مفهوم اليُتم في الإسلام
مفهوم اليُتم في الإسلام Ocia_971
اليتم في اللغة هو الانفراد، واليتيم من بني آدم من فقد أباه وهو صغير لم يبلغ الحلم ذكراً كان أو أنثى. واليتيم من البهائم من فقد أمه.

واليتم عادة ملازم للضعف والفقر، فالصغير ضعيف لا يملك شيئاً، ولا يحسن التصرف، وليس له تجربة ومعرفة بالحياة.

ومتى بلغ الرشد -وهو حسن التصرف في المال لو كان له مال- فقد زال عنه اليتم شرعاً، كما في حديث علي بن أبي طالب عند أبي داود “لا يُتْمَ بعد الاحتلام، ولا صمات يوم إلى الليل“.

وقد يُسَمَّى البالغ الرشيد (يتيماً) مجازاً باعتبار ما كان.

كما قال والد خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: “أنا أزوج يتيم أبي طالب” يعني أن الرسول لَمَّا مات أبوه وهو صغير كفله عمه أبو طالب، فنسب اليُتم إليه، وامتنَّ اللهُ عليه بأن آواه بعد أن فقد أبويه، فكفله جده عبد المطلب ثم عمُّه أبو طالب، قال تعالى: “ألم يجدك يتيماً فآوى” وقال تعالى: “وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورُباع…” وفي حديث أبي هريرة عند أبي داود والترمذي والنسائي “تُستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت -وفي رواية- إن بكت فهو إذنها..” وفي مسند أحمد عن ابن عباس: (الأيم أولى بأمرها، واليتيمة تُستأمر في نفسها، وأذنها صماتها” ومعلوم أنها لا تبلغ سن النكاح إلا وقد زال عنها اليُتم الحقيقي من حيث الأصل، ولكن سُمِّيَتْ يتيمة على طريقة المجاز، باعتبار أنها كانت يتيمة من قبل.

فنخلص من ذلك أن اليُتم يُطلق على مَنْ فقد أباه ولم يبلغ الحُلُم -الرُّشد- ويُطلق مجازاً على الكبير الذي مَرَّ باليُتم في صغره وكلا المعنيين: (الحقيقي) و(المجازي) مستعملان في الشرع، فقد وردا في كثير من النصوص.

أمَّا حديث سهل بن سعد المتفق عليه: ”أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين. وفرَّق بين إصبعيه السبابة والوسطى”.

وفي حديث جابر بن عبد الله عند الطبراني في الصغير: “قلت يا رسول الله مِمَّ أضرب منه يتيمى قال: مِمَّ كنت ضارباً ولدك غير واق مالك بماله حتى يستغني عنه” قال الحافظ ابن حجر: (فيُستفاد منه أن للكفالة المذكورة أمداً).

وكفالة اليتيم المُرِتَّب لها هذا الأجر العظيم هي كفالة اليتيم غير البالغ باعتبار الحقيقة اللغوية، واليتيم البالغ إذا كان لم يكن له مال يكفيه، وليس له وَلِيٌ يقوم برعايته فهما حينئذٍ يستحقان الكفالة لفقرهما (حقيقة) أو ليُتمهما (مجازاً)، باعتبار ما كان عليه قبل بلوغهما.

ولهذا فإننا نرى أن يحرص المسلم على كفالة الأيتام وخصوصاً اليتيم الحقيقي، وهو الصغير الذي لم يبلغ، ثم البالغ الفقير.

ومتى ما وجدا ما يكفيهما من مال أو صنعة تُدِرُّ عليهما فلتُقطع عنهما الكفالة، وتُصرف إلى يتيم آخر أحوج منهما.