أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: حال المرأة المسلمة في البوسنة و الهرسك و تأثره بالسنة النبوية الخميس 09 يونيو 2011, 10:19 pm | |
| حال المرأة المسلمة في البوسنة و الهرسك و تأثره بالسنة النبوية
تأليف الدكتور : أحمد عبد الكريم نجيب
أستاذ الحديث النبوي و علومه في كلّية الدراسات الإسلاميّة بسراييفو ، و الأكاديميّة الإسلاميّة في زينتسا و مدرّس العلوم الشرعيّة في معهد قطر الديني سابقاً
إن بمقدور المرء حينما يُلقي نظرة ـ و لو سريعة ـ على أي تجمع بشري أن يجزم بوجود مسلمين فيه ، و مدى التزامهم ـ في حال وجدوهم ـ بدينهم ، من خلال مظهر نسائه و سلوكهن .
فالمرأة المسلمة بقرارها في بيتها ، و عدم اختلاطها بالرجال ، أو خروجها باللباس الشرعي ـ إن خرجت ـ تدلل على انتمائها إلى الإسلام و التزامها به .
فماذا عن المرأة البوسنوية ؟
لا شك أن حال المرأة المسلمة في البوسنة لم يكن مختلفاً عن حال أخواتها في الشرق الإسلامي أثناء الحكم الإسلامي لبلادها ، و لكن تغيُّر الحال كان قرين ضعف الخلافة ، و سقوط البوسنة و ما جاورها من بلاد البلقان تحت الحكم النمساوي المجري ، ثمَّ دخولها تحت سيطرة الصرب تارةً و الكروات تارةً أخرى باسم المملكة اليوغسلافية فالاتحاد اليوغسلافي الشيوعي الذي استمر حتى الحرب الأخيرة ، التي خرجت البوسنة في أعقابها دولةً مستقلَّة مقسمة .
المبحث الأول
الحالة الدينيَّة للمرأة البوسنويَّة المسلمة بعد جلاء الحكم الإسلامي عن بلادها وصلت المرأة البوسنوية إلى أدنى دركات الانحلال و الانحطاط بعيداً عن قيم الإسلام و آدابه قُبيل الحرب الأخيرة ، حتى أصبح من المتعذر على المتأمل في تلك الحقبة أن يرى فارقاً بين النساء المسلمات و غير المسلمات في معظم المدن البوسنوية ؛ من حيث اللباس ، و السلوك ، و الآداب و غير ذلك ، حيث نافست الكثيرات من فتيات المسلمين الصليبيات في التعري و السفور ، و خرجت على إرادة ولي أمرها ـ الذي أخرسته القوانين و الإجراءات الشيوعية الجائرة ـ في أمور العفة و الطاعة و غيرهما ، و شاع اقتران الكثير من شبان الصرب و الكروات و الملاحدة ببنات الأسر المسلمة .
لكن هذه الصورة القاتمة تظل محصورة بين صورتين مشرقتين ، كانت إحداهما قبل سقوط البوسنة في قبضة الشيوعية التي مسخت شخصية المرأة المسلمة باسم التحرير و التطوير ، أما الصورة الأخرى فهي التي بدأت تتشكل بعد سقوط الشيوعية و شروع المجتمع الإسلامي في استعادة هويته ، و العودة إلى دينه و تراثه .
ففي بداية القرن الرابع عشر الهجري كانت المرأة المسلمة في البوسنة محتشمة ، قارة في بيتها ، ضاربة بخمارها على جيبها ، لا تختلف في ذلك عن أختها في بلاد المسلمين الأخرى .
يقول العلاَّمة الخانجي في مقدمة ( الجوهر الأسنى ) متحدثا عن حال مسلمي البوسنة: (( و نساؤهم محتجبات ٌ، محتشمات لا يرى منهن في الشوارع شيء ، لا الوجه و لا اليدان و لا غير ذلك ، إلاَّ التي اتبعت الشيطان ، و انجرت وراء المفسدين )).
فحجابهُن كان كاملاً يستر كامل البدن بما فيه الوجه والكفَّان ، الأمر الذي لم يعد موجوداً إلا في ذاكرة العجائز و المُسنِّين ، الذين يتندرون بذكر النساء الفضليات اللاتي أدركن ذلك العهد الزاهر .
و قد رأيت صوراً لنساء كثيرات كن يسدلن الخمر على رؤوسهن ، و النقب على وجوههن ، حتى إن بعض المسلمين اليوم يعبر عن انتمائه و حبه للإسلام بعرض صور لجده بلباس الإحرام و جدته و قد أسدلت النقاب على و جهها .
الأمر الذي كان يلفت أنظار من زار البوسنة في ذلك الوقت ، و من هؤلاء ولي عهد مصر السابق الأمير محمد علي باشا بن الخديوي توفيق رحمه الله ( ت 1374 هـ / 1955 م ) الذي زار البوسنة ـ متنكرا ـ عام 1317 هـ / 1900 م ، و دوَّن أحداث رحلته في كتاب طُبع أثناء الحرب البوسنوية الأخيرة ، و فيه يصف ملابس النساء المسلمات في البوسنة ، و يذكر بعض عاداتهن الدالة الحشمة و العفة فيقول : (( أما النساء المسلمات فيلبسن الفرجية و يتنقبن ببراقع تستر كل الوجه ، غير أن لكل واحد فرجتين إزاء العينين بقدر ما تسع خيوط النظر ، و لذلك كان من النادر أن يرى الإنسان وجوه أولئك السيدات ، و من عاداتهن أن لا يخرجن من بيوتهن ولا يتجاوزن خدورهن إلا للحاجات عندما تستدعي الضرورة خروجهن )).
و يُقيد مشاهداته و شهاداته في موضع آخر فيقول : (( و فيما نحن منحدرين صادفنا في طريقنا بعض السيدات المسلمات و كنَّ يسترن بالنقاب كل وجوههن ، كما بيَّنا ذلك في جملة عوا ئدهن ، و فوق ذلك رأيناهن يبالغن في التستر و يغالين في الاستخفاء بتحويل و وجوههن إلى الحائط و بتحويل جميع الأجسام حتى لا يبدو منهن شيء ، و إن ذلك لشيء من فرط الحياء ، و الحرص على الأخلاق الإسلامية و العوائد الشرقية )).
و ذكر المؤرِّخ التركي الشهير أوليا شلبي من تمسك المرأة البوسنويَّة بدينها الشيء الكثير ، و وصفهنَّ بأنهنَّ متدينات و عفيفات ، و قد كان لهذا التمسك بالدين أثره على الفصل بين الرجل و المرأة في المجتمع ، حتى إنَّ الفتيات – كما يذكر شلبي – كنَّ لا يرين وجه رجل ، و لا يسمعن صوت رجل سوى صوت والدهن قبل الزواج .
إلا أن هذه الصورة المشرقة للمرأة البوسنوية المسلمة لم تدم طويلاً بعد سقوط الخلافة ، و تسلط الأعداء على المسلمين البشانقة و بلادهم ، حيث بدأت هذه الصورة تحسر في الأرياف و القرى بعيداً عن ( سراييفو ) حاضرة البلاد ، و هو ما أشار إليه أحد البشانقة الذين رافقوا الأمير محمد علي في رحلته فقال مخاطبا ذلك الأمير : ((…إنكم لابد عرفتم مما شاهدتموه في سراييفو تأخرنا ، و أدركتم تقهقرنا حتى لقد صرنا إلى ما ترون ، و حتى إن النساء اللواتي كنَّ يحافظن على شرفهن و يبالغن في الحرص على عوا ئدهن أخذن ينسلخن عن تلك الأخلاق شيئاً فشيئاً )) .
إلا أن هذه الحال لم تبلغ حد التبرج و السفور ، بل ظلت عامة النسوة في تلك البلاد محتشمات متحجبات ، يبدو حالهن حسناً في و صف سماحة الحاج محمد أمين الحُسيني رحمه الله بعض ما شاهده في مدينة بانيالوكا سنة 1362 هـ / 1943م ، حيث قال : (( دُهشنا لِمُشاهدتنا أهل بانيالوكا يلبسون العمائم و الطرابيش ! و نساؤهم مُحجَّباتٌ ، و شعرنا كأننا نجتاز شوارع القدس القديمة ، أو سوق الحميدية في دمشق )).
لكنَّ هذه الهيئة التي كانت تتميز بها مسلمات البوشناق ، لم تدم طويلاً ، فقد أُصيب التقيُّد بالحجاب الشرعي ، و الالتزام بالنقاب ، الذي كانت تتميّز به المرأة البوسنويَّة بنكستين كان لهما الأثر البالغ في القضاء عليه فيما بعد حتى لم يعُد له وجود يُذكر في البوسنة أثناء الحكم الشيوعي للبل ، و هاتان النكستان هُما :
النكسة الأولى :
تخلي عُلماء المسلمين عن الدعوة إلى الحجاب ، و تحريم السفور و الحكم بتحريمه ، علاوةً على أنَّ بعض العلماء ذهب مذهباً أبعد فيه النُجعة فدعى إلى السفور صراحةً ، و حذَّر من النقاب أشدَّ التحذير ، و من هؤلاء رئيس العلماء الشيخ محمد جمال الدين تشاوشيفيتش ، الذي نادى بالإصلاح و التجديد ، و خلُص إلى القول : (( إنِّي أفضل أن أرى فتاةً مُسلمة غير محجبة تكسب قوتها بشرف ، عن أخرى تمشي محجبة في الشوارع نهاراً ، ثمَّ تقضي ليلها في أحد المقاهي )).
أمَّا النقاب فقد أكد تشاوشيفيتش أنه عادة شرقية و ليس واجباً دينيَّاً بحال . وانتصر لدعوة تشاوشيفيتش عدد من الكتّاب العصريين ، و روّجوا لأفكاره عبر الخطابة و التأليف ، و من أشهرهم عثمان نوري حاجيتش ، الذي دعا في كتابه المسمى ( محمد و القرآن ) إلى تخلي المرأة المسلمة عن حجابها و جلبابها لتقف إلى جانب أخواتها اليوغسلافيَّات على قدم المساواة .
و من الإنصاف الإشارة إلى أنَّ تشاوشيفيتش و أنصاره كانوا أقليَّة ، بينما كان السواد الأعظم من عُلماء البوسنة يعارضون هذه الدعوة ، فقد ثاروا عليه و اعترضوا و احتجوا ، حتى صدر قرار من المجلس الإسلامي في سراييفو يدين آراءه و يفندها ، إلا أن السلطة غلبت الدليل فقد تغلب رئيس العلماء على منافسيه ، و فرض رأيه بدعم من الحكومة التي نصبته رئيساً للعلماء بين عامي1331 هـ و 1348 هـ / 1913م و 1930م .
و ممَّن تصدَّى لهذه الدعوة ، و كشف زيغ دُعاة السوء الذين يروِّجونها ، الشيخ محمد الخانجي رحمه الله حيث وقف أمامهم كالطود الشامخ ، و تصدى لما أطلقوه من دعاوى التقدم و التطوُّر مؤكداً أن لا اجتهاد في مورد النص ( من الكتاب و السنة ) ، و لا يجوز بحال تقسيم الدين إلى قشرٍ و لُباب ، أو أحكام كلِّيَّة و أخرى جزئيَّة ، بحيث تتغيَّر الجزئيَّة عند الحاجة 0 و في تلك الأثناء كتب الشيخ علي رضا قرت بيك رسالة أسماها ( مسألة الحجاب ) و نشرها في موستار ، و كتب الشيخ إبراهيم حقي تشوكيتش رسالة أخرى بعنوان ( تستر المسلمات ) و نشرها في توزلا ، و كلا الرسالتين جاءت رداً على فتوى الشيخ محمد جمال الدين و أنصاره من أتباع المدرسة العقلية الحديثة في البوسنة .
النكسة الثانية :
منع الحكومة الشيوعيَّة للحجاب بكافة صوره ، و بشكلٍ رسميٍّ ، و قد صدر قانون بذلك سنة 1369هـ/1950م ، أحرقت بسببه الملابس الشرعيَّة ، و اعتقلت المحجبات ، بينما لازمت بعض العجائز بيوتهنَّ حتى وافاهُنَّ الأجل ، و طورد الآباء الذين اعترضوا على تجريد بناتهنَّ من الحجاب ، و زُجَّ بالآلاف منهم في غياهب السجون .
و ساعد الحكومة الشيوعية على قمع معارضي قرارها الجائر بخصوص النقاب و الحجاب ، تبرير العلماء الرسميين ( المعينين من قبلها ) لهذا القرار ، و منهم إبراهيم فيبتش رئيس العلماء في ذلك الوقت .
وأمام هاتين النكستين لم تعد المرأة قادرة على الالتزام بدينها، والحفاظ على مظهرها وسلوكها الإسلاميين، فألقت عن عاتقها الحجاب و الجلباب ، و نزلت إلى ميادين العمل، وانخرطت حتى في صفوف الحزب الشيوعي منسيَّة ومتناسيةً طبيعة وواجبات المرأة المسلمة.
و لم يزل الحال في تردٍّ حتى خلف من البشانقة خلف نظروا إلى الحجاب على أنَّه عادة شرقيَّة ، تدلُّ على التخلُّف و الرجعيَّة ، مثَلُه في ذلك مَثل سائر الآداب الشرعية ، كبرِّ الوالدين ، و عدم الاختلاط ، و انتشرت مقالات هذا الخلف السيئ على صفحات مجلة ( البلاغ ) الشهرية التي تصدرها رئاسة العلماء في البوسنة و الهرسك و تعرف بدعوتها إلى تحرير المرأة ، فقد كتب سليم سقروفيتش فيها مقالاً تحت عنوان : ( المرأة المسلمة و الحجاب : دعوة إلى تخليها عنه ) ، و تلاه حامد كوكيتش بنشر مقال تحت عنوان : ( آن الأوان للخلاص من الحجاب ) ، ثمَّ ذرَّ قرن أعداء الحجاب فتوالت كتاباتهم في معارضته ، و التحريض على خلعه .
و مع ازدياد النعرات الجاهلَّية بين صقالبة الجنوب ، واصل الشيوعيُّون العمل على إذابة المسلمين في المجتمع الشيوعي ، و القضاء على ما تبقَّى في حياتهم من مظاهر تميزهم عن جيرانهم من الصرب والكروات، وأكبر مثال على ذلك إشاعة الزواج المختلط بين المسلمين و النصارى ، حيث عمدت السلطات الشيوعية في البوسنة إلى تشجيع الزواج بين الفتيات المسلمات و شبان الصرب و الكروات ، و مع أن هذه السياسة كانت تطبق تحت حجة دعم الأخوة بين الشعوب و تنمية الروح اليوغسلافية ، فإنها كانت في حقيقة الأمر تستهدف إذابة المجتمع المسلم بالدرجة الأولى ، ذلك أن هذه السياسة لم يكن الحزب يهتم إلا بتطبيقها في المناطق التي تقطنها غالبية مسلمة ، و لا يدعو إليها في الأنحاء الأخرى من البلاد .
و مع مرور الزمن أصبح هذا الأمر معتاداً ، و حقيقة واقعة لا منكر لها ، و لا مُعترض عليها ، إلى أن أثارتها من جديد الدكتورة مليكة صالح بيكوفيتش التي انضمت إلى طائفة المجاهدين الموقعين على البيان الإسلامي ، التي رأَسَها عزت ، و كان الموقف الفريد لمليكة أن آثرت الطلاق ، و رفضت الحياة في كنف زوجها ، بعد أن رفض التخلِّي عن الشيوعية و الدخول في الإسلام ، فكانت أوَّل امرأةٍ تتصدى لفكرة الزواج المختلط ، و هو ما سنشير إليه لاحقاً إن شاء الله تعالى .
و زاد في المعاناة أنَّ بعض المفكرين الإسلاميين نظروا نظرة مماثلة إلى بعض مظاهر المجتمع الإسلامي كمسألة البعد عن الاختلاط ، مرددين في ذلك دعاوى غير المسلمين ، و ربما كانوا متأثِّرين بها .
فهذا الرئيس علي عزت بيك ـ مثلاً ـ يتناول مسألة الاختلاط بين الجنسين في المجتمع الإسلامي اعتماداً على ماقرره فيليب حتي ، في كتاب تاريخ العرب ، دون أن يتعقبه أو يستدرك عليه مما يدل على موافقته في رأيه بأن (( الاهتمام بالفصل الصارم بين الرجال و النساء قد ظهر بصورةٍ واسعةٍ في القرن الثالث للهجرة / العاشر للميلاد ، أي بعد مائتين و خمسين سنةً من نزول الوحي، ويغلُب على الظن، بأنه عادة اقتبسها المسلمون من البيزنطيين في عهد الخليفة الوليد الثاني )) .
و لا يتصدى لدعاة الاختلاط اليوم إلاَّ ثلَّة من شباب الجهاد ، الحريصين على إعادة الوجه المشرق للمجتمع الإسلامي البوسنوي ، بدون صدام مع معارضيهم من رجال الفكر و العلماء الرسميين.
و إزاء ضياع المرأة المسلمة وقف قلَّةٌ من الدعاة و المفكرين الذين ثبَّتهم الله تعالى في وجه تيَّار الانحلال ، يذودون عن البقيَّة الباقية من الحشمة و الآداب الإسلاميَّة ، و يدعون إلى إعادة المرأة إلى بيتها ، الأمر الذي لا يُمكن تحقيقه إلا باقتلاع فكرة مساواة المرأة بالرجل في الحياة العامَّة من جذورها ، و الحدِّ من خروج المرأة إلى الميادين العامة بحجة العمل ، حيث كانت تُستدرج إلى الفساد و الإلحاد .
و لذلك نادى الرئيس علي عزَّت بيك بإعادة النظر في مسألة المساواة بين الجنسين ، و تساءل ثمَّ أجاب قائلاً : (( هل يقرر الإسلام مساواة الرجل و المرأة ؟ الجواب : نعم ولا . نعم ، إذا تحدثنا عن المرأة باعتبارها شخصية إنسانية ذات قيمة شخصية مساوية تتحمل واجبات أخلاقية و إنسانية .
و لا ، إذا كان الأمر يتعلق بالتساوي في الوظائف و الدور في الأسرة و المجتمع كما يفهم معنى المساواة في أوروبا عادة )) .
و بعد هذا التساؤل و جوابه يقرر بجلاء ( أن الإسلام لا يقبل مساواة الرجل بالمرأة حسب المفهوم الغربي ، لا من أجل المساواة المجردة ، بل بسبب رفضه للسلوك و الأنماط التي أصبحت جزءاً من طريقة الإنسان في الحياة التي لا يقبل الإسلام أغلب جوانبها وأشكالها ).
لكن صيحة الرئيس هذا لم تلق قبولاً يذكر في المجتمع ، لأنَّها واجهت معارضة شديدة من المشيخة الإسلاميَّة التي يدعوا رجالها إلى المساواة المطلقة بين الجنسين ، باعتبار ذلك أحد أهم أفكار مدرستهم العقلية التجديديَّة .
و يعتبر بعض العقلانيين في البوسنة و الهرسك هذه المساواة أمراً مقرّراً و مفروغاً منه في مبادئ الإسلام ، و في هذا السياق يقول الأستاذ حسين جوزو : (( إن مساواة المرأة للرجل أمر يقرره الإسلام بلا شك )) .
و يرجع التفاوت بين الرجل و المرأة في الواقع ، بحسب رأي الأستاذ حسين جوزو - إلى جهل المرأة ، و بناء على ذلك (( فلكي تؤدي المرأة واجبها في المجتمع ، لا بد أن تؤهل لذلك تأهيلاً تحتاج فيه إلى التعليم بكافة تخصصاته ، و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة ، لأن أول كلمة نزلت من القرآن الكريم ، هي كلمة ( اقرأ ) ، و هي أمر بالقراءة يشمل الرجل و المرأة ، و بناءً عليه يتعين على المرأة أن تدرس جميع العلوم ، و أن تتحمل جميع المسؤوليات العلمية تماماً مثل الرجل ، و أن تنافسه في الاختراعات العلمية . . . لأنها متساوية معه في كلِّ شيءٍ )) .
أمَّا الصيحة الثانية التي أطلقها الرئيس ، فترمي إلى نقض فكرة منافسة المرأة للرجل في العمل ، الأمر الذي يترتب عليه إخراجها من خدرها إلى معترك الحياة الذي يموج بالفتن و المغريات .
و لما لم يكن بمقدور الرئيس أن يحظر العمل بالكلِّية على المرأة ، اكتفى بوضع ضوابط و شروط صارمة تحول دون تسيُّب الأمور، فجاء طرحه للموضوع على النحو التالي: يثبت علي عزّت أن المرأة المسلمة شريكة الرجل في حياته الاجتماعية ، و مـماثلة له في كثيرٍ من الأمور ، و ربّما تفوّقت بعض النساء على بعض الرجال في بعض جوانب الحياة العلميّة والأدبية .
و ما دام الأمر على هذه الحال فإن من حق المرأة ( و ربّما كان واجباً عليها في بعض الأحوال ) ممارسة العمل الملائم لفطرتها و في حدود طاقتها ، و هو ما يتطلب أحياناً خروجها من البيت .
و لكن الرئيس لا يدع الأمر على إطلاقه ، و لا يسوِّغ للمرأة الخروج للعمل ما لم يكن العمل ضرورياً و مناسباً و ليس على حساب أطفالها و وظيفتها الأساسية (الأمومة) ، و لا يكون كذلك إلا في حالات محدودة معدودة مثل:
1. أن تكون بلا زوج ، و عليها إعالة أطفالها أو والديها أحدهما أو كليهما . 2. أن لا يكون لديها أبناء ، سواء كانت عقيماً لم تنجب ، أو أنها أنجبت أبناء ثم استقلوا عنها على كِبَر . 3. أن يكون عملها مناسباً لجبلَّتها و الطبيعة التي خُلقت عليها . 4. أن يكون عملها في الحالات الاستثنائية كالحروب و غيرها . وعلى أرض الواقع تعتبر هذه الضوابط حائلاً دون تسيُّب المرأة و خروجها إلى حدٍ بعيد لو قُدِّر لها أن تُطبَّق على أرض الواقع .
و لكن أمام حملات التغريب التي مارستها السلطة الشيوعيَّة الحاكمة ،لم يكن من السهل أن تلقى صيحات نذيرٍ كهذه أُذُناً صاغيةً ، أو أفئدةً واعية ، ممَّا جعل الأمور تستمرُّ في التردي و الانحلال .
إلاَّ أن بعض نساء البوسنة استيقظن على معاناة إحدى أخواتهم و هي تلقى العناء ، و تتعرَّض إلى البلاء ، بسبب عودتها إلى الحجاب بعد أن كانت مثلاً في البعد عن الدين ، بل و محاربته و الملتزمين به .
فقد فوجئ الحزب الشيوعي بشرخ في صفوفه ، حينما أعلنت عضوته الشهيرة و النشطة الدكتورة مليكة صالح بيكوفيتش – التي سبق ذكرها قريبا -رغبنها في ارتداء الحجاب ، ثمَّ نفذت قرارها بالفعل عام 1398هـ / 1978 م ، فكانت أوَّل امرأة بين ملايين النساء المُسلمات في يوغسلافيا ترتدي الحجاب الشرعي علانية ، و هنا بدأت مأساة مليكة الكاتبة والشاعرة، حيث تعرَّضت إلى أقسى وأعنف درجات الاضطهاد من الحزب الشيوعي الذي تحدَّته وهاجمته علَناً، ممَّا أدى بها إلى غياهب السجون، وأذاقها مُرَّ العذاب طوال خمس سنوات قضتها في السجن ، ثمَّ خرجت بعدها لتعيش مع ابنها الوحيد أمير على سطح أحد المباني و هي لا تملك شروى نقير ، و ازداد الأمر سوءاً حين مُنعت من الاتصال بالناس , و تُركت في مواجهة العوز و الفاقة و الوحدة حتى الموت !!
إنه مثال ـ و أيُّ مثال رائعٍ هو ـ لامرأة من البوشناق آثرت اللحاق بركـب الخالدات .
أمَّا في عهد الاستقلال الذي أعقب الحرب الأخيرة في البوسنة ، الذي غدت فيه مليكة أسوة حسنة ، و مثالاً يحتذى ، و رائدة للحركة النسائية المسلمة في البوسنة والهرسك، فقد تغيرت أوضاع المرأة إلى حدٍ كبير ، و تركت المحنة أثراً إيجابياً في النفوس حينما عرَّفت المسلمين بقيمة دينهم الذي بُذلت التضحيات و أريقت الدماء في سبيله .
تقول فخيرة جنكيتش الكاتبة البوسنويًّة المسلمة : إنني أقرأ القرآن الكريم باستمرار ، و مع اندلاع الحرب بدأت أفهم الكثير من معانيه و مفاهيمه ، و بدأ معنى الجهاد يتضح لي ، كما أني بدأت أدرك الاهتمام الكبير الذي كان يوليه الرسول الكريم لقطرة من دم الشهيد .
الآن بدأنا نعرف قيمة دماء الشهداء بعد أن وضعتنا هذه الحرب في امتحان عسير ... إنني و أمثالي من النساء نزداد حماساً و شجاعة عندما تطرق آذاننا أخبار تضحيات المسلمين ، كنبأ مقتل مجموعة من الفتيات المسلمات على أبواب الجامعات في سراييفو .
و لا عجب في أن يكون للمرأة المسلمة دور في الجهاد تضطلع به في مؤازرة الرجال المجاهدين في سبيل الله دفاعاً عن دينهم ، و ذوداً عن ديارهم و أعراضهم ، و هذا الدور المشرف – بضوابطه الشرعيَّة - كانت المرأة البوسنوية المسلمة تقوم به كلَّما دارت رحى الحرب في بلادها ، فقد روى المؤرخ فلاديسلاف سكاريتش أحد شهود العيان على مقاومة المسلمين لاجتياح الجيش النمساوي المجري لسراييفو سنة 1294 هـ / 1878م ، أن النساء المسلمات شاركن مع الرجال في التحصن بجامع علي باشا القديم في سراييفو ، و إطلاق الرصاص على قوات الاحتلال من نوافذ الجامع و مئذنته ، و قد بقيت هذه المقاومة غير المتكافئة مستمرة حتى آخر رصاصة ، و بعدها صعد الجنود الغزاة المئذنة ، و ألقوا بالنساء المجاهدات إلى رفاقهم في الأسفل الذين مزًّقوهن بالحراب في وحشية لا يستبعد مثلها من أعداء الإسلام.
و رغم أن دور المرأة المسلمة في الحرب الأخيرة كان أقل من هذا بكثير - لأنها كانت هدفاً و ضحية من ضحاياه ، و عرضةً لأفظع أنواع التعذيب و الإذلال جسمياً و نفسيّاً - فقد تأثرت تأثراً كبيراً بمسيرة الجهاد و المجاهدين في بلادها .
و ترك الجهاد و المجاهدون في حياة المرأة المسلمة أثراً لا يُنكره إلا مكابر ، حيث شهدت البلاد عودة الحجاب الشرعي من جديد ، و بعد أن اعتبر الحجاب الإسلامي مظهراً شاذاً و خارجاً عن المألوف في المجتمع البوسنوي ، و لم تعد ترتديه إلا ندرة من النساء المسلمات أو تعرفه إلا نساء بعض الأئمة و العُلماء ، عاد و دخل مُعظم البيوت ، و أقبلت عليه الفتيات المسلمات حتى الصغيرات اللاتي في سن التمييز منهن بشغف ، و أصبح من المظاهر التي لا تغيب عن العين في مُدن البوسنة و شوارعها.
تقول الكاتبة فخيرة جنكيتش السالفة الذكر أيضاً : شهدت السنوات الأخيرة عودة ملموسة إلى الإسلام من قبل النساء عندنا ، و ظهر جليا التزامهن بالحجاب الإسلامي ، و تمسكهن بالتقاليد و الآداب الإسلامية و خصوصا في المدارس ... لقد سعى النظام الشيوعي السابق إلى إبعاد نساءنا عن الهوية الإسلامية الأصيلة .
فعلى سبيل المثال كانت كلّ صورة شخصية بالحجاب مرفوضة من قبل الدوائر الرسمية و مؤسسات الدولة ، و لا تصلح لإصدار بطاقة الأحوال المدنية أو الهوية الشخصية ، أو جواز السفر .
و لكن بعد اندلاع الحرب أخذ الاحساس بالروح الإسلامية يتنامى لدى النساء و بدأت مرحلة جديدة من العودة إلى الروح الإسلامية الأصيلة على كافة الصعد .
نعم لقد عادت الكثيرات من المسلمات إلى ما كانت عليه السابقات من الحشمة و العفة ، فظهرت في ميادين سراييفو و مدن البوسنة الأخرى المسلمات متلفِّعات بالسواد ، ما بين محتجبةٍ و منتقية .
و عاد النقاب إلى البوسنة في كنف الجهاد ، و كان أعظم الأثر في عودته للمجاهدين العرب – و عامَّتهم من الحنابلة – الذين يرون وجوب النقاب .
و من خلال الدعوة المواكبة للجهاد ، ظهر النقاب بقوة حينما ارتدته مئات البوسنويات ، و بخاصَّة زوجات المجاهدين ، و المتأثرات بهم ، و ما أكثرهن !
و لم تكن عودة النقاب بدعةً محدثةً في حياة المسلمات البوسنويات ، و لكنه عودة إلى الجذور ، و تمسك بالأصول التي كانت عليها البوسنويَّات الأوليات في البوسنة ، بحسب ما يراه أنصاره .
أمَّا المشيخة الإسلامية التابعة لرئيس علماء البوسنة و الهرسك ، و المؤسسات التابعة لها كالكلية و المعاهد و المدارس الإسلامية ؛ مُمثَّلة في دُعاتها القدامى و من تربى على أيديهم ، فقد أوصدت أبوابها في وجه النساء المنتقبات ، و تصدت لدعاة النقاب مُشككةً في علمهم و خبرتهم تارةً ، و متهمة لهم بتشويه صورة الإسلام تارة و التبعية للدعوة السلفية ( التي تُعارضها المشيخة ) تارةً أخرى .
و يرى أتباع المشيخة الإسلاميَّة أن مسألة النقاب تتجاذبها أدلَّة شرعية ، و أعراف و تقاليد بشرية ، و بالتالي فهم لا يُسلِّمون بكونـها مسألة شرعية محضة لها ما يؤيِّدها في الكتاب و السنة ، و هم لا يخصون بهذه النظرة النقاب ، بل يقولون القول ذاته فيما يخصُّ الاختلاط ، و مسائل أُخرى تتعلّق بالمرأة المسلمة ، و بحسب نظرتهم فإنَّ (( وضع المرأة المسلمة اليوم يأتي نتيجة تأثير مشترك للشريعة الإسلاميَّة من جهة ، و العرف و الذوق و المستوى الأخلاقي للبيئة التي تعيش فيها من جهةٍ أخرى . . .
فتغطية وجه المرأة أمر غير معروف في بعض البلدان ، في حين ترقى هذه المسألة في بلدان أخرى إلى مستوى الواجب الديني ، و يُدافع عنها بالأدلة الشرعيَّة )) .
و يعتبرها بعضهم من مظاهر تسلُّط الرجل على المرأة و استغلاله ( و ربما استعباده ) لها ، حيث (( كان يحبسها داخل البيت، بعيداً عن الحياة والمجتمع ، ويسدل على رأسها الجلباب والنقاب ، حتى لا نتمكن من رؤية ما يجري حولها ، و يتهاون في تعليمها ، فظلت جاهلةً متخلفة )) .
و بين الطرفين برز اتجاه وسطي يُقرُّ الأمرين ، و لا يُنكر على ذات خمار أو نقاب ، ما دام الأمران مستندين إلى أدلَّة شرعيَّة ، و قد قال بكلٍ منهما أئمة فقهاء ، و ارتضاهما جهابذة العلماء ، مؤثراً الانشغال بمسائل أخرى كدعوة غير المحجبات إلى الحجاب ، و تعليم الفتيات المسلمات أمور دينهن .
المبحث الثاني
حال المرأة البوسنويَّة المسلمة في ميزان السنة النبويَّة
بعد هذا العرض لحال المرأة المسلمة في البوسنة و الهرسك و التزامها بدينها و ما مرت به من ظروف و تحولات أثرت على انتسابها إلى الإسلام و التزامها بأحكامه سلباً و إيجاباً خلال قرن من الزمن تقريباً ، يمكننا أن نحصر البحث في ثلاث نقاط رئيسة هي:
• الالتزام بالزي الشرعي ( كالحجاب و النقاب و ما إليهما ) .
• الالتزام بالآداب الشرعـية في الحياة الاجتماعيـة ( كعدم التشبه أو الاختلاط بالرجال في العمل و غيره ) .
• التقيد بأحكام الشرع في الأحوال الشخصية ( كالتحلي بالعفة واشتراط موافقة الولي في النكاح ، و عدم الاقتران بغير المسلمين ) .
و من خلال عرض حال المرأة المسلمة في البوسنة في هذه المجالات الثـلاث على نصوص السنة النبوية يمكننا الوقوف على مدى التزامها بالهدي النبوي الكـريم و هو ما سنبيِّنه من خلال المطالب التالية :
المطلب الأول : استدلال الدعاة البوسنويُّين بنصوص السنة النبويَّة في مجالات التزام المرأة المسلمة في البوسنة :
المقصد الأوّل استدلال الدعاة البوسنويين بالسنة في دعوتهم إلى الحجاب و النقاب .
مع عودة النقاب إلى البوسنة و ظهوره بشكل ملحوظ في ملتزمة الحرب الأخيرة من النساء ، ظهرت كتابات كثيرة تؤيِّد القول بوجوب النقاب ، منها القديم الذي أعيد نشره ، و منها ما كتب حديثاً ، و الكلُّ من رسول الله مُقتبسٌ .
و من أجود ما عرفته المكتبة الإسلاميَّة في البوسنة في هذا الباب كتاب تحت عنوان ( غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ) تأليف الحافظ سنايد زعيموفيتش ، و قد أشار في مطلعه إلى ما يؤيد قولنا و ذكر شهادات من ذكرنا على أنَّ النقاب ليس بدعاً في حياة المسلمات البوسنويات بل هو قديم قِدَم الفتح الإسلامي لبلادهن ( ) .
و قد جمع المؤلف في هذا الكتاب عدّة آيات من القرآن الكريم ، ليس في أيِّ منها دلالة صريحة على وجوب النقاب ، ممَّا جعله يشفعها بطائفةٍ من أدلة السنة النبويَّة الشريفة ، تؤيد قوله ، و تجلي النـزعة الحديثيَّة في دراسته ، حيث رواها مسندة ، باللغة العربية ، ثمَّ ترجمها إلى اللغة البوسنويَّة ، و خرَّجها من كتب الحديث المعتبرة ، و بيّن درجتها في ضوء أقوال أهل العلم القدامى و المعاصرين ، و وجه دلالتها على المقصود ، و اعتراضات المخالفين ـ إن وُجدت ـ ثمَّ مناقشتها و الردُّ عليها .
الهوامش:
خلال فترة الحكم الشيوعي للبوسنة كانت السلطات تمنع الوالدين من حق الرقابة على أبنائهم ، معتبرة الحزب الشيوعي الحاكم السلطة الوحيدة المؤهلة و المسؤولة عن تربية الجيل و تنشئته و تعليمه ، و بهذه الذريعة كان الشيوعيون يبررون تحطيم القيم الخلقية و الدينية لدى الأجيال الصاعدة من أبناء المسلمين .
انظر : علي سالم إبراهيم النباهين : دراسة مقارنة للأوضاع التعليمية للأقليات الإسلامية في الهند و سيريلانكا و يوغسلافيا ، ص : 276 .
1 الجوهر الأسنى : ص 19 .
2 الفرجية : غطاء ساتر للوجه كانت تستعمله نساء الترك ، و فيه فُرجة ضيّقةٌ تبدو منها عين واحدة ، و قد انتشر في عدد من البلدان العربية أواخر العهد العثماني . الأمير محمد علي : رحلة الصيف إلى بلاد البوسنة و الهرسك ، ص : 52-53 . المرجع السابق ، ص : 97 .
انظر : الإسلام في يوغسلافيا ، للدكتور محمد الأرناؤوط ، ص : 49، 50 ، نقلاً عن أوليا شلبي .
رحلة الصيف إلى بلاد البوسنة و الهرسك ، للأمير محمد علي باشا ، ص : 106 .
2 محمد أمين الحسيني ، هو : محمد أمين بن محمد طاهر بن مصطفى ، من زعماء السياسة بفلسطين ، ولد و تعلم بالقدس ، و تخرج ضابطا احتياطيا في إسطنبول ، و عاد إلى القدس بعد الحرب العالمية الأولى ، توفي أخوه مفتي فلسطين فانتخب بدلا منه ، و تألف المجلس الأعلى ، فتولى رئاسته ، و نبه على خطر تكاثر اليهود في فلسطين ، حاولت السلطات البريطانية اعتقاله و القبض عليه فلجأ إلى لبنان ثم بغداد ثم إيران ، و منها إلى ألمانيا ، حيث أكرمه هتلر ، ثم انتقل إلى مصر و استقر فيها ، و منحته السعودية جنسيتها ، و اضطر بعد الثورة المصرية إلى الرحيل عن مصر إلى بيروت ، فمات فيها سنة 1394 هـ / 1974 م . انظر ترجمته في : الأعلام للزركلي 6 / 46 ، الحاج أمين الحسيني رائد جهاد و بطل قضيَّة لحسني جرَّار ، ص : 232 .، المستدرك على معجم المؤلفين ص 606 – 607 . مجلَّة فلسطين ، العدد (142) ، ص : 4 و ما بعدها . و انظر : أيضاً : حسني جرَّار : الحاج أمين الحسيني رائد جهاد و بطل قضيَّة ص : 232 . عاش الشيخ تشاوشيفيتش بين عامي ( 1286 – 1357 هـ / 1870 - 1938 م ) ، و كان قد درس في استانبول و تخرج فيها سنة 1320 هـ / 1903 م ، حيث رجع إلى بلاده متأثراً بدعاة التجديد في استانبول و القاهرة ، و بدأ يدعو إلى المدرسة العقلية الحديثة ، و قد عيِّن رئيساً للعلماء من قبل السلطات النمساوية المستعمرة للبوسنة في ذلك الوقت . و من أعماله الشهيرة إصدار مجلة ( الطريق ) سنة 1326 هـ / 1908 م التي تعتبر منبر دعوته ، و وسيلة نشر أفكاره . ( الباحث ) . البوسنة ، لنويل مالكوم ، ص : 211 . انظر : البوسنة ، لنويل مالكوم ، ص : 211 ، 212 . ظهر هذا الكتاب لأوَّل مرَّةٍ في بلغراد سنة 1349 هـ / 1931م ، أي قبيل قيام الحكم الشيوعي في بلاده ، ثمَ أعيد طبعه في سراييفو سنة 1387 هـ / 1968 م . انظر : البوسنة ، لنويل مالكوم ص : 212 . انظر : زهدي عادلوفيتش : أبرز الاتجاهات العقدية في البوسنة و الهرسك ص : 592 .
3 علي رضا قرت بك : أحد العلماء البارزين بالبوسنة ، من مدينة موستار ، و أول من قام بترجمة معاني القرآن إلى اللغة البوسنية من المسلمين . ( الباحث ) . انظر : البوسنة ، لنويل مالكوم ص : 242 . و : الدكتور فكرت كارجيتش : تاريخ التشريع الإسلامي في البوسنة و الهرسك ، ص : 51 . انظر : مجلة ( البلاغ ) ، العدد الثالث ، سنة 1950م ، ص : 22 . انظر : مجلة البلاغ ، سنة 1369 هـ / 1950 م ، العدد ( 4 - 7 ) ، ص : 107 و ما بعدها . انظر : الإسلام و المسلمون في بلاد البلقان ، لمحمد خليفة ، ص : 458 . و : محمد بن محمد الخانجي : آراء علماء المسلمين الذين عارضوا النكاح المختلط . 2 فليب حتى : دكتور في التاريخ , من أهل لبنان . دَرَس في الجامعة الأمريكية ببيروت , و علّم بها , ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ,فكان أستاذا للتاريخ في عدد من جامعاتها , آخرها جامعة برنستون , و انتخب عضوا مراسلا بالمجمع العلمي العربي بدمشق , و توفي بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1399 هـ / 1979 م . انظر ترجمته في : المستدرك على معجم المؤلفين ، ص : 550 . مجموعة مقالات الرئيس علي عزَّت بيك ، ص : 32 . انظر : الاختلاط ( بحث منشور في مجلَّة الصف ) عدد 17 , ص : 21. مجموعة مقالات الرئيس علي عزَّت بيك ص : 35 . مجموعة مقالات الرئيس علي عزَّت بيك ص : 63 . 2 حسين جوزو : الإسلام و العصر ، ص : 209 . 3 المرجع السابق ، ص : 206 و ما بعدها . لعلَّ من نتائج الاستجابة المحدودة لهذه الدعوة بين نساء البوسنة المسلمات ، تأسيس عددٍ من الجمعيَّات النسائيَّة التي عملت من خلالها النساء المسلمات من البوشناق ، و من هذه الجمعيَّات جمعيَّة أوسوتيانة ، أي الشروق ، و هي من أقدم المنظمات الإسلاميَّة في البوسنة ، رأستها مدرِّسة مسلمة ، معروفة في ميدان الدعوة و التأليف ، و قد تصدت هذه الجمعيَّة لأعمال البرِّ ، و التربية و التعليم ، حتى أصبحت بمثابة مدرسة حافلة بالمُسلمات اللاتي حظين فيها بالتنوير و التعليم ، كما عملت على تعليم الفتيات المسلمات على الأشغال اليدوية على مُختلف أنواعها 0
و قد شهدت البوسنة ميلاد ( اتحاد النساء المُسلمات ) عام 1411 هـ / 1991 م قُبيل الحرب الأخيرة ، و مارست أعضاؤه نشاطاً مكثفاً في ظروف القتال ، مثل إيواء المهاجرين و النازحين ، و يُعرف هذا الاتحاد باسم ( سمية ) ، و تصدر عنه صحيفة دعوية تحمل الاسم ذاته ، و تعتبر المجلة الأولى للأسرة المسلمة في البوسنة.
و قد أسس الاتحاد ليُعبِّر عن رغبة النساء البوسنويات المسلمات في معرفة أمور دينهم ، بعد خمسة عقود من سعي الشيوعية لتغريبهن و إبعادهن عن دينهن ، و لهذا كان الهدف المعلن للاتحاد هو العودة بالمرأة المسلمة إلى عقيدتها ، و يضم الاتحاد نحو خمس و أربعين ألف امرأة ثُلُثُهن في سراييفو ، يستفدن و يُفِدن من برامج الاتحاد التي من بينها تعليم الخياطة و التطريز للمُحجبات ، و رعاية أسر الشهداء ، و كفالة الأيتام ، مع الالتزام بعدم الاختلاط ، و هو ما كان المسلمون الأوائل يربُّون أبناءهم عليه ، حتى في مراحل التعليم بالكتاتيب .
انظر : محب الدين الخطيب : المسلمون في البوسنة ( مقالٌ نشرته مجلَّة الفتح القاهريَّة ، ع : 98 ، السنة الثانية 1346 هـ ) ص : 6 . و المسلمون في البوسنة ، للدكتور رشدي عزيز محمد ، ص : 117 . و صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 18 / 2/ 1992 م .
و انتشار الإسلام في البوسنة و الهرسك للدكتور نياز شكريتش ، ص : 183 . بتصرُّف يسير عن : مجموعة مقالات الرئيس علي عزَّت بيك ص : 43 ، 44 . انظر : الدكتور محمد حرب : الإسلام في آسيا الوسطى و البلقان 218 - 219 . 2 انظر : محمد قاروط : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 475 ، 476 . 1 انظر : محمد قاروط : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 476 . 2 انظر : الدكتور محمد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا من بلغراد إلى سراييفو ، ص : 184 . 1 انظر : محمد قاروط : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 475 ، 476 . انظر : سنايد زعيموفيتش : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، ص : 4 . كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو ، و مدرسة الغازي خسرو بيك ، و سائر المدارس الشرعيَّة عدا الأكاديميّة الإسلامية في زينتسا تشترط خلع النقاب لقبول الطالبة للدراسة فيها بصفة منتظمة ، بينما تتساهل مع الطالبات المنتسبات بهذا الخصوص ، شريطة أن ينـزعن النقاب في قاعات الامتحان النهائي . ( الباحث ) . مجموعة مقالات الرئيس علي عزَّت بيك 32 . الإسلام و العصر ، لحسين جوزو , ص : 212 .
من علماء البوسنة الذين انتصروا للنقاب في كتاباتهم كلٌ من محمد بيكوفيتش ، و عبد الله عيني بوشاتليتش ، و و أحمد لطفي جوكيتش ، و و إبراهيم حقي جوكيتش ، و عبد اللطيف ديزدارفيتش ، و إبراهيم جافيتش ، و و أحمد جوميشيتش ، و مصطفى فورتو ، و علي قرة بيك ، و كثيرٌ غيرهم . ( الباحث ) . للاستزادة ، انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 5-6 . انظر: غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب، لسنايد زعيمو فيتش، ص:4. يتبع إن شاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: حال المرأة المسلمة في البوسنة و الهرسك و تأثره بالسنة النبوية الخميس 09 يونيو 2011, 10:34 pm | |
| فجاء عرضه على النحو التالي :
أوَّلاً : إيراد حديثين صريحين في الدلالة على وجوب احتجاب النساء عن الرجال و هما : 1 ) عن عبد الله بن مسعود t ، عن النبي قال : (( المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان )) .
و هذا نصٌ في المسألة – بحسب رأي القائلين بوجوب النقاب – لأنَّ التعريف بالألف و اللام يفيد العموم و الاستغراق ، و عليه فقوله : (( المرأة عورة )) عامٌ ، لا يُستثنى منه وجهٌ و لا كفَّان و لا أيّ شيءٍ آخر .
2 ) عن الجعد أبي عثمان ، عن أنس بن مالك t ، قال : (( تزوَّج رسول الله فدخل بأهله ، قال فصنعت أمي أم سليم حيساً فجعلته في تَوْر فقالت : يا أنس ! اذهب بهذا إلى رسول الله فقل : بعثت بهذا إليك أمي ، و هي تقرئك السلام و تقول : إن هذا لك منَّا قليل يا رسول الله . قال : فذهبت بها إلى رسول الله فقلت : إن أمي تقرئك السلام و تقول إن هذا لك منَّا قليل يا رسول الله . فقال : ضعه . ثم قال : اذهب فادع لي فلاناً و فلاناً و فلاناً و من لقيت ، و سمى رجالاً . قال : فدعوت من سمى و من لقيت ، قال الجعد : قلت لأنس عدَدَ كم كانوا ؟ قال : زهاء ثلاث مائة ، و قال لي رسول الله : يا أنس هات التَور . قال : فدخلوا حتى امتلأت الصُّفة و الحجرة ، فقال رسول الله r : ليتحلق عشرة عشرة ، و ليأكل كل إنسان مما يليه . قال : فأكلوا حتى شبعوا . قال فخرجت طائفة و دخلت طائفة حتى أكلوا كلهم ، فقال لي : يا أنس ارفع ، قال : فرفعت فما أدري حين و ضعت كان أكثر أم حين رفعت ، قال : و جلس طوائف منهم يتحدثون في بيت رسول الله ، و رسول الله جالس و زوجته مُولِّية و جهها إلى الحائط . فثقلوا على رسول الله فخرج رسول الله فسلَّم على نسائه ثم رجع ، فلمّا رأوا الرسول قد رجع ظنُّوا أنهم قد ثقلوا عليه . قال : فابتدروا الباب فخرجوا كلهم و جاء رسول الله حتى أرخى الستر و دخل و أنا جالس في الحجرة ، فلم يلبث إلا يسيراً حتى خرج عليَّ و أنزلت هذه الآية ، فخرج رسول الله و قرأها على الناس : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه و لكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا و لا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي ] الأحزاب : 53 خر الآية ، قال الجعد : قال : أنس بن مالك أنا أحدث الناس عهداً بهذه الآية و حجبن نساء النبي )) .
و دلالة هذا الحديث على المراد من جهتين :
أولاهما : فعل أمّ المؤمنين زوج النبي ، حيث كانت كما قال الراوي : (( مولِّيةً وجهها إلى الحائط )) . و ثانيهما : قول أنس بن مالك t ، بعد : (( و حُجبن نساء النبي )) بعدنزول الآية الكريمة . فإذا كان هذا حال نساء النبي و هنَّ أمهات المؤمنين ، فغيرهن من النساء المؤمنات أولى بالاحتجاب عن الرجال الأجانب .
ثانياً : إيراد أحاديث تدل بطريق قياس الأولى على وجوب احتجاب النساء عن الرجال ، و منها : 1 )عن أم سلمة رضي الله عنها أنَّها كانت عند رسول الله و ميمونة رضي الله عنها ، قالت : (( فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه ، و ذلك بعد ما أمرنا بالحجاب ، فقال رسول الله : احتجبا منه ، فقلت : يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا و لا يعرفنا ؟ فقال رسول الله : أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه )) .
و وجه الدلالة في هذا الحديث أن احتجاب المرأة عن الأجنبي البصير أولى من احتجابها عن الأعمى الضرير الذي لا يراها .
2 ) و عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله : (( من جرَّ ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه )) قالت أم سلمة رضي الله عنها يا رسول الله فكيف تصنع النساء بذيولهن ؟ قال : (( ترخينه شبراً )) قالت إذاً تنكشفُ أقدامهن . قال : (( ترخينه ذراعاً لا تزدن عليه )) .
فإذا كان هذا التشديد كلّه على وجوب ستر قدمي المرأة ، و لو بسدل ذيلٍ بقدر ذراعٍ عليهما ، فمن باب أولى المبالغة في ستر وجها الذي هو مجمع حسنها ، و أدعى للافتتان بها .
3 ) عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله : (( لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعَتَها لزوجها كأنّه ينظر إليها )) .
ثالثاً : إيراد أحاديث تدل بطريق المخالفة على وجوب احتجاب النساء عن الرجال ، و قد أورد المؤلِّف ثلاثة أحاديث في هذا السياق ، و هي :
1) عن المغيرة بن شعبة قال : أتيت النبي فذكرتُ له امرأة أخطبها فقال اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما ، فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتُها إلى أبويها و أخبرتهما بقول النبي فكأنهما كرها ذلك ، قال فسمعت ذلك المرأة و هي في خدرها ، فقلت : إن كان رسول أمرك أن تنظر فانظر و إلا فأنشدك كأنها أعظمت ذلك ، قال : فنظرت إليها فتزوجتها فذكر من موافقتها )) .
2) عن محمد بن مسلمة قال : خطبتُ امرأةً فجعلتُ أتخبَّأُ لها حتى نظرت إليها في نخل لها ، فقيل له : أتفعل هذا و أنت صاحب رسول الله ؟ فقال : سمعت رسول الله يقول : إذا ألقى الله في قلب امرئ خِطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها )) . 3) عن أبي حميدٍ ( أو حميدة ) قال : قال رسول الله : (( إذا خطب أحدكم امرأةً فلا جناح عليه أن ينظر إليها ، إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته و إن كانت لا تعلم )) .
4) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّه قال : (( لا تنتقب المرأة المحرمة و لا تلبس القفازين )) .
و من الظاهر أن وجه دلالة أحاديث الترخيص في نظر الخاطب إلى مخطوبته ، على المراد ؛ أنه لو لم يكن الأصل في ستر وجه المرأة الوجوب ، لما كان ثمَّة معنىً للترخيص في نظر الخاطب خاصَّةً .
أمَّا وجه دلالة حديث نهي المحرمة عن لبس النقاب و القفازين ، فهو أنَّ تقييد النهي بحالة الإحرام يدلُّ بطريق المخالفة على أن النهي يرتفع بمجرَّد ارتفاع حالة الحظر ، و لو لم يكن الأصل في ستر المرأة وجهها الوجوب – أو الاستحباب على أقلِّ تقدير – لما كان للنهي عنه في حالة الإحرام داع .
ثالثاً : إيراد بعض الأخبار الدالة على احتجاب النساء عن الرجال في زمن النبي ، سواء كان ذلك باعتزال مجالس الرجال أو بإسدال النقاب ، و من هذه الأخبار :
1) عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : (( كان الرجال يمرُّون بنا و نحن مع رسول الله محرماتٌ ، فإذا حاذَوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه )) .
2) عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : (( كُنَّ نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس )) .
3) روى ابن هشام عن أبي عون ٍ قال (( كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجَلبٍ لها فباعته بسوق بني قينقاع ، و جلست إلى صائغٍ بها فجعلوا يريدونها على كشف وجهها ، فأبت . فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ، فلما قامت انكشفت سوأتها ، فضحكوا منها ، فصاحت . فوثب رجلٌ من المسلمين على الصائغ فقتله و كان يهودياً ، و شدّت اليهود على المسلم فقتلوه ، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود ، فغضب المسلمون . فوقع الشرّ بينهم و بين بني قينقاع )) .
فهؤلاء أمهات المؤمنين ، و نساء عهد النبوَّة الصحابيَّات الطاهرات ، يحتجبن عن الرجال إذا حاذوهنَّ ، بإسدال النقب على وجوههن ، و يخرجن مُغلساتٍ حتى لا يعرفهنّ الرجال .
و هذه إحداهن لا تضع النقاب عن وجهها في سوق عامّة تجّاره و روّاده من اليهود ، و يؤدي ذلك بتداعياتهو ما ترتب عليه إلى حربٍ ضروس بين المسلمين و اليهود ، فأين من يبحث عن الفتاوى ( العصريّة ) المتساهلة بدعوى أن بعض أحكام الإسلام ( و منها ستر الوجه ) يحسن عدم التمسك بها عند الإقامة في بلاد الكفّار أو المجتمعات الغربيّة ، و إن كان الأصل في أبناء بعضها الانتماء إلى الإسلام ( كما هو الحال في البوسنة ) من موقف هذه المرأة و من ناصرها من المسلمين الأوائل .
ثمَّ أورد المؤلِّف أدلةَ المخالفين في مسألة النقاب ، و هم القائلون بوجوب الخمار ( غطاء الرأس ) و الجلباب – بشروطه المقررة شرعاً - على سائر بدن المرأة عدا الوجه و الكفَّين ، و التزم في عرضه لهذه الأدلَّة من السنة النبوية المنهج الذي التزم به في عرض أدلَّة القول الأوَّل الذي اطمأنَّ له و رجَّحه ، حيث رواها مسندة باللغة العربية ، ثمَّ ترجمها إلى اللغة البوسنويَّة ، و خرَّجها من كتب الحديث المعتبرة ، ذاكراً أقوال أهل العلم فيها من جهة القبول و الردَّ ، و وجه دلالتها على المقصود ، ثمَّ ناقش شبه المخالفين و ردَّ عليها .
و أمام المنهج الذي سلكه الشيخ الحافظ سنايد ، يلزمنا الإقرار بأنَّ ما تحلَّت به النساء البوسنويَّات من الحشمة و العفة ، حيث أسدلن النقب على وجوههن ، ليس – كما يردد المخالفون - تأثراً بأبناء الأمم الأخرى ، أو تمسكاً بتقاليد و تراث الآباء و الأجداد ، و لكنه التزامً بهدي نبيِّهم ، و تمسُّكاً بسنَّته ، و اقتداءً بأمَّهات المؤمنين ، و الصحابيَّات الطاهرات رضوان الله عليهنَّ أجمعين ، و هو ما يبيِّن مدى تأثر المرأة البوسنويَّة بالسنة النبوية ، و احتكامها إلى الحديث الشريف في الدفاع عن نقابها و حجابها ، و سلوكها الإسلامي الرفيع .
المقصد الثاني استدلال الدعاة البوسنويين بالسنة في الدعوة إلى التزام المرأة بالآداب الشرعـية في حياتها الاجتماعيـة .
أمام السيل الجرار الذي جرف أمامه الكثير من الآداب الشرعية التي كانت تميّز المرأة المسلمة في البوسنة كان دور العلماء كبيراً ، و الواجب المناط بهم أداؤه جسيماً ، و من ذلك تبصير المرأة بحقيقة ما يكاد لها ، و ما يراد أن تصير إليه من فساد و إفساد .
و لذلك اشتد نكير العلماء البشانقة للمنكرات الطارئة على حياة المرأة في مجتمعهم الذي كان يوصف بالمحافظ ، فأنكروا تشبه المسلمات بغيرهن في اللباس ، و منافستهن الرجال في الخروج و العمل المختلط ، و إقحامهن فيما يصطدم بفطرتهن , كالانخراط في السياسة و التظاهر جنباً إلى جنبٍ مع الشيوعيين رجالاً و نساءً .
و كانت نصوص السنة النبويّة تُكأة العلماء في إقامة الحجة على ما يدعون إليه ، و لا تزال هذه النصوص راسخةً في أذهان الكثيرين و تتردد على ألسنة الطاعنين في السنّ الذين أدرك بعضهم الحكم النمساوي المجري لبلادهم ، و عاش معظمهم في عهد الملكية ثم الشيوعية اليوغسلافيتين ، و عاصروا مراحل الانحلال التي تقلّبت فيها المرأة المسلمة بعد إقصاء الإسلام عن حياتها ، و قد صدق قائلهم حين قال (أنجبتنا النساء الطاهرات ، و أنجبْنا المتحرّرات الفاسدات ) ، و قال آخر ( ربّانا آباؤنا ، و ربّى أبناءَنا أعداؤُنا ) .
و ممّا سمعت من هؤلاء ، أشير إلى جملة من الأحاديث النبويّة الشريفة الناهية عن اختلاط النساء بالرجال التي سمعوها و وعوها من العلماء البوشناق ، و رووها لي بالمعنى ( و إن لم يكن بوسعهم العمل بمقتضاها قبل استقلال بلادهم ) ، و هي قليلٌ من كثير
1) حديث تأخير صفوف النساء عن صفوف الرجال حين شهودهن الجماعة مع المسلمين في المساجد ، و خروجهن قبل الرجال متلفّعات بمروطهنّ لا يعرفن من الغلس .
2) حديث تفضيل صلاة المرأة في بيتها عن صلاتها في المسجد ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، و بيوتهن خيرٌ لهن ).
3) حديث ( على رسلكما إنها صفية ) .
و أخيرا نجد أن ما عرف عن المرأة المسلمة في البوسنة , من حفاظ على العفة , و الآداب , و الحشمة , واللباس الشرعي , لم يكن عادة متوارثة , أو تقليدا لأخواتها في المشرق الإسلامي , و لكنه بباعث من اتباع هدي النبي , والتأسي بأمهات المؤمنين , و الصحابيات الفضليات زضوان الله عليهن أجمعين .
الهوامش
من علماء البوسنة الذين انتصروا للنقاب في كتاباتهم كلٌ من محمد بيكوفيتش ، و عبد الله عيني بوشاتليتش ، و و أحمد لطفي جوكيتش ، و و إبراهيم حقي جوكيتش ، و عبد اللطيف ديزدارفيتش ، و إبراهيم جافيتش ، و و أحمد جوميشيتش ، و مصطفى فورتو ، و علي قرة بيك ، و كثيرٌ غيرهم . ( الباحث ) .
للاستزادة ، انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 5-6 . انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 4 . ا نظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 22 . و الحديث صحيح : أخرجه الترمذي ( 1173 ) في الرضاع ، باب منه رقم ( 18 ) ، البزار في " مسنده " 5 / 427 ( 2061 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1685 و 1687 ) ، و ابن حبان في " صحيحه " 12 / 413 ( 5599 ) ، و الطبراني في " الكبير " 10 / 132 ( 10115 ) ، و ابن عدي في الكامل 3 / 423 من طرق عن قتادة ، عن مورق العجلي ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود به . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات ، صحيح على شرط مسلم ، و أبو الأحوص ، هو : عوف بن مالك بن نضلة . و همام ، هو : ابن يحيى العوذي . و الحديث صححه ابن خزيمة ، و ابن حبان ، و قال فيه الترمذي : ( هذا حديث حسن صحيح غريب ) . و قال الدارقطني في " العلل " 5 / 314 – 315 ( 905 ) بعد أن ذكر الاختلاف في إسناده على قتادة و غيره في رفعه و وقفه : ( و رفعه صحيح من حديث قتادة ) . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " 2 / 35 : ( رواه الطبراني في الكبير ، و رجاله موثقون ) . 1 الجعد أبو عثمان هو : الجعد بن دينار اليشكري ، الصيرفي ، البصري , صاحب الحلي . قال ابن معين : ( ثقة ) , و روى له الجماعة سوى ابن ماجة . انظر : العلل لأحمد 1 / 161 , 163 , التاريخ الكبير للبخاري 2 / 239 , تهذيب الكمال 4 / 560 . 2 أم سليم رضي الله عنها : هي الغميصاء , و يقال : الرميصاء ، بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام ، الأنصارية ، الخزرجية ، أم أنس t خادم الرسول r ، شهدت حنين و أحد , تزوجها أبو طلحة الأنصاري t , و كان صداقها إسلامه , بشرها النبي r بالجنة , و كان r يقيل في بيتها . انظر ترجمتها في : طبقات ابن سعد 8 / 424 , سير أعلام النبلاء 2 / 304 . 3 التور : إناء من نحاس أو حجارة مثل الإجانة ، و قد يتوضأ منه . انظر " النهاية " لابن الأثير 1 / 199. انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 23-24 . و الحديث : أخرجه البخاري ( 5163 ) في النكاح ، باب : الهدية للعروس ، و مسلم ( 1428 ) في النكاح باب : زواج زينب بنت جحش ، و نزول الحجاب . و اللفظ الوارد لفظ البخاري . 2 أم سلمة رضي الله عنها ، أم المؤمنين ، هي : هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله المخزومية , بنت عم خالد بن الوليد t ، و أبو جهل بن هشام , من المهاجرات الأول , كانت قبل النبي r عند أخيه من الرضاعة أبو سلمة المخزومي , تزوجها النبي r سنة 4 هـ / 625 م , وكانت من أجمل النســـاء = = و أشرفهن نسبا , و من فقهاء الصحابة ، وهي أول امرأة دخلت المدينة مهاجرة , و هي آخر من مات من أمهات المؤمنين سنة 61 هـ / 681 م ، عاشت نحوا من 90 سنة . انظر ترجمتها في : مسند أحمد 6 / 288 , طبقات ابن سعد 8 / 86 , سير أعلام النبلاء 2 / 201 . 1 ميمونة رضي الله عنها هي : أم المؤمنين بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم الهلالية , أخت أم الفضل زوجة العباس , وخالة خالد بن الوليد و ابن عباس , تزوجها النبي r سنة 7 هـ / 628 م بعد عمرة القضاء بسرف , وكانت من سادات النساء , ماتت سنة 51 هـ / 671 م ، و لها 80 سنة . انظر ترجمتها في : طبقات ابن سعد 8 / 132 , أسد الغابة 7 / 272 , سير أعلام النبلاء 2 / 238 . 2 ابن أم مكتوم ، هو : الصحابي الجليل عبد الله , و قيل عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم القرشي العامري , مؤذن الرسول r , مع بلال , و سعد بن القرظ , و أبي محذورة مؤذن مكة ، وهو من السابقين المهاجرين هاجر بعد غزوة بدر بيسير , وكان النبي r يحترمه , ويستخلفه على المدينة , فيصلي ببقايا الناس , وفيه نزل قوله تعالى غير أولي الضرر , و قوله عبس و تولى , شهد القادسية و كانت سنة 15 هـ / 636 م , وكان يقاتل وعليه درع حصينة سابغة , وقيل استشهد يومها , وقيل مات بعدها بالمدينة , فالله أعلم . انظر ترجمته في : حلية الأولياء 2 / 4 , أسد الغابة 4 / 263 , سير أعلام النبلاء 1 / 360 , الإصابة 5764 . انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص: 28 . و الحديث إسناده فيه مقال ، ثم إن ظاهر متنه معارض بأحاديث صحيحة ثابتة ، و قد جمع بينها بعض أهل العلم : أخرجه أحمد 6 / 296 ، و أبو داود ( 4112 ) في اللباس ، باب : في قوله عز وجل و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ، و الترمذي ( 2778 ) في الأدب ، باب : ما جاء في احتجاب النساء من الرجال و النسائي في عشرة النساء كما في " التحفة " 13 / 35 ، و أبو يعلى في " مسنده " 12 / 353 ، و ابن حبان ( 5575 ) ، و الطحاوي في ( مشكل الآثار " ( 288 و 289 ) ، و البيهقي في " السنن الكبرى " 7 / 91 – 92 ، و في الآداب ( 886 ) من طريق الزهري ، عن نبهان ، عن أم سلمة به . و قال الترمذي : ( حديث حسن صحيح ) . قلت : بل فيه نبهان مولى أم سلمة ، لم يرو عنه غير الزهري ، و محمد بن إبراهيم ، ولم يوثقه سوى ابن حبان في " ثقاته " 5 / 486 ، على قاعدته في توثيق المجاهيل . = = قال الإمام أحمد : ( نبهان روى حديثين عجيبين ) . يعني : هذا الحديث ، و حديث (( إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه )) . قال ابن قدامة في " المغني " 6 / 564 تعقيباً قول الإمام أحمد : ( كأنه أشار إلى ضعف حديثه ؛ إذ لم يرو إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول ) . و نقل ابن مفلح في " المبدع " 7 / 11 تضعيفه عن أحمد . و قال ابن عبد البر في نبهان : ( مجهول ، لا يعرف إلا برواية الزهري عنه ) . و قال ابن حزم – كما في المغني 2 / 694 للذهبي - : ( مجهول ) . و قال ابن حجر في " التقريب " ( 7092 ) : ( مقبول ) . و قال عن الحديث في " الفتح " 1 / 550 : ( هو حديث مختلف في صحته ) . و قال عنه النووي في " شرح مسلم " 10 / 97 : ( حديث حسن ، رواه أبو داود و الترمذي و غيرهما ، قال الترمذي : هو حديث حسن ، و لا يلتفت إلى من قدح فيه بغير حجة معتمدة ، أما حديث فاطمة بنت قيس مع ابن أم مكتوم ، فليس فيه إذن لها في النظر إليه ، بل فيه أنها تأمن عنده من نظر غيرها ، و هي مأمورة بغض بصرها ، فيمكنها الاحتراز عن النظر بلا مشقة ) . و قال ابن قدامة في " المغني " 6 / 563 بعد أن ذكر الخلاف في المسألة : ( و لنا قول النبي r لفاطمة بنت قيس : " اعتدي في بيت ابن أم مكتوم ؛ فإنه رجل أعمى ، تضعين ثيابك فلا يراك " متفق عليه ، و قالت عائشة : ( كان رسول r يسترني بردائه و أنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد ) متفق عليه ، و يوم فرغ النبي r من خطبة العيد " مضى إلى النساء ، فذكرهن و معه بلال ، فأمرهن بالصدقة ) ، و لأنهن لو منعن النظر لوجب على الرجال الحجاب ، كما وجب على النساء ، لئلا ينظرن إليهم ) . و نقل عن الأثرم : ( قلت لأبي عبد الله – يعني أحمد - : كان حديث نبهان لأزواج النبي r خاصة ، و حديث فاطمة لسائر الناس ؟قال : نعم ، و إن قدر التعارض ، فتقديم الأحاديث الصحيحة أولى من الأخذ بحديث مفرد في إسناده مقال ) . و من أراد التوسع ، فلينظر : تأويل مختلف الحديث ، لابن قتيبة ص 225 ، التمهيد ، لابن عبد البر 19 / 154 – 155 ، تلخيص الحبير ، لابن حجر 3 / 148 ، نيل الأوطار ، للشوكاني 6 / 248 . 1 انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 29 . = = و الحديث صحيح : أخرجه الترمذي ( 1731 ) في اللباس ، باب : ما جاء في جر ذيول النساء ، و النسائي 8 / 209 في " المجتبى " في الزينة ، باب : ذيول النساء ، و في " الكبرى " ( 9735 ) باب : ذيول النساء ، و معمر في " الجامع " 11 / 82 من طريق أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر به . قلت : و هذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات ، رجال الصحيحين . قال الترمذي : ( هذا حديث حسن صحيح ) . و للحديث عن نافع طرق أخرى ، منها : ما أخرجه مالك في " الموطأ " ( 13 ) في اللباس ، باب : ما جاء في إسبال المرأة ثوبها ، وأحمد 6 / 295 و 309 ، و الدارمي في اللباس ، باب ذيول النساء ، و أبو داود ( 4117 ) في اللباس ، باب : في قدر الذيل ، النسائي 8 / 209 ، و في الكبرى ( 9740 و 9741 ) ، و أبو يعلى ( 6891 ) ، و ابن حبان في " صحيحه " ( 5451 9 ) ، و الطبراني في " الكبير " 23 / 416 ( 1007 ) ، و البيهقي في " الشعب " 5 / 149 ( 6143 ) ، من طرق عن نافع ، عن صفية بنت أبي عبيد ، عن أم سلمة به . و أخرجه أحمد 6 /293 و 315 ، و أبو داود ( 4118 ) في اللباس ، باب : في قدر الذيل ، و النسائي في " المجتبى " 8 / 209 ، و في " الكبرى " ( 9742 ) ، و ابن ماجه ( 3580 ) في اللباس ، باب : ذيل المرأة كم يكون ، و أبو يعلى ( 6890 ) ، و ابن أبي شيبة 8 / 408 ، و الطبراني في " الكبير " 23 / 384 ( 916 ) و البيهقي في " الشعب " ( 6142 ) من طرق عن عبيد الله العمري ، عن نافع ، عن سليمان بن يسار ، عن أم سلمة به . و أخرجه النسائي في " المجتبى " 8 / 209 ، و في " الكبرى " ( 9737 ) من طريق يحيى بن أبي كثير ، عن نافع ، عن أم سلمة به . 1 انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 34 . و الحديث : أخرجه البخاري ( 5240 ) في النكاح ، باب : لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها ، و أبو داود ( 2150 ) في النكاح ، باب : ما يؤمر به من غض البصر , و الترمذي ( 2793 ) في الأدب ، باب : ما جاء في كراهية مباشرة الرجل الرجل ، و المرأة المرأة . 1 المغيرة بن شعبة : هو ابن أبي عامر بن مسعود الثقفي , الأمير ، أبو عيسى , كذا كناه النبي r , من كبار الصحابة أولي الشجاعة و المكيدة , أسلم عام الخندق , و شهد بيعة الرضوان , و كان رجلا طوالا مهيبا , ذهبت عينه يوم اليرموك , وقيل : يوم القادسية , ولي العراق لعمر ، و كان قد اعتزل الفتنة ، فلما صار الأمر لمعاوية كاتبه ، فولاه الكوفة ، فبقي عليها حتى مات سنة 50 هـ / 670 م , و له 70 سنة . انظر ترجمته في : تارخ بغداد 1/ 191 , طبقات ابن سعد 4 / 284 , 6 / 20 , سير أعلام النبلاء 3 / 21 الشذرات 1 / 245 . انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 31 . و الحديث صحيح : أخرجه الترمذي ( 1087 ) في النكاح ، باب : ما جاء في النظر إلى المخطوبة ، و النسائي 6 / 69-70 في النكاح ، باب : إباحة النظر قبل التزويج ، و عبد الرزاق في " المصنف " 6 / 156 ( 10335 ) ، و ابن أبي شيبة في " مسنده " 4 / 244 ، وأحمد 4 / 244-245 و 246 ، و سعيد بن منصور في " سننه " ( 516 و 518 ) ، و الطبراني في " الكبير " 20 / 433 ، 434 ( 1052 و 1053 و 1055و 1056 ) ، و الدارمي في " سننه " 2 / 134 , و ابن الجارود في " المنتقى " ص 226 , 227 ( 675 ) , و الدارقطني في " سننه " 3 / 252, و الطحاوي في " شرح معاني الآثار " 3 / 14 , و البيهقي في "الكبرى " 7 / 84 , 85 ، من طريق ثابت البناني ، و عاصم الأحول ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن المغيرة بن شعبة به . قلت : و هذا إسناد صحيح . و ذكر الدارقطني في " العلل " 7 / 137 – 139 ( 1260 ) الاختلاف في طرقه ثم قال : ( و مدار الحديث على بكر بن عبد الله المزني . قيل : سمع من المغيرة ؟ قال : نعم ) . = = و قال الترمذي : ( هذا حديث حسن ) . و أخرجه ابن ماجه ( 1865 ) في النكاح ، باب : النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ، و ابن حبان في " صحيحه " ( 4043 ) ، و ابن الجارود ( 676 ) ، و الدارقطني 3 / 253 ، و الحاكم 2 / 165 ، و البيهقي 7 / 84 من طرق عن عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك ، عن المغيرة به . قال ابن حجر في " التلخيص " 3 / 168 : ( حديث أنس صححه ابن حبان ، و الدارقطني ، و الحاكم ، و أبو عوانة ، و هو في قصة المغيرة أيضا ) . ثم ذكر له شواهد عن جابر و غيره . 1 محمد بن مسلمة هو : ابن سلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة , أبو عبد الله , الأنصاري الأوسي الحارثي شهد بدرا و المشاهد كلها , استخلفه النبي r على المدينة عام تبوك , و استعمله عمر على زكاة جهينة و كان عمر إذا شكي إليه عامل أنفذ محمدا إليهم ليكشف أمره , شهد فتـح مصر ، و كان ممن اعتزل الفتنة , ولم يحضر الجمل , ولا صفين , بل اتخذ سيفا من خشب ، و تحول إلى الربذة فأقام بها مدة , مات سنة 43 هـ / 663 م ، عن 77 سنة . انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد : 3 / 443, 445 , تاريخ الفسوي : 1/ 307 سير أعلام النبلاء 2 / 369 . انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 33 . و الحديث إسناده ضعيف : أخرجه ابن ماجه ( 1864 ) في النكاح ، باب : النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ، و سعيد ابن منصور في " سننه " ( 519 ) ، و ابن أبي شيبة في " مصنفه " 4 / 356 ، و أحمد 3 / 493 و 4 / 225 ، و الطحاوي في " شرح معاني الآثار " 3 / 13 ، و ابن حبان في " صحيحه " ( 4042 ) من طرق الحجاج بن أرطاة ، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة ، عن عمه سهل ( و في الطحاوي : سليمان ) بن أبي حثمة ، عن محمد بن مسلمة به . و فيه الحجاج بن أرطاة :كثير الخطأ و التدليس ، كما قال ابن حجر في " التقريب " ( 1119 ) ، و لم يصرح بالتحديث ، و قد اختلف عليه في إسناده على وجوه أخرى . و سهل بن أبي حثمة ، و عمه سليمان بن أبي حثمة : لم يوثقهما غير ابن حبان في " ثقاته " 6/ 406 و 385 . = = و أخرجه البيهقي 7 / 85 من طريق الحجاج ، عن ابن أبي مليكة ، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة ، بالإسناد السابق ، و قال : ( هذا الحديث إسناده مختلف فيه ، و مداره على الحجاج بن أرطاة ) . و أخرجه الحاكم 3 / 434 من طريق إبراهيم بن صرمة , عن يحيي بن سعيد الأنصاري , عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة به . و قال : ( هذا حديث غريب , و إبراهيم بن صرمة ليس من شرط هذا الكتاب ) . فتعقبه الذهبي بقوله : ( ضعفه الدارقطني , و قال أبو حاتم : شيخ ) . و أخرجه الطيالسي ( 1186 ) من طريق حماد بن سلمة , عن الحجاج , عن محمد بن أبي سهل , عن أبيه قال : رأيت محمد بن مسلمة . فذكره . و أخرجه أحمد 4 / 226 من طريق وكيع , عن ثور , عن رجل من أهل البصرة , عن محمد بن مسلمة . 1 أبو حميد أو أبو حميدة ، ذكره البلاذري و غيره في الصحابة ، و قال الحافظ ابن حجر في " الإصابة " 7 / 46 : ( الظاهر أنه غير الساعدي ، إذ لو كان هو لم يشك زهير بن معاوية فيه ) . انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 33 . و الحديث صحيح : أخرجه أحمد 5 / 424 ، و البزار في " مسنده " 9 / 165 – 166 ( 3714 ) ، و الطبراني في " الأوسط " 1 / 498 – 499 ( 915 ) ، من طريقين : زهير بن معاوية ، و قيس بن الربيع ، عن عبد الله بن عيسى ، عن موسى بن عبد الله ، عن أبي حميد به . و تابعهما إسحاق بن راهويه في " مسنده " – كما في " نصب الراية " 4 / 242 – عن عيسى بن عبد الله به . قلت : هذا إسناد صحيح ، رجاله رجال مسلم ؛ عبد الله بن عيسى ، هو : ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري ثقة ، روى له الجماعة ، كما في " التقريب " ( 3523 ) . و موسى بن عبد الله ، هو : ابن يزيد الخطمي ، ثقة روى له مسلم ، كما في " التقريب " ( 6984 ) . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " 4 / 276 : ( رواه أحمد إلا أن زهيرا شك ، فقال : أبي حميد أو أبي حميدة ، و البزار من غير شك ، و الطبراني في الأوسط و الكبير ، و رجال أحمد رجال الصحيح ) . انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 38 . و الأثر صحيح موقوفا و مرفوعا : أخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 328 في الحج ، باب : تخمير المحرم وجهه ، عن نافع عن ابن عمر به . = = و هذا من أصح الأسانيد . و رواه البخاري مرفوعا من حديث ابن عمر أيضا به ( 1838 ) في جزاء الصيد ، باب : ما ينهى من الطيب للمحرم و المحرمة . انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 38 . و الحديث فيه ضعف : أخرجه أحمد 6 / 30 ، و من طريقه أبو داود ( 1833 ) في الحج ، باب : المحرمة تغطي وجهها ، و من طريقهما البيهقي في " السنن الكبرى " 5 / 48 عن هشيم ، أخبرنا يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد عنها . و تابع هشيم ، ثلاثة : محمد بن فضيل بن غزوان ، و عبد الله بن إدريس ، و جرير . الأولان : عند ابن ماجه ( 2935 ) في المناسك ، باب : المحرمة تسدل الثوب على وجهها ، و الأخريان ، و هشيم أيضا : عند ابن خزيمة في " صحيحه " ( 2691 ) . قال ابن خزيمة : ( قد روي عن يزيد بن أبي زياد و في القلب منه ) . = = و قال البيهقي : ( و كذلك رواه أبو عوانة ، و محمد بن فضيل ، و علي بن عاصم ، عن يزيد بن أبي زياد . و خالفهم ابن عيينة فيما روي عنه ، عن يزيد ، فقال : عن مجاهد ، قال قالت : أم سلمة ) . و قال الخطابي في " مختصر السنن " 2 / 354 : ( ذكر شعبة ، و يحيى بن سعيد القطان : أن مجاهدا لم يسمع من عائشة ، و قال أبو حاتم الرازي : مجاهد عن عائشة مرسل . و قد أخرج البخاري و مسلم في صحيحيهما من حديث مجاهد عن عائشة أحاديث ، و فيها ما هو ظاهر في سماعه منها ، و في إسناده يزيد بن أبي زياد ، و قد تكلم فيه غير واحد ، و أخرج له مسلم في جماعة غير محتج به ) . ا هـ . و قال ابن حجر في " الدراية في تخريج أحاديث الهداية " 2 / 32 : ( و في إسناده يزيد بن أبي زياد : ضعيف وقد قال فيه مرة عن مجاهد , عن عائشة , و مرة عن أم سلمة , كذا في الدارقطني , و الطبراني ) . و قال أيضا في " تلخيص الحبير" 2 / 272 : ( و أخرجه ابن خزيمة ، و قال : " في القلب من يزيد بن أبي زياد ". و لكن ورد من وجه آخر , ثم أخرج من طريق فاطمة بنت المنذر , عن أسماء بنت أبي بكر , و هي جدتها نحوه . و صححه الحاكم ) . انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 40 . و الحديث أخرجه البخاري ( 372 ) في الصلاة , باب : في كم تصلي المرأة من الثياب , و ( 578 ) في مواقيت الصلاة , باب : وقت صلاة الفجر , و ( 867 ) في الأذان , باب : انتظار الناس قيام الإمام العالم , و ( 872 ) في الأذان ، باب : سرعة انصراف الناس من الصبح ، و مسلم في المساجد , ( 645 ) (232 ) في المساجد , باب : استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها و هو التغليس و بيان قدر القراءة فيها . 2 ابن هشام هو : عبد الملك بن هشام بن أيوب أبو محمد الذهلي السدوسي الحميري المعافري ، البصري , العلامة النحوي الإخباري , ولد بالبصرة ، ثم رحل إلى مصر ، و أقام بها ، هذب السيرة النبوية لابن إسحاق و له مصنف في أنساب حمير و ملوكها , و كان علامة أهل مصر بالعربية و الشعر , توفي سنة 218 هـ / 899 م . انظر ترجمته في : وفيات الأعيان 3 / 177 , و سير أعلام النبلاء 10 / 428 ، و الوافي بالوفيات 6 / 26 ، و البداية و النهاية 10 / 281 ، و بغية الوعاة 2 / 115 . 3 أبو عون ، هو : الدوسي ، المدني ، مولى المسور بن مخرمة الزهري t ، روى عن المسور بن مخرمة ، و رأى ابن الزبير t ، روى عنه ابنه شراحبيل ، و عبد الله بن جعفر المخرمي . = = انظر : ترجمته في : تعجيل المنفعة , ص : 509 . 1 انظر : غطاء الوجه بين الوجوب و الاستحباب ، لسنايد زعيمو فيتش ، ص : 35 ، 36 . و الأثر إسناده ضعيف : أخرجه ابن هشام في " سيرته " 3 / 5 ، قال : و ذكر عبد الله بن جعفر بن المسور بن مخرمة ، عن أبي عون – فذكره . قلت : و إسناده ضعيف ، للإرسال ، فإن أبا عون تابعي ، و لم يرو عنه سوى ابنه شراحبيل ، و عبد الله بن جعفر ، و لم يرد فيه جرح و لا تعديل . انظر : التعليق السابق . أما عبد الله بن جعفر : فليس به بأس ، كما في " التقريب " ( 3252 ) . 1 و هذا متواتر معروف ، و جاءت فيه نصوص ؛ منها حديث أنس بن مالك t : ( أن رسول الله صلى بهم ، قال أنس t : فصففت أنا و اليتيم وراءه ، و المرأة خلفنا ) . أخرجه البخاري ( 373 ) في الصلاة ، باب : الصلاة على الحصير ، و ( 833 ) في الجماعة و الإمامة ، باب : صلاة النساء خلف الرجال ، و مسلم ( 266 ) في المساجد ، باب : جواز الجماعة في النافلة . انظر " فتح الباري " 2 / 351 . و منها حديث ابن عباس t قال : (( صليت إلى جنب النبي ، و عائشة خلفنا تصلي معنا ، و أنا جنب النبي أصلي معه )) . = = أخرجه النسائي 2 / 86 في الإمامة ، باب : موقف الإمام إذا كان معه صبي و امرأة ، و أحمد في " المسند " 1 / 302 ، و صححه ابن خزيمة ( 1537 ) ، و ابن حبان ( 2204 ) . 1 حديث صحيح ، أخرجه البخاري و مسلم : سبق تخريجه . 2 لفظه : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) : أخرجه البخاري ( 900 ) في الجمعة ، باب : هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء و .. ، و مسلم ( 136 ) في الصلاة ، باب : خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة ، و أنها لا تخرج مطيبة من حديث عبد الله بن عمر t . أما لفظ : ( و بيوتهن خير لهن ) : فأخرجه أبو داود ( 565 ) في الصلاة ، باب : ما جاء في خروج النساء إلى المسجد ، و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1684 ) ، و الحاكم 1 / 327 ، و البيهقي في " السنن الكبرى " 3 / 131 من طريق العوام بن حوشب ، حدثني حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر t أيضاً مرفوعاً ، و لفظه بتمامه : (( لا تمنعوا نسائكم المساجد ، و بيوتهن خير لهن )) . قال الحاكم : ( حديث صحيح على شرط الشيخين ، فقد احتجا بالعوام بن حوشب ، و قد سمع حبيب من ابن عمر t ، و لم يخرجا فيه الزيادة : و بيوتهن خير لهن ) . قلت : نعم رجاله كلهم ثقات ، لكن حبيب بن أبي ثابت كثير الإرسال و التدليس كما قال ابن حجر في " التقريب " ( 1084 ) ، و قد عنعن ، و لم يصرح بالسماع . قال ابن خزيمة : ( إن ثبت الخبر ؛ فإني لا أقف على سماع حبيب بن أبي ثابت هذا الخبر من ابن عمر ) . قلت : لكن يصح الحديث بشواهده و التي منها : • حديث أم سلمة رضي الله عنها ، و لفظه : ( خير مساجد النساء قعر بيوتهن ) . أخرجه أحمد في " المسند "6 / 297 ، و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1683 ) ، و الحاكم في " المستدرك "1 / 327 ، و البيهقي في " السنن الكبرى " 3 / 131 و القضاعي في " مسند الشهاب " ( 1252 ) من طرق عمرو بن الحارث ، أن دراج أبا السمح حدثه ، عن السائب مولى أم سلمة ، عن أم سلمة مرفوعاً به . و إسناده حسن في الشواهد أيضا ؛ رمز له السيوطي في " الجامع " ( 4087 ) بالحسن . وقال المناوي في " الفيض " 3 / 655 : ( قال في المهذب : إسناده صويلح ، و قال: الديلمي: صحيح). = = قلت : رجال إسناده : عمرو بن الحارث ثقة فقيه حافظ ، كما في " التقريب " ( 5004 ) ، و تابعه ابن لهيعة عن دراج به ، عند أحمد 6/ 301 ، و أبو يعلى في " مسنده " ( 7025 ) ، و الطبراني في " الكبير " 23 / 313 . و دراج أبو السمح : قال فيه ابن حجر في " التقريب " ( 1824 ) : ( صدوق ، في حديثه عن أبي الهيثم ضعف ) . قلت : و هذا ليس منها . أما السائب مولى أم سلمة ، فهو تابعي انفرد ابن حبان بتوثيقه ، و قال ابن خزيمة : ( لا أعرف السائب مولى أم سلمة بعدالة و لا جرح ) . انظر : تعجيل المنفعة ص 145 . • و له شاهد من حديث من حديث أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي بنحوه : أخرجه أحمد 6 / 371 ، و صححه ابن خزيمة ( 1689 ) ، و ابن حبان ( 2217 ) . قال الهيثمي في " المجمع " 2 / 33 – 34 : ( رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح ، غير عبد الله بن سويد الأنصاري ، وثقه ابن حبان ) . و للوقوف على باقي شواهده و طرقه انظر : التمهيد لابن عبد البر 23 / 396 – 407 ، فتح الوهاب بتخريج أحاديث الشهاب لأحمد الغماري 2 / 287 ( 766 ) . 1 صفية رضي الله عنها ، هي : أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب ، من سبط اللاوي بن نبي الله إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ، ثم من ذرية رسول الله هارون عليه السلام ، تزوجها قبل إسلامها سلام بن أبي الحقيق ، ثم خلف عليها كنانة بن أبي الحقبق ، و كانا من شعراء اليهود ، فقتل كنانة يوم خيبر عنها ، و سبيت ، و صارت في سهم دحية الكلبي ، فقيل للنبي r عنها ؛ و أنها لا ينبغي أن تكون إلا لك ، فأخذها من دحية ، و عوضه عنها سبعة أرؤوس ، فلما طهرت تزوجها ، و جعل عتقها صداقها ، و كانت شريفة عاقلة ، ذات حسب و جمال و دين و حلم و وقار ، توفيت 36 هـ / 656 م ، و قيل : 50 هـ / 670 م . انظر ترجمتها في : طبقات ابن سعد 8 / 120 – 129 ، أسد الغابة 7 / 169 ، سير أعلام النبلاء 2 / 231 تهذيب التهذيب 12 / 429 . 2 الحديث : أخرجه البخاري ( 2035 و 2038 و 2039 ) في الاعتكاف ، باب : هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد ، و باب : هل يدرأ المعتكف عن نفسه ، و ( 3101 ) في فرض الخمس ، باب : ما جاء في بيوت أزواج النبي r ، و ( 3281 ) في بدء الخلق ، باب : صفة إبليس و جنوده ، و ( 6219 ) في الأدب ، باب : التكبير و التسبيح عند التعجب ، و ( 7171 ) في الأحكام ، باب : الشهادة تكون عند الحاكم في و لاية القضاء أو قبل ذلك للخصم ، و مسلم ( 2175 ) في السلام ، باب : بيان أنه يستحب لمن رؤي خاليا بامرأة و كانت زوجه أو محرما له أن يقول : هذه فلانة ، ليدفع عنه ظن السوء به . و لفظ الحديث : = = عن صفية بنت حيي ، قالت : ((كان النبي r معتكفا ، فأتيته أزوره ليلا ، فحدثته ، ثم قمت لأنقلب ، فقام معي ليقلبني ، و كان مسكنها في دار أسامة بن زيد ، فمر رجلان من الأنصار ، فلما رأيا النبي r أسرعا ، فقال النبي r : " على رسلكما ، إنها صفية بنت حيي " ، فقالا : سبحان الله ! يا رسول الله ! قال : " إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، و إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا " أو قال : " شيئا " )).
وكتبه الأستاذ الدكتور
أحمد عبد الكريم نجيب أستاذ الحديث النبوي و علومه في كلّية الدراسات الإسلاميّة بسراييفو ، و الأكاديميّة الإسلاميّة في زينتسا و مدرّس العلوم الشرعيّة في معهد قطر الديني سابقاً. |
|