منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 رحلة الطائف عبر ولطائف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

رحلة الطائف عبر ولطائف Empty
مُساهمةموضوع: رحلة الطائف عبر ولطائف   رحلة الطائف عبر ولطائف Emptyالسبت 22 يوليو 2023, 9:13 pm

رحلة الطائف عبر ولطائف
رحلة الطائف عبر ولطائف Ocia_791
إن رحلة الطائف رغم ما فيها من أحداث مؤلمة من إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنها تركت لنا دروسًا هامة، ينبغي على المسلم عامة، والمربي والداعية خاصة؛ الوقوف معها والعمل بها، فرسول الله صلى الله عليه وسلم واصل دعوته إلى الله بصبر وثبات، وحكمة ورحمة؛ فكانت النتيجة النصر من الله، والفتح المبين الذي نعيش في ظلاله، وننعم بنوره إلى يومنا هذا، وإلى يوم الدين.
 
الطبيعة النفسية لأهل الطائف:
الطائف في الجزيرة من أفضل الأماكن جوًا، يحبها الأثرياء ويعيشون فيها؛ لما بها من ماء وخير وهواء عليل، وبساتين وخضرة على غير ما تتميز به سائر الصحراء.

ولعل هذه الطبيعة أثرت على أخلاقهم، فهذا عثمان بن عفان من أهل الطائف، رقيق الطبع، سمح النفس، لطيف الطباع، شديد الحياء، جميل الهيئة والملبس.

ولكون الطائف من الحضر، فقد كانت لها آدابها، على عكس أهل البادية المعروف عنهم صلابة الطباع، والشدة الظاهرة؛ بحكم البيئة القاسية التي يعيشون فيها(1).

سبب اختيار النبي صلى الله عليه وسلم الطائف:
كانت الطائف تمثل العمق الاستراتيجي لملأ قريش؛ بل كانت لقريش أطماع في الطائف، ولقد حاولت في الماضي أن تضم الطائف إليها، ووثبت على وادي (وج)، وذلك لما فيه من الشجر والزرع، حتى خافتهم ثقيف وحالفتهم, وأدخلت معهم بني دوس(2).

فإذا اتجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فذلك توجه مدروس، وإذا استطاع أن يجد له فيها موضع قدم, وعصبة تناصره فإن ذلك سيفزع قريشًا، ويهدد أمنها ومصالحها الاقتصادية تهديدًا مباشرًا؛ بل قد يؤدي لتطويقها وعزلها عن الخارج، وهذا التحرك الدعوي السياسي الاستراتيجي, الذي يقوم به الرسول صلى الله عليه وسلم، يدل على حرصه في الأخذ بالأسباب لإيجاد دولة مسلمة أو قوة جديدة, تطرح نفسها داخل حلبة الصراع؛ لأن الدولة، أو إيجاد القوة التي لها وجودها, من الوسائل المهمة في تبليغ دعوة الله إلى الناس(3).

نعم لقد كان اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم للطائف لتكون فاتحة رحلاته الدعوية خارج مكة؛ كان اختيارًا في غاية الذكاء الاستراتيجي، على الرغم من ضعف مردود ونتائج تلك الرحلة.

وذلك لعدة أسباب، منها:
1- العداء التاريخي بين قريش والطائف، بسبب محاولات قريش المتكررة في ضم الطائف إلى مكة، حيث كانت تمثل عمقًا استراتيجيًا جغرافيًا لمكة، واستولت قريش على وادي (وج) الغني بأشجاره ومزارعه وضمته إلى مكة، ولذلك اعتبر الشافعي في مذهبه أن ذلك الوادي من ضمن البلد الحرام، والراجح غير ذلك.

العداء التاريخي دفع أهل الطائف لأن يرسلوا مع أبرهة أحد مواليهم، وهو أبو رغال، ليكون دليلًا لأصحاب الفيل في الحادثة الشهيرة.

