أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: سورة النجم الآيات من 43-52 الخميس 02 فبراير 2023, 12:30 am | |
| وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ [٤٣]وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا [٤٤]وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ [٤٥]مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ [٤٦] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ) قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ} [النجم: 43] أي: خلق فيك الضحك وخلق فيك البكاء جعلك تُسر وتحزن، أنت مثلاً حينما تشاهد عملاً (كوميدياً) تضحك، (فالكوميديا) سبَّبتْ عندك الضحك، لكن لم تخلق فيك طبيعة الضحك. لذلك لما كان في هذا الفعل شبهة المشاركة أكّد الحق سبحانه تفرّده بالعمل، فلا دخلَ لأحد غيره فيه، فقال تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ ..} [النجم: 43] فأكّد الضمير المتصل بضمير آخر منفصل، فهو وحده الذي جعلك تضحك، بمعنى خلق فيك هذه الطبيعة وجعلك صالحاً لها. لذلك نجد أن المشاعر والعواطف والأمور الطبيعية في البشر تتحد في جميع اللغات وعند كل الشعوب على اختلافها، فليس هناك مثلاً ضحك عربي، وضحك إنجليزي أو ألماني، ليس هناك بكاء روسي، وبكاء ياباني. ففي هذه الأمور يتحد الناس، حتى في الإشارة نجدها واحدة على اختلاف اللغات، الكل يفهمها لأنها أصل التفاهم بين البشر قبل وجود اللغات، فالإشارة لغة عالمية. كذلك في قوله سبحانه: {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} [النجم: 44] أكد الضمير المتصل بالضمير المنفصل، لأن مسألة الإحياء والإماتة فيها شبهة المشاركة، فقد يظن البعض أن الطبيب مثلاً هو الذي أمات المريض أو أحياه، أو يظن أن القاتل هو الذي أمات القتيل. فالحق سبحانه يختصّ لنفسه سبحانه بهذه الأمور له وحده سبحانه دون سواه {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} [النجم: 44] فالواقع أن القتيل حين قُتِل لم يُمتْه القاتل، إنما جاء أجله موافقاً لهذه الضربة فمات، مات لأنه سيموت في هذه اللحظة حتى لو لم يضربه القاتل. لذلك قال سبحانه في موضع آخر: { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ ..} [الملك: 2] فالموت والحياة خلق لله وحده لا دخلَ لأحد فيهما، لذلك قال الشاعر: مَنْ لَمْ يُمُتْ بالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْره تَعدَّدَتْ الأسْبَابُ وَالموْتُ وَاحِدُ وقالوا: والموت من دون أسباب هو السبب. يعني: مات لأنه سيموت. وقوله تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ} [الجم: 45] لاحظ هنا أنه سبحانه لم يقل: وأنه هو، لأن المسألة لا تحتاج إلى هذا التأكيد، فقضية الخلق الكل يُسلِّم بها لله، ولم يدَّعها أحدٌ لنفسه، وليس فيها شبهة المشاركة من الخَلْق. ومعنى (الزوجين) أي: النوعين الذكر والأنثى. فالزوج فرد معه مثله، كما جاء في قوله تعالى: { ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ ..} [الأنعام: 143] {مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ} [النجم: 46] فأصل الخَلْق نطفة وهي قطرة المني. {إِذَا تُمْنَىٰ} [النجم: 46] أي: تُدفع وتلقى في رحم المرأة، فيكون منها الولد بقدرة الله. وهذه الآية حلَّتْ لنا إشكالاً طال الخلاف فيه بين العلماء، فقد كان البعض يعتقدون أن المرأة هي المسئولة عن النوع: ذكر أم أنثى. لكن حينما نقرأ هنا {وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ} [النجم: 45-46] نعلم علم اليقين أن الرجل هو المسئول عن هذه المسألة، فالنطفة هي نطفة الرجل يلقيها في رحم زوجته، فالزوجة إذن مُستقبلة تعطي ما أخذتْ. وقلنا: إن المرأة العربية قد توصلتْ بطبيعتها وفطرتها إلى هذه الحقيقة، فالمرأة التي تزوج عليها زوجها لأنها لا تلد له إلا البنات، قالت: مَا لأِبِي حَمْزَةَ لاَ يَأتينَا يظَلّ في البَيْتِ الذي يَلينا غَضْبَانَ ألاَّ نَلدَ البَنينَا تَالله مَا ذَلكَ في أَيْدينَا ونَحْنُ كَالأرْضِ لِغَارسِينَا نُعْطِي لَهُمْ مثْلَ الذِي أُعْطِينَا إذن: انتهتْ المرأة العربية بفطرتها إلى ما انتهى إليه العلماء مؤخراً، ولا بد أن نفرِّق بين النطفة والمني: النطفة هي السائل الذي يعيش فيه الحيوان المنوي، والمني الميكروب نفسه الذي يكون منه الولد. ورحم الله العقاد حينما قال: إن نصف كستبان الخياطة يحوي أنْسَال الدنيا كلها، ويمكن أنْ نملأ نصف كستبان الخياطة بقذفة واحدة للرجل، سبحان الله.
|
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة النجم الآيات من 43-52 الخميس 02 فبراير 2023, 12:30 am | |
| وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَىٰ [٤٧]وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ [٤٨]وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَىٰ [٤٩] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ) يعني: لا تظن أن الدنيا هي نهاية المطاف، فالذي أنشأكم هذه النشأة في الدنيا قادر على إعادتكم في نشأة أخرى يوم القيامة، كما قال سبحانه في موضع آخر: { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } [ق: 15]. والخَلْق الجديد سيكون في الآخرة حين يبعث اللهُ الموتى، والذي خلق بداية من عدم قادر من باب أوْلَى على الإعادة من بقايا الخَلْق الأول، لذلك قال سبحانه: { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } [ق: 4] {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ} [النجم: 48] لاحظ هنا التخصيص والتأكيد بإعادة الضمير المنفصل بعد الضمير المتصل، وهذا يدلنا على أن مسألة الرزق والغنى والفقر لله وحده لا دخْلَ لأحد فيها، فهو وحده سبحانه الذي يسوق الأرزاق، ويجعل هذا غنياً وهذا فقيراً. إذن: لما وُجدت الشبهة في أن أحداً يشارك الله في هذه المسألة جاءت الآية بهذا الأسلوب، ألا ترى للآية قبلها {وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ} [النجم: 47] هذكا بدون (هو) لأن مسألة النشاة الأخرى ليس فيها شبهة المشاركة. معنى {أَغْنَىٰ ..} [النجم: 48] أغناك أيها العبد بما ملكه لك عما في يد غيرك، فالغنى إذن كلّ ما أغناك عن الناس من مال أو قوة أو غيره {وَأَقْنَىٰ} [النجم: 48] أقنعك وأرضاك بما عندك مهما كان قليلاً. وكثيراً ما نرى أناساً ضُيِّق عليهم الرزق، ومع ذلك تراهم راضين بقسم الله، بل سعداء به، وربما كانوا أحسن حالاً من الأغنياء، إذن: هذا عطاء وهذا أيضاً عطاء، فالقناعة والرضا تساوي الغنى وسعة العيش. ومن ذلك قالوا: "القناعة كنز لا يفنى" في حين أن كنز المال ربما يفنى، فالغنى الحقيقي إذن في النفس ليس في العرض. وقالوا {وَأَقْنَىٰ} [النجم: 48] من القنية أي: ما يقتنيه الإنسان من المتاع والأثاث ونحوه. {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ} [النجم: 49] الشِّعْرى كوكب من الكواكب، قالوا: إنه من الضخامة بحيث يسع مليون شمس مثل هذه الشمس، وأنه لو اقترب من الأرض لاحترقتْ، فكأنه يمد الشمس بالحرارة وهي تمدنا، فلا نأخذ منها مباشرة مثل التيار الكهربائي. فلو أخذنا للبيوت من التيار العالي في الأكشاك لاحترقتْ الأجهزة والمصابيح في البيت، لأن الضعيف لا يستطيع أنْ يستقبل من القوي مباشرة، بل لا بدّ من المنظم أو (الترانس)، وهكذا تكون الشمس بالنسبة للشعرى.
|
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة النجم الآيات من 43-52 الخميس 02 فبراير 2023, 12:31 am | |
| وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَىٰ [٥٠]وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَىٰ [٥١]وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ [٥٢] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ) معلوم أن عاداً قوم سيدنا هود عليه السلام، وقد أهلكهم الله بريح صرصر عاتية لما كذّبوا نبيهم، ومعنى {عَاداً ٱلأُولَىٰ} [النجم: 50] أن هناك عاداً أخرى، قالوا: لما نزلت عليهم الريح أهلكتْ الموجودين منهم في هذا المكان الذي حَلَّ عليه العذاب، وكان منهم جماعات متفرقة تجمعوا، والتمسوا مكاناً آمناً، فذهبوا إلى مكة، وهذه هي عاد الأخرى. {وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىٰ} [النجم: 51] فكما أهلك عاداً أهلك ثموداً بالصيحة {فَمَآ أَبْقَىٰ} [النجم: 51] لم يُبْق منهم أحداً. كذلك {وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ ..} [النجم: 52] أهلكهم الله، ثم ميَّزهم عن سابقيهم بصفتين {إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ} [النجم: 52]. إذن: كان الظلم والطغيان موجوداً في عاد وفي ثمود، أما قوم نوح فهم (أظلم) أشد ظلماً (وأطغَى) أشد طغياناً. ويكفي دليلاً على ذلك أنْ نبيهم لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وما آمن معه إلا قليل.
|
|