ب- مَوَاقِفُ وَقَصَصُ السَّلَفِ مَعَ القُرْآَنِ
•    عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَا أَقْرَأُ اللَّيْلَةَ بِسُورَةٍ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى آخِرِهَا سَمِعْتُ رَجَّةً مِنْ خَلْفِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ فَرَسِيَ تُطْلَقُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ أَبَا عَتِيكٍ» مَرَّتَيْنٍ، فَالْتَفَتُّ إِلَى أَمْثَالِ الْمَصَابِيحِ مِلْءَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ: «اقْرَأْ أَبَا عَتِيكٍ» فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْضِيَ، قَالَ: «تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ نَزَلَتْ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَمْضَيْتَ لَرَأَيْتَ الْأَعَاجِيبَ» (28)

•    جمع أبو موسى -رضي الله عنه- القراء، فقال: لا تدخلوا علي، إلا من جمع القرآن؛ قال: فدخلنا عليه زهاء ثلاثمائة، فوعظنا؛ وقال: أنتم قراء أهل البلد، فلا يطولن عليكم الأمد، فتقسوا قلوبكم، كما قست قلوب أهل الكتاب؛ ثم قال: لقد أنزلت سورة، كنا نشبهها ببراءة، طولاً وتشديداً، حفظت منها آية؛ لو كان لابن آدم واديان من ذهب، لالتمس إليهما واديا ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب؛ وأنزلت سورة كنا نشبهها بالمسبحات، أولها سبح الله، حفظت آية كانت فيها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:2]. فتكتب شهادة في أعناقكم؛ ثم تسئلون عنها يوم القيامة (29).

•    عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنه جمع الذين قرؤوا القرآن، فإذا هم قريب من ثلاثمائة، فعظم القرآن؛ وقال: إن هذا القرآن: كائن لكم أجراً، وكائن عليكم وزراً؛ فاتبعوا القرآن، ولا يتبعنكم القرآن؛ فإنه من اتبع القرآن: هبط به على رياض الجنة؛ ومن تبعه القرآن: زخ في قفاه، فقذفه في النار (30).

•    عن رجاء العطاردي قال: كان أبو موسى الأشعري يطوف علينا في هذا المسجد ـ مسجد البصرة ـ يقعد حلقاً، فكأني أنظر إليه، بين بردين أبيضين، يقرئني القرآن، ومنه أخذت هذه السورة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]. قال أبو رجاء: فكانت أول سورة أنزلت على محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.  (31)

•    كان علقمة: يختم القرآن كل خميس (32).

•    كان ثابت البناني: يقرأ القرآن في يوم وليلة، ويصوم الدهر (33).

•    كان الشافعي: يختم في شهر رمضان ستين ختمة، ما منها شيء إلا في صلاة (34).

•    عن هشام بن عروة عن أبيه قال: دخلت على أسماء وهي تصلي، فسمعتها وهي تقرأ هذه الآية: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور:27]. فاستعاذت؛ فقمت وهي تستعيذ، فلما طال على، أتيت السوق؛ ثم رجعت، وهي في بكائها تستعيذ (35).

•    عن محمد بن خالد الضبي قال: لم يكن يدرى كيف يقرأ خيثمة القرآن، حتى مرض، فجاءته امرأته، فجلست بين يديه، فبكت؛ فقال لها: ما يبكيك؟ الموت لا بد منه؛ فقالت له المرأة: الرجال بعدك علي حرام؛ فقال لها خيثمة: ما كل هذا أردت منك، إنما كنت أخاف رجلاً واحداً، وهو أخي محمد بن عبد الرحن، وهو رجل فاسق، يتناول الشراب؛ فكرهت أن يشرب في بيتي الشراب: بعد إذ القرآن يتلى فيه في كل ثلاث.  (36)

•    عن أحمد بن ثعلبة العامل قال: سمعت سالماً الخواص يقول: كنت أقرأ القرآن، ولا أجد له حلاوة؛ فقلت لنفسي: اقرئيه كأنك سمعتيه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاءت حلاوة قليلة؛ فقلت لنفسي: اقرئيه كأنك سمعتيه من جبريل عليه السلام حين يخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فازدادت الحلاوة؛ ثم قلت لها: اقرئيه كأنك سمعتيه حين تكلم به، قال: فازدادت الحلاوة كلها (37).

•    كان ابن مسعود: يقرأ القرآن من الجمعة إلى الجمعة، ويقرأه في رمضان: في ثلاث (38).

•    عن الحسن قال: كان أحدهم يقرأ القرآن، فيصبح يعرف ذلك فيه؛ وأحدهم اليوم يقرأ القرآن، فكأنما يحمل به رداء كتان (39).

•    قال محمد بن واسع: القرآن بستان العارفين، فأينما حلوا منه حلوا في نزهة (40).

•    عن الشافعي قال في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن إنه» ليس أن يستغنى به ولكنه يقرؤه حذرا وتحزينا (41).

•    عن سفيان الثوري قال: كان يقال: يا حملة القرآن، لا تتعجلوا منفعة القرآن؛ وإذا مشيتم إلى الطمع، فامشوا رويداً (42)

•    عن سفيان بن عيينة قال: قال عثمان له: إن قلوبنا طهرت ما شبعت من كلام الله؛ وقال عثمان: ما أحب أن يأتي علي يوم ولا ليلة، إلا أنظر في كلام الله ـ يعني: القرآن ـ في المصحف (43).

•    عن ضمرة قال: قال لي إبراهيم بن أبي عبلة، قال لي الوليد بن عبد الملك: في كم تختم القرآن؟ قلت: في كذا وكذا؛ فقال: أمير المؤمنين على شغله: يختم في كل سبع، أو ثلاث (44).

•    قال سليمان بن منصور: كنت في مجلس أبي منصور، فوقعت رقعة في المجلس، فإذا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، يا أبا السرى، أنا رجل من إخوانك، تبت على يديك، وأنا اشتريت من الله عز وجل حوراً، على صداق ثلاثين ختمة، فختمت منها تسعاً وعشرين؛ فأنا في الثلاثين، إذ حملتني عيناي، فرأيت: كأن حوراء خرجت علي من المحراب؛ فلما رأتني أنظر إليها، أنشأت تقول برخيم صوتها:
أتخطب مثلي وعني تنام…ونوم المحبين عني حرام لأنا خلقنا لكل امرىء…كثير الصلاة براه الصيام فانتبهت وأنا مذعور (45).

•    عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: كان أبي يقرأ في كل يوم سبعاً، يختم في كل سبعة أيام؛ وكانت له ختمة في كل سبع ليال، سوى صلاة النهار؛ وكان ساعة يصلي عشاء الآخرة، ينام نومة خفيفة؛ ثم يقوم إلى الصباح، يصلي ويدعو (46).

•    عن الفضيل بن غزوان قال: كان لكرز عود عند المحراب، يعتمد عليه إذا نعس (47).

•    كان ابن محيريز: يختم القرآن في كل سبع (48).

•    عن شقيق البلخي قال: عملت في القرآن عشرين سنة، حتى ميزت الدنيا من الآخرة، فأصبته في حرفين؛ وهو قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (القصص: 60) (49).

•    عن الحماني قال: لما حضرت أبا بكر بن عياش الوفاة، بكت أخته، فقال: لا تبك، ـ وأشار إلى زاوية في البيت ـ فقد ختم أخوك في تلك الزاوية ثمانية عشر ألف ختمة (50).

•    عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: قال لي الوليد بن عبد الملك: في كم تختم القرآن؟ قلت: في كذا وكذا، فقال: أمير المؤمنين على شغله يختم في سبع أو ثلاث (51).

•    عن أبي إسحاق السبيعي قال: أقرأ أبو عبد الرحمن السلمي القرآن في المسجد أربعين سنة (52).

•    عن إبراهيم قال: كان الأسود - بن يزيد النخعي - يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان: في كل ست ليال (53).

•    عن يحيى بن الفضل الأنيسي قال: سمعت بعض من يذكر عن محمد بن المنكدر: أنه، بينا هو ذات ليلة قائم يصلي، إذ استبكى، وكثر بكاؤه، حتى فزع أهله، وسألوه ما الذي أبكاه؟ فاستعجم عليهم، وتمادى في البكاء؛ فأرسلوا إلى أبي حازم، فأخبروه بأمره، فجاء أبو حازم إليه، فإذا هو يبكي؛ قال: يا أخي، ما الذي أبكاك، قد رعت أهلك، أفمن علة؟ أم ما بك؟ قال: فقال: إنه مرت بي آية في كتاب الله عز وجل، قال: وما هي؟ قال: قول الله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: من الآية47]. قال: فبكى أبو حازم أيضاً معه، واشتد بكاؤهما؛ قال: فقال بعض أهله لأبي حازم: جئنا بك لتفرج عنه، فزدته؛ قال: فأخبرهم ما الذي أبكاهما (54).

•    عن منصور بن عمار أنه قال: خرجت ليلة من الليالي، وظننت أن النهار قد أضاء، فإذا الصبح علا، فقعدت إلى دهليز يشرف؛ فإذا أنا بصوت شاب يدعو ويبكي، وهو يقول: اللهم وجلالك، ما أردت بمعصيتي مخالفتك، ولكن عصيتك إذ عصيتك بجهلي، وما أنا بنكالك جاهل، ولا لعقوبتك متعرض، ولا بنظرك مستخف؛ ولكن سولت لي نفسي، وأعانني عليها شقوتي، وغرني سترك المرخى علي؛ فقد عصيتك وخالفتك بجهلي؛ فمن عذابك من يستنقذني؟ ومن أيدي زبانيتك من يخلصني؟ وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني؟ واسوأتاه إذا قيل للمخفين: جوزوا، وقيل للمثقلين: حطوا؛ فيا ليت شعري: مع المثقلين أحط، أم مع المخفين أجوز؟ ويحي، كلما طال عمري، كثرت ذنوبي؛ ويحي، كلما كبر سني، كثرت خطاياي؛ فيا ويلي، كم أتوب؟ وكم أعود؟ ولا أستحي من ربي. قال منصور: فلما سمعت كلام الشاب، وضعت فمي على باب داره، وقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: إن الله هو السميع العليم} نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: من الآية6] الآية. قال منصور: ثم سمعت للصوت اضطراباً شديداً، وسكن الصوت؛ فقلت: إن هناك بلية، فعلمت على الباب علامة، ومضيت لحاجتي؛ فلما رجعت من الغداة، إذ أنا بجنازة منصوبة، وعجوز تدخل وتخرج باكية؛ فقلت لها: يا أمة الله، من هذا الميت منك؟ قالت: إليك عني، لا تجدد علي أحزاني؛ قلت: إني رجل غريب، أخبريني؛ قالت: والله، لولا أنك غريب، ما خبرتك؛ هذا ولدي، من موالي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وكان إذا جن عليه الليل، قام في محرابه يبكي على ذنوبه، وكان يعمل هذا الخوص، فيقسم كسبه ثلاثاً: فثلث يطعمني، وثلث للمساكين، وثلث يفطر عليه؛ فمر علينا البارحة رجل لا جزاه الله خيراً، فقرأ عند ولدي آيات فيها النار، فلم يزل يضطرب ويبكي، حتى مات رحمه الله. قال منصور: فهذه صفة الخائفين إذا خافوا السطوة (55).

•    عن حفص بن حميد قال: قال لي زياد بن جرير اقرأ علي، فقرأت عليه: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ. الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح: 1ـ3]. فقال: يا ابن أم زياد، أنقض ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فجعل يبكي كما يبكي الصبي (56).

•    عن حميد الرواسي قال: كنت عند علي والحسن ابني صالح، ورجل يقرأ علي: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الانبياء: 103]. فالتفت علي إلى الحسن، وقد اصفار واخضار؛ فقال: يا حسن، إنها أفزاع فوق أفزاع. ورأيت الحسن أراد أن يصيح، ثم جمع ثوبه فعض عليه، حتى سكن، فسكن عنه؛ وقد ذبل فمه، واخضار واصفار (57).

•    عن عبد الرحمن بن عجلان قال: بت عند الربيع بن خثيم ذات ليلة، فقام يصلي، فمر بهذه الآية: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَات} [الجاثية:21] الآية. فمكث ليلته حتى أصبح، ما جاوز هذه الآية إلى غيرها، ببكاء شديد (58).

•    عن هشام الدستوائي قال: لما توفي عمرو بن عتبة بن فرقد، دخل بعض أصحابه على أخته؛ فقال: أخبرينا عنه؛ فقالت: قام ذات ليلة، فاستفتح سورة حم، فلما أتى على هذه الآية: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غافر:18]. فما جاوزها حتى أصبح (59).

•    عن معمر مؤذن التيمي قال: صلى إلى جنبي سليمان التيمي بعد العشاء الآخرة، وسمعته يقرأ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1]. قال: فلما أتى على هذه الآية: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 27]. جعل يرددها، حتى خف أهل المسجد، فانصرفوا؛ قال: فخرجت وتركته؛ قال: وغدوت لأذان الفجر، فنظرت، فإذا هو في مقامه؛ قال: فسمعت، فإذا هو فيها لم يجزها، وهو يقول: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}  الملك: 27 (60)

•    عن الأعمش قال: بتنا ليلة سبع وعشرين من رمضان في مسجد الأياميين، عند طلحة وزبيد؛ فأما زبيد: فختم القرآن بليل، ثم رجع إلى أهله؛ وأما طلحة: فكرر فيه، حتى ختم مع الصبح، أو قال: مع الفجر (61).

•    عن عبد لله بن رباح قال: كان صفوان بن محرز المازني إذا قرأ هذه الآية: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء:227]. بكى، حتى أقول: اندق قصيص زوره (62).

•    قيل لورقاء ـ يعني: ابن إياس ـ: كان سعيد بن جبير يصنع كما يصنع هؤلاء الأئمة اليوم: يطربون، أو يرددون؛ قال: معاذ الله، إلا أنه: كان إذا مر على مثل هذه الآية، في حم المؤمن: {إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ} [غافر:71]. مدها شيئاً (63)

•    عن الشافعي، قال في ذكر هؤلاء القوم الذين يبكون عند القراءة، فقال: قرأ رجل وإنسان حاضر: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4]. فجعل الرجل يبكي؛ فقيل له: يا بغيض، هذا موضع البكاء؟ (64)

•    عن أبي نعيم قال: سمعت عمر بن ذر يقرأ هذه الآية: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة:34]. فجعل يقول: يا رب، ما هذا الوعيد؟ (65)

•    عن مزاحم بن زفر قال: صلى بنا سفيان الثوري المغرب، فقرأ، حتى بلغ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]. بكى حتى انقطعت قراءته؛ ثم عاد، فقرأ: الحمد لله (66).

•    كان عمر بن ذر: إذا قرأ هذه الآية: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ  (الفاتحة:4) قال: يا لك من يوم ما أملأ ذكرك لقلوب الصادقين (67)

•    قرأ رجل عند عمر بن عبد العزيز سورة، وعنده رهط؛ فقال بعض القوم: لحن؛ فقال له عمر: أما كان فيما سمعت ما يشغلك عن اللحن (68).

•    عن أبي المليح قال: قرأ يوماً ميمون: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يّس:5]. فرق حتى بكى؛ ثم قال: ما سمع الخلائق بعتب أشد منه قط (69).

•    كان سعيد بن جبير إذا أتى على هذه الآية} فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ. فِي الْحَمِيمِ} [غافر: 70ـ72]. رجع فيها، ورددها مرتين أو ثلاثا (70).

•    عن خلف بن حوشب قال: قال إبراهيم: ما ذكرت هذه الآية، إلا ذكرت برد الشراب: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} )سبأ: 54(..  (71)

•    عن القاسم بن أبي أيوب قال: سمعت سعيد بن جبير يردد هذه الآية في الصلاة بضعاً وعشرين مرة: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] الآية (72).

•    عن فضيل بن غزوان قال: دخلت على كرز بن وبرة بيته، فإذا عند مصلاه: حفيرة قد ملأها تبناً، وبسط عليها كساء، من طول القيام؛ فكان يقرأ في اليوم والليلة القرآن ثلاث مرات (73).

•    عن عمرو بن مالك قال: بينما نحن يوماً عند أبي الجوزاء يحدثنا، إذ خر رجل، فاضطرب، فوثب أبو الجوزاء، فسعى قبله؛ فقيل: يا أبا الجوزاء، إنه رجل به الموت؛ فقال: إنما كنت أراه من هؤلاء القفازين، ولو كان منهم، لأمرت به، وأخرجته من المسجد؛ إنما ذكرهم الله، فقال: تفيض أعينهم، وتقشعر جلودهم (74).

•    عن أبي سليمان الداراني قال: ربما أقمت في الآية الواحدة خمس ليال، ولولا أني بعد أدع الفكر فيها، ما جزتها أبداً؛ وربما جاءت الآية من القرآن، تطير العقل؛ فسبحان الذي رده إليهم بعد (75).

•    عن محمد بن كعب القرظي قال: لأن أقرأ في ليلة حتى أصبح:} إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة:1]، و} الْقَارِعَةُ} [القارعة:1]. لا أزيد عليهما، وأتردد فيهما، وأتفكر؛ أحب إلي من أن أهدر القرآن هدراً؛ أو قال: أنثره نثراً (76)

•    عن جعفر قال: سمعت مالك بن دينار قرأ: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر:21]. ثم قال: أقسم لكم، لا يؤمن عبد بهذا القرآن، إلا صدع قلبه (77).

•    عن محمد بن المنكدر: أنه جزع عند الموت، فقيل له: لم تجزع؟ فقال: أخشى آية من كتاب الله عز وجل، قال الله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47]، وإني أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب (78).

•    كان عروة بن الزبير إذا كان أيام الرطب يثلم حائطه، ثم يأذن للناس فيه، فيدخلون ويأكلون ويحملون، قال: وكان ينزل حوله ناس من أهل البدو، فيدخلون ويأكلون ويحملون، وكان إذا دخله ردد هذه الآية:} وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف: 39]، حتى يخرج من الحائط (79).

•    عن ثابت البناني أنه قرأ: {تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} [الهمزة: 7] قال: تأكله إلى فؤاده وهو حي، لقد تبلغ فيهم العذاب؛ ثم بكى، وأبكى من حوله (80).

•     عن يحيى بن الفضل الأنيسي قال: سمعت بعض من يذكر عن محمد بن المنكدر: أنه بينا هو ذات ليلة قائم يصلي، إذ استبكى، وكثر بكاؤه، حتى فزع أهله؛ وسألوه: ما الذي أبكاه؟ فاستعجم عليهم، وتمادى في البكاء؛ فأرسلوا إلى أبي حازم، فأخبروه بأمره؛ فجاء أبو حازم إليه، فإذا هو يبكي، قال: يا أخي، ما الذي أبكاك؟ قد رعت أهلك، أفمن علة؟ أم ما بك؟ فقال: إنه مرت بي آيه في كتاب الله عز وجل. قال وما هي؟ قال: قول الله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47]؛ قال: فبكى أبو حازم أيضاً معه، واشتد بكاؤهما. فقال بعض أهله لأبي حازم: جئناك لتفرج عنه، فزدته؛ فأخبرهم ما الذي أبكاه (81).

•    عن إسماعيل الطوسي قال: بينا نحن ذات يوم عند الفضيل، مغشياً عليه؛ فقال الفضيل: شكر الله لك ما قد علمه منك. قال: وسمعت إسماعيل الطوسي، أو غيره، قال: بينما نحن نصلي ذات يوم الغداة، خلف الإمام، ومعنا علي بن فضيل؛ فقرأ الإمام: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [الرحمن: 56]. فلما سلم الإمام، قلت: يا علي، أما سمعت ما قرأ الإمام؟ قال: ماهو؟ قلت: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [الرحمن: 56]} حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72]. قال: شغلني ما كان قبلها: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ} (الرحمن:35) (82)