قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
أولاً: الضربة الجوية الإسرائيلية الشاملة: (أُنظر شكل الضربات الجوية الإسرائيلية)
عندما سئل الجنرال "موردخاي هود" قائد القوات الجوية الإسرائيلية، كيف حقق هذا النصر؟ كان رده لقد أنفقنا عصارة ستة عشر عاما من الإعداد والتخطيط، وفى هذه السنوات كنا نعيش مع الخطة وننام مع الخطة، ونتغذى بالخطة التي هضمناها تماما.
وكانت معلومات مخابراتنا عن تحركات طيران العدو ونشاطه، وعن أماكـن قواعده وعن التفاصيل الدقيقة حولها، وعن أماكن وجود طائراته وأجهزة الرادار والصواريخ، وكانت كل هذه المعلومات على درجة عالية من الامتياز .. وكانت إدارة العمليات بكفاءة وتطعيم الخطة بكل ما هو جديد وإبلاغ الطيار في الجو عن وجود أهداف جديدة، كل هذا لعب دورا حيويا في نجاح الخطة. كما كانت طريقة تنفيذ الطيارين للتعليمات هي الشرط الأساسي للنجاح .. وقد تدرب الطيارون على هذا النوع من الهجوم في صحراء النقب لمدة عدة أعوام طويلة.. وأنه في الساعة 8.45 من صباح الاثنين 5 يونيه، كانت كفاءة الطيران الإسرائيلي هي 99%".
تحديد توقيت بدء الضربة الجوية "من وجهة نظر إسرائيلية"
تم حساب التوقيت في رئاسة الأركان الإسرائيلية بحيث تحقق أقصى قدر من المفاجأة .. وكانت الحسابات نتيجة لرصد الروتين اليومي للقوات المصرية والإلمام التام بأسلوب الاستعداد القتالي، وفكر القادة المصريين، وقد كانت هناك أربعة أسباب رئيسية وراء اختيار إسرائيل للساعة السابعة والدقيقة 45 بتوقيت إسرائيل كموعد لبدء الهجوم "الثامنة وخمسة وأربعون دقيقة بتوقيت مصر":
أ. كانت حالة الاستعداد المصرية قد بلغت الذروة.
وكان من الصواب الافتراض بأن المصريين كانت لديهم منذ أن بدءوا في حشد قواتهم في سيناء عدة طائرات من طراز "ميج-21" تقف على أهبة الاستعداد في نهاية الممر في فجر كل صباح بحيث تكون على استعداد للتحليق في الجو في مدى خمس دقائق، كما كان من المحتمل أيضا أن لديهم دوريات تحلق في الجو وتتألف من طائرة أو طائرتين من طراز "ميج-21" في هذه الفترة من اليوم - وهي الفترة التي من المرجح فيها على الأغلب أن يقع هجوم العدو.
غير أنه رؤى أنه ليس من المرجح، إلى حد كبير، أن يستمر المصريون في هذه الحالة من الاستعداد إلى فترة غير محدودة، وبما أنه لم يقع أي هجوم خلال ساعتين أو ثلاث ساعات بعد الفجر، فمن المرجح أن المصريين كانوا يخففون من حالة استعدادهم ويطفئون بعض أجهزة الرادار لدواعي الصيانة. وقد شعر الإسرائيليون أنه من الصـواب الافتراض بأن المصريين كانوا يقللون من درجة استعدادهم في الساعة 0730 (0830 بتوقيت القاهرة).
ب. أن الهجمات الجوية تقع في أغلب الأحيان في الفجر
ولذلك كان لابـد على الطيارين أن يكونوا داخل طائراتهم قبل ثلاث ساعات على الأقل من تحليقهم في الجو، ومعنى هذا أنه كان لا بد عليهم أن يستيقظوا في حوالي منتصف الليل، أو لا يناموا على الإطلاق في تلك الليلة. وبتحديد الساعة 0745 لتوجيه الضربة الأولى، أصبح في استطاعة الطيارين الإسرائيليين أن يناموا حتى الساعة 0400 صباحا أو نحوها..
ج. في هذا الوقت من العام يوجد ضباب في الصباح فوق مناطق واسعة من النيل والدلتا وقناة السويس. وفي الساعة 0730 يكون هذا الضباب على وشك أن ينقشع.
وفي حوالي الساعة 0800 يكون الجو عادة صافيا لأقصى درجة، وتكون الرؤية واضحة إلى أقصى حد بسبب زاوية الشمس، ويكون الجو ساكنا إلى حد كبير، وهذه العوامل تعتبر على جانب كبير من الأهمية في حالة إلقاء القنابل وتصويبها بدقة على ممرات الطائرات.
د. الساعة 0745 (بتوقيت إسرائيل) تقابل الساعة 0845 بتوقيت مصر. فلماذا حدد الموعد في هذه الساعة، ولم يحدد في الساعة الثامنة أو الساعة الثامنة والربع؟.. إن المصريين يذهبون إلى مكاتبهم في الساعة التاسعة.
وتوجيه الضربة قبل هذا الموعد بخمس عشرة دقيقة معناه مفاجأة كبار الضباط وقادة السلاح الجوي وهم في طريقهم إلى مكاتبهم، ومفاجأة الطيارين وأفراد القوات الجوية وهم في طريقهم إلى أداء تدريباتهم وغير ذلك من الأعمال الأخرى.
وقد كان الجنرال "موردخاي هود"، قائد السلاح الجوي الإسرائيلي، في مركز قيادته عندما قامت آخر دورية من الدوريات التي كانت الطائرات المصرية تقوم بها في الساعات الأولى من الصباح بالتحليق في الجو، وأخذت تظهر على شاشات الرادار الإسرائيلية، ثم ضغط على ساعته الميقاتية، وكان يعرف بالضبط المدة التي يمكن للطائرة الميج أن تبقى أثناءها في الجو. وفي الساعة 0745 تكون الدورية قد استنفذت وقودها تقريبا وفي طريقها إلى الهبوط..
وكانت الأهداف الأولية هي جعل الممرات غير صالحة، وتدمير أكبر عدد ممكن من طائرات "الميج-21"، وطائرات "الميج-19" هي الطائرات المصرية التي كان باستطاعتها أن تمنع بطريقة فعالة السلاح الجوي الإسرائيلي من تحقيق هدفه الرئيسي، وهو تدمير قاذفات القنابل المصرية البعيدة المدى والتي تشكل تهديدا كبيرا للسكان المدنيين في إسرائيل. وقد تم تدمير ثمانية تشكيلات من طائرات "الميج-21" عندما كانت تربض في نهاية الممرات..
وقبل نشوب الحرب بيومين تمكن الإسرائيليون من أن يُحملوا المصريين على نقل 20 طائرة من طائرات الخطوط الأمامية (12 طائرة من طراز ميج-21، و8 طائرات من طراز ميج-19) من المنطقة المحيطة بالقاهرة والقناة، حيث تتمركز القواعد الجوية المصرية إلى الغردقة في الجنوب، حيث كانت بالفعل بعيدة عن الاشتراك في القتال.
وقد حقق الإسرائيليون ذلك بأن أرسلوا عدة دوريات استطلاع جوية كثيفة إلى الجنوب فوق خليج العقبة مما حمل المصريين على الاعتقاد بأن الإسرائيليين ربما يدبرون شن هجوم من اليسار حول الطرف الجنوبي لشبه جزيرة سيناء بدلا من الهجوم من اليمين من حول البحر المتوسط - مثلما حدث بالفعل.
وقد كانت هذه الطائرات، وهي في الغردقة بعيدة بالفعل عن المنطقة الرئيسية للنشاط الجوي الإسرائيلي. وقد توجهت هذه الطائرات الميج العشرون بعد وقوع الهجوم الإسرائيلي شمالا إلى القواعد القريبة من القناة حيث لم تجد أمامها أية ممرات للهبوط، ووقعت فريسة للسلاح الجوي الإسرائيلي. وكانت من الضحايا الجديدة للخديعة الإسرائيلية..
ثانياً: الضربة الجوية الإسرائيلية في اتجاه الجبهة المصرية (أُنظر شكل الضربة الجوية الإسرائيلية)
شملت الضربة الجوية على هجمتين رئيسيتين، وهجمات جوية منفصلة، واستهدفت المطارات والقواعد الجوية ومحطات الرادار وقواعد الصواريخ، والدفاع الجوي وأهداف أخرى.
وقد استخدمت إسرائيل في تلك الضربة.. لأول مرة في الشرق الأوسط - الإعاقة الإلكترونية على شبكات الرادار واللاسلكي المصريتين اعتبارا من الساعة 45ر8، قبل وصول الطائرات الإسرائيلية لأهدافها مباشرة.. ولم تستخدمها قبل ذلك، حتى لا تكون هناك إجراءات مصرية مضادة يتم بسببها اكتشاف الضربة الجوية الإسرائيلية.
1. الهجمة الجوية الإسرائيلية الأولى (أُنظر شكل تسلسل الضربة الجوية الأولى)
بدأت بإقلاع 183 طائرة إسرائيلية من قواعدها داخل إسرائيل (عكير - رامات دفيد - حاتسور - حتسريم) اعتبارا من الساعة 14ر8 صباحا.. واشترك في هذه الهجمة أفضل الطيارين الإسرائيليين والمتطوعين اليهود من الطيارين الذين انضموا إلى الجيش الإسرائيلي قبل الحرب. وقد تشكلت أسراب هذه الهجمة في خمسة موجات متتالية، كل موجة (الأربعة الأولى بالذات) تتكون من 40 طائرة، تهاجم 10 مطارات مصرية في وقت واحد وهي:
أ. 4 مطارات في سيناء
العريش ـ السر ـ تمادا ـ المليز (على أن لا تقصف ممرات مطار العريش، والذي خطط لاستخدامه بعد الاستيلاء عليه من القوات البرية).
ب. 3 مطارات في منطقة القناة
أبو صوير - فايد - كبريت.
ج. 3 مطارات في وسط الدلتا والوادي :
أنشاص - غرب القاهرة - بني سويف.
وبذلك فقد خصص لمهاجمة كل مطار أربعة طائرات، حددت توقيتات عملها بكل دقة (الوصول للهدف "22.5 دقيقة" ـ التحليق فوق الهدف 3 – 4 دورة "7.5 دقيقة" ـ زمن العودة "20 دقيقة" ـ زمن الهبوط "7.5 دقيقة" ـ الإجمالي "57.5 دقيقة". كما حسبت توقيتات تتابع الموجات بحيث يضرب الهدف 4 – 5 مرة، وتستمر الطائرات فوقه لمدة 40 – 50 دقيقة تقريبا (بما يعني أن الموجة تستمر فوق الهدف 7 دقيقة ثم تخلي الهدف لمدة 3 دقيقة لتبدأ الموجة الثانية عملها اعتبارا من "س +10 دقيقة" والموجة الثالثة تبدأ عملها من س +20، والرابعة س +30، والخامسة س +40) .. وهكذا.
وتحدد خط سير الضربة، بأن تتجه الطائرات غربا ثم شمالا وتطير على ارتفاع منخفض جدا فوق سطح البحر "30 قدماً"، وتحافظ على اتجاهات سيرها بواسطة منارات لاسلكية على سفن في عرض البحر.. وفي نقط محددة تتجه مجموعات الطائرات كل في اتجاه عملها.. على أن تحافظ على صمت اللاسلكي أثناء الطيران، وخصوصاً الموجات الأولى. وقد وصلت جميع الطائرات إلى أهدافها فيما بين الساعة 42ر08 - 45ر08 لمطارات سيناء وفيما بين الساعة 08.48 – 08.50 لمطارات القناة، وفيما بين الساعة 08.55 – 9.10 لمطارات الوادي.
2. الهجمة الجوية الإسرائيلية الثانية (أُنظر شكل تسلسل الضربة الجوية الأولى)
بدأت مباشرة بعد انتهاء الهجمة الأولى بدون فاصل زمني، بحيث وصلت طائرات الموجة الأولى إلى أهدافها الساعة 34ر9.. وتمت بنفس النظام السابق في تنفيذ الطلعات والموجات.. وكانت قيادة الطيران الإسرائيلي من المرونـة بحيث تمكنت من تعديل أهداف هذه الهجمة طبقا للنتائج التي تحققت في الهجمة الأولى.
ولم تكن هناك حاجة لصمت اللاسلكي نظرا لأن المفاجأة قد تحققت فعلا، وأن حجم التدمير في القوات الجوية المصرية كان كبيرا بحيث لا يشكل الباقي تهديدا للطيران الإسرائيلي. وقد اشتركت في هذه الهجمة 164 طائرة قامت باستكمال تدمير المطارات والطائرات المصرية بها.. وتدمير 13 محطة رادار ، علاوة على الأهداف الأخرى.
وبالحساب الزمني للضربة الجوية يتضح أنها استمرت لمدة أكثر من ساعتين بشكل متواصل فوق المطارات والأهداف المصرية.
3. الهجمات الجوية المنفصلة (أُنظر شكل تسلسل الضربة الجوية الأولى)
خططت بهدف استكمال تدمير باقي المطارات المصرية، والتدخل لمنع إصلاح المطارات المدمرة، وقصف محطات الرادار.. وقد استمرت هذه الهجمات طوال اليوم ومن خلال هجمات ليلية بهدف منع إصلاح المطارات، واستمرار تعطيلها.
4. الخسائر المصرية نتيجة الضربة الجوية
عندما توجه الفريق أول "صدقي محمود" حوالي الساعة الحادية عشرة صباح الخامس من يونيه إلى مركز قيادته في "الجيوشي" (بعد عودة طائرة المشير).. كان أول بلاغ أمامه هو "أن معظم القواعد والمطارات قد هوجمت، أو انتهى تدميرها والطائرات على الأرض، كما علم أنه فقد 80 % من قواته الجوية، ولم تبقى لديه سوى 30 مقاتلة "ميج 17، 21" وأن جميع القاذفات الثقيلة والخفيفة قد دمرت وكان هذا هو البلاغ المبدئي الذي يحدد الخسائر المصرية بعد أقل من ثلاث ساعات من بدء الحرب.
ثالثاً: الضربة الجوية الإسرائيلية على الجبهتين الأردنية والسورية: (أُنظر شكل خطة استخدام الطيران الإسرائيلي)
أعطى الأردن الذريعة لإسرائيل لكي تنفذ خطتها المأمولة ضده، فمع تصاعد أعمال القتال على الجبهة المصرية بدأت إذاعة الأردن في بث بيانات حماسية، حيث أذاع الملك حسين الساعة 27ر9 "أن ساعة الانتقام قد حانت" ثم بيان رئيس الوزراء "إننا نعيش اليوم أكثر ساعات حياتنا قدسية، ونخوض الآن سويا مع الجيوش العربية، معركة الشرف والبطولة ضد العدو المشترك، إن هذه الحرب التي انتظرناها سنين طوال ستغسل العار" وقد سبق هذا البيان بيانان الأول الساعة 9.11 "أن الأردن تعرض لهجوم العدو" والثاني نداء إلى الطيارين "نسور الأردن الأبطال .. انشروا أجنحتكم .. إن نهاية إسرائيل بين أيديكم .. اضربوا في كل مكان حتى النصر..".
وطبقا لمعاهدات الدفاع المشترك بين مصر، وكل من سورية، والأردن فقد جرت اتصالات لمحاولة تنفيذ خطط القصف الجوي على مطارات إسرائيل الشمالية .. ولكن هذا الطلب لم ينفذ بينما قامت الطائرات الأردنية منفردة بقصف مطار "ناثانيا" في إسرائيل وقاعدة الصواريخ الجوية الإسرائيلية في "كيفارسيكين".
وفي الساعة الثانية عشرة والنصف وجهت إسرائيل ضربتها الجوية ضد مطارات الأردن "المفرق - ومطار عمان العسكري" ـ وجميع مطارات سورية (5 مطارات) ـ وقاعدة الحبانية العراقية ويقول الجنرال "موردخاي هود" "أن الطيران الإسرائيلي قضى على الطيران الأردني والسوري في ظرف 25 دقيقة فقط".
وعندما انتصف النهار كانت الدول العربية الثلاث (مصر والأردن وسوريا) قد خسرت الجانب الأكبر من قوتها الجوية، وأصبحت سماءها مكشوفة أمام الطيران الإسرائيلي الذي يمكن من إحراز السيادة الجوية المطلقة، وأهدى النصر المبكر لأي قوات برية في ميدان القتال.
1. الطلعات الجوية التي نفذتها إسرائيل من 5 - 10 يونيه 1967 (أُنظر شكل توزيع المجهود الجوي الإسرائيلي)
الإجمالي 4338 طلعة جوية خصص منها 3260 طلعة في اتجاه الجبهة المصرية بنسبة 75.1% وقد قسمت هذه الطلعات على أيام القتال المختلفة كالآتي:
أ. يوم 5 يونيه الإجمالي 918 طلعة على الجبهة المصرية منها 695 طلعة بنسبة 75.5% ب. يوم 6 يونيه الإجمالي 790 طلعة على الجبهة المصرية منها 650 طلعة بنسبة 82.2%. ج. يوم 7 يونيه الإجمالي 750 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 470 طلعة بنسبة 62.6%. د. يوم 8 يونيه الإجمالي 585 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 530 طلعة بنسبة 90.6%. هـ. يوم 9 يونيه الإجمالي 705 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 475 طلعة بنسبة 64.8% و. يوم 10 يونيه الإجمالي 610 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 190 طلعة بنسبة 31.1%
2. أسلوب الطائرات الإسرائيلية في قصف الأهداف
كان للسلبية المطلقة في مجابهة الطيران الإسرائيلي أن أعطى الفرصة لتحقيق مهمته بحرية تامة والتحليق فوق المطارات واختيار أهدافه، لدرجة استخدامه للرشاشات في تدمير الطائرات العربية الرابضة في المطار "وهذا الأمر لا يتحقق إلا عندما لا تتواجد أي مقاومة على الإطلاق.. ويذكر "عيزرا وايزمان" في هذا المجال "إن هناك مثلا أمريكـا يقول (لو قمت بدورة واحدة حول الهدف فهذا شيء رائع) ..
ولكن طيارينا لم يذهبوا في مهمتهم لأداء ذلك فقط، فقد قام الطيارون الإسرائيليون بعدة دورات حول أهدافهم لتحقيق قدر أكبر من الدقة، ومن إنزال قدر أكبر من الخسائر في السلاح الجوي للعدو.
وقد استخدموا طريقة الانقضاض في إلقاء القنابل إلى حد كبير وبفاعلية شديدة، وهذا هو السبب في أننا لم نستخدم قاذفات إستراتيجية، فلم نكن نهتم بقذف المدنيين بالقنابل، وبالنسبة لتدمـير الممرات والطائرات كانت المقاتلات أكثر فاعلية" في نفس الوقت، استخدمت إسرائيل قنابل تدمير الممرات.. التي ذكر الملك حسين عنها: "إن الحفر التي نجمت عن قذف هذه القنابل كان عمقها يصل إلى متر أو مترين، وأن القنابل التي تنفجر في زمن لاحق لوقت إلقائها جعلت عملية إصلاح الممرات مستحيلة.
وقد انتظرنا حتى يهدأ الموقف، ولكن الطائرات الإسرائيلية كانت تتابع في أمواج متعاقبة، وقد كنا نظن أن الليل سيسمح لنا بالتحرك فوق الأرض ولكنهم كانوا يشعلون الحرائق ويحولون الظلام إلى نهار".
3. هل كانت هناك محاولات ـ ولو فردية ـ لاعتراض الطائرات الإسرائيلية؟
في مطار السر في سيناء، تمكن الرائد طيار خيري حسنين من الإقلاع بطائرته أثناء قصف العدو، واشتبك مع الطائرات الإسرائيلية في معركة خاسرة.
وفي مطار أبو صوير صعدت ستة طائرات ميج-21 واعترضت الموجة الثانية لطائرات العدو - وأسقطت طائرتين معاديتين.
في مطار الغردقة نفذت القوات الجوية إجراءات التصدي لموجات هجوم العدو، وتم إسقاط ثلاث طائرات للعدو.
كما قامت بعض الطائرات التي تم إصلاحها أو التي لم تدمر بالعديد من الطلعات في سيناء لتدمير قوات العدو ومساندة قواتنا (ولكن هذه المعاونة كانت قليلة ولا تتناسب مع حجم الطائرات وإمكانياتها في مواجهة سلاح الجو الإسرائيلي).
وفي الأردن قامت الطائرات الأردنية باعتراض طائرات العدو المغيرة، ولكن فارق القوتين كان كبيرا.
4. خسائر الطيران "من وجهة نظر إسرائيلية"
عقد الجنرال "موردخاي هود" قائد سلاح الطيران الإسرائيلي مؤتمرا صحفيا في الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة 5/6 يونيه (بعد 15 ساعة من الضربة الجوية) ليعلن نتيجة الضربة الجوية، ومدى النصر الذي أحرزته إسرائيل، وحدد "لقد دمرنا 411 طائرة على الأرض وبعضها خلال المعارك الجـوية، منها 309 طائرة مصرية، 60 طائرة سورية، 29 طائرة أردنية، 12 طائرة عراقية، وطائرة لبنانية واحدة من طراز هنتر، كما قمنا بتدمير 19 مطارا، 25 محطة رادار مصرية.. أما خسائر إسرائيل في 5 يونيه فكانت 19 طائرة (4 أورجان، 4 ميستير، 2 سوبر ميستير، 2 ميراج، طائرة فوتور، 4 فوجا ماستر) وخسائر الطيارين 19 طيارا، منهم 8 قتلى، 11 مفقود".
(وقد يكون الجنرال هود مبالغا بالنسبة للخسائر على الجبهة المصرية .. ولكن ماذا تفيد المبالغة مع حقيقة الموقف الذي أصبحت عليه فعلا القوات الجوية المصرية).
5. ولماذا كل هذه الخسائر في ذلك الوقت المحدود
يرجع المحللون أن نجاح الضربة الجوية الإسرائيلية بهذا الحجم يتوقف بنفس القدر إلى قصور في الجانب العربي .. بدءا من اللامبالاة في مسؤوليات القيادة التي جعلت القيادات المصرية بالكامل خارج مراكز قيادتها في توقيت بدء الضربة، وتقييد نيران الدفاع الجوي ومنع وجود مقاتلات في الجـو بسبب زيارة المشير للجبهة في هذا التوقيت القاتل. ويرجع إلى شلل فكر القيادة نتيجة للمفاجأة التي حققتها إسرائيل، كذلك استخدام وسائل الحرب الإلكترونية الحديثة في الشوشرة على شبكات الرادار واللاسلكي، وهو نوع جديد من الوسائل لم تتعود القوات العربية عليه من قبل ويرجع إلى فقدان التنسيق بين الجبهات العربية، ولنا أن نعيد التصور الذي سبق أن طرحه "اسحق رابين" فيما لو قام الطيران السوري والأردني بضرب مطارات إسرائيل، وطائراتها تهاجم مصر؟ ونضيف عليه ولو قام الطيران المصري في نفس الوقت باعتراض الطائرات الإسرائيلية بجدية وحسم..؟ أعتقد أن الحرب كانت ستنقلب رأسا على عقب، ويحدث لإسرائيل ما حدث لنا بالضبط .. بل أكثر لأن ذلك كان سيهدد وجودها من الأساس.
رابعاً: الموقف في القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية يوم 5 يونيه 1967 يعطي الفريق أول "محمد فوزي" رئيس أركان حرب القوات المسلحة في هذه المرحلة الصورة الحقيقية لما جرى في القيادة العامة صباح الخامس من يونيه، واستمر بعد ذلك لفترة ليست بالقصيرة.
"وصل المشير ومعه الفريق أول "صدقي محمود" قائد القوات الجوية والدفاع الجوي والفريق "أنور القاضي"، إلى مقر القيادة العامة بضاحية مدينة نصر حوالي الساعة 10.30 صباح يوم 5 يونيه حيث غادر الفريق "صدقي محمود القيادة" العامة إلى قيادته فورا. أصدر المشير الأوامر إليه بتنفيذ الخطة الجوية "فهد" وهي الخطة التي جهزت عقب التصديق على الخطة "قاهر" الدفاعية منذ 1966. ولكن، لم يتم تنفيذ هذا الأمر لعدم وجود أداة التنفيذ.
وفي حوالي الساعة 11 صباحا كلفني المشير بالاتصال بالقيادة السورية لإخطارها بالموقف، ومحاولة تنفيذ خطط القصف الجوي على مطارات إسرائيل الشمالية، وهي جزء من الخطط التي كنت قد نسقتها مع رئيس أركان الجيش السوري "اللواء أحمد سويدان".
اتصلت به لاسلكياً، وطلبت منه تنفيذ الخطة التعرضية "رشيد" لكنني لم أحصل على رد إيجابي، وكان كل ما نطق به هو جملة واحدة "نحاول سيدي" ثم علمت بعد ذلك أنه لم تصدر أية أوامر من الجانب السوري باتخاذ أي موقف مضاد أو تعرضي أو حتى تدخل في أي عمليات إطلاقاً ضد إسرائيل.
كما كان الفريق عبدالمنعم رياض في عمان قد طلب من القيادة السورية نفس طلبي قبل ساعة أو أكثر. إلا أن تصرف القيادة السورية كان سلبياً أيضاً.
بعد ظهر نفس اليوم حضر الرئيس "جمال عبدالناصر"، كما حضر أعضاء مجلس قيادة الثورة السابقون والفريق أول "علي علي عامر"، إلى مقر القيادة العامة، حيث جلس أعضاء مجلس قيادة الثورة صامتين في غرفة المشير يستمعون إلى البلاغات التي كان يحولها المقدم "علي شفيق صفوت" مدير مكتب المشير من غرفة عمليات قيادة القوات الجوية والدفاع الجوي إلى وسائل الإعلام المختلفة، وكانت كل البلاغات عن إسقاط أعداد كبيرة من طائرات العدو، وكلها بيانات كاذبة.
أما الرئيس "عبدالناصر" فقد جلس بجوار المشير الذي كان يدير المعركة ويتصل بالقادة سواء الموجودين في الميدان، أو في مركز عمليات القوات الجوية والدفاع الجوي والذي كان يبلغه شخصيا بعدد الطائرات الإسرائيلية التي دمرت. ولم تكن الأعداد بالطبع صحيحة.
كانت الاتصالات في ذلك اليوم مركزة مع قائد الجيش الميداني، الفريق "صلاح محسن" وقائد الجبهة الفريق أول "عبدالمحسن مرتجي" وقائد المحور الشمالي الذي كان العدو قد بدء يخترقه، وكان المتكلم من العريش دائما هو اللواء "نصر الديب" قائد المنطقة الإدارية.
حتى تلك اللحظة لم يكن قد ظهر شيء في الموقف العام بالنسبة للقوات البرية ونية العدو الحقيقية، فيما عدا قوات المحور الشمالي "شمال العريش" وقوات الفرقة السابعة مشاة ببروز رفح، "واللواء 11 مشاة".
كان التأثر باديا فقط على ضياع قواتنا الجوية، وكانت لغة التشجيع بالدفاع والتمسك بالأرض، هي الشعور السائد حتى الساعة السادسة مساءا. في تلك اللحظة غادر الرئيس "جمال عبدالناصر" مبنى القيادة، مشيرا إلى الجالسين بأفضلية ترك المشير يتفرغ لعمله، وإدارة المعركة، خاصة وأن الجالسين كلهم، لا يؤدون أي عمل أو مساعدة فعلية.
خلال الاتصالات التي تمت مع المشير من قوات سيناء تردد طلب واحد مشترك من الجميع وهو طلب المعاونة الجوية والغطاء الجوي.
كما علم المشير من الفريق "صلاح محسن" أنه ينوي دفع اللواء 14 المدرع ولواء مشاة، لوقف تقدم قوات العدو المتجهة إلى العريش، فأمر المشير الفريق أول "صدقي" بمحاولة جمع أعداد من الطيارين للاشتراك في معاونة قوات النطاق الدفاعي الأول صباح 6/6/1967.
وقد اعتزل المشير في غرفته ليلا في ذلك اليوم. ولم ينم أحد من الموجودين في مبنى القيادة العامة في تلك الليلة.
بدأت الاتصالات تقل من سيناء نتيجة خلل المواصلات، حيث تم قطع الخط المحوري الرئيسي مساء يوم 5/6/1967.
كما أن التداخل والتشويش على المحطات اللاسلكية الرئيسية تم صباح نفس اليوم كما ذكرت سابقا. استمر الاتصال بالعريش وكان المتكلم دائما هو اللواء "نصر الديب" قائد المنطقة الإدارية الذي حفظ الجميع اسمه من كثرة ما تردد أمامهم.
عاد الرئيس "عبدالناصر" إلى القيادة ومعه "شمس بدران"، ودخل على المشير في غرفته ثم خرج بعد حوالي 20 دقيقة فقط من دخوله حيث وجد المشير في حالة عصبية، بدت في احمرار وجهه بشدة، وقمت أنا بتوصيـل الرئيس إلى الباب الخارجي حيث قال لي: "إن حالة المشير لم تسمح حتى بالكلام أو المناقشة. كما أشار إلى أن الأخبار الواردة من الإذاعات الخارجية مزعجة".
ويلخص الرئيس "السادات" هذا الموقف أيضا عندما ذهبت للقيادة العامة صباح ذلك اليوم رأيت "عبدالناصر" يخرج من الصالون، ثم بدأ عامر يلقي اللوم كله على الأمريكان قائلا.. إن سلاح الطيران الأمريكي هو الذي ضربنا وليس إسرائيل، ورد عبدالناصر .. أنا لست مستعدا لتصديق هذا الكلام ولا لإصدار بيان رسمي بأن أمريكا هي التي اعتدت علينا..
إلا إذا أتيت لي بجناح طائرة واحدة عليها العلامة الأمريكية ولكنه بعد ذلك أدرك مدى الكارثة حيث تراجع وأصدر بيانا يتهم فيه أمريكا بالعدوان علينا.. وكان هدفه من ذلك تغطية الموقف سياسيا أمام الشعب.
ومن الأمور العجيبة التي حدثت يوم 5 يونيه المشئوم، أنه بمجرد هبوط طائرة عامر (بعد عودته للقاهرة) وإدراكه ما حدث.. أرسل في طلب السفير السوفيتي لكي يطلب منه وقف إطلاق النار بعد بدء الحرب بساعة واحدة.. وكان هذا هو سر وجود السفير السوفيتي في القيادة العامة صباح هذا اليوم".
ويمس السيد "عبداللطيف البغدادي" نفس الموقف من وجهة نظره ويقول "ذهبنا إلى مبنى القيادة العامة للجيش، وتقابلنا مع عبدالحكيم عامر، وسألناه عن الموقف، وكانت الساعة الواحدة بعد الظهر، فأخبرنا أننا أسقطنا للعدو حتى الآن 73 طائرة، وسألناه عن خسائرنا في الطائرات فلم يحدد لنا العدد، وإنما قال: أننا خسرنا أغلب طائراتنا وأثناء وجودنا معه، لاحظنا أن "صدقي محمود" قائد القوات الجوية كثير الاتصال به، وقال أن استمرار موجات غارات العدو على مطاراتنا يؤكد انه لابد وأن يكون هناك طائرات أخرى أمريكية وإنجليزية تقوم بمساعدة الطائرات الإسرائيلية، لأن العدو لا يملك هذا العدد من الطائرات.. فيطلب منه المشير "عبدالحكيم عامر" إحضار ما يثبت له ذلك.
وطلب "عبدالحكيم" تليفونيا "جمال عبدالناصر"، وأخبره أن عدد الطائرات المغيرة كثير جداً، وأكثر مما يملك العدو، وأن هناك طائرات أمريكية تغير على مطار الأقصر. ثم سأل "جمال .. عبدالحكيم" عن خسائرنا في الطائرات، لكن عبدالحكيم تهرب من الإجابة عليه، بحجة أن بيان الخسائر لم يصله بعد.. وبعد إلحاح من جمال نظر عبدالحكيم إلى كشف أمامه على المكتب وقال: المتبقي لدينا 47 طائرة منها 35 صالحة للاستعمال، والباقي في الإصلاح، ويمكن استخدامها بعد أن يتم تجهيزها".