قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
عداوة اليهود.. قبائلهم.. واسماؤهم قال ابن إسحاق: ونصبت عند ذلك أحبار يهود لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- العداوة، بغياً وحسداً وضغناً، لِمَا خَصَّ اللهُ تعالى به العرب من أخذه رسوله منهم، وانضاف إليهم رجال من الأوس والخزرج، ممن كان عسى على جاهليته، فكانوا أهل نفاق على دين آبائهم من الشرك والتكذيب بالبعث، إلا أن الإسلام قهرهم بظهوره واجتماع قومهم عليه، فظهروا بالإسلام، واتخذوه جُنَّة من القتل، ونافقوا في السر، وكان هواهم مع يهود، لتكذيبهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وجحودهم الإسلام.
وكانت أحبار يهود هم الذين يسألون رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ويتعنَّتونه، ويأتونه باللَّبس، ليُلبسوا الحق بالباطل، فكان القرآن ينزل فيهم فيما يسألون عنه، إلا قليلاً من المسائل في الحلال والحرام كان المسلمون يسألون عنها.
الأعداء من بني النضير منهم: حيي بن أخطب، وأخواه أبو ياسر بن أخطب، وجُدَيّ بن أخطب، وسلاَّم بن مشكم، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وسلاَّم بن أبي الحقيق، وأبو رافع الأعور، -وهو الذي قتله أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بخيبر- والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق، وعمرو بن جحَّاش، وكعب بن الأشرف، وهو من طيئ، ثم أحَدُ بني نبهان، وأمَّهُ من بني النضير، والحجاج بن عمرو، حليف كعب بن الأشرف، وكردم بن قيس، حليف كعب بن الأشرف، فهؤلاء من بني النضير.
من بني ثعلبة ومن بني ثعلبة بن الفِطْيَوْن: عبدالله بن صُوريا الأعور، ولم يكن بالحجاز في زمانه أحد أعلم بالتوراة منه؛ وابن صلوبا، ومخيريق، وكان حبرهم، أسلم.
من بني قينقاع ومن بني قينقاع: زيد بن اللَّصيت -ويُقال: ابن اللُّصيت- فيما قال ابن هشام - وسعد بن حنيف، ومحمود بن سيحان، وعُزيز بن أبي عزيز، وعبدالله بن صيف. قال ابن هشام: ويُقال: ابن ضيف.
قال ابن إسحاق: وسويد بن الحارث، ورفاعة بن قيس، وفِنحاص، وأشيع، ونعمان بن أضا، وبحري بن عمرو، وشأس بن عدي، وشأس بن قيس، وزيد بن الحارث، ونعمان بن عمرو، وسُكين بن أبي سكين، وعدي بن زيد، ونعمان بن أبي أوفى، أبو أنس، ومحمود بن دحية، ومالك بن صيف. قال ابن هشام: ويُقال: ابن ضيف.
قال ابن إسحاق: وكعب بن راشد، وعازر، ورافع بن أبي رافع، وخالد وأزار بن أبي أزار.قال ابن هشام: ويُقال: آزر بن آزر.
قال ابن إسحاق: ورافع بن حارثة، ورافع بن حريملة، ورافع بن خارجة، ومالك بن عوف، ورفاعة بن زيد بن التابوت، وعبدالله بن سلام بن الحارث، وكان حَبرْهم وأعلمهم، وكان اسمه الحصين، فلما أسلم سماه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عبدالله. فهؤلاء من بني قينقاع.
من بني قريظة ومن بني قريظة: الزبير بن باطا بن وهب، وعزّال بن شمويل، وكعب بن أسد، وهو صاحب عَقد بني قريظة الذي نُقض عام الأحزاب، وشمويل بن زيد، وجبل بن عمرو بن سكينة، والنحام بن زيد، وقردم بن كعب، ووهب بن زيد، ونافع بن أبي نافع، وأبو نافع، وعدي بن زيد، والحارث بن عوف، وكَرْدم بن زيد، وأسامة بن حبيب، ورافع بن رميلة، وجبل بن أبي قشير، ووهب بن يهوذا، فهؤلاء من بني قريظة.
من بني زريق ومن يهود بني زريق: لبيد بن أعصم، وهو الذي أخَّذ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عن نسائه.
من بني حارثة ومن يهود بني حارثة: كنانة بن صُوريا.
من بني عمرو ومن يهود بني عمرو بن عوف: قردم بن عمرو.
من بني النجار ومن يهود بني النجار: سلسلة بن برهام. فهؤلاء أحبار اليهود، أهل الشرور والعداوة لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأصحابه، وأصحاب المسألة، والنصب لأمر الإسلام الشرور ليُطفئوه، إلا ما كان من عبدالله بن سلام، ومُخيريق.
إسلام عبدالله بن سلام كيف أسلم؟ قال ابن إسحاق: وكان من حديث عبدالله بن سلام، كما حدثني بعض أهله عنه وعن إسلامه حين أسلم، وكان حبراً عالماً، قال: لَمَّا سمعتُ برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عرفت صفته واسمه وزمانه الذي كنا نتوكف له، فكنت مسراً لذلك، صامتاً عليه، حتى قدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، فلمَّا نزل بقباء، في بني عمرو بن عوف، أقبل رجل حتى أخبر بقدومه، وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها، وعمَّتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة، فلمَّا سمعت الخبر بقدوم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَبَّرْتُ؛ فقالت لي عمَّتي، حين سمعت تكبيري: خيبك الله، والله لو كنت سمعت بموسى بن عمران قادماً ما زدت، قال: فقلت لها: أي عمَّة، هو والله أخو موسى بن عمران، وعلى دينه، بُعِثَ بما بُعِثَ به. قال: فقالت: أي ابن أخي، أهو النبي الذي كنا نخبر أنه يبعث مع نفس الساعة؟ قال: فقلت لها: نعم. قال: فقالت: فذاك إذا. قال: ثم خرجت إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأسلمت، ثم رجعت إلى أهل بيتي، فأمرتهم فأسلموا.
تكذيب قومه له قال: وكتمت إسلامي من يهود، ثم جئت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقلت له: يا رسول الله، إن يهود قومٌ بُهتٌ، وإني أحِبُّ أن تُدخلني في بعض بيوتك، وتغيبني عنهم، ثم تسألهم عني، حتى يخبروك كيف أنا فيهم، قبل أن يعلموا بإسلامي، فإنهم إن علموا به بهتوني وعابوني. قال: فأدخلني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في بعض بيوته، ودخلوا عليه، فكلموه وساءلوه، ثم قال لهم: أي رجل الحصين بن سلام فيكم؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا، وحبرنا وعالمنا. قال: فلما فرغوا من قولهم خرجت عليهم، فقلت لهم: يا معشر يهود، اتقوا الله واقبلوا ما جاءكم به، فو الله إنكم لتعلمون إنه لرسول الله، تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة باسمه وصفته، فإني أشهد أنه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وأومن به وأصدِّقه وأعرفه، فقالوا: كذبت ثم وقعوا بي. قال: فقلت لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ألم أخبرك يا رسول الله أنهم قومٌ بُهتٌ، أهل غدر وكذب وفجور! قال: فأظهرت إسلامي وإسلام أهل بيتي، وأسلمت عمَّتي خالدة بنت الحارث، فحسن إسلامها.
من حديث مُخيريق قال ابن إسحاق: وكان من حديث مُخيريق، وكان حبراً عالماً، وكان رجلاً غنياً كثير الأموال من النخل، وكان يعرف رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بصفته، وما يجد في علمه، وغلب عليه إلف دينه، فلم يزل على ذلك، حتى إذا كان يوم أحد، وكان يوم أحد يوم السبت، قال: يا معشر يهود، والله إنكم لتعلمون أن نصر مُحَمَّد عليكم لحق. قالوا: إن اليوم يوم السبت؛ قال: لا سبت لكم. ثم أخذ سلاحه فخرج حتى أتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بأحُدٍ، وعهد إليه من وراءه من قومه: إن قتلت هذا اليوم، فأموالي لمُحَمَّد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يصنع فيها ما أراه الله. فلمَّا اقتتل الناس قاتل حتى قُتِلَ. فكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- -فيما بلغني- يقول: مُخيريق خير يهود. وقَبَضَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أموالهُ، فعامة صدقات رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بالمدينة منها.
حديث صفية بنت حيي قال ابن إسحاق: وحدثني عبدالله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم قال: حدثت عن صفية بنت حيي بن أخطب أنها قالت: كنت أحب ولد أبي إليه، وإلى عمي أبي ياسر، لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه. قالت: فلما قدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، ونزل قباء، في بني عمرو بن عوف، غدا عليه أبي، حيي بن أخطب، وعمي أبو ياسر بن أخطب، مغلسين. قالت: فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس. قالت: فأتيا كالَّين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى. قالت: فهششت إليهما كما كنت أصنع، فو الله ما التفت إليَّ واحدٌ منهما، مع ما بهما من الغم. قالت: وسمعت عمي أبا ياسر، وهو يقول لأبي حيي بن أخطب: أهو هو؟ قال: نعم والله؛ قال: أتعرفه وتثبته؟ قال: نعم؛ قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت.
مَنْ اجتمع إلى يهود من مُنافقي الأنصار بالمدينة من بني عمرو قال ابن إسحاق: وكان ممن انضاف إلى يهود، مِمَّنْ سُمِّيَ لنا من المنافقين من الأوس والخزرج، والله أعلم.
من الأوس ثم من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، ثم من بني لوذان بن عمرو بن عوف: زُوَيّ بن الحارث.
من بني حبيب ومن بني حُبيب بن عمرو بن عوف: جُلاس بن سويد بن الصامت، وأخوه الحارث بن سويد.
شيء عن جلاس وجلاس الذي قال -وكان مِمَّنْ تخلّف عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في غزوة تبوك- لئن كان هذا الرجل صادقاً لنحن شَرٌ من الحُمُر. فرُفع ذلك من قوله إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عمير بن سعد، أحدهم، وكان في حجر جلاس، خَلَف جلاس على أمه بعد أبيه، فقال له عمير بن سعد: والله يا جلاس، إنك لأحب الناس إليَّ، وأحسنهم عندي يداً، وأعزهم علي أن يصيبه شيء يكرهه، ولقد قلت مقالة لئن رفعتُها عليك لأفضحنك، ولئن صمتُّ عليها ليهلكن ديني، ولإحداهما أيسر عليَّ من الأخرى. ثم مشى إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فذكر له ما قال جلاس، فحلف جلاس بالله لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: لقد كذب عليَّ عمير، وما قلت ما قال عمير بن سعد.
فأنزل الله عز وجل فيه: ((يحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكُفر وكفروا بعد إسلامهم، وهمُّوا بما لم ينالوا، وما نقمُوا إلا أن أغناهمُ اللهُ ورسولهُ من فضلهِ، فإن يتوبوا يَكُ خيرًا لهم، وإن يتوَلّوْا يُعذبهم اللهُ عذابًا أليمًا في الدُّنْيَا والآخرة، وما لهم في الأرض من وليٍ ولا نصير)). قال ابن هشام: الأليم: الموجع.
قال ذو الرمة يصف إبلاً: وترفع من صدور شمردلات يصك وجوههـا وهـج ألـيمُ وهذا البيت في قصيدة له.
قال ابن إسحاق: فزعموا أنه تاب فحسنت توبته، حتى عرف منه الخير والإسلام.
شيء عن الحارث بن سويد وأخوه الحارث بن سويد، الذي قتل المجذر بن زياد البلوي، وقيس بن زيد، أحد بني ضبيعة، يوم أحد. خرج مع المسلمين، وكان منافقاً، فلمَّا التقى الناس عدا عليهما، فقتلهما ثم لحق بقريش. قال ابن هشام: وكان المجذر بن زياد قتل سويد بن صامت في بعض الحروب التي كانت بين الأوس والخزرج، فلما كان يوم أحد طلب الحارث بن سويد غرة المجذر بن زياد، ليقتله بأبيه، فقتله وحده، وسمعت غير واحد من أهل العلم يقول: والدليل على أنه لم يقتل قيس بن زيد، أن ابن إسحاق لم يذكره في قتلى أحد. قال ابن إسحاق: قتل سويد بن صامت معاذ بن عفراء غيلة، في غير حرب، رماه بسهم فقتله قبل يوم بعاث.
قال ابن إسحاق: وكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، -فيما يذكرون- قد أمر عمر بن الخطاب بقتله إن هو ظفر به، ففاته، فكان بمكة، ثم بعث إلى أخيه جلاس يطلب التوبة، ليرجع إلى قومه.
فأنزل الله تبارك وتعالى فيه -فيما بلغني عن ابن عباس-: (كيف يهدي اللهُ قومًا كَفَرُوا بعد إيمانهم وشَهِدُوا أنَّ الرَّسُولَ حَقٌ وجَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ، واللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِين)... إلى آخر القصة.
من بني ضبيعة ومن بني ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف: بجَاد ابن عثمان بن عامر.
من بني لوذان ومن بني لوذان بن عمرو بن عوف: نبتل بن الحارث، وهو الذي قال له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، -فيما بلغني-: من أحب أن ينظر إلى الشيطان، فلينظر إلى نبتل بن الحارث، وكان رجلاً جسيماً أذلم، ثائر شعر الرأس، أحمر العينين، أسفع الخدين، وكان يأتي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يتحدَّث إليه فيسمع منه، ثم ينقل حديثه إلى المنافقين؛ وهو الذي قال: إنما مُحَمَّد أُذُن، مَنْ حَدَّثَهُ شيئًا صَدَّقَهُ.
فأنزل الله عز وجل فيه: (ومنهمُ الذينَ يُؤذُون النَّبيَّ ويقولون هو أُذُن، قل أذُنُ خيرٍ لكم يُؤمنُ باللهِ ويُؤمنُ للمؤمنين ورحمةٌ للذين آمنوا منكم، والذين يُؤذُون رسولَ اللهِ لهم عذابٌ أليمٌ). قال ابن إسحاق: وحدثني بعض رجال بلعجلان أنه حدث: أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فقال له: إنه يجلس إليك رجل أذلم، ثائر شعر الرأس، أسفع الخدين أحمر العينين، كأنهما قدران من صفر، كبده أغلظ من كبد الحمار، ينقل حديثك إلى المنافقين، فاحذره.وكانت تلك صفة نبتل بن الحارث، فيما يذكرون.
من بني ضبيعة ومن بني ضبيعة: أبو حبيبة بن الأزعر، وكان ممن بنى مسجد الضرار، وثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، وهما اللذان عاهدا الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين، إلخ القصة.
ومعتب الذي قال يوم أحُدٍ: لو كان لنا من الأمر شيء ما قُتِلْنَا هَاهُنَا.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله: (وطائفةٌ قد أهمَّتهُم أنفسهم يظنُّونَ باللهِ غير الحَقِّ ظَنَّ الجاهليةِ يقولونَ لو كان لنا من الأمر شيءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا)... إلى آخر القصة. وهو الذي قال يوم الأحزاب: كان مُحَمَّد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط.
فأنزل الله تعالى عز وجل فيه: (وإذ يقولُ المُنافقون والذين في قلوبهم مرضٌ ما وعدنا اللهُ ورسولهُ إلا غُرُورًا). والحارث بن حاطب.
معتب وابنا حاطب بدريون وليسوا منافقين قال ابن هشام: معتب بن قشير، وثعلبة والحارث ابنا حاطب، وهم من بني أمية بن زيد من أهل بدر وليسوا من المنافقين فيما ذكر لي من أثق به من أهل العلم، وقد نسب ابن إسحاق ثعلبة والحارث في بني أمية بن زيد في أسماء أهل بدر. قال ابن إسحاق: وعباد بن حنيف، أخو سهل بن حنيف؛ وبحزج، وهم ممن كان بنى مسجد الضرار، وعمرو بن خذام، وعبدالله بن نبتل.
من بني ثعلبة ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف: جارية بن عامر بن العطاف، وابناه: زيد ومجمِّع، ابنا جارية، وهم ممن اتخذ مسجد الضرار. وكان مجمع غلاماً حدثاً قد جمع من القرآن أكثره، وكان يُصلّي بهم فيه، ثم إنه لَمَّا أخرب المسجد، وذهب رجال من بني عمرو بن عوف، كانوا يُصلّون ببني عمرو بن عوف في مسجدهم، وكان زمان عمر بن الخطاب، كُلِّم في مجمع ليُصلّي بهم؛ فقال: لا، أو ليس بإمام المنافقين في مسجد الضرار؟ فقال لعمر: يا أمير المؤمنين، والله الذي لا إله إلا هو، ما علمتُ بشيءٍ من أمرهم، ولكني كنت غلاماً قارئاً للقرآن، وكانوا لا قرآن معهم، فقدَّمُوني أصلي بهم، وما أرى أمرهم، إلا على أحسن ما ذكروا. فزعموا أن عمر تركه فصلّى بقومه.
من بني أمية ومن بني أمية بن زيد بن مالك: وديعة بن ثابت، وهو ممن بنى مسجد الضرار، وهو الذي قال: إنما كنا نخوض ونلعب.
فأنزل الله تبارك وتعالى: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون)... إلى آخر القصة.
من بني عبيد ومن بني عبيد بن زيد بن مالك: خذام بن خالد، وهو الذي أخرج مسجد الضرار من داره؛ وبشر ورافع، ابنا زيد.
من بني النبيت ومن بني النبيت -قال ابن هشام: النبيت: عمرو بن مالك بن الأوس- قال ابن إسحاق: ثم من بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو ابن مالك بن الأوس: مربع بن قيظي، وهو الذي قال لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين أجاز في حائطه ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عامد إلى أحد: لا أحل لك يا مُحَمَّد، إن كنت نبيا، أن تمر في حائطي، وأخذ في يده حفنة من تراب، ثم قال: والله لو أعلم أني لا أصيب بهذا التراب غيرك لرميتك به، فابتدره القوم ليقتلوه، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: دعوه، فهذا الأعمى، أعمى القلب، أعمى البصيرة. فضربه سعد بن زيد، أخو بني عبد الأشهل بالقوس فشجه؛ وأخوه أوس بن قيظي، وهو الذي قال لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يوم الخندق: يا رسول الله، إن بيوتنا عورة، فأذن لنا فلنرجع إليها.
فأنزل الله تعالى فيه: (يقولون إن بيوتَنا عَوْرَةٌ وما هيَ بعورةٍ إن يُريدُونَ إلا فرارًا). قال ابن هشام: عورة، أي مُعْورة للعدو وضائعة؛ وجمعها: عورات.
قال النابغة الذبياني: متى تلقهم لا تلق للبيت عـورة ولا الجار محروما ولا الأمر ضائعا وهذا البيت في أبيات له. والعورة أيضاً: عورة الرجل، وهي حرمته. والعورة أيضاً: السوءة.
من بني ظفر قال ابن إسحاق: ومن بني ظفر، واسم ظفر: كعب بن الحارث بن الخزرج: حاطب بن أمية بن رافع، وكان شيخاً جسيماً قد عسا في جاهليته، وكان له ابن من خيار المسلمين. يُقال له: يزيد بن حاطب أُصيب يوم أحد حتى أثبتته الجراحات، فحمل إلى دار بني ظفر. قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه اجتمع إليه من بها من رجال المسلمين ونسائهم وهو بالموت، فجعلوا يقولون: أبشر يا ابن حاطب بالجنة. قال: فنجم نفاقه حينئذ، فجعل يقول أبوه: أجل جنة الله من حرمل، غررتم والله هذا المسكين من نفسه. قال ابن إسحاق: وبُشير بن أبيرق، وهو أبو طعمة، سارق الدرعين.
أنزل الله تعالى فيه: (ولا تُجَادِلْ عَن الذينَ يختانُون أنفسهُم، إنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أثيمًا). وقزمان: حليف لهم. قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كان يقول: إنه لمن أهل النار. فلما كان يوم أحد قاتل قتالا شديدا حتى قتل بضعة نفر من المشركين. فأثبتته الجراحات، فحمل إلى دار بني ظفر، فقال له رجال من المسلمين: أبشر يا قزمان، فقد أبليت اليوم، وقد أصابك ما ترى في الله. قال: بماذا أُبشر، فو الله ما قاتلت إلا حمية عن قومي؛ فلما اشتدت به جراحاته وآذته أخذ سهما من كنانته، فقطع به رواهش يده، فقتل نفسه.
من بني عبد الأشهل قال ابن إسحاق: ولم يكن في بني عبد الأشهل منافق ولا منافقة يعلم، إلا أن الضحاك بن ثابت، أحد بني كعب، رهط سعد بن زيد، وقد كان يُتَّهم بالنفاق وحب يهود.
قال حسَّان بن ثابت: من مبلغ الضحاك أن عروقه أعيت على الإسلام أن تتمجـدا أتحب يُهْدَان الحجاز ودينهـم كبد الحمار، ولا تحب مُحَمَّداً دينا لعمري لا يوافق دينـنـا ما استنَّ آل في الفضاء وخـودا
وكان جلاس بن سويد بن صامت قبل توبته -فيما بلغني- ومعتب بن قشير، ورافع بن زيد، وبشر، وكانوا يُدعون بالإسلام، فدعاهم رجال من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فدعوهم إلى الكهان، حكام أهل الجاهلية.
فأنزل الله عز وجل فيهم: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمِرُوا أن يكفروا به ويريدُ الشيطانُ أن يُضلّهم ضلالًا بعيدًا)... إلى آخر القصة.
من الخزرج ومن الخزرج، ثم من بني النجار: رافع بن وديعة، وزيد بن عمرو، وعمرو بن قيس، وقيس بن عمرو بن سهل.
من بني جشم ومن بني جشم بن الخزرج، ثم من بني سلمة: الجد بن قيس، وهو الذي يقول: يا مُحَمَّد، ائذن لي، ولا تفتني.
فأنزل الله تعالى فيه: (ومنهم من يقول ائذن لي، ولا تفتنِّي ألا في الفتنة سقطوا، وإنَّ جهنَّمَ لمحيطةٌ بالكافرين)... إلى آخر القصة.
من بني عوف ومن بني عوف بن الخزرج: عبدالله بن أبي بن سلول، وكان رأس المنافقين وإليه يجتمعون، وهو الذي قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل في غزوة بني المصطلق. وفي قوله ذلك، نزلت سورة المنافقين بأسرها. وفيه وفي وديعة -رجل من بني عوف- ومالك بن أبي قوقل، وسويد، وداعس، وهم من رهط عبدالله بن أبي بن سلول؛ وعبدالله بن أبي بن سلول. فهؤلاء النفر من قومه الذين كانوا يدسُّون إلى بني النضير حين حاصرهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: أن اثبتوا، فو الله لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا، وإن قوتلتم لننصرنكم.
فأنزل الله تعالى فيهم: (ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أُخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا، وإن قوتلتم لننصرنكم، والله يشهد إنهم لكاذبون). ثم القصة من السورة حتى انتهى إلى قوله: (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر، فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين).
المنافقون من أحبار اليهود قال ابن إسحاق: وكان ممن تعوَّذ بالإسلام، ودخل فيه مع المسلمين وأظهره وهو مُنافق، من أحبار يهود.
من بني قينقاع ومن بني قينقاع: سعد بن حنيف، وزيد بن اللُّصيت، ونعمان بن أوفى ابن عمرو، وعثمان بن أوفى، وزيد بن اللصيت، الذي قاتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسوق بني قينقاع، وهو الذي قال، حين ضلت ناقة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: يزعم مُحَمَّد أنه يأتيه خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته! فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وجاءه الخبر بما قال عدو الله في رحله، ودل الله تبارك وتعالى رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- على ناقته: إن قائلا قال: يزعم مُحَمَّد أنه يأتيه خبر السماء، ولا يدري أين ناقته؟ وإني والله ما أعلم إلا ما علمني الله، وقد دلني الله عليها، فهي في هذا الشعب، قد حبستها شجرة بزمامها، فذهب رجال من المسلمين، فوجدوها حيث قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وكما وصف. ورافع بن حريملة، وهو الذي قال له الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، -فيما بلغنا- حين مات: قد مات اليوم عظيم من عظماء المنافقين؛ ورفاعة بن زيد بن التابوت، وهو الذي قال له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين هبَّت عليه الريح، وهو قافل من غزوة بني المُصطلق، فاشتدَّت عليه حتى أشفق المسلمون منها؛ فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: لا تخافوا، فإنما هبَّت لموت عظيم من عظماء الكفار. فلما قدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، وجد رفاعة بن زيد ابن التابوت مات ذلك اليوم الذي هبَّت فيه الريح. وسلسلة بن برهام. وكنانة بن صُوريا.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: عداوة اليهود.. قبائلهم.. واسماؤهم الإثنين 04 أكتوبر 2021, 1:47 am
طرد المنافقين من مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان هؤلاء المنافقون يحضرون المسجد فيستمعون أحاديث المسلمين، ويسخرون ويستهزئون بدينهم، فاجتمع يوماً في المسجد منهم ناسٌ، فرآهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يتحدَّثون بينهم، خافضي أصواتهم، قد لصق بعضهم ببعض، فأمر بهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فأُخرجوا من المسجد إخراجاً عنيفاً، فقام أبو أيوب، خالد بن زيد بن كليب، إلى عمر بن قيس، أحد بني غنم بن مالك بن النجار -كان صاحب آلهتهم في الجاهلية- فأخذ برجله فسحبه، حتى أخرجه من المسجد، وهو يقول: أتخرجني يا أبا أيوب من مربد بني ثعلبة، ثم أقبل أبو أيوب أيضاً إلى رافع بن وديعة، أحد بني النجار فلبَّبه بردائه ثم نتره نتراً شديداً، ولطم وجهه، ثم أخرجه من المسجد، وأبو أيوب يقول له: أفٍّ لك مُنافقاً خبيثاً: أدراجَك يا مُنافق من مسجد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. قال ابن هشام: أي ارجع من الطريق التي جئت منها.
قال الشاعر: فولى وأدبر أدراجـه وقد باء بالظلم من كان ثَمّ
قام عمارة بن حزم إلى زيد بن عمرو، وكان رجلاً طويل اللحية، فأخذ بلحيته فقاده بها قوداً عنيفاً حتى أخرجه من المسجد، ثم جمع عمارة يديه فلدمه بهما في صدره لدمةً خَرَّ منها. يقول: خدشتني يا عمارة؛ قال: أبعدكَ اللهُ يا منافق، فما أعَدَّ اللهُ لك من العذاب أشَدَّ من ذلك، فلا تقربنَّ مسجد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. قال ابن هشام: اللدم: الضرم ببطن الكف.
قال تميم بن أبي بن مقبل: وللفؤاد وجيب تحت أبهره لدم الوليد وراء الغيب بالحجرِ قال ابن هشام: الغيب: ما انخفض من الأرض. والأبهر: عرق القلب.
قال ابن إسحاق: وقام أبو مُحَمَّد، رجل من بني النجار، كان بدرياً، وأبو مُحَمَّد، مسعود بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم ابن مالك بن النجار إلى قيس بن عمرو بن سهل، وكان قيس غلاماً شاباً، وكان لا يعلم في المنافقين شابٌ غيره، فجعل يدفع في قفاه حتى أخرجه من المسجد.
وقام رجل من بَلْخُدرة بن الخزرج، رهط أبي سعيد الخدري، يُقالُ له: عبدالله بن الحارث، حين أمر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بإخراج المنافقين من المسجد إلى رجل يُقالُ له: الحارث بن عمرو، وكان ذا جمَّة، فأخذ بجمَّته فسحبهُ بها سحباً عنيفاً، على ما مَرَّ به من الأرض، حتى أخرجه من المسجد. قال: يقول المنافق: لقد أغلظت يا ابن الحارث؛ فقال: إنك أهلٌ لذلك، أي عدو الله لِمَا أنزل اللهُ فيك، فلا تقربنَّ مسجد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فإنك نجس.
وقام رجل من بني عمرو بن عوف إلى أخيه زُوَيّ بن الحارث، فأخرجه من المسجد إخراجاً عنيفاً، وأفَّف منه، وقال: غلب عليك الشيطان وأمره. فهؤلاء مَنْ حضر المسجد يومئذ من المُنافقين، وأمر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بإخراجهم.
ما نزل من البقرة في يهود والمنافقين ما نزل في الأحبار ففي هؤلاء من أحبار يهود، والمنافقين من الأوس والخزرج، نزل صدر سورة البقرة إلى المئة منها -فيما بلغني- والله أعلم. يقول الله سبحانه وبحمده: ((الم ذلك الكتابُ لا ريب فيه)): أي لا شَكَّ فيه.
قال ابن هشام: قال ساعدة بن جؤية الهذلي: فقالوا عهدنا القوم قد حصروا به فلا ريب أن قد كـان ثـم لـحَـيمُ وهذا البيت في قصيدة له، والريب أيضاً: الريبة.
قال خالد بن زهير الهذلي: كأنني أربِبُه بريب قال ابن هشام: ومنهم من يرويه: كأنني أرَيْتُه بريب وهذا البيت في أبيات له. وهو ابن أخي أبي ذؤيب الهذلي. (هُدًى للمُتَّقين) أي الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى، ويرجون رحمته بالتصديق بما جاءهم منه. (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون): أي يقيمون الصلاة بفرضها، ويؤتون الزكاة احتسابًا لها. (والذين يُؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك): أي يصدقونك بما جئت به من الله عز وجل، وما جاء به من قبلك من المرسلين، لا يفرقون بينهم، ولا يجحدون ما جاءوهم به من ربهم. (وبالآخرة هم يُوقنون): أي بالبعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان، أي هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما كان من قبلك، وبما جاءك من ربك: (أولئك على هدًى من ربهم): أي على نور من ربهم واستقامة على ما جاءهم: (وأولئك هم المفلحون): أي الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا. (إن الذين كفروا): أي بما أنزل إليك، وإن قالوا إنا قد آمنا بما جاءنا قبلك: (سَوَاءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون): أي أنهم كفروا بما عندهم من ذكرك، وجحدوا ما أُخذ عليهم الميثاق لك، فقد كفروا بما جاءك وبما عندهم، مما جاءهم به غيرك، فكيف يستمعون منك إنذاراً أو تحذيراً، وقد كفروا بما عندهم من علمك. (ختم اللهُ على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةٌ): أي عن الهدى أن يصيبوه أبداً، يعني بما كذبوك به من الحق الذي جاءك من ربك حتى يؤمنوا به، وإن آمنوا بكل ما كان قبلك، ولهم بما هم عليه من خلافك عذاب عظيم. فهذا في الأحبار من يهود، فيما كذّبوا به من الحق بعد معرفته.
ما نزل في منافقي الأوس والخزرج (ومِنَ النَّاس مَن يقولُ آمنَّا باللهِ وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين): يعني المنافقين من الأوس والخزرج، ومَنْ كان على أمرهم. (يُخادعُون اللهَ والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون . في قلوبهم مرضٌ): أي شكٌ: (فزادهمُ اللهُ مرضًا): أي شكاً: (ولهم عذابٌ أليمٌ بما كانوا يكذبون . وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض، قالوا إنما نحن مصلحون): أي إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب.
يقول الله تعالى: (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون . وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناسُ، قالوا أنؤمنُ كما آمن السُّفهَاءُ، ألا إنهم هُمُ السُّفهَاءُ ولكن لا يعلمون . وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنَّا، وإذا خَلَوْا إلى شياطينهم): من يهود، الذين يأمرونهم بالتكذيب بالحق، وخلاف ما جاء به الرسول: (قالوا إنَّا مَعَكُم): أي إنَّا على مثل ما أنتم عليه. (إنما نحن مستهزؤون): أي إنما نستهزئ بالقوم، ونلعب بهم.
يقول الله عز وجل: (اللهُ يستهزئُ بهم ويمدُّهم في طغيانهم يعمهون).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: يعمهون: يحارون. تقول العرب: رجل عمه وعامه: أي حيران.
قال رؤبة بن العجاج يصف بلداً: أعمى الهدى بالجاهلين العُمَّه وهذا البيت في أرجوزة له. فالعُمَّه: جمع عامه؛ وأمَّا عَمِه، فجمعه: عمهون. والمرأة: عمهة وعمهاء. (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهُدى): أي الكفر بالإيمان: (فما ربحت تجارتهم وما كانوا مُهتدين): قال ابن إسحاق: ثم ضرب لهم مثلا، فقال تعالى: (مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلماتٍ لا يبصرون): أي لا يبصرون الحق ويقولون به حتى إذا خرجوا به من ظلمة الكفر أطفئوه بكفرهم به ونفاقهم فيه، فتركهم الله في ظلمات الكفر فهم لا يبصرون هدى، ولا يستقيمون على حق. (صُمٌ بُكْمٌ عُمْيٌ فهم لا يرجعون): أي لا يرجعون إلى الهدى، صم بكم عمي عن الخير، لا يرجعون إلى خير ولا يصيبون نجاة ما كانوا على ما هم عليه: (أو كصيبٍ من السَّماء فيه ظُلماتٌ ورعدٌ وبرقٌ يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصَّواعق حذر الموت، واللهُ محيطٌ بالكافرين): قال ابن هشام: الصيب: المطر، وهو من صاب يصوب، مثل قولهم: السيد، من ساد يسود، والميت: من مات يموت؛ وجمعه: صيائب.
قال علقمة بن عبدة، أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم: كأنهم صابت عليه سحابة صواعقها لطيرهن دبـيبُ
وفيها: فلا تعدلي بيني وبين مُغمَّر سقتك روايا المزن حيث تصوب وهذان البيتان في قصيدة له.
قال ابن إسحاق: أي هم من ظلمة ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل، من الذي هم عليه من الخلاف والتخوف لكم، على مثل ما وصف، من الذي هو في ظلمة الصيب، يجعل أصابعه في أذنيه من الصواعق حذر الموت. يقول: والله منزل ذلك بهم من النقمة، أي هو محيط بالكافرين: (يكاد البرق يخطف أبصارهم): أي لشدة ضوء الحق: (كلما أضاء لهم مشوا فيه، وإذا أظلم عليهم قاموا): أي يعرفون الحق ويتكلمون به، فهم من قولهم به على استقامة، فإذا ارتكسوا منه في الكفر قاموا متحيرين. (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم): أي لما تركوا من الحق بعد معرفته: (إن الله على كل شيءٍ قديرٍ). ثم قال: (يا أيها الناس اعبُدُوا رَبَّكُمُ): للفريقين جميعاً، من الكفار والمنافقين، أي وَحِّدُوا رَبَّكُمُ: (الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون . الذي جعل لكم الأرض فراشًا، والسَّماء بناءً، وأنزل من السَّماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقًا لَكُم، فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: الأنداد: الأمثال، واحدهم: ند.
قال لبيد بن ربيعة: أحمد الله فلا ندَّ لـه بيديه الخير ما شاء فعلْ وهذا البيت في قصيدة له.
قال ابن إسحاق: أي لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر، وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره، وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول من توحيده هو الحق لا شك فيه. (وإن كنتم في ريبٍ مِمَّا نزَّلنا على عبدنا): أي في شكٍ مِمَّا جاءكم به: (فأتوا بسورةٍ مِن مثله، وادعوا شُهداءكُم من دون الله): أي من استطعتم من أعوانكم على ما أنتم عليه: (إن كنتم صادقين، فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا): فقد تبين لكم الحق: (فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين): أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: عداوة اليهود.. قبائلهم.. واسماؤهم الإثنين 04 أكتوبر 2021, 7:33 am
ثم رغَّبهُم وحذرهم نقض الميثاق الذي أخذ عليهم لنبيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إذا جاءهم، وذكر لهم بدء خلقهم حين خلقهم، وشأن أبيهم آدم عليه السلام وأمره، وكيف صُنع به حين خالف عن طاعته، ثم قال: (يا بني إسرائيل): للأحبار من يهود: (اذكروا نعمتيَ التي أنعمتُ عليكم): أي بلائي عندكم وعند آبائكم، لما كان نجاهم به من فرعون وقومه: (وأوفوا بعهدي): الذي أخذت في أعناقكم لنبِيِّي أحمد إذا جاءكم: (أوف بعهدكم): أنجز لكم ما وعدتكم على تصديقه واتباعه بوضع ما كان عليكم من الآصار والأغلال التي كانت في أعناقكم بذنوبكم التي كانت من أحداثكم: (وإيَّايَ فارهبون): أي أن أُنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من النقمات التي قد عرفتم، من المسخ وغيره. (وآمنوا بما أنزلتُ مصدقًا لِمَا معكم، ولا تكونوا أول كافرٍ به): وعندكم من العلم فيه ما ليس عند غيركم: (وإيَّايَ فاتقون . ولا تلبسوا الحق بالباطل، وتكتموا الحق وأنتم تعلمون): أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي ومما جاء به، وأنتم تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم: (أتأمرون النَّاس بالبرِّ وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون): أي أتنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة وتتركون أنفسكم، أي وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي، وتنقضون ميثاقي، وتجحدون ما تعلمون من كتابي. ثم عدد عليهم أحداثهم، فذكر لهم العجل وما صنعوا فيه، وتوبته عليهم، وإقالته إياهم، ثم قولهم: (أرنَا اللهَ جَهْرَةً).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: جهرة، أي ظاهراً لنا لا شيء يسترهُ عَنَّا.
قال أبو الأخزر الحماني، واسمه قتيبة: يجهر أجواف المياه السَّدم وهذا البيت في أرجوزة له. يجهر: يقول: يُظهر الماء، ويكشف عنه ما يستره من الرمل وغيره.
قال ابن إسحاق: وأخذ الصَّاعقة إيَّاهم عند ذلك لغرتهم، ثم إحياءه إياهم بعد موتهم، وتظليله عليهم الغمام، وإنزاله عليهم المن والسلوى، وقوله لهم: (ادخلوا الباب سُجَّدًا وقولوا حطةٌ): أي قولوا ما آمركم به أحط به ذنوبكم عنكم؛ وتبديلهم ذلك من قوله استهزاء بأمره، وإقالته إيَّاهم ذلك بعد هزئهم.
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: المن: شيء كان يسقط في السحر على شجرهم، فيجتنونه حلوا مثل العسل، فيشربونه ويأكلونه.
قال أعشى بني قيس ابن ثعلبة: لو أُطعموا المن والسلوى مكانهمُ ما أبصر الناس طعما فيهم نجعـا وهذا البيت في قصيدة له. والسلوى: طير؛ واحدتها: سلواة؛ ويُقال: إنها السماني؛ ويُقال للعسل أيضاً: السلوى.
وقال خالد بن زهير الهذلي: وقاسمها بالله حقا لأنـتـمُ ألذ من السلوى إذا ما نَشُورها وهذا البيت في قصيدة له. وحِطَّة: أي حُطَّ عنا ذنوبنا.
قال ابن إسحاق: وكان من تبديلهم ذلك، كما حدثني صالح بن كيسان عن صالح مولى التَّوْأمة بنت أمية بن خلف، عن أبي هريرة ومن لا أتهم، عن ابن عباس، عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قال: دخلوا الباب الذي أُمِرُوا أن يدخلوا منه سُجَّدَاً يزحفون، وهم يقولون: حنط في شعير. قال ابن هشام: ويروى: حنطة في شعيرة. قال ابن إسحاق: واستسقاء موسى لقومه، وأمره إيَّاه أن يضرب بعصاه الحجر، فانفجرت لهم منه اثنتا عشرة عيناً، لكل سبط عين يشربون منها، قد علم كل سبط عينه التي منها يشرب؛ وقولهم لموسى عليه السلام: (لن نصبر على طعام واحد، فادع لنا ربك يخُرجْ لنا مِمَّا تُنبتُ الأرضُ من بقلها وقثائها وفومها). قال ابن هشام: الفُوم: الحنطة.
قال أمية بن أبي الصلت الثقفي: فوق شيزى مثل الجوابي عليها قِطَع كالوذيل في نِـقْـي فُـومِ
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: الوذيل: قطع الفضة. والفوم: القمح؛ واحدته: فومة. وهذا البيت في قصيدة له. (وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خيرٌ . اهبطوا مصرًا فإنَّ لكم ما سألتُم). قال ابن إسحاق: فلم يفعلوا، ورَفْعه الطور فوقهم ليأخذوا ما أوتوا؛ والمسخ الذي كان فيهم، إذ جعلهم قردة بأحداثهم، والبقرة التي أراهم الله عز وجل بها العبرة في القتيل الذي اختلفوا فيه، حتى بّيَّن اللهُ لهم أمره، بعد التردُّد على موسى عليه السلام في صفة البقرة؛ وقسوة قلوبهم بعد ذلك حتى كانت كالحجارة أو أشد قسوة. ثم قال تعالى: (وإنَّ من الحجارة لَمَا يتفجَّرُ منه الأنهار، وإنَّ منها لَمَا يشقَّق فيخرجُ منه الماءُ، وإنَّ منها لَمَا يهبطُ من خشيةِ اللهِ): أي وإن من الحجارة لَأَلين من قلوبكم عما تدعون إليه من الحق: (وما اللهُ بغافلٍ عمَّا تعملون). ثم قال لمُحَمَّد عليه الصلاة والسلام ولِمَن معه من المؤمنين يُؤْيسهم منهم: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريقٌ منهم يسمعون كلام الله ثم يُحَرِّفُونَهُ من بعد ما عقلوه وهم يعلمون): وليس قوله: (يسمعون التوراة): أن كلُهم قد سمعها، ولكنه فريق منهم، أي خاصة. قال ابن إسحاق، فيما بلغني عن بعض أهل العلم: قالوا لموسى: يا موسى، قد حيل بيننا وبين رؤية الله، فأسمعنا كلامه حين يُكلّمُكَ، فطلب ذلك موسى عليه السلام من ربه، فقال له: نعم، مُرْهُمْ فليطّهَرُوا، أو ليُطَهِّرُوا ثيابهم، وليصوموا، ففعلوا. ثم خرج بهم حتى أتى بهم الطور؛ فلما غشيهم الغمام أمرهم موسى فوقعوا سُجَّدَاً، وكلّمَهُ رَبُّهُ، فسمعوا كلامه تبارك وتعالى، يأمرهم وينهاهم، حتى عقلوا عنه ما سمعوا، ثم انصرف بهم إلى بني إسرائيل، فلمَّا جاءهم حرّف فريق منهم ما أمرهم به، وقالوا، حين قال موسى لبني إسرائيل: إن الله قد أمركم بكذا وكذا، قال ذلك الفريق الذي ذكر الله عز وجل: إنما قال كذا وكذا، خلافاً لما قال الله لهم، فهم الذين عنى اللهُ عز وجل لرسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. ثم قال تعالى: (وإذا لَقُوا الذين آمنُوا قالوا آمَنَّا): أي بصاحبكم رسول الله، ولكنه إليكم خاصة. (وإذا خلا بعضُهم إلى بعضٍ قالوا): لا تحدثوا العرب بهذا، فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم، فكان فيهم. فأنزل الله عز وجل فيهم: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون): أي تُقرون بأنه نبي، وقد عرفتم أنه قد أُخذ له الميثاق عليكم باتباعه، وهو يخبركم أنه النبي الذي كنا ننتظر ونجد في كتابنا؛ اجحدوه ولا تقروا لهم به. يقول الله عز وجل: (أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون، ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أمانيَّ).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام، عن أبي عبيدة: إلا أماني: إلا قراءة، لأن الأمي: الذي يقرأ ولا يكتب. يقول: لا يعلمون الكتاب إلا أنهم يقرءونه. قال ابن هشام: عن أبي عبيدة ويونس أنهما تأولا ذلك عن العرب في قول الله عز وجل، حدثني أبو عبيدة بذلك. قال ابن هشام: وحدثني يونس بن حبيب النحوي وأبو عبيدة: أن العرب تقول: تمنى، في معنى قرأ.
وفي كتاب الله تبارك وتعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رَسُولٍ ولا نبيٍّ إلا إذا تمنَّى ألقى الشَّيطانُ في أمنيَّته).
قال: وأنشدني أبو عبيدة النحوي: تمنى كتاب الله أول ليله وآخره وافى حِمام المقادرِ
وأنشدني أيضاً: تمنى كتاب الله في الليل خاليا تمنى داودَ الزبورَ على رِسْـلِ وواحدة الأماني: أمنية. والأماني أيضاً: أن يتمنى الرجل المال أو غيره. قال ابن إسحاق: قال الله عز وجل:
(وإن هم إلا يظنون): أي لا يعلمون الكتاب ولا يدرون ما فيه، وهم يجحدون نبوتك بالظن. (وقالوا لن تمسَّنا النارُ إلا أيامًا معدودةً، قل أتخذتُّم عند الله عهدًا فلن يُخلف اللهُ عهدهُ أم تقولون على الله ما لا تعلمون).
دعوى يهود قلة العذاب في الآخرة، ورد الله عليهم قال ابن إسحاق: وحدثني مولى لزيد بن ثابت عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، واليهود تقول: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما يُعذب الله الناس في النار بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة، وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب.
فأنزل الله في ذلك من قولهم: ((وقالو لن تمسَّنا النَّارُ الا أيَّامًا معدودةً . قُل أتَّخذتُم عند اللهِ عهدًا فلن يُخلِفَ اللهُ عهدهُ أم تقولون على الله ما لا تعلمون . بلى مَن كَسَبَ سيئةً وأحاطتْ به خطيئتُهُ)). أي من عمل بمثل أعمالكم، وكفر بمثل ما كفرتم به، يحيط كفره بما له عند الله من حسنة: (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون): أي خلد أبداً. (والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون): أي مَنْ آمن بما كفرتم به، وعمل بما تركتم من دينه، فلهم الجنة خالدين فيها، يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا، لا انقطاع له. قال ابن إسحاق: ثم قال الله عز وجل يؤنبهم: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل): أي ميثاقكم: (لا تعبدون إلا الله، وبالوالدين إحسانًا، وذي القربى واليتامى والمساكين، وقولوا للناس حُسْنًا، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، ثم توليتُم إلا قليلًا منكم وأنتم معرضون): أي تركتم ذلك كله ليس بالتنقص. (وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: تسفكون: تصبون. تقول العرب: سفك دمه، أي صبه؛ وسفك الزق، أي هراقه.
قال الشاعر: وكنا إذا ما الضيف حل بأرضنا سفكنا دماء البُدْن في تربة الحـالِ قال ابن هشام: يعني (بالحال): الطين الذي يخالطه الرمل، وهو الذي تقول له العرب: السهلة. وقد جاء في الحديث: أن جبريل لَمَّا قال فرعونُ: (آمنتُ أنَّهُ لا إله إلا الذي آمَنَتْ به بنُو إسرائيل): أخذ من حال البحر وحمأته، فضرب به وجه فرعون.والحال: مثل الحمأة. قال ابن إسحاق: وقال تعالى: (ولا تخُرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون): على أن هذا حق من ميثاقي عليكم: (ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم، وتخرجون فريقًا منكم من ديارهم، تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان): أي أهل الشرك، حتى يسفكوا دماءهم معهم، ويخرجوهم من ديارهم معهم. (وإن يأتوكم أسَارَى تُفادُوهُمْ): وقد عرفتم أن ذلك عليكم في دينكم: (وهو مُحَرَّمٌ عليكم): في كتابكم: (إخراجهم، أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض):
أي أتفادونهم مؤمنين بذلك، وتخرجونهم كفاراً بذلك. (فما جزاءُ مَنْ يفعل ذلك منكم إلا خزيٌ في الحياة الدنيا، ويوم القيامة يُردّون إلى أشَدِّ العذاب، وما اللهُ بغافلٍ عَمَّا تعملون . أولئك الذين اشترَوُا الحياة الدنيا بالآخرة، فلا يُخَفَّفُ عنهم العذابُ، ولا هُمْ يُنصَرُونَ). فأنَّبهم الله عز وجل بذلك من فعلهم، وقد حرّم عليهم في التوراة سفك دمائهم، وافترض عليهم فيها فداء أسراهم. فكانوا فريقين، منهم بنو قينقاع ولَفُّهم، حلفاء الخزرج؛ والنضير وقريظة ولَفُّهم، حلفاء الأوس. فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب، خرجت بنو قينقاع مع الخزرج وخرجت النضير وقريظة مع الأوس يُظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على إخوانه، حتى يتسافكوا دماءهم بينهم، وبأيديهم التوراة يعرفون فيها ما عليهم وما لهم، والأوس والخزرج أهل شركٍ يعبدون الأوثان: لا يعرفون جنة ولا ناراً، ولا بعثاً ولا قيامةً، ولا كتاباً، ولا حلالاً ولا حراماً، فإذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أُساراهم تصديقاً لِمَا في التوراة، وأخذ به بعضهم من بعض، يفتدي بنو قينقاع من كان من أسراهم في أيدي الأوس، وتفتدي النضير وقريظة ما في أيدي الخزرج منهم. ويُطِلُّون ما أصابوا من الدماء، وقتلى من قُتلوا منهم فيما بينهم، مظاهرة لأهل الشرك عليهم. يقول الله تعالى لهم حين أنَّبهم بذلك: (أفتُؤمنُون ببعض الكتاب وتكفُرُون ببعضٍ): أي تُفاديه بحكم التوراة وتقتله، وفي حكم التوراة أن لا تفعل، تقتله وتخرجه من داره وتظاهر عليه من يشرك بالله، ويعبد الأوثان من دونه، ابتغاء عرض الدنيا. ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج -فيما يلغني- نزلت هذه القصة. ثم قال تعالى: (ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل، وآتينا عيسى بن مريم البينات): أي الآيات التي وضعت على يديه، من إحياء الموتى، وخلقه من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وإبراء الأسقام، والخبر بكثير من الغيوب مما يدَّخرون في بيوتهم، وما رد عليم من التوراة مع الإنجيل، الذي أحدث الله إليه. ثم ذكر كفرهم بذلك كله، فقال: (أفكلما جاءكم رسولٌ بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم، ففريقًا كذبتم وفريقًا تقتلون):
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: عداوة اليهود.. قبائلهم.. واسماؤهم الإثنين 04 أكتوبر 2021, 7:45 am
ثم قال تعالى: (وقالوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ): أي في أكنة. يقول الله عز وجل: (بل لعنهم الله بكفرهم فقليلًا ما يؤمنون . ولَمَّا جاءهم كتابٌ من عند اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا معهم وكانوا من قبلُ يستفتحون على الذين كفروا، فلمَّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنةُ اللهِ على الكافرين). قال ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه، قال: قالوا: فينا والله وفيهم نزلت هذه القصة، كنا قد علوناهم ظهرا في الجاهلية ونحن أهل الشرك وهم أهل كتاب، فكانوا يقولون لنا: إن نبيا يبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه، نقتلكم معه قتل عاد وإرم. فلما بعث الله رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من قريش فاتبعناه كفروا به.
يقول الله: (فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، فلعنة الله على الكافرين . بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن يُنَزِّل الله من فضله على من يشاء من عباده): أي أن جعله في غيرهم: (فباءوا بغضب على غضب، وللكافرين عذاب مهين).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: فباءوا بغضب: أي اعترفوا به واحتملوه.
قال أعشى بني قيس بن ثعلبة: أُصالحكم حتى تبوؤا بمثلها كصرخة حُبْلى يسَّرتها قَبيلُهـا قال ابن هشام: يسرتها: أجلستها للولادة.
وهذا البيت في قصيدة له. قال ابن إسحاق: فالغضب على الغضب لغضبه عليهم فيما كانوا ضيَّعوا من التوراة، وهي معهم، وغضب بكفرهم بهذا النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الذي أحدث الله إليهم. ثم أنَّبهم برفع الطور عليهم، واتخاذهم العجل إلها دون ربهم؛ يقول الله تعالى لمُحَمَّد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس، فتمنَّوا الموت إن كنتم صادقين): أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب عند الله، فأبوا ذلك على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. يقول الله جل ثناؤه لنبيه عليه الصلاة والسلام: (ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم): أي بعلمهم بما عندهم من العلم بك، والكفر بذلك؛ فيُقال: لو تمنَّوه يوم قال ذلك لهم ما بقي على وجه الأرض يهودي إلا مات. ثم ذكر رغبتهم في الحياة الدنيا وطول العمر، فقال تعالى: (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة): هم اليهود: (ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يُعَمَّرُ ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر): أي ما هو بمنجيه من العذاب، وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت، فهو يحب طول الحياة، وأن اليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي بما ضيع مما عنده من العلم. ثم قال الله تعالى: (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله).
