بسم الله الرحمن الرحيم
أخطاء النساء في رمضان
لفضيلة الشيخ ندا أبو أحمد
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
تمهيد
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهد الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله...
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (سورة آل عمران: 102).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (سورة النساء: 1).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أعمالكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (سورة الأحزاب: 70،71).
أمَّا بعد...
فإن أصدق الحديث كتاب الله -تعالى- وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
1ـ جهل كثير من النساء بأحكام الصيام:
فتصوم المرأة كما يصوم غيرها علي سبيل العادة، فلا تعرف واجبات الصيام، ولا سننه، ولا آدابه، ولا مفسداته، وهذا يجعلها تقع في كثير من الأخطاء وهي لا تدري.
يقول ابن القيم -رحمه الله-:
إن الإيمان فرض على كل واحد، وهو ماهية مركبة من علم وعمل، فلا يتصور وجود الإيمان إلا بالعلم والعمل، ثم شرائع الإسلام واجبة على كل مسلم، ولا يمكن أداؤها إلا بعد معرفتها والعمل بها.
والله أخرج عباده من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئاً، فطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، ولو علمت المرأة ما في طلب العلم ما تكاسلت عنه.
فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهَّل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع"... الحديث.
فعلى كل مسلمة أن تسعى لطلب العلم وتحصيله؛ لأن مَن أعرض عن طلب العلم الشرعي ربما وقع في أخطاء جسيمة تقدح في عبادته وربما في عقيدته، والنجاة من هذا هو طلب العلم الشرعي.
2 ـ صوم الحائض أو النفساء:
بعض النساء إذا حاضت في رمضان تصوم طوال اليوم حتى قبيل المغرب؛ فيشربن شربة ماء أو يطعمن لقمة (يجرحْن صيامهن كما يقلن)، وهذه بدعة، فالحائض لا يجوز لها الصوم، وإن صامت فهي آثمة وغير مأجورة، ولكن عليها أن تأكل وتشرب، وتقضي ما فاتها بعد رمضان، وهذا عليه إجماع المسلمين.
فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أليس إذا حاضت لم تُصلِّ ولم تصم؟ فذلك نقصان دينها".
وربما كانت المرأة حائضاً ثم تطهر أثناء النهار، فتمسك بقية اليوم، وهذا أيضاً لا يجوز.
فقد أخرج عبد الرزاق في "مصنفه" عن ابن جريج -رحمه الله- قال: "قلت لعطاء: المرأة تصبح حائضاً، ثم تطهر في بعض النهار أتتمه؟ قال: لا. هي قاضية"
3 ـ ترك الذكر وقراءة القرآن عند الحيض أو النفاس:
فالحائض أو النفساء لها أن تذكر الله -عز وجل-، وكذا تقرأ القرآن، أو تستمع إليه، وقراءة الكتب المفيدة... وغير ذلك من ألوان الطاعات.
ومما يدل على جواز الذكر والتسبيح، ما أخرجه البخاري ومسلم: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر الحُيَّض بالخروج يوم العيد، فيكن خلف الناس فيكبرون بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم"، ففي الحديث: أن الحائض تكبِّر وتذكر الله تعالى وأيضاً يجـوز لها قراءة كتب الحديث، والفقه، والدعـاء، والتأمين عليه، واستماع القرآن، فهذا كله لا خـلاف فيه، إنما الخلاف في قراءة الحـائض للقرآن، والراجح جواز ذلك؛ لأن أحـاديث المنع لا تصح.
وقد ذهب إلى الجواز: أبو حنيفة، والمشهور من مذهب أحمد، وقد ذهب البخاري وابن جرير وابن المنذر إلى جوازه، وحكي عن مالك والشافعي في القديم أيضاً جواز ذلك، حكاه عنهما ابن حجر في "فتح الباري" يقول ابن حزم -رحمه الله- كما في "المحلى" (1/77 ـ78): قراءة القرآن والسجود فيه ومسّ المصحف، وذكر الله تعالى أفعال خيرٍ، مندوب إليها، مأجور فاعلها، فمن ادَّعى المنع فيها في بعض الأحوال كُلِّف أن يأتي بالبرهان. أهـ
ومما يدل على جواز قراءة الحائض للقرآن، ما أخرجه البخاري أن الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعائشة - رضي الله عنها- وهي حائض: " افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت" ومعلوم أن الحاج يذكر الله ويقرأ القرآن.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
“ليس في منعها من القرآن سُنَّةٌ أصلاً، فإن قوله -صلى الله عليه وسلم-: “لا تقرأ الحائض ولا الجُنُب شيئاً من القرآن" (حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث)، وقد كان النساء يحضن في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلو كانت القراءة محرمة عليهن كالصلاة؛ لكان هذا مما بيَّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته وتعلمه أمهات المؤمنين، وكان ذلك مما ينقلونه في الناس، فلما لم ينقل أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك نهياً لم يجز أن تجعل حراماً مع العلم أنه لم ينه عنه مع كثرة الحيض في زمنه، علم أنه ليس بمحرم. أهـ