أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الثواب العظيم في السعي على الأرملة والمسكين وكفالة اليتيم الجمعة 06 أكتوبر 2023, 3:47 pm | |
| الثواب العظيم في السعي على الأرملة والمسكين وكفالة اليتيم(مَنْ كان في حاجة أخيه كان اللهُ في حاجته).بـقلـــم: أبي أنس مَاجد إسلام البنكاني
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴿102﴾ (1). أمَّا بعد رَغَّبَ الشارعُ الحكيم في السَّعي على الأرملة والمسكين وما فيهما من الأجر العظيم، وكذلك ما في كفالة اليتيم من الثواب الجزيل ومرافقة نبيّنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
قال الله تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم) (2).
وقال الله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجارالجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل) (3).
قال القرطبي رحمه الله تعالى: أمرنا بالإحسان إلى المساكين وهم الذين أسكنتهم الحاجة وأذلتهم، وهذا يتضمن الحض على الصدقة والمؤاساة وتفقد أحوال المساكين والضعفاء (4).
وقال تعالى: (ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والبنيين وآتى المال على حُبه ذوي القربى واليتامى والمساكين) الآية (5).
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى: فالبر بهذا المعنى يدخل فيه جميع الطاعات الباطنة كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والطاعات الظاهرة كإنفاق الأموال فيما يحبه الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والوفاء بالعهد والصبر على الأقدار كالمرض والفقر وعلى الطاعات كالصبر على لقاء العدو (6).
فعلينا أن نسعى على الأرامل والمساكين، ونكفل اليتيم، ونرحمه، ونشفق عليه، ونمسح على رأسه، ونرغب في ذلك طلبا لرضا الله عز وجل ومرافقة لنبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة.
واليتامى: جمع يتيم وهو الذي مات أبوه قبل بلوغه، وقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى اليتامى، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم حث عليه في عدة أحاديث، ووجه ذلك: أن اليتيم قد انكسر قلبه بفقد أبيه فهو في حاجة إلى العناية والرفق، والإحسان إلى اليتامى يكون بحسب الحال.
والمساكين: هم الفقراء وهو هنا شامل للمسكين والفقير (7). * * * * * ثواب الساعي على الأرملة و المسكين السعي على الأرملة والمسكين واليتيم، والإنفاق عليهم، والقيام على أمورهم كالمجهاد في سبيل الله، وكالقائم والصائم.
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم الذي لا يُفطر" (8).
الأرملة: المرأة التي مات عنها زوجها. القائم: في الصلاة مجتهداً. لا يفتر: لا يذهب فينقطع عن ملازمة العبادة. والساعي عليهم: هو القائم بأمورهم ومصالحهم ابتغاء وجه الله تعالى وفقنا لله لذلك بمنه و كرامه أنه جواد كريم رؤوف غفور رحيم.
قال النووي: المراد بالساعي الكاسب لهما العامل لمؤنتهما، والأرملة من لا زوج لها سواء تزوجت قبل ذلك أم لا، وقيل التي فارقها زوجها، قال بن قتيبة: سمعت أرملة لما يحصل لها من الأرمال وهو الفقر وذهاب الزاد بتفقد الزوج (9). * * * * * ثواب مَنْ قضى حوائج إخوانه المسلمين الحوائج: ما يحتاجه الإنسان ليكمل به أموره.
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، مَنْ كان في حاجةِ أخيه كان اللهُ في حاجته، ومَنْ فَرَّجّ عن مسلم كُربة فَرَّجَ اللهُ عنه كُربة من كُرب يوم القيامة، ومَنْ ستر مُسلماً ستره اللهُ يوم القيامة" (10).
لا يظلمه: يعني لا يظلمه بأي نوع من الظلم. ولا يسلمه: أي لا يسلمه لمن يظلمه فهو يدافع عنه ويحميه من شره.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من نَفَّسَ عن مؤمن كُربة من كُرب الدنيا نَفَّسَ اللهُ عنه كُربة من كُرب يوم القيامة، ومَنْ يَسَّرَ على مُعْسرٍ يَسَّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرة، ومَنْ سَتَرَ مُسلماً سَتَرَهُ اللهُ في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد مادام العبدُ في عون أخيه، ومَنْ سلك طريقاً يلتمس فيه عِلْمَاً سَهَّلَ اللهُ له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السَّكينة وغشيتهم الرَّحمة وحفَّتهم الملائكة وذكرهم اللهُ فيمَنْ عنده ومَنْ بطأ به عملهُ لم يُسْرِعْ به نَسَبُهُ" (11).
نَفَّسَ: أزال وفرًّج. يَسَّرَ على مُعْسِرٍ: بالإبراء أن تصدق عليه أو بالانظار إلى ميسرة. يلتمس: يطلب. يتدارسونه: يتلونه ويتعلمونه. بطأ: قصر.
إعانة المحتاج، وتفريج عنه الكروب قربة إلى الله، وسبب في رحمة الله لعبده يوم القيامة.
وإعانة العبد لأخيه المسلم سبب في عون الله للعبد.
وعن أبي موسى -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "على كل مسلم صدقة، قال: قيل: أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعتمل بيديه فينفع ويتصدَّق، قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يُعين ذا الحاجة الملهوف، قال: قيل له أرأيت إن لم يجد؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير، قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يُمسك عن الشر فإنها صدقة" (12).
"ذا الحاجة الملهوف" يطلق على المتعسر وعلى المضطر وعلى المظلوم. "يعدل بين الإثنين": أي يصلح بينهما بالعدل.
وعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من يكن في حاجة أخيه يكن الله في حاجته" (13).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجته أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومَنْ كَفَّ غضبه ستر الله عورته، ومَنْ كظم غيظاً ولو شاء أن يُمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضىً يوم القيامة، ومَنْ مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وأن سوء الخلق ليُفسد العمل كما يُفسد الخل العسل" (14).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دعوا الناس فليصب بعضهم من بعض فإذا استنصح رجلٌ أخاه فلينصح له" (15).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم باصطناع المعروف فإنه يمنع مصارع السوء، وعليكم بصدقة السر فإنها تطفئ غضب الرب عز و جل" (16).
وفي رواية: "فعل المعروف يقي مصارع السوء" (17).
وقد حذَّر الشرعُ الحكيم من البخل ومنع الخير عن الغير وعدم مساعدتهم: قال الله تعالى: ((أرأيت الذي يكذب بالدين، فذلك الذي يدع اليتيم، ولا يحض على طعام المسكين)) (18).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله تعالى أقواما يختصهم بالنعم لمنافع العباد ويقرها فيهم مابذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم" (19).
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: والمنافع التي يجب بذلها نوعان: 1- منها ما هو حق المال كما ذكرنا في الخيل والإبل والحلي 2- ومنها ما يجب لحاجة الناس.
وأيضاً فإن بذل منافع البدن تجب عند الحاجة كتعليم العلم وإفتاء الناس وأداء الشهادة والحكم بينهم وأداء الشهادة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من منافع الأبدان، وكذلك من أمكنه إنجاء إنسان من مهلكة وجب عليه أن يخلصه فإن ترك ذلك مع قدرته عليه أثم وضمنه، فلا يمتنع وجوب بذل منافع الأموال للمحتاج... اهـ (20). * * * * *
|
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الثواب العظيم في السعي على الأرملة والمسكين وكفالة اليتيم الجمعة 06 أكتوبر 2023, 3:47 pm | |
| ثواب إدخال السرور على المؤمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سروراً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطعمه خبزاً" (21).
وعن عبدالله بن أبي قتادة: أن أبا قتادة طلب غريماً له فتوارى عنه ثم وجده، فقال إني مُعْسِرٌ فقال آلله؟ قال ألله، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ سَرَّهُ أن يُنجيه اللهُ من كُرُبِ يوم القيامة فليُنَفِّسْ عن مُعْسِرٍ أو يَضَعُ عَنْهُ" (22).
مَنْ سَرَّهُ: أفرحه وأدخل على نفسه السرور. كرب: جمع كربة وهي الغم الذي يأخذ بالنفس. فلينفس: أي يمد ويؤخر المطالبة وقيل معناه يفرج عنه.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أفضل العمل إدخال السرور على المؤمن تقضي عنه ديناً تقضي له حاجة تنفس له كربة" (23).
وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، أن مكاتباً جاءه فقال: إني عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو كان عليك مثل جبل صبر ديناً أداه الله عنك؟ قل: "اللهم أكفني بحلالك عن حرامك وأغنني من فضلك عمن سواك" (24).
وعن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أول مَنْ لقينا أبا اليُسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غلام له معه ضمامة من صحف، وعلى أبي اليسر بردة ومعافري، وعلى غلامه بردة ومعافري، فقال له أبي: يا عم إني أرى في وجهك سفعة من غضب، قال أجل كان لي على فلان بن فلان الحرامي مالٌ فأتيتُ أهله فسلمت فقلت ثم هو؟ قالوا لا فخرج علي ابن له جفر فقلت له أين أبوك؟ قال سمع صوتك فدخل أريكة أمي، فقلت اخرج إلي فقد علمت أين أنت، فخرج فقلت ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك خشيت والله أن أحدثك فأكذبك وأن أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت والله مُعسراً، قال قلت آلله قال الله قلت آلله قال الله قلت آلله قال الله، قال فأتى بصحيفته فمحاها بيده فقال إن وجدت قضاء فاقضني وإلا أنت في حل، فأشهد بصر عيني هاتين (ووضع إصبعيه على عينيه) وسمع أذني هاتين ووعاه قلبي هذا (وأشار إلى مناط قلبه) رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "مَنْ أنظر مُعْسِراً أو وضع عنه أظَلَّهُ اللهُ في ظِلِّهِ" (25).
أبا اليسر: اسمه كعب بن عمرو شهد العقبة وبدراً وهو ابن عشرين سنة وهو آخر من توفي من أهل بدر رضي الله عنهم توفي بالمدينة سنة خمس وخمسين. ضمامة من صحف: بكسر الضاد المعجمة أي رزمة يضم بعضها إلى بعض. بردة: البردة شملة مخططة وقيل كساء مربع فيه صغر يلبسه الأعراب وجمعه برد. ومعافري: نوع من الثياب يعمل بقرية تسمى معافر وقيل هي نسبة إلى قبيلة نزلت تلك القرية والميم فيه زائدة. سفعة من غضب: هي بفتح السين المهملة وضمها لغتان أي علامة وتغير. جفر: الجفر هو الذي قارب البلوغ وقيل، هو الذي قوي على الأكل وقيل ابن خمس سنين. أريكة أمي: قال ثعلب هي السرير الذي في الحجلة ولا يكون السرير المفرد وقال الأزهري كل ما اتكأت عليه فهو أريكة. مناط قلبه: هو بفتح الميم وفي بعض النسخ المعتمدة نياط بكسر النون ومعناهما واحد وهو عرق معلق بالقلب (26).
قوله: "من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله" أنه لما جعله في ظل الإنظار والصبر ونجاه من حر المطالبة وحرارة تكلف الأداء مع عسرته وعجز نجاه الله تعالى من حر الشمس يوم القيامة إلى ظل العرش (27). * * * * * ثواب كفالة اليتيم والنفقة عليه قال الله تعالى: (ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والبنيين وآتى المال على حُبه ذوي القربى واليتامى والمساكين) الآية (28).
وقال تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خيرٍ فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خيرٍ فإن الله به عليم) (29).
وقال تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً) (30).
أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نكفل اليتيم ونرحمه ونشفق عليه، ونسعى على الأرامل والمساكين، ونمسح رأس اليتيم، ونرغب جميع أصحابنا في ذلك طلبا لرضا الله عز وجل ومرافقة لنبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة، ويتعين العمل بهذا العهد على كل من ربى يتيما لأنه ذاق ذل اليتم وعرف مقدار كسر خاطر اليتيم (31).
اليتيم: حَدُّهُ البُلوغ، فإذا بلغ اليتيم زال عنه اليُتم هذا إن مات أبوه وأمَّا إذا ماتت أمُّهُ دون أبيه فإنه ليس بيتيم.
وقد امتن الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بقوله ألم يجدك يتيمًا فآوى إلى آخر النَّسق فنهاهُ عن قهر اليتيم ونهر السائل لذوقه ذلك وأمره بالتحدث بالنعمة (32).
وقال تعالى: {فأما اليتيم فلا تقهر} أي كما كنت يتيما فآواك الله فلا تقهر اليتيم أي لا تذله وتنهره وتهنه ولكن أحسن إليه وتلطف به قال قتادة: كن لليتيم كالأب الرحيم {وأما السائل فلا تنهر} أي وكما كنت ضالا فهداك الله فلا تنهر السائل في العلم المسترشد (33).
وعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما (34).
كافل اليتيم: القائم بأموره من نفقة وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة" وأشار مالك بالسبابة والوسطى (35).
قوله: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" أي متقاربين فيها اقتراناً مثل اقتران هاتين الأصبعين، قال الطيبي: وهذا عام في كل يتيم قريباً أو غيره (36).
وقوله: (له أو لغيره): يعني سواء كان اليتيم قريباً منه كالأم تكفل ولدها اليتيم أو الجد أو الجدة أو الأخ أو كان أجنبياً منه لا قرابة بينه وبينه فإن كل واحد من هؤلاء يحوز هذا الأجر العظيم.
السبابة: من الأصابع هي التي تلي الإبهام وكانت في الجاهلية تُدعى بالسَّبَّابَة لأنهم كانوا يَسُبُّونَ بها فلمَّا جاء الله بالإسلام كرهوا هذا الإسم فسَمُّوهَا المُشِيرَة لأنهم كانوا يُشيرُون بها إلى الله في التوحيد.
وتُسَمَّى أيضاً بالسَّبَّاحَة جاء تسميتها بذلك في حديث وائل بن حجر وغيره ولكن اللغة سارت بما كانت تعرفه في الجاهلية فغلبت (37).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خيرُ بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُحْسَنُ إليه وشَرُّ بيتٍ في المُسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُسَاءُ إليه" (38).
عن مالك بن الحويرث أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ ضَمَّ يتيماً بين أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة ومَنْ أعتق امرءً مسلماً كان فكاكه من النار يجزئ بكل عضوٍ منه عضواً منه" (39). * * * * * ثواب مَنْ مَسَحَ على رأس يتيم رحمةً له وشفقة عليه: مَنْ أراد أن يلين قلبُه، أو تُقضى حاجته فعليه بمسح رأس يتيم، أو يُطعمه من طعامه.
فعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلٌ يشكو قَسوة قلبِهِ، قال: "أتحب أن يلين قلبُك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يَلِنْ قلبُك، وتدرك حاجتك" (40).
وعن أبي أمامة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ مَسَحَ على رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له في كل شعرةٍ مَرَّتْ عليها يده حسنات، ومَنْ أحسن إلى يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين" وفرَّق بين أصبعيه السبابة والوسطى" (41).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رجلاً شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قسوة قلبه فقال: "امسح رأس يتيم وأطعم المسكين" (42).
وأخيراً نقول للقارئ الكريم: أن رسول الله صلى الله وسلم هو القدوة الحسنة لنا في كل خير، ففيه من الصفات الفاضلة، والأخلاق، والشيم، حيث قالت له خديجة رضي الله عنها: "أبشر كلا والله لا يُخزيك اللهُ أبداً، إنك لتصل الرَّحم، وتصدُقُ الحديث، وتحمل الكل، وتُعينُ على نوائب الدَّهر".
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: استدلت بما فيه من الصفات الفاضلة والأخلاق والشيم على أن من كان كذلك لا يخزى أبدا، فعلمت بكمال عقلها وفطرتها أن الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة والشيم الشريفة تناسب أشكالها من كرامة الله وتأييده وإحسانه ولا تناسب الخزي والخذلان وإنما يناسبه أضدادها فمن ركبه الله على أحسن الصفات وأحسن الأخلاق والأعمال إنما يليق به كرامته وإتمام نعمته عليه ومن ركبه على أقبح الصفات وأسوأ الأخلاق والأعمال إنما يليق به ما يناسبها. اهـ. زاد المعاد (3/17).
فمن مكارم الأخلاق الإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل: فالإحسان إليهم مما أمر به الشرع في آيات متعددة من القرآن وجعل لهم حقوقاً خاصة في الفيء وغيره.
ووجه الإحسان إليهم أن الفقراء أسكنهم وأضعفهم وكسر قلوبهم فكان من محاسن الإسلام ومكارم الأخلاق أن نحسن إليهم جبراً لما حصل لهم من النقص والانكسار.
والإحسان إلى المساكين يكون بحسب الحال: فإذا كان محتاجاً إلى طعام فالإحسان إليه بأن تطعمه وإذا كان محتاجاً إلى كسوة فالإحسان إليه بأن تكسوه ويكون أيضاً بأن توليه اعتباراً فإذا دخل المجلس ترحب به وتقدمه لأجل أن ترفع معنويته. فمن أجل النقص الذي قدره الله عز وجل عليه بحكمته أمرنا عز وجل أن نحسن إليهم.
هذا والله أعلم وهو سبحانه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
وبهذا تَمَّ الكتاب، ولله الحمد والمنَّة،
فهذا هو جهدنا وهو جُهدُ المُقِلِّ، وهذه مقدرتُنا، فنسألُ الله العظيمَ أنْ ينفعَ بِه المسلمينَ، وأن يكونَ زاداً يَتزوّدون بهِ في يومِ الدين وأن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعنا به (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء: 88-89).
اللهم آمين.
وآخرُ دَعْوانا أنِ الحَمْدُ لله رَبِّ العالمينَ.
والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمُرسلين محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبِه أَجْمَعينَ.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وكتب ماجد بن خنجر البنكاني أبو أنس العراقي 21/2/1432هـ. 25/1/2011 |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الثواب العظيم في السعي على الأرملة والمسكين وكفالة اليتيم الجمعة 06 أكتوبر 2023, 5:12 pm | |
| الهـــــــــــــــوامـــــــــــــــش 1. سورة آل عمران. 2. سورة البقرة الآية (215). 3. سورة النساء الآية (36). 4. تفسير القرطبي (2/16). 5. سورة البقرة آية (177). 6. جامع العلوم والحكم (1/252). 7. العهود المكية (1/188). 8. أخرجه البخاري في كتاب النفقات برقم (5353)، وفي الأدب برقم (606 و607)، ومسلم في كتاب الزهد برقم (7393). 9. تحفة الأحوذي (6/88). 10. أخرجه البخاري في كتاب المظالم برقم (2442)، ومسلم في كتاب البر والصلة برقم(2580). 11. رواه مسلم برقم (2699)، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر. 12. رواه البخاري في كتاب الأدب برقم (6022)، ومسلم في الذكر والدعاء برقم (6868). 13. صحيح الجامع (6495). 14. رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج، والطبراني في "الكبير" عن ابن عمر ، السلسلة الصحيحة (906). 15. خرجه أحمد عن أبي عوانه وغيره ، السلسلة الصحيحة (1855). 16. صحيح الجامع حديث رقم (4052).. 17. صحيح الجامع حديث رقم (4226).. 18. سورة الماعون آية (1-3). 19. صحيح الجامع حديث رقم (2164). 20. الطرق الحكمية (1/377). 21. رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج، والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه، وابن عدي عن ابن عمر، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1096)، والصحيحة برقم (2715). 22. أخرجه مسلم برقم (1563) . 23. رواه البيهقي في شعب الإيمان، صحيح الجامع (5773). 24. صحيح الترمذي برقم (2822)، السلسلة الصحيحة برقم (266)، وصحيح الجامع برقم (2625)، والكلم الطيب برقم (144). 25. أخرجه مسلم برقم (3006)، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر.. 26. شرح محمد فؤاد عبدالباقي في تعليقه على مسلم. 27. الوابل الصيب (1/49). 28. سورة البقرة آية (177). 29. سورة البقرة الآية (215). 30. سورة الإنسان (8-9). 31. العهود المكية (1/188). 32. العهود المكية (1/188). 33. تفسير ابن كثير (4/674). 34. رواه البخاري في كتاب الأدب برقم (6005) 35. رواه مسلم في كتاب الزهد والرقاق برقم (2983). 36. فيض القدير (3/484). 37. تفسير القرطبي (2/16). 38. رواه ابن ماجه في كتاب الأدب باب حق اليتيم برقم (3679). 39. رواه أحمد ، وصححه الألباني في الترغيب برقم (1895). 40. رواه الطبراني من رواية بقية، وفيه راوٍ لم يُسَّم، وحسنه الألباني في الترغيب برقم (2544). 41. رواه أحمد في المسند (5/250، 565)مع بعض الاختلافات في الألفاظ ، المشكاة (4974). 42. رواه أحمد في المسند (2/263) ورجاله رجال الصحيح، وقال في مجمع الزوائد (8/160): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح: وحسنه الألباني في الترغيب برقم (2545). |
|