لم يبلغهم هذا الحديث أو الأحاديث الأُخر التي وردت في السنة النبوية ونشير إليها في هذا البحث .
فإن القرعة لا تكون إلا عند السَفاح والخلاف: ولا تكون في الرضا أبدًا لأن التراضي يحسم المسألة ، بخلاف إذا ما اختلف الناس في شيء فيمكن أن تجري القرعة بينهم .

الدليل علي جواز القرعة:هذا الحديث :" كان النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرجت معه " ، وهذه القرعة فعلها ثلاثة من الأنبياء .
الأنبياء الذين استخدموا القرعة :استخدام القرعة في المشكلات استخدمها ثلاثة من الأنبياء,1- يونس - عليه السلام – 2-، وزكريا - عليه السلام - ،3- ونبينا - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - .

أما يونس عليه السلام: فقصته معروفة في آخر الصافات ، وفيه قول الله عز وجل :﴿ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (الصافات:141) القصة: أن يونس - عليه السلام - لما فرَّ وركب البحر أوشكت السفينة علي الغرق فقال القبطان قائد السفينة: أيها الناس فيكم فليخرج ,ما خرج أحد فقالوا إذًا نعمل قرعة ، فإذا خرج السهم علي واحد من الذين في السفينة فهذا يحضر نفسه لأننا سنلقيه في البحر ، عملوا القرعة فوقع السهم علي يونس - عليه السلام - فاستعظموا أن يلقوا بنبي في البحر قالوا لا نجري القرعة مرة أخرى ، فأجروا القرعة مرة أخري فجاءت علي يونس أيضًا فاستعظموا أن يلقوا بنبي في البحر ، فصنعوا القرعة مرة ثالثة فجاءت علي يونس :﴿ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ أي من المغرقين فألقوا به في البحر﴿ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ (الصافات : 142) ، وقد وقع عليه اللوم ، ووقعت عليه القرعة فالقوه في البحر , .

استخدام زكريا عليه السلام للقرعة: واستخدمها زكريا عند الخلاف في كفالة مريم - عليها السلام - ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ (آل عمران:44) ، اختصم زكريا - عليه السلام - وقال مريم هذه خالتها تحتي فأنا أولي بها ، لأن الخالة كما في الحديث الصحيح " الخالة بمنزلة الأم " فيقول: خالتها تحتي فهي كأمها فأنا أولي بكفالتها .

وبني إسرائيل يقولون: هذه أم نبينا فنحن أولي بها . فماذا يفعلون ؟ هيا بنا نأتي بالأقلام التي نكتب بها التوراة كتاب الله المقدس ، ونأتي علي الماء الجاري في الجدول ، ونضع أقلامنا يلقون أقلامهم فأيما قلم وقف ولم يندرج مع سيل الماء فهذا الذي يكفل مريم ، فعلًا أتوا بالأقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة وألقوها في الماء الجاري فوقف قلم زكريا وكان نبياً وهذه آية له ﴿ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ ، فاقترعوا فخرج السهم لزكريا - عليه السلام - فكفل مريم .

حكم الأخذ بشرع من قبلنا :

هذا يدل علي أن القرعة كانت في شرع من قبلنا من الأنبياء ، وأنهم كانوا يستخدمونها وجاء شرعنا فأقرها ، وهنا مسألة مهمة يخلط فيها بعض الناس خلطًا تبع هواه , شرع من قبلنا لا يحتج به عندنا إلا إن كان شرعنا موافقًا لهم ، لأن العبرة بشرعنا وما شرع لنا نبينا - عليه الصلاة والسلام - ، لا بما شرع موسي لليهود، أو شرع عيسي لبني إسرائيل العبرة بشرعنا نحن ، فإن كان في شرع من قبلنا حكم شرعي وكان في شرعنا شيء يخالف هذا الحكم الشرعي فالعبرة بشرعنا نحن لا بشرع من قبلنا , ولذلك في قصة يونس - عليه السلام - أنهم ألقوا رجل في البحر لأن السفينة تغرق.

هل يمكن أن نحتج بقصة يونس عليه السلام في موقف مشابه؟

العلماء فرضوا هذه الصورة قالوا إذا كان قوم في سفينة ، وكانت الحمولة ثقيلة بحيث أننا لو القينا بعض الناس ، أي السفينة كان فيها ألف رجل , يمكن أن نلقي مائة رجل بحيث ننجي التسعمائة ، لا يمكن أن يقال نلقي بعض الناس أو واحد فقط في البحر من أجل نجاة الكثير ، ولا يحتج أحد بقصة يونس ، لماذا ؟ لأن في شرعنا ما يخالف هذا الفهم ، وهو قوله - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم –: "المسلمون تتكافأ دماءهم " لأن الدماء معصومة بعصمة الإسلام فلا يجوز لك أن تهدر دم رجل لتحفظ دم رجل آخر إما أن يموتوا جميعًا ، وإما أن يحيوا جميعًا ، لا يجوز لك أن تعتدي علي دماء الخلق لأجل أن تنقذ دم آخر "المسلمون تتكافأ دماءهم " .

قال الإمام الطحاوي - رحمه الله -:

ما أعلم بين العلماء خلافًا أن هذا الحديث خاص بالديات والقصاص والدماء ، إن جاء الأمير فقتل رجلاً من سواد الناس قُتل بهم لا يُقال هذا دم أمير ، وهذا دم فقير الدماء واحدة أمام الشرع ، لذلك لا يجوز لك أن تلقي برجل في الماء لتحفظ دم رجل آخر .

لماذا يحرم العلماء الإجهاض ؟

لأن هذه نفس حرمتها كحرمة الأم التي تحمل هذه النفس ، فلا يحل لك لأجل الأم أن تهدر هذه النفس ، إلا في ضروريات أو في صور معروفة ليس هذا بيانه وتفصيله ، الجنين إذا نُفخ فيه الروح صار نفسًا يُعصم دمه ولا يهدر .

حكم التماثيل في شرع من قبلنا ثم شرعنا:

* فشرع من قبلنا* فسليمان عليه السلام كانت التماثيل مباحة له ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ﴾ (سبأ:13) الجن كانوا يصنعون لسليمان تماثيل لا يأتي رجل فيقول التماثيل مباحة ، لأن الله - سبحانه وتعالي - قال: ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ هذا كان في شرع سليمان .

*أما في شرعنا * فقد قال النبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم -: " إن اشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون الذين يضاهون خلق الله - عز وجل - يقال لهم: أحيوا ما خلقتكم " قال العلماء: لم يختلف أحد في أن الرسم المجسم( التماثيل )حرام ، لم يختلف أحد من العلماء في هذه الصورة ، وتعجب لهذه التماثيل المنتشرة في البلد نكتفي برمسيس واحد حتى صنعوا رماسيس كثيرة منها الصغير الكظم ، ومنها الوسط ، ومنها الكبير ، وهذا كله حرمه الله - عز وجل - ويصنعونه الفنون التشكيلية والفنون الجميلة ، الفنون التشكيلية هذه خاصة بالفن والنحت ، ويكرمون النحاتين ، والذكري السنوية الأولي والثانية والثالثة والمعارض ، ويتبنون أسرهم ، وينفقون عليهم عندما مات العالم الجليل الشيخ المطيعي ما علم أحد في مصر إطلاقًا بموته ، مع أن هذا الرجل كان آخر العلماء في مصر ، يموت مثلًا قارئ للقرآن الكريم ما يعلم أحد بموته إلا إن كان من هواه قراءة صفحة الوفيات ، إنما الذكري السنوية لعبد الحليم حافظ ، أم كلثوم صفحات في الجرائد والمجلات.


كيف يبلغ البنيان يومًا تمامه
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

هذه البركة الممشوقة بسبب هذه المعاصي الكثيرة جدًا المنتشرة .

لا يجوز لأحد أن يتخذ التماثيل:

إذا كان فيكم رجل له محل قماش لا يجوز له أن يصنع تمثالًا في الفترينة ، ويلبسه الثوب من أجل أن يعمل دعاية للبدلة أو الفستان هذا لا يجوز له ، يجب عليه أن يكسر هذا التمثال وإلا هو معرض أشد التعريض من وعيد الشديد في قوله - عليه الصلاة والسلام -: " إن اشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون الذين يضاهون خلق الله - عز وجل - "

لا يجوز أن يحتج بشرع من قبلنا علي وجود التماثيل :

لأنه ورد في شرعنا ما يحرمه والعبرة بشرعنا لا بشرع غيرنا كذلك لا يجوز أن يُتخذ المسجد علي قبر بدعوي أن الله - تبارك وتعالي - قال في سورة الكهف ﴿ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾ (21) فيقول: أن الله - عز وجل - حكي عن هؤلاء الناس ولم يستنكر عليهم ، فنقول: أن - الله تبارك وتعالي - قد يحكي أقوال الكفرة ولا يعقب عليها ، فهل يفهم من هذا أنه يقر بهذا الكلام ؟ لا ، لا يجوز اتخاذ مسجد علي قبر هذا كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالي: ( إن المسجد والقبر لا يجتمعان في دين الإسلام )، لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال في آخر قول له قبل أن يموت ، وكان يعالج سكرات الموت وعلي وجهه خميصة وهو يعاني سكرات الموت فيضع هذه الخميصة علي وجهه ويرفعها,ويقول: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ألا إني أنهاكم عن ذلك ألا إني أنهاكم عن ذلك ، ألا إني أنهاكم عن ذلك " ثلاث مرات ، فماذا فعلت الأمة بهذا النهي ؟! انتهكته وبنت المساجد علي القبور ، وتتبناها الدولة رسميًا ، ما الذي يصنعه الله في الكون إن اتخذت أربابًا صغارًا وآلهة صغارًا من دونه ؟! صححوا توحيدكم فإن الله - تبارك وتعالي - يأبي قبول الشرك " أنا أغني الأغنياء عن الشرك ، من أشرك بي شيئًا وكلته وشريكه "

يقول الشيخ أحمد حسن الباقوري: وهذا رجل كان وزير الأوقاف في الخمسينات والستينات وكان من مآثره - رحمه الله - أنه كان يحمل علي هذه المساجد التي فيها القبور فلفت نظره أن الذاهب إلي الصعيد أو الذي يسلك طريق مصر الصحراوي كان يجد بعض القباب فكانوا يتعجبون، لماذا يبني قبة في مكان ليس فيه أحد؟ تجد أحيانًا بعض القباب في مكان قفر لا يسكنه أحد ، فلماذا يودع هذا الإنسان في هذا المكان بالذات ؟ فحمله ذلك علي أنه هدم كثير من القباب ، وهذه رواية عنه,

فيقول: فوجدنا تحت أحد القباب جمجمة حمار هذا الحمار كان ولياً من الأولياء يومًا ما وكم من النذور أعطيت له ؟ ، وكم من الذين مرغوا وجوههم علي عتبة هذا الحمار يطلبون المدد ، وهذا مسجد العوَّام في مرسي مطروح الآن مسجد سيدي العوَّام ، أتدرون من هذا العوَّام ؟ رجل يوناني كافر من الضفادع البشرية غاص وهو يبحث عن الإسفنج فجاء عائمًا علي سطح الماء فأخذه بعض الدجالين سيدي العائم وصل ، وبني له قبة مسجد وأكبر مسجد في مرسي مطروح الآن . كافر تحت قبة في مسجد يطلبون منه الحوائج ، وكثير من المغفلين يضعون في صندوق النذور هذه الأموال التي تذهب إلي غير مستحقيها .


أحياؤنا لا يرزقون بدرهم
وبألف ألف يرزق الأموات
يترك الحي يموت مريض لا يجد ثمن الدواء ، جائع لا يجد ثمن الغذاء ، عاري لا يجد ثمن الكساء ,ويذهب للقباب فيضع الأموال الطائلة كان ستة وسبعين مسجد السيد البدوي ، الحرَّاس نادوا أن الحصيلة ثلاثة وعشرين ألف جنية هذا المسجد يحصل الملايين في السنة الواحدة ، الذين يذهبون فيضعون أموالهم مأذورين غير مأجورين ، أعطوا هذا للحي الذي يموت وهو علي قيد الحياة ، ولا تعطيه لميت لا يحل لأحد أن يقول: بناء المساجد علي القبور جائز ، لأن الله تعالي قال علي لسان هؤلاء القوم: ﴿ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾ .

الخلاصة: أن شرع من قبلنا لا يجوز أن يحتج به إلا إن كان شرعنا موافقًا له كمسألة القرعة كانت في شرع من قبلنا ، وجاء النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - فأقرها واقترع فدل ذلك علي مشروعيتها في ديننا ، .

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم , الحمد لله رب العالمين له الحمد الحسن والثناء الجميل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يقول الحق وهو يهدي السبيل ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَصَحْبِه وَسَلَّم -.

هذا الحديث كما قلنا فيه مشروعية استخدام القرعة في المشكلات ، وفي صحيح البخاري أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال عن الرجلين إذا دخلا المسجد فوجدا فرجه في الصف الأول قال: " فليستهما عليها " أي يقترعا من الذي يحرز هذه الفرجة في الصف الأول ؟ إخواننا الذين يأتون المسجد فيلتمس أي عمود لكي يركن عليه ظهره ، وقد ترك الصف الأول وله فضيلة جسيمة" إن الله وملائكته يصلون علي الصف الأول" ، وطبعًا الصف الأول المقصود به من هجرَّ إلي الصف الأول ، لا ، من دخل الآن فجعل يتخطي الرقاب وقد آذي الله ورسوله بذلك وزاحم الناس في الصف الأول ، لأن.

المقصود بالصف الأول: هو المبادرة حتى تحرز الصف الأول بغير أن يتعدي أذاك إلي غيرك فقول النبي - عليه الصلاة والسلام - " فليستهما عليه " دليل علي فضيلة هذا الصف ، لدرجة أنك لا تفرط في حقك تستهم تفعل قرعة لأنني أريد أشح بالخير أنا شحيح بالخير فلا أترك هذا خوفًا نصنع قرعة فمن خرج سهمه أحرز هذه الفرجة في الصف الأول ، وكذلك الآذان أمر النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - إذا جاء أكثر من رجل علي الآذان أن نستهم علي الآذان بعض الناس يقول لا أنا الذي أتيت الأول فأنا أحق ، لا ، أنت لست أحق بالذي جاء أيضًا وهو حريص علي أن يدرك فضيلة الآذان ، فلماذا لا تصنعون ما أمركم به الشارع أو ما استحبه لكم ؟ إستهما عليه: أي اقترعا عليه . وهذا دليل أيضًا علي جواز القرعة ، لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - لا يرشدك إلا إلي حق ، وكذلك قوله - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم -: " مثل القائم علي حدود الله - عز وجل - والمدهن فيها كمثل قوم استهموا علي سفينة فأصاب قوم أعلاها ، وأصاب قوم أسفلها "

[font:8f85=Aria


الدروس المستفادة من حادثة الإفك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

الدروس المستفادة من حادثة الإفك Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدروس المستفادة من حادثة الإفك   الدروس المستفادة من حادثة الإفك Emptyالأحد 02 أكتوبر 2011, 9:20 am

استهموا علي سفينة: أي اقترعوا . أينا يكون في الدور العلوي ، وأينا يكون في قعر السفينة ؟ هذا دليل علي جواز استخدام القرعة . فكل هذه الأحاديث ترد علي القائلين بأن القرعة لا يجوز استخدامها لأنها تشبه الأزلام لا قياس مع النص ، والحمد لله أن هناك نص آخر عن أبي حنيفة - رحمه الله - أنه أجاز استخدام القرعة قال: ( سبيل القياس التحريم المنع ، ولكني أجزتها للنصوص الواردة ). فهذا يدلك علي أن هذا الإمام - رحمه الله – أفتي الفتوى بمنع استخدام القرعة قبل أن تصله النصوص ، لأنه لا يتصور في إمام من أئمة المسلمين المتبوعين أن يخالف قولًا للنبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - مستحيل ، ما بال هذه الأحكام تخالف النصوص ؟ معذور لا يعلمها ، ولا يتصورن أحد أن هؤلاء الأئمة علموا كل السنة النبوية هذا مستحيل ، ما تجمعت السنة النبوية في قلب رجل واحد قط لا أبو بكر ولا عمر ولا من دونهما فقد فاتتهما أشياء وفات الكل أشياء . وحسبه ذالك ما رواه البيهقي في سننه أن عبد الله بن وهب الإمام المصري العلم المفرد وكان تلميذًا الإمام مالك - رضي الله عنه - فسمع مالك يومًا وسئل وهو في المسجد النبوي سئل عن تخليل الأصابع الغسل بين البرازم في الوضوء البرازم: هذه الفتحات التي تكون بين الأصابع ، وهل تخللها وأنت تتوضأ أم لا ؟ أصابع اليدين وأصابع القدمين فسئل مالك - رحمه الله - هل يغسل المتوضأ برازمه ؟ قال: ليس ذلك علي الناس ، لم تثبت فيه سنة . فقال عبد الله بن وهب: فقلت له: كيف تفتي بذلك وفيه عندنا سنة ؟ فقال مالك: وما هي ؟ قال حدثني عمرو بن الحارث وساق سنده إلي ال بن شداد " أن النبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - كان يخلل بين الأصابع في وضوءه " قال مالك: هذا حديث حسن وما علمت به إلا الساعة ، وهذا مالك إمام دار الهجرة .

قال الشافعي - رحمه الله -: (إذا أتاك حديث عن مالك فشد عليه ، وكان يقول: مالك هو النجم إذا ذكر العلماء ، ومع ذلك يقول هذا حديث حسن ما سمعت به إلا الساعة ) قال بن وهب: فكنت اسمعه بعد إذا سئل عن تخليل الأصابع فيفتي بهذا الحديث . فالإمام أبي حنيفة - رحمه الله تعالي - معذور بل مأجور ، وكذلك كل العلماء إلا من استبانت له الحجة فأعرض عنها إلي القول بالرأي فهذا مأزور غير مأجور، لأن الحجة في كلام الله ورسوله لا في كلام الرجال ، إنما يجب أن نعلم أن هؤلاء الرجال هم وسائل لمعرفة الحق لا نتعبد الله بأقوالهم لأنهم وسائل فقط ، إنما نتعبد الله -عز وجل- بقوله، وبما شرعه علي لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ربنا أغفر لنا ذنوبنا ، وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا ، وانصرنا علي القوم الكافرين ، اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها .
انتهي الدرس الأول

الدرس الثاني

هذا هو الدرس الثاني من الدروس المستفادة من حديث الإفك ، وكما قدمنا في الدرس الماضي أن حديث الإفك يختص بالسيدة عائشة - رضي الله عنها - عندما اتهموها في غزوة المصطلق ، وقدمنا في الدرس الماضي الكلام عن القرعة بمناسبة ذكر أول الحديث وهو قول السيدة عائشة - رضي الله عنها -: " كان النبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرجت معه فخرج سهمي في هذه الغزوة " تكلمنا بمقتضي فعل النبي - عليه الصلاة والسلام - علي إثبات القرعة ، وأنها ليست كالإستقسام كما ذهب إليه أبو حنيفة - رحمه الله - في إحدى الروايتين عنه ، وفي الرواية الأخرى أنه أثبتها وعلي كل حال فالأحاديث كلها حجة علي من أنكر القرعة ، وذكرنا أيضًا مما ذكرنا أنه لو كان جماعة في سفينة ورأوا أن إلقاء بعض الراكبين في الماء ينجي هذه السفينة فإنه لا يجوز لأحد أن يلقي أحداً في الماء ، لأن الدماء معصومة . فكان أن أورد علي بعض الإخوة سؤالًا وقال:
س: فأين قاعدة أخف الضررين ؟ أي أن أخف الضررين أن تلقي بعشرة في الماء في مقابل أن ينجو مائة أو مائة وأكثر . فيقول إن أخف الضررين يقتضي أن تلقي بواحد أو اثنين أو عشرة في الماء ولا تترك السفينة تغرق بالكل .!
ج: فنقول لهذا الأخ الكريم أن الأمر ليس كما قال ، لأن قاعدة أخفف الضررين لابد أن يكون الضرر الذي اخترته شرعه لك الشارع . فمثلًا لو كان أمامك خمر وسم أو خمر وشراب آخر من شأنه أن يقضي عليك شراب آخر مسموم ، وأنت ستموت من العطش وغلب علي ظنك التلف ، فماذا تختار ؟ تختار الخمر بطبيعة الحال ، لماذا ؟ لأن هذا هو أخف الضررين تحسيك للخمر فيه انتهاك للنص في ظاهرة ، ولكن أنت في حالة ضرورة فما تقدم علي تناول هذا الشيء الذي يتلفك ، لأن الشريعة أتت بحفظ النفس من الأشياء الخمسة التي أتت الشريعة بها جلبًا لمصالح العباد حفظ النفس ، فلو ألقينا بعض الناس في الماء ، فأين أخفف الضررين عليه ؟ لقد وقع عليه أكبر الضررين وهو الهلاك والتلف ، ثم إن مسألة غرق السفينة بوجود هؤلاء العشرة مسألة ظنية ، هل يقطع الإنسان قطعًا يقينيًا أنه إن ألقي هؤلاء العشرة نجت السفينة ؟ ما يقال أن أحد يستطيع أن يقطع مثل هذا القطع فهي مسألة ظنية ، وحفظ مسألة دماء العباد مسألة قطعية فلو تعارضتا يقدم المسألة القطعية بلا شك . اختيار أخف الضررين فيما لا تلف فيه علي أحد من العباد ، لأنك إن أتلفته فقد أوقعت به أكبر الضررين ، فأين هو أخفهما إذن ؟
خلاصة القول: والأمثلة كثيرة وقد أورد علي الأخ أمثلة ليست في محل النزاع ، أي هو لو تأملها ما وجدها تنطبق علي محل النزاع ، إنما أردت أن أوضح هذه القاعدة لأنها قد تشتبه عليه وعلي بعض إخوانه دماء المسلمين معصومة بعصمة الله تبارك وتعالي لها وهي معصومة بالنص ، فلا يجوز لك أن تترك هذا النص إلا بنص مثله فدم المسلم معصوم إلا الزاني المحصن ، والمرتد عن دينه ، والمفارق للجماعة الذي خلع يد الطاعة فهذا دمه هدر ، وكذلك الذي يسب النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - دمه هدر فقد روي النسائي وغيره أن النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - أوتي له بخبر يقول: أنهم وجدوا امرأة مقتولة في الطريق فقال النبي - عليه الصلاة والسلام - لأصحابه: " نشدت الله رجلاً لي عليه حق أن يقول من قتل هذه المرأة ؟ فقام من بين الناس رجل أعمي يتدلدل فقال: أنا يا رسول الله قتلتها ، وإنها زوجتي وكانت بي بارة ، ولي منها ولدان كاللؤلؤتين منها ، ولكنها كانت تقع فيك " أي تسبك " فكنت أنهاها فلا تنتهي حتى إذا كان يوم فوقعت فيك فأخذت السكين فوضعته في صدرها ثم تكأت عليها فقتلتها ، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ألشهد أن دمها هدر ، ألشهد أن دمها هدر " أي لا دية لهذا الدم . فهذا الذي يتنقص من النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - ويسبه ، فما بالكم بالذي يسب دين الله - عز وجل - علنًا ولا رادع له ؟! إن القانون لا يحمى الله ورسوله موجود مادة في القانون تقول: إن الذي يسب الدين عقوبته ستة أشهر سجن ، ولا نعلم حالة واحدة قط طبق عليها هذا القانون مع كثرة السابين لدين الله - عز وجل - ، ليس في هذه القوانين ما يحمي الله ورسوله لكن للدين رب يحميه كما قال عبد المطلب قديمًا للبيت رب يحميه ، فللدين رب يحميه وإنه قل رجل يسب دين الله - عز وجل - أو يسب النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - فتنتهي خاتمته بخير
يروي لنا الشيخ الإمام العلم خاتمة الحفاظ المحدثين في مصر وهو الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر - رحمه الله - قصة حدثت في زمان الملك فؤاد الأول :فيقول: إن رجلاً خطيبًا مفوهًا كان يخطب في مسجد العابدين ، وقصد الملك فؤاد صلاة الجمعة يومًا ما في أحد المساجد فانتدبوا هذا الخطيب ليخطب في هذا المسجد لكون السلطان كان يحرص أن يصلي خلفه لأنه مفوهًا خطيبًا بارعًا ، وكان بهذه المناسبة ذهاب طه حسين الذين يقولون فيه عميد الأدب العربي إلي فرنسا ، وحصوله علي درجة الدكتوراه في اللغة العربية بوسادة الملك أي أن الملك أرسله إلي باريس ليحصل الدكتوراه . فوقف الخطيب يخطب بين يدي السلطان فأراد أن يبين أن السلطان أنعم علي طه حسين بمسألة الدكتوراه والبعثة إلي باريس فقال: (ما عبس وما تولي أن جاءه الأعمى)الأعمى: طه حسين ، والسلطان ما عبس في وجهه ولا تولي عنه لما طلب أن يذهب إلي باريس بل أوفده علي نفقة الدولة ، فهو يريد أن يشيد بالسلطان تزلفًا إليه ونفاقًا فأوقعه هذا التزلف في مأزق خطير جدًا ، إذ أنه عرَّض بالجناب النبوي إذا كان السلطان ما عبس ولا تولي أن جاءه الأعمى ، والنبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - عبس وتولي لما جاءه الأعمى فهذا تعريض بالجناب النبوي ، وهذا لا يليق لأجل أن ترفع أحداً أن ترفعه علي أشلاء النبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - وهذا لا يليق أن يفعل مسلم أودع في قلبه حب النبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - أن يقول هذا القول ، وكان من المصلين الشيخ الإمام محمد شاكر والد الشيخ أحمد الذي يروي القصة ، وكان وكيل الجامع الأزهر آنذاك فقام بعد الصلاة ، وقال: أيها الناس أعيدوا صلاتكم فإن الخطيب كفر أعيدوا صلاتكم ، وذهب إلي الديوان الملكي ورفع للسلطان أمرًا أن يعيد الصلاة أن يصليها ظهرًا ، وقامت القيامة وهذا الرجل مشهور خطيب مشهور فقام له المحامون ، وقام الشيخ محمد شاكر وحده وطلب جماعة من المستغربين المستغربين: وهم الأجانب الذين يحسنون اللغة العربية ,وطلبهم أن يحكموا في هذه القضية ، ولم يطلب مشايخ الأزهر حتى لا يقولون يحابون وأراد الإجابة عن سؤال واحد ، هل هذا تعريض بالجناب النبوي أم لا ؟
يقول الشيخ أحمد شاكر: وبعد ذلك حُفظت القضية لما علم أنصار هذا الخطيب أنه خاسر ، يقول: والله لقد رأيته أي هذا الخطيب فراشًا في أحد المساجد يتلقي نعال المصلين ، من خطيب مفوه بارز السلطان يصلي عنده إلي فرَّاش يتلقي نعال المصلين في ذلة وصغار ، حتى لقد استحييت أن يراني وأنا أعرفه وهو يعرفني , إن الذين يسبون دين الله - عز وجل - لا يختم لهم بخير ، فالذي يسب النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - دمه هدر فالدماء معصومة في الأصل إلا ما أُهدرت بنص ، وهذا الذي عرض لذلك الرجل بأن يرمي بعض الناس في البحر ليس نصًا ، إنما هو اجتهاد منه والعلماء يقولون: ( لا اجتهاد في مورد النص ) فهذه شبهة أحببت أن أجليها قبل البدء في درس اليوم .
قالت عائشة - رضي الله عنها -: " كان النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فخرج سهمي في هذه الغزوة فخرجت مع النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - بعدما ضُرب الحجاب فأنا أوضع في هودجي وأرحل فيه " .
الأدلة علي فرضية الحجاب: هي تقول بعد الحجاب: أي بعد ضرب الحجاب توطئة لقولها أوضع في هودجي فأنا أركب في هودجي وأرحل فيه ، لأن القائل إذا قال: لما تركب في الهودج ؟! فيقال: لأن الحجاب ضرب فكأنها قالت ذلك كالتوطئة كسبب أو كجواب لمن يقول: لما تركب في هذا الهودج ؟! فيقول: ضُرب الحجاب .
متى ضُرِبَ الحجاب؟ضُرِبَ الحجاب علي الراجح في سنة أربعة من الهجرة ، وكانت غزوة بني المصطلق في سنة خمس هجرية .
مالمقصود بالحجاب هنا؟ هو النقاب (وهو تغطية الوجه وجميع البدن )، هذا هو المقصود بالحجاب . ولما اختلف الناس في كشف الوجه أستعير هذا اللفظ أو غلب استخدامه علي التي تكشف وجهها ، وقيل النقاب في التي تغطي وجهها لكن لفظة الحجاب تشمل تغطية الوجه ،.
أدلة مشروعية الحجاب من الكتاب والسنة: وهذا النقاب وردت فيه آية في كتاب الله - عز وجل - وأحاديث كثيرة في السنة النبوية فقول الله - عز وجل -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ (الأحزاب: 59) ، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ :
هذا رد علي الذين يقولون إن النقاب خاص بأزواج النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - فقط ، لأن الآية صريحة ﴿ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ﴾الإدناء إدناء الجلباب: أن يضرب من الرأس حتى القدم . قال ابن حزم - رحمه الله -: ( لا أعلم في معني الجلباب إلا أنه يضرب من الرأس إلي القدم )، وصححه القرطبي وابن كثير . فهذا نص من الله - تبارك وتعالي - في مشروعية النقاب علي الأقل ، وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - حديث الإفك الذي نشرحه
قالت: " فغلبني النوم فنمت بعد أن انصرف الناس فدلج صفوان بن المعطِل السلمي فعرفني وكان يراني قبل الحجاب فاسترجع " أي قال إن لله وإنا إليه راجعون .قالت: " فخمرت وجهي بجلبابي "
، ما معني هذا الكلام عند العقلاء ؟! ما معني خمرت وجهي بجلبابي ؟ أي غطيت ، وقولها " كان يراني قبل ضرب الحجاب " يبين لك أنها كانت كاشفة وجهها فعرفها فهذا أيضًا يدل علي أن النقاب كان موجودًا ، وقوله - عليه الصلاة والسلام -: " لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " ، ما معناه ؟ لا تنتقب المرأة المحرمة هذا يدلك علي أن غير المحرمة كانت تنتقب فلما أحرمت المرأة أبان لها عن حكم شرعي خاص بفريضة الحج فقال: " لا تنتقب المرأة المحرمة " وهذا يسميه العلماء كما شرحنا ذلك في بعض الدروس( مفهوم المخالفة )الوجه الثاني للدليل أو الوجه العكسي لمنطوق النص كقول الله - عز وجل -: ﴿ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ (الحجرات:6) ، فما هو ظاهر هذا النص ؟ أن الفاسق لو أتاك بخبر تبين ولا تسلم به ، ما هو الوجه الآخر؟ أن العدل الصادق إذا جاءك بخبر فلا عليك أن تتبين لماذا ؟ لأن الفاسق هو الذي تتبين منه ، إنما العدل الصادق فلا عليك ألا تتبين منه .
فدل ذلك علي أن النقاب كان موجودًا في زمان النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - الوجه الآخر أن العدل الصادق إذا جاءك بخبر فلا عليك أن تتبين ، لماذا ؟ لأن الفاسق هو الذي تتبين منه ، إنما العدل الصادق فلا عليك ألا تتبين منه فدل ذلك علي أن النقاب كان موجودًا في زمان النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - ، وكذلك قول عائشة - رضي الله عنها -: "كان الرجال إذا حازونا_أي في الحج_ أسدلت إحدانا شيئًا علي وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه "أي كشفنا الوجه .
وهناك أثر صحيح رواه مالك في الموطأ عن أسماء بنت أبي بكر أيضًا قالت: "كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا ننتشط قبل ذلك" وهذا سند صحيح جدًا . فهذا يبين لك أن النقاب كان موجودًا فأعجب من هذا الجهل الغليظ المركب الذي طفح من هذا المتعالم الذي ينشر في جريدة النور الأسبوعية مقالات له بعنوان (تذكير الأصحاب بتحريم النقاب )، هذا جهل غليظ جدًا وقحة باردة أن يأتي علي هذه النصوص فيطأها بالقدم ، ويأتي علي الآية الواضحة في كتاب الله - عز وجل - فلا يقيم لها وزنًا .
إن ترجمان القرآن ابن عباس - رضي الله عنه - لما سئل عن هذه الآية ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ﴾ (الأحزاب: 59) فقال: ( تغطي وجهها وتبدي عينها أليسري) ما معني هذا الكلام ؟ إذا سمعه رجل يفهم العربية لا يفهم إلا أن الوجه مغطي وتكشف عين واحدة فقط ، وهذا ابن عباس لا يُعلم له مخالف .
وسأل محمد بن سيرين عبيدة السلماني - رضي الله عنه - وهو من التابعين الفحول سأله عن هذه الآية فأرخي عبيدة السلماني ثوبه وغطي وجهه وأبرز عينًا واحدة ، هذا هو المفهوم من الآية لو أنه قال مباح ليس بواجب ولا مستحب لرددنا عليه أيضًا ويُهضم قوله علي كل حال ، لكن أن يقول حرام حرام ثم يأتي فيشنع علي القائلين بالوجوب أو الاستحباب أو الإباحة فيقول: إن الله يقول: ﴿ وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ﴾ (النحل : 116) فانظر إلي هذه الجرأة البالغة هو الذي أفتري علي الله الكذب ، ومع ذلك يسحب هذه الآية علي علماء المسلمين جميعًا بمنتهي الجرأة ، وتحت ستار التحرر العلمي . وقد قال القائل وصدق: (لو سكت من لا يعلم لقل الخلاف) . فهذا جاهل ما يدري شيئًا لا يعلم له سلف في الأمة كلها حتى المبتدعة لا يُعلم له سلف أن يقول حرام ، حرام أي المرأة المنقبة آثمة مرتكبة لحرام تُعاقب عليه بالنار هذا يقوله مسلم شم ريح الأدلة الشرعية ؟!، فهذا ينطبق عليه قول القائل:( رمتني بدائها وانسلت) قلب الحقائق مسلك مر يقع من كثير من أدعياء العلم ، وأين يذهب بكل هذه النصوص ؟ إنما يردها بالجهل والتشهي ، ومع ذلك يقدم له رئيس مجلس إدارة الجريدة تقديمًا يوهم به العوام أنه من أنصار السنة فيقول له خطب في أنصار السنة ودروس وكيت وكيت وهو سني ، وما قاله لم يقله أحد من أنصار السنة قط ، ولا يجرؤ أحد أن يقوله حرام ! كيف حرام ؟ ! وهذه النصوص إن لم تقضي بالاستحباب علي الأقل ، فأين فهم هذا الرجل لهذه القواعد الأصولية ؟ .
فهذا الحجاب الذي عنته السيدة عائشة - رضي الله عنها - هو النقاب ، وقد يفهم من معني الحجاب هو الحجب وليس مجرد ستر البدن ، بل حجب الشخص نفسه كقول الله عز وجل: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ (الأحزاب:53) فالحجاب هنا المقصود به: حائل كستارة أو نحو ذلك أو جدار ، فهذا أيضًا داخل في معني الحجاب فالحجاب قد يكون من خلف هذا الستر ، وقد يكون هذا الحجاب بضرب النقاب علي الوجه.
وقد استفاضت الأخبار بأن التابعين والصحابة كانوا يدخلون علي السيدة عائشة - رضي الله عنها - يسألونها العلم ، وقد روي البخاري في صحيحه من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: " كان النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - في بيتي إذ جاءت سودة بعدما ضرب الحجاب ، وكانت سودة - رضي الله عنها - وهي زوج النبي - عليه الصلاة والسلام - خرجت إلي الصحراء لتقضي حاجتها " ولعلكم لو تذكرون سياق حديث الإفك لما سقناه بكامله أن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " ولم تكن العرب تتخذ كنفًا في البيوت " لم تكن هناك دورات مياه في البيوت فكانت المرأة إذا أرادت ، أو الرجل إذا أراد الحاجة خرج إلي الصحراء . فسودة - رضي الله عنها - خرجت وكانت امرأة بدينة يعرفها كل أحد حتى وإن ضربت النقاب علي وجهها تعرف من بدانتها " فرآها عمر فقال: يا سودة انظري كيف تخرجين فوالله ما تخفينا علينا فرجعت غاضبة إلي النبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم -وإنه ليتعرف عرفًا " العرق: وهو الذراع الأمامي للشاة . يتعرق: أي يأكل بقية اللحم التي بين العروق " إذ دخلت سودة - رضي الله عنها - وحكت له ما جري من عمر فنزل عليه الوحي ثم سري عنه ، ثم قال لسودة: إن الله قد أذن لكن في قضاء حوائجكن "
ما الذي أراده عمر ؟ أراد أن يحجب النبي نساءه فلا يخرجن البتة ، أي ما اكتفي عمر بأن ضُرب النقاب وأنهن مستترات الأبدان ، فأراد أيضًا أن يكن مستترات الأشخاص فمُنع من ذلك لما فيه من المشقة والحرج إذا قصرهن في البيوت . فهذا هو معني قول عمر " يا رسول الله احجب نساءك " حتى بعدما ضرب النقاب يقول له " احجب نساءك " أي يريد أن يكن مستترات الأشخاص .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم , الحمد لله رب العالمين له الحمد الحسن والثناء الجميل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يقول الحق وهو يهدي السبيل وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - .
حكم خروج المرأة من البيت لقضاء حاجتها :قوله - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم -: " إن الله قد أذن لكن في قضاء حوائجكن " نص في جواز خروج المرأة من البيت ولا تسمعوا لقول القائل رحم الله زمانًا كانت المرأة لا تخرج فيه إلا ثلاث مرات: المرة الأولي من رحم أمها إلي الدنيا ، والمرة الثانية من بيت أبيها لبيت زوجها ، والمرة الثالثة من بيت زوجها إلي القبر ، هذا أقل ما يقال أنه لا يعلم النصوص الكثيرة التي ورد فيها أن النساء كن يخرجن في زمان النبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - بغير نكير ، بل حديث السيدة عائشة نص والنبي - عليه الصلاة والسلام - هو الذي أقرع بين نسائه فخرج السهم لعائشة فخرجت معه ، فكيف يُقال ما تخرج من بيت زوجها إلا إلي القبر ؟! . في صحيح البخاري أن أسماء بنت أبي بكر وكانت امرأة الزبير بن العوام كانت تخرج علي ميلين من المدينة تأتي بالنوى فتدقه لفرس الزبير الذي حبسه في سبيل الله وكان الزبير مشتغلًا بالجهاد ونشر الإسلام وما كان متفرغا ًلأن يجمع النوى للفرس ، فقامت أسماء بهذه المهمة الشاقة تدق النوى دقًا حتى يأكله الفرس .
قالت أسماء: " فبينما أنا راجعه إذ النبي- صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - وأصحابه فأناخ راحلته وقال لها: اركبي " . أن تركب خلفه - عليه الصلاة والسلام - قالت أسماء: " فتذكرت غيرة الزبير فأبيت " ما ركبت ، وخلف من ؟! خلف النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - هذه واحدة ، وخلف زوج أختها عائشة .
تقدير المرأة لمشاعر الرجل قالت: " فتذكرت غيرة الزبير " فأبت أن تركب ثم واصلت طريقها إلي البيت وقصت القصة علي الزبير فقال لها الزبير: " لمشيك أشد علي من ركوبك خلفه " لمشيك أنك تمشي فقط في الطريق أشد علي من أن تركبي خلفه فهذا نص في أن أسماء كانت تخرج فتأتي بالنوى :، والنبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - يراها ولا ينكر عليها فلا يقول لها: لماذا خرجت من البيت ؟ .
وكذلك حديث أم عطية في صحيح البخاري: أنها كانت هي وعائشة حديث أنس قال: " رأيت خدم سوقهما وهما يلقيان بأفواه القرب في أفواه القوم " لما عصفوا جدًا في غزوة أحد فالسيدة عائشة كانت تأتي بالماء فمن شغلها ظهر قدم ساقيها . فهذا يدلك علي أن المرأة يجوز لها أن تخرج.
من الأحاديث الباطلة:وأما الحديث الذي رواه عبد بن حميد في مسنده من حديث أنس أن امرأة خرج زوجها في سفر فقيل لها أباكي مريض فامتنعت أن تخرج ، أباكِ مات فامتنعت أن تخرج خلفه ، فلما جاء زوجها وقص ذلك علي النبي فقال: " إن الله قد غفر لأبيك بطاعتك لزوجك " فإن هذا حديث باطل لا يصح الأدلة متواترة علي جواز خروج النساء لقضاء الحاجة ، وهذا الجواز لا ينافي قوله - عز وجل -: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ ( الأحزاب: 33) لأن هذا هو الأصل فالمرأة مطالبة أن تقر في بيتها ولا تخرج منه إلا لحاجة ، فإن طرأت لها حاجة ولا يوجد من يقوم بهذه الحاجة جاز لها أن تخرج ، هذا معني الجواز .
إذًا نخلص بالتوفيق بين الآية وهذه الأحاديث إلي هذا المعني :أن الأصل أن المرأة لا تخرج من بيتها إلا لحاجة لها ، ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام -:" إن الله قد أذن لكن في قضاء حوائجكن " أي ما تحتاج إليه المرأة ، فالله قد أذن لها .
فالرجال الذين يتركون نساءهم يخرجن إلي الأعمال ومخالطة الموظفين لاسيما إن كانت متبرجة سافرة فإني لا أتصور أن يكون هناك رجل مازالت فطرته صحيحة يترك امرأته تقعد مع الموظفين وتضاحكهم ، قد رأينا أشياء كثيرة ولا يستطيع أحد أن يكابر في هذا الذي ترك زوجته تعمل هناك هو بلا شك أيضًا يعمل ومعه موظفات فلينظر سلوك الموظفات معه ، وليتصور سلوك زوجته مع الموظفين الآخرين ، وليسأل نفسه سؤالًا ، هل يقبل علي امرأته أن تتبذل مثل هذا التبذل بدعوى أن المرتب ضعيف ؟! إن المرأة تنفق غالب مرتبها علي ملابسها ، وقد رأينا أشياء يندي لها جبين الحياء خجلًا رجل يخرج يعمل وامرأته تخرج تعمل ويرسلوا الأولاد للحضانة ، كم يعطون مصاريف الحضانة ؟ مرتب المرأة بالكامل لمصاريف الحضانة .
إذًا ما هي الفائدة من خروج المرأة ؟ لو أن هذه المرأة جلست في بيتها وربت أولادها ، واعتبرت أن هذا المرتب لم يكن هم بلا شك يعيشون من مرتب الزوج ، لأن مرتبها ضائع علي الأولاد والحضانة فضلًا عن أن الأولاد لا يتأدبون ، وهي تشكو مر الشكوى من سوء خلق الأولاد وأنهم لا يسمعون الكلام لاسيما في الأجازة . أنا أستغرب أين عقول هؤلاء ؟ الذين لو حسبوها بمنطق التاجر لعلموا أن فيها خسارة ، ويخرج الرجل علي عمله وتخرج المرأة ويتركون البيت كما لو كان ملعبًا .
بخلاف المرأة المؤمنة إذا دخل زوجها فه تهيئ البيت تنهي عملها وتستعد لاستقبال زوجها إذا جاء فتمسح عنه عناء العمل اليومي.
لا يجوز للمرأة أن تخرج إلا لضرورة: لأن الخروج عن الأصل لا يتأتي إلا لضرورة فما الضرورة في خروج المرأة علي المثال الذي ضربته وهناك أمثلة كثيرة و السعيد لمن وعظ بغيرة . فهذا هو معني قول النبي - عليه الصلاة والسلام - لسودة - رضي الله عنها -: " إن الله قد أذن لكن في قضاء حوائجكن " وما حجبها النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - في البيت دفعًا للمشقة . فقول السيدة عائشة - رضي الله عنها -: " بعدما ضُرب الحجاب " تقصد به التهيئة لكونها ترحل في هذا الهودج ، ثم تقصد به بعد ذلك كما سيأتي شرحه بيان أن صفوان بن المعطل ما عرفها إلا لأنها كانت كاشفة وجهها وهي وحدها في الصحراء ، وسيأتي مزيد بيان لهذا البحث إن شاء الله عند قول السيدة عائشة - رضي الله عنها -: " فخمرت وجهي بجلبابي " .
نسأل الله تبارك وتعالي أن ينفعنا بما علمنا ، وأن يعلمنا ما جهلنا ، وأن يهدينا للتي هي أقوم بالتي هي أحسن . اللهم أغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا علي القوم الكافرين . اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر . اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن . اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا . رب آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها فانصرنا علي القوم الظالمين
انتهي الدرس الثاني
الدرس الثالث من الدروس المستفادة من حديث الإفك

هذا هو الدرس الثالث من الدروس المستفادة من حديث الإفك قالت عائشة - رضي الله عنها -: " كان النبي صلي الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرجت معه فخرج سهمي في هذه الغزوة ، فلما قفلنا راجعين سبقت الجيش " أي لقضاء بعض حاجتها " فلما رجعت إذا عقد لي قد انقطع فرجعت أبحث عنه وحبسني ابتغاءه ، وكان القوم الذين يرحلون لي جاءوا فحملوا الهودج ولم ينكروا خفته وهم يظنون أني فيه ، وكنت جارية حديثة السن فلما وجدت عقدي رجعت إليهم وأمَنت ديارهم فلم أجد بها داع ولا مجيب . فقعدت في مكاني ونمت أو وألقي علي النعاس فلم أستيقظ إلا علي صوت إنسان يسترجع " يقول إن لله وإنا إليه راجعون " وكان هو صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني ، وكان يعرفني قبل ضرب الحجاب فخمرّت وجهي بجلبابي فو الله ما كلمني كلمة قط ، وأناخ راحلته فركبتها وأدركنا الجيش في نحر الظهيرة " .
كنا وصلنا إلي قول عائشة - رضي الله عنها " ولم ينكر القوم خفة الهودج " قلنا إن الهودج: هو عبارة عن الصندوق الخشبي الذي كان يوضع علي ظهر البعير فتزف فيه النساء قديمًا .بل لعل كثيرًا منا أدرك هذه الظاهرة وكان العوام يسمونها الجحفة ، ولها اسم آخر وهو المحفة وهو قريب من اسم الجحفة. فعائشة رضي الله عنها بعدما ضُرب الحجاب كانت تركب علي البعير ويُضرب عليها هذا الصندوق من القماش ، هذا الذي اسمه الهودج . فلما أرادت أن تقضي حاجتها نزلت من علي البعير وأنزل القوم الهودج علي الأرض ، وذهبت فقضت حاجتها فبينما هي راجعة إذ تحسست صدرها فلم تجد العقد ، ولم يكن عقدها إنما كان عقدًا استعارته ففزعت ورجعت من تلقاء نفسها ، وهي تظن أن القوم لن يبرحوا مكانهم إلا بعد رجوعها . فذهبت تبحث عن العِقد حتى وجدته جاء القوم بعدما تفرقوا فحملوا الهودج جميعًا ، ولم ينكروا أنه خفيف ,السيدة عائشة - رضي الله عنها –
بما اعتذرت به السيدة عائشة رضي الله عنها عن الذين حملوا الهودج : تعتذر عن هؤلاء بقولها " وكانت النساء إذ ذاك خفافًا لن يثقلهن اللحم إنما كنا يأكلن العُلقة من الطعام " العُلقة: هو الشيء اليسير الذي يقيم الإنسان به صلبه .
العذر الأول: أن القوم لم ينكروا أن الهودج خفيف لأنها كانت خفيفة ووزنها ليس وزنًا ضخمًا لأنهن كن يأكلن اليسير من الطعام , أضف إلي ذلك أن مجموعة هي التي حملت الهودج ، لو أن واحداً فقط حمله لعله انتبه لكن مجموعة تحمل الهودج ما يحس أحدهم في المجموع بثقل هذا الهودج أو خفته .
العذر الثاني : تقول السيدة عائشة: " وكنت جارية حديثة السن " . كان لها يوم حدثت هذه الحادثة أقل من خمسة عشر عامًا ، لأن النبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - عقد عليها وهي ابنة ست سنين وبنا بها وهي ابنة تسع ،.
اعتراض والجواب عليه : وبعض الجهلة يقول: كيف يبني ببنت تسع سنين ؟! ونقول: إن بلوغ النساء في المناطق الحارة يكون سريعًا ، وأنت قد تري الفتاة الصغيرة التي لم تخرج من المرحلة الابتدائية وقد خرج صدرها ، وحاضت ، وصارت آهلًا للزواج ، وهذا ليس بكثير جدًا إنما هو موجود ، وتجد في المناطق الباردة قد تصل البنت إلي عشرين سنة ولم تحض بعد وهذه ظاهرة يلمسها كل أحد فقول القائل: كيف يدخل بطفلة صغيرة سنها تسع سنوات ؟! إنما أوتي من جهله


ومن يكن ذا فم مرٍ مريضٍ
يجد مر به الماء الزلال
فالنبي - صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - عقد عليها وهي ابنة ست ، ولم تكن حاضت بعد ثم بنا بها سنة اثنتين من الهجرة بعدما وصلت لتسع سنين . فكان لها يوم وقعت هذه الحادثة في غزوة بني المصطلق أقل من خمسة عشر عامًا . فصغر سنها مع ضعف أكلها كل هذا أنتج خفة الوزن التي لم يلاحظها أولئك الذين احتملوا الهودج فهي تعتذر عنهم . فلما حملوا الهودج ووضعوه واستنفروا البعير ومشوا مع الناس ، وهم يظنون أن عائشة - رضي الله عنها - في داخل الهودج .
يتبع إن شاء الله...


الدروس المستفادة من حادثة الإفك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الدروس المستفادة من حادثة الإفك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مائة فائدة من حادثة الإفك
» المبحث الثالث عشر الدروس المستفادة
» ماهي الدروس المستفادة من تحويل القبلة؟
» حديث أم معبد في حادثة الهجرة
» الهجرة ومقدماتها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: إلا رســـول الله صلى الله عليه وسلم :: السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها)-
انتقل الى: