أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: ثانيًا: لماذا أَتَسَحَّرُ؟ (نِيَّات السحور) الثلاثاء 04 أبريل 2023, 3:07 pm | |
| ثانيًا: لماذا أَتَسَحَّرُ؟ (نِيَّات السحور) 1- أَتَسَحَّرُ اتِّباعًا للسُّنَّة، ولمُخالفة أهل الكتاب: فالحبيب النبي ﷺ ما كان يترك السحور، وهو القائل ﷺ: "السُّحُور أكلهُ بركة فلا تدعوه، ولو أن يَجْرَعَ أحدُكُم جرعةً من ماء،...". (أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وهو في صحيح الجامع: 3683).
- وفي رواية عند ابن حبان: "تَسَحَّرُوا ولو بجرعةِ ماء".
فأصبح السحور شعار المسلمين لما فيه من مخالفة أهل الكتاب، فإنهم لا يتسَحَّرون.
كما ثبت ذلك في "صحيح مسلم" عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أَكَلَةُ السَّحور[السَّحَر]".
قال ابن دقيق العيد -رحمه الله-: ومما يعلل به استحباب السحور: المُخالفة لأهل الكتاب لأنه ممتنع عندهم، وهذا أحد الوجوه المقتضية للزيادة في الأجور الأخروية.
وقال التوربشتي -رحمه الله-: والمعنى أن السحور هو الفارق بين صيامنا وصيام أهل الكتاب؛ لأن الله تعالى أباحه لنا إلى الصبح بعدما كان حرامًا علينا أيضًا في بدء الإسلام، وحرَّمه عليهم بعد أن يناموا أو مطلقًا، ومخالفتنا إياهم تقع موقع الشكر لتلك النعمة.
وقال الخطابي -رحمه الله-: "معنى هذا الكلام الحَثُّ على السحور، وفيه إعلام بأن هذا الدين يُسر لا عُسر فيه، وكان أهل الكتاب إذا ناموا بعد الإفطار لم يحل لهم معاودة الأكل والشرب إلى وقت الفجر". (فتح الباري شرح صحيح البخاري).
2- أَتَسَحَّرُ بنِيَّة أن الله -عز وجل- يُصَلِّي عليَّ وملائكته: فقد أخرج ابن حبان والطبراني في "الأوسط" عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي ﷺ قال: "إن الله تعالى وملائكته يُصلُّون على المُتَسحِّرين". (صحيح الجامع: 1844).
3- أَتَسَحَّرُ حتى أكون من خير الناس: فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: "لا يزال الناس بخير، ما عجَّلُوا الفطر".
- زاد الإمام أحمد: "وأخَّرُوا السحور".
والحكمة من تأخير السحور أنه أرفق بالصائم، وأقوى على العبادة، وألا يزاد في النهار من الليل، وتعجيل الفطر وتأخير السحور من خصائص هذه الأمة. (فيض القدير للمناوي).
4- أَتَسَحَّرُ حتى أتعرَّض للوقت المبارك: فوقت السحور وقت مبارك من جهات متعددة، فهو وقت النزول الإلهي، وهو وقت إجابة الدعوات، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: "ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له؟ ومَن يسألني فأعطيه، ومَن يستغفرني فأغفرُ له". (متفق عليه).
وهو أيضًا من أفضل أوقات الاستغفار: وقد أثنى الله تعالى على المُستغفرين في هذا الوقت، فقال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [آل عمران: 17].
5- أَتَسَحَّرُ لضمان إدراك صلاة الفجر في وقتها: لأن النائم قد تفوته صلاة الفجر، أمَّا الذي يُؤخِّر السحور فهو أقرب الناس حفاظًا على هذه الصلاة العظيمة، التي قال الله تعالى عنها: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78].
قال المفسرون: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} أي: صلاة الفجر، وسُمِّيَتْ قرآنًا، لمشروعية إطالة القرآن فيها أطول من غيرها، ولفضل القراءة فيها، حيث شهدها الله، وملائكة الليل وملائكة النهار، والتي قال عنها ﷺ: "ومَنْ صلَّى الصُّبح في جماعة فكأنما صلَّى الليل كله". (رواه مسلم)، كما أن تأخير السحور أضمن لإجابة المؤذن بصلاة الفجر ومتابعته، ولا يخفى ما في ذلك من الأجر والثواب.
والخُلاصَة: أن تأخير تناول السحور يصبح عبادةً إذا نوى بها التقوي في طاعة الله، والمُتابعة لرسول الله ﷺ.
6- أَتَسَحَّرُ للحصول على البركة: فقد أخرج الطبراني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "البركة في ثلاثة: في الجماعة، والثريد، والسحور". (صحيح الترغيب: 1057).
وأخرج أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: "دعاني رسول الله ﷺ إلى السحور في رمضان، فقال: هَلُمَّ إلى الغَدَاءِ المُبَارك". (صحيح الترغيب: 1059).
وفى رواية عند البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "تَسَحَّروا فإن في السحور بركة".
قال ابن دقيق العيد -رحمه الله-: "هذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية، فإن إقامة السُّنَّة يوجب الأجر وزيادته، ويحتمل أن تعود إلى الأمور الدنيوية كقوة البدن على الصوم وتيسيره من غير إضرار بالصائم". (فتح الباري).
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "إن البركة في السحور تحصل بجهات متعددة: وهي اتباع السُّنَّة، ومخالفة أهل الكتاب، والتقوِّي به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخُلُق الذي يثيره الجوع، والتسبب بالصدقة على مَن يسأل إذ ذاك أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة، وتدارك نِيَّة الصوم لمَن أغفلها قبل أن ينام". (فتح الباري شرح صحيح البخاري 4/250).
أضف إلى هذا أن الله -تعالى- وملائكته يُصلُّون على المتسحرين، فلهذا وغيره كان النبي ﷺ يَحُثُّ أمَّتهُ على السحور وينصحهم بألا يتركوه.
فقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "السحور أكلة بركة فلا تدعوه، ولو أن يتجرَّع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله -تعالى- وملائكته يُصلُّون على المتسحرين". (صحيح الترغيب: 1062).
فما أسعدك يا عبد الله، يا مَن أطعت الله واستجبت لأمره، تأكل الأكلة، تكون لك فيها كل هذه البركة.
|
|