| الباب السادس والسبعون في النوادر | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: الباب السادس والسبعون في النوادر الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:28 pm | |
| الباب السادس والسبعون في النوادر وفيه فصول الفصل الأول من هذا الباب في نوادر العرب خرج المهدي يتصيد، فغار به فرسه حتى وقع في خباء أعرابي، فقال: يا أعرابي هل من قرى، فأخرج له قرص شعير، فأكله، ثم أخرج له فضله من لبن فسقاه، ثم أتاه بنبيذ في ركوة فسقاه «1»، فلما شرب قال: أتدري من أنا؟ قال: لا، قال: أنا من خدم أمير المؤمنين الخاصة، قال: بارك الله لك في موضعك، ثم سقاه مرة أخرى، فشرب فقال: يا أعرابي أتدري من أنا؟ قال: زعمت أنك من خدم أمير المؤمنين الخاصة قال: لا. أنا من قواد أمير المؤمنين، قال: رحبت بلادك وطاب مرادك، ثم سقاه الثالثة، فلما فرغ قال: يا أعرابي أتدري من أنا؟ قال: زعمت أنك من قواد أمير المؤمنين، قال: لا، ولكني أمير المؤمنين. قال: فأخذ الأعرابي الركوة، فوكأها «2» وقال: إليك عني، فو الله لو شربت الرابعة لادعيت أنك رسول الله، فضحك المهدي حتى غشي عليه، ثم أحاطت به الخيل، ونزلت إليه الملوك والأشراف، فطار قلب الأعرابي فقال له: لا بأس عليك، ولا خوف، ثم أمر له بكسوة ومال جزيل. ووجد أعرابي يأكل ويتغوط ويفلي ثوبه، فقيل له في ذلك، فقال: أخرج عتيقا وأدخل جديدا، وأقتل عدوا. وقيل لبعض الأعراب: إن شهر رمضان قدم، فقال: والله لأبددن شمله بالأسفار. وسمع أعرابي قارئا يقرأ القرآن حتى أتى على قوله تعالى: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً «3». فقال: لقد هجانا، ثم بعد ذلك سمعه يقرأ: وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ«4». فقال: لا بأس هجا ومدح. هذا كما قال شاعرنا: هجوت زهيرا ثم إني مدحته ... وما زالت الأشراف تهجى وتمدح وحضر أعرابي على مائدة يزيد بن مزيد فقال لأصحابه: أفرجوا «5» لأخيكم، فقال الأعرابي: لا حاجة لي بإفراجكم إن أطنابي «6» طوال يعني سواعده، فلما مد يده ضرط، فضحك يزيد، فقال يا أخا العرب: أظن أن طنبا من أطنابك قد انقطع. ورؤي أعرابي يغطس في البحر ومعه خيط، وكلما غطس غطسة عقد عقدة، فقيل له: ما هذا؟ قال: جنابات الشتاء أقضيها في الصيف. وسرق اعرابي غاشية من على سرج ثم دخل المسجد يصلي فقرأ الامام: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ «1» فقال: يا فقيه لا تدخل في الفضول، فلما قرأ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ 2«2» قال: خذوا غاشيتكم ولا يخشع وجهي لا بارك الله لكم فيها ثم رماها من يده وخرج. وحضر أعرابي مجلس قوم فتذكروا قيام الليل «3» فقيل له: يا أبا أمامة أتقوم الليل؟ فقال: نعم. قالوا: ما تصنع؟ قال: أبول وأرجع أنام. وسرق أعرابي صرة فيها دارهم ثم دخل المسجد يصلى، وكان اسمه موسى، فقرأ الإمام، وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى 17«4» ، فقال الأعرابي: والله إنك لساحر، ثم رمى الصرة وخرج. وحكى الأصمعي قال: ضلت لي إبل، فخرجت في طلبها، وكان البرد شديدا، فالتجأت إلى حي من أحياء العرب، وإذا بجماعة يصلون وبقربهم شيخ ملتف بكساء، وهو يرتعد من البرد وينشد: أيا ربّ إن البرد أصبح كالحا ... وأنت بحالي يا إلهي أعلم فإن كنت يوما في جهنم مدخلي ... ففي مثل هذا اليوم طابت جهنم قال الأصمعي: فتعجبت من فصاحته، وقلت: يا شيخ أما تستحي تقطع الصلاة وأنت شيخ كبير، فأنشد يقول: أيطمع ربّي أن أصلّي عاريا ... ويكسو غيري كسوة البرد والحرّ فو الله لا صليت ما عشت عاريا ... عشاء ولا وقت المغيب ولا الوتر «5» ولا الصبح إلّا يوم شمس دفيئة ... وإن عمّمت فالويل للظهر والعصر وإن يكسني ربي قميصا وجبّة ... أصلي له مهما أعيش من العمر قال: فأعجبني شعره وفصاحته، فنزعت قميصا وجبّة كانا عليّ ودفعتهما إليه، وقلت له: البسهما وقم، فاستقبل القبلة، وصلّى جالسا وجعل يقول: إليك اعتذاري من صلاتي جالسا ... على غير طهر موميا نحو قبلتي فمالي ببرد الماء يا رب طاقة ... ورجلاي لا تقوى على ثني ركبتي ولكنني استغفر الله شاتيا ... وأقضيكها يا ربّ في وجه صيفتي وإن أنا لم أفعل فأنت محكم ... بما شئت من صفعي ومن نتف لحيتي قال: فعجبت من فصاحته، وضحكت" عليه وانصرفت. وصلى أعرابي مع قوم فقرأ الإمام: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا «6»، فقال الأعرابي: أهلكك الله وحدك.. إيش كان ذنب الذين معك، فقطع القوم الصلاة من شدة الضحك. وقيل: دخلت أعرابية على قوم يصلون، فقرأ الإمام: "فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ«7» وجعل يرددها، فجعلت الأعرابية تعدو وهي هاربة حتى جاءت لأختها فقالت: يا أختاه ما زال الإمام يأمرهم أن ينكحونا حتى خشيت أن يقعوا عليّ. وصلى أعرابي خلف إمام، فقرأ الإمام: "أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ 16«8» وكان في الصف الأول، فتأخر إلى الصف الآخر، فقرأ: ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ 17«9» فتأخر، فقرأ: كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ 18«10». وكان اسم البدوي مجرما، فترك الصلاة وخرج هاربا، وهو يقول: والله ما المطلوب غيري، فوجده بعض الأعراب، فقال له: ما لك يا مجرم؟ فقال: إن الامام أهلك الأولين والآخرين وأراد أن يهلكني في الجملة، والله لا رأيته بعد اليوم. وجلس بعض الأعراب يشرب مع ندائمه فاحتاج إلى بيت الخلاء، فدلوه عليه، فلما دخل جعل يضرط ضراطا شنيعا، فضحكوا عليه، فأنشد يقول: إذا ما خلا الإنسان في بيت غائط ... تراخت بلا شك مصاريع فقحته فمن كان ذا عقل فيعذر ضارطا ... ومن كان ذا جهل ففي وسط لحيته وكان لسابور ملك فارس نديم مضحك يسمى مرزبان.. فظهر له من الملك جفوة، فلما زاد ذلك عليه تعلم نبيح الكلاب وعوي الذئاب ونهيق الحمير، وصهيل الخيل، وصوت البغال، ثم احتال حتى دخل موضعا بقرب خلوة الملك وأخفى أمره، فلما خلا الملك بنفسه نبح نبيح الكلاب، فلم يشك الملك في أنه كلب، فقال: انظروا ما هذا، فعوى عوى الذئاب، فنزل الملك عن سريره، فنهق نهيق الحمير، فمضى الملك هاربا، ومضت الغلمان يتبعون الصوت، فلما دنوا منه صهل صهيل الخيل، فاقتحموا عليه وأخرجوه عريانا، فلما وصلوا به إلى الملك، ورآه مرزبان ضحك الملك ضحكا شديدا، وقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: إن الله عز وجل مسخني كلبا وذئبا وحمارا وفرسا لما غضب عليّ الملك. قال: فأمر الملك أن يخلع عليه وأن يرد إلى مرتبته الأولى. وصلى أعرابي خلف إمام، فقرأ: "إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ«1» ثم وقف وجعل يرددها، فقال الأعرابي أرسل غيره يرحمك الله، وأرحنا وأرح نفسك. وصلى آخر خلف إمام، فقرأ: "فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي«2» ووقف وجعل يرددها، فقال الأعرابي: يا فقيه إذا لم يأذن لك أبوك في هذا الليل نظل نحن وقوفا إلى الصباح، ثم تركه وانصرف. ولزم أعرابي سفيان بن عيينة مدة يسمع منه الحديث، فلما أن جاء ليسافر قال له سفيان: يا أعرابي ما أعجبك من حديثنا؟ قال: ثلاثة أحاديث، حديث عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب الحلوى والعسل، وحديثه عليه الصلاة والسلام: إذا وضع العشاء وحضرت الصلاة فابدأوا بالعشاء، وحديث عائشة عنه أيضا: ليس من البر الصوم في السفر. وانفرد الرشيد وعيسى بن جعفر ومعه الفضل بن يحيى، فإذا هو بشيخ من الأعراب على حمار وهو رطب العينين، فقال له الفضل: هل أدلك على دواء لعينيك؟ قال: ما أحوجني إلى ذلك. قال: خذ عيدان الهواء وغبار الماء فصيره في قشر بيض الذر واكتحل به ينفعك. فانحنى الشيخ وضرط ضرطة قوية وقال: خذ هذه في لحيتك أجرة وصفتك، وإن زدت زدناك. فضحك الرشيد حتى استلقى على ظهر دابته. وخرج معن بن زائدة في جماعة من خواصه للصيد، فاعترضهم قطيع ظباء، فتفرقوا في طلبه، وانفرد معن خلف ظبي حتى انقطع عن أصحابه، فلما ظفر به نزل، فذبحه، فرأى شيخا مقبلا من البرية على حمار. فركب فرسه واستقبله، فسلم عليه فقال: من أين وإلى أين؟ قال: أتيت من أرض لها عشرون سنة مجدبة، وقد أخصبت في هذه السنة فزرعتها مقثاة، فطرحت في غير وقتها، فجمعت منها ما استحسنته، وقصدت به معن بن زائدة لكرمه المشكور، وفضله المشهور ومعروفه المأثور وإحسانه الموفور، قال: وكم أملت منه؟ قال: ألف دينار. قال: فإن قال لك كثير؟ قال: خمسمائة. قال: فإن قال لك كثير؟ قال: ثلاثمائة. قال: فإن قال لك كثير؟ قال: مائة. قال: فإن قال لك كثير؟ قال: خمسين. قال: فإن قال لك كثير؟ قال، فلا أقل من الثلاثين. قال: فإن قال لك كثير؟ قال: أدخل قوائم حماري في [قفاه] وأرجع إلى أهلي خائبا. فضحك معن منه، وساق جواده حتى لحق بأصحابه ونزل في منزله، وقال لحاجبه: إذا أتاك شيخ على حمار بقثاء فأدخل به علي، فأتى بعد ساعة، فلما دخل عليه لم يعرفه لهيبته وجلالته، وكثرة حشمه وخدمه وهو متصدر في دسته، والخدم والحفدة قيام عن يمينه وشماله وبين يديه، فلمَّا سلّم عليه قال: ما الذي أتى بك يا أخا العرب قال: أملت الأمير، وأتيته بقثاء في غير أوان. فقال: كم أملت فينا؟ قال: ألف دينار. قال: كثير. فقال: والله لقد كان ذلك الرجل ميشوما عليّ، ثم قال خمسمائة دينار. قال: كثير فما زال إلى أن قال خمسين دينار. فقال: كثير. فقال: لا أقل من الثلاثين. فضحك معن، فعلم الأعرابي أنه صاحبه. فقال: يا سيدي إن لم تجب إلى الثلاثين فالحمار مربوط بالباب, وها معن جالس. فضحك معن حتى استلقى على فراشه، ثم دعا بوكيله، فقال: أعطه ألف دينار وخمسمائة دينار وثلاثمائة دينار ومائة دينار وخمسين دينارا وثلاثين دينارا، ودع الحمار مكانه، فتسلّم الأعرابي المال وانصرف. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس والسبعون في النوادر الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:28 pm | |
| الفصل الثاني في نوادر القراء والفقهاء عن محمد بن عبد الله قال: كنا في دهليز عثمان بن شيبة، فخرج إلينا فقال: ن والقلم في أي سورة. ومر بعضهم بقارىء يقرأ «الم غلبت الترك في أدنى الأرض» فقال له «الروم». فقال له: كلهم أعداؤنا قاتلهم الله. وكان جماعة يجلسون إلى أبي العيناء وفيهم رجل لا يتكلم فقيل له يوما: كيف علمك بكتاب الله؟ قال: أنا عالم به، فقيل له هذه الآية في أي سورة «الحمد لله لا شريك له» فقال له: في سورة الحمد، فضحكوا عليه. وجاء رجل إلى فقيه، فقال: أفطرت يوما في رمضان، فقال: اقض يوما مكانه، قال: قضيت وأتيت أهلي، وقد عملت مأمونية «1»، فسبقتني يدي إليها، فأكلت منها، فقال: اقض يوما آخر مكانه. قال: قضيت، وأتيت أهلي وقد عملوا هريسة «2»، فسبقتني يدي إليها، فقال: أرى أن لا تصوم إلا ويدك مغلولة إلى عنقك. وجاء رجل إلى بعض الفقهاء، فقال له: أنا عبد الله على مذهب ابن حنبل وإني توضأت وصليت، فبينما أنا في الصلاة إذ أحسست ببلل في سروايلي يتلزق، فشممته فإذا رائحته كريهة خبيثة، فقال الفقيه: عافاك الله خريت بإجماع المذاهب. وجاء رجل إلى فقيه قال: أنا رجل أفسو في ثيابي حتى تفوح روائحي، فهل يجوز لي أن أصلي في ثيابي؟ قال: نعم، لكن لا كثر الله في المسلمين مثلك. ووقع بين الأعمش وبين امرأته وحشة، فسأل بعض أصحابه من الفقهاء أن يرضيها ويصلح بينهما، فدخل إليها وقال: إن أبا محمد شيخ كبير فلا يزهدنك فيه عمش عينيه، ودقة ساقيه، وضعف ركبتيه ونتن إبطيه، وبخر فيه، وجمود كفيه، فقال له الأعمش: قم قبحك الله فقد أريتها من عيوبي ما لم تكن تعرفه. وسكن بعض الفقهاء في بيت سقفه يقرقع في كل وقت فجاءه صاحب البيت يطلب الأجرة، فقال له: أصلح السقف، فإنه يقرقع، قال: لا تخف، فإنه يسبح الله تعالى قال: أخشى أن تدركه رقة فيسجد.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس والسبعون في النوادر الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:30 pm | |
| الفصل الثالث في نوادر القضاة كان لبعض القضاة بغلة، فقرأ يوما في المصحف.وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها«3»، فقال لغلامه: أطلق البغلة ورزقها على الله، فصارت البغلة تدور الأسواق والأزقة وتأكل من قشور الباذنجان وقشور الرمان وقشور البطيخ، وقمامات الطريق، فماتت، فأمر الغلام بإحضار المشاعلية ليحملوها لظاهر المدينة فأحضرهم، فطلبوا من القاضي عشرة دراهم أجرة حملها وقالوا ليس لنا شيء نرتزق منه إلا من مثل هذا، وسيدنا رجل غني وله أشياء كثيرة، العدالة والتزويج والعقود والوراقة والسجن والإطلاق وجامكية الحكم، وأجرة اليمين والتدريس والأوقاف، فقال لهم القاضي: ألمثلي يقال هذا، وأنتم لكم اثنا عشر بابا من المنافع، منها: الوسخ، والزفر، والهلع، والولع، وبيت النبذة، وشركة النفوس، وجباية الأسواق، وحرق النار، وسلب الشطار، ولكم الضياح وثمن الإصلاح وما تروحوا من هذه البغلة بلا شيء، جلدها للدباغين وذنبها للغرابلية ومعرفتها للشعار وتطبيقتها للبيطار، قال: فتقدم أحدهم إليه، وقال: بحق من تاب عليك ورد عاقبتك إلى خير وأراحك من هذا المعاش تصدق علينا بشيء ولا تدعنا نروح بلاش. تفسير هذه الألفاظ: الزفر: النساء الزانيات، والوسخ: المراحيض، والهلع: جباية الأسواق، والولع: القمار. وبيت النبذة: محل المزر، وشركة النفوس: كل من حمل ميتا، ولحقوه قبل أن يخرج من باب البلد كانوا شركاءه. وسلب الشطار: كل من شنقوه لهم سلبه. وولي يحيى بن أكثم قاضيا على أهل جبلة، فبلغه أن الرشيد انحدر إلى البصرة، فقال لأهل جبلة: إذا اجتاز الرشيد فاذكروني عنده بخير، فوعدوه بذلك، فلما جاء الرشيد تقاعدوا عنه، فسرح القاضي لحيته، وكبر عمته وخرج، فرأى الرشيد في الحراقة ومعه أبو يوسف القاضي، فقال يا أمير المؤمنين: نعم القاضي قاضي جبلة عدل فينا، وفعل كذا وكذا، وجعل يثني على نفسه، فلما رآه أبو يوسف عرفه، فضحك فقال له الرشيد: مم تضحك؟ فقال يا أمير المؤمنين: المثني على القاضي هو القاضي، فضحك الرشيد حتى فحص برجله الأرض، ثم أمر بعزله فعزل «1». وأحضر رجل ولده إلى القاضي فقال: يا مولانا إن ولدي هذا يشرب الخمر ولا يصلي، فأنكر ولده ذلك، فقال أبوه: يا سيدي أفتكون صلاة بغير قراءة، فقال الولد إني أقرأ القرآن، فقال له القاضي: اقرأ حتى أسمع فقال: علق القلب الربابا ... بعدما شابت وشابا إن دين الله حق ... لا أرى فيه ارتيابا فقال أبوه: إنه لم يتعلم هذا إلا البارحة، سرق مصحف الجيران وحفظ هذا منه، فقال القاضي، وأنا الآخر أحفظ آية منها وهي: فارحمي مضنى كئيبا ... قد رأى الهجر عذابا ثم قال القاضي: قاتلكم الله يعلم أحدكم القرآن ولا يعمل به. وتقدم اثنان إلى أبي صمصامة القاضي، فادعى أحدهما على الآخر طنبورا، فأنكر، فقال للمدعي: ألك بينة؟ فقال: لي شاهدان فأحضر رجلين شهدا له، فقال المدعى عليه: سلهما يا سيدي عن صناعتهما، فأخبر أحدهما أنه نباذ، وقال الآخر أنه قواد، فالتفت القاضي إلى المدعى عليه، وقال: أتريد على طنبور أعدل من هذين؟ ادفع إليه طنبوره. وتحاكم الرشيد وزبيدة إلى أبي يوسف القاضي في الفالوذج واللوزينج أيهما أطيب، فقال أبو يوسف: أنا لا أحكم على غائب، فأمر الرشيد بإحضارهما، وقدما بين يدي أبي يوسف، فجعل يأكل من هذا مرة ومن هذا مرة حتى نصف الجامين ثم قال: يا أمير المؤمنين ما رأيت أعدل منهما كلما أردت أن أحكم لأحدهما أتى الآخر بحجته. وأتى بعض المجان لبعض القضاة فقال: يا سيدي إن امرأتي قحبانا، فقال له القاضي: طلقهانا، فقال: عشقانا. فقال: قودهانا. وادعى رجل عند قاض على امرأة حسناء بدين، فجعل القاضي يميل إليها بالحكم، فقال الرجل: أصلح الله القاضي حجتي أوضح من هذا النهار، فقال له القاضي: اسكت يا عدو الله، فإن الشمس أوضح من النهار. قم لا حق لك عليها، فقالت المرأة: جزاك الله عن ضعفي خيرا فقد قويته، فقال الرجل: لا جزاك الله عن قوتي خيرا فقد أوهيتها. ورفعت امرأة زوجها إلى القاضي تبغي الفرقة. وزعمت أنه يبول في الفراش كل ليلة. فقال الرجل للقاضي: يا سيدي لا تعجل علي حتى أقص عليك قصتي، إني أرى في منامي كأني في جزيرة في البحر وفي قصر عالي، وفوق القصر قبة عالية، وفوق القبة جمل وأنا على ظهر الجمل، وإن الجمل يطأطىء برأسه ليشرب من البحر، فإذا رأيت ذلك بلت من شدة الخوف، فلما سمع القاضي ذلك بال في فراشه وثيابه وقال: يا هذه أنا قد أخذني البول من هول حديثه، فكيف بمن يرى الأمر عيانا. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس والسبعون في النوادر الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:30 pm | |
| الفصل الرابع في نوادر النحاة وقف نحوي على بياع يبيع أرزا بعسل وبقلا بخل، فقال: بكم الأرز بالأعسل والأخلل بالأبقل؟ فقال: بالأصفع في الأرؤس والأضرط في الأذقن. ووقع نحوي في كنيف، فجاء كناس ليخرجه، فصاح به الكناس ليعلم أهو حي أم لا، فقال له النحوي: أطلب لي حبلا دقيقا وشدني شدا وثيقا واجذبني جذبا رفيقا، فقال الكناس: امرأته طالق إن أخرجتك منه، ثم تركه وانصرف. وكان لبعضهم ولد نحوي يتقعر في كلامه، فاعتل أبوه علة شديدة أشرف منها على الموت، فاجتمع عليه أولاده، وقالوا له: ندعو لك فلانا أخانا، قال: لا إن جاءني قتلني، فقالوا: نحن نوصيه أن لا يتكلم، فدعوه، فلما دخل عليه قال له يا أبت: قل لا إله إلا الله تدخل بها الجنة وتفوز من النار، يا أبت: والله ما أشغلني عنك إلا فلان، فإنه دعاني بالأمس، فأهرس وأعدس واستبذج وسكبج وطهبج وأفرج ودجج وأبصل وأمضر ولوزج وافلوزج فصاح أبوه غمضوني، فقد سبق ابن الزانية ملك الموت إلى قبض روحي. وجاء نحوي يعود مريضا، فطرق بابه، فخرج إليه ولده فقال: كيف وجدت أباك؟ قال: يا عم ورمت رجليه، قال: لا تلحن قل رجلاه، ثم ماذا؟ قال: ثم وصل الورم إلى ركبتاه. قال: لا تلحن قل إلى ركبتيه، ثم ماذا؟ قال: مات وأدخله الله في ... عيالك وعيال سيبويه ونفطويه وجحشويه. وعاد بعضهم نحويا، فقال: ما الذي تشكوه؟ قال: حمى جاسية نارها حامية منها الأعضاء واهية والعظام بالية، فقال له: لا شفاك الله بعافية يا ليتها كانت القاضية. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس والسبعون في النوادر الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:31 pm | |
| الفصل الخامس في نوادر المعلمين قال الجاحظ: مررت بمعلم صبيان وعنده عصا طويلة وعصا قصيرة وصولجان وكرة وطبل وبوق، فقلت ما هذه؟ فقال: عندي صغار أوباش فأقول لأحدهم اقرأ لوحك فيصفر لي بضرطة، فأضربه بالعصا القصيرة، فيتأخر، فأضربه بالعصا الطويلة، فيفر من بين يدي فأضع الكرة في الصولجان وأضربه فأشجه، فتقوم إلي الصغار كلهم بالألواح فأجعل الطبل في عنقي والبوق في فمي وأضرب الطبل وأنفخ في البوق فيسمع أهل الدرب ذلك، فيسارعون إلي ويخلصوني منهم. وحكى الجاحظ أيضا قال: مررت على خربة. فإذا بها معلم وهو ينبح نبيح الكلاب، فوقفت أنظر إليه وإذا بصبي قد خرج من دار، فقبض عليه المعلم، وجعل يلطمه ويسبه، فقلت عرفني خبره، فقال: هذا صبي لئيم يكره التعليم ويهرب ويدخل الدار ولا يخرج، وله كلب يلعب به، فإذا سمع صوتي ظن أنه صوت الكلب فيخرج فأمسكه. وقال الجاحظ: رأيت معلما في الكتّاب وحده فسألته، فقال: الصغار داخل الدرب يتصارعون فقلت: أحب أن أراهم. فقال: لا أشير عليك بذلك. فقلت: لا بد. قال: فإذا جئت إلى رأس الدرب اكشف رأسك لئلا يعتقدوك المعلم فيصفعونك حتى تعمى. وقال بعضهم: رأيت معلما وقد جاء صغيران يتماسكان فقال أحدهما: هذا عض أذني، فقال الآخر: لا والله يا سيدنا هو الذي عض أذن نفسه، فقال المعلم: يا ابن الزانية هو كان جمل يعض أذن نفسه. وقال بعضهم: رأيت معلما وهو يصلي العصر، فلما ركع أدخل رأسه بين رجليه، ونظر إلى الصغار وهم يلعبون، وقال: يا ابن البقال قد رأيت الذي عملت وسوف أكافئك إذا فرغت من الصلاة. وحكي عن الجاحظ أنه قال: ألفت كتابا في نوادر المعلمين، وما هم عليه من التغفل، ثم رجعت عن ذلك وعزمت على تقطيع ذلك، فدخلت يوما مدينة، فوجدت فيها معلما في هيئة حسنة، فسلمت عليه فرد علي أحسن رد ورحب بي فجلست عنده، وباحثته في القرآن، فإذا هو ماهر فيه، ثم فاتحته في الفقه والنحو وعلم المعقول وأشعار العرب، فإذا هو كامل الآداب، فقلت هذا والله مما يقوي عزمي على تقطيع الكتاب. قال: فكنت أختلف إليه وأزوره، فجئت يوما لزيارته، فإذا بالكتّاب مغلق ولم أجده، فسألت عنه، فقيل: مات له عزيز، فحزن عليه وجلس في بيته للعزاء، فذهبت إلى بيته وطرقت الباب، فخرجت إلي جارية، وقالت: ما تريد؟ قلت: سيدك، فدخلت، وخرجت، وقالت: باسم الله، فدخلت إليه، وإذا به جالس، فقلت: عظم الله أجرك، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، كل نفس ذائقة الموت، فعليك بالصبر، ثم قلت له: هذا الذي توفي ولدك؟ قال لا، قلت: فوالدك، قال: لا، قلت: فأخاك؟ قال: لا، قلت: فزوجتك؟ قال: لا، فقلت: وما هو منك؟ قال: حبيبتي. فقلت في نفسي: هذه أول المناحس، فقلت: سبحان الله النساء كثير وستجد غيرها، فقال: أتظن أني رأيتها؟ قلت: وهذه منحسة ثانية. ثم قلت: وكيف عشقت من لم تر؟ فقال: اعلم إني كنت جالسا في هذا المكان وأنا أنظر من الطاق إذ رأيت رجلا عليه برد وهو يقول: يا أم عمرو جزاك الله مكرمة ... ردي على فؤادي مثلما كانا لا تأخذين فؤادي تلعبين به ... فكيف يلعب بالإنسان إنسانا فقلت في نفسي: لولا أن أم عمرو هذه ما في الدنيا أحسن منها، ما قيل فيها هذا الشعر فعشقتها، فلما كان منذ يومين مر ذلك الرجل بعينه وهو يقول: لقد ذهب الحمار بأمّ عمرو ... فلا رجعت ولا رجع الحمار فعلمت أنها ماتت، فحزنت عليها، وأغلقت المكتب وجلست في الدار، فقلت: يا هذا إني كنت ألفت كتابا في نوادركم معشر المعلمين، وكنت حين صاحبتك عزمت على تقطيعه والآن قد قوي عزمي على إبقائه وأول ما أبدأ أبدأ بك إن شاء الله تعالى. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس والسبعون في النوادر الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:32 pm | |
| الفصل السادس في نوادر المتنبئين ادعى رجل النبوة في أيام الرشيد، فلما مثل بين يديه قال له: ما الذي يقال عنك؟ قال: إني نبي كريم. قال: فأي شيء يدل على صدق دعواك؟ قال: سل عما شئت. قال: أريد أن تجعل هذه المماليك المرد القيام الساعة بلحى، فأطرق ساعة، ثم رفع رأسه، وقال: كيف يحل أن أجعل هؤلاء المرد بلحى وأغير هذه الصورة الحسنة، وإنما أجعل أصحاب هذه اللحى مردا في لحظة واحدة، فضحك منه الرشيد وعفا عنه وأمر له بصلة. وتنبأ إنسان، فطالبوه بحضرة المأمون بمعجزة، فقال: أطرح لكم حصاة في الماء فتذوب. قالوا: رضينا فأخرج حصاة معه وطرحها في الماء فذابت، فقالوا: هذه حيلة ولكن نعطيك حصاة من عندنا ودعها تذوب، فقال: لستم أجل من فرعون ولا أنا أعظم حكمة من موسى، ولم يقل فرعون لموسى لم أرض بما تفعله بعصاك حتى أعطيك عصا من عندي تجعلها ثعبانا. فضحك المأمون وأجازه. وتنبأ رجل في أيام المعتصم، فلما حضر بين يديه قال: أنت نبي؟ قال: نعم، قال: وإلى من بعثت؟ قال: إليك. قال: أشهد أنك لسفيه أحمق، قال: إنما يبعث إلى كل قوم مثلهم، فضحك المعتصم وأمر له بشيء. وتنبأ رجل في أيام المأمون وادعى إنه إبراهيم الخليل، فقال له المأمون: إن إبراهيم كانت له معجزات وبراهين، قال: وما براهينه؟ قال: أضرمت له نار وألقي فيها، فصارت عليه بردا وسلاما، ونحن نوقد لك نارا ونطرحك فيها، فإن كانت عليك كما كانت عليه آمنا بك، قال: أريد واحدة أخف من هذه، قال: فبراهين موسى، قال: وما براهينه؟ قال: ألقى عصاه فإذا هي حية تسعى وضرب بها البحر، فانفلق، وأدخل يده في جيبه فأخرجها بيضاء. قال: وهذه علي أصعب من الأولى. قال: فبراهين عيسى. قال: وما هي؟ قال: إحياء الموتى. قال: مكانك قد وصلت. أنا أضرب رقبة القاضي يحيى بن أكثم وأحييه لكم الساعة، فقال يحيى: أنا أول من آمن بك وصدّق. وتنبأ آخر في زمن المأمون، فقال المأمون: أريد منك بطيخا في هذه الساعة، قال: أمهلني ثلاثة أيام، قال: ما أريده إلا الساعة، قال: ما أنصفتني يا أمير المؤمنين إذا كان الله تعالى الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ما يخرجه إلا في ثلاثة أشهر، فما تصبر أنت علي ثلاثة أيام، فضحك منه ووصله. وتنبأ آخر في زمن المأمون، فلما مثل بين يديه. قال له من أنت؟ قال: أنا أحمد النبي قال: لقد ادعيت زورا، فلما رأى الأعوان قد أحاطت به وهو ذاهب معهم قال: يا أمير المؤمنين أنا أحمد النبي، فهل تذمه أنت، فضحك المأمون منه وخلّى سبيله. وتنبأ آخر في زمن المتوكل، فلما حضر بين يديه قال له: أنت نبي؟ قال: نعم، قال: فما الدليل على صحة نبوتك؟ قال: القرآن العزيز يشهد بنبوتي في قوله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ 1«1» وأنا إسمي نصر الله، قال: فما معجزتك؟ قال: ائتوني بامرأة عاقر أنكحها تحمل بولد يتكلم في الساعة ويؤمن بي، فقال المتوكل لوزيره الحسن بن عيسى أعطه زوجتك حتى تبصر كرامته، فقال الوزير: أما أنا فأشهد أنه نبي الله، وإنما يعطي زوجته من لا يؤمن به. فضحك المتوكل وأطلقه. وادعى رجل النبوة زمن خالد بن عبد الله القسري وعارض القرآن فأتي به إلى خالد فقال له: ما تقول؟ قال: عارضت القرآن.قال: بماذا؟ قال: قال الله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ 1 «2» الآية، وقلت إنا أعطيناك الجماهر فصل لربك وجاهر ولا تطع كل ساحر. فأمر به خالد فضرب عنقه وصلب، فمر به خلف بن خليفة الشاعر، فضرب بيده على الخشبة وقال: إنا أعطيناك العود فصل لربك من قعود وأنا ضامن لك أن لا تعود. وأتي المأمون برجل ادعى النبوة، فقال له: ألك علامة على نبوتك؟ قال: علامتي أني أعلم ما في نفسك، قال: وما في نفسي؟ قال: في نفسك أني كاذب، قال: صدقت. ثم أمر به إلى السجن، فأقام فيه أياما، ثم أخرجه، فقال: هل أوحي إليك بشيء؟ قال: لا. قال: ولم؟ قال: لأن الملائكة لا تدخل الحبوس. فضحك منه وخلى سبيله. وأتي بامرأة تنبأت في أيام المتوكل، فقال لها: أنت نبية؟ قالت: نعم. قال: أتؤمنين بمحمد؟ قالت: نعم، قال: فإنه صلى الله عليه وسلم قال: لا نبي بعدي، قالت: فهل قال لا نبية بعدي، فضحك المتوكل وأطلقها. وتنبأ رجل يسمى نوحا، وكان له صديق نهاه، فلم يقبل، فأمر السلطان بقتله، فمر به صديقه، فقال له: يا نوح ما حصلت من السفينة إلا على الصاري. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس والسبعون في النوادر الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:33 pm | |
| الفصل السابع في نوادر السؤال وقف أعرابي بباب يسأل، فقال له صغير من باب الدار: بورك فيك، فقال: قبح الله هذا الفم لقد تعلمت الشر صغيرا. ووقف سائل على باب فقال: يا أصحاب المنزل، فبادر صاحب الدار قبل أن يتم كلامه وقال: فتح الله عليك، فقال السائل: يا ... كنت تصبر لعلي جئت أدعوك إلى وليمة. وقال أبو عثمان الجاحظ: وقف سائل بقوم فقال: إني جائع، فقالوا له: كذبت، فقال: جربوني برطلين من الخبز ورطلين من اللحم. ووقف سائل على باب، فقالوا: يفتح الله عليك، فقال: كسرة، فقالوا: ما نقدر عليها، قال: فقليل من بر أو فول أو شعير، قالوا: لا نقدر عليه، قال: فقطعة دهن أو قليل زيت أو لبن. قالوا: لا نجده، قال: فشربة ماء. قالوا: وليس عندنا ماء، قال: فما جلوسكم ههنا قوموا فاسألوا، فأنتم أحق مني بالسؤال. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس والسبعون في النوادر الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:33 pm | |
| الفصل الثامن في نوادر المؤذنين قيل لمؤذن: ما نسمع أذانك، فلو رفعت صوتك، فقال: إني أسمع صوتي من مسيرة ميل. وقال بعضهم: رأيت مؤذنا أذّن ثم غدا يهرول، فقلت له: إلى أين؟ فقال: أحب أن أسمع أذاني أين بلغ. واختصم رجلان في جارية فأودعاها عند مؤذن، فلما أصبح وفرغ من الأذان قال: لا إله إلا الله ذهبت الأمانة من الناس، فقالوا له: كيف ذهبت الأمانة من الناس؟ قال: هذه الجارية التي وضعت عندي قيل إنها بكر، فلما أتيتها وجدتها ثيبا. وسمع مؤذن حمص يقول في سحور رمضان: تسحروا فقد أمرتكم وعجلوا في أكلكم قبل أن أؤذن، فيسخم الله وجوهكم.وشوهد مؤذن يؤذن من رقعة، فقيل له: ما تحفظ الأذان؟ فقال: سلوا القاضي، فأتوه، فقالوا: السلام عليكم، فأخرج دفترا وتصحيفة وقال: وعليكم، فعذروا المؤذن. وسمعت امرأة مؤذنا يؤذن بعد طلوع الشمس ويقول الصلاة خير من النوم، فقالت: النوم خير من هذه الصلاة. ومر سكران بمؤذن رديء الصوت فجلد به الأرض وجعل يدوس بطنه، فاجتمع إليه الناس فقال: والله ما بي رداءة صوته، ولكن شماتة اليهود والنصارى بالمسلمين. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس والسبعون في النوادر الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:34 pm | |
| الفصل التاسع في نوادر النواتية حكي أن بعض النواتية تولى أحد الكراسي السلطانية لما ساعده الزمان، فبينما هو جالس في داره إذ سمع صوتا وراء الباب فقال لزوجته: إني أسمع غاغة في البر حلي قلوعي واعملي أسفيرتي على جاموري وقدمي إلى إسقالة الرجل، وقيميني بمدرة، فامتثلت كلامه، فنزل وجلس على مصطبته وقد علت مرتبته، واصطفت المقدمون بين يديه ووقفت الحبرتية حوليه، وإذا بشيخ قد أقبل وثيابه مقطعة وعمامته في حلقه والدم نازل من أنفه وهو يصيح بصوت عال: أنا بالله وبالوالي، فقال: تعال يا شيخ مالي أرى أرطمونك في حلقك وشبورتك مكسورة وأنت بتزلع ماء متغير وتقيم الهليلا في الساحل دخل عليك شرد غربي وإلا دخلت على بواجي، فقال الشيخ: والله يا سيدي بعض نواتية البحر عمل بي هذا، فقال: يا أولاد جيبوا غريمو بخنسوا عدته وقشطوا ظهره وجروه على مقدمه، فامتثلوا كلام الأمير وجاءوا بالغريم فلما مثل بين يديه قال له: ويلك هو أنت بغنوس بسفر البحر أنت الذي قطعت القلس وخرجت في الشعث حتى لقيت هذا الرجل نطحت مخطمته وكسرت اسقالته؛ لو انصلح كنت عملتك في بدراوة وعلقتك في الصاري، فلما سمع الرجل كلام الوالي علم أنه من أولاد المعيشة، فقال له بهمترة النواتية: والله يا خوند هو كار زني في معاشي اجصطن على الوحسة وأنا عايم في الليل إلا وشرد جاني من الشرق كابس هز أطرافي وكسر شابورتي وقطع لباني وها هو يحمد الله على بر السلامة، وإن كان انصلح فيه شيء فأنا بمرسوم الأمير أجيب له القلفاط، أسد فتحه وأعيد له وسقه وأخليه يروح في طريقه، فقال له الوالي: أنت بتقذف في وجهي وتطرح مقاديفك حتى نعبر على الحجر، يا رجالة الصاري سلسلوا أطرافه وعروا مقاديفه، وبلوا شيبنة اللبان وانزلوا عليه وأوسقوه الجنبين والظهر حتى تلعب المية على بطونسته، هيا قوامك خلوا جنب برا وجنب جوا قدام الخن وراء الصاري، فأكل علقة من كعبه إلى أذنه، فقالت النواتية: يا خوند هو خنفست عليه الطمية البحرية؟ قال: مدراتين وقيموه فلما أقاموه باس يد الأمير وقال: يا خوند سألتك بهبوب الرياح وطيب النسيم الرب لا يبليك بجر اللبان في الحلافي وأنت حافي الصيافي ويكفيك شر الأربعينيات قال: فرق عليه قلب الأمير وقال له: وحق من ضرب القلع باللبان الحلفا عند بخنسة الريح وفروغ الزاد بعيد من البلاد وعياط الركاب عند قيام الموجة وبعد البر في أيام النيل، لولا شفاعة الركاب لكنت أهد سقالتك وأقعد في زوايدك حتى أخلي ظهرك جيفة، فقال له: والله يا خوند ما بقي جنبي يحمل هذا الوسق العظيم ولكن إن عدت أعبر لهذا الوجه أخسف من أضلاعي لوح وغرقني بالقايم، فقال له الأمير: أحمد الله على السلامة وأخرج في دي الطيابة وكتب له مرسوم وعلم عليه علامة الرياس البحرية للنواتية الله لك الله لي يا عملات على أبوس. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52879 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب السادس والسبعون في النوادر الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:34 pm | |
| الفصل العاشر في نوادر جامعة سمعت امرأة في الحديث أن صوم يوم عاشوراء كفارة سنة، فصامت إلى الظهر ثم أفطرت وقالت: يكفيني كفارة ستة أشهر منها شهر رمضان. وأسلم مجوسي في شهر رمضان فثقل عليه الصيام، فنزل إلى سرداب وقعد يأكل فسمع ابنه حسه فقال: من هذا؟ فقال: أبوك الشقي يأكل خبز نفسه ويفزع من الناس. وسئل بعض القصاص عن نصراني قال: لا إله إلا الله، لا غير إذا مات أين يدفن؟ قال: يدفن بين مقابر المسلمين والنصارى ليكون مذبذبا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. وأهدي إلى سالم القصاص خاتم بلا فص، فقال: إن صاحب هذا الخاتم يعطى في الجنة غرفة بلا سقف. وبنى بعض المغفلين نصف دار وبنى رجل آخر النصف الآخر، فقال المغفل يوما: قد عولت على بيع النصف الذي لي، وأشتري به النصف الآخر لتكمل لي الدار كلها. وسئل جامع الصيدلاني عن عمر ابنته فقال: لا أدري إلا أن أمها ذكرت أنها ولدتها في أيام البراغيث. وقيل لطفيلي: أي سورة تعجبك من القرآن؟ قال: المائدة. قال: فأي آية؟ قال: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا«1» قيل: ثم ماذا؟ قال: آتِنا غَداءَنا«2» ، قيل: ثم ماذا؟ قال: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ 46«3» ، قيل: ثم ماذا؟ قال: وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ«4». وقيل لعثمان بن دراج الطفيلي يوما: كيف تصنع بدار العرس إذا لم يدخلك أصحابها؟ قال: أنوح على بابهم فيتطيرون من ذلك، فيدخلوني، وقيل له: أتعرف بستان فلان؟ قال: إي والله إنه الجنة الحاضرة في الدنيا، قيل: لم لا تدخله وتأكل من ثماره وتستظل بأشجاره وتسبح في أنهاره؟ قال: لأن فيه كلبا لا يتمضمض إلا بدماء عراقيب الرجال. وقيل له يوما: ما هذه الصفرة التي في لونك؟ قال: من الفترة بين المضيفين. وقال: مرت بنا جنازة يوما ومعي ابني ومع الجنازة امرأة تبكي وتقول: الآن يذهبون بك إلى بيت لا فراش فيه، ولا غطاء، ولا وطاء ولا خبز ولا ماء، فقال ابني: يا أبت إلى بيتنا والله يذهبون. وحكي عن هارون الرشيد أنه أرق ذات ليلة أرقا شديدا، فقال لوزيره جعفر بن يحيى البرمكي: إني أرقت هذه الليلة وضاق صدري ولم أعرف ما أصنع، وكان خادمه مسرور واقفا أمامه فضحك، فقال له: ما يضحكك استهزاء بي أم استخفافا؟ فقال: وقرابتك من سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ما فعلت ذلك عمدا ولكن خرجت بالأمس أتمشى بظاهر القصر إلى أن جئت إلى جانب الدجلة فوجدت الناس مجتمعين، فوقفت فرأيت رجلا واقفا يضحك الناس يقال له ابن المغازلي، فتفكرت الآن في شيء من حديثه وكلامه، فضحكت والعفو يا أمير المؤمنين، فقال له الرشيد: ائتني الساعة به، فخرج مسرور مسرعا إلى أن جاء إلى ابن المغازلي فقال له: أجب أمير المؤمنين، فقال: سمعا وطاعة، فقال له: بشرط أنه إذا أنعم عليك بشيء يكون لك منه الربع والبقية لي، فقال له: بل اجعل لي النصف ولك النصف، فأبى، فقال: الثلث لي ولك الثلثان، فأجابه إلى ذلك بعد جهد عظيم. فلما دخل على الرشيد سلم، فأبلغ وترجم فأحسن، ووقف بين يديه، فقال له أمير المؤمنين: إن أنت أضحكتني أعطيتك خمسمائة دينار وإن لم تضحكني أضربك بهذا الجراب ثلاث ضربات، فقال ابن المغازلي في نفسه، وما عسى أن تكون ثلاث ضربات بهذا الجراب؟ وظن في نفسه أن الجراب فارغ، فوقف يتكلم ويتمسخر وفعل أفعالا عجيبة تضحك الجلمود، فلم يضحك الرشيد، ولم يتبسم، فتعجب ابن المغازلي وضجر وخاف، فقال له الرشيد: الآن استحقيت الضرب، ثم أنه أخذ الجراب ولفه وكان فيه أربع زلطات كل واحدة وزنها رطلان، فضربه ضربة، فلما وقعت الضربة في رقبته صرخ صرخة عظيمة وافتكر الشرط الذي شرطه عليه مسرور، فقال: العفو يا أمير المؤمنين اسمع مني كلمتين. قال: قل ما بدالك. قال: إن مسرورا شرط علي شرطا واتفقت أنا وإياه على مصلحة، وهو أن ما حصل لي من الصدقات يكون له فيه الثلثان ولي فيه الثلث وما أجابني إلى ذلك إلا بعد جهد عظيم. وقد شرط علي أمير المؤمنين ثلاث ضربات فنصيبي منها واحدة ونصيبه اثنتان، وقد أخذت نصيبي وبقي نصيبه، قال: فضحك الرشيد ودعا مسرورا، فضربه، فصاح، وقال: يا أمير المؤمنين قد وهبت له ما بقي. فضحك الرشيد وأمر لهما بألف دينار، فأخذ كل واحد منهما خمسمائة دينار، ورجع ابن المغازلي شاكرا والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. |
|
| |
| الباب السادس والسبعون في النوادر | |
|