أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: القاعدة الثالثة والخمسون من قواعد القرآن: أنه يبين أن الأجر والثواب على قدر المشقة في طريق العبادة، ويبين مع ذلك أن تسهيله لطريق العبادة من منته وإحسانه، وأنها لا تنقص من الأجر شيئاً. الجمعة 07 ديسمبر 2012, 10:36 pm | |
| القاعدة الثالثة والخمسون
من قواعد القرآن:
أنه يبين أن الأجر والثواب على قدر المشقة في طريق العبادة، ويبين مع ذلك أن تسهيله لطريق العبادة من منته وإحسانه، وأنها لا تنقص من الأجر شيئاً.
وهذه القاعدة تبين من لطف الله وإحسانه بالعباد، وحكمته الواسعة ما هو أثر عظيم من آثار تعريفاته ونفحة عظيمة من نفحاته، وأنه أرحم الراحمين، قال الله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [ البقرة: 216 ].
فبين تعالى أن هذه العبادة العظيمة لعظم مصلحتها وكثرة فوائدها العامة والخاصة أنه فرضها على العباد وإن شقت عليهم وكرهتها نفوسهم لما فيها من التعرض للأخطار وتلف النفوس والأموال، لكن هذه المشقات بالنسبة إلى ما تفضي إليه من الكرامات ليست بشر بل هي خير محض وإحسان صرف من الله على عباده، حيث قيض لهم هذه العبادة التي توصلهم إلى منازل لولاها لم يكونوا واصليها.
قال تعالى: { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ } [النساء: من الآية 104 ]، وقال تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }، [البقرة: 155 / 156]، وقال: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ الزمر: من الآية10 ].
فكلما عظمت مشقة الصبر في فعل الطاعات، وفي ترك المحرمات لقوة الداعي إليها، وفي الصبر على المصيبات لشدة وقعها، كان الأجر أعظم والثواب أكبر، قال تعالى في بيان لطفه في تسهيل العبادة الشاقة: { إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَام إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْب }، [ لأنفال: 11-12 ].
فذكر منته على المؤمنين بتيسيره وتقديره لهذه الأمور التي يسر بها العبادة، مزيلة محصلة لثمراتها.
وقال تعالى: { إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ {32} الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ } [ يونس: 62 - 64 ].
فالبشرى التي وعد الله بها أولياءه في الحياة الدنيا من أشرفها وأجلها:
أنه يسر لهم العبادات وهون عليهم مشقة القربات، وأن ييسرهم للخير، ويجنبهم الشر بأيسر عمل.
وقال: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى {5} وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى {6} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } { الليل: 5-7 }، أيْ لكل حالة فيها تيسير أموره وتسهيلها { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }، [ النحل: من الآية97 ].
ومن الحياة الطيبة التي يرزقونها:
ذوقُ حلاوة الطاعات، واستعذاب المشقات في رضا الله تعالى، فهذه الأحوال كلها خير للمؤمن، إن سهل الله له طريق العبادة وهونها حَمِدَ اللهَ وشكره، وإن قامت العقبات صبر في اقتحامها، واحتسب الخير في عنائه وجهاده ورجا عظيم الثواب، وهذا المعنى في القرآن في آيات متعددة، والله أعلم.
|
|