أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الباب الخامس والسبعون في المزاح والنهي عنه الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:12 pm | |
| الباب الخامس والسبعون في المزاح والنهي عنه وما جاء في الترخيص فيه والبسط والتنعم وفيه فصول الفصل الأول في النهي عن المزاح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المزاح استدراج من الشيطان واختلاع من الهوى». وعن علي: ما مزح أحد مزحة إلا مجّ الله من عقله مجة، وعنه: إياك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا، وإن حكيت ذلك عن غيرك. وكتب عمر رضي الله تعالى عنه إلى عماله: إمنعوا الناس من المزاح، فإنه يذهب بالمروءة ويوغر الصدور. وقال بعض الحكماء: تجنب سوء المزاح ونكد الهزل، فإنهما بابان إذا فتحا لم يغلقا إلا بعد غم. وقال آخر: لكل شيء بذر وبذر العداوة المزاح. وعن محمد بن المنكدر قال: قالت لي أمي: لا تمازح الصبيان تهن عندهم. وخرج أعرابي بالليل، فإذا بجارية جميلة فراودها، فقالت: أما لك زاجر من عقلك إذا لم يكن لك واعظ من دينك؟ فقال: والله ما يرانا إلا الكواكب. فقالت له: يا هذا.. وأين مكوكبها؟ فأخجله كلامها، فقال لها: إنما كنت مازحا، فقالت: فإياك إيّاك المزاح فإنّه يجري «1» ... عليك الطفل والرجل النذلا ويذهب ماء الوجه بعد بهائه ... ويورث بعد العز صاحبه ذلّا وقال الأحنف: كثرة الضحك تذهب الهيبة، وكثرة المزاح تذهب المروءة، ومن لزم شيئا عرف به. ومما روي عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يتحادثون ويتناشدون الأشعار، فإذا جاء ذكر الله انقلبت حماليقهم كأنهم لم يعرفوا أحدا. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الخامس والسبعون في المزاح والنهي عنه الثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 9:12 pm | |
| الفصل الثاني فيما جاء في الترخيص في المزاح والبسط والتنعم لا بأس بالمزاح ما لم يكن سفها، والله تعالى وعد في اللمم بالتجاوز والعفو فقال: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ «2». وقيل: إن يحيى بن زكريا لقي عيسى عليه الصلاة والسلام فقال: مالي أراك لاهيا كأنك آمن، فقال له عيسى: مالي أراك عابسا كأنك آيس، فقال: لا تبرح حتى ينزل علينا الوحي، فأوحى الله إليهما أن أحبكما إليّ أحسنكما ظنا بي. ويروى إن أحبكما إليَّ الطلق البسَّام. وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لجارية: خلقني خالق الخير وخلقك خالق الشر، فبكت الجارية. فقال عمر: لا بأس عليك، فإن الله خالق الخير والشر. قال الشاعر: إنّ الصديق يريد بسطك مازحا ... فإذا رأى منك الملالة يقصر وترى العدو إذا تيقّن أنّه ... يؤذيك بالمزح العنيف يكثّر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقا، فمن مزحه صلى الله عليه وسلم أنه جاء رجل، فقال: يا رسول الله احملني على جمل، فقال عليه الصلاة والسلام: لا أحملك إلا على ولد الناقة، فقال: يا رسول الله، إنه لا يطيقني. فقال له الناس: ويحك. وهل الجمل إلا ولد الناقة؟ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: إلحقي زوجك ففي عينيه بياض، فسعت إلى زوجها مرعوبة، فقال لها: ما دهاكِ؟ قالت إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي إن في عينيك بياضا، فقال: نعم والله وسوادا. وأتته أيضا عجوز أنصارية، فقالت: يا رسول الله، أدع الله لي أن يدخلني الجنة، فقال لها: يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز، فولّت المرأة تبكي، فتبسَّم صلى الله عليه وسلم وقال لها: أما قرأتِ قوله تعالى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً 35 فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً 36 عُرُباً أَتْراباً 37 «3». وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: سابقت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلما كثر لحمي سابقته، فسبقني، فضرب بكتفي، وقال: هذه بتلك. وعنها أيضا قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل وأنا ألعب مع صويحباتي ولا يعيب علي. وسئل النخعي: هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم، والإيمان في قلوبهم مثل الجبال الرواسي. وكان نعيمان الصحابي من أولع الناس بالمزاح والضحك. قيل: إنه يدخل الجنة وهو يضحك. فمن مزحه أن مَرَّ يوما بمخرمة بن نوفل الزهري وهو ضرير، فقال له قدني حتى أبول، فأخذه بيده حتى أتى به إلى المسجد، فأجلسه في مؤخره، فصاح به الناس إنك في المسجد، فقال: مَنْ قادني؟ قالوا: نعيمان، قال لله عليّ نذرٌ أن أضربه بعصاي هذه إن وجدته، فبلغ ذلك نعيمان، فجاء إليه وقال له: يا أبا المنور هل لك في نعيمان، قال: نعم. قال: ها هو قائم يصلي وأخذه بيده وجاء به إلى عثمان بن عفان وهو يصلي، وقال: هذا نعيمان، فعلاه بعصاه، فصاح الناس: أمير المؤمنين. فقال: مَنْ قادني؟ قالوا: نعيمان. فقال: والله لا تعرضت له بسوء بعدها. وقال عطاء بن السائب: كان سعيد بن جبير يقص علينا حتى يبكينا، وربما لم يقم حتى يضحكنا. وكان رجل يسمى تاج الوعظ يعظ الناس ويقص عليهم حتى يبكيهم، ثم لم يقم حتى يضحكهم ويبسط آمالهم. فمن لطائفه أنه حكى يوما بعدما فرغ من مواعظه قال: سمعت الناس يتكلمون في التصحيف وكنت لا أعرفه، فوقع في قلبي أن أتعلمه، فدخلت في سوق الكتبية واشتريت كتابا في التصحيف، فأول ما تصحفته وجدت فيه سكباج «1» تصحيفه سك تاج، فرميت الكتاب من يدي وحلفت أني لا أشتغل به أبدا، فضحك الناس حتى غشي عليهم. ودخل عبد الله بن جعفر على عبد الملك بن مروان، فوجده يتأوه، فقال يا أمير المؤمنين: لو أدخلت عليك من يؤنسك بأحاديث العرب ويباسطك استرحت؟ فقال: لست بصاحب لهو. فقال: ما الذي تشكوه يا أمير المؤمنين؟ قال: هاج بي عرق النسا في ليلتي هذه، فبلغ مني ما ترى. فقال: إن بديحا مولاي أرقى الخلق منه، فأمر بإحضاره، فلما مثل بين يديه قال عبد الملك: يا بديح أرق رجلي، فقال يا مولاي أنا أرقى الناس لها، ثم وضع يده عليها، وجعل يقول ما لا يسمع، فقال عبد الملك: قد وجدت راحة بهذه الرقية. اين فلانة ائتوني بها تكتبها لئلا يهيج بي الوجع بالليل، فقال له بديح: الطلاق يلزمه ما أكتبها إلا بتعجيل جائزتي، فأمر له بأربعة آلاف درهم، فقال يا أمير المؤمنين: الطلاق يلزمه ما أكتبها حتى تحمل جائزتي إلى بيتي، قال: تحمل، فحملت، فقال: يا أمير المؤمنين الطلاق يلزمه، ما رقيت رجلك إلا مباسطة بقول نصيب حيث قال: ألا إنّ ليلي العامرية أصبحت ... على البعد منّي ذنب غيري تنقم فقال: ويلك ما تقول؟ فقال: الطلاق يلزمه ما رقيتك إلا بها، فقال: اكتمها عليّ، فقال: كيف، وقد سارت بها الركبان إلى أخيك بمصر، فضحك حتى فحص برجليه، وأعجبه هذا البسط. وروي أن ابن سيرين كان ينشد قول الشاعر: أنبئت أنّ فتاة كنت أخطبها ... عرقوبها مثل شهر الصوم في الطول «2» ثم يضحك حتى يسيل لعابه. ومما جاء في الشطرنج واللعب به والنهي عنه والترخيص فيه: أما النهي عنه، فقد قيل: إن عليا كرم الله وجهه مر بقوم يلعبون الشطرنج، فقال لهم: "ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ«3» ؟. وكان أبو القاسم الكسروي يقول: لا ترى شطرنجيا غنيا إلا بخيلا، ولا فقيرا إلا طفيليا، ولا تسمح نادرة باردة إلا على الشطرنج. واحتضر شطرنجي فصار يقول: شاه مات شاه مات مكان الشهادتين حتى مات. وأما الترخيص فيه، فقد سئل الشعبي عن اللعب بالشطرنج، فقال: لا بأس به إذا لم يكن هناك تقامر وتبادل، وقال بعضهم: كنا في السجن مع ابن سيرين، فكان يرانا ونحن نلعب بالشطرنج، فيقوم، فيأتي ويقول: ارفع الفرس ارفع كذا إفعل كذا، ولا يعيب علينا. وعن سعيد بن المسيب قال: كنت ألعب الشطرنج مع صديق في بيته حين خفت الحجّاج. ومما قيل لعلي بن الجهم في الشطرنج. وقيل للمأمون: أرض مربّعة حمراء من أدم ... ما بين حرّين معروفين بالكرم تذكّرا الحرب فاحتالا لها فطنا ... من غير أن يأثما فيها بسفك دم هذا يغير على هذا وذاك على ... هذا يغير وعين الحزم لم تنم فانظر إلى همم جاشت بمعركة ... في عسكرين بلا طبل ولا علم قالوا: إن سبب وضع الشطرنج أن ملوك الهند ما كانوا يرون بقتال، فإذا تنازع ملكان في كورة أو مملكة تلاعبا بالشطرنج، فيأخذها الغالب من غير قتال. وقيل: إنه كان لبعض ملوك الفرس شطرنج من ياقوت أحمر وأصفر القطعة منه بثلاثة آلاف دينار. فحكي أن غلمانا من أهل البحرين خرجوا يلعبون بالصوالجة وأسقف البحرين قاعد، فوقعت الأكرة على صدره، فأخذها، فجعلوا يطلبونها منه فأبى، فقال غلام منهم: سألتك بحق محمد صلى الله عليه وسلم إلا رددتها علينا، فأبى لعنه الله وسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبلوا عليه بصوالجهم، فما زالوا يخبطوا حتى مات لعنة الله عليه، فرفع ذلك إلى عمر رضي الله تعالى عنه فوالله ما فرح بفتح ولا غنيمة كفرحته بقتل الغلمان لذلك الأسقف، وقال: الآن عز الإسلام إن أطفالا صغارا شتم نبيهم فغضبوا له وانتصروا وأهدر دم الأسقف، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. |
|