|
| الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الأحد 12 مارس 2023, 10:45 pm | |
| الباب الثالث أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء وستناول في هذا الباب الحديث عن مسائل عدة متعلقة بالصلاة في الشتاء، والتركيز على موضوعي صلاة الاستسقاء والجمع بين الصلاتين في الشتاء.
وذلك على النحو التالي: الفصل الأول مسائل في أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء وفيه عدة مسائل نبينها على النحو التالي: أولاً: الأذان في الشتاء: اتفق الفقهاء على مشروعية قول المؤذن عند المطر أو الريح أو البرد: "ألا صلوا في رحالكم"، أو "الصلاة في الرحال" أو "صلوا في بيوتكم".
واستدلوا على ذلك بأدلة، منها: 1- عن نَافِعٌ قَالَ: أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ، ثُمَّ قَالَ: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ: " أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ " فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ (رواه البخاري ومسلم).
2- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: " إِذَا قُلْتَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَلَا تَقُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ، قَالَ: فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا، قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ " (رواه البخاري ومسلم).
3- عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ يَقُولُ: أَنْبَأَنَا رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُنَادِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ فِي السَّفَرِ- يَقُولُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ (رواه النسائي وأحمد).
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: "وَفِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنْ يَقُول: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالكُمْ فِي نَفْس الْأَذَان , وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ فِي آخِر نِدَائِهِ. وَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - فِي الْأُمّ فِي كِتَاب الْأَذَان , وَتَابَعَهُ جُمْهُور أَصْحَابنَا فِي ذَلِكَ , فَيَجُوز بَعْد الْأَذَان , وَفِي أَثْنَائِهِ لِثُبُوتِ السُّنَّة فِيهِمَا , لَكِنَّ قَوْله بَعْده أَحْسَن لِيَبْقَى نَظْم الْأَذَان عَلَى وَضْعه , وَمِنْ أَصْحَابنَا مَنْ قَالَ: لَا يَقُولهُ إِلَّا بَعْد الْفَرَاغ , وَهَذَا ضَعِيف مُخَالِف لِصَرِيحِ حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , وَلَا مُنَافَاة بَيْنه وَبَيْن الْحَدِيث الْأَوَّل حَدِيث اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا; لِأَنَّ هَذَا جَرَى فِي وَقْت وَذَلِكَ فِي وَقْت , وَكِلَاهُمَا صَحِيح ".
ويتضح من كل ذلك أنه يجوز للمؤذن حين العذر في الشتاء أن يقول "ألا صلوا في رحالكم"، أو "الصلاة في الرحال" أو "صلوا في بيوتكم" أثناء الأذان بدلاً من «حي على الصلاة» «حي على الفلاح» أو أن يقولها بعد «حي على الصلاة» «حي على الفلاح»، أو أن يقولها بعد انتهاء الأذان، والأمر في هذا واسع سواءً قالها في أثناء الأذان أو بعد الفراغ منه فكله جائز بإذن الله تعالى.
ثانياً: جواز التخلف عن صلاة الجماعة لعذر الشتاء: إن الأدلة التي ذكرناها في مسألة الأذان في الشتاء صريحة الدلالة على جواز التخلف عن صلاة الجماعة لعذر الشتاء، قال القرطبي: "وظاهرها جواز التخلف عن الجماعة للمشقة اللاحقة مِن المطر والريح والبرْد، وما في معنى ذلك مِن المشاق المحرجة في الحضر والسفر".
وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي: "ويعذر في ترك الجماعة بالريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة".
قال ابن بطال المالكي: "أجْمَعَ العُلَماء أنَّ التَّخلُّف عَن الجماعة في شدة المطر والرِّيح, وما أشبه ذلك مُباح".
ومما يدلل على جواز التخلف عن المسجد في المطر عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما: "مَنْ سمع النداء ولم يُجب فلا صلاة له إلا مِن عذر" (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتابه الشرح الممتع: "قوله: (أو أذى بمطر أو وحل) وهذا نوعٌ عاشرٌ مِن أعذارِ تَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ، فإذا خافَ الأذى بمطرٍ أو وَحْلٍ، أي: إذا كانت السَّماءُ تمطرُ، وإذا خَرَجَ للجُمُعةِ أو الجماعةِ تأذَّى بالمطرِ فهو معذورٌ. والأذيَّة بالمطرِ أن يتأذَّى في بَلِّ ثيابه أو ببرودة الجَوِّ، أو ما أشبه ذلك، وكذلك لو خاف التأذِّي بوَحْلٍ، وكان النَّاسُ في الأول يعانون مِن الوحلِ ؛ لأن الأسواقَ طين فإذا نزل عليها المطر حصل فيها الوَحْلُ والزَّلَقُ، فيتعبُ الإِنسانُ في الحضور إلى المسجدِ، فإذا حصلَ هذا فهو معذورٌ، وأما في وقتنا الحاضرِ فإن الوَحْلَ لا يحصُل به تأذٍّ؛ لأنَّ الأسواقَ مزفَّتة، وليس فيها طين، وغاية ما هنالك أن تجدَ في بعض المواضع المنخفضة مطراً متجمِّعاً، وهذا لا يتأذَّى به الإِنسانُ لا بثيابه ولا بقدميه، فالعُذرُ في مثل هذه الحال إنما يكون بنزولِ المطرِ فإذا توقَّفَ المطرُ فلا عُذر، لكن في بعض القُرى التي لم تُزفَّت يكون العُذرُ موجوداً، ولهذا كان منادي الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم ينادي في الليلةِ الباردةِ أو المطيرة: (ألا صَلُّوا في الرِّحالِ).
وفُهِمَ مِن قوله: (أو أذًى بمطرٍ) أنه إذا لم يتأذَّ به بأن كان مطراً خفيفاً، فإنَّه لا عُذر له، بل يجب عليه الحضورُ، وما أصابه مِن المشقَّةِ اليسيرةِ، فإنه يُثابُ عليها " (بتصرف).
وسُئِلَ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا كانت السماء تمطر وسمعت أذان العشاء هل لي رخصة أن أصلي في بيتي، أو يلزمني أن أجيب النداء وأذهب إلى المسجد؟
فأجاب فضيلته: "قلنا: لا بأس إذا كنت تتأذى بالخروج إلى المسجد فصل في بيتك، فإن كان معك رجال من أولادك أو غيرهم فصلوا جماعة ولو كان معك وسيلة، لكن على كل حال الأفضل بلا شك أن تخرج إلى المسجد وتصلي مع المسلمين، لكن لك الرخصة". |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الأحد 12 مارس 2023, 10:47 pm | |
| ثالثاً: مكروهات الصلاة التي يكثر فعلها عند الناس في الشتاء: هناك عدة أمور يكره فعلها في الصلاة، نذكر منها ما هو متصل بموضوعنا: 1- عبث المصلي بثوبه أو ببدنه إلا إذا دعت إليه الحاجة فإنه حينئذ لا يكره: فعن معيقب قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى في الصلاة فقال: "لا تمسح الحصى وأنت تصلي فإن كنت لابد فاعلاً فواحدة: تسوية الحصى" (رواه أبو داود).
وإذا تعلَّق بالجبهة تراب أو حصى من السجود بالأرض فإنه يكره إزالته لما فيه من العمل المشغل عن الصلاة ولا سيما إذا تكرر وكثر. فعن أبي سعيد قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته " (رواه البخاري ومسلم). فإن كان يؤذي المصلي فإنه يُزال ويمسح.
2- افتراش ذراعيه في السجود: لحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه : "اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب" (متفق عليه). فربما مع البرد أن يضم المصلي نفسه في السجود ويفترش ذراعيه، وهذا منهي عنه.
3- تغطية الفم (التلثم) والسدل: فعن أبي هريرة قال: " نهى رسول الله عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه". (رواه أبو داود وأحمد والترمذي وابن ماجه).
قال الإمام الخطابي الشافعي: السدل إرسال الثوب حتى يصيب الارض، وقال الكمال بن الهمام: ويصدق أيضاً على لبس القباء من غير إدخال اليدين في كمه.
والقباء: هو ثوب ضيق الكمين والوسط مشقوق من الخلف يلبسه الرجال فوق الثياب في السفر والحرب؛ لأنه أعون على الحركة.
وقال ابن الأثير: «السدل هو أن يَلتحف بثوبه، ويُدخِلَ يديه مِن داخل، ويركع ويسجُد وهو كذلك»، فالسدل هو وضع الملابس -كالمعطف والعباءة مثلاً- على الكتفين دون إدخال الأيدي في الأكمام.
4- اشتمال الصَّماء: عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ مِنْهُ: يَعْنِي شَيْءٌ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
واشتمال الصماء له عند علماء اللغة معنى، وعند الفقهاء معنى آخر.
قال الشوكاني رحمه الله مبيناً الخلاف في معنى اشتمال الصماء وحكم هذا الاشتمال: قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ) هُوَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: هُوَ أَنْ يُجَلِّلَ جَسَدَهُ بِالثَّوْبِ لَا يَرْفَعُ مِنْهُ جَانِبًا، وَلَا يُبْقِي مَا تَخْرُجُ مِنْهُ يَدُهُ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: سُمِّيَتْ صَمَّاءَ؛ لِأَنَّهُ يَسُدُّ الْمَنَافِذَ كُلَّهَا فَيَصِيرُ كَالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خَرْقٌ. وَقَالَ الْفُقَهَاءُ: هُوَ أَنْ يَلْتَحِفَ بِالثَّوْبِ ثُمَّ يَرْفَعَهُ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ فَيَضَعَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَيَصِيرَ فَرْجُهُ بَادِياً. قَالَ النَّوَوِيُّ: فَعَلَى تَفْسِيرِ أَهْلِ اللُّغَةِ يَكُونُ مَكْرُوهًا لِئَلَّا تَعْرِضَ لَهُ حَاجَةٌ فَيَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ إخْرَاجُ يَدِهِ فَيَلْحَقَهُ الضَّرَرُ، وَعَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ يَحْرُمُ لِأَجْلِ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ، وَقَالَ الْحَافِظُ: ظَاهِرُ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ فِي اللِّبَاسِ أَنَّ التَّفْسِيرَ المذكور فيها مرفوع وهو موافق لما قال الفقهاء".
وزاد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذا المعنى إيضاحاً فقال: قوله: «واشتمال الصَّمَّاء»، هنا أُضيف الشيءُ إلى نوعه، أي: اشتمال لُبْسة الصَّمَّاء، أي: أن يلتحف بالثوب ولا يجعل ليديه مخرجاً؛ لأن هذا يمنع من كمال الإتيان بمشروعات الصَّلاة، ولأنه لو قُدِّر أنَّ شيئاً صَالَ عليه فإنَّه لا يتمكَّن من المبادرة بردِّه، ولا سيِّمَا إذا كان هذا الثَّوب قميصاً، فهو أشدُّ، أي: بأن يلبس القميص، ولا يدخل يديه في كُمَّيْه، فهذا اشتمال أصمّ، وأصمّ من الصمَّاء؛ لأن الرِّداء مع الحركة القويّة قد ينفتح، وهذا لا ينفتح. وقال بعض العلماء: إن اشتمال الصمَّاء أن يضطبع بثوب ليس عليه غيره، وهو المذهب أي: أن يكون عليه ثوب واسع ثم يضطبع فيه. والاضطباع: أن يُخرج كتفه الأيمن، ويجعل طرفي الرِّداء على الكتف الأيسر. ووجه الكراهة هنا: أن فيه عُرضَةً أن يسقطَ فتنكشف العورة، فإنْ خِيْفَ من انكشاف العورة حقيقة كان حراماً. وقيل هو: أن يجعل الرِّداء على رأسه ثم يسدل طرفيه إلى رجليه. فهذه ثلاث صفات لاشتمال الصمَّاء، وكلُّ هذه الصِّفات إذا تأمَّلتها وجدت أنها تُخَالف قول الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، فإن أخذ الزِّينة على هذا الوجه فيه شيء من التقصير؛ لأن أخذ الزِّينة كاملة أن يلبسها على ما يعتاد النَّاس لُبْسها بحيث تكون ساترة، وتكون معهودة مألوفة بخلاف الشيء الذي لا يكون معهوداً ولا مألوفاً".
5- كَفُّ الشعر والثوب وتشمير الأكمام: لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: " ُمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يسجد على سبعة أعظم، ولا يكفَّ ثوبه ولا شعره" (أخرجه البخاري).
والكفّ: قد يكون بمعنى الجمع، أي: لا يجمعهما ويضمهما، وقد يكون بمعنى المنع، أي: لا يمنعهما من الاسترسال حال السجود. وكله من العبث المنافي للخشوع في الصلاة.
ويعرف كف الثوب بأنه: هو ضمه عند الركوع أو السجود، وكذلك شد وسطه بشيء يجعل ثوبه لا يلمس الأرض، وكذلك تشمير كمه؛ لأن تشمير الكم وكف الثوب وعقص الشعر يمنعه من السجود معه.
والحكمة من النهي هي البعد عن التكبر، وأضاف بعضهم علة أخرى وهي أن الكف يمنع من سجود الثوب والشعر معه، قال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في كتابه تحفة المحتاج في شرح المنهاج: "وحكمته منع ذلك من السجود معه".
وقال الإمام البابرتي الحنفي في كتابه العناية شرح الهداية: "ولا يكف ثوبه، لأنه نوع تجبُّر".
وقال الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري: "قِيلَ: وَالْحِكْمَة فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا رَفَعَ ثَوْبه وَشَعْره عَنْ مُبَاشَرَة الْأَرْض أَشْبَهَ الْمُتَكَبِّر".
|
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الأحد 12 مارس 2023, 10:48 pm | |
| قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: "اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته أو نحو ذلك، فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء وهو كراهة تنزيه، فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته.
ثم مذهب الجمهور أن النهي مطلقا لمن صلى كذلك سواء تعمده للصلاة أم كان قبلها كذلك، لا لها بل لمعنى آخر وهو المختار الصحيح وهو الظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم".
وسُئِلَ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (نهيت عن كف الشعر والثوب في الصلاة)؟
فأجاب فضيلته: "نعم, (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم وألا أكف الشعر).
كان الرسول صلى الله عليه وسلم له شعر يضرب إلى منكبيه أحياناً, أو إلى شحمة أذنيه أحياناً, والشعر إذا كان ليناً ينساب حتى يرد إلى الأرض, فيُكره الإنسان أن يكف هذا الشعر ويربطه, وأما الثوب فواضح أن الثوب إذا أردت أن تسجد لا تكفه, بعض الناس إذا أراد أن يسجد يرفع الثوب وهذا منهي عنه, دع الثوب على ما هو عليه.
قال العلماء: والحكمة من ذلك: هو أن يكون سجوده شاملاً لثيابه وشعره كما هو يسجد على الأعضاء السبعة, ولهذا قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد قال: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم وألا أكف شعراً ولا ثوباً) وأيضاً المقصود: أن تكفه لأجل الصلاة, أما لو كان الإنسان قد كفه من قبل لشغل أو نحوه فلا بأس أن يبقيه على ما هو عليه؛ لأن قوله: (أن أسجد ولا أكف) أي: لا أكف عند السجود, أما ما كان مكفوفاً من قبل فلا بأس".
وسُئِلَ علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يُعَدّ تشمير الأكمام من الكف المنهي عنه في الصلاة، وإذا كان من الكف فهل يختلف حكمه لو أني دخلت في الصلاة كنت على هيئة التشمير هذه قبل أن أدخل فيها أي أني لم أفعل هذا التشمير في أثناء الصلاة أم أنهما سواء؟
فأجابوا: "لا يجوز تشمير الأكمام بكفها أو ثنيها لئلا تقع على الأرض عند السجود، في أثناء الصلاة، ولا قبل الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم وأن لا أكف شعراً ولا ثوباً " (رواه البخاري ومسلم).
6- تشبيك الأصابع: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ، فَلا يَقُلْ هَكَذَا, وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ" (رواه الحاكم وصححه الألباني). فقد نهي النبي من توضأ وأتى المسجد يريد الصلاة عن فعل ذلك، فكراهته في الصلاة من باب أولى. والتشبيك بين الأصابع: إدخال بعضها في بعض. وأما التشبيك خارج الصلاة فلا كراهة فيه.
7- التطبيق في الركوع: وهو جعل بطن الكف على بطن الكف الأخرى ووضعهما بين الركبتين والفخذين في الركوع.
فعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال: " صليت إلى جنب أبي، قال: وجعلت يدي بين ركبتي، فقال لي أبي: اضرب بكفيك على ركبتيك، قال: ثم فعلت ذلك مرة أخرى، فضرب يدي وقال: إنا نهينا عن هذا، وأمرنا أن نضرب بالأكف على الركب" (رواه البخاري ومسلم).
رابعاً: الصلاة إلى النار أو المدفئة: يوقد الناس النار في الشتاء، وربما تكون في قبلة الصلاة، ويُكره الصلاة جهة النار مشتعلة ولو شمعة لما فيه من مشابهة المجوس الذي يعبدون النار، ولأنها تلهي المصلي، وقد روى ابن شيبة عن ابن سيرين: أنه كره الصلاة إلى التنور أو بيت النار.
وقال ابن قدامة في المغني: "ويكره أن يصلي إلى نار، قال أحمد: إذا كان التنور في قبلته لا يصلي إليه، وكره ابن سيرين ذلك، وقال أحمد في السراج والقنديل يكون في القبلة أكرهه... وإنما كره ذلك لأن النار تعبد من دون الله، فالصلاة إليها تشبه الصلاة له".
وذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين: "أنه -صلى الله عليه وسلم- كره الصلاة إلى ما قد عُبد من دون الله تعالى، قطعاً لذريعة التشبه بالسجود إلى غير الله تعالى".
وهناك من قال بعدم كراهة الصلاة إلى النار، قال الإمام البخاري في صحيحه: (باب من صلى وقدَّامه تنورٌ أو نارٌ أو شيءٌ مما يعبد، فأراد به الله عز وجل)، وقال الإمام ابن رجب الحنبلي في كتابه فتح الباري: [ومقصود البخاري بهذا الباب: أن من صلَّى لله عز وجل، وكان بين يديه شيءٌ من جنس ما عُبد من دون الله، كنارٍ وتنورٍ وغير ذلك، فإن صلاته صحيحة، وظاهر كلامه أنه لا يُكره ذلك أيضاً].
وسُئِلَ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: يقع مشكلة بين بعض المصلين في المساجد حول الدفايات الكهربائية ووضعها أمام المصلين هل هذا حرام أو مكروه يتنزه عنه؟ وهل الصلاة أمام النار محرمة أو مكروهة؟
فأجاب فضيلته: "اختلف العلماء ورحمهم الله تعالى في الصلاة إلى النار: فمنهم من كرهها، ومنهم من لم يكرهها، والذين كرهوها عللوا ذلك بمشابهة عباد النار، والمعروف أن عبدة النار يعبدون النار ذات اللهب، أما ما ليس لهب فإن مقتضى التعليل أن لا تكره الصلاة إليها، ثم إن الناس في حاجة إلى هذه الدفايات في أيام الشتاء للتدفئة، فإن جعلوها خلفهم فاتت الفائدة منها أو قلت، وإن جعلوها عن إيمانهم أو شمائلهم لم ينتفع بها إلا القليل منهم وهم الذين يلونها، فلم يبق إلا أن تكون أمامهم ليتم انتفاعهم بها، والقاعدة المعروفة عند أهل العلم أن المكروه تبيحه الحاجة، ثم إن الدفايات في الغالب لا تكون أمام الإمام، وإنما تكون أمام المأمومين، وهذا يخفف أمرها؛ لأن الإمام هو القدوة، ولهذا كانت سترته سترة للمأموم".
|
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الأحد 12 مارس 2023, 11:04 pm | |
| الفصل الثاني صلاة الاستسقاء أولاً: تعريفها: هي صلاة نفل بكيفية مخصوصة لطلب السُّقْيا من الله تعالى بإنزال المطر عند الجدب والقحط. ثانياً: حكمها: إذا قحط الناس وأجدبت الأرض واحتبس المطر، فيستحب -عند الجمهور- أن يخرج الإمام ومعه الناس إلى المصلى على صفة تأتي، ويصلى بهم ركعتين ويخطب بهم ويدعو الله تعالى بخشوع وتضرع، لأنه الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن عبَّاد بن تميم عن عمه قال: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يستسقي، واستقبل القبلة فصلَّى ركعتين، وقَلَب رِدَاءه: جعل اليمن على الشمال» (رواه البخاري ومسلم). ثالثاً: مكانها وزمانها: من حيث المكان هي كصلاة العيد يجوز أن تؤدى في المسجد، لكن أداءها في المصلى خارج البلد (العراء) أفضل. أمَّا من حديث الزمان فصلاة الاستسقاء تصلى في كل وقت إلا في أوقات النهي. وقيل تصلى بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، وذلك بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريباً إلى الزوال أي وقت صلاة العيدين. قال الإمام النووي في كتابه المجموع: "في وقت صلاة الاستسقاء ثلاثة أوجه: أحدها: وقتها وقت صلاة العيد. الوجه الثاني: أول وقت صلاة العيد ويمتد إلى أن يصلي العصر. والثالث: وهو الصحيح، بل الصواب: أنها لا تختص بوقت، بل تجوز وتصح في كل وقتٍ من ليلٍ ونهار, إلا أوقات الكراهة على أحد الوجهين. وهذا هو المنصوص للشافعي, وبه قطع الجمهور وصححه المحققون". وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي: "وليس لوقت الاستسقاء وقت معين، إلا أنها لا تفعل في وقت النهي بغير خلاف، لأن وقتها متسع، وبعد الصلاة يقوم الإمام خطيباً مضمناً خطبته وعظاً وإرشاداً للناس، وسؤالاً للخالق سبحانه بنزول المطر". رابعاً: كيفيتها: صلاة الاستسقاء كصلاة العيد على رأي الجمهور وهذا ما رجحه الشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن باز رحمهما الله، عن ابن عباس قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتذلاً متواضعاً متضرِّعاً، حتى أتى المصلى فرقى المنبر فلم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرُّع والتكبير، ثم صلَّى ركعتين كما يصلي في العيد» (رواه أبو داود والترمذي والنسائي). وفي حديث عبد الله بن زيد: «...ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة» (رواه البخاري ومسلم). وعليه فإن صفة صلاة الاستسقاء كصلاة العيد، تصلي ركعتين ويُكبر فيها بعد تكبيرة الإحرام سبع تكبيرات على رأي الشافعية أو ست تكبيرات على رأي المالكية والحنابلة وكله صحيح بإذن الله، وفي الركعة الثانية يكبر بعد تكبيرة القيام خمس تكبيرات، ثم يتم صلاته. ومن الجدير بالذكر أن هناك قول آخر بأن صلاة الاستسقاء ركعتين كصلاة التطوع من دون زيادة تكبير، وهو مذهب مالك والأوزاعي وأبي ثور وإسحاق. ملاحظة: استحب أحمد والشافعي الفصل بين كل تكبيرتين بذكر الله مثل أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. وقال أبو حنيفة ومالك يكبر متواليا من غير فصل بين التكبير بذكر. خامساً: المسبوق في صلاة الاستسقاء: عرفنا أن صلاة الاستسقاء كصلاة العيدين وتأخذ نفس أحكامها، وعليه من فاتته التكبيرات الزوائد مع الإمام في صلاة الاستسقاء وأدرك الإمام في القراءة فإنه يكبر للإحرام ويأتي بالتكبيرات، وهو مذهب الحنفية والمالكية. وعند الشافعية والحنابلة إن حضر المأموم وقد سبقه الإمام بالتكبيرات أو ببعضها لم يتدارك شيئاً مما فاته، لأنه ذكر مسنون فات محله. وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ما الحكم لو أدركت الإمام وهو يصلي العيد -ومثلها الاستسقاء- وكان يكبر التكبيرات الزوائد، هل أقضي ما فاتني أم ماذا أعمل؟ فأجاب: "إذا دخلت مع الإمام في أثناء التكبيرات، فكبر للإحرام أولاً، ثم تابع الإمام فيما بقي، ويسقط عنك ما مضى". وسُئِلَ فضيلة الشيخ ابن عثيمين أيضاً: ما الحكم لو أدرك الإمام أثناء التكبيرات الزوائد في صلاة العيد -ومثلها الاستسقاء-؟ فأجاب فضيلته بقوله: "سبق الجواب عليه إذا أدركه في أثنائه، أما إذا أدركه راكعاً فإنه يكبر للإحرام فقط، ثم يركع، وإذا أدركه بعد فراغه من التكبير فإنه لا يقضيه لأنه فات". أمَّا من فاته ركعة من صلاة الاستسقاء فإنه يدخل مع الإمام فيما بقي, وإذا سلم الإمام يقوم ويأتي بركعة ثانية بتكبيراتها الخمس؛ لأن القضاء مثل الأداء، وهذا الأفضل، وإن قضاها كسائر الصلوات بدون التكبيرات الزوائد فلا بأس، ولا حرج عليه، وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء. مسألة: من فاتته صلاة الاستسقاء مع الإمام هل يجوز له أن يصليها منفرداً؟ الأصل أن تؤدى صلاة الاستسقاء جماعة، لكن من لم يشهد الجماعة إذا شاء أن يصلي ويدعو بنزول المطر فلا بأس في ذلك. سُئِلَ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن ذلك فأجاب: "إذا فاتت الإنسان صلاة الاستسقاء فأنا لا أعلم في هذا سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم –يقصد أن يقضيها منفرداً-، لكن لو صلى ودعا فلا بأس". وسُئِلَ الشيخ ابن جبرين السؤال التالي: هل تصلى صلاة الاستسقاء فرادى في البيوت؟ فأجاب رحمه الله: "لا يشرع ذلك، ولكن يجوز لكل فرد إذا مست الحاجة فعل هذه الصلاة، والدعاء بعدها، فإن كثيرا من الأفراد إذا نزلت بهم شدة، وفاقة، ودعوا الله تعالى بإخلاص، وصدق أغاثهم، وأنزل عليهم ماءً ثجاجاً، سواء صلوا في بيوتهم، أو خرجوا في المصلى، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى في غزوة تبوك، فنزل مطر رويت منه الأرض، وشرب الغزو كلهم، وسقوا رواحلهم، وملئوا قربهم، ولم يتجاوز ذلك المطر أماكنهم، ومواضع رحلهم... والوقائع من ذلك كثيرة يفهم منها رحمة الله تعالى بعباده، وإجابته لدعوتهم، وإغاثته للمضطرين، كما قال تعالى: "أَمّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ" (النمل: 62). |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الأحد 12 مارس 2023, 11:04 pm | |