لذلك حاول الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستغل هذا الخلاف في التماس تأييد أهل الطائف له ضد قريش، التي اضطهدته وعادته وظلمته ونكلت به وبأتباعه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم منذ أن بدأ بالجهر في دعوته، وهو يعرض نفسه على قبائل العرب في كل موسم للحج، ويشرح لهم عدالة قضيته، ومدى ظلم قريش له واضطهادهم له؛ لذلك لم يكن مستغربًا أن يفعل الشيء نفسه مع أهل الطائف.

2- وجود علاقات اقتصادية قوية ومتشابكة لكبار مجرمي قريش المحاربين للدعوة في الطائف، فقد كان كثير من يملكون الضياع والمزارع والبساتين في الطائف، خاصة بني مخزوم وبني عبد شمس، فلو نجح الرسول صلى الله عليه وسلم في رحلته إلى الطائف في استقطاب أهلها وضمهم للإسلام؛ فيكون ذلك نجاحًا استراتيجيًا كبيرًا يضغط به على مشركي قريش.

3- قرب الطائف من مكة؛ فهي أقرب بلد إلى مكة، والتحرك الواعي في الدعوة يقتضي البدء بالأقرب فالأقرب، كما هو الحال في مقاتلة أعداء الدعوة، البدء بالذين يلون المسلمين، ثم الذين يلونهم، وهكذا(4).

نطرة تاريخية:
قال ابن إسحاق: «ولما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تنال منه في حياة عمه أبي طالب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف، والمنعة بهم من قومه، ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عز وجل، فخرج إليهم وحده.

لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف، هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم، وهم إخوة ثلاثة: عبد ياليل بن عمرو بن عمير، ومسعود بن عمرو بن عمير، وحبيب بن عمرو بن عمير، وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح، فجلس إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاهم إلى الله، وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام، والقيام معه على من خالفه من قومه، فقال له أحدهم: هو يمرط (يمزق) ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك، وقال الآخر: أما وجد الله أحدًا يرسله غيرك! وقال الثالث: والله لا أكلمك أبدًا، لئن كنت رسولًا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك.

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خبر ثقيف، وقد قال لهم، فيما ذكر لي: «إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني»، وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه عنه، فيذئرهم (يجرئهم) ذلك عليه».

قال ابن هشام: «قال عبيد بن الأبرص:
ولقـــــد أتاني عن تميم أنهم
ذئروا لقتلى عامر وتعصبوا


فلم يفعلوا، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، وألجئوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وهما فيه، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فعمد إلى ظل حبلة (شجرة) من عنب، فجلس فيه، وابنا ربيعة ينظران إليه، ويريان ما لقي من سفهاء أهل الطائف، وقد لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما ذكر لي، المرأة التي من بني جمح، فقال لها: ماذا لقينا من أحمائك (أقارب الزوج)؟ لما توفي أبو طالب، اجترأت قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونالت منه.

فخرج إلى الطائف ومعه زيد بن حارثة، وذلك في ليال بقين من شوال سنة عشر من حين نبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقام بالطائف عشرة أيام لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، ومحمد دعاهم إلى الإسلام أخوة ثلاثة، وهم سادة ثقيف وأشرافهم، وهم عبد ياليل، ومسعود وحبيب بنو عمرو بن عمير بن عوف.

فجلس إليهم فدعاهم إلى الله، وكلمهم لما جاءهم له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه، فقال أحدهم: هو [يعني نفسه] يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك، وقال الآخر: أما وجد الله أحدًا أرسله غيرك؟ وقال الثالث: والله، لا أكلمك أبدًا، لئن كنت رسولًا من الله، كما تقول، لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك»(5).

لطائف تربوية وإشارات دعوية:
1- الرحمة مع الخصوم:
أظهرت رحلة الطائف، بصورة عملية، معاني الرحمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن آذاه، إذ كان بوسعه أن ينتقم من السفهاء الذين آذوه، ومن زعمائهم الذين أغروا به، وسلطوا عليه صبيانهم وسفهاءهم، فقد سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلة: «يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟»، فقال صلى الله عليه وسلم: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كُلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب (ميقات أهل نجد)، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، ولقد أرسل إليك ملَك الجبال لتأمره بما شئت، فناداني ملك الجبال وسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملَك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت؟، إن شئتَ أن أُطبق عليهم الأخشبين (الجبلين)»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا»(6).

لقد كانت إصابة النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد أبلغ من الناحية الجسدية، أما من الناحية النفسية فإن إصابته يوم الطائف أبلغ وأشد، ومع ذلك رفض إهلاك من آذاه، فقد كانت نظرة النبي صلى الله عليه وسلم نظرة مستقبلية، فيها رحمة لأعدائه ومن آذاه؛ بل وأمل في هدايتهم، فأهل الطائف يؤذونه، ويدفعون أنفسهم في النار، والرسول صلى الله عليه وسلم حريص عليهم، رحيم بهم، قائلًا: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا، وصدق الله العظيم الذي قال عنه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].

وهذا الموقف مع ما فيه من درس عملي في رحمة الداعية وشفقته بالمدعو، وعدم تعجل نزول العقاب بمن لا يستجيب لدعوته، فيه أيضًا دلالة على نبوته صلى الله عليه وسلم، فقد تحقق بالفعل ما أخبر به من إسلام أبناء المشركين فيما بعد حين قال: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا».

2- التركيز على مركز السلطة وموضع القرار السياسي:
عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف اتجه مباشرة إلى مركز السلطة وموضع القرار السياسي في الطائف، هذا ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم غافلًا عن هذه الشبكة من العلاقات والمعاهدات, وهو يتجه إلى الطائف؛ بل كان يعرف أن الطائف لم تكن توجد بها سلطة مركزية واحدة، وإنما يقتسم السلطة فيها بطنان من بطون العرب، بموجب اتفاقية داخلية، وأن أيًا منهما كان يدور في فلك قبيلة خارجية أقوى، فإذا استطاع أن يستميل إليه أيًا منهما فسوف يكون لذلك أثر كبير في ميزان القوى السياسية، هذا على وجه العموم.

أما إذا استطاع على وجه الخصوص أن يستميل إليه الأحلاف، وهو المعسكر المتحالف مع قريش، فإن خطته تكون قد بلغت تمامها، وهو أمر غير مستحيل، فهو يعلم أن مودة هذا المعسكر لقريش لا تقوم على القناعة المذهبية أو الولاء الديني بقدر ما تقوم على أساس التخوف من قريش، وعلى هذا التقدير للوضع السياسي اتجه الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة، حينما دخل الطائف، إلى بني عمرو بن عمير الذين يترأسون الأحلاف، ويرتبطون بقريش، ولم يذهب إلى بني مالك الذين يتحالفون مع هوازن(7)، ولكنه عمد إلى ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف، وهم عبد ياليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو بن عمير الثقفي، فجلس إليهم، ودعاهم إلى الله وإلى نصرة الإسلام(8).

3- السِّرّية وأخذ الحيطة والحذر:
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يود أن تتم اتصالاته تلك في جو من السرية، وألا تنكشف تحركاته لقريش، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم كثيرًا بجوانب الحيطة والحذر.

ومن ذلك:
أ- خروجه من مكة على الأقدام: حتى لا تظن قريش أنه ينوي الخروج من مكة؛ لأنه لو خرج راكبًا فذلك مما يثير الشبهة والشكوك، وأنه ينوي الخروج والسفر إلى جهة ما؛ مما قد يعرضه للمنع من الخروج من مكة دون اعتراض من أحد.

ب- اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم زيدًا كي يرافقه في رحلته فيه جوانب أمنية: فزيد هو ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتبني، فإذا رآه معه أحد لا يثير ذلك أي نوع من الشك لقوة الصلة بينهما، كما أنه صلى الله عليه وسلم عرف زيدًا عن قرب, فعلم فيه الإخلاص والأمانة والصدق, فهو إذن مأمون الجانب فلا يفشي سرَّا، ويعتمد عليه في الصحبة، وهذا ما ظهر عندما كان يقي النبي صلى الله عليه وسلم الحجارة بنفسه، حتى أصيب بشجاج في رأسه.

ج- وعندما كان رد زعماء الطائف ردًا قبيحًا مشوبًا بالاستهزاء والسخرية: تحمله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يغضب أو يَثُر؛ بل طلب منهم أن يكتموا عنه، فهذا تصرف غاية في الحيطة، فإذا علمت قريش بهذا الاتصال فإنها لا تسخر منه فحسب؛ بل ربما شددت عليه في العذاب والاضطهاد، وحاولت رصد تحركاته داخل وخارج مكة(9).

4- التصميم الجازم في نفس الرسول صلى الله عليه وسلم على الاستمرار في دعوته

 وعدم اليأس من استجابة الناس لها، وبحث عن ميدان جديد للدعوة بعد أن قامت الحواجز دونها في ميدانها الأول.

5- طبيعة الشر واحدة:
في إغراء ثقيف صبيانها وسفهاءها بالرسول صلى الله عليه وسلم دليل على أن طبيعة الشر واحدة أينما كانت، وهي الاعتماد على السفهاء في إيذاء دعاة الخير(10).

6- يجب ألَّا تصدنا المحن والعقبات في طريق الدعوة الإسلامية عن السير:
وفي سيل الدماء من قدمي النبي صلى الله عليه وسلم أكبر مثل لما يتحمله الداعية في سبيل الله من أذى واضطهاد، أما دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في البستان، ذلك الدعاء الخالد، ففيه تأكيد لصدق الرسول في دعوته، وتصميم على الاستمرار فيها مهما قامت في وجهه الصعاب، وأنه لا يهمه إلا رضا الله وحده، فلا يهمه رضا الكبراء والزعماء، ولا رضا العامة والدهماء «إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي» كما أن فيه استمداد القوة من الله، باللجوء إليه والاستعانة به، عندما يشتد الأذى بالداعية، وفيه أن خوف الداعية كل الخوف هو من سخط الله عليه وغضبه، لا من سخط أي شيء سواه(11).

والفائدة التعليمية لنا في هذا الأمر هي ألَّا تصدنا المحن والعقبات، التي تكون في طريق الدعوة الإسلامية، عن السير، وألا تبث فينا روح الدعة والكسل, ما دمنا نسير على هدى من الإيمان بالله وتوفيقه، فمن استمد القوة من الله جدير بألا يعرف لليأس والكسل معنى, إذ ما دام هو الآمر, فلا شك أنه هو الناصر أيضًا.

وإنما يأتي التخاذل والكسل واليأس بسبب العقبات والمحن التي تعترض السبل والمبادئ الأخرى التي لم يأمر بها الله تعالى؛ إذ في مثل هذه الحال يركن العاملون إلى قوتهم الخاصة بهم وجهودهم التي يستقلون بها, ومعلوم أن كل ذلك محدود بنطاق بشرى معين, فمن الطبيعي أن ينقلب كل من القوة والتصميم، بسبب طول المعاناة والآلام والمحن, إلى يأس وتخاذل نظرًا لمقياس القوة البشرية(12).

7- الصبر على المُعارض:
إن صبر الرسول صلى الله عليه وسلم على معارضيه قد بلغ حدًا عظيمًا، فعلى الرغم مما واجهه به أهل الطائف، من سوء في المعاملة, إلا أنه لم يطلب من الله سبحانه وتعالى عقابهم؛ بل دعا الله عز وجل أن يهديهم، فاستجاب الله لدعائه، وذلك بدليل قدوم ثقيف عليه مسلمة بعد حصار الطائف ورجوعه إلى المدينة(13).

فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لقي ما لقي من المشاق في سبيل إقامة الدين؛ فمن باب أولى أن يلقى الدعاة أشد من ذلك، فعليهم أن يتهيئوا لذلك لأنه طريق الأنبياء والصالحين، ولأن حكمة الله اقتضت ألَّا ينتصر هذا الدين بدون عمل وجهد البشر(14).

لقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المحن والفتن، التي تنـزل بالداعي أثناء تبليغ دعوته، أعظم وأشد من القتال والإصابات والجراح وقتل الأقارب في ميادين الجهاد(15)، قال: «لقيت من قومكِ ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يالِيل بن عبد كُلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت، وأنا مهموم، على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقَرْنِ الثعالب»(16).

لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحدث البعد عن حظوظ النفس ورغباتها، ومحبة الانتصار لها، وعدم اليأس من هداية الناس مهما كان بعدهم عن الحق والخير(17).

8- إن دين الإسلام لا يتعلق بقوم ولا بوطن:
فقد رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب البقاع إليه، وهي مكة، إلى الطائف من أجل البحث عن محضن جديد لدعوته؛ حيث ردها أهل مكة(18).

في رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف بيان أن المسلم الداعي لا ينبغي له الركود في بقعة بعينها، سواء كانت البقعة فاضلة أو غير فاضلة إن لم يستطع أن يبلغ دينه ويقوم بدعوته، ولا ينبغي أن يتعذر بفضل المكان وشرفه؛ فإن البقاع لا تقدس أحدًا، إنما يقدس الإنسان عمله(19).

9- الداعية هو المسئول عن دعوته:
بَيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: «إذ عرضت نفسي...» أن الداعي مهما كان معه من الحق والخير، ومهما كانت منـزلته وفضله، ومهما ارتفع قدره وعظم إيمانه، ومهما كان صلاحه وعلو مكانته فهو المسئول عن دعوته، وعرض ما لديه من الخير على الناس، وطلب من ينصره ويؤازره ويؤويه، فلا ينتظر الناس أن يقدموا عليه أو يفتشوا عما لديه(20).

10- ما أعظم هذا الأمل:
«بل أرجو أن يُخرِج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا»؛ أيُّ بُعْدٍ عن العجلة، وأي صبر ينبغي أن يتحلى به الداعي إلى الله تعالى بعد ذلك، إنه انتظار ما في الأصلاب ليعبدوا الله لا يشركون به شيئًا، وما أكثر الذين يستبطئون النتائج، ويستعجلون حسناتهم في حياتهم الدنيا(21).

11- في وسط المحن منح:
أ- إسلام عداس:
قال: فلما رآه ابنا ربيعة، عتبة وشيبة، وما لقي، تحركت له رحمهما، فدعوا غلامًا لهما نصرانيًا، يقال له عداس، فقالا له: «خذ قطفًا من هذا العنب فضعه في هذا الطبق، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل، فقل له يأكل منه».

ففعل عداس، ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال له: «كل»، فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يده قال: «باسم الله»، ثم أكل، فنظر عداس في وجهه، ثم قال: «والله، إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد»، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس، وما دينك؟»، قال: نصراني، وأنا رجل من أهل نينوى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرية الرجل الصالح يونس بن متى»، فقال له عداس: «وما يدريك ما يونس بن متى؟»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذاك أخي، كان نبيًا وأنا نبي»، فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه.

قال: يقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه: «أما غلامك فقد أفسده عليك»، فلما جاءهما عداس قالا له: «ويلك يا عداس! ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟»، قال: «يا سيدي، ما في الأرض شيء خير من هذا، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي»، قالا له: «ويحك يا عداس، لا يصرفنك عن دينك، فإن دينك خير من دينه»(22).

ب- أمر الجن الذين استمعوا له وآمنوا به:
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الطائف راجعًا إلى مكة، حين يئس من خير ثقيف، حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي، فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى، وهم سبعة نفر من جن أهل نصيبين، فاستمعوا له، فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا، فقص الله خبرهم عليه صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الصافات:29]، إلى قوله تعالى: {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصافات:31]، وقال تبارك وتعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن:1]، إلى آخر القصة من خبرهم في هذه السورة.

كان هذا الفتح الرباني في مجال الدعوة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببطن نخلة عاجز عن دخول مكة، فهل يستطيع عتاة مكة وثقيف أن يأسروا هؤلاء المؤمنين من الجن، وينزلوا بهم ألوان التعذيب؟(23)، وعندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في جوار المطعم بن عدي كان يتلو على صحابته سورة الجن، فتتجاوب أفئدتهم خشوعًا وتأثرًا من روعة الفتح العظيم في عالم الدعوة، وارتفاع راياتها، فليسوا هم وحدهم في المعركة، هناك إخوانهم من الجن يخوضون معركة التوحيد مع الشرك(24).

لطف الله سبحانه وتعالى وتثبيته لعبده، وتطمين قلبه: فمع اشتداد الأحوال وضيق الأمور بالدعوة أيد الله نبيه وسلاه بإسلام الجن، الذين لبوا دعوته من مكان بعيد، والمعنى أنه لو تخلى عنه الإنس كلهم قيض الله له من الجن والملائكة من يؤمن به, وفي آيات الأحقاف: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ... وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ} [الأحقاف:29]، وهذا المكسب يشد الأزر، ويقوي النفس على النشاط في الدعوة وعدم اليأس أو الإحباط(25).

وحقًا كان هذا الحادث نصرًا آخر أمده الله من كنوز غيبه المكنون بجنوده التي لا يعلمها إلا هو، ثم إن الآيات التي نزلت بصدد هذا الحادث كانت في طيها بشارات بنجاح دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن أي قوة من قوات الكون لا تستطيع أن تحول بينها وبين نجاحها: {وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأحقاف:٣٢], {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا} [الجن:١٢].

أمام هذه النصرة، وأمام هذه البشارات أقشعت سحابة الكآبة والحزن واليأس التي كانت مطبقة عليه منذ أن خرج من الطائف مطرودًا مدحورًا، حتى صمم على العود إلى مكة، وعلى القيام باستئناف خطته الأولى في عرض الإسلام وإبلاغ رسالة الله الخالدة بنشاط جديد وبجد وحماس(26).

_________________
(1) استراتيجيات ستة رجال أعمال حول الرسول صلى الله عليه وسلم، ص120.
(2) شرح العسقلاني لصحيح البخاري (4/ 373).
(3) أصول الفكر السياسي، ص174.
(4) رحلة الطائف.. أسباب ودوافع، ملتقى الخطباء.
(5) السيرة النبوية، لابن هشام (1/419-420).
(6) أخرجه البخاري (3231).
(7) السيرة النبوية، للصلابي (1/ 184).
(8) الرحيق المختوم، ص122.
(9) السيرة النبوية جوانب الحذر والحماية، ص109-110.
(10) السيرة النبوية، للسباعي، ص32.
(11) المصدر السابق، ص32.
(12) فقه السيرة، للبوطي، ص114.
(13) السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، ص231.
(14) المصدر السابق، ص132.
(15) الهجرة ومقدماتها، يحيى إبراهيم اليحيى، ص7.
(16)الرحيق المختوم، ص123.
(17) الهجرة ومقدماتها، ص8.
(18) المصدر السابق، ص7.
(19) المصدر السابق.
(20) المصدر السابق.
(21) المصدر السابق، ص8.
(22) السيرة النبوية، لابن هشام (1/ 421).
(23) التربية القيادية (1/ 443).
(24) السيرة النبوية، للصلابي (1/ 192).
(25) شرح روضة الأنوار، ص50.
(26) الرحيق المختوم، ص124.



رحلة الطائف عبر ولطائف 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
رحلة الطائف عبر ولطائف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الهجرة ومقدماتها
» دروس وثمرات رحلة الحبيب إلى الطائف
» ذكر غزوة الطائف بعد حنين في سنة ثمان
»  يا لها من رحلة
» رحلة إلى الملكوت الأعلى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــائل الـشهـــور والأيـــام :: الهجرة أعظم حدث في تاريخ الإسلام-
انتقل الى: