منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Empty
مُساهمةموضوع: ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة   ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Emptyالجمعة 01 أكتوبر 2021, 11:49 pm

ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة
إشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه بالهجرة
قال ابن إسحاق: ‏‏فلما رأى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ما يُصيب أصحابه من البلاء، وما هو فيه من العافية، بمكانه من الله ومن عمه أبي طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء، قال لهم: ‏‏لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه.‏‏
فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى أرض الحبشة، مخافة الفتنة، وفراراً إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة كانت في الإسلام. ‏‏

أوائل المهاجرين إلى الحبشة
وكان أول من خرج من المسلمين من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر: ‏‏
عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، معه امرأته رقية بنت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

ومن بني عبد شمس بن عبد مناف:
‏‏أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، معه امرأته: ‏‏سهلة بنت سهيل بن عمرو، أحد بني عامر بن لؤي، ولدت له بأرض الحبشة مُحَمَّد بن أبي حذيفة.

ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي: ‏‏
الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد.

ومن بني عبد الدار بن قصي: ‏
‏مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار.

ومن بني زهرة بن كلاب:
‏‏عبدالرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة.

ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة: ‏‏
أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم.

ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب: ‏‏
عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.

ومن بني عدي بن كعب: ‏‏
عامر بن ربيعة، حليف آل الخطاب، من عنز بن وائل -قال ابن هشام: ويُقال: ‏‏من عنزة بن أسد بن ربيعة- معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن حذافة بن غانم بن عامر بن عبدالله بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب‏‏.

ومن بني عامر بن لؤي: ‏‏
أبو سبرة بن أبي رُهْم بن عبدالعزى بن أبي قيس ابن عبد وُدّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر؛ ويُقال: ‏‏بل أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي؛ ويُقال: ‏‏هو أول من قدمها.

ومن بني الحارث بن فهر: ‏
‏سهيل بن بيضاء، وهو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أُهيب بن ضبة بن الحارث.
فكان هؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة، فيما بلغني.
قال ابن هشام: ‏‏وكان عليهم عثمان بن مظعون، فيما ذكر لي بعض أهل العلم.
قال ابن إسحاق: ‏‏ثم خرج جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة، فكانوا بها، منهم من خرج بأهله معه، ومنهم من خرج بنفسه لا أهل له معه.‏‏

المهاجرون من بني هاشم إلى أرض الحبشة
ومن بني هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر: ‏‏
جعفر بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، معه امرأته أسماء بنت عُميس بن النعمان بن كعب بن مالك بن قحافة بن خثعم، ولدت له بأرض الحبشة عبدالله بن جعفر، رجل.

المهاجرون من بني أمية إلى أرض الحبشة ومن بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف: ‏
‏عثمان بن عفان بن أبي العاص ابن أمية بن عبد شمس، معه امرأته رقية ابنة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ وعمرو بن سعيد بن العاص بن أمية، معه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرث بن خُمْل بن شقّ بن رقبة بن مخُدج الكناني، وأخوه خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، معه امرأته أُمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة بن سبيع بن جُعْثمة بن سعد بن مُليح بن عمرو، من خزاعة.
قال ابن هشام: ‏‏ويُقال: ‏‏همُينة بنت خلف.
قال ابن إسحاق: ‏‏ولدت له بأرض الحبشة سعيد بن خالد، وأمه بنت خالد، فتزوج أمة بعد ذلك الزبير بن العوام، فولدت له عمرو بن الزبير، وخالد بن الزبير.

المهاجرون من بني أسد إلى أرض الحبشة ومن حلفائهم، من بني أسد بن خزيمة: ‏‏
عبدالله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد؛ وأخوه عبيد الله بن جحش، معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية؛ وقيس بن عبدالله، رجل من بني أسد بن خزيمة، معه امرأته بركة بنت يسار، مولاة أبي سفيان بن حرب بن أمية؛ ومعيقيب بن أبي فاطمة.
وهؤلاء آل سعيد بن العاص، سبعة نفر.
قال ابن هشام: ‏‏ومُعيقيب من دوس. ‏‏

المهاجرون من بني عبد شمس إلى الحبشة
قال ابن إسحاق: ‏‏ومن بني عبد شمس بن عبد مناف، أبو حذيفة بن عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس؛ وأبو موسى الأشعري، واسمه عبدالله بن قيس، حليف آل عتبة بن ربيعة، رجلاًن.

المهاجرون من بني نوفل إلى الحبشة
ومن بني نوفل بن عبد مناف: ‏‏عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان، حليف لهم، رجل. ‏‏

المهاجرون من بني أسد إلى الحبشة
ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي: ‏‏الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد، والأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد، ويزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، وعمرو بن أمية بن الحارث بن أسد، أربعة نفر. المهاجرون من بني عبد بن قصي إلى الحبشة ومن بني عبد بن قصي: ‏‏طُليب بن عمير بن وهب بن أبي كبير بن عبد بن قصي، رجل. ‏‏

المهاجرون من بني عبد الدار بن قصي إلى الحبشة
ومن بني عبد الدار بن قصي: ‏‏مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار؛ وسويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عُميلة بن السباق ابن عبد الدار؛ وجهم بن قيس بن عبد شُرحبيل بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار، معه امرأته أم حرملة بنت عبد الأسود بن جذيمة بن أقيش ابن عامر بن بياضة بن سبيع بن جعثمة بن سعد بن مُليح بن عمرو، من خزاعة؛ وابناه: ‏‏عمرو بن جهم وخزيمة بن جهم؛ وأبو الروم ابن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار؛ وفراس بن النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار، خمسة نفر.

المهاجرون من بني زهرة إلى الحبشة
ومن بني زهرة بن كلاب: ‏‏عبدالرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد ابن الحارث بن زهرة؛ وعامر بن أبي وقاص وأبو وقاص، مالك بن أهيب ابن عبد مناف بن زهرة؛ والمطلب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة، معه امرأته رملة بنت أبي عوف بن ضُبيرة بن سُعيد بن سعد بن سهم، ولدت له بأرض الحبشة عبدالله بن المطلب. ‏‏

المهاجرون من بني هذيل إلى الحبشة
ومن حلفائهم من هذيل: ‏‏عبدالله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم ابن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، وأخوه: ‏‏عتبة بن مسعود. ‏‏

المهاجرون من بهراء إلى الحبشة
ومن بهراء: ‏‏المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن زهير بن لؤي بن ثعلبة بن مالك بن الشريد ابن أبي أهوز بن أبي فائش بن دُريم بن القين بن أهود بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
قال ابن هشام: ‏‏ويُقال: ‏‏هزل بن فاس بن ذر، ودَهير بن ثور.
قال ابن إسحاق: ‏‏وكان يُقال له المقداد بن الأسود بن عبد يغوث ‏بن وهب بن عبد مناف بن زهرة، وذلك أنه تبناه في الجاهلية، وحالفه ستة نفر. ‏‏

المهاجرون من بني تيم إلى الحبشة
ومن بني تيم بن مرة: ‏‏الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، معه امرأته ريطة بنت الحارث بن جبلة بن عامر ابن كعب بن سعد بن تيم، ولدت له بأرض الحبشة موسى بن الحارث، وعائشة بنت الحارث، وزينب بنت الحارث، وفاطمة بنت الحارث، وعمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، رجلاًن. ‏‏

المهاجرون من بني مخزوم إلى الحبشة
ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة: ‏‏أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، ومعه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة ابن عبدالله بن عمر بن مخزوم، ولدت له بأرض الحبشة زينب بنت أبي سلمة، واسم أبي سلمة: ‏‏عبدالله، واسم أم سلمة: ‏‏هند، وشماس بن عثمان بن الشريد بن سويد بن هَرْمي بن عامر بن مخزوم.

خبر الشمَّاس
قال ابن هشام: ‏‏واسم شماس: ‏‏عثمان، وإنما سُمِّيَ شمَّاساً، لأن شمَّاساً من الشمامسة، قدم مكة في الجاهلية، وكان جميلاً فعجب الناس من جماله، فقال عتبة بن ربيعة، وكان خال شمَّاس: ‏‏أنا آتيكم بشمَّاس أحسن منه، فجاء بابن أخته عثمان بن عثمان، فسُمِّيَ شمَّاساً.
فيما ذكر ابن شهاب وغيره.
قال ابن إسحاق: ‏‏وهبار بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبدالله ابن عمر بن مخزوم؛ وأخوه عبدالله بن سفيان؛ وهشام بن أبي حذيفة بن المغيرة بن عبدالله بن مخزوم؛ وسلمة بن هشام بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم؛ وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم. ‏‏




ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة   ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Emptyالجمعة 01 أكتوبر 2021, 11:53 pm

المهاجرون من حلفاء بني مخزوم إلى الحبشة
ومن حلفائهم: ‏‏معتب بن عوف بن عمر بن الفضل بن عفيف بن كليب ابن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو، من خزاعة، وهو الذي يُقال له: ‏‏عَيْهامة، ثمانية نفر.
قال ابن هشام: ‏‏ويُقال: ‏‏حُبشية بن سلول، وهو الذي يُقال له معتب بن حمراء. ‏‏

المهاجرون من بني جمح إلى الحبشة
ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب: ‏‏عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح؛ وابنه السائب بن عثمان؛ وأخواه قدامة بن مظعون، وعبدالله بن مظعون؛ وحاطب بن الحارث بن معمر ابن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، معه امرأته فاطمة بنت المجلَّل بن عبدالله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر؛ وابناه: ‏‏مُحَمَّد بن حاطب، والحارث بن حاطب، وهما لبنت المجلل؛ وأخوه حطاب بن الحارث، معