العبارة الثانية: "oh god"، أي: يا الله، أو: يا إله.
فهذه الكلمة معروفة من لغة غير المسلمين، وقد يطلقونها، أو يطلقها من يطلقها منهم: ويريد بها الله جل جلاله.
وقد يطلقونها، وهذا هو الأكثر، ويريدون بها "الإله" أو "الرب"؛ ومرادهم: الرب الذي يعبدونه من دون الله، فتكون شركًا أكبر.
وما دامت الكلمة تحتمل معنىً باطلًا، وهي من شعار الكفار، أو من استعمالهم الغالب، دون المسلمين، خاصة في ذلك الأمر التوقيفي الضيق: فالواجب على المسلم اجتنابها، واستعمال ما هو من خصائص لغته، وشعار دينه.
وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: راعنا.. من المُراعاة، التي هي الاهتمام بالشيء، ولكن اليهود لمكرهم وخُبثهم، كانوا يقولونها ويريدون بها السَّبَّ، من الرُّعُونة، فنهى اللهُ تعالى المؤمنين عن قول هذه الكلمة، وأمرهم أن يقولوا الكلام الطيب الذي لا احتمال فيه، مع أنهم كانوا لا يقصدون بها إلا خيرًا.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) البقرة: 104.
قال السعدي -رحمه الله- في تفسيره (ص 61):
"كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: {رَاعِنَا} أي: راع أحوالنا، فيقصدون بها معنًى صحيحًا، وكان اليهود يريدون بها معنًى فاسدًا، فانتهزوا الفرصة، فصاروا يخاطبون الرسول بذلك، ويقصدون المعنى الفاسد، فنهى اللهُ المؤمنين عن هذه الكلمة، سدًّا لهذا الباب، ففيه: النهي عن الجائز، إذا كان وسيلة إلى مُحَرَّم، وفيه الأدب، واستعمال الألفاظ، التي لا تحتمل إلا الحسن، وعدم الفحش، وترك الألفاظ القبيحة، أو التي فيها نوع تشويش أو احتمال لأمر غير لائق، فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن فقال: {وَقُولُوا انْظُرْنَا} فإنها كافية يحصل بها المقصود من غير محذور" انتهى.
ثالثًا:
العبارة الثالثة: "Jesus!" أي: "المسيح".
فلا شك أن هذا مُحَرَّمٌ وشِرْكٌ، فإن هذا دعاء للمسيح واستعانة أو استغاثة به، ودعاء غير الله تعالى شِرْكٌ، والمسيح عليه السلام هو عبد الله ورسوله، لا يملك بعد أن رفعه الله إليه أن يغيث أحدًا أو يعينه.
رابعًا:
العبارة الرابعة: "damn" أي: "اللعنة".
فهي مما ينبغي للمسلم تركه وعدم التلفظ به، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ) رواه الإمام أحمد في "المسند" (7 / 60)، والترمذي (1977).
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه-، سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: (إِنَّ اللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ، وَلَا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه مسلم (2598).
قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله تعالى-:
"اللعن في اللغة:
الطرد والإبعاد.
وفي الشرع:
الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى.
والأصل الشرعي:
تحريم اللعن، والزجر عن جريانه على اللسان، وأن المسلم ليس بالطعان ولا اللَّعَّان، ولا يجوز التلاعن بين المسلِمين، ولا بين المؤمنين، وليس اللعن من أخلاق المسلمين ولا أوصاف الصديقين، ولهذا ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لعْنُ المسلم كقتله) متفق عليه.
واللَّعَّان قد جرت عليه نصوص الوعيد الشديد؛ بأنه لا يكون شهيداً، ولا شفيعاً يوم القيامة، ويُنهى عن صحبته، ولذا كان أكثر أهل النار: النساء؛ لأنهن يُكثرن اللعن، ويكفرن العشير.
وأن اللعان ترجع إليه اللَّعْنةُ، إذا لم تجد إلى مَنْ وجهت إليه سبيلًا.
ومن العقوبات المالية لِلَّعَّان: أنه إذا لعن دابة تُركت.
وقد بالغت الشريعة في سد باب اللعن عمن لم يستحقه، فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لعن الديك، وعن لعن البرغوث، فعلى المسلم الناصح لنفسه حفظ لسانه عن اللعن، وعن التلاعن، والوقوف عند حدود الشرع في ذلك..." انتهى. "معجم المناهي اللفظية" (ص 456 - 457).
العبارة الخامسة:
"holy cow أي: "البقرة المقدسة" وما أشبها مما ورد في السؤال.
فلفظة: "التقديس" وإن كانت قد استعملت من العرب؛ إلا أن المستقر في الاستعمال بين الناس هو المعنى الذي جاء في نصوص الشرع، ويراد بها التطهير الرباني، وما يتبعه من الرفعة والقرب عند الله تعالى.
قال أبو الحسين أحمد بن فارس رحمه الله تعالى:
" (قَدَسَ)، -الْقَافُ وَالدَّالُ وَالسِّينُ- أصل صحيح، وأظنّه من الكلام الشّرعيّ الإسلاميّ، وهو يدلّ على الطُّهر.
ومن ذلك:
الأرض الْمُقَدَّسة هي المُطَهَّرَة.
وتسمّى الجنّة حَظِيرَة القُدْس، أي الطُّهْر.
وجبرئيل عليه السّلام رُوح القُدُس.
وكلّ ذلك معناه واحد..." انتهى. "معجم مقايييس اللغة" (5 / 63).
وقال الراغب الأصفهاني رحمه الله تعالى:
"التَّقْدِيسُ: التّطهير الإلهيّ المذكور في قوله: (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)، دون التّطهير الذي هو إزالة النّجاسة المحسوسة..." انتهى. "المفردات" (ص 660).
وهو المتعارف عليه بين عامة الناس أن "الشيء المقدس": هو الذي له مكانة وكرامة عند الله تعالى.
وإذا كان الأمر كذلك؛ فأي تقديس للبهائم، وأية بقرة مقدسة تلك التي يعرفها المسلمون، أو يتنادون بتقديسها؟!
وهل هذا إلا محض المشابهة القبيحة لكلام الكفار، وتلفظهم بمثل ذلك، دون عقل يردع، أو شرع يحترم ويعظم من قائل ذلك السفه؟!
وقد قال الله تعالى، في أمثال هؤلاء، ممن نقلوا الكلام المفترى المصادم لشرع الله وأدبه لعباده، وبيان قبح من تلقى الكلام بلسانه، فتناقله، من غير أن يتبين موقعه، ولا أدب الشرع فيه: (وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) النور: 15.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا، يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ، أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ). رواه البخاري (6477) ومسلم (2988).
وعلى هذا، فالواجب على المسلم أن يجتنب هذه الألفاظ المُحَرَّمَة والتي قد يصل بعضها إلى الشرك بالله تعالى.
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
الرابط:
https://islamqa.info/ar/answers/414049/