أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: خامسًا: لماذا أعتكفُ (نِيَّات الاعتكاف) الأربعاء 05 أبريل 2023, 5:13 pm | |
| خامسًا: لماذا أعتكفُ (نِيَّات الاعتكاف) (1) الاعتكاف هو الاختبار الحقيقي للإخلاص، ولم يُرَ لطلب الإخلاص مثل الوحدة، وفي الاعتكاف تفطم النفس عن شهواتها، ويخلو العبد بالله -تعالى-، وتحقق عبودية التبتُّل، ويحصل المقصود الأعظم منه بعُكُوف القلب على الله تعالى.
لكن ما هي النِّيَّات التي من الممكن استحضارها في الاعتكاف؟1- نِيَّة تنفيذ سنة النبي- صلى الله عليه وسلم-: وأَكْرِم بها من نِيَّة، ففي تنفيذ سنة النبي ﷺ الفوز العظيم.
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله".
وعن أبي بن كعب: "أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فسافر عامًا، فلمَّا كان من العام المُقبل اعتكف عشرين يومًا". (صحيح سنن ابن ماجه).
وقال الزهري -رحمه الله-: "عجبًا من الناس كيف تركوا الاعتكاف؟ ورسول الله ﷺ كان يفعل الشيء ويتركه، وما ترك الاعتكاف حتى قُبِض". (المبسوط: 3/114)، (عمدة القارئ: 12 / 1402).
2- نِيَّة اغتنام ليلة القدر: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1-3].
فأقرب الناس إلى هذه الليلة هم المُعتكفون، فنهارهم صيام، وليلهم قيام، وحالهم خُشوع، وذكرهم دُموع، وقلوبهم خُضوع، مُستغفرون بالأسحار ينتظرون رضا الرحمن.
3- نِيَّة المُحاولة للتخلّص من سُموم القلب الخمس: وسموم القلب الخمس هي: فضول النوم - الأكل - الاختلاط - النظر – الكلام.
فلو تحقَّق التخلص من تلك السُّموم صَلُح القلب، ولو صَلُح القلب لصَلُحَ الجسد كله، لأن القلب كالملك، والجوارح كالجنود، فإذا صَلُحَ الملك؛ صَلُحَت جنوده، وإذا فسد الملك فسدت جنوده.
قال ﷺ: "ألا وإن في الجسد مُضغةً، إذا صَلُحَت صَلُحَ الجسدُ كله، وإذا فسدت فسد الجسدُ كله، وهي القلب". (متفق عليه).
4- نِيَّة تعلُّم كثير من الأخلاق الحسنة: ففي الاعتكاف من المُمكن أن تتعلّم الكثير من الأخلاق الحسنة التي من الصعب تعلّمها خارجه.
ومن هذه الأخلاق: خُلُقُ الزهد في الدنيا، والرضا عن الله، والصبر، والمُجاهدة، تتعلّم هذه الأخلاق وغيرها من خلال مُكثك في المسجد.
5- نِيَّة حُبّ المُكوث في المسجد: خذ هذه النِّيَّة واستحضرها حتى تنال الخير الوفير، فبعد أن جلست عشرة أيام في بيت من بيوت الله لماذا لا تسأل الله تعالى أن يرزقك حُبَّ المُكث بالمسجد؟ قال رسول الله ﷺ: "سبعةٌ يُظلّهمُ اللهُ في ظلِّه يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ.. وذكر منهم:... ورجلٌ قلبُهُ مُعلّقٌ في المساجد". (متفق عليه).
قال النووي -رحمه الله- في "شرح مسلم": "قلبُهُ مُعلّقٌ في المساجد" معناه: شديد الحُبِّ لها والمُلازمة للجماعة فيها، وليس معناه دوام القعود في المسجد". اهـ.
6- نِيَّة الاستغلال الأمثل للوقت مع التعوُّد على النظام: فأنت في الاعتكاف تسير وفق نظام مُعَيَّنٍ موضوع في المسجد خاص بـ (النوم – الأكل – الحديث..) يجب الالتزام به؛ مما يُساعدك على اكتساب النظام والمُحافظة على وقتك لأبعد الحُدود.
7- نِيَّة الوصول للبراءتين: من خلال وجودك في المسجد لمدة عشرة أيام لن تجد فرصة أفضل من ذلك في بداية الوصول إلى البراءتين، اللتين أخبر عنهما المصطفى ﷺ بقوله: "مَن صلَّى لله أربعين يومًا في جماعة يُدرك التكبيرة الأولى؛ كُتِبَ له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق". (رواه الترمذي وهو في صحيح الجامع: 6365).
فخُذ العزم الأكيد والنِّيَّة على أن يكون الاعتكاف بداية طريق للحصول على البراءتين.
8- نِيَّة حفظ الصيام مِمَّا يُفسده: ولِمَ لا؟ فالمُعتكف بوجوده في أطهر بقاع الأرض وهي المساجد يأخذ بهذه النِّيَّة، بأن يعمل جاهدًا على الحفاظ على صيامه مِمَّا يُفسده.
9- نِيَّة رفع درجة صلاتك وقبولها: هذه تكاد تكون غائبة عن السَّواد الأعظم من الذين يَمُنُّ اللهُ عليهم بالاعتكاف، رغم أن المُعتكف من المُمكن أن يستحضر هذه النِّيَّة، فقد قال ﷺ: "وصلاة على إثر صلاة (2) لا لغو بينهما كتاب (3) في عليين (4)". (صحيح الجامع: 3837).
10- نِيَّة محو الخطايا ورفع الدرجات ونِيَّة الرباط: مع بقاء المعتكف في المسجد طوال الاعتكاف من الممكن أن يزيد أجره باستحضار هذه النِّيَّات، نعم بفضل الله من الممكن استحضار تلك النِّيَّات، وقد جمعها حديث النبي ﷺ قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغُ الوضوءِ على المكارِه، وكثرةُ الخُطى إلى المساجِدِ، وانتظارُ الصلاةِ بعد الصلاة فذلكُمُ الرباطُ". (رواه مسلم).
وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200].
قيل في معناها: انتظروا الصلاة بعد الصلاة (هكذا قال ابن عباس) ويُقالُ: اصبروا على أداء الفرائض واجتناب المعاصي، وقيل في "تفسير الجلالين": اصبروا على الطاعات والمصائب وعن المعاصي.
11- نِيَّة المُداومَة على قيام الليل: فالاعتكاف فرصة عظيمة لِحُبِّ قيام الليل والمُداومة عليه من خلال صلاة التراويح كل ليلة، إضافة إلى صلاة التهجُّد، ولو قُمت الليل وخرجت من شهر رمضان مُحبًا لقيام الليل، لكفى به فضل ويساعدك على هذا الاعتكاف.
وهناك نِيَّات أخرى من المُمكن استحضارها عند الاعتكافذكرها الشيخ أبو حامد الغزالي -رحمه الله- منها: الخلوة ودفع الشواغل للزوم السر والفكر في الآخرة وكيفية الاستعداد لها، وأن يعتقد أنه بيت الله -تعالى- وأن داخله زائر الله تعالى فينوى ذلك، قال رسول الله ﷺ: "مَن قعد في المسجد فقد زار الله تعالى، وحق على المزور إكرام زائره (5)"، والتجرد للذكر وإسماعه واستماعه، وأن يقصد إفادة علم وتنبيه مَنْ يسيء الصلاة، ونهيٍ عن منكر وأمر بمعروف؛ حتى ينتشر بسببه خيرات كثيرة؛ ويكون شريكًا فيها، وأن يترك الذنوب حياء من الله -تعالى- بأن يُحسن نيته في نفسه في قوله وعمله، حتى يستحى منه مَنْ رآه أن يقارف ذنبًا، وقس على هذا سائر الأعمال، ثم قال: فباجتماع هذه النِّيَّات تزكى الأعمال وتلتحق بأعمال المُقرَّبين، كما أنه بنقصها تلتحق بأعمال الشياطين، كمَنْ يقصد من القعود في المسجد التحدث بالباطل، والتفكُّه بأعراض الناس، ومجالسة إخوان اللهو واللعب، وملاحظة مَن يجتاز به من النسوان والصبيان، ومناظرة مَنْ ينازعه من الأقران على سبيل المُباهاة والمًراءة باقتناص قلوب المُستمعين لكلامه وما يجرى مجراه". اهـ. ------------------------------------ 1. صحح نيتك لأبى أُبيّ أحمد مصطفى. 2. "وصلاة على إثر صلاة": أي عقيبها، لا لغو بينهما: أي بكلام الدنيا. 3. كتاب: أي عمل مكتوب. 4. في عليين: فيه إشارة إلى رفع درجتها وقبولها، قال علي القاري -رحمه الله- كما في "عون المعبود في شرح سنن أبي داود": وهو علم لديوان الخير الذي دُوّن فيه أعمـال الأبرار. قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَّرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: 18- 21] أي: مداومة الصلاة من غير تخلل ما يُنافيها لا شيء من الأعمال أعلى منها فكُنٌّى عن ذلك بعليين. 5. رواه الطبراني في "الكبير" وأحد أسانيده رجاله رجال الصحيح.
|
|