| سادساً: خطبة الاستسقاء: ذهب مالك في رواية عنه والشافعي وأحمد في المشهور عنه وأكثر أهل العلم إلى أن خطبة الاستسقاء بعد الصلاة؛ لحديث عبد الله بن زيد قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلَّى فاستسقى وحوَّل رداءه حين استقبل القبلة وبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم استقبل القبلة ودعا» (رواه أحمد). وذهب مالك في رواية ثانية وأحمد في رواية ثانية إلى أن الخطبة قبل الصلاة، لحديث عبد الله بن زيد قال: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي، فتوجَّه إلى القبلة يدعو، وحوَّل رداءه، ثم صلَّى ركعتين جهر فيهما بالقراءة» (رواه البخاري ومسلم). والأمر في هذا واسع فيجوز أن يخطب قبل الصلاة أو بعدها، ويستحب أن تكون خطبته مناسبة للحديث، مشتملة إظهار الافتقار والندم والتوبة إلى الله تعالى، كما قال العباس حينما استسقى به عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: «وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث». والسؤال هنا: هل خطبة الاستسقاء خطبة واحدة أم خطبتين كالجمعة؟ ذهب المالكيّة والشّافعيّة ومحمّد بن الحسن إلى أنّهما خطبتان كخطبتي العيد. وذهب الحنابلة وأبو يوسف إلى أنّها خطبة واحدة وهذا ما يرجحه الشيخ ابن عثيمين فيقول: "أما الاستسقاء فهو خطبة واحدة، حتى على قول من يرى أن صلاة العيد لها خطبتان، فهي خطبة واحدة؛ إما قبل الصلاة وإما بعد الصلاة. فالأمر كله جائز". سابعاً: الفرق بين صلاة الاستسقاء وصلاة العيدين: من الجدير بالذكر أن الشيخ ابن عثيمين ذكر في كتابه الشرح الممتع على زاد المستقنع أوجه الاختلاف بين صلاة الاستسقاء وصلاة العيدين، فيقول: "خالفت صلاة الاستسقاء صلاة العيد في أمور منها: أولاً: أنه يخطب في العيد خطبتين على المذهب، وأما الاستسقاء فيخطب لها خطبة واحدة. ثانياً: أنه في صلاة الاستسقاء تجوز الخطبة قبل الصلاة وبعدها، وأما في صلاة العيد فتكون بعد الصلاة. ثالثاً: أنه في صلاة العيد تُبَيَّنُ أحكام العيدين، وفي الاستسقاء يكثر من الاستغفار، والدعاء بطلب الغيث". ثامناً: من سنن الاستسقاء: 1- خروج الناس مع الإمام إلى المصلى مبتذلين متواضعين متضرِّعين: فقد روى أبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج لصلاة الاستسقاء مبتذلاً متواضعاً متضرِّعاً. (معنى مبتذلاً: أي تاركاً لبس ثياب الزينة، ومعنى متخشعاً: أي مظهراً للخشوع ليكون ذلك وسيلة إلى نيل ما عند الله عز وجل. ومعنى متضرعاً: أي مظهراً للضراعة وهي التذلل عند طلب الحاجة). 2- أن يدعو الإمام ويكثر المسألة قائماً مستقبل القبلة رافعاً مبالغاً في رفعهما جاعلاً ظهور كفيه إلى السماء، ويرفع الناس أيديهم، ويحوِّل الإمام رداءه: عن عبد الله بن زيد: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج بالناس يستسقي بهم، فقام فدعا الله قائماً، ثم توجَّه قِبَل القبلة وحوَّل رداءه، فأُسقوا» (رواه البخاري). وقد ورد عند البخاري ومسلم وأبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يمدَّ يديه -ويجعل بطونهما مما يلي الأرض- حتى يرى بياض إبطيه. وجاء في رفع اليدين حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء (رواه مسلم). واختلف أهل العلم في المراد بقوله: (فأشار بظهر كفيه إلى السماء)، والأظهر أن المُراد به المبالغة في رفعهما، وأنه لشدة الرفع انحنت يداه؛ لأن الرفع إذا قوي صارت أصابع اليدين نحو السماء مع نوع من الانحناء، حتى كأن الرائي يرى ظهورهما نحو السماء لا أنه قصد ذلك، وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن باز رحمهما الله. وورد أيضاً صفة أخرى في كيفية رفع اليدين، فعن عمير مولى آبي اللحم رضي الله عنه أنه: رأى رسول الله يستسقى عند أحجار الزيت قريباً من الزوراء قائماً يدعو يستسقى رافعاً كفيه، لا يجاوز بهما رأسه مقبل بباطن كفيه إلى وجهه (رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي). أمَّا تحويل الإمام رداءه الوارد في حديث عبد الله ابن زيد، فمعناه: أن يجعل ما على يمينه -من ردائه- على يساره والعكس، واستحبه الجمهور، وقيل: يستحب أن يقلب ظهر رداءه لبطنه وبطنه لظهره، والحكمة في ذلك التفاؤل بتحويل الحال، ومحلّ تحويل الرّداء في أثناء الخطبة حين يستقبل القبلة للدّعاء، وهو عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة، وعند المالكيّة بعد الفراغ من الخطبتين. ملاحظة: من الجدير بالذكر أنه يجوز الاستسقاء بدون صلاة مخصوصة، فقد استسقى -أي دعا بنزول المطر- النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة، واستسقى في المسجد في غير جمعة ومن غير صلاة، كما واستسقى خارج المسجد. وقد بَيَّنَّا في الفصل الثاني من الباب الأول أدعية الاستسقاء وأحاديثها بفضل الله تعالى.
|
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الإثنين 13 مارس 2023, 8:41 am | |
| الفصل الثالث الجمع بين الصلاتين في الشتاء لكل صلاة وقت محدد شرعاً، فمن شروط صحة الصلاة دخول وقتها، قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} [النساء: 103]. فالصلاة عبادة مؤقتة بوقت محدد بدايته ونهايته، فلا يصح فعلها قبل وقتها بالإجماع ولا يصح فعلها بعد وقتها إلا لعذر.
إلا أنه عند وجود عذر من الأعذار يُشرع الجمع بين الصلاتين، فـإن لم يكن هناك عذر فـإن الجمع لا يجوز قطعاً؛ لأن دخول الوقت كما أسلفنا شرط من شروط صحة الصلاة.
أولاً: تعريف الجمع بين الصلاتين: الجمع بين الصلاتين هو أن تُصلَى صلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء جمع تقديم أو جمع تأخير، فتُصَلَّى الصلاتان في وقت إحداهما لعذر من الأعذار المبيحة للجمع.
وجمع تقديم: يكون بأن يصلي العصر في وقت صلاة الظهر أو أن يصلي العشاء في وقت المغرب.
وجمع التأخير: يكون بأن يؤخر صلاة الظهر ويصليها في وقت العصر أو أن يؤخر صلاة المغرب ويصليها في وقت العشاء.
ثانياً: الصلوات التي يجوز الجمع فيها: لا يكون الجمع إلا بين الظهر والعصر، وإلا بين المغرب والعشاء فحسب، فلا يصح الجمع بين الفجر والظهر، ولا بين العصر والمغرب، ولا بين العشاء والفجر، وهذا معلوم من الدين بالضرورة.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين الظهر والعصر إذا كان على ظهر سيرٍ، ويجمع بين المغرب والعشاء» (رواه البخاري ومسلم وأحمد).
معنى (على ظهر سير): أي سفر. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في السفر» (رواه أحمد). وجاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعاً"، وزاد مسلم: (من غير خوف ولا سفر)، قال كل من الإمام مالك والشافعي رحمهما الله: أرى ذلك بعذر المطر، ولأنه ثبت أن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم كانا يجمعان بسبب المطر.
ونبين في الجدول أدناه آراء الفقهاء في الصلوات التي يجمع بها في الشتاء، ووقت الجمع: المذهب الصلوات التي يجمع فيها في الشتاء وقت الجمع الحنفية لا يجمع على الإطلاق لأعذار الشتاء، فقط الجمع للحجاج يوم التاسع من ذي الحجة الظهر والعصر في عرفة، والمغرب والعشاء في مزدلفة. الظهر والعصر في عرفة (جمع تقديم)، والمغرب والعشاء في مزدلفة جمع تأخير.
المالكية الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء فقطـ، ولا يجمع بين صلاتي الظهر والعصر، تقديماً فقط.
الشافعية يجوز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وصلاتي المغرب والعشاء (ورجحه ابن عثيمين وابن باز).
في المذهب القديم (تقديماً وتأخيراً).
في المذهب الجديد (تقديماً فقط).
الحنابلة 1- الراجح من أقوال الحنابلة مثل قول المالكية. 2- هناك رواية عن الحنابلة أخذت بقول الشافعية. تقديماً وتأخيراً.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "إذا وجد العذر جاز أن يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء لعذر وهو المريض، والمسافر، وهكذا في المطر الشديد في أصح قولي العلماء، يجمع بين الظهر والعصر كالمغرب والعشاء، وبعض أهل العلم يمنع الجمع بين الظهر والعصر في البلد للمطر ونحوه كالدحض -أي الزلق- الذي تحصل به المشقة، والصواب جواز ذلك كالجمع بين المغرب والعشاء إذا كان المطر أو الدحض شديداً يحصل به المشقة".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "القول الصحيح في هذه المسألة: أنه يجوز الجمع بين الظهرين -الظهر والعصر- لهذه الأعذار، كما يجوز الجمع بين العشائين –المغرب والعشاء- والعلة هي المشقة، فإذا وجدت المشقة في ليل أو نهار جاز الجمع".
مسألة: هل يجوز الجمع بين صلاة الجمعة وصلاة العصر؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين: القوال الأول: عدم جواز جمع الجمعة مع العصر مطلقاً، وهو قول المالكية والحنابلة، وذلك لعدم ورود الدليل على ذلك، والأصل في العبادات المنع إلا بدليل، وأنه لا قياس في العبادات فلا تقاس الجمعة على الظهر، وأن الجمعة صلاة مستقلة وتفترق أحكامها عن الظهر بفروق كثيرة تمنع أن تلحق إحدى الصلاتين بالأخرى. وأنه قد وقع المطر الذي فيه المشقة في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ولم يرد أنه جمع فيه بين الجمعة والعصر.
القوال الثاني: جواز جمع الجمعة مع العصر، وهو قول الشافعية، لما في ذلك من التخفيف ورفع الحرج، ولاتحاد الوقت بين صلاتي الظهر والجمعة على الصحيح من أقوال أهل العلم والمعول في الجمع على الوقت، وأنه إذا وجدت علة الجمع وجد الحكم معها، فما الفرق بين جمع الجمعة مع العصر وجمع الظهر مع العصر إذا استويا في المشقة أو كانت المشقة في يوم الجمعة أشد.
ويرجح الشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن باز رحمهما الله عدم الجمع بين الجمعة والعصر. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "لا يصح أن يجمع إليها العصر؛ وذلك لأن الجمعة صلاة منفردة مستقلة في شروطها وهيئتها وأركانها وثوابها أيضاً، ولأن السنّة إنما وردت في الجمع بين الظهر والعصر، ولم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه جمع العصر إلى الجمعة أبداً، فلا يصح أن تقاس الجمعة على الظهر".
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "ليس هناك دليل فيما نعلم يدل على جواز جمع العصر مع الجمعة، ولم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم، فالواجب ترك ذلك، وعلى من فعل ذلك أن يعيد صلاة العصر إذا دخل وقتها".
ثالثاً: الأعذار المبيحة للجمع في الشتاء: الأعذار التي تبيح الجمع بشكل عام هي السفر والخوف والمرض والمطر وأمثالها مما يشكل عدم الجمع مع وجودها حرجاً ومشقة، والشرع قد رفع الحرج عن المسلمين، فإذا وُجد عذر من هذه الأعذار جاز الجمع بين الصلاتين، هذا عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، أما عند الحنفية -كما بينا- فالجمع عندهم لا يكون إلا بين الظهر والعصر جمع تقديم في عرفة في اليوم التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة)، وبين المغرب والعشاء جمع تأخير في المزدلفة.
أما الأعذار التي تبيح الجمع بين الصلاتين في الشتاء فيمكن حصرها فيما يلي: 1- المطر والثلج والبَرَد: اتفق المالكية والشافعية والحنابلة بشكل عام على أن المطر الذي يبُل الثياب وتلحق المشقة بالخروج فيه عذر من أعذار الجمع بين الصلاتين، ومثله الثلج والبَرَد.
قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي في كتابه المغني: "والمطر المبيح للجمع هو: ما يبل الثياب، وتلحق المشقة بالخروج فيه، وأما الطل والمطر الخفيف الذي لا يبل الثياب فلا يبيح، والثلج كالمطر في ذلك لأنه في معناه وكذلك البَرَد".
قال الإمام النووي الشافعي في كتابه المجموع: "ولا يجوز الجمع إلا في مطر يبل الثياب ، وأما المطر الذي لا يبل الثياب فلا يجوز الجمع لأجله ".
وقال أيضاً: "وَالْجَمْعُ بِعُذْرِ الْمَطَرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الثَّلْجِ وَغَيْرِهِ : يَجُوزُ لمن يصلى جماعة فِي مَسْجِدٍ يَقْصِدُهُ مَنْ بَعُدَ ، وَيَتَأَذَّى بِالْمَطَرِ فِي طَرِيقِهِ".
قال الشيخ الآبي المالكي في كتابه الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني: "فالمطر سبب للجمع بين المغرب والعشاء، على القول المشهور؛ بشرط أن يكون وابلاً، أي كثيراً، وهو الذي يحمل أواسطَ الناس على تغطية الرأس، وسواء كان واقعاً أو متوقعاً، ويمكن علم ذلك بالقرينة. ومثل المطر: الثلج والبرد".
وقال الشيخ ابن عثيمين: "إذا كان هناك مطر يبل الثياب لكثرته وغزارته، فإنه يجوز الجمع، فإن كان مطراً قليلاً لا يبل الثياب فإن الجمع لا يجوز، لأن هذا النوع من المطر لا يلحق المكلف فيه مشقة، بخلاف الذي يبل الثياب، ولا سيما إذا كان في أيام الشتاء، فإنه يلحقه مشقة من جهة البلل، ومشقة أخرى من جهة البرد، ولا سيما إن انضم إلى ذلك ريح فإنها تزداد المشقة، فإن قيل: ما ضابط البلل؟ فالجواب: هو الذي إذا عصر الثوب تقاطر منه الماء". |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الإثنين 13 مارس 2023, 8:42 am | |
| واختلف العلماء في وقت وجود المطر المبيح للجمع، وبيان ذلك على النحو التالي: أ- المالكية: يشترطون نزول المطر عند افتتاح الصلاة الأولى ولا يشترطون استمراره حتى الدخول في الصلاة الثانية، وعليه إذا انقطع المطر قبل الشروع في الأولى أو حدث بعد الشروع فيها فلا يجوز الجمع. وإن انقطع بعد الشروع في الأولى فالجمع جائز. المهم عند المالكية وجود المطر عند الدخول في الصلاة الأولى، وهي المغرب؛ لكونهم لا يجيزون الجمع إلا بين المغرب والعشاء.
يقول الإمام الخرشي المالكي: "أي أن الجماعة إذا شرعوا في صلاة المغرب لوجود سبب الجمع وهو المطر، فلما صلوها أو بعضها ارتفع السبب فإنه يجوز لهم التمادي على الجمع، إذ لا تؤمن عودته، وظاهره ولو ظهر عدم عودته، أما لو انقطع قبل الشروع فلا جمع إلا بسبب غيره فالمراد الشروع في الأولى".
يُذكر أن بعض المالكية أجازوا الجمع للمطر المتوقع بين صلاتي المغرب والعشاء شريطة أن يغلب على ظنّ الإمام نزول المطر قبل العشاء، غير أنه إذا لم ينزل المطر فينبغي عليهم إعادة صلاة العشاء في وقتها لعدم تحقق العذر.
قال الإمام الدسوقي رحمه الله في ذلك: "إذا جمع في هذه الحالة ولم يحصل المطر فينبغي إعادة الثانية في الوقت".
وقال الإمام الخرشي في ذلك: "المطر المتوقع بمنزلة الواقع كما ذكره الشيخ زروق ونقله عنه الشاذلي فإن قلت المطر إنما يبيح الجمع إذا كثر والمتوقع لا يتأتى فيه ذلك قلت يمكن علم ذلك بالقرينة، ثم إنه إذا جمع في هذه الحالة ولم يحصل فينبغي أن يعيد في الوقت".
ولعلي لا أؤيد الأخذ بهذا القول، إذ إنه يوقع في اضطراب وارتباك، فعلماء الأرصاد الجوية المختصين والمؤهلين بأجهزتهم الدقيقة كثيراً ما يخطؤون في توقعاتهم بشأن المطر، فكيف لو ترك هذا الأمر لشهوات الناس وأهوائهم؛ إذ إن الناس كثيراً ما يؤثرون على الإمام في موضوع الجمع.
وأفتي المجلس الإسلامي للإفتاء في الدّاخل الفلسطيني بعدم الأخذ بقول بعض المالكية بالجمع للمطر المتوقع.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال التالي: إذا كانت السماء غائمة ولم يكن مطر ولا وحل ولكن المطر متوقع فهل يجوز الجمع؟
فأجاب فضيلته: "لا يجوز الجمع في هذه الحال لأن المتوقع غير واقع, وكم من حال يتوقع الناس فيها المطر لكثافة السحاب ثم يتفرق ولا يمطر".
سئل كذلك الشيخ ابن عثيمين: إذا كان مطر ولكن شكنا هل هو مطر يبيح الجمع أو لا؟
فأجاب فضيلته: "لا يجوز الجمع في هذه الحال؛ لأن الأصل وجوب فعل الصلاة في وقتها فلا يعدل عن الأصل إلا بيقين العذر، فاتقوا الله عباد الله, والتزموا حدود الله, ولا تتهاونوا في دينكم واسألوا العلماء قبل أن تقدموا على شيء تحملون به ذممكم مسؤولية عباد الله في عبادة الله, واعلموا أن الأمر خطير, وأن الصلاة في وقتها أمر واجب بإجماع المسلمين, وأما الجمع فرخصة حيث وجد السبب المبيح: إما مباح وفعله أفضل, أو مباح وتركه أفضل, وما علمت أحداً من العلماء قال: إنه واجب.
فلا تعرضوا أمراً أجمع العلماء على وجوبه -يقصد أداء الصلاة في وقتها- لأمر اختلف العلماء في أفضليته -يقصد الجمع-، اللهم وفقنا للعمل لما يرضيك عنا, اللهم اجعلنا هداة مهتدين, وصالحين مصلحين, إنك جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين".
ب- الشافعية: يشترط وجود المطر عند افتتاح الصلاة الأولى والسلام منها حتى افتتاح الصلاة الثانية، ولا يضر انقطاع المطر في أثناء الأولى أو الثانية أو بعدهما.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: "ولا يجمع إلا والمطر مقيم في الوقت الذي يجمع فيه، فإن صلى إحداهما ثم انقطع المطر لم يكن له أن يجمع الأخرى إليها، وإذا صلى إحداهما والسماء تمطر ثم ابتدأ الأخرى والسماء تمطر ثم انقطع مضى على صلاته؛ لأنه إذا كان له الدخول فيها كان له إتمامها".
وقال الإمام النووي وهو أحد أئمة المذهب الشافعي: [ويشترط وجود المطر في أول الصلاتين باتفاق الأصحاب].
وقال الإمام الشيرازي في كتابه المهذب في فقه الإمام الشافعي: "فإذا دخل في الظهر من غير مطر ثم جاء المطر لم يجز له الجمع... فإن أحرم بالأولى مع المطر ثم انقطع في أثنائها ثم عاد قبل أن يسلم ودام حتى أحرم بالثانية جاز الجمع; لأن العذر موجود في حال الجمع, وإن عدم فيما سواها من الأحوال لم يضر; لأنه ليس بحال الدخول, ولا بحال الجمع".
وقال الإمام السنيكي الشافعي في كتابه أسنى المطالب في شرح روض الطالب: "وإنما يشترط في إباحة المطر الجمع زيادة على ما مر (وجود المطر في أول الصلاتين) ليقارن الجمع (وعند التحلل من الأولى) ليتصل بأول الثانية فيؤخذ منه اعتبار امتداده بينهما، وهو ظاهر ولا يضر انقطاعه فيما عدا ذلك لعسر انضباطه".
ت- الحنابلة: • يشترط في جمع التقديم وجود المطر عند افتتاح الصلاة الأولى والسلام منها وافتتاح الصلاة الثانية، واشترط بعض الحنابلة بالإضافة إلى ذلك أن يستمر المطر حتى فراغ الصلاة الثانية.
قال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي: "وَمَتَى جَمَعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى اُعْتُبِرَ وُجُودُ الْعُذْرِ الْمُبِيحِ حَالَ افْتِتَاحِ الْأُولَى وَالْفَرَاغِ مِنْهَا وَافْتِتَاحِ الثَّانِيَةِ، فَمَتَى زَالَ الْعُذْرُ فِي أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يُبَحْ الْجَمْعُ، وإِنْ زَالَ الْمَطَرُ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى، ثُمَّ عَادَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، أَوْ انْقَطَعَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالثَّانِيَةِ، جَازَ الْجَمْعُ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ انْقِطَاعُهُ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ وُجِدَ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ، وَهُوَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْأُولَى، وَفِي وَقْتِ الْجَمْعِ، وَهُوَ آخِرُ الْأُولَى وَأَوَّلُ الثَّانِيَةِ، فَلَمْ يَضُرَّ عَدَمُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ".
قال الإمام البهوتي الحنبلي في كتابه كشاف القناع: "ويشترط للجمع في وقت الأولى ظهراً كانت أو مغرباً, وهو جمع التقديم (ثلاثة شروط:... والشرط الثالث: (أن يكون العذر) المبيح للجمع من سفر أو مرض ونحوه (موجوداً عند افتتاح الصلاتين) المجموعتين (و) عند (سلام الأولى)؛ لأن افتتاح الأولى موضع النية وفراغها, وافتتاح الثانية موضع الجمع (فلو أحرم) ناوي الجمع (بالأولى) من المجموعتين (مع وجود مطر، ثم انقطع) المطر. (ولم يعد، فإن حصل وحل) لم يبطل الجمع؛ لأن الوحل من الأعذار المبيحة، وهو ناشئ من المطر فأشبه ما لو لم ينقطع المطر (وإلا) أي وإن لم يحصل وحل (بطل الجمع) لزوال العذر المبيح له فيؤخر الثانية حتى يدخل وقتها".
وقال الشيخ ابن ضويان في كتابه منار السبيل في شرح الدليل: "فإن جمع تقديماً اشترط لصحة الجمع:... وأن يوجد العذر عند افتتاحهما (أي افتتاح الصلاتين)، وأن يستمر إلى فراغ الثانية لأنه سببه".
وقال الإمام ابن مفلح الحنبلي في كتابه المبدع في شرح المقنع: "ولا يشترط دوام العذر إلى فراغ الثانية في جمع المطر ونحوه".
* يشترط الحنابلة في جمع التأخير وجود نية الجمع في وقت الأولى، واستمرار المطر من حين نية الجمع وقت الصلاة الأولى إلى دخول وقت الثانية.
قال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في كتابه المقنع: "وإن جمع في وقت الثانية كفاه نية الجمع في وقت الأولى، ما لم يضق عن فعلها، واستمرار العذر إلى دخول وقت الثانية منهما".
وقال البهوتي في كشاف القناع: "وإن جمع جمع تأخير في وقت الثانية اشترط له شرطان: أحدهما: أشار إليه بقوله: كفاه -أي أجزأه- نية الجمع في وقت الأولى، لأنه متى أخرها عن وقتها بلا نية صارت قضاءً لا جمعاً ما لم يضق وقت الأولى عن فعلها، فإن ضاق وقت الأولى عن فعلها لم يصح الجمع، لأن تأخيرها إلى القدر الذي يضيق عن فعلها حرام، وأثم بالتأخير، لما تقدم، الشرط الثاني: استمرار العذر إلى دخول وقت الثانية منهم لأن المجوز للجمع العذر. فإذا لم يستمر وجب أن لا يجوز لزوال المقتضي ، كالمريض يبرأ ، والمسافر يقدم ، والمطر ينقطع".
وجاء في الموسوعة الفقهية: "يشترط لصحة جمع التأخير نية الجمع قبل خُرُوجِ وَقْتِ الأْولَى بِزَمَنٍ لَوِ ابْتُدِئَتْ فِيهِ كَانَتْ أَدَاءً، فَإِنْ أَخَّرَهَا بِغَيْرِ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَثِمَ وَتَكُونُ قَضَاءً لِخُلُوِّ وَقْتِهَا عَنِ الْفِعْل أَوِ الْعَزْمِ".
واشتُرط نية الجمع في وقت الأولى ما لم يضق الوقت عن فعلها؛ لأن تأخيرها حرام، والتأخير ينافي الرخصة، كما أن التأخير يفوت فائدة الجمع وهو التخفيف بالمقاربة بين الصلاتين. وعليه من يؤخر الصلاة الأولى لوقت لا يستطيع فيه أدائها ثم ينوى نية الجمع، لا يجوز له الجمع، وكذلك إذا لم تتحقق نية الجمع في وقت الصلاة الأولى صارت قضاءً لا جمعاً.
واشتُرط بقاء العذر إلى دخول وقت الثانية؛ لأن وجود العذر سبب إباحة الجمع، فإذا لم يستمر إلى وقت الثانية زال سبب الجمع.
ملاحظة هامة: من الجدير بالقول أن الشيخ ابن عثيمين لا يشترط وجود العذر إلا عند السلام من الصلاة الأولى، فلو لم ينزل المطر مثلاً، إلا في أثناء الصلاة الأولى كصلاة المغرب فإنه يصح الجمع على الصحيح، بل لو لم ينزل إلا بعد تمام الصلاة الأولى –أي: كانت السماء فيها ولم ينزل المطر وبعد أن انتهت الصلاة الأولى نزل المطر- فالصحيح أن الجمع جائز.
ونذكر بعض أقواله رحمه الله: أ- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتابه الشرح الممتع: "إذا كان يشترط نية الجمع عند تكبيرة الإِحرام لزم من هذا الشرط أن يشترط وجود العذر عند تكبيرة الإِحرام؛ لأن نية الجمع بلا عذر غير صحيحة، فإذا قلنا: لا بد من نية الجمع عند تكبيرة الإِحرام صار لا بد أيضاً من وجود العذر عند تكبيرة الإِحرام، إذاً هذا الشرط مبني على الشرط الأول الذي هو نية الجمع عند افتتاح الصلاة الأولى، وقد سبق أن القول الصحيح: عدم اشتراطه، وعلى ذلك لا يشترط وجود العذر عند افتتاح الأولى، فلو لم ينزل المطر مثلاً إلا في أثناء الصلاة فإنه يصح الجمع على الصحيح، بل لو لم ينزل إلا بعد تمام الصلاة الأولى أي: كانت السماء مغيمة ولم ينزل المطر، وبعد أن انتهت الصلاة الأولى نزل المطر، فالصحيح أن الجمع جائز بناء على هذا القول".
