منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة الحجرات الآيات من 11-12

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الحجرات الآيات من 11-12 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الحجرات الآيات من 11-12   سورة الحجرات الآيات من 11-12 Emptyالأربعاء 01 فبراير 2023, 6:44 am

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [١١]

تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

نلاحظ هنا أن القرآن وجَّه النهي ألى القوم مرة، وإلى النساء مرة، وخَصَّ كُلاًّ منهما بنهي، ذلك لأن كلمة قوم لا تُقال إلا للرجال، لأنهم هم الذين يقومون على شئون الأسرة، أما المرأة فليس لها قيامٌ إلا على بيتها، يقول الشاعر:

وَمَا أدْري وَلْستُ إخَالُ أدْري أقوْمٌ آلُ حِصْن أمْ نِسَاءُ

إذن: القوم تُقال للنساء وفي آية أخرى قال تعالى:{ ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ ..}[ النساء: 34] البعض يفهم من كلمة {قَوَّٰمُونَ} أنها للقهر وللضرب، أبداً، بل الرجال قوَّامون على النساء.

يعني: يقومون على رعايتهن وتدبير أمورهن.

لذلك نقول للمرأة (ست بيت) فكأن الرجل هو الخادم الراعي لها، ونحن نقول: فلان قائم بهذا الأمر.يعني: يتولى العمل الشاقَّ فيه.

تذكرون في قصة سيدنا آدم لما أسكنه اللهُ الجنةَ هو وزوجه، وحدثتْ من آدم المخالفة لأمر الله، قال تعالى:{ فَقُلْنَا يآءَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } [طه: 117] هذا خطاب لآدم وحواء.

والقاعدة أن يقول (فتشقيا) بالتثنية، لكن قال {فَتَشْقَىٰ} أي: آدم وحده، لأن مهمة الكدح والشقاء وتحمُّل مسئولية الأسرة للرجل فقط، اما المرأة فهي للبيت ولها دور فيه ودور هام يملأ كلَّ لحظة في حياتها، لكن ماذا نفعل وهُنَّ يُردْنَ أنْ يشقيْنَ مع الرجال؟ والنهي عن السخرية في هذه الآية له سببٌ في الرجال، وله سببٌ في النساء: فيُروى أن ثابت بن قيس دخل على مجلس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فوجد الصفَّ الأول قد اكتمل، وأراد أنْ يجلس في الصف الأول لأنه كان ثقيل السمع، فجاء إلى رجل من ضعفاء القوم وقال له: تزحزح فلم يتزحزح، فقال له: منْ أنت؟ قال: فلان، قال: ابن فلانة؟ وكانت لها سيرة سيئة بين الناس، وسمعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: من قال ابن فلانة؟ قال: أنا يا رسول الله، فقال: انظر في مجلسنا فنظر فيه، فقال له: ماذا رأيتَ؟ قال: رأيت الأسود والأبيض والأحمر.

قال: أفضلكم عند الله أتقاكم.

ثم لم ينس الرجل الذي قيل له تفسح فلم يتفسح، ونزل في حقِّه قوله تعالى:{ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ ..}[ المجادلة: 11].

ويُروَى أن السيدة أم سلمة كانت قصيرة، وفي مرة أصابها وجع في رجلها فربطتها بقطعة من القماش، وكان فيها بقية تتدلَّى على الأرض تجرُّها خلفها، فرأتها على هذا الحال السيدة عائشة والسيدة حفصة.فقالت إحداهن للأخرى: تمشي ولها ذيل كذيل الكلب.

فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فنزلت الآية.

لذلك يقول الحق سبحانه في يوم القيامة: "جعلت نسباً، وجعلتم نسباً، فجعلتُ أكرمكم عند الله أتقاكم فأبْيتم وقُلْتم: أكرمنا فلان ابن فلان، فاليوم -أي يوم القيامة- أرفع نسبي وأضَعُ أنسابكم".

ودخل رجل أعرج على أحدهم، فراح ينظر إليه نظرة سخرية لعرجته، ففهم الأعرجُ قصده، فقال له: أتعيب الصَّنعة أم تعيب الصانع؟ فأفحمه حتى ندم على سُوء أدبه معه، وقال: والله لوددتُ عندها أنْ أكون أنا مثله وهو مثلي.

والحق سبحانه وتعالى حينما ينهانا عن السخرية، إنما يريد المساواة بين جميع خَلْقه، فالخَلْق جميعاً خَلْقه وصنعته وعبيده، وليس فيهم من هو ابن الله، ولا مَنْ بينه وبين الله قرابة، فلِمَ إذن يسخر بعضنا من بعض؟ إياك والسخرية من الناس مهما كانوا أقلّ منك، عليك إنْ رأيت عيباً في دين أو خُلق أنْ تُقوِّمه وتُصلح من شأنه ما استطعت.

وإذا كان العيبُ في الخَلْق، وفيما لا دخْلَ للمخلوق فيه فتأدَّبْ مع الخالق، ووالله لو علمتم ما جعله الله للمؤوف -يعني: مَنْ به آفة -لتمنيتم جميعاً أنْ تكونوا مؤافين، فإن الله تعالى ليس له ولد، بل وزَّع أسبابَ فضله على عباده، فإنْ أخذ من واحد منهم شيئاً فقد عوَّضه خيراً منه.

والسخرية والاستهزاء لا يكونان إلا من إنسان عَلا في شيء أمام إنسان نقص في هذا الشيء كأن يسخر الغنيُّ من الفقير، أو القوي من الضعيف، أو سليم التكوين من المعاق ..

وهذا السلوك نتيجة الغفلة عن ميزان التفاضل بين الخلق جميعاً، ألا وهو التقوى.

وقلنا: إنك لو نظرتَ في الوجود كله لوجدتَ فيه قضية عادلة، هي أن كل إنسان منَّا، مجموع نعم الله عليه تساوي مجموع أيِّ إنسان آخر، لأن الخالق سبحانه وزَّع فضله على عباده لكن هذا أخذ 100% في العقل وهذا أخذ 100% في الصحة لكن المجموع في النهاية متساوٍ.

ذلك لأن الله تعالى لا يريد نسخاً مكررة من البشر، إنما يريدنا متفاوتين في المواهب لتستقيم بنا حركة الحياة وتتكامل ويرتبط البشر ببعض ارتباط حاجة، لذلك قلنا إن الباشا قد يحتاج إلى عامل المجاري.

فقوله تعالى:{ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ..}[ الأنعام: 165] يعني كل منا مرفوع في شيء، ومرفوع عليه في شيء آخر.

تعلمون أن بتهوفن الموسيقي الشهير كان أصم لا يسمع، وأن تيمور لنك الذي دوَّخ الدنيا بالفتوحات كان أعرج.

هذا يعني أنك لا تسخر من أحد، ولا تحتقر أحداً لأنك رأيته أقلَّ منك في شيء ما، فكلنا سواسية في ميزان الحق سبحانه، وكأنه سبحانه يريد أنْ يعطينا درساً في أنه سبحانه ليس له ولد وليس له صاحبة.لذلك كانت الجن أفضل فهماً منا حين قالت:{ وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } [الجن: 3] فكلنا عيال الله، بل تبلغ هذه المساواة إلى أن رسول الله يأمرنا بأنْ نسوِّيَ بينَ أولادنا ولو في القُبلة.وسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يُعلِّمنا كيف نتصرف إذا ما حدث بيننا شيء من التهكم أو السخرية، وكيف نقابله ونردّ عليه.

فيُروي في سبب نزول هذه الآية أن السيدة صفية بنت حُيي بن أخطب، وكان زعيم بني المصطلق، ولما غزاهم رسول الله كانت السيدة صفية في الأسرى فأراد (صلى الله عليه وسلم) أنْ يُكرمها لأنها بنت ملكهم فتزوجها فغارت منها نساء النبي، والغيرة كما يقولون (فقاقيع) الحب.

وكانت عائشة أكثر زوجات الرسول غيرةً عليه، فقالت لصفية: يا يهودية بنت يهوديين، فذهبت صفية باكية إلى رسول الله وحكتْ له ما كان من عائشة، فضحك رسول الله لأنه يعلم غيرة عائشة عليه.لذلك لم يُؤنِّب عائشة، إنما أرضى صفية وطيَّب خاطرها وقال لها: إنْ قالت لك هذا فقُولي لها: ولكن أبي هارون وعمي موسى وزوجي محمد.

انظر كيف عالج سيدنا رسول الله هذا الموقف.

وكيف أعلى من شأن صفية، فهب سليلة الرسل والأنبياء وزوجة نبي، نعم رد يفحم ولا يخطر على بال أحد، ولم لا وقد أُوتي (صلى الله عليه وسلم) جوامع الكلم.

ومثل هذا الموقف أيضاً حدث من السيدة عائشة للسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله، حيث كانت تغار من السيدة خديجة، ومن ثناء رسول الله عليها في كل موقف، حتى قالت له: ماذا يعجبك في عجوز شمطاء حمراء الشدقين، قد أبدلك الله خيراً منها؟ كيف ردَّ رسول الله؟ قال لها: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، فقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذا كذنبي الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء".

وبعد ذلك لما قابلت فاطمة قال لها: لا يغرنّك ثناء رسول الله على أمك، فقد تزوجها ثيِّباً وتزوجني بكْراً، فلما اشتكتْ لرسول الله قوْلَ عائشة قال لها: إذا قالت لك هذا فقولي لها: ولكن أمي تزوجت رسول الله بكْراً وأنت تزوجته ثيباً.

والبعض يقول: كيف يحدث كل هذا في بيت رسول الله؟ نقول: نفهم من هذه الغيرة إلى جانب أنها علامة الحب لسيدنا رسول الله، إلا أنها أيضاً تعني أن عائشة التي تزوجها رسول الله وهي بنت التاسعة، ومع ذلك كانت تغار على كِبره، وهذا يعني أنه (صلى الله عليه وسلم) غير مزهود فيه.

وقوله سبحانه: {وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ ..} [الحجرات: 11] هنا نَهْي عن صفة أخرى مذمومة لا تليق بأهل الإيمان، هي صفة اللمز وهو أنْ تعيب الآخرين، وتأمل دقة الأداء القرآني في قوله: {وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ..} [الحجرات: 11] والإنسان لا يلمز نفسه إنما يلمز غيره، لكنه أنزل الآخرين منزلة الإنسان نفسه، ثم إنك حين تلمز الناس تُجرّئهم على أنْ يلمزوك، على حَدِّ قول الشاعر:

لسَانُكَ لاَ تَذْكُر بِهِ عَوْرَةَ امْرِيء فكُلُّكَ عَوْراتٌ وللنَّاسِ ألْسُنُ

وَعَيْنكَ إنْ أبدَتْ إليْكَ مَسَاوِئاً فَصُنْهَا وَقُلْ يَا عَيْنُ لِلنَّاسِ أعيُنُ

ومن ذلك أيضاً قوله تعالى:{ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ ..} [النور: 61] لأنك حين تُسلِّم على الناس يريدون عليك السلام فكأنك سلَّمتَ على نفسك.

وقوله سبحانه: {وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ ..} [الحجرات: 11] نهي آخر عن التنابز بالألقاب.

أي: لا يدع أحدكم أخاه بلقب يكرهه، والتنابز من نبز الشيء يعني: أبعده وتركه، كذلك حين تنادي شخصاً بلقب يكرهه، فكأنك تبعده عنك وتُوسع الفجوة بينك وبينه.

والأسماء عندنا في اللغة اسم ولقب وكُنية: الاسم هو ما يُطلق على المسمى فيصير عَلَماً مثل محمد.

واللقب هو ما يُشعِر بمدح أو ذم مثل الصِّديق، أو أن نسمي أحد الضعفاء مثلاً (سليمان بطة)، أما الكُنْية فهي ما صُدِّرتْ بأب أو أم.

مثل أبي بكر، أم المؤمنين.

إذن: لا يجوز أنْ ننادي شخصاً مثلاً بلفظ مكروه وهو لا يحبه ولا يحب أن يُنادى به، من ذلك ما ذكرناه من قول عائشة لصفية: يا يهودية.

والتنابز بالألقاب يزرع الأحقاد والضغائن، ويهيج الغرائز والغضب عليك، ولم لا تناديه بأحب الأسماء إليه لتعطفه إليك.

حتى أن الفقهاء قالوا: إذا أذنب الرجل ذنباً ثم تاب منه إياك أنْ تُذكِّره به أو تُعيِّره به، لأن ذلك يُعدُّ قذفاً له، إلى جانب أنك تعين عليه الشيطان، كمن تاب عن الخمر ونقول له (يا خمورجي)، أو تاب عن القمار ونقول له (يا قمرتي) وهكذا.

لذلك قال بعدها: {بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلإَيمَانِ ..} [الحجرات: 11] يعني: بئس ما تقول لأخيك حينما تُذكِّره بماض يريد أنْ ينساه، وقبيح بك أنْ تُعيِّره بعد أنْ تاب، كما أنه قبيحٌ بك الفسوق بعد الإيمان.

{وَمَن لَّمْ يَتُبْ ..} [الحجرات: 11] يعني: عن التنابز بالألقاب {فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11] نعم ظالمون لأنفسهم بعدم اتباع المنهج في هذا النهي، وظالمون لغيرهم حين ينادونهم بهذه الألقاب المكروهة، فمن حَقِّ الذي تاب ألاَّ تذكره بعيبه، وألاَّ تُعيّره به.





يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [١٢]

تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الحق سبحانه يأمرنا أنْ نجنتب كثيراً من الظن، والظن هو الخاطر يخطر بالبال.

وهو نوعان: ظن حسن، وظن سيء، الظن الحسن لا شيء فيه ولا إثمَ عليه، بل هو من مطلوبات الشرع كما سنرى، والمنهي عنه هنا هو ظن السَّوء الذي يؤدي إلى فساد في العلاقات ويترتب عليه عقوبة.لذلك علّمنا سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن نجتنب ظن السَّوْء،

فلما كان (صلى الله عليه وسلم) معتكفاً وجاءته السيدة صفية تطلب منه شيئاً فخرج إليها وكانت محتجبة، ورآهما أبو بكر وعمر فانصرفا مخافة أنْ يراهما رسول الله وهو في هذه الحالة لكنه ناداهما وقال: على رسلكما يعني: قِفَا إنها صفية، وعلما ما أراد رسولُ الله، فقالا له: لا يكون هذا معك يا رسول الله، فقال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم".

إذن: فسيدنا رسول الله يُعلِّمنا أنْ نغلق باب ظن السَّوء، ونقطع أسبابه ونربأ بأنفسنا أنْ نضعها في هذا الموضع.

وفي قصة الإفك في سورة النور يُعلِّمنا الحق سبحانه ويحثّنا على أنْ نظن بالمؤمنين خيراً، وأن نبتعد عن ظن السَّوْء فيهم، فيقول سبحانه عن حديثهم في شأن السيدة عائشة:{ لَّوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ } [النور: 12].

والظن الحسن هو أن تحتاط للأمر، ولا تجعل له أثراً سيئاً في نفسك، فمثلاً إنْ جاءك رجل وقال لك: إن في هذا الطريق جماعة يتربَّصون بك ويريدون بك شراً، كان عليك أنْ تأخذ بالأحوط لك وأنْ تصدقه وتِحذر ما حذَّرك منه، لأن الغالب أنه يريد لك السلامة لا يريد لك الإيذاء.

أما إنْ كان الظنُّ يترتب عليه حكم شرعي، فقد وجب عليك أنْ تتحقق من صحته.

وتأمل دقة الأداء القرآني واحتياطه في قوله تعالى: {كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ ..} [الحجرات: 12] يعني: أن أكثر الظن ظن سيء يجب اجتنابه، والقليل ظنٌّ حسن لا مانع منه، لذلك قال بعدها: {إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ ..} الحجرات: 12] لا كله، فاحذر أنْ تقع في الإثم حين تظنّ بالمؤمنين السوء دون بينة.

وقوله سبحانه: {وَلاَ تَجَسَّسُواْ ..} [الحجرات: 12] لا تتبعوا عورات الناس ولا تبحثوا عن خصوصياتهم، وفي الحديث: "مَنْ تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته حتى يفضحه في عقر داره".

ونذكر هنا لطيفة من لطائف أسماء الله الحسنى تلاحظ أن كثيراً من أسمائهتعالى لها مقابل كما في المحيي المميت، المعز المذل القابض الباسط.

لكن الستار ألها مقابل بنقول الفضاح؟تعالى الله سبحانه عن هذه الصفة لأن ستره مسدولٌ على عباده مهما حدث منهم لا يفضحهم، والستار صيغة مبالغة من ستر ساتر.

لذلك ورد في بعض الأحاديث قوله تعالى: أبغض العاصي ولكني أكره مَنْ يتتبعه، لماذا؟ لأن تتبع العورات والسقطات يُشيع الفاحشة في المجتمع.

فالحق سبحانه يحمي مجتمع الإيمان من هذا، ويكفي أن المستتر بالمعصية ما يزال عنده حياء الإيمان.والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول:

"إذا بُليتم -أي بشيء من المعاصي- فاستتروا".

وهذا كمن لا يقدر على الصوم مثلاً وعنده عذر ويُباح له الفطر، لكن مع ذلك لا يجوز له أنْ يجاهر بفطره أمام الناس، حتى لا يكون قدوة سيئة للشباب الذين لا يدركون هذه الأعذار.

فحين يرونه يفطر تتربَّى عندهم خميرة ذهنية أنه يجوز لهم الفطر في رمضان، إذن: عليه أنْ يستر فطره حتى لا تَحدث هذه الأسوة.

ولخطورة التجسس، قال الفقهاء: لو أن رجلاً يعيش في عشة من البوص والعيدان، وجاء آخر فنظر إليه من خلال الثقوب، فجاء صاحب العشة بعود ففقأ عينه لا يكون لعينه مقابل ولا تعويض، لأنه اقتحم على الأول منزله، ونظر إليه دون إذنه.

ومثل هذا في سنة رسول الله حيث بلغه أن رجلاً ينظر إليه من ثقب الباب.

ويُروى أن سيدنا عمر كان يتفقَّد أحوال رعيته، ويقوم بالعسِّ ليلاً، وقد بلغه أن رجلاً يشرب الخمر مع أصحابه في بيته، فتسوَّر عليه داره فوجده مع رجل من أصحابه جالسين، وليس في المجلس خمر ولا شيء من هذا.

فلما رأه الرجل قال: لقد ظننت بي كذا وكذا، لكن فاتك من أمور الدين ما هو أهم من ذلك.

أولاً: دخلت البيت من السور، والله يقول:{ وَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ..}[ البقرة: 189] ثانياً: دخلت عليَّ بيتي بدون استئذان، فانصرف عمر ولم يقل شيئاً.

وفرْق بين التجسس (بالجيم) والتحسس (بالحاء) التحسس تتبُّع وبحث عن الغير، لكن بدون قصد العورات، ومن ذلك قوله تعالى:{ يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ ..}[ يوسف: 87] أي: ابحثوا عنه حتى تصلوا إليه، كما يفعل رجال المباحث مثلاً.

وقوله: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ..} [الحجرات: 12] هنا نَهْي عن الغيبة عموماً، لأن القرآن لم يحدد مَنْ يغتاب ومَنْ يغتاب فيه.

ولما سُئلَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الغيبة قال: ذِكْرك أخاك بما يكره وهو غائب.

فقال السائل: فإن كان في أخي ما أقول؟ قال: إنْ كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإنْ لم يكُنْ فيه ما تقول فقد بهته، أي: افتريتَ عليه وكذبتَ.

ثم يعطينا القرآن صورة حسِّية للغيبة، فيقول: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ..} [الحجرات: 12] تأمل كم في هذه الصورة من منفرات تبين فظاعة هذا العمل، فالذي يغتاب أخاه في غيبته كالذي يأكل لحمه وهو ميت.

أي: غائب عن الحياة ولا يقدر أنْ يدافع عن نفسه.

إذن: شبّهه بصورة شنيعة تنفر منها النفس السوية.

وقالوا: إن سبب نزول هذه الآية أنها نزلتْ فى الوليد بن عقبة ابن أبي معيط حينما بعثه رسول الله لجمع أموال الزكاة من بني المصطلق، وكان عليه لهم دية في الجاهلية، فلما رأوْه خرجوا لمقابلته، فخاف منهم الثأر وعاد إلى رسول الله، وقال: إنهم امتنعوا عن دفع الزكاة.

ورُوي أن أسامة بن زيد كان القائم على مؤنة الطعام في بيت رسول الله، فأراد رجلان أنْ يذهبا لكي يَطْعما في بيت رسول الله، فبعثوا سلمان الفارسي ليسأل أسامة الطعام، فلما سأله قال: ليس عندنا طعام، فعاد إليهما سلمان وقال: يقول أسامة: ليس عندنا طعام، قالا: بل عنده لكنه بخل به، ثم قالا لسلمان: أنت وجهك وجه شؤم، ولو ذهبت إلى بئر سميحاً يعني: فواراً - لغاب ماؤه.

وهكذا اغتابوا كلاً من أسامة وسلمان، فلما رآهما رسول الله قال: إني لأشمُّ من أفواهكم ريح لحم نتن، قالوا: يا رسول الله والله ما أكلنا لحماً، قال: لقد اغتبتما أسامة وسلمان، اذهبا فارضوهما لأنك إذا لم تُرض المغتاب فستكون عند الله أقبح من الزاني.

لذلك لما اغتاب رجل ابن سيرين فجاءه وقال له: يا إمام أحل نفسي منك، فقال: لم؟ قال: لأنِّي اغتبتك، فقال: أنا لا أُحِل ما حرم الله.

والحسن البصري علم أن رجلاً اغتابه، فأرسل إليه خادمه بطبق من الرُّطَب، وقال له: قل له هذا هدية لك من سيدي، لأنه علم أنك أهديتَ إليه حسناتك بالأمس.

هذا يدل على أنك تدفع حَقَّ مَن اغتبته من حسناتك، فَإنْ لم تكن لك حسنات أُخِذَ من سيئاته فطُرِح عليك، وقد دلّ على ذلك الحديث النبوي الشريف.

وقوله تعالى: {وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 12] اتقوا الله فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، وتجنّبوا أسباب عقابه {إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 12] أي: كثير التوبة على مَنْ تاب، كثير الرحمة لمن أناب.

وهذا الختام يعطي العاصي الأمل في رحمة الله، ولا ييئس المغتابين من رحمته تعالى، فمَنْ زلَّ لسانه بالغيبة فليبادر بالتوبة، وإذا علم أن ربه تواب رحيم عاد من قريب ولا يستمريء هذه الفعلة ولا يتمادى فيها.

وسبق أنْ أوضحنا أن من أعظم نعم الله علينا أنْ شرع لنا التوبة، وفتح لنا بابَ القبول، وإلا تمادى العاصون وفسدَت الحياة.

ثم يقول الحق سبحانه: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ ...}.



سورة الحجرات الآيات من 11-12 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الحجرات الآيات من 11-12
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الحجرات الآيات من 01-05
» سورة الحجرات الآيات من 06-10
» سورة الحجرات الآيات من 13-15
» سورة الحجرات الآيات من 16-18
» أسباب النزول من سورة الحجرات إلى سورة الصف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: الحُجُرات-
انتقل الى: