أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: حكم أكل جميع الأضحية أو التصدق بجميعها الأربعاء 29 يونيو 2022, 1:32 am | |
| طريق الإسلام حكم أكل جميع الأضحية أو التصدق بجميعها
السؤال: إذا ذبح الشخص عقيقتين، أو أضحيتين، هل يجوز أن يأكل إحداهما كلها ويتصدق بالأخرى كلها، الأولى لم يتصدق بشيء منها أبدا، والثانية تصدق بها كلها عنها وعن الثانية، أم لابد أن يتصدق بشيء منهما جميعا؟
الإجابة: الحمد لله. أولاً: دلت النصوص الشرعية على وجوب التصدق بشيء من الهدي والأضحية، وإن قلَّ هذا الشيء، قال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. القانع: هو الفقير الذي لا يسأل تقنعاً وتعففاً. والمعتر: هو الفقير الذي يسأل.
فلهؤلاء الفقراء حقٌّ في الهدي، " وَهَذَا وَإِنْ كَانَ وَارِدًا فِي الْهَدْيِ، إِلاَّ أَنَّ الْهَدْيَ وَالأُضْحِيَّةَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ " انتهى من " الموسوعة الفقهية " (6/115).
وقال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في الأضاحي: «فَكُلُوا، وَادَّخِرُوا، وَتَصَدَّقُوا» (رواه مسلم (1971).
والقول بوجوب التصدق بشيء منها هو مذهب الشافعية والحنابلة، وهو الصحيح، لظاهر النصوص الشرعية.
قال النووي رحمه الله: " يجب التصدق بقدرٍ ينطلق عليه الاسم ؛ لأن المقصود إرفاق المساكين، فعلى هذا: إن أكل الجميع، لزمه ضمان ما ينطلق عليه الاسم " انتهى من " روضة الطالبين وعمدة المفتين " (3/223).
وقال المرداوي رحمه الله: " وَإِنْ أَكَلَهَا كُلَّهَا، ضَمِنَ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ فِي الصَّدَقَةِ مِنْهَا " انتهى من " الإنصاف " (6/491).
وقال البهوتي رحمه الله: " فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ نِيءٍ مِنْهَا، ضَمِنَ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، كَالْأُوقِيَّةِ " انتهى من " كشاف القناع " (7/444).
وسئل الشيخ ابن عثيمين: عمن يقوم بطبخ كامل الأضاحي مع أقاربه بدون التصدق منها هل عملهم صحيح؟
فأجاب رحمه الله بقوله: " هذا خطأ ؛ لأن الله تعالى قال: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ الله فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}.
وعلى هذا: يلزمهم الآن أن يضمنوا ما أكلوه، عن كل شاة شيئًا من اللحم، يشترونه ويتصدقون به " انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (25/132).
ثانياً: في وجوب الأكل من الأضحية خلاف بين العلماء، وجمهور العلماء على أن الأكل منها مستحب وليس بواجب، وهو مذهب الأئمة الأربعة.
وذهب بعض العلماء إلى وجوب الأكل منها ولو شيئاً يسيراً ؛ لظاهر النصوص الشرعية الآمرة بالأكل منها.
قال النووي رحمه الله: " وَأَمَّا الْأَكْل مِنْهَا فَيُسْتَحَبّ وَلَا يَجِب، هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْض السَّلَف أَنَّهُ أَوْجَبَ الْأَكْل مِنْهَا... لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث فِي الْأَمْر بِالْأَكْلِ، مَعَ قَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا}، وَحَمَلَ الْجُمْهُور هَذَا الْأَمْر عَلَى النَّدْب أَوْ الْإِبَاحَة، لَا سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ بَعْد الْحَظْر " انتهى من " شرح صحيح مسلم " (13/131).
وقال ابن قدامة رحمه الله: " فَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا كُلِّهَا، أَوْ بِأَكْثَرِهَا، جَازَ " انتهى من " المغني " (13/380).
ثالثاً: أما العقيقة، فلم يرد في النصوص الشرعية ما يدل على كيفية توزيعها، ولا على وجوب الأكل منها، أو التصدق بها.
ولذلك فللإنسان أن يفعل بها ما يشاء، إن شاء تصدق بها كلها، وإن شاء أكلها كلها، والأفضل أن يفعل فيها كما يفعل بالأضحية.
وقد سئل الإمام أحمد عَن الْعَقِيقَة، كَيفَ يصنع بهَا؟ " قَالَ: كَيفَ شِئْت، وَكَانَ ابْن سِيرِين يَقُول: اصْنَع مَا شِئْت " انتهى من " تحفة المودود بأحكام المولود " (ص 55).
رابعاً: الحكم السابق من حيث وجوب التصدق بجزء من الأضحية، أو استحباب الأكل منها أو وجوبه، ينطبق على كلِّ شاة بمفردها.
فلو ذبح عشر شياه: لزمه التصدق من كل واحدة بجزء، واستحب له أن يأكل من كل شاة جزءً.
ولا يجزيه أن يتصدق بشاةٍ كاملةٍ من هذه الشياه عن الجميع ؛ لأن كل شاة أضحية مستقلة عن الأخرى.
ولهذا لما نحر النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- هديه، أمر أن يجمع في القدر من كل ناقة جزء.
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: " ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ [ أي ما تبقى ]، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَطُبِخَتْ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا، وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا... " رواه مسلم (1218).
فهذا يدل على أن لكل ذبيحة حكماً مستقلاً، ولهذا أمر بجمع جزء من كل بدنة.
قال النووي رحمه الله: " الْبَضْعَة: هِيَ الْقِطْعَة مِنْ اللَّحْم، وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب الْأَكْل مِنْ هَدْي التَّطَوُّع وَأُضْحِيَّته.
قَالَ الْعُلَمَاء: لَمَّا كَانَ الْأَكْل مِنْ كُلّ وَاحِدَة سُنَّة، وَفِي الْأَكْل مِنْ كُلّ وَاحِدَة مِنْ الْمِائَة مُنْفَرِدَة كُلْفَة، جُعِلَتْ فِي قِدْر ؛ لِيَكُونَ آكِلًا مِنْ مَرَق الْجَمِيع الَّذِي فِيهِ جُزْء مِنْ كُلّ وَاحِدَة " انتهى من " شرح صحيح مسلم " (8/192).
وقال رحمه الله – أيضاً -: " إنما أخذ بضعة من كل بدنة، وشرب من مرقها ؛ ليكون قد تناول من كل واحدة شيئاً " انتهى من " المجموع شرح المهذب " (8/414).
والحاصل: الأضحية التي أكلتها كلها، ولم تتصدق منها بشيء، يلزمك أن تشتري شيئاً من اللحم ولو أوقية، وتتصدق به على الفقراء، عوضاً عنها.
وأما الأضحية التي تصدقت بها كلها، فهي مجزئة عنك عند جميع العلماء. وأما العقيقة، فلا حرج عليك فيما فعلته بها.
والله أعلم. موقع الإسلام سؤال وجواب
|
|