سؤال اليهود الرسول، وإجابته لهم عليه الصلاة والسلام قال ابن إسحاق: حدثني عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي حسين المكي، عن شهر بن حوشب الأشعري: أن نفرا من أحبار يهود جاءوا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقالوا: يا مُحَمَّد، أخبرنا عن أربع نسألك عنهن، فإن فعلت ذلك اتبعناك وصدقناك، وآمنا بك. قال: فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: عليكم بذلك عهدُ الله وميثاقه لئن أنا أخبرتكم بذلك لتصدقُنَّني؛ قالوا: نعم؛ قال: فاسألوا عما بدا لكم. قالوا: فأخبرْنا كيف يشبه الولد أمه، وإنما النطفة من الرجل؟ قال: فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل، هل تعلمون أن نطفة الرجل بيضاء غليظة، ونطفة المرأة صفراء رقيقة، فأيَّتهما علت صاحبتها كان لها الشبه؟ قالوا: اللهم نعم. قالوا: فأخبرنا كيف نومك؟ فقال: أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل، هل تعلمون أن نوم الذي تزعمون أني لست به تنام عينه وقلبه يقظان؟ فقالوا: اللهم نعم؛ قال: فكذلك نومي، تنام عيني وقلبي يقظان. قالوا: فأخبرنا عمَّا حَرَّم إسرائيلُ على نفسه؟ قال: أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل، هل تعلمون أنه كان أحب الطعام والشراب إليه ألبان الإبل ولحومها، وأنه اشتكى شكوى، فعافاه الله منها، فحرَّم على نفسه أحب الطعام والشراب إليه شكراً لله، فحرَّم على نفسه لحوم الإبل وألبانها؟ قالوا: اللهم نعم. قالوا: فأخبرنا عن الروح؟ قال: أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل، هل تعلمونه جبريل، وهو الذي يأتيني؟ قالوا: اللهم نعم، ولكنه يا مُحَمَّد لنا عدو، وهو ملك، إنما يأتي بالشدة وبسفك الدماء، ولولا ذلك لاتبعناك.
قال: فأنزل الله عز وجل فيهم: (قل من كان عدوًا لجبريل فإنه نزَّلهُ على قلبك بإذن الله مُصدقًا لما بين يديه وهُدىً وبُشرى للمؤمنين)... إلى قوله تعالى: (أوكلما عاهدوا عهدًا نبذهُ فريقٌ منهم، بل أكثرهم لا يؤمنون . ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون . واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان): أي السحر: (وما كفر سليمانُ ولكن الشياطينَ كفروا يُعَلّمُونَ الناسَ السِّحرَ).
اليهود ينكرون نبوة سليمان عليه السلام، ورد الله عليهم قال ابن إسحاق: وذلك أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، -فيما بلغني- لَمَّا ذَكَرَ سليمان بن داود في المُرسلين، قال بعض أحبارهم: ألا تعجبون من مُحَمَّدٍ، يزعم أن سليمان بن داود كان نبياً، والله ما كان إلا ساحراً.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم: (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا): أي باتباعهم السحر وعملهم به. (وما أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد).
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض من لا أتهم عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقول: الذي حَرَّمَ إسرائيلُ على نفسه زائدتا الكبد والكليتان والشحم، إلا ما كان على الظهر، فإن ذلك كان يُقرَّب للقربان، فتأكله النار.
كتابه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى يهود خيبر قال ابن إسحاق: وكتب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى يهود خيبر، فيما حدثني مولى لآل زيد بن ثابت، عن عكرمة أو عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس: بسم الله الرحمن الرحيم، من مُحَمَّد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، صاحب موسى وأخيه، والمصدق لما جاء به موسى: ألا إن الله قد قال لكم يا معشر أهل التوراة، وإنكم لتجدون ذلك في كتابكم: (مُحَمَّد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود، ذلك مثلهم في التوارة، ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه، يعجب الزُرَّاع ليغيظ بهم الكفار، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرًا عظيمًا). وإني أنشدكم بالله، وأنشدكم بما أنزل عليكم، وأنشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من أسباطكم المن والسلوى، وأنشدكم بالذي أيبس البحر لآبائكم حتى أنجاهم من فرعون وعمله، إلا أخبرتموني: هل تجدون فيما أنزل الله عليكم أن تؤمنوا بمُحَمَّد؟ فإن كنتم لا تجدون ذلك في كتابكم فلا كُرْه عليكم. (قد تبين الرشد من الغي): فأدعوكم إلى الله وإلى نبيه.
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: شطؤه: فراخه؛ وواحدته: شطأة. تقول العرب: قد أشطأ الزرع، إذا أخرج فراخه. وآزره: عاونه، فصار الذي قبله مثل الأمهات.
قال امرؤ القيس بن حجر الكندي: بمحنية قد آزر الضال نبتُها مجرَّ جيوش غانمين وخُـيَّبِ وهذا البيت في قصيدة له.
وقال حميد بن مالك الأرقط، أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة: زرعا وقضبا مُؤْزَرَ النباتِ وهذا البيت في أرجوزة له، وسوقه (غير مهموز): جمع ساق، لساق الشجرة.
ما نزل في أبي ياسر وأخيه قال ابن إسحاق: وكان ممن نزل فيه القرآن، بخاصة من الأحبار وكفار يهود، الذي كانوا يسألونه ويتعنتونه ليلبسوا الحق بالباطل -فيما ذكر لي عن عبدالله بن عباس وجابر بن عبدالله بن رئاب- أن أبا ياسر بن أخطب مَرَّ برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وهو يتلو فاتحة البقرة: (الم ذلك الكتاب لا ريب فيه): فأتى أخاه حُيي بن أخطب في رجال من يهود، فقال: تعلَّموا والله، لقد سمعت مُحَمَّداً يتلو فيما أنزل عليه: (الم ذلك الكتاب): فقالوا: أنت سمعته؟ فقال: نعم، فمشى حيي بن أخطب في أولئك النفر من يهود إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا له: يا مُحَمَّد، ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما أنزل إليك: (الم ذلك الكتاب)؟ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: بلى؛ قالوا: أجاءك بها جبريل من عند الله؟ فقال: نعم؛ قالوا: لقد بعث الله قبلك أنبياء، ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه، وما أكل أمته غيرك؛ فقال حيي بن أخطب، وأقبل على من معه، فقال لهم: الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، فهذه إحدى وسبعون سنة؛ أفتدخلون في دين إنما مدة مُلكه وأكل أمَّته إحدى وسبعون سنة؟ ثم أقبل على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال: يا مُحَمَّد، هل مع هذا غيره؟ قال: نعم؛ قال: ماذا؟ قال: (المص). قال: هذه والله أثقل وأطول، الألف واحدة واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، فهذه إحدى وستون ومئة سنة، هل مع هذا يا مُحَمَّد غيره؟ قال: نعم (الر). قال: هذه والله أثقل وأطول، الألف واحدة، واللام ثلاثون، والراء مئتان، فهذه إحدى وثلاثون ومئتان، هل مع هذا غيره يا مُحَمَّد؟ قال: نعم (المر). قال: هذه والله أثقل وأطول، الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والراء مئتان، فهذه إحدى وسبعون ومئتا سنة، ثم قال: لقد لُبِّس علينا أمرُك يا مُحَمَّد، حتى ما ندري أقليلاً أُعطيت أم كثيراً؟ ثم قاموا عنه؛ فقال أبو ياسر لأخيه حُيَيِّ بن أخطب ولِمَنْ معه من الأحبار: ما يُدريكم لعله قد جمع هذا كله لمُحَمَّد، إحدى وسبعون، وإحدى وستون ومئة، وإحدى وثلاثون ومئتان، وإحدى وسبعون ومئتان، فذلك سبع مئة وأربع وثلاثون سنة؛ فقالوا: لقد تشابه علينا أمرُه. فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم: (منه آيَاتٌ مُحكماتٌ هُنَّ أمُّ الكتاب، وأُخَرُ مُتشابِهَات). قال ابن إسحاق: وقد سمعت من لا أتهم من أهل العلم يذكر: أن هؤلاء الآيات إنما أُنزلن في أهل نجران، حين قدموا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يسألونه عن عيسى بن مريم عليه السلام. قال ابن إسحاق: وقد حدثني مُحَمَّد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، أنه قد سمع: أن هؤلاء الآيات إنما أُنزلن في نفر من يهود، ولم يفسر ذلك لي. فالله أعلم أي ذلك كان.
كفر اليهود بالإسلام وما نزل في ذلك قال ابن إسحاق: وكان فيما بلغني عن عكرمة مولى ابن عباس، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب كفروا به، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه. فقال لهم معاذ بن جبل، وبشر بن البراء بن معرور، أخو بني سلمة: يا معشر يهود، اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمُحَمَّد ونحن أهل شرك، وتخبروننا أنه مبعوث، وتصفونه لنا بصفته؛ فقال سلام بن مشكم، أحد بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكره لكم.
فأنزل الله في ذلك من قولهم: (ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، فلعنة الله على الكافرين).
ما نزل في نكران مالك بن الصيف العهد إليهم بالنبي قال ابن إسحاق: وقال مالك بن الصيف، -حين بُعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وذكر لهم ما أخذ عليهم له من الميثاق، وما عهد الله إليهم فيه-: والله ما عُهد إلينا في مُحَمَّد عهد، وما أُخذ له علينا من ميثاق. فأنزل الله فيه: (أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم، بل أكثرهم لا يؤمنون).
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: عداوة اليهود.. قبائلهم.. واسماؤهم الإثنين 04 أكتوبر 2021, 7:57 am
ما نزل في قول أبي صلوبا: (ما جئتنا بشيء نعرفه). وقال أبو صَلُوبا الفطيوني لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: يا مُحَمَّد، ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية فنتبعك لها.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله: (ولقد أنزلنا إليك آياتٍ بَينَاتٍ ومَا يكفرُ بها إلا الفاسقون).
ما نزل في قول ابن حريملة ووهب وقال رافع بن حريملة، ووهب بن زيد لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: يا مُحَمَّد، ائتنا بكتاب تُنَزِّله علينا من السماء نقرؤه، وفجِّر لنا أنهاراً نتبعك ونصدقك.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما: (أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سُئِلَ موسى من قبل، ومن يتبدَّل الكُفْرَ بالإيمان فقد ضَلَّ سواءَ السَّبيل).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: سواء السبيل: وسط السبيل.
قال حسَّان بن ثابت: يا ويح أنصار النبي ورهطه بعد المغيَّب في سواء المُلْحـدِ وهذا البيت في قصيدة له سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.
ما نزل في صد حيي وأخيه الناس عن الإسلام قال ابن إسحاق: وكان حيي بن أخطب وأخوه أبو ياسر بن أخطب، من أشد يهود للعرب حسداً، إذ خصهم الله تعالى برسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وكانا جاهدين في رد الناس بما استطاعا.
فأنزل الله تعالى فيهما: (وَدَّ كثيرٌ من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كُفَّارًا حسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبيَّنَ لهمُ الحقُّ، فاعفوا واصفحوا حتى يأتيَ اللهُ بأمره، إن اللهَ على كل شيءٍ قديرٍ).
تنازع اليهود والنصارى عند الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال ابن إسحاق: ولما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أتتهم أحبار يهود، فتنازعوا عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال رافع بن حريملة: ما أنتم على شيء، وكفر بعيسى وبالإنجيل؛ فقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود: ما أنتم على شيء، وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم: ((وقالت اليهود ليست النصارى على شيءٍ، وقالت النصارى ليست اليهود على شيءٍ، وهم يتلون الكتاب، كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم، فاللهُ يحكمُ بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون)): أي كل يتلو في كتابه تصديق ما كفر به، أي يكفر اليهود بعيسى، وعندهم التوراة فيها ما أخذ الله عليهم على لسان موسى عليه السلام بالتصديق بعيسى عليه السلام، وفي الإنجيل ما جاء به عيسى عليه السلام، من تصديق موسى عليه السلام، وما جاء به من التوراة من عند الله، وكل يكفر بما في يد صاحبه.
ما نزل في طلب ابن حريملة أن يكلمه الله قال ابن إسحاق: وقال رافع بن حريملة لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: يا مُحَمَّد، إن كنت رسولاً من الله كما تقول، فقل لله فَلْيُكلِّمنا حتى نسمع كلامه.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله: (وقال الذين لا يعلمون لولا يُكَلِّمُنَا اللهُ، أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم، قد بيَّنا الآيات لقومٍ يوقنون).
ما نزل في سؤال ابن صوريا للنبي عليه الصلاة والسلام بأن يتهود وقال عبدالله بن صوريا الأعور الفطيوني لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ما الهدى إلا ما نحن عليه، فاتبعنا يا مُحَمَّد تهتد؛ وقالت النصارى مثل ذلك.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قول عبدالله بن صوريا وما قالت النصارى: (وقالوا كونوا هودًا أو نصارى تهتدوا، قل بل مِلَّة إبراهيمَ حنيفًا وما كان من المُشركين). ثم القصة إلى قول الله تعالى: (تلك أمَّةٌ قد خلت، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم، ولا تُسئلون عَمَّا كانوا يعملون).
ما قالته اليهود عند صرف القبلة إلى الكعبة قال ابن إسحاق: ولما صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة، وصُرفت في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، أتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رفاعة بن قيس، وقردم بن عمرو، وكعب بن الأشرف، ورافع بن أبي رافع، والحجاج بن عمرو، حليف كعب بن الأشرف، والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، فقالوا: يا مُحَمَّد، ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه؟ ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك، وإنما يريدون بذلك فتنته عن دينه.
فأنزل الله تعالى فيهم: (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها، قل لله المشرق والمغرب، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيدا . وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه): أي ابتلاء واختباراً: (وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله): أي من الفتن: أي الذين ثبَّت الله: (وما كان الله ليضيع إيمانكم): أي إيمانكم بالقبلة الأولى، وتصديقكم نبيكم، واتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة، وطاعتكم نبيكم فيها: أي ليُعطينكم أجرهما جميعاً: (إن الله بالناس لرءوف رحيم).
ثم قال تعالى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها، فول وجهك شطر المسجد الحرام، وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: شطره: نحوه وقصده.
قال عمرو بن أحمر الباهلي -وباهلة بن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان- يصف ناقة له: تعدو بنا شطر جمع وهي عاقدة قد كارب العقد من إيفادها الحقبـا وهذا البيت في قصيدة له.
وقال قيس بن خويلد الهذلي يصف ناقته: إن النَّعوس بها داء مخامرها فشطرها نظر العينين محسورُ وهذا البيت في أبيات له. قال ابن هشام: والنعوس: ناقته، وكان بها داء فنظر إليها نظر حسير، من قوله: وهو حسير. (وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم، وما الله بغافل عما يعملون . ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك، وما أنت بتابع قبلتهم، وما بعضهم بتابع قبلة بعض، ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم، إنك إذا لمن الظالمين). قال ابن إسحاق: إلى قوله تعالى: (الحق من ربك، فلا تكونن من الممترين).
كتمانهم ما في التوراة من الحق وسأل معاذ بن جبل، أخو بني سلمة، وسعد بن معاذ، أخو بني عبد الأشهل؛ وخارجة بن زيد، أخو بلحارث بن الخزرج، نفراً من أحبار يهود عن بعض ما في التوراة، فكتموهم إيَّاه، وأبَوْا أن يُخبرُوهُم عنه.
فأنزل الله تعالى فيهم: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون).
جوابهم للنبي عليه الصلاة والسلام حين دعاهم إلى الإسلام قال: ودعا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- اليهود من أهل الكتاب إلى الإسلام ورغبهم فيه، وحذرهم عذاب الله ونقمته؛ فقال له رافع بن خارجة، ومالك بن عوف: بل نتبع يا مُحَمَّد ما وجدنا عليه آباءنا، فهم كانوا أعلم وخيراً منا.
فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهما: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليك آباءنا، أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون).
جمعهم في سوق بني قينقاع ولما أصاب الله عز وجل قريشا يوم بدر جمع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يهود في سوق بني قينقاع، حين قدم المدينة، فقال: يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب به قريشا، فقالوا له: يا مُحَمَّد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش، كانوا أغمارا لا يعرفون القتال، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنَّا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم: (قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد . قد كان لكم آية في فئتين التقتا، فئة تقاتل في سبيل الله، وأخرى كافرة، يرونهم مثليهم رأي العين، والله يؤيد بنصره من يشاء، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار).
دخوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بيت المدراس قال: ودخل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بيت المدراس على جماعة من يهود، فدعاهم إلى الله؛ فقال له النعمان بن عمرو، والحارث بن زيد: على أي دين أنت يا مُحَمَّد؟ قال: على ملة إبراهيم ودينه؛ قالا: فإن إبراهيم كان يهوديا؛ فقال لهما رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: فهلم إلى التوراة، فهي بيننا وبينكم، فأبيا عليه.
فأنزل الله تعالى فيهما: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يُدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم، ثم يتولّى فريقٌ منهم وهم مُعرضُون . ذلك بأنهم قالوا لن تمسَّنا النارُ إلا أيَّامًا معدوداتٍ، وغرَّهُم في دينهم ما كانوا يفترون).
تنازع اليهود والنصارى في إبراهيم عليه السلام وقال أحبار يهود ونصارى نجران، حين اجتمعوا عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فتنازعوا، فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهودياً، وقالت النصارى من أهل نجران: ما كان إبراهيم إلا نصرانياً.
فأنزل الله عز وجل فيهم: (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون، ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم، فَلِمَ تُحآجُّونَ فيما ليس لكم به علم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون . ما كان إبراهيمُ يهوديًا ولا نصرانيًا، ولكن كان حنيفًا مُسلمًا، وما كان من المُشركين . إن أولى الناس بإبراهيم لَلَّذين اتبعوه، وهذا النَّبِيُّ والذين آمنوا والله وَلِيُّ المؤمنين).
ما نزل في إيمانهم غدوةً وكفرهم عشياً وقال عبدالله بن صيف، وعدي بن زيد، والحارث بن عوف، بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أنزل على مُحَمَّد وأصحابه غدوة، ونكفر به عشية، حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع، ويرجعون عن دينه.
فأنزل الله تعالى فيهم: (يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل، وتكتمون الحق وأنتم تعلمون . وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون . ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم، قل إن الهُدى هُدى الله أن يُؤتَى أحَدٌ مثل ما أوتيتم أو يحآجُّوكم عند ربكم، قل إنَّ الفضل بيد اللهِ يُؤتيهِ مَن يشاءُ، واللهُ واسعٌ عليمٌ).
ما نزل في قول أبي رافع والنجراني (أتريد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى) وقال أبو رافع القرظي، حين اجتمعت الأحبار من يهود، والنصارى من أهل نجران عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ودعاهم إلى الإسلام: أتريد منا يا مُحَمَّد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم؟ وقال رجل من أهل نجران نصراني، يُقال له: الرّبيِّس، -ويروى: الريس، والرئيس-: أو ذاك تريد منا يا مُحَمَّد وإليه تدعونا؟ أو كما قال. فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: مَعَاذَ اللهَ أنْ أعْبُدَ غَيْرَ اللهِ أو آمُرَ بعبادةِ غيرهِ، فما بذلك بعثني اللهُ، ولا أمَرَنِي؛ أو كما قال.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما: (ما كان لبشر أن يُؤتيه اللهُ الكتاب والحُكم والنُّبُوة، ثم يقولَ للناس كُونُوا عِبَادًا لِي مِن دُون اللهِ، ولكن كُونُوا رَبَّانيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الكِتَابَ، وبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُون)... إلى قوله تعالى: (بعد إذ أنتم مسلمون). قال ابن هشام: الربانيون: العلماء الفقهاء السادة؛ واحدهم: رباني.
قال الشاعر: لو كنت مرتهنا في القوس أفتنني منها الكـلام وربَّـانـيَّ أحـبـارِ
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: القوس: صومعة الراهب. وأفتنني، لغة تميم. وفتنني، لغة قيس.
قال جرير: لا وصل إذ صرمت هند ولو وقفت لاستنزلتني وذا المسحين في القـوس أي صومعة الراهب. والربّاني: مشتق من الرب، وهو السيد. وفي كتاب الله: (فيسقي ربه خمرًا)، أي سيده.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: عداوة اليهود.. قبائلهم.. واسماؤهم الإثنين 04 أكتوبر 2021, 8:08 am
قال ابن إسحاق: قال الله تعالى: (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون).
ما نزل في أخذ الميثاق عليهم قال ابن إسحاق: ثم ذكر ما أخذ الله عليهم، وعلى أنبيائهم من الميثاق بتصديقه إذ هو جاءهم، وإقرارهم، فقال: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري، قالوا أقررنا، قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين)... إلى آخر القصة.
سعيهم في الوقيعة بين الأنصار قال ابن إسحاق: ومَرَّ شأس بن قيس، وكان شيخاً قد عسا، عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم، على نفر من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من الأوس والخزرج، في مجلس قد جمعهم، يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من أُلفتهم وجماعتهم، وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية. فقال: قد اجتمع ملأ بن قيلة بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار. فأمر فتىً شابَّاً من يهود كان معهم، فقال: اعمد إليهم، فاجلس معهم، ثم اذكر يوم بُعاث وما كان قبله وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار.
شيء عن يوم بُعاث وكان يوم بُعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه يومئذ للأوس على الخزرج، وكان على الأوس يومئذ حُضير بن سماك الأشهلي، أبو أسيد بن حضير؛ وعلى الخزرج عمرو بن النعمان البياضي، فقتلا جميعاً.
قال ابن هشام: قال أبو قيس بن الأسلت: على أن قد فُجعت بذي حفاظ فعاودني لـه حـزن رصـين فإما تقتلـوه فـإن عـمـرا أعضَّ برأسه عَضْبٌ سَـنـينُ وهذا البيتان في قصيدة له. وحديث يوم بعاث أطول مما ذكرت، وإنما منعني من استقصائه ما ذكرت من القطع.
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: سنين: مسنون، من سنَّه، إذا شحذه. قال ابن إسحاق: ففعل.
فتكلم القوم عند ذلك وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلاًن من الحيين على الركب، أوس بن قيظي، أحد بني حارثة بن الحارث، من الأوس، وجبار بن صخر، أحد بني سلمة من الخزرج، فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم رددناها الآن جذعة، فغضب الفريقان جميعاً، وقالوا: قد فعلنا، موعدكم الظاهرة -والظاهرة: الحرة- السلاح السلاح، فخرجوا إليها. فبلغ ذلك رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين حتى جاءهم، فقال: يا معشر المسلمين، الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف به بين قلوبكم؛ فعرف أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم، فبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سامعين مُطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شأس بن قيس.
فأنزل الله تعالى في شأس بن قيس وما صنع: (قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله، واللهُ شهيدٌ على ما تعلمون . قل يا أهل الكتاب لِمَ تَصُدُّونَ عن سبيل اللهِ مَنْ آمن تبغُونَهَا عِوَجًا، وأنتُمْ شُهداءُ، وما اللهُ بغافلٍ عَمَّا تعملون).
وأنزل الله في أوس بن قيظي، وجبار بن صخر ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا عما أدخل عليهم شأسُ من أمر الجاهلية: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقًا من الذين أوتوا الكتاب يردُّوكُم بعد إيمانكم كافرين . وكيف تكفُرُون وأنتم تُتلى عليكم آياتُ اللهِ وفيكُم رسولُه، ومن يعتصم بالله فقد هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيمٍ . يا أيها الذين آمنوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ، ولا تَمُوتُنَّ إلَّا وأنتُم مُسلِمُون)... إلى قوله تعالى: (وأولئك لهم عذابٌ عظيمٌ).
ما نزل في قولهم: (ما اتبع مُحَمَّداً إلا شرارُنا). قال ابن إسحاق: ولما أسلم عبدالله بن سلام، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد، ومن أسلم من يهود معهم، فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام، ورسخوا فيه، قال أحبار يهود، أهل الكفر منهم: ما آمن بمُحَمَّد ولا اتبعه إلا شرارنا، ولو كانوا من أخيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم: (ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمَّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللهِ آنَاء الليل وهم يسجدون).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: آناء الليل: ساعات الليل: وواحدها: إِنْي.
قال المتنخل الهذلي، واسمه مالك بن عويمر، يرثي أُثيلة ابنه: حلو ومر كعطف القِدح شيمته في كل إِني قضاه الليل ينتـعـل وهذا البيت في قصيدة له.
وقال لبيد بن ربيعة، يصف حمار وحش: يُطرِّب آناء النهار كأنه غوي سقاه في التجار نديمُ وهذا البيت في قصيدة له، ويُقال: إنى (مقصور)، فيما أخبرني يونس. (يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويُسارعون في الخيراًت، وأولئك من الصالحين).
ما نزل في نهي المسلمين عن مباطنة اليهود قال ابن إسحاق: وكان رجال من المسلمين يُواصلون رجالا من اليهود، لما كان بينهم من الجوار والحلف.
فأنزل الله تعالى فيهم ينهاهم عن مباطنتهم: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم، لا يألونكم خبالًا، ودُّوا ما عنتُّم، قد بدت البغضاءُ من أفواههم وما تُخفي صُدُورُهُم أكبرُ، قد بَيَّنَا لكمُ الآيات إن كنتم تعقلون . ها أنتم أُولاءِ تُحِبُّونَهُم ولا يُحبونَكُم، وتُؤمنُون بالكتاب كله): أي تؤمنون بكتابكم، وبما مضى من الكتب قبل ذلك وهم يكفرون بكتابكم، فأنتم كنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم: (وإذا لقُوكُم قالوا آمَنَّا، وإذا خَلَوْا عَضُّوا عليكُمُ الأنَامِلَ من الغَيْظِ، قُلْ مُوتُوا بغيظِكُم)... إلى آخر القصة.
دخول أبي بكر بيت المدراس، وما كان بينه وبين فنحاص ودخل أبو بكر الصديق بيت المدراس على يهود، فوجد منهم ناسا كثيرا قد اجتمعوا إلى رجل منهم، يُقال له فنحاص، وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبر من أحبارهم، يُقال له: أشيع؛ فقال أبو بكر لفنحاص: ويحك يا فنحاص! اتق الله وأسلم، فو الله إنك لتعلم أن مُحَمَّداً لرسول الله، وقد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوبا عندكم في التوارة والإنجيل؛ فقال فنحاص لأبي بكر: والله يا أبا بكر، ما بنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، وما هو عنا بغنيّ، ولو كان عنا غنيا ما استقرضنا أموالنا، كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويُعطيناه، ولو كان عنا غنيا ما أعطانا الربا. قال: فغضب أبو بكر، فضرب وجه فنحاص ضرباً شديداً، وقال: والذي نفسي بيده، لولا العهد الذي بيننا وبينكم، لضربت رأسك، أي عدو الله. قال: فذهب فنحاص إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال: يا مُحَمَّد، انظر ما صنع بي صاحبك؛ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لأبي بكر: ما حملك على ما صنعت؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله، إن عدو الله قال قولاً عظيماً، إنه زعم أن الله فقيرٌ وأنهم أغنياء، فلمَّا قال ذلك غَضِبْتُ للهِ مِمَّا قال، وضَرَبْتُ وجْهَهُ. فجحد ذلك فنحاص، وقال: ما قلتُ ذلك.
فأنزل الله تعالى فيما قال فنحاص رداً عليه، وتصديقاً لأبي بكر: (لقد سَمِعَ اللهُ قولَ الذين قالوا إنَّ اللهَ فقيرٌ ونحنُ أغنياء، سنكتبُ ما قالوا، وقتلهمُ الأنبياءَ بغير حقٍ، ونقولُ ذوقوا عذاب الحريق).
ونزل في أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وما بلغه في ذلك من الغضب: (ولتسمعُنَّ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيرًا . وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور).
ثم قال فيما قال فنحاص والأحبار معه من يهود: (وإذ أخذ اللهُ ميثاق الذين أوتوا الكتاب لَتُبينُّنه للناس ولا تكتمونه، فنبذوه وراء ظهورهم، واشتروا به ثمنًا قليلًا، فبئس ما يشترون . لا تحسبن الذين يفرحون بما أَتَوْا، ويحبون أن يحُمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب، ولهم عذاب أليم): يعني فنحاص، وأشيع وأشباههما من الأحبار، الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة، ويحبون أن يحُمدوا بما لم يفعلوا؛ أن يقول الناس: علماء، وليسوا بأهل علم، لم يحملوهم على هدى ولا حق، ويحُبون أن يقول الناس: قد فعلوا.
أمر اليهود المؤمنين بالبخل قال ابن إسحاق: وكان كردم بن قيس، حليف كعب بن الأشرف، وأسامة بن حبيب، ونافع بن أبي نافع، وبحري بن عمرو، وحيي بن أخطب، ورفاعة بن زيد بن التابوت، يأتون رجالاً من الأنصار كانوا يخالطونهم، ينتصحون لهم، من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فيقولون لهم: لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها، ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون علام يكون.
فأنزل الله فيهم: ((الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله)): أي من التوراة، التي فيها تصديق ما جاء به مُحَمَّد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: (وأعتدنا للكافرين عذابًا مُهينًا . والذين يُنفقون أموالهم رِئَاءَ النَّاسِ، ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر)... إلى قوله تعالى: (وكان اللهُ بهم عليمًا).
اليهود لعنهم اللهُ يجحدون الحق قال ابن إسحاق: وكان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء يهود، إذا كلم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لوى لسانه، وقال: أرعنا سمعك يا مُحَمَّد، حتى نُفهمك، ثم طعن في الإسلام وعابه.
فأنزل الله فيه: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلّوا السبيل . واللهُ أعلمُ بأعدائكم، وكفى بالله وليًا، وكفى بالله نصيرًا . من الذين هادوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عن مَوَاضِعِهِ، ويقولون سمعنا وعصينا، واسمع غير مُسمَع، وراعنا): أي راعنا سمعك: (لَيَّاً بألسنتهم، وطعنا في الدين، ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا، لكان خيرًا لهم وأقوم، ولكن لعنهم اللهُ بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلًا). وكَلَّمَ رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رؤساء من أحبار يهود، منهم عبدالله بن صوريا الأعور، وكعب بن أسد، فقال لهم: يا معشر يهود، اتقوا الله وأسلموا، فو الله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق، قالوا: ما نعرف ذلك يا مُحَمَّد: فجحدوا ما عرفوا، وأصرُّوا على الكفر.
فأنزل الله تعالى فيهم: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزَّلنا مُصَدِّقًا لِمَا معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردَّها على أدبارها، أو نلعنهُم كما لعنَّا أصحاب السَّبت، وكان أمْرُ اللهِ مفعولًا). تفسير ن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: نطمس: نمسحها فنسويها، فلا يُرى فيها عين ولا أنف ولا فم، ولا شيء بما يرى في الوجه؛ وكذلك: (فطمسنا أعينهم). المطموس العين: الذي ليس بين جفنيه شق. ويُقال: طمست الكتاب والأثر، فلا يُرى منه شيء.
قال الأخطل، واسمه الغوث بن هبيرة بن الصلت التغلبي.. يصف إبلاً كلفها ما ذكر: وتكلِيفُناها كل طامسة الصُّوى شَطون ترى حِرباءها يتملـمـلُ وهذا البيت في قصيدة له. قال ابن هشام: واحدة الصُّوى: صُوّة. والصُوى: الأعلام التي يُستدل بها على الطرق والمياه. قال ابن هشام: يقول: مُسحت فاستوت بالأرض، فليس فيها شيء ناتىء.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: عداوة اليهود.. قبائلهم.. واسماؤهم الإثنين 04 أكتوبر 2021, 8:15 am
مَنْ حَزَّبَ الأحْزَابَ قال ابن إسحاق: وكان الذين حزّبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة: حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، أبو رافع، والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق، وأبو عمار، ووَحْوح بن عامر، وهوذة بن قيس. فأما وحوح، وأبو عمار، وهوذة، فمن بني وائل، وكان سائرهم من بني النضير. فلما قدموا على قريش قالوا: هؤلاء أحبار يهود، وأهل العلم بالكتاب الأول، فسلوهم: دينُكم خير أم دين مُحَمَّد؟ فسألوهم، فقالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أهدى منه وممن اتبعه.
فأنزل الله تعالى فيهم: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجِبْتِ والطاغوت).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: الجبت عند العرب: ما عبد من دون الله تبارك وتعالى. والطاغوت: كل ما أضل عن الحق. وجمع الجبت: جبوت؛ وجمع الطاغوت: طواغيت. قال ابن هشام: وبلغنا عن ابن أبي نجيح أنه قال: الجبت: السحر؛ والطاغوت: الشيطان. (ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلًا). قال ابن إسحاق: إلى قوله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهُمُ اللهُ من فضله، فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة، وآتيناهم مُلكًا عظيمًا).
إنكار اليهود التنزيل قال ابن إسحاق: وقال سُكين وعدي بن زيد: يا مُحَمَّد، ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما: (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده، وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان، وآتينا داود زبورًا . ورُسُلًا قد قصصناهم عليك من قبل، ورُسُلًا لم نقصصهم عليك، وكلم الله موسى تكليمًا . رُسُلًا مُبَشِّرين ومُنذرين لئلا يكون للناس على اللهِ حُجَّةٌ بعد الرُّسُل، وكان اللهُ عزيزًا حكيمًا). ودخلت على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- جماعة منهم، فقال لهم: أما والله إنكم لتعلمون أني رسول من الله إليكم؛ قالوا: ما نعلمه، وما نشهد عليه.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم: (لكنِ اللهُ يشهدُ بما أنزلَ إليك أنزلهُ بعلمِهِ والملائكةُ يشهدون، وكفى باللهِ شهيدًا).
اتفاقهم على طرح الصخرة على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وخرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى بني النضير يستعينهم في دية العامريَّيْن اللَّذَيْن قتل عمرو بن أمية الضمري. فلما خلا بعضهم ببعض قالوا: لن تجدوا مُحَمَّداً أقرب منه الآن، فمن رجل يظهر على هذا البيت، فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه؟ فقال عمرو بن جحاش بن كعب: أنا؛ فأتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الخبر، فانصرف عنهم.
فأنزل الله تعالى فيه، وفيما أراد هو وقومه: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هَمَّ قومٌ أن يبسُطُوا إليكم أيديهم، فكفَّ أيديهم عنكم، واتقوا اللهَ، وعلى اللهِ فليتوكَّل المُؤمِنُون).
ادِّعاؤهم أنهم أحبَّاءُ الله وأتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نعمان بن أضاء، وبحري بن عمرو، وشأس بن عدي، فكلموه وكلمهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ودعاهم إلى الله، وحذرهم نقمته؛ فقالوا: ما تخُوفنا يا مُحَمَّد، نحن والله أبناء الله وأحباؤه، كقول النصارى.
فأنزل الله تعالى فيهم: (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه، قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق، يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير).
إنكارهم نزول كتاب بعد موسى عليه السلام قال ابن إسحاق: ودعا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يهود إلى الإسلام ورغبهم فيه، وحذرهم غير الله وعقوبته، فأبوا عليه، وكفروا بما جاءهم به، فقال لهم معاذ بن جبل، وسعد بن عبادة، وعقبة بن وهب: يا معشر يهود، اتقوا الله، فو الله إنكم لتعلمون أنه رسول الله، ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه، وتصفونه لنا بصفته؛ فقال رافع بن حريملة، ووهب بن يهوذا: ما قلنا لكم هذا قط، وما أنزل الله من كتاب بعد موسى، ولا أرسل بشيراً ولا نذيراً بعده.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يُبَيِّن لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير، فقد جاءكم بشير ونذير، والله على كل شيءٍ قدير). ثم قَصَّ عليهم خبر موسى وما لقي منهم، وانتقاضهم عليه، وما ردوا عليه من أمر الله حتى تاهوا في الأرض أربعين سنة عقوبة.
رجوعهم إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في حكم الرجم قال ابن إسحاق: وحدثني ابن شهاب الزهري أنه سمع رجلاً من مزينة، من أهل العلم، يحدث سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة حدثهم: أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدراس، حين قدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من يهود قد أحصنت، فقالوا: ابعثوا بهذا الرجل وهذه المرأة إلى مُحَمَّد، فسلوه كيف الحكم فيهما، وولوه الحكم عليهما، فإن عمل فيهما بعملكم من التَّجْبِية -والتجبية: الجلد بحبل من ليف مطلي بقار، ثم تسود وجوههما، ثم يحملان على حمارين، وتجُعل وجوههما من قبل أدبار الحمارين- فاتبعوه، فإنما هو ملك، وصدقوه؛ وإن هو حكم فيهما بالرجم فإنه نبي، فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه. فأتوه، فقالوا: يا مُحَمَّد، هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت، فاحكم فيهما، فقد وليناك الحكم فيهما. فمشى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس فقال: يا معشر يهود، أخرجوا إلي علماءكم، فأخرج له عبدالله بن صوريا. قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض بني قريظة: أنهم قد أخرجوا إليه يومئذ، مع ابن صوريا، أبا ياسر بن أخطب، ووهب بن يهوذا، فقالوا: هؤلاء علماؤنا. فسألهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، حتى حصّل أمرهم، إلى أن قالوا لعبدالله بن صوريا: هذا أعلم من بقي بالتوراة. قال ابن هشام: من قوله: (وحدثني بعض بني قريظة)... إلى (أعلم من بقي بالتوراة)، من قول ابن إسحاق، وما بعده من الحديث الذي قبله.
فخلا به رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وكان غلاماً شاباً من أحدثهم سناً، فألظّ به رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المسألة، يقول له: يابن صوريا، أنشدك الله وأُذكِّرك بأيامه عند بني إسرائيل، هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة؟ قال: اللهم نعم، أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك لنبي مُرسلٌ ولكنهم يحسدونك. قال: فخرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأمر بهما فَرُجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار. ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا، وجحد نبوة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.
قال ابن إسحاق: فأنزل الله تعالى فيهم: (يا أيها الرسول لا يحزُنك الذين يُسارعُون في الكُفر من الذين قالوا آمنَّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، ومن الذين هادوا سمَّاعون للكذب سمَّاعون لقوم آخرين لم يأتوك). أي الذين بعثوا منهم من بعثوا وتخلفوا، وأمروهم بما أمروهم به من تحريف الحكم عن مواضعه.
ثم قال: (يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ من بعد مَوَاضِعِهِ، يقولون إن أوتيتُم هذا فخُذُوهُ، وإن لم تُؤْتَوْهُ): أي الرَّجم: (فاحذروا)... إلى آخر القصة. قال ابن إسحاق: وحدثني مُحَمَّد بن طلحة بن يزيد بن رُكانة عن إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن عباس، قال: أمر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- برجمهما، فرجما بباب مسجده، فلما وجد اليهودي مسَّ الحجارة قام إلى صاحبته فجنأ عليها، يقيها مس الحجارة، حتى قتلا جميعاً. قال: وكان ذلك مما صنع الله لرسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في تحقيق الزنا منهما. قال ابن إسحاق: وحدثني صالح بن كيسان، عن نافع مولى عبدالله ابن عمر، عن عبدالله بن عمر، قال: لما حكَّموا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فيهما، دعاهم بالتوراة، وجلس حبر منهم يتلوها، وقد وضع يده على آية الرجم، قال: فضرب عبدالله بن سلام يد الحبر، ثم قال: هذه يا نبي الله آية الرجم، يأبى أن يتلوها عليك. فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ويحكم يا معشر يهود! ما دعاكم إلى ترك حكم الله وهو بأيديكم؟ قال: فقالوا: أما والله إنه قد كان فينا يُعمل به، حتى زنى رجل منا بعد إحصانه، من بيوت الملوك وأهل الشرف، فمنعه الملك من الرجم، ثم زنى رجل بعده، فأراد أن يرجمه، فقالوا: لا والله، حتى ترجم فلاناً، فلما قالوا له ذلك اجتمعوا فأصلحوا أمرهم على التجبية، وأماتوا ذكر الرجم والعمل به. قال: فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: فأنا أول مَنْ أحيا أمْرَ اللهِ وكتابه وعمل به، ثم أمر بهما فَرُجِمَا عند باب مسجده. قال عبدالله بن عمر: فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُمَا.
ظلمهم في الدِّيَّة قال ابن إسحاق: وحدثني داود بن الحصين عن عكرمة، عن ابن عباس: أن الآيات من المائدة التي قال الله فيها: ((فاحكم بينهم أو أعرض عنهم، وإن تُعرض عنهم فلن يضروك شيئًا، وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط، إن الله يُحِبُّ المُقسطين)). إنما أنزلت في الدية بين بني النضير وبين بني قريظة، وذلك أن قتلى بني النضير، وكان لهم شرف، يؤدون الدية كاملة، وأن بني قريظة كانوا يؤدون نصف الدية، فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأنزل الله ذلك فيهم، فحملهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- على الحق في ذلك، فجعل الدية سواء. قال ابن إسحاق: فالله أعلم أي ذلك كان.
رغبتهم في فتنة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال ابن إسحاق: وقال كعب بن أسد، وابن صلوبا، وعبدالله بن صوريا، وشأس بن قيس، بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى مُحَمَّد، لعلنا نفتنه عن دينه، فإنما هو بشر، فأتوه، فقالوا له: يا مُحَمَّد، إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وسادتهم، وأنا إن اتبعناك اتبعتك يهود، ولم يخالفونا، وأن بيننا وبين بعض قومنا خصومة، أفنحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم، ونؤمن بك ونصدقك، فأبى ذلك رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عليهم.
فأنزل اللهُ فيهم: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواءهم، واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك، فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم، وإن كثير من الناس لفاسقون . أفحكم الجاهلية يبغون، ومَنْ أحسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُون).
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: عداوة اليهود.. قبائلهم.. واسماؤهم الإثنين 04 أكتوبر 2021, 8:23 am
إنكارهم نبوة عيسى عليه السلام قال ابن إسحاق: وأتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نفر منهم: أبو ياسر بن أخطب، ونافع بن أبي نافع، وعازر بن أبي عازر، وخالد، وزيد، وإزار بن أبي إزار، وأشيع، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل؛ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-:
(نؤمن بالله وما أنزل إلينا، وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أُوتي موسى وعيسى، وما أوتي النبيون من ربهم، لا نفرق بين أحد منهم، ونحن له مسلمون). فلما ذكر عيسى بن مريم جحدوا نبوته، وقالوا: لا نؤمن بعيسى بن مريم ولا بمن آمن به.
فأنزل اللهُ تعالى فيهم: (قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنَّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل، وأن أكثركم فاسقون).
ادِّعَاؤُهُمْ أنهم على الحق وأتى رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رافع بن حارثة، وسلام بن مشكم، ومالك بن الصيف، ورافع بن حريملة، فقالوا: يا مُحَمَّد، ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه، وتؤمن بما عندنا من التوراة، وتشهد أنها من الله حق؟ قال: بلى، ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها مما أخذ الله عليكم من الميثاق فيها، وكتمتم منها ما أُمرتم أن تبينوه للناس، فبرئتُ من إحداثكم؛ قالوا: فإنا نأخذ بما في أيدينا، فإنا على الهدى والحق، ولا نؤمن بك، ولا نتبعك.
فأنزل اللهُ تعالى فيهم: (قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل، وما أنزل إليكم من ربكم، وليزيدنّ كثيرا منهم ما أُنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا، فلا تأس على القوم الكافرين).
إشراكهم بالله
قال ابن إسحاق: وأتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- النحام بن زيد، وقردم بن كعب، وبحري بن عمرو، فقالوا له: يا مُحَمَّد، أما تعلم مع الله إلها غيره؟ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: الله لا إله إلا هو، بذلك بُعثت، وإلى ذلك أدعو.
فأنزل اللهُ فيهم وفي قولهم: (قل أي شيءٍ أكبرُ شهادةً، قل اللهُ شهيدٌ بيني وبينكم، وأوحيَ إليَّ هذا القرآنُ لأنذركم به ومَن بلغ، أإنَّكم لتشهدون أنَّ مع اللهِ آلهةً أخرى، قل لا أشهد، قل إنَّمَا هو إلهٌ واحدٌ، وإنني بريئٌ مِمَّا تُشركون . الذين آتيناهم الكتابَ يعرفونهُ كما يعرفون أبناءهم؛ الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون).
نَهِي الله تعالى المؤمنين عن مُوَادَّتِهِم وكان رفاعة بن زيد بن التابوت، وسويد بن الحارث، قد أظهرا الإسلام ونافقا، فكان رجال من المسلمين يوادّونهم.
فأنزل اللهُ تعالى فيهما: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياءَ، واتقوا اللهَ إن كنتم مؤمنين)... إلى قوله تعالى: (وإذا جاءوكم قالوا آمنَّا، وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به، واللهُ أعلمُ بما كانوا يكتمُون).
سؤالهم عن قيام الساعة وقال جبل بن أبي قشير، وشمويل بن زيد، لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: يا مُحَمَّد، أخبرنا، متى تقوم الساعة إن كنت نبيا كما تقول؟
فأنزل الله تعالى فيهما: (يسألونك عن السَّاعة أيَّان مُرسَاهَا، قل إنَّما علمُها عند ربي، لا يُجلِّيها لوقتها إلا هو، ثقُلتْ في السَّماوات والأرض، لا تأتيكم إلا بغتة، يسألونك كأنك حَفِيٌ عنها، قل إنَّما عِلْمُهَا عند اللهِ، ولكنَّ أكثر النَّاس لا يعلمون).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: أيان مرساها: متى مرساها.
قال قيس بن الحُدادية الخزاعي: فجئت ومُخْفَى السر بيني وبينها لأسألها أيان من سـار راجـع؟ وهذا البيت في قصيدة له. ومرساها: منتهاها، وجمعه: مراس.
قال الكميت بن زيد الأسدي: والمصيبين باب ما أخطا الناسُ ومـرسـى قـواعـد الإسـلام وهذا البيت في قصيدة له. ومُرسَى السفينة: حيث تنتهي. وحَفِيّ عنها (على التقديم والتأخير) يقول: يسألونك عنها كأنك حفي بهم فتخبرهم بما لا تخبر به غيرهم. والحفيّ: البَرّ المتعهد. وفي كتاب الله: (إنه كان بي حفيًّا). وجمعه: أحفياء.
وقال أعشى بني قيس بن ثعلبة: فإن تسألي عني فيا رب سائل حفي عن الأعشى به حيث أصعدا وهذا البيت في قصيدة له. والحفي أيضاً: المستحفي عن علم الشيء، المبالغ في طلبه.
ادِّعاؤهُم أنَّ عُزَيْراً ابنُ الله قال ابن إسحاق: وأتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سلاّم بن مشكم، ونعمان بن أبي أوفى أبو أنس، ومحمود بن دحية، وشأس بن قيس، ومالك بن الصيف، فقالوا له: كيف نتبعك وقد تركت قِبلتنا، وأنت لا تزعم أن عزيراً ابن الله؟
فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم: (وقالت اليهود عزيرٌ ابنُ اللهِ، وقالت النصارى المسيحُ ابنُ اللهِ، ذلك قولهم بأفواههم يُضاهئُون قول الذين كفروا من قبل، قاتلهم اللهُ أنَّى يُؤفكُون)... إلى آخر القصة.
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: يضاهئون: أي يشاكل قولهم قول الذين كفروا، نحو أن تحدث بحديث، فيحدث آخر بمثله، فهو يضاهيك.
طلبهم كتاباً من السماء قال ابن إسحاق: وأتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- محمود بن سيحان، ونعمان بن أضاء، وبحري بن عمرو، وعزير بن أبي عزير، وسلام بن مشكم، فقالوا: احق يا مُحَمَّد أن هذا الذي جئت به لحق من عند الله، فإنا لا نراه متسقا كما تتسق التوارة؟ فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: أما والله إنكم لتعرفون أنه من عند الله. تجدونه مكتوباً عندكم في التوارة، ولو اجتمعت الإنس والجِنُّ على أن يأتوا بمثله ما جاءوا به؛ فقالوا عند ذلك، وهم جميع: فنحاص، وعبدالله بن صوريا، وابن صلوبا، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وأشيع، وكعب بن أسد، وشمويل بن زيد، وجبل بن عمرو بن سكينة: يا مُحَمَّد، أما يعلمك هذا إنس ولا جن؟ قال: فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: أما والله إنكم لتعلمون أنه من عند الله، وإني لرسول الله: تجدون ذلك مكتوباً عندكم في التوراة؛ فقالوا: يا مُحَمَّد، فإن الله يصنع لرسوله إذا بعثه ما يشاء ويقدر منه على ما أراد، فأنزل علينا كتاباً من السماء نقرؤه ونعرفه، وإلا جئناك بمثل ما تأتي به.
فأنزل الله تعالى فيهم وفيما قالوا: (قل لئن اجتمعت الإنسُ والجنُّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا).
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: الظهير: العون. ومنه قول العرب: تظاهروا عليه، أي تعاونوا عليه.
قال الشاعر: يا سَميّ النبي أصبحت للدّ ين قواما وللإمام ظـهـيرا أي عونا؛ وجمعه: ظهراء.
سؤالهم له -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عن ذي القرنين قال ابن إسحاق: وقال حيي بن أخطب، وكعب بن أسد، وأبو رافع، وأشيع، وشمويل بن زيد، لعبدالله بن سلام حين أسلم: ما تكون النبوة في العرب ولكن صاحبك ملك، ثم جاءوا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فسألوه عن ذي القرنين فقص عليهم ما جاءه من الله تعالى فيه، مما كان قَصَّ على قريش، وهم كانوا مِمَّنْ أمر قريشاً أن يسألوا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عنه، حين بعثوا إليهم النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط. تهجمهم على ذات الله، وغضب الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لذلك قال ابن إسحاق: وحُدثت عن سعيد بن جبير أنه قال: أتى رهط من يهود إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقالوا: يا مُحَمَّد، هذا الله خلَق الخلق، فمن خلق الله؟ قال: فغضب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حتى انتُقع لونه، ثم ساورهم غضبا لربه. قال: فجاءه جبريل عليه السلام فسكنه، فقال: خفِّض عليك يا مُحَمَّد.
وجاءه من الله بجواب ما سألوه عنه: (قل هُوَ اللهُ أحَدٌ . اللهُ الصَّمَدُ . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كُفُوًا أحَدٌ). قال: فلما تلاها عليهم، قالوا: فصف لنا يا مُحَمَّد كيف خَلْقه؟ كيف ذراعه؟ كيف عضده؟ فغضب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أشد من غضبه الأول، وساورهم. فأتاه جبريل عليه السلام، فقال له مثل ما قال له أول مرة، وجاءه من الله تعالى بجواب ما سألوه.
يقول الله تعالى: (وما قدروا اللهَ حقَّ قدره، والأرضُ جميعًا قبضتهُ يوم القيامة، والسماوات مطوياتٌ بيمينه، سبحانهُ وتعالى عَمَّا يُشركُون). قال ابن إسحاق: وحدثني عتبة بن مسلم، مولى بني تيم، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يقول: (يُوشك الناس أن يتساءلوا بينهم حتى يقول قائلهم: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟
فإذا قالوا ذلك فقولوا: (قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد)... ثم ليتفل الرجل عن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم.
تفسير ابن هشام لبعض الغريب قال ابن هشام: الصمد: الذي يُصمد إليه، ويفزع إليه. قالت هند بنت معبد بن نضلة تبكي عمرو بن مسعود، وخالد بن نضلة، عَمَّيْها الأسديين، وهما اللذان قتل النعمان بن المنذر اللخمي، وبنى الغريَّيْنِ اللذين بالكوفة عليها: ألا بكر الناعي بخيري بني أسدْ بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمدْ