طريق الإسلام
العبادة في شهر شوال Untit759
العبادة في شهر شوال
إن أعمال رمضان لا تنقطع والطاعة بعدها دليل على عدم استثقال الصيام، وقد كان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه يقضي ما يفوته من الأوراد والسُّنَنْ، حتى أنه قضى مرة اعتكاف رمضان فاعتكف في شوال.

لئن انقضى شهر رمضان وولى فإن المؤمن يظل صيامه متواصلاً لا ينقطع، وبمجرد ما ينقضي شهر الصيام تأتينا أيام شوال، وفيها يتأكد صيام ستة أيام منها، وقد ورد في فضلها الحديث المشهور الذي خرّجه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر».

وصح عند النسائي وابن ماجه من حديث ثوبان مرفوعاً: «من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة، من جاء بالحسنة فله عشرًا مثلها»، وإنما كان هذا الأجر العظيم لصائم الست لما فيه من المشقة حيث أن المسلم يواصل صيام الست بعد خروجه من صوم شهر كامل.

قال الإمام المناوي:
"خص شوال لأنه زمن يستدعي الرغبة فيه إلى الطعام لوقوعه عقب الصوم فالصوم حينئذ أشق وثوابه أكثر".

وتستحب المبادرة إلى صيام الست من شوال بحيث يبدأ بها من اليوم الثاني من الشهر، وهذا ما ذهب إليه الشافعي و أبو حنيفة، ولا حرج في عدم المبادرة فلو أخرها أوسط الشهر أو أواخره فلا بأس وهو ما ذهب إليه الإمام أحمد، ولكن يحذر الإنسان من التسويف من غير حاجة، حتى إذا أزف الشهر على الأفول فإذا به يتحسر حيث بقيت له عدة أيام لم يصمها فيفوته الأجر المذكور في الحديث.

وقد سرد طائفة من الصحابة والتابعين إلا يوم الفطر والأضحى، وأخرج الإمام أبو يعلى بإسناد جيد عن أسامه رضي الله عنه قال: "كنت أصوم شهراً من السنة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين أنت من شوال حتى يأتي على آخره».

وفي معاودة الصيام بعد رمضان فوائد عديدة، منها:
أن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدهر كله.

ومنها:
أن صيام شوال وشعبان كصلاة السُّنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، نكمل بذلك ما حصل من خلل ونقص، فإن الفرائض تجبر بالنوافل يوم القيامة، وكان عمر بن العزيز يقول: "مَنْ لم يجد ما يتصدَّق به فليَصُم" والمعنى أن مَنْ لم يجد ما يُخرجه صدقة الفطر فليصُم، فإن الصيام يقوم مقام الإطعام في التكفير للسيئات.

ومنها:
أن معاودة الصيام بعد رمضان علامة على قبول صيام رمضان، فإن الله إذا تقبَّل عمل عبد وفّقهُ لعمل صالح بعده كما قال بعضهم: ثواب الحسنة حسنة بعدها.

ومنها:
أن فيه شكراً لنعمة الإتمام، ومن حق الشكر الصوم، وكان بعض السلف إذا وفق لقيام ليلة من الليالي أصبح صائماً ويجعل صيامه شكراً للتوفيق للقيام.
 
إذا أنت لم تزدد على كل نعمة *** لموليكها شكراً فلست بشاكر

ما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحُها، وأحسن منها الحسنة بعد الحسنة تتلوها، وإن من توفيق الله للعبد إعانته على طاعات بعد طاعة.

فاللهم وفقنا لطاعتك، واهدنا لسلوك سبيلك، واصرف عنا ما يعيقنا من القيام بواجب شكرك يا ذا الجلال والإكرام.

وصلّى اللهُ وسلّم على نبينا مُحَمَّدٍ وآله وصحبه أجمعين.

بقلم: صالح مبارك دعكيك
 
المصدر:
موقع المختار الإسلامي

العبادة في شهر شوال  
رابط المادة:
http://iswy.co/e5ial