أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الباب السابع والسبعون في الدعاء وآدابه وشروطه الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:41 pm | |
| الباب السابع والسبعون في الدعاء وآدابه وشروطه وفيه فصول الفصل الأول في الدعاء وآدابه قال الله تعالى: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ«1». اختلف في سبب نزولها، فقال مقاتل: إن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه واقع امرأته بعدما صلى العشاء في رمضان فندم على ذلك وبكى وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك ورجع مغتما، وكان ذلك قبل الرخصة، فنزلت هذه الآية: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ«2». وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قالت اليهود كيف يسمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء خمسمائة عام، وغلظ كل سماء مثل ذلك؟ فنزلت هذه الآية. وقال الحسن: إن قوما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فنزلت هذه الآية. قوله تعالى: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ«3». أي أقبل عبادة من عبدني، فالدعاء بمعنى العبادة والإجابة بمعنى القبول. وقال قوم: إن الله تعالى يجيب كل الدعاء، فإما أن يعجل الإجابة في الدنيا، وإما أن يكفر عن الداعي وإما أن يدخر له في الآخرة لما رواه أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخر له ثوابها، وإما أن يكف عنه من السوء بمثلها». وروي أنه إذا كان يوم القيامة واستقر أهل الجنة في الجنة، فبينما العبد المؤمن في قصره، وإذا ملائكة من عند ربه يأتونه بتحف من عند الله، فيقول ما هذا؟ أليس الله قد أنعم علي وأكرمني، فيقولون ألست كنت تدعو الله في الدنيا؟ هذا دعاؤك الذي كنت تدعوه قد أدخر لك. واعلم أن إجابة الدعاء لا بد لها من شروط، فشرط الداعي أن يكون عالما بأن لا قادر إلا الله، وأن الوسائط في قبضته، ومسخرة بتسخيره، وأن يدعو بنية صادقة وحضور قلب، فإن الله تعالى لا يستجيب دعاء من قلب لاه، وأن يكون متجنبا لأكل الحرام ولا يمل من الدعاء، ومن شروط المدعو فيه أن يكون من الأمور الجائزة الطلب والفعل شرعا كما قال عليه الصلاة والسلام: ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فيدخل في الإثم كل ما يأثم به من الذنوب، ويدخل في الرحم جميع حقوق المسلمين ومظالمهم. قال ابن عطاء الله: إن للدعاء أركانا وأجنحة وأسبابا وأوقاتا، فإن وافق أركانه قوي وإن وافق أجنحته طار إلى السماء وإن وافق مواقيته فاز وإن وافق أسبابه نجح، فأركانه حضور القلب والخشوع وأجنحته الصدق ومواقيته الأسحار وأسبابه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومن شروط الدعاء أن يكون سليما من اللحن، كما قال بعضهم: ينادي ربّه باللحن ليث ... كذلك إذ دعاه لا يجاب وقيل: إن الله تعالى لا يستجيب دعاء عريف ولا شرطي ولا جاب ولا عشار ولا صاحب عرطبة، وهي الطنبور، ولا صاحب كوبة، وهي الطبل الكبير الضيق الوسط. ومن آداب الدعاء أن يدعو الداعي مستقبل القبلة ويرفع يديه. لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله ربكم حي كريم ليستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا». أو أن يمسح بهما وجهه بعد الدعاء، لما روي عن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه وأن لا يرفع بصره إلى السماء لقوله صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء عند الدعاء، أو ليخطفن الله أبصارهم» وأن يخفض الداعي صوته بالدعاء لقوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً«4». وعن أبي عبد الرحمن الهمداني قال: صليت مع أبي إسحاق الغداة فسمع رجلا يجهر في الدعاء فقال: كن كزكريا إذ نادى ربه نداء خفيا، وينبغي للداعي أن لا يتكلف وأن يأتي بالكلام المطبوع غير المسجوع، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والسجع في الدعاء بحسب أحدكم. يقول: أللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل». وقيل: ادعوا بلسان الذلة والاحتقار ولا تدعوا بلسان الفصاحة والانطلاق. وكانوا لا يزيدون في الدعاء على سبع كلمات، فما دونها، كما في آخر سورة البقرة. وعن سفيان بن عيينة: لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه، فقد أجاب الله دعاء شر الخلق إبليس، إذ قال: «رب انظرني إلى يوم يبعثون» وعن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا سأل أحدكم مسألة فتعرف الاجابة، فليقل: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، ومن أبطأ عليه من ذلك شيء فليقل: الحمد لله على كل حال. وعن سلمة بن الأكوع قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الدعاء إلا قال: «سبحان ربي الأعلى الوهاب».وعن أبي سليمان الداراني: من أراد أن يسأل الله حاجة، فليبدأ بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينبغي للمؤمن أن يجتهد في الدعاء وأن يكون على رجاء من الإجابة، ولا يقنط من رحمة الله لأنه يدعو كريما. وللدعاء أوقات وأحوال يكون الغالب فيها الإجابة، وذلك وقت السحر ووقت الفطر وما بين الأذان والإقامة، وعند جلسة الخطيب بين الخطبتين إلى أن يسلم من الصلاة، وعند نزول الغيث وعند التقاء الجيش في الجهاد في سبيل الله تعالى، وفي الثلث الأخير من الليل لما جاء في الحديث: «إن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا أعطاه». وفي حالة السجود لقوله عليه الصلاة والسلام أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء، وما بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء وأوقات الاضطرار وحالة السفر والمرض. هذا كله جاءت به الآثار. قال جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الفتح ثلاثة أيام: يوم الاثنين ويوم الثلاثاء، واستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعرفت السرور في وجهه، قال جابر: ما نزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فادعو فيها فأعرف الإجابة. وفي بعض الكتب المنزلة: يا عبدي إذا سألت فاسألني فإني غني وإذا طلبت النصرة فاطلبها مني فإني قوي، وإذا أفشيت سرك فافشه إلي فإني وفي وإذا أقرضت فأقرضني فإني ملي، وإذا دعوت فادعني فإني حفي». وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له». وقال وهب بن منبه بلغني أن موسى مر برجل قائم يبكي ويتضرع طويلا، فقال موسى: يا رب أما تستجيب لعبدك؟ فأوحى الله تعالى إليه: «يا موسى لو أنه بكي حتى تلفت نفسه ورفع يديه حتى بلغ عنان السماء ما استجبت له». قال: يا رب لم ذلك؟ قال: لأن في بطنه الحرام. ومر إبراهيم بن أدهم بسوق البصرة فاجتمع الناس إليه وقالوا: يا أبا إسحاق ما لنا ندعوا فلا يستجاب لنا؟ قال: لأن قلوبكم ماتت بعشرة أشياء: الأول أنكم عرفتم الله فلم تؤدوا حقه، الثاني زعمتم أنكم تحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تركتم سنته، الثالث: قرأتم القرآن ولم تعملوا به، الرابع أكلتم نعمة الله ولم تؤدوا شكرها، الخامس قلت إن الشيطان عدوكم ووافقتموه، السادس: قلتم إن الجنة حق فلم تعملوا لها، السابع قلتم إن النار حق ولم تهربوا منها، الثامن: قلتم إن الموت حق فلم تستعدوا له، التاسع: انتبهتم من النوم واشتغلتم بعيوب الناس وتركتم عيوبكم، العاشر: دفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم. وكان يحيى بن معاذ يقول: من أقر لله باساءته جاد الله عليه بمغفرته، ومن لم يمن على الله بطاعته أوصله إلى جنته، ومن أخلص لله في دعوته منّ الله عليه بإجابته. وقال علي رضي الله تعالى عنه: ارفعوا أفواج البلايا بالدعاء. وعن أنس رضي الله تعالى عنه (يرفعه): «لا تعجزوا عن الدعاء فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد». |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السابع والسبعون في الدعاء وآدابه وشروطه الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:47 pm | |
| الفصل الثاني في الأدعية وما جاء فيها كان من دعاء شريح رحمه الله تعالى: اللهم إني أسألك الجنة بلا عمل عملته، وأعوذ بك من النار بلا ذنب تركته. ودعت أعرابية عند البيت فقالت: إلهي لك أذل وعليك أدل. وكان من دعاء بعض الصالحين اللهم إن كنا عصيناك فقد تركنا من معاصيك أبغضها إليك وهو الإشراك وإن كنا قصرنا عن بعض طاعتك فقد تمسكنا بأحبها إليك وهو شهادة أن لا إله إلا أنت وإن رسلك جاءت بالحق من عندك. ومن دعاء سلام بن مطيع: «اللهم إن كنت بلغت أحدا من عبادك الصالحين درجة ببلاء فبلغنيها بالعافية». وقيل لفتح الموصلي: ادع الله لنا، فقال: اللهم هبنا عطاءك ولا تكشف عنا غطاءك. وكان من دعاء بعض السلف: اللهم لا تحرمني خير ما عندك لشر ما عندي فإن لم تقبل تعبي ونصبي فلا تحرمني أجر المصاب على مصيبته، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى الناس فنضيع. وقال الحسن: من دخل المقابر، فقال: اللهم رب الأرواح الفانية والأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أدخل عليها روحا من عندك وسلاما مني، كتب الله له بعدد من مات من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات. وحكي عن معروف القاضي أن الحجيج كانوا يجتهدونه في الدعاء وفيهم رجل من التركمان ساكت لا يحسن أن يدعو، فخشع قلبه وبكى فقال بلغته: اللهم إنك تعلم أني لا أحسن شيئا من الدعاء، فاسألك ما يطلبون منك بما دعوا، فرأى بعض الصالحين في منامه أن الله قبل حج الناس بدعوة ذلك التركماني لما نظر إلى نفسه بالفقر والفاقة. وقال الأصمعي: حسدت عبد الملك على كلمة تكلم بها عند الموت، وهي: اللهم إن ذنوبي وإن كثرت وجلت عن الصفة فإنها صغيرة في جنب عفوك فاعف عني. وركب إبراهيم بن أدهم في سفينة، فهاجت الريح وبكى الناس وأيقنوا بالهلاك، وكان إبراهيم نائما في كساء، فاستوى جالسا وقال: أريتنا قدرتك فأرنا عفوك، فذهب الريح وسكن البحر. وقال الثوري: كان من دعاء السلف، اللهم زهدنا في الدنيا ووسع علينا فيها ولا تزوها عنا ولا ترغبنا فيها. وكان بعض الأعراب إذا أوى إلى فراشه قال: اللهم إني أكفر بكل ما كفر به محمد وأؤمن بكل ما آمن به، ثم يضع رأسه. وسمعت بدوية تقول في دعائها: يا صباح يا مناح يا مطعم يا عريض الجفنة يا أبا المكارم، فزجرها رجل، فقالت: دعني أصف ربي وأمجد إلهي بما تستحسنه العرب. وقال الزمخشري في كتابه «ربيع الأبرار» : سمعت أنا من يدعو من العرب عند الركن اليماني: يا أبا المكارم يا أبيض الوجه، وهذا ونحوه منهم إنما يقصدون به الثناء على الله تعالى بالكرم والنزاهة عن القبيح على طريق الاستعارة، لأنه لا فرق عندهم بين الكريم وأبي المكارم ولا بين الجواد والعريض الجفنة ولا بين المنزه والأبيض الوجه. وقيل لأعرابي: أتحسن أن تدعو ربك؟ قال: نعم. قال: اللهم إنك أعطيتنا الإسلام من غير أن نسألك فلا تحرمنا الجنة ونحن نسألك. وذكر لعبد السلام بن مطيع أن الرجل تصيبه البلوى، فيدعو فتبطىء عنه الإجابة، فقال: بلغني أن الله تعالى يقول: كيف أحرمه من شيء به أرحمه. وقال طاوس: بينما أنا في الحجر ذات ليلة إذ دخل على علي بن الحسين، فقلت: رجل صالح من أهل بيت الخير لأسمعن دعاءه، فسمعته يقول: عبدك بفنائك مسكينك بفنائك فقيرك بفنائك، فما دعوت بهما في كرب إلا فرج عني. ودعا أعرابي فقال: اللهم إنا نبات نعمتك. وقال ابن المسيب: سمعت من يدعو بين القبر والمنبر اللهم إني أسألك عملا بارا ورزقا دارا وعيشا قارا، فدعوت به، فما وجدت إلا خيرا. ودعت أعرابية بالموقف، فقالت: أسألك سترك الذي لا تزيله الرياح ولا تخرقه الرماح. وقيل: اتقوا مجانيق الضعفاء أي دعواتهم. ودعا أعرابي فقال: اللهم أمح ما في قلبي من كذب وخيانة واجعل مكانه صدقا وأمانة. وصلّى رجل إلى جنب عبد الله بن المبارك وبادر القيام، فجذب ثوبه وقال: أما لك إلى ربك حاجة؟. وقال سفيان الثوري: سمعت أعرابيا يقول: اللهم إن كان رزقي في السماء، فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيدا فقربه، وإن كان قريبا فيسره، وإن كان قليلا فكثره، وإن كان كثيرا فبارك لي فيه. وقال أبو نواس: أحببت من شعر بشار وكلمته ... بيتا لهجت به من شعر بشار «1» يا رحمة الله حلّي في منازلنا ... وجاورينا فدتك النفس من جار وكان بشار يعني بذلك جارية بصرية كان يحبها ويتغزل بها، ونعني بها هنا رحمة الله التي وسعت كل شيء. وسمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه رجلا يقول وهو متعلق بأستار الكعبة: يا من لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل ولا يبرمه إلحاح الملحين، أذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك. فقال علي: والذي نفسي بيده لو قلتها وعليك ملء السماوات والأرض من الذنوب لغفر لك. ومن دعائه رضي الله عنه: اللهم صن وجهي باليسار ولا تبدل جاهي بالإقتار، فأسترزق طامعا رزقك من غيرك، وأستعطف شرار خلقك وأبتلي بحمد من أعطاني، وأفتتن بذم من منعني، وأنت من وراء ذلك كله، وليّ الاجابة والمنع. وعن أبي عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما انتهيت إلى الركن اليماني قط إلا وجدت جبريل قد سبقني إليه يقول: قل يا محمد «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر والفاقة وهي من مواقف الخزي». وهبط جبريل على يعقوب فقال: يا يعقوب إن الله تعالى يقول لك: قل يا كثير الخير يا دائم المعروف ردّ علي ابني، فقالها فأوحى الله تعالى إليه: وعزتي لو كانا ميتين لنشرتهما لك. وكان أبو مسلم الخراساني إذا نابه أمر قال: يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين. وقال جعفر بن محمد: ما المبتلي الذي اشتد بلاؤه بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن وقوع البلاء. وكان الزهري يدعو بعد الحديث بدعاء جامع فيقول: اللهم إني أسألك من خير ما أحاط به علمك في الدنيا والآخرة، وأعوذ بك من شر ما أحاط به علمك في الدنيا والآخرة. وعن عقبة بن الغافر دعوة في السر أفضل من سبعين دعوة في العلانية. واعلم أن التوحيد والدعاء عند نوازل الملمات هو سفينة النجاة من الحوادث المهلكات. وعن أبي الدرداء قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فمر بنا كلب، فما بلغت يده رجله حتى وقع ميتا، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته قال: من الداعي على الكلب آنفا؟ قال رجل من القوم: أنا يا رسول الله.قال: لقد دعوت الله باسمه الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. كيف دعوت الله؟ قال: قلت اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام. وقيل: أنه دخلت أذن رجل من أهل البصرة حصاة فعالجها الأطباء فلم يقدروا عليها حتى وصلت إلى صماخه فأتى إلى رجل من أصحاب الحسن، فشكا له ما أصابه من الحصاة فدعا له بدعاء العلاء بن الحضرمي وهو: «يا علي يا عظيم يا حليم يا عليم».قال الرواي فما برحنا حتى خرجت الحصاة من أذنه، ولها طنين حتى ضربت الحائط. وعن أنس إذا قال العبد: يا رب يا رب يقول الله عز وجل لبيك عبدي، وعنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يقول: يا أرحم الراحمين، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم سل حاجتك. فقد نظر الله إليك. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا فتح الله على عبد الدعاء فليكثر، فإن الله يستجيب له». وروي عن علي بن أبي زفر عن أخ له وكان فاضلا صالحا فقال: دعوت الله أن يريني الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، فقمت ليلة أصلي فسمعت قعقعة في سقف البيت، ثم هبط نور حتى صار تلقاء وجهي وإذا مكتوب بالنور فقرأته: يا الله يا رحمن يا ذا الجلال والإكرام. ومن دعاء الكرب ما روي عن وهب أن ابن عباس رضي الله عنهما قال له: هل تجد فيما تقرأ من الكتب دعاء تدعو به عند الكرب؟ قال: نعم. اللهم إني أسألك يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ضمير الصامتين، فإن لكل مسألة منك سمعا حاضرا وجوابا عتيدا، ولكل صامت منك علما ناطقا محيطا، أسألك بمواعيدك الصادقة وأياديك الفاضلة ورحمتك الواسعة أن تفعل بي كذا وكذا، فقال ابن عباس هذا دعاء علمته في النوم ما كنت أرى أن أحدا يحسنه. وعن وهب أيضا قال: لما أهبط الله تعالى آدم من الجنة إلى الأرض استوحش لفقد أصوات الملائكة، فهبط إليه جبريل وقال: يا آدم، هل أعلمك شيئا تنتفع به في الدنيا والآخرة؟ قال: بلى. قال: قل: اللهم أتمم النعمة حتى تهنيني المعيشة، اللهم اختم لي بخير حتى لا تضرني ذنوبي، اللهم أكفني مؤنة الدنيا وكل هول في القيامة حتى تدخلني الجنة معافى. وعن معروف الكرخي قال: اجتمعت اليهود أخزاهم الله على قتل عيسى عليه الصلاة والسلام بزعمهم، وأهبط الله تعالى عليه جبريل وفي باطن جناحيه مكتوب: اللهم إني أدعوك باسمك الأجل الأعز، وأدعوك اللهم باسمك الأحد الصمد، وأدعوك باسمك العظيم الوتر وأدعوك اللهم باسمك الكبير المتعالي الذي ملأ الأركان كلها، أن تكشف عني ضر ما أصبحت وأمسيت فيه، فأوحى الله عز وجل إلى جبريل أن أرفع عبدي إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه عليكم بهذا الدعاء، ولا تستبطئوا الإجابة، فإن ما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون. إسناد هذا متصل إلى معروف الكرخي، ثم هو منقطع، ولو لم يكن فيه من البركة إلا رواية معروف لكان كافيا في قبوله والعمل به. حدث عبد الله بن أبان الثقفي رضي الله عنه قال: وجهني الحجاج بن يوسف في طلب أنس بن مالك، فظننت أنه يتوارى عني، فأتيته بخيلي ورجلي، فإذا هو جالس على باب داره مادا رجليه، فقلت له: أجب الأمير، فقال: أي الأمراء؟ فقلت أبو محمد الحجاج، فقال غير مكترث به: قد أذله الله ما أراني أعزه لأن العزيز من عز بطاعة الله، والذليل من ذل بمعصية الله، وصاحبك قد بغى وطغى واعتدى وخالف كتاب الله والسنة، والله لينتقم الله منه، فقلت له: أقصر عن الكلام وأجب الأمير، فقام معنا حتى حضر بين يدي الحجاج، فقال له: أنت أنس بن مالك؟ قال: نعم. قال: أنت الذي تدعو علينا وتسبنا؟ قال: نعم، قال: ومم ذاك؟ قال: لأنك عاص لربك مخالف لسنة نبيك تعز أعداء الله وتذل أوليائه. فقال له: أتدري ما أريد أن أفعل بك؟ قال: لا، قال: أريد أن أقتلك شر قتلة، قال: أنس لو علمت أن ذلك بيدك لعبدتك من دون الله، قال الحجاج: ولم ذاك؟ قال: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمني دعاء، وقال من دعا به في كل صباح لم يكن لأحد عليه سبيل، وقد دعوت به في صباحي هذا. فقال الحجاج: علمنيه؟ فقال: معاذ الله أن أعلمه لأحد ما دمت أنت في الحياة. فقال الحجاج: خلوا سبيله. فقال الحاجب: أيها الأمير لنا في طلبه كذا وكذا يوما حتى أخذناه، فكيف تخلي سبيله؟ قال: رأيت على عاتقه أسدين عظيمين فاتحين أفواههما. ثم أن أنسا رضي الله عنه لما حضرته الوفاة علم الدعاء لأخوانه وهو: بسم الله الرحمن الرحيم باسم الله خير الأسماء باسم الله الذي لا يضر مع اسمه أذى، باسم الله الكافي، باسم الله المعافي باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، باسم الله على نفسي وديني باسم الله على أهلي ومالي باسم الله على كل شيء أعطانيه ربي، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أعوذ بالله مما أخاف وأحذر الله ربي لا أشرك به شيئا، عز جارك وجل ثناؤك وتقدست أسماؤك ولا إله غيرك اللهم إني أعوذ بك من شر كل جبار عنيد وشيطان مريد، ومن شر قضاء السوء ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السابع والسبعون في الدعاء وآدابه وشروطه الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:47 pm | |
| وهذا دعاء مشهور الإجابة وله شرح طويل وتركناه لطوله وهو: اللهم كما لطفت في عظمتك دون اللطفاء وعلوت بعظمتك على العظماء، وعلمت ما تحت أرضك كعلمك بما فوق عرشك، وكانت وساوس الصدور كالعلانية عندك وعلانية القول كالسر في علمك، وانقاد كل شيء لعظمتك وخضع كل ذي سلطان لسلطانك وصار أمر الدنيا والآخرة كله بيدك لا بيد غيرك، اجعل لي من كل هم وغم أصبحت أو أمسيت فيه فرجا ومخرجا، إنك على كل شيء قدير. اللهم إن عفوك عن ذنوبي وتجاوزك عن خطيئتي وسترك عن قبيح عملي أطمعني أن أسألك ما لا أستوجبه منك مما قضيته لي أدعوك آمنا وأسألك مستأنسا لا خائفا ولا وجلا لأنك أنت المحسن إلي وأنا المسيء إلى نفسي، فيما بيني وبينك، تتودد إلي بالنعم مع غناك عني، وأتبغض إليك بالمعاصي مع فقري إليك، فلم أر مولى كريما أعطف منك على عبد لئيم مثلي، لكن الثقة بك حملتني على الجرأة على الذنوب فاسألك بجودك وكرمك وإحسانك مع طولك، وتحبس عني باب الهم بقدرتك ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين فأعجز، ولا إلى الناس فأضيع، برحمتك يا أرحم الراحمين. وروى الحافظ النسفي باسناده عن الزهري، عن أبي مسلمة، عن أبي هريرة قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل ساجد وهو يقول في سجوده: اللهم إني استغفرك وأتوب إليك من مظالم كثيرة لعبادك قبلي، فأيما عبد من عبادك أو أمة من إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه في مال أو بدن أو عرض علمتها أو لم أستطع أن أتحللها، فأسألك أن ترضيه عني بما شئت وكيف شئت، ثم تهبها لي من لدنك إنك واسع المغفرة ولديك الخير كله، يا رب ما تصنع بعذابي ورحمتك وسعت كل شيء، فلتسعني رحمتك، فإني لا شيء، وأسألك يا رب أن تكرمني برحمتك ولا تهني بذنوبي وما عليك أن تعطيني الذي سألتك يا رب يا ألله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرفع رأسك فقد غفر الله لك إن هذا دعاء أخي شعيب عليه السلام.وقال صالح المزني: قال لي قائل في منامي: إذا أحببت أن يستجاب لك، فقل اللهم إني أسألك باسمك المخزون المكنون المبارك الطيب الطاهر المطهر المقدس، فما دعوت بها في شيء إلا تعرفت الاجابة. وقيل إن هذا الدعاء فيه اسم الله الاعظم وهو: بسم الله الرحمان الرحيم اللهم إني أسألك بالعزة التي لا ترام والملك الذي لا يضام والعين التي لا تنام والنور الذي لا يطفأ، وبالوجه الذي لا يبلى وبالديمومة التي لا تفنى وبالحياة التي لا تموت وبالصمدية التي لا تقهر وبالربوبية التي لا تستذل، أن تجعل لنا في أمورنا فرجا ومخرجا حتى لا نرجو غيرك يا أرحم الراحمين.وقال سعيد بن المسيب: دخلت المسجد في ليلة مقمرة وأظن أني قد أصبحت وإذا الليل على حاله، فقمت أصلي، وجلست أدعو وإذا بهاتف يهتف من خلفي يا عبد الله قل: قلت ما أقول؟ قال: قل اللهم إني أسألك بأنك ملك وأنت على كل شيء قدير، وما تشاء من أمر يكون.قال سعيد: فما دعوت به قط في شيء إلا رأيت نجحه. وعن الشيخ كمال الدين الدميري قال: روينا عن قاضي القضاة عز الدين ابن جماعة قال: أنبأنا الشيخ شرف الدين أبو العباس أحمد بن ابراهيم بن مناع الفزاري خطيب دمشق، أنبأنا الشيخ زين الدين أبو البقاء خالد بن يوسف النابلسي بقراءتي عليه، قال، أنبأنا الحافظ بهاء الدين ناصر السنة محمد بن الامام أبي محمد بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله ابن عساكر قراءة عليه، وأنا أسمع.قال: رويت بالاسناد وذكر إسناده إلى الإمام الحجة التابعي الجليل محمد بن سيرين، قال: نزلنا بنهر تيرا، فأتانا أهل ذلك المنزل فقالوا لنا: ارحلوا فإنه لم ينزل هذا المنزل أحد إلا أخذ متاعه فرحل أصحابي وتخلفت، فلما أمسينا قرأت آيات، فما نمت حتى رأيت أقواما قد أقبلوا وجاءوا إلى جهتي أكثر من ثلاثين نفرا وقد جردوا سيوفهم فلم يصلوا إلي، فلما أصبحت رحلت فلقيني شيخ على فرس ومعه قوس عربية، فقال لي: يا هذا أنسي أنت أم جني؟ فقلت بل أنا من بني آدم، قال، فما بالك لقد أتيناك في هذه الليلة أكثر من سبعين مرة وفي كل ذلك يحال بيننا وبينك بسور من حديد، قلت: حدثني ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قرأ في ليلة ثلاثا وثلاثين آية لم يضره في تلك الليلة لص طار ولا سبع ضار، وعوفي في نفسه وأهله وماله حتى يصبح، فنزل عن فرسه وكسر قوسه وأعطى الله تعالى عهدا أن لا يعود لهذا الأمر، وهذه الآيات وهي أن تقرأ بعد الفاتحة: "الم 1 ذلِكَ الْكِتابُ«1» إلى قوله: "الْمُفْلِحُونَ«2»، وآية الكرسي إلى قوله هُمْ فِيها خالِدُونَ«3». آمَنَ الرَّسُولُ«4» إلى آخر السورة، إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي.. إلى قوله الْمُحْسِنِينَ«5». وقُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ«6» إلى آخر السورة، وَالصَّافَّاتِ صَفًّا 1 إلى قوله تعالى: لازِبٍ«7»، ويا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ إلى قوله فَلا تَنْتَصِرانِ«8». لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً«9» إلى آخرها، وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا إلى قوله شَطَطاً«10» زاد البوني إلى قوله شِهاباً رَصَداً«11». وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ 20 إلى قوله مَحْفُوظٍ«12»، قال محمد بن سيرين، فذكرت هذا الحديث لشعيب بن حرب، فقال: كنا نسميها آيات الحرز ويقال إن فيها شفاء من مائة داء، وعدوا منها الجذام وغير ذلك.قال محمد بن علي: قرأتها على شيخ لنا قد أفلج فأذهب الله تعالى ذلك الفالج، قال البوني: هذه الآيات شرفها مشهور وفضلها مذكور لا ينكرها إلا غبي أو غيور، وقد جربها المشايخ، وعرف سرها من له في العلم قدم راسخ وقدر شامخ، وهي على ما رويناه بل ما رأيناه أولها الفاتحة ثم أول البقرة إلى آخر الآيات. وقال أبو العباس أحمد القسطلاني سمعت الشيخ أبا عبد الله القرشي يقول سمعت أبا زيد القرطبي يقول في بعض الآثار أن من قال: لا إله إلا الله سبعين ألف مرة كانت فداءه من النار، فعملت ذلك رجاء بركة الوعد، ففعلت منها لأهلي وعملت أعمالا ادخرتها لنفسي وكان إذ ذاك يبيت معنا شاب يكاشف بالجنة والنار، وكانت الجماعة ترى له فضلا على صغر سنه، وكان في قلبي منه شيء، فاتفق أن استدعانا بعض الإخوان إلى منزله، فنحن نتناول الطعام والشاب معنا إذ صاح صيحة منكرة، واجتمع في نفسه وهو يقول: يا عم هذه أمي في النار ويصيح بصياح عظيم لا يشك من سمعه أنه عن أمر، فلما رأيت ما به من الانزعاج قلت: اليوم أجرب صدقه، فألهمني الله تعالى السبعين ألفا، ولم يطلع على ذلك إلا الله تعالى، فقلت في نفسي الأثر حق والذين رووه لنا صادقون: اللهم أن هذه السبعين ألفا فداء أم هذا الشاب من النار، فما استتممت هذا الخاطر في نفسي أن قال: يا عم هذه أمي أخرجت من النار، والحمد لله فحصل عندي فائدتان امتحاني لصدق الأثر وسلامتي من الشاب وعلمي بصدقه. ومن خاف إنسانا فليصل ركعتين بعد صلاة المغرب ثم يضع جبهته على التراب ويقول: يا شديد المحال يا عزيزا أذللت بعزتك جميع من خلقت.صل على محمد وآله واكفني فلانا بما شئت، كفاه الله تعالى شره. وروى الثقفي رحمه الله تعالى بإسناده إلى محمد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول لولده: يا بني من أصابته مصيبة في الدنيا أو نزلت به نازلة فليتوضأ وليحسن الوضوء وليصل أربع ركعات أو ركعتين، فإذا انصرف من صلاته يقول: يا موضع كل شكوى، ويا سامع كل نجوى ويا شاهد كل بلوى ويا منجي موسى والمصطفى محمد والخليل إبراهيم عليهم السلام، أدعوك دعاء من اشتدت فاقته، وضعفت حركته وقلت حيلته. دعاء الغريب الغريق الفقير الذي لا يجد لكشف ما هو فيه إلا أنت يا أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. قال علي بن الحسين رضي الله عنهما: لا يدعو به مبتلى إلا فرج الله عنه. وقيل الإسم الأعظم هو بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك يا مؤنس كل وحيد، يا قريبا غير بعيد يا شاهدا غير غائب يا غالبا غير مغلوب يا حي يا قيوم يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والأكرام، أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، وأسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الذي عنت له الوجوه وخشعت له الأصوات ووجلت له القلوب أن تصلي على محمد وعلى آله وأن تعطيني كذا وكذا إنك على كل شيء قدير. وهذه أبيات الفرج لأحمد بن حمزة البوني قيل إن فيها اسم الله الأعظم وهي هذه: إنّي لأرجو عطفة الله ولا ... أقول إن قيل متى ذاك متى لا بدّ أن ينشر ما كان طوى ... جودا وأن يمطر ما كان خوى «1» وربما ينشر ما كان زوى ... وربّما قدّر ما كان لوى وكل شيء ينتهي إلى مدى ... والشيء يرجى كشفه إذا انتهى لطائف الله وإن طال المدى ... كلمحة الطرف إذا الطرف رمى كم فرج بعد إياس قد أتى ... وكم سرور قد أتى بعد الأسى من لاذ بالله نجا فيمن نجا ... من كلّ ما يخشى ونال ما رجا سبحان من نهفو ويعفو دائما ... ولم يزل مهما هفا العبد عفا «2» يعطي الذي يخطي ولا يمنعه ... جلاله من العطا لذي الخطا ومن المنظوم أيضا: يا من يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المعد لكلّ ما يتوقع يا من يرجّى للشدائد كلّها ... يا من إليه المشتكى والمفزع «3» يا من خزائن رزقه في قول كن ... أمنن فإن الخير عندك أجمع مالي سوى فقري إليك وسيلة ... فبالافتقار إليك فقري أدفع مالي سوى قرعي لبابك حيلة ... فلئن رددت فأي باب أقرع ومن الذي أدعو وأهتف باسمه ... إن كان فضلك عن فقيرك يمنع حاشا لجودك أن تقنّط عاصيا ... الفضل أجزل والمواهب أوسع «4» ثم الصلاة على النبي وآله ... خير الأنام ومن به يتشفّع وقال آخر: يا خالق الخلق يا رب العباد ومن ... قد قال في محكم التنزيل أدعوني إنّي دعوتك مضطرا فخذ بيدي ... يا جاعل الأمر بين الكاف والنون نجّيت أيوب من بلواه حين دعا ... بصبر أيوب يا ذا اللطف نجّيني واطلق سراحي وامنن بالخلاص كما ... نجّيت من ظلمات البحر ذا النون «1» ثم يقرأ: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 87«2». قال بعضهم: يا ربّ ما زال لطف منك يشملني ... وقد تجدّد بي ما أنت تعلمه فاصرفه عنّي كما عوّدتني كرما ... فمن سواك لهذا العبد يرحمه وقال آخر: يا من تحلّ بذكره ... عقد النّوائب والشّدائد يا من إليه المشتكى ... وإليه أمر الخلق عائد يا حيّ يا قيوم يا ... صمد تنزه عن مضادد أنت الرقيب على العب ... اد وأنت في الملكوت واحد أنت المعز لمن أطا ... عك والمذلّ لكل جاحد إنّي دعوتك والهمو ... م جيوشها نحوي تطارد فافرج بحولك كربتي ... يا من له حسن العوائد «3» فخفيّ لطفك يستعا ... ن به على الزمن المعاند أنت الميسّر والمسبّ ... ب والمسهّل والمساعد يسّر لنا فرجا قري ... با يا إلهي لا تباعد كن راحمي فلقد يئس ... ت من الأقارب والأباعد ثم الصلاة على النبي ... وآله الغرّ الأماجد وعلى الصحابة كلّهم ... ما خرّ للرحمن ساجد دعاء عظيم مأثور: اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني إلى بغيض يتجهمني أو إلى قوي ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل بي غضبك أو ينزل بي سخطك فلك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة لنا إلا بك يا رب العالمين. ومما جاء في أدعية الناس بعضهم لبعض: دعا رجل لآخر فقال: سرك الله بما ساءك ولا ساءك فيما سرك.ودعا رجل لآخر فقال: لا أخلاك الله تعالى من ثناء صادق باق ودعاء صالح واق. ودعا أعرابي لآخر فقال: رحب واديك وعز ناديك، ولا ألّم بك ألم ولا طاف بك عدم، وسلمك الله ولا أسلمك. وسمعت بعض العرب يدعو لرجل ويقول: سلمك الله تعالى من الرهق والوهق، وعافاك الله تعالى من الوحل والزجل، وسلمك الله من الشاردات والواردات، وسلمك الله بين الأعنة والأسنة. ودعا أعرابي لعبد الله بن جعفر رضي الله عنه فقال: لا ابتلاك الله تعالى ببلاء يعجز عنه صبرك.وأنعم عليك نعمة يعجز عنها شكرك، وأبقاك ما تعاقب الليل والنهار، وتناسخت الظلم والأنوار. ودعا بعضهم لآخر فقال: زودك الله تعالى الأمن في مسيرك والسعد في مصيرك، ولا أخلاك من شهر تستجده وخير من الله تستمده.وعزى شيب بن شبة يهوديا، فقال: أعطاك الله على مصيبتك ما أعطى أحدا من أهل ملتك. ومما جاء في الدعاء على الأعداء والظلمة ونحوهم: دعا أعرابي على ظالم فقال: لا ترك الله لك شفرا ولا ظفرا، أي عينا ولا يدا.ومن دعاء العرب: «فتّه الله فتا وحتّه حتا وجعل أمره شتى». وخرج أعرابي إلى سفر وكانت له امرأة تكرهه، فاتبعته نواة وقالت: شط نواك ونأى سفرك، ثم أتبعته روثة وقالت: رثتك أهلك وورث خيرك، ثم أتبعته حصاة، وقالت: حاص رزقك وحص أثرك.ودعا أعرابي على آخر فقال: أطفأ الله ناره وخلع نعليه، أي جعله أعمى مقعدا.ودعا أعرابي على آخر فقال: سقاه الله دم جوفه أي قتل ابنه، وأخذ ديته فشرب لبنها.ودعا أعرابي على آخر فقال: بعث الله عليه سنة فاشورة تحلقه كلما يحلق الشعر بالنورة، ودعا رجل على أمير فقال: أزال الله دولته سريعا ... فقد ثقلت على عنق الليالي وقالت امرأة من بني ضبة في زوجها: وما دعوت عليه حين ألعنه ... إلا وآخر يتلوه بآمين فليته كان أرض الروم منزله ... وليتني قبله قد صرت للصين وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم الأحزاب: «اللهم كلّ سلاحهم واضرب وجوههم ومزقهم في البلاد تمزيق الريح للجراد».ودعا رجل، فقال: اللهم أكفنا أعداءنا ومن أرادنا بسوء، فلتحط به ذلك السوء إحاطة القلائد بترائب الولائد، ثم أرسخه على هامته كرسوخ السجّيل على هام أصحاب الفيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولنختم هذا الباب بهذا الدعاء المبارك وهو: اللهم إنك عرفتنا بربوبيتك وغرقتنا في بحار نعمتك، ودعوتنا إلى دار قدسك ونعمتنا بذكرك وأنسك، إلهي إن ظلمة ظلمنا لنفوسنا قد عمت، وبحار الغفلة على قلوبنا قد طمت، والعجز شامل والحصر حاصر والتسليم أسلم، وأنت بالحال أعلم، إلهي ما عصيتك جهلا بعقابك ولا تعرضا لعذابك، ولكن سولتها نفوسنا وأعانتنا شقوتنا وغرنا سترك علينا وأطمعنا عفوك وبرك بنا، فالآن من عذابك من ينقذنا؟ وبحبل من نعتصم إن قطعت حبلك عنا؟ واخجلتاه غدا من الوقوف بين يديك، وافضيحتاه إن عرضت فعالنا القبيحة عليك، اللهم اغفر ما علمت ولا تهتك ما سترت. إلهي إن كنا عصيناك بجهل فقد دعوناك بعقل حيث علمنا أن لنا ربا يغفر لنا ولا يبالي، إلهي لا تحرق بالنار وجها كان لك مصليا ولسانا كان لك ذاكرا وداعيا، بالذي دلنا عليك وأمرنا بالخشوع بين يديك وهو محمد صلى الله عليه وسلم خاتم أنبيائك وسيد أصفيائك، فإن حقه علينا أعظم الحقوق بعد حقك، كما أن منزلته لديك أشرف المنازل، فهو سيد خلقك، ومعدن أسرارك، صل يا رب على محمد وآله وأصحابه وارحم عبادا غرهم طول إمهالك، وأطمعهم كثرة أفضالك، فقد ذلوا لعزك وجلالك ومدوا أكفهم لطلب نوالك، ولولا ذلك لم يصلوا إلى ذلك، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولكل المسلمين أجمعين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. |
|