ب- وقال الشيخ أيضاً في كتابه تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة: "متى وجد العذر عند افتتاح الثانية جاز الجمع فلو صلى المغرب وليس عنده نية الجمع أو صلى المغرب وليس هناك مطر وبعد سلامه من المغرب أمطرت السماء فنوى الجمع فلا بأس بذلك وقد عمل بهذا شيخنا رحمه الله عبد الرحمن بن سعدي حيث صلى ذات يوم صلاة المغرب ولما خرج الناس رجعوا إليه وقالوا إنها تمطر مطراً شديداً فأمر المؤذن فأقام الصلاة وصلى العشاء مع أنه لم ينو الجمع عند افتتاح الأولى ولم يوجد العذر أيضاً فالحاصل أن الصحيح أنه متى وجد العذر المبيح للجمع في وقت لا يحصل به التفريق فإنه يجوز أن يجمع بل قال بعض العلماء حتى لو لم يوجد العذر إلا بعد وقت طويل من سلامه من الأولى فله أن يجمع يعني أنه متى وجد العذر قبل خروج الوقت وقت الأولى جاز الجمع وهذا لا شك أنه من أوسع المذاهب ومن أيسرها على الناس لكن النفس لا تطيب بالقول به أي أنه إذا وجد العذر بعد مدة طويلة من الأولى فإنه يجوز لا أستطيع أن أجسر الآن على القول بهذا أما إذا وجد العذر بعد السلام الأولى بمدة قصيرة لا يحصل بها التفريق فلا شك في جواز الجمع". |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الإثنين 13 مارس 2023, 8:42 am | |
| 2- الريح الشديدة الباردة: وقع الخلاف بين الفقهاء القائلين بجواز الجمع بعذر هل الريح الشديدة الباردة عذر يبيح الجمع بين الصلاتين أم لا على قولين:
القول الأول: وهو مذهب المالكية والمشهور عند الشافعية ورواية عند الحنابلة: إن الريح الشديدة الباردة لا يباح الجمع بين الصلاتين بسببها مطلقاً.
القول الثاني: وهو الراجح عند الحنابلة وقول لبعض الشافعية: إن وجود الريح الشديدة الباردة عذر يبيح الجمع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْوَحْلِ الشَّدِيدِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ الْبَارِدَةِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَطَرُ نَازِلًا فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُصَلُّوا فِي بُيُوتِهِمْ بَلْ تَرْكُ الْجَمْعِ مَعَ الصَّلَاةِ فِي الْبُيُوتِ بِدْعَةٌ مُخَالِفَةٌ لِلسُّنَّةِ، إذْ السُّنَّةُ أَنْ تُصَلَّى الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فِي الْمَسَاجِدِ جَمَاعَةً وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْبُيُوتِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ".
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن صلاة الجمع في المطر بين العشائين، هل يجوز من البرد الشديد؟ أو الريح الشديدة؟ أم لا يجوز إلا من المطر خاصة؟
فأجاب فضيلته: "الحمد لله رب العالمين، يجوز الجمع بين العشائين -أي المغرب والعشاء- للمطر والريح الشديدة الباردة والوحل الشديد، وهذا أصح قولي العلماء، وهو ظاهر مذهب أحمد ومالك وغيرهما، والله أعلم".
قال الشيخ ابن عثيمين في كتابه الشرح الممتع: "المراد بالريح الشديدة ما خرج عن العادة، وأما الريح المعتادة فإنها لا تبيح الجمع، ولو كانت باردة، والمراد بالبرودة ما تشق على الناس. فإن قال قائل: إذا اشتد البرد دون الريح هل يباح الجمع؟ قلنا: لا؛ لأن شدة البرد بدون الريح يمكن أن يتوقاه الإِنسان بكثرة الثياب، لكن إذا كان هناك ريح مع شدة البرد فإنها تدخل في الثياب، ولو كان هناك ريح شديدة بدون برد فلا جمع؛ لأن الرياح الشديدة بدون برد ليس فيها مشقة، لكن لو فرض أن هذه الرياح الشديدة تحمل تراباً يتأثر به الإِنسان ويشق عليه، فإنها تدخل في القاعدة العامة، وهي المشقة، وحينئذٍ يجوز الجمع".
وقال الشيخ ابن عثيمين أيضاً في لقاء الباب المفتوح: "إذا اشتد البرد، مع ريح تؤذي الناس: فإنه يجوز للإنسان أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، لما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: " أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر، قالوا لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته"، وهذا يدل على أن الحكمة من مشروعية الجمع إزالة المشقة عن المسلمين، وإلا فإنه لا يجوز الجمع. والمشقة في البرد إنما تكون إذا كان معه هواء وريح باردة، وأما إذا لم يكن معه هواء فإن الإنسان يتقي البرد بكثرة الملابس ولا يتأذى به، ولهذا لو سألنا سائل: هل يجوز الجمع بمجرد شدة البرد؟ لقلنا: لا يجوز، إلا بشرط أن يكون مصحوباً بريح باردة تؤذي الناس، أو إذا كان مصحوباً بنزول الثلج، فإن الثلج إذا كان ينزل فإنه يؤذي بلا شك، فحينئذ يجوز الجمع، أما مجرد البرد فليس بعذر يبيح الجمع، فمن جمع بين الصلاتين لغير عذر شرعي، فإنه آثم وصلاته التي جمعها إلى ما قبلها غير صحيحة، وغير معتد بها، بل عليه أن يعيدها. وإذا كان جمع تأخير: كانت صلاته الأولى في غير وقتها، وهو آثم بذلك. هذه المسألة أحببت أن أنبه عليها؛ لأن بعض الناس ذكروا لي أنهم جمعوا قبل ليلتين من أجل البرد، بدون أن يكون هناك هواء يؤذي الناس، وهذا لا يحل لهم".
وقال الشيخ الفوزان حفظه الله: "مجرد البرد ليس عذراً في الجمع، ولا مشقة في إتيان الناس إلى المساجد في هذا الزمان، لما يلي: 1- تقارب المساجد وكثرتها في الأحياء السكنية فالمشي إليها لا مشقة فيه لو مع وجود البرد، أضف إلى ذلك وجود وسائل التدفئة في المساجد.
2- أن الله تعالى قد أنعم على كثير من الناس في هذا الزمان بالوسائل التي يحتمون بها من البرد من الملابس الداخلية والخارجية ، أما من يتأذى بخروجه إلى المسجد ، لعدم وجود ما يكفيه لتدفئة بدنه من الملابس أو وسائل التدفئة فهذا له الجمع ، لوجود المشقة في حقه.
3- أن الناس لو جمعوا لأجل البرد فإنهم لن يلزموا بيوتهم إلى صلاة الفجر بل الغالب منهم يخرجون لقضاء حوائجهم، وفتح محلاتهم، بل منهم من يذهب إلى المستراحات وأماكن الاجتماعات والزيارات إلى ساعة متأخرة من الليل، وإذا كان البرد لن يكون مانعاً عن مثل هذه التصرفات فكيف يكون مانعاً من الخروج لأداء صلاة العشاء؟!
وانظر إلى حركة السير وانتشار الناس في الأسواق حتى مع شدة البرد، ولو جئت إلى بيوت الحي بعد صلاة المغرب التي جمعت إليها العشاء لشدة البرد ما وجدت فيها من الرجال والشباب إلا القليل.
إن الجمع لأجل البرد قد يكون حاجة في زمن مضى عندما كان الناس يلزمون مساكنهم، إضافة إلى ما هم عليه من قلة الحال، أما اليوم فقد اختلف الأمر.
والحاصل أن البرد ليس من الأعذار التي تبيح الجمع؛ لأن البرد يمكن أن يتوقاه الإنسان بالثياب التي تدفئه".
3- الوحل والطين: وقع الخلاف بين الفقهاء القائلين بجواز الجمع بعذر هل الوحل والطين عذر يباح به الجمع على قولين: القول الأول: وهو قول المالكية والحنابلة، الوحل والطين عذر يباح معهما الجمع تقديماً بين صلاتي المغرب والعشاء لا الظهر والعصر، غير أن المالكية اشترطوا أن يكون الوحل أو الطين مقترناً بظلمة شديدة أي الليالي التي لا قمر فيها، ولا يجمع على المشهور عندهم للظلمة وحدها بل لابد من اقترانهما معاً، ولم يشترط الحنابلة للجمع بهما شيء، قال الإمام مالك: "يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر وإن لم يكن مطر إذا كان طين وظلمة".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الوحل: الزلق والطين؛ فإذا كانت الأسواق قد ربصت من المطر فإنه يجوز الجمع، وإن لم يكن المطر ينزل؛ وذلك لأن الوحل والطين، يشق على الناس أن يمشوا عليه ".
القول الثاني: وهو قول الشافعية وبعض الحنابلة، الوحل والطين لا يبيحان الجمع مطلقاً.
ونحن نتفق مع القائلين بعدم إباحة الجمع من أجل الوحل والطين؛ وذلك لعدم ورود هذا العذر ضمن الأعذار التي تبيح الجمع في زمن رسول الله مع وجود الوحل والطين في زمانه، وكذلك لأن زماننا اليوم اختلف من حيث وجود البنية التحتية في غالبية المدن، فالشوارع معبدة ومرصوفة، ولا يلحق الوحل والطين الأذى والمشقة التي كانت مقصد جواز الجمع عند القائلين به، ولكن أهل الريف ومن لا يزالوا يعانون ويجدون المشقة في بلادهم من الوحل والطين فإن لهم الاستفادة من هذا العذر وفقاً للقول الأول، والله أعلى وأعلم.
ملاحظة هامة: نسمع كثيراً من عامة الناس أن النبي جمع بعذر وبغير عذر، وهذا كلام غير صحيح وغير مستند لدليل، فروى الإمام مسلم في صحيحه والإمام الترمذي في سننه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: جمع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء, من غير خوف ولا مطر, قالوا: ما أراد من ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته ". (أي: ألا يلحقها الحرج), وعلى هذا فالضابط في الجمع: أن يكون في تركه حرج ومشقة وفقأ للضوابط التي وضعها العلماء.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ذلك: "نأسف أن بعض الناس الذين يقولون: نتمسك بالسنة يغلطون في هذه المسألة, ويظنون أن الجمع جائز لأدنى سبب, وهذا خطأ, ثم يجب أن نقول: إذا علمنا أنه لا حرج في ترك الجمع صار الجمع حراماً, وإذا علمنا أن في تركه حرجاً صار الجمع جائزاً بل سنة, وإذا شككنا صار الجمع حراماً؛ لأن الأصل وجوب فعل الصلاة في وقتها, فلا نعذر عن هذا الأصل إلا بأمر متيقن... ثم إني أقول لكم يا إخواني: لا تظنوا أن الجمع رخصة عند كل العلماء, حتى الذين يقولون: إنه يجوز، يقولون: تركه أفضل, لكننا نحن نرى أنه إذا وجد السبب ففعله أفضل, وهناك مذهب يمثل ثلاثة أرباع الأمة الإسلامية لما كانت الخلافة في الأتراك وهم على مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله وهو يرى أنه لا جمع مطلقاً إلا في موضعين: في عرفة ومزدلفة؛ لأجل النسك, وإلا فلا جمع في السفر أو المرض أو المطر ولا غير ذلك, فلا تظن أن المسألة سهلة, المسألة صعبة. فالخلاصة: إذا تحقق العذر فالجمع أفضل, وإذا علمنا أنه لا عذر فالجمع حرام, وإذا شككنا فالجمع حرام؛ لأن الأصل هو وجوب فعل الصلاة في أوقاتها...".
وعليه يجب أن يعلم كل من يجمع بين الصلاتين بدون عذر شرعي أن جمعه باطل أي أن صلاته الثانية باطلة؛ لأنها وقعت في غير وقتها المقدر لها شرعاً فدخول الوقت شرط من شروط صحة الصلاة والأصل في الصلوات الخمس أن تصلى كل منها في وقتها الشرعي، قال الله تعالى: " إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا" (النساء:103).
وقد قال العلماء كلام خطير في حق من جمع بين الصلاتين بدون عذر شرعي، فقد ذكر الإمام ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر أن من جمع بين الصلاتين بدون عذر شرعي ارتكب حراماً بل كبيرة من كبائر الذنوب.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه مجموع الفتاوى: "قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر. وقد رواه الترمذي مرفوعاً عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من جمع بين الصلاتين من غير عذر، فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر، ورفع هذا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن كان فيه نظر. فإن الترمذي قال: العمل على هذا عند أهل العلم، والأثر معروف، وأهل العلم ذكروا ذلك مقرين له، لا منكرين له".
* أقوال بعض العلماء في أن ترك الجمع بين الصلاتين أفضل خروجاً من الخلاف: 1- قال الإمام النووي وهو أحد أئمة الشافعية في كتابه روضة الطالبين: "وترك الجمع أفضل بلا خلاف فيصلي كل صلاة في وقتها للخروج من الخلاف فإن أبا حنيفة وجماعة من التابعين لا يجوِّزونه. وممن نص على أن تركه أفضل الغزالي وصاحب التتمة (وهو أبو سعد المتولي الشافعي). قال الغزالي في البسيط: لا خلاف أن ترك الجمع أفضل".
2- قال الإمام الخطيب الشربيني وهو أحد أئمة الشافعية في كتابه مغني المحتاج: "والأفضل ترك الجمع خروجاً من خلاف أبي حنيفة".
3- قال الإمام ابن مفلح -وهو أحد أئمة الحنابلة وتلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية- عن الجمع: "وتركه أفضل".
4- قال الإمام المرداوي وهو أحد أئمة الحنابلة في كتابه الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: "يؤخذ من قول المصنف "ويجوز الجمع" أنه ليس بمستحب وهو كذلك بل تركه أفضل على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب".
5- قال الإمام البهوتي وهو أحد أئمة الحنابلة في كتابه كشاف القناع: "الجمع بين الصلاتين ليس بمستحب؛ بل تركه أفضل؛ للاختلاف فيه".
6- قال الإمام ابن غانم الأزهري وهو أحد أئمة المالكية في كتابه الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: "الجمع رخصة مرجوح فعلُها؛ إذ الأَولى تركُها".
|
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الإثنين 13 مارس 2023, 8:43 am | |
| مسألة: هل يجوز القصر مع الجمع عند وجود العذر في فصل الشتاء؟
إذا تحقق عذر في فصل الشتاء فيشرع الجمع لا القصر؛ لأن القصر حكم خاص للمسافر فقط، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "أما الجمع فأمره أوسع؛ فإنه يجوز للمريض، ويجوز أيضًا للمسلمين في مساجدهم عند وجود المطر، أو الدحض، بين المغرب والعشاء، وبين الظهر والعصر، ولا يجوز لهم القصر؛ لأن القصر مختص بالسفر فقط".
رابعاً: الأذان والإقامة في الجمع: اختلف العلماء في الأذان والإقامة للصلاتين المجموعتين، والصحيح من تلك الأقوال أنه يؤذَّن أذان واحد للصلاتين، ويقام إقامتان، لكل صلاة إقامة، وهذا قول الحنفية والحنابلة, وهو المعتمد عند الشافعية, وهو قول بعض المالكية.
والدليل على ذلك: ما ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، حيث صلَّى الظهر والعصر في عرفة جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين ، وصلَّى المغرب والعشاء في مزدلفة جمع تأخير بأذان واحد وإقامتين.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن ذلك، فأجابت: "السنَّة أن الشخص يجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، إذا وُجد مسوغُ ذلك؛ كالسفر والمرض والمطر في الحضر، هذا هو الذي تدل عليه السنة الصحيحة الصريحة، لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فإذا جمع الإنسانُ أذَّن للأُولى، وأقام لكلِّ فريضة".
خامساً: النية في الجمع بين الصلاتين: النية عند الجمع بين الصلاتين فقد اشترطها أكثر أهل العلم؛ لأن الجمع عمل فيدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ مما نوى" (متفق عليه).
لكن اختلفوا في محلها فمنهم من قال: إنها تجب عند الإحرام بالأولى، وهو مذهب الحنابلة.
ومنهم من قال: إنها تجوز مع الإحرام بالأولى، أو في أثنائها، أو مع التحلل منها، ولا تجوز بعد التحلل أي لا تجوز النية بعد السلام من الأولى، وهو مذهب الشافعية.
أما عند المالكية فلا يشترطون نية الجمع قبل الإحرام بالأولى ، فيجوز عندهم أن ينوي الجمع بعد السلام من الأولى، وقد ذكر ذلك الإمام مالك كما جاء في كتاب المدونة الكبرى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "اختلفوا في الجمع والقصر هل يشترط له نية؟ فالجمهور لا يشترطون النية كمالك وأبى حنيفة، وهو أحد القولين في مذهب أحمد، وهو مقتضى نصوصه، والثاني تشترط كقول الشافعي وكثير من أصحاب أحمد كالخرقي وغيره، والأول أظهر، ومن عمل بأحد القولين لم يُنكر عليه".
وقال النووي وهو أحد أئمة الشافعية: "نية الجمع وهي شرط لصحة الجمع على المذهب. وقال المزني وبعض الأصحاب لا تشترط لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع. ولم ينقل أنه نوى الجمع ، ولا أمر بنيته، وكان يجمع معه من تخفى عليه هذه النية، فلو وجبت لبينها. ودليل المذهب أن الصلاة الثانية قد تفعل في وقت الأولى جمعاً، وقد تفعل سهواً فلا بد من نية تميزها".
ورجح شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله عدم اشتراط نية الجمع، ومما احتج به: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بأصحابه الظهر بعرفة، ولم يعلمهم أنه يريد أن يصلي العصر بعدها، ثم صلى بهم العصر، ولم يكونوا نووا الجمع، وهذا جمع تقديم، وكذلك لما خرج من المدينة صلى بهم بذي الحليفة العصر ركعتين، ولم يأمرهم بنية القصر".
وقال شيخ الإسلام أيضاً: "ولم ينقل قط أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر أصحابه، لا بنية قصر ولا بنية جمع، ولا كان خلفاؤه وأصحابه يأمرون بذلك من يصلي خلفهم".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والصحيح: أنه لا يشترط نية الجمع عند إحرام الأولى، وأن له أن ينوي الجمع ولو بعد سلامه من الأولى، ولو عند إحرامه في الثانية ما دام السبب موجوداً".
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "والراجح: أن النية ليست بشرط عند افتتاح الصلاة الأولى، بل يجوز الجمع بعد الفراغ من الأولى إذا وُجدَ شرطه من خوف أو مرض أو مطر".
ولعلنا نتفق هنا مع من لا يشترط النية في الجمع بين الصلاتين؛ إذ إن المتأخرين في حضور الصلاة الأولى لا يعلمون هل الإمام يجمع أم لا، فلو اشترطنا لصحة الجمع تقديم النية لما جاز لهم أن يجمعوا مع الإمام.
وعليه نقول الأحوط عقد نية الجمع عند دخول الصلاة الأولى لمن شهد تكبيرة الإحرام خروجاً من الخلاف، والمتأخرين في الصلاة لا بأس إن لم ينووا نية الجمع لعدم علمهم به، والله أعلى وأعلم.
سادساً: الترتيب والموالاة بين الصلاتين في الجمع: أما الترتيب بين الصلاتين المجموعتين، فهو واجب عند الجمهور، فقد ذكر الإمام النووي رحمه الله في كتابه المجموع أنه: "يشترط لجمع التقديم أن يبدأ بالأولى؛ لأن الوقت لها، والثانية تبع لها. ولأن النبي جمع هكذا وقال -صلى الله عليه وسلم-: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، فلو بدأ بالثانية لم تصح وتجب إعادتها بفعل الأولى جامعاً، ولو صلى الأولى ثم الثانية، فبان فساد الأولى، فالثانية فاسدة أيضاً، ويعيدها جامعاً".
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: "يجب في حال الجمع الترتيب، بحيث يصلي الظهر أولاً ثم يصلي العصر، ويصلي المغرب أولاً ثم يصلي العشاء، سواء كان جمعه جمع تقديم أو تأخير".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "يشترط الترتيب بأن يبدأ بالأولى ثم بالثانية؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، ولأن الشرع جاء بترتيب الأوقات في الصلوات، ولكن لو نسي الإِنسان أو جهل أو حضر قوماً يصلّون العشاء وهو قد نوى جمع التأخير، ثم صلّى معهم العشاء ثم المغرب، فهل يسقط الترتيب في هذه الأحوال أو لا يسقط ؟
المشهور عند فقهائنا رحمهم الله: أنه لا يسقط، وبناءً على هذا لو أن الإِنسان قدم الثانية على الأولى سهواً أو جهلاً أو لإِدراك الجماعة أو لغير ذلك من الأسباب، فإن الجمع لا يصح، فماذا يصنع في هذه الحال؟
الجواب: الصلاة التي صلاها أولاً لم تصح فرضاً، ويلزمه إعادتها".
وأمَّا الموالاة بين الصلاة المجموعتين، ويقصد به أن تكون الصلاتان متواليتين لا يفصل بينهما إلا بشيء يسير، وفيه قولان: أ- قول جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ)، بأنه يشترط الموالاة بين الصلاتين المجموعتين، فلا يفصل بين الصلاتين بوقت طويل؛ لأنَّ الْجَمْعَ يَجْعَلُهُمَا كَصَلاَةٍ وَاحِدَةٍ فَوَجَبَ الْوَلاَءُ كَرَكَعَاتِ الصَّلاَةِ أَيْ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا كَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ فِي صَلاَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ فَصَل بَيْنَهُمَا بِفَصْلٍ طَوِيلٍ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَسَهْوٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ بَطَل الْجَمْعُ وَوَجَبَ تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى وَقْتِهَا لِفَوَاتِ الْجَمْعِ، وَإِنْ فَصَل بَيْنَهُمَا بِفَصْلٍ يَسِيرٍ لَمْ يَضُرَّ كَالْفَصْل بَيْنَهُمَا بِالأْذَانِ وَالإْقَامَةِ وَالطَّهَارَةِ.
وَرَجَّحَ هذا الرأي الشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن باز رحمهما الله، فقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "أن الصلاتين المجموعتين المشروع فيهما أن تكونا متواليتين لقوله: ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئاً.
والموالاة بين المجموعتين إذا كان الجمع جمع تقديم شرط عند أكثر الفقهاء -رحمهم الله- إلا أنه لا بأس أن يفصل بوضوء خفيف، أو استراحة قصيرة، ثم يستأنف الصلاة ثانية.
أمَّا إذا كان الجمع جمع تأخير، فالموالاة ليست بشرط".
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "الواجب في جمع التقديم الموالاة بين الصلاتين ولا بأس بالفصل اليسير عرفاً لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) والصواب أن النية ليست بشرط، أما جمع التأخير فالأمر فيه واسع؛ لأن الثانية تفعل في وقتها، ولكن الأفضل هو الموالاة بينهما تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، والله ولي التوفيق".
ب- ذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ وَإِنْ طَال بَيْنَهُمَا الْفَصْل مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الأْولَى مِنْهُمَا.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية القول الثاني، وقال: إن معنى الجمع هو الضم بالوقت أي: ضم وقت الثانية للأولى بحيث يكون الوقتان وقتاً واحداً عند العذر، وليس ضم الفعل.
وقال أيضاً: "والصحيح أنه لا تشترط الموالاة بحال، لا في وقت الأولى ولا في وقت الثانية. فإنه ليس لذلك حد في الشرع ولأن مراعاة ذلك يسقط مقصود الرخصة".
وقال الشيخ ابن عثيمين ـرحمه الله في ذلك: "والأحوط أن لا يجمع إذا لم يوالِ بينهما، ولكن رأي شيخ الإِسلام له قوة". |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الإثنين 13 مارس 2023, 8:44 am | |
| سابعاً: صلاة السنن الرواتب وصلاة الوتر في الجمع: إذا جمع المصلون في المسجد بين المغرب والعشاء فإنهم يصلون سنة المغرب بعد انتهائهم من الجمع أي بعد صلاة العشاء ثم يصلون سنة العشاء ولهم أن يصلوا الوتر أيضاً؛ لأن وقت الوتر يبدأ بعد الفراغ من صلاة العشاء فهو تابع للعشاء على رأي الجمهور.
وقال الإمام النووي الشافعي في كيفية صلاة سنة الظهر والعصر إذا جمع بينهما: "الصواب الذي قاله المحققون أنه يصلي سنة الظهر التي قبلها ثم يصلي الظهر ثم العصر ثم سنة الظهر التي بعدها ثم سنة العصر".
يُذكر أن لصلاة العصر أربع ركعات سنة قبلية عند الشافعية.
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي: "وإذا جمع في وقت الأولى فله أن يصلي سنة الثانية ويوتر قبل دخول وقت الثانية لأن سنتها تابعة لها فتتبعها في فعلها ووقتها والوتر وقته ما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح وقد صلى العشاء فدخل وقته".
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: "إذا جمعت صلاة العشاء مع المغرب جمع تقديم من أجل عذر شرعي جاز الوتر بعدها، وتأخيره إلى آخر الليل أفضل إن أمكن. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".
ثامناً: الأذكار بعد الصلاة حال الجمع: إذا كان الإمام يترك فرصة للأذكار بعد الصلاة الأولى فتقال بعد الصلاة الأولى، وإذا كان الإمام لا يترك فرصة للأذكار بعد الصلاة الأولى، فتكون الأذكار بعد صلاة العشاء وتكون بنية واحدة لصلاة المغرب والعشاء، وللمصلي أن يأتي لكل صلاة بأذكارها، فالأمر في هذا واسع بفضل الله تعالى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الظاهر في الأذكار أنه يكتفى فيها بذكر واحد؛ لأن الصلاتين صارت كأنها صلاة واحدة، فيكتفى فيها بذكر واحد، لكن يكتفى بالأعم، فمثل المغرب مع العشاء يسن في المغرب أن يذكر الله عشر مرات [يعني يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير]، وفي العشاء ثلاث مرات، فليأخذ بالأكثر؛ لأن الأقل يندرج بالأكثر، وإن أتى لكل واحدة بذكر فلا أرى في هذا بأساً، والأول كافٍ".
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي: الأذكار التي بعد الصلاة، هل يقولها من جمع بين الصلاتين بعد الأولى والثانية؟
فأجاب فضيلته: "يأتي بما تيسر منها بعد الأولى ويأتي بها بعد الثانية".
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: "وأما الذكر فيكفي ذكر الثانية، أما ذكر الأولى فهو سنة فات محلها".
تاسعاً: مسائل هامة في الجمع: 1- هل يجوز الجمع لمن يصلي في بيته منفرداً كان أو في جماعة؟ لا يجوز للمنفرد في بيته الجمع للمطر على قول الجمهور، فقد نص العلماء القائلون بالجمع للمطر على أن الجمع رخصة لمن يصلي في المسجد جماعة وهذا قول المالكية والشافعية وقول عند الحنابلة وعليه لا يجوز الجمع للمنفرد الذي يصلي في بيته، وكذلك الجمع بين الصلاتين في جماعة في البيت غير جائز.
قال الإمام الشافعي: "ولا يجمع إلا من خرج من بيته إلى المسجد يجمع فيه، قَرُبَ المسجد أو كثر أهله أو قلَّوا أو بعدوا ولا يجمع أحد في بيته لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المسجد، والمصلي في بيته مخالفٌ المصلي في المسجد "، وعلَّل ذلك الماوردي في كتابه الحاوي الكبير بأن الجمع يجوز لأجل المشقة وما يلحقه من أذى المطر وإذا عدم هذا المعنى امتنع جواز الجمع.
وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي الحنبلي معللاً القول بمنع المنفرد من الجمع للمطر: "لأن الجمع لأجل المشقة فيختص بمن تلحقه المشقة دون من لا تلحقه كالرخصة في التخلف عن الجمعة والجماعة يختص بمن تلحقه المشقة دون من لا تلحقه".
وقال الإمام النووي الشافعي: "ثم هذه الرخصة لمن يصلي جماعة في مسجد يأتيه من بُعدٍ ويتأذى بالمطر في إتيانه، فأما من يصلي في بيته منفرداً أو في جماعة... فلا يجوز الجمع على الأصح".
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه: "المشروع أن يجمع أهل المسجد إذا وجد مسوغ للجمع كالمطر كسباً لثواب الجماعة ورفقاً بالناس وبهذا جاءت الأحاديث الصحيحة. أما جمع جماعة في بيت واحد من أجل العذر المذكور فلا يجوز لعدم وروده في الشرع المطهر وعدم وجود العذر المسبب للجمع".
فالحكمة من مشروعية الجمع وهي رفع الحرج ودفع المشقة، وأي حرج أو مشقة في حق من صلى في بيته.
2- هل يجوز الجمع لمن يصلي في المسجد إلا أنه جار المسجد أو بين بيته وبين المسجد ما يداري به نفسه من المطر كسقف أو نحوه؟ في المسألة قولان: القول الأول: قول المالكية وقول عند الحنابلة، يجوز الجمع لمن يصلي في المسجد سواءً أكان قريب من المسجد أم بعيد، فالرخصة عامة إذا جمعوا فهي للقريب والبعيد، فلا يصح أن ينفرد بعضهم لما في ذلك من تفريق الجماعة.
قال الإمام ابن رشد القرطبي المالكي في كتابه البيان والتحصيل: "سئل الإمام مالك –رحمه الله– عن القوم يكون بعضهم قريب المنزل من المسجد إذا خرج منه دخل إلى المسجد من ساعته, وإذا خرج من المسجد إلى منزله مثل ذلك, يدخل منزله مكانه, ومنهم البعيد المنزل عن المسجد, أترى يجمعوا بين الصلاتين كلهم في المطر؟ فقال: ما رأيت الناس إذا جمعوا إلا القريب والبعيد فهم سواء يجمعون, قيل: ماذا؟ ، فقال: إذا جمعوا جمع القريب منهم والبعيد".
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي: "هل يجوز الجمع لمنفرد أومن كان طريقه إلى المسجد في ظلال يمنع وصول المطر إليه، أومن كان مقامه في المسجد؟ وجهين: أحدُهما الجواز؛ لأن العذر إذا وجد استوى فيه حالُ وجود المشقة وعدمها، كالسفر، ولأن الحاجة العامة إذا وجدت أثبتت الحكم في حق من ليست له حاجة... ولأنه قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المطر، وليس بين حجرته والمسجد شيء...".
القول الثاني: قول الشافعية وقول ثانٍ عند الحنابلة: الجمع يكون لمن يصلي جماعة في المسجد يتأذى بالمطر في طريقه، فلا يجوز الجمع لمن كان المسجد قريباً من محله، أو وجد كِناً -يسير إلى المسجد فيه، إلا الإمام الراتب فله أن يجمع بالمأمومين وإن لم يتأذ بالمطر؛ مصلحة للجماعة.
قال الإمام النووي الشافعي في ذلك: "ثم هذه الرخصة لمن يصلي جماعة في مسجد يأتيه من بُعدٍ ويتأذى بالمطر في إتيانه، فأما من يصلي في بيته منفرداً أو في جماعة أو مشى إلى المسجد في كَنٍ –أي ظلال- أو كان المسجد في باب داره أو صلى النساء في بيوتهن جماعة أو حضر جميع الرجال في المسجد وصلوا أفراداً فلا يجوز الجمع على الأصح".
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي: "هل يجوز الجمع لمنفرد أومن كان طريقه إلى المسجد في ظلال يمنع وصول المطر إليه، أومن كان مقامه في المسجد؟ وجهين:... والثاني: المنع، لأن الجمع لأجل المشقة، فتختص بمن تلحقه المشقة دون من لا تلحقه، كالرخصة في التخلف عن الجمعة والجماعة، يختص بمن تلحقه المشقة دون من لا تلحقه، كمن في الجامع والقريب منه".
ويرجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله القول الأول في كتابه الشرح الممتع فيقول: "والراجح أنه يجوز أن يجمع ولو كان طريقه إلى المسجد تحت ساباط (أي سقف مثلاً) لأنه يستفيد الصلاة مع الجماعة".
ملاحظة: بعض الناس يجمعون مع الإمام في الشتاء ويبقون جالسين في المسجد، ويجتمع المصلّون الذين لم يجمعوا مع الإمام الراتب ويصلّون جماعة، وهم جلوس يتحدّثون، ولا يقومون لصلاة الجماعة معهم، ولئن سألتهم: لم لا تصلّون؟ قالوا: جمعنا مع الإمام!
وهذا الصِّنف من المصلّين، يقع في ثلاثة أخطاء: الأوّل: التشويش على المصلين. والثاني: عدم الانصراف من المسجد بعد انتهاء الجمع بين الصّلاتين. والثالث: تركهم الصّلاة جماعة، والأَولى في حقهم عدم الجمع إن كانوا يعلمون بأنهم باقون في المسجد؛ لعدم المشقة ولما نص عليه المجيزين للجمع بأن تركه أفضل.
وإن جمعوا مثلاً صلاتي المغرب والعشاء تقديماً وتبين لهم بعد الجمع بوجود حاجة أو أمر يبقيهم في المسجد إلى دخول وقت صلاة العشاء، فالأفضل أن يصلوا صلاة العشاء نافلة ولا يبقوا جالسين في منتهى المسجد والصلاة قائمة، عنْ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَد -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّتَهُ فَشَهِدْتُ مَعَهُ صَلاةَ الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الْخِيفِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ, إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي آخِرِ النَّاسِ, لَمْ يَشْهَدَا مَعَهُ الصَّلاةَ، قَالَ: "عَلَيَّ بِالرَّجُلَيْنِ"، فَأُتِيَ بِهِمَا تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، فَقَالَ: "مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا"، قَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، قَالَ: "إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمْ نَافِلة" (رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح).
معنى (تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا): أي يرتجفان من الخوف إجلالاً للنبي صلى الله عليه وسلم.
|
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الإثنين 13 مارس 2023, 8:45 am | |
| 3- حكم البحث عن مسجد من أجل الجمع بين الصلاتين: سئل الشيخ ابن عثيمين السؤال التالي: ما قولكم فيمن جاء إلى مسجد مثلاً وهذا الإمام لم يرَ أن المطر يجيز الجمع, فذهب هذا المأموم وبحث عن مسجد آخر حتى وجد أحد المساجد يجمع فيها, فصلى صلاة العشاء, فصلى المغرب مع إمام وصلى العشاء مع إمام آخر، فما قولكم في ذلك؟ مع العلم أن الإمام الأول لم يرَ أن هنالك مسوغاً للجمع إذ لا يوجد مطر ولا يوجد وحل ولا هنالك برد ولا غيره؟
فأجاب فضيلته: أرى أن هذا يشبه من سافر في رمضان من أجل أن يفطر, والعلماء قالوا: إذا سافر في رمضان من أجل أن يفطر حرم عليه السفر والفطر؛ لأن هذا الرجل الآن لم يذهب من أجل الرخصة, ربما يكون تعبه في ذهابه من مسجد حيه إلى المسجد الثاني، أكثر من تعبه إذا انتظر إلى صلاة العشاء, لكن يريد أن يتخلص من الصلاة, فكأنه يقول: أرحنا من الصلاة, ولا يقول: أرحنا بالصلاة, أرى مثل هذا إن لم تكن صلاته باطلة فهي إلى البطلان أقرب منها إلى الصحة؛ لأن هذا ما ذهب إلى المسجد الذي يجمع من أجل السهولة, إنما ذهب من أجل التخلص, وإلا فمن المعلوم أن السهولة إذا جاء إلى مسجده في وقت الصلاة مع قربه أفضل وأسهل له, فأنا في شك من صحة صلاته.
ونصيحتي للمسلمين: أن يتقوا الله عز وجل، وأن يعلموا أن الله فرض الصلاة وجعلها كتاباً موقوتاً في وقت معين, لا يحل لإنسان أن يقدم صلاته على وقتها وإذا قدمها لم تقبل منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) إلا إذا كان هناك عذر شرعي فلا بأس.
ثم نقول لهذا الرجل: اذهب الآن إلى بيتك وإذا أذن العشاء فإن كان عندك قدرة أن تحضر إلى المسجد احضر, وإن كانت السماء تمطر ويلحقك مشقة فصلِ في بيتك, ولك أجر الجماعة كاملة؛ لأنك تخلفت عنها لعذر".
وتجدر الإشارة هنا أنه إذا دخل المصلي قدراً للصلاة في مسجد غير مسجده، فجمع الإمام فيه لعذر مبيح للجمع، فله أن يصلي معه جمعاً حتى لو أن المسجد الذي يصلي فيه لم يجمع؛ لكونه لم يتعمد الذهاب لذلك المسجد للجمع فيه.
4- حكم ترك الجمع بين الصلاتين بسبب المطر لمن لا يرى الجمع: سئل الشيخ ابن عثيمين السؤال التالي: إذا جمع إمام المسجد صلاة العصر مع صلاة الظهر لوجود المطر الشديد، فهل يجوز لمن لم ير الجمع بأن يخرج من المسجد؟
فأجاب فضيلته: إذا جمع الإمام بين الظهر والعصر في المطر وكان في المأمومين من لا يرى ذلك فليصل معهم بنية النافلة؛ لأن صلاته بنية النافلة أجر وثواب وموافقة للأصحاب، وخروجه يتضمن الشقاق والاختلاف، وأن يكون فعله هذا سبباً لتسلط الألسن عليه، ورحم الله امرأً كف الغيبة عن نفسه. فنقول إذاً: يصلي معهم بنية النافلة.
5- المسبوق (المتأخر) في الجمع بين الصلاتين: إن حضر المصلي إلى المسجد والإمام يجمع بالمصلين، فوجدهم في صلاة العشاء وهو لم يصلِ المغرب، فإنه يدخل معهم بنية صلاة المغرب ولا يضر اختلاف النية بين الإمام والمأموم على الصحيح من أقوال أهل العلم.
وفي ذلك عدة حالات: أ- أن يدخل المأموم والإمام في الركعة الثانية من صلاة العشاء، ولا إشكال في ذلك، فهو سيصلي ثلاث ركعات مع الإمام ويسلم معه.
ب- أن يدخل المأموم والإمام في الركعة الثالثة من صلاة العشاء، ولا إشكال في ذلك، فهو سيصلي ركعتين مع الإمام وبعد تسليم الإمام يصلي ركعة واحدة؛ تتمة لصلاة المغرب.
ت- أن يدخل المأموم والإمام في الركعة الرابعة من صلاة العشاء، ولا إشكال في ذلك، فهو سيصلي ركعة مع الإمام وبعد تسليم الإمام يصلي ركعتين؛ تتمة لصلاة المغرب.
ث- أن يدخل المأموم والإمام في الركعة الأولى من صلاة العشاء، وهنا يكون الإشكال، والحل بأنه يصلي مع الإمام ثلاث ركعات وعند قيام الإمام إلى الركعة الرابعة يبقي المأموم جالساً.
وهو مخير بين حالين: - إما أن ينوي المفارقة بعد الثالثة فيقرأ التشهد الأخير -أعني التحيات والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويسلم، وله إن أراد أن يجمع أن يدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، وهذا ما استحبه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتابه الشرح الممتع.
- وإما أن يبقى جالساً يقرأ التشهد الأخير وينتظر الإمام حتى يسلم فيسلم معه، والانتظار أفضل كما قال الإمام النووي في المجموع، وكما أفتى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله.
سؤالين مبنيين على المسألة السابقة: * المسبوق الذي صلى المغرب مع الإمام الذي يصلي العشاء جمعاً، هل يجوز له بعد ذلك أن يصلي العشاء جمعاً بمفرده؟
يشترط جمهور الفقهاء لصحة الجمع بين الصلاتين أن تؤديان في جماعة، وهذا مذهب المالكية والشافعية وقول عند الحنابلة، وبناءً عليه لا يجوز لمن لم يشهد الجمع مع الإمام وصلي فقط معه المغرب أن يصلي العشاء جمعاً بمفرده.
جاء في المدونة الكبرى للإمام مالك رواية الإمام سحنون المالكي: "وقال مالك فيمن صلى في بيته المغرب في ليلة المطر فجاء المسجد فوجد القوم قد صلوا العشاء الآخرة، فأراد أن يصلي العشاء، قال: لا أرى أن يصلي العشاء، وإنما جمع الناس للرفق بهم وهذا لم يُصل معهم، فأرى أن يؤخر العشاء حتى يغيب الشفق ثم يصلي بعد مغيب الشفق".
وسئل الإمام الألباني رحمه الله: جمع أهل المسجد المغرب والعشاء جمع تقديم ثم أتى أحد المسبوقين وأدرك ركعتين من العشاء وهو لم يصلي المغرب بعد ، فهل له بعد أن يسلم أن يصلي العشاء منفرداً؟
فأجاب فضيلته: "لا يجوز؛ لأن الغاية من ترخيص الجمع بين الصلاتين وفي المساجد هو الحصول على الجماعة فهذا لم تحصل له الجماعة؛ ولذلك عليه أن يحضر المسجد في وقت صلاة العشاء".
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم الجمع للمصلي منفرداً، فقال رحمه الله: فإن حضر جماعة وصليتم جميعاً فلا بأس بالجمع, وإن لم يحضر جماعة فالأظهر عدم جواز ذلك؛ لأن الجمع حينئذ لا فائدة منه فإنك سوف ترجع إلى بيتك ولا تخرج منه, والجمع إنما أبيح للحاجة, وفي مثل هذه الصورة لا حاجة, بخلاف ما لو حضر جماعة فإن في الجمع فائدة وهو حصول الجماعة, والله أعلم".
وهناك قول آخر عند الحنابلة يجيز الجمع حتى للمنفرد؛ لأن العذر إذا وجد استوى فيه حال المشقة وعدمها واستوى فيه الفرد والجماعة، وأخذ بهذا القول اللجنة الدائمة للإفتاء عندما سئلت السؤال التالي: إذا دخل الشخص المسجد لصلاة المغرب ولكنه وجد الجماعة يصلون فصلى معهم واتضح له أنه أدرك الإمام في الركعة الثانية وهي صلاة العشاء، فبذلك يكون صلى ركعة واحدة ثم جلس للتشهد الأول ثم صلى ركعتين وسلم مع الإمام، هل صلاته صحيحة للمغرب وهل يجوز له بعد ذلك أن يصلي العشاء جمعاً بمفرده؛ لأن جماعة المسجد قد جمعوا المغرب والعشاء؟
فأجابت: "إذا صلى المسبوق المغرب ثلاثًا خلف إمام يصلي العشاء فصلاته صحيحة، ويجوز له أن يصلي العشاء بعدها لأن عذر الجمع له ولجماعة المسجد".
* إذا صلى المسبوق المغرب مع الإمام الذي يصلي العشاء جمعاً، هل يجوز له بعد ذلك أن يصلي العشاء جمعاً مع المصلين المتأخرين أمثاله؟، وإذا جاءت جماعة بعد انتهاء الامام من الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء، هل لهم أن يعقدوا جماعة جديدة ويصوا المغرب والعشاء جمعاً؟
جمهور الفقهاء على المنع، ومنهم: سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس الشافعي والليث بن سعد والأوزاعي والزهري وعثمان البتي وربيعة وأبو حنيفة وصاحباه: أبو يوسف ومحمد بن الحسن، والقاسم ويحيى بن سعيد وسالم بن عبد الله وأبو قلابة وعبد الرزاق الصنعاني وابن عون وأيوب السختياني والحسن البصري وعلقمة والأسود والنخعي وعبد الله بن مسعود.
وجاء عن أئمة المالكية أقوالاً تبين عدم جواز وكراهة الجمع بجماعة جديدة بعد جماعة الإمام الراتب: - قال الإمام علي العدوي المالكي في شرحه لمختصر خليل ابن إسحاق المالكي: "والحاصل أنه إذا وجدهم فرغوا فلا يجوز أن يجمع لنفسه ولا مع جماعة بإمام، لأن فيه إعادة جماعة بعد الراتب، فلو جمعوا فلا إعادة عليهم".
- قال الإمام الدسوقي المالكي في حاشيته على الشرح الكبير: "اعلم أنه إذا وجدهم فرغوا من صلاة العشاء، فكما لا يجوز له أن يجمع لنفسه، لا يجوز له أن يجمع مع جماعة أخرى في ذلك المسجد، لما فيه من إعادة جماعة بعد الراتب، فلو جمعوا فلا إعادة عليهم".
- قال الإمام الونشريسي المالكي: سألت الشيخ أبا عبد الله محمد بن قاسم القوري -رحمه الله- عن جماعةٍ جمعت في مسجدٍ بعد جمع إمامه الراتب، هل جمعهما صحيح؟ فأجابني ما نصُّهُ: الجمع صحيح، ولا خلل فيه، ولا موجب إعادة، وغاية ما يُقال: الكراهة على المشهور".
ونص الشافعي في كتابه الأم على كراهة إعادة الجماعة في مسجد له إمام راتب.
ومن الجدير بالذكر إلى أن هناك من أجاز الجمع بجماعة جديدة بعد جمع الإمام الراتب.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال التالي: إذا جئت وقد فرغ الإمام من الجمع بين العشاءين فهل لي أن أجمع منفرداً؟
فأجاب فضيلته: "إن كنت تظن أنك تجد مسجداً قريباً منك ولم يجمع فلا تجمع (يقصد هنا لتتمكن من صلاة العشاء جماعة في وقتها في المسجد الذي لم يجمع), وإن كنت لا تظن ذلك، فإن حضر جماعة وصليتم جميعاً فلا بأس بالجمع, وإن لم يحضر جماعة فالأظهر عدم جواز ذلك؛ لأن الجمع حينئذ لا فائدة منه فإنك سوف ترجع إلى بيتك ولا تخرج منه, والجمع إنما أبيح للحاجة, وفي مثل هذه الصورة لا حاجة, بخلاف ما لو حضر جماعة فإن في الجمع فائدة وهو حصول الجماعة, والله أعلم".
وأفتى د. يونس الأسطل رئيس لجنة الإفتاء في رابطة علماء فلسطين بأنه: "لو جاء الشخص في الصلاة الثانية وكانت عشاءً فإنه يصلي المغرب ويجلس صامتاً حتى يتم الإمام الركعة الأخيرة ويبدأ معه قراءة التحيات ويسلم مع الإمام، وله الخيار أن يبدأ مع جماعة ثانية صلاة العشاء تقديماً أو ينتظرها في وقتها الأصلي".
وأفتى د. زياد مقداد، أستاذ الفقه وأصوله في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية بغزة بأنه: "من فاتته الصلاة الأولى وجاء المسجد والجماعة في الصلاة الثانية فعليه أن ينوي أداء الصلاة الأولى معهم، فإذا سلم الإمام كان مخيراً -هذا المسبوق- أن ينتظر الصلاة الثانية في وقتها أو يجمع مع بقية المسبوقين بجماعة جديدة". |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء الإثنين 13 مارس 2023, 8:45 am | |
| 6- رجل صلى في بيته المغرب أو جماعة في مسجد، وفي طريقه مر بمسجد آخر فوجدهم يجمعون المغرب والعشاء ، فهل يجوز له أن يصلي معهم العشاء جمعاً؟ يشترط جمهور الفقهاء (الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) لصحة الجمع الموالاة بين الصلاتين فلا يفصل بين الصلاتين بوقت طويل، فإن فصل بينهما فاصل طويل بطل الجمع، ورجح ذلك الشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن باز رحمهما الله، وبناءً على ذلك على قول الجمهور لا يجوز الجمع لمن صلى المغرب في بيته أو جماعة في مسجد، وفي طريقه مر بمسجد آخر فوجدهم يجمعون المغرب والعشاء؛ لعدم تحقق شرط الموالاة بين الصلاتين المجموعتين. وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي: في ليلة مطيرة صلينا المغرب فقط ولم نجمع وسمعت المسجد الآخر يصلي فذهبت إليه وصليت معهم العشاء فما حكم فعلي هذا؟
فأجابت: "عليك أن تعيد صلاة العشاء التي صليتها في مسجد غير المسجد الذي صليت المغرب فيه؛ وذلك لعدم تحقق الجمع لما حصل بين الصلاتين من الفاصل الطويل والجمع يشترط لصحته الموالاة بين الصلاتين المجموعتين في وقت الأولى منهما".
ومن الجدير بالذكر أن هناك من أجاز الجمع في هذه الحالة، جاء في المدونة الكبرى للإمام مالك رواية الإمام سحنون المالكي: "قلت: فإن وجدهم قد صلوا المغرب ولم يصلوا العشاء الآخرة فأراد أن يصلي معهم العشاء، وقد كان صلى المغرب في بيته لنفسه، قال: لا أرى باسا أن يصلي معهم".
وقال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: "وجاز لمنفرد بالمغرب يجدهم بالعشاء"، يعني أنه يجوز الجمع بين المغرب والعشاء لمن صلى المغرب منفرداً، ثم وجد جماعة يصلون العشاء فيدخل معهم ولو لم يصل المغرب معهم، وعليه فجمع هذا الشخص وصلاته صحيحان إذا كان ممن يحق له الجمع.
ونص الشافعي في كتابه الأم: "أنه لو صلى المغرب في بيته بنية الجمع ثم أتى المسجد فصلى العشاء جاز".
-وروي مثل ذلك عن أحمد بن حنبل-.
غير أن الإمام النووي قال في كتابه المجموع: أن هذا النص مؤول عند الأصحاب، والمشهور اشتراط الموالاة، وعليه التفريع; لأن الجمع يجعلهما كصلاة واحدة.
ملاحظة: جاء في كتاب المعيار المعرب للإمام الونشريسي المالكي مسألة مفادها: رجل دأبه التخلف عن الجماعة في صلاة المغرب والعشاء، فإذا نزل المطر سارع إلى المسجد لينتهز فرصة الجمع، هل له الجمع كمعتاد التجميع أو لا، ويعامل بنقيض قصده؟
الجواب: الجمع في هذه المسألة صحيح ولا خلل فيه، ويلزم على عدم صحته أن لا فضيلة في صلاة في الجماعة إلا لمعتاد التجميع.
7- لو رفض الإمام الجمع مع وجود العذر المبيح للجمع، هل للمأمومين أن يصلوا العشاء جمعاً بإمام آخر؟ لا يشترط اتحاد الإمام والمأموم في الجمع؛ لأن الذي يتم به الجمع هو الجماعة لا عين الإمام والمأموم، وبناءً على ذلك يجوز أن يؤم الصلاة الأولى في الجمع إمام والصلاة الثانية إمام آخر. قال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في كتابه المغني: "وإذا صلى إحدى صلاتي الجمع مع إمام، وصلى الثانية مع إمام آخر، وصلى معه مأموم في إحدى الصلاتين ، وصلى معه في الثانية مأموم ثان، صح".
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في كتابه كشاف القناع: "لا يشترط في الجمع -تقديماً كان أو تأخيراً- اتحاد إمام ولا مأموم فلو صلى من يجمع الأولى وحده، ثم الثانية إماماً أو مأموماً أو صلى إمام الأولى وإمام آخر الثانية أو صلى مع الإمام مأموم الأولى وآخر الثانية... صح الجمع في هذه الصور كلها؛ لأن لكل صلاة حكم نفسها وهي منفردة بنيتها فلم يشترط اتحاد الإمام والمأموم ".
وأفتت بعدم اشتراط اتحاد الإمام والمأموم إدارة الإفتاء في وزارة الأوقاف بدولة الكويت.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل يؤم قوماً، وقد وقع المطر والثلج فأراد أن يصلى بهم المغرب، فقالوا له: يجمع. فقال: لا أفعل. فهل للمأمومين أن يصلوا في بيوتهم أم لا؟
فأجاب فضيلته: "الحمد لله، نعم يجوز الجمع للوحل الشديد، والريح الشديدة الباردة في الليلة الظلماء، ونحو ذلك. وإن لم يكن المطر نازلاً في أصح قولي العلماء. وذلك أولي من أن يصلوا في بيوتهم، بل ترك الجمع مع الصلاة في البيوت بدعة مخالفة للسنة؛ إذ السنة أن تصلى الصلوات الخمس في المساجد جماعة، وذلك أولي من الصلاة في البيوت باتفاق المسلمين. والصلاة جمعاً في المساجد أولي من الصلاة في البيوت مفرقة باتفاق الأئمة الذين يجوزون الجمع: كمالك، والشافعي، وأحمد. والله تعالى أعلم".
إلا أن الإمام ابن عقيل الحنبلي اشترط اتحاد الإمام والمأموم في الجمع؛ لأن كل واحد من الإمام والمأموم أحد من يتم به الجمع، فلم يجز اختلافه، وإذا اشترط دوامه كالعذر اشترط دوامه في الصلاتين".
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: لو وقع عذر يبيح الجمع بين الصلاتين كمطر ولكن أبى الإمام الجمع فهل للمأمومين الجمع؟
فأجاب فضيلته: لا، يصلون في بيوتهم الصلاة لوقتها.
وختاماً ينبغي الإشارة هنا إلى ثلاثة أمور: 1- يحدث كثيراً من الخلافات في المساجد فيما يتعلق بموضوع الجمع، فعامة الناس ترغب بالجمع، وهناك من يتشدد ويرفض الجمع، وربما تتعالى الأصوات في المسجد وتحدث مشاحنات بين المصلين فيما بينهم أو بينهم وبين الإمام بسبب هذا الأمر، وهذا أمر غير جائز؛ فللمساجد حُرمةً ومهابةً ومكانةً، لا يجوز التعدي عليها؛ فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن السائب بن زيد، قال كنتُ قائماً في المسجد، فحصبي رجل –أي رماه بحجر صغير لينتبه عليه-، فنظرتُ، فإذا عمرُ بن الخطاب، فقال: اذهب، فأتني بهذين، فجئته بهما، قال: مَن أنتما –أو: من أين أنتما-؟ قالا: مِن أهل الطائف. قال: لو كنتما مِن أهل البلد أوجعتكما؛ تَرفَعان أصواتَكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم".
2- الإمام هو سيد الموقف في اتخاذ قرار الجمع وله أن يتشاور مع أهل العلم من المصلين في مسجده، وهو الذي يتحمّل مسؤولية فعلِه بينه وبين ربه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الإمام ضامن، فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء فعليه ولهم»، فمن رضي بجمعه فليجمع، ومَن لم يرضَ ولم تطمئن نفسُه به، فله أن يُصلي معه بنية النفل والتطوع، أو أن ينصرف صامتاً هادئاً.
3- إذا تحقق العذر المبيح للجمع يقيناً بلا شك، ينبغي على الأئمة عدم التشديد على المصلين، فليس هناك ما يمنع من الأخذ بالرخصة، عنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ " (رواه أحمد وابن خزيمة وصححه الألباني).
وفي رواية أخرى عند ابن حبان والبيهقي والطبراني عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ".
ويخشى من يبالغ في التشديد على المصلين أن يدخل في قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه)، نسأل الله العفو والعافية والمعافاة التامة في الدين والدنيا والاخرة. |
| | | | الباب الثالث: أحكام الصلاة المتعلقة بالشتاء | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |