أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: سورة النجم الآيات من 56-62 الخميس 02 فبراير 2023, 12:35 am | |
| هَٰذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَىٰ [٥٦]أَزِفَتِ الْآزِفَةُ [٥٧]لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ [٥٨] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ) قوله تعالى: {هَـٰذَا ..} [النجم: 56] إشارة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، وما جاء به من دعوة الحق، والنذير هو الذي ينذر الناس ويحذرهم من الشر قبل أوانه {مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ} [النجم: 56] النذر الأولى. أي: التي خلتْ قبل رسول الله من مواكب الرسل السابقين، فعظمة النذارة في سيدنا رسول الله أنه آخرُ نذير وخاتم الرسل أجمعين. وقوله تعالى: {أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ} [النجم: 57] أي: اقتربتْ الساعة فكأنه (صلى الله عليه وسلم) جاء على فم الساعة، فبعد أنْ قال {هَـٰذَا نَذِيرٌ} [النجم: 56] أعقبها {أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ} [النجم: 57]. لذلك جاء في الحديث الشريف: "بُعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى". فبعثته (صلى الله عليه وسلم) تُعد من علامات الساعة. وقد خاطبه ربه تعالى بقوله: { فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا } [النازعات: 43] أي: من ذكرى الساعة وعلاماتها. وما دام أزفت الآزفة واقتربتْ فانتبه، فهذه آخر الرسالات فتعلّق بها وتمسّك بهذا الرسول الخاتم والنذير الأخير الذي ليس بعده نذير فانْجُ به. ونفهم من معنى {أَزِفَتِ} [النجم: 57] اقتربتْ أنها هي التي تسعى إليك وتطلبك بخطوات حثيثة تسرع إليك. وبعد قليل في أول القمر سيقول: { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } [القمر: 1] {لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ} [النجم: 58] يعني: إذا جاءت أهوال الساعة لا أحدَ غير الله يستطيع أنْ يدفعها، فأنت في أحداث الدنيا وخطوب الحياة قد يوجد مَنْ يكشف عنك الكرب أو يدفع عنك السوء. أما في الآخرة فالخطب جَلَل، ليس لأحد قدرة على دفعه، وإلا كيف يدفعها، وهي الطامة الكبرى التي تعم الجميع، كيف يدفع عنك وهو لا يستطيع أنْ يدفعها عن نفسه؟ إذن: استعدوا لهذا الموقف، وخذوا لكم دافعاً من الله، فهو وحده لا شريك له القادر أنْ يدفع عنك في هذا اليوم. ولا غرابة في أزفتْ الآزفة واقترتب الساعة، وقد ظهرت لنا في واقع الحياة علاماتها الصغرى التي أخبرنا بها سيدنا رسول الله من وجود نساء في مجتمع المسلمين كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة. وقوله: "إذا أُسندَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة". وقوله: "وإعجاب كل ذي رأي برأيه"، "وأن ترى الحفاة العراة رِعَاء الشاة يتطاولون في البنيان". إلى غير هذه من العلامات التي شاهدناها بالفعل، فلِمَ العجب إذن؟
|
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة النجم الآيات من 56-62 الخميس 02 فبراير 2023, 12:35 am | |
| أَفَمِنْ هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ [٥٩]وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ [٦٠]وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ [٦١]فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [٦٢] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ) الهمزة هنا استفهام للتعجب، فهم يتعجبون من {هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ} [النجم: 59] أي: من القرآن وهو يتعجب منهم، يقول لهم: أتتعجبون من القرآن؟ الأوْلَى بكم أنْ تتعجبوا من حالكم وما أنتم فيه من لهو وغفلة وانصراف عن الحق، وهذا يُفوِّت عليكم الفرصة ويحرمكم خيراً كثيراً. ونفس المعنى في {وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ} [النجم: 60] تضحكون سخرية واستهزاءً، وكان الأوْلَى بكم أنْ تبكوا على أنفسكم وعلى ما فاتكم من الخير {وَأَنتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 61] لاهون غافلون. وهذا حال مَنْ قستْ قلوبهم وغلبهم الشيطان والنفس، تراهم إلى جانب انصرافهم عن الحق يسخرون من أهله ويضحكون استهزاءً بهم. كما قال تعالى في تصوير هذا الموقف: { {إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } [المطففين: 29] سمَّاهم مجرمين. { كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ * وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ } [المطففين: 29-33]. نعم، هذا حال أهل الباطل الذين يقلبون الحقائق في الدنيا، لكن الدنيا ليست هي الغاية، وليست هي نهاية المطاف، فهناك اليوم الآخر الذي يفصل فيه بين الظالم والمظلوم، كما قالوا: وعند الله تجتمع الخصوم. فالله يُطمئن أهل الإيمان: { فَٱلْيَوْمَ } [المطففين: 34] أي: يوم الحساب. { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } [المطففين: 34] ومَنْ يضحك أخيراً يضحك كثيراً. { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [المطففين: 35-36] وعندها نقول: نعم يا رب جازيتهم بما يستحقون. وقوله سبحانه: {فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ} [النجم: 62] نلاحظ أولاً أسلوب الاختصار في الأداء القرآني الذي يترك مجالاً لفطنة المتلقي، فالمعنى: فاسجدوا لله واعبدوا الله، لأنه وحده المستحق للعبادة لا شريك له، فالأمر بالعبادة لا ينصرف إلا إليه سبحانه، حتى لو لم يُذكر المعبود سبحانه الحق سبحانه وتعالى حينما يأمرهم بالسجود والخضوع والطاعة كأنه يقول لهم: كان أوْلَى بكم البكاء والخضوع والتضرع، وأنْ تتمسكوا بهذا الحق الذي جاءكم ليأخذ بأيديكم، فهو حبل النجاة فلا تقابلوه بالسخرية. وهنا ملحظ في نهاية السورة يأتي الأمر بالسجود {فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ} [النجم: 62] كأن الله يتودد إلى عباده حتى الكافرين يقول لهم: يا عبادي أنتم صنعتي وعيالي، فتعالوا إلى ساحتي. انهوا الخلاف والمعارضة، واخضعوا لي بالسجود والعبادة، فأنا أريد لكم الخير، وهل هناك صانع يريد الشر لصنعته؟ لذلك ورد في الحديث القدسي: "يا بن آدم، أنا لك مُحِبٌّ فبحقِّي عليك كُنْ لي مُحِبٌّا". ولله المثل الأعلى: أرأيتَ لو أن رجلاً غنياً وسّع الله عليه وعنده ولد فاسد، فينادي عليه: يا بُني تعالَ انتفع بمالي، فأنت أحقُّ به، كذلك الحق سبحانه ينادي على الخارجين عن منهجه: تعالوا فالخير ينتظركم. وإذا كان الأمر في {فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ} [النجم: 62] للكافرين، فهو أيضاً يكون للمؤمنين: اسجدوا شكراً لله الذي هداكم إلى الإيمان ونجاكم من الكفر.
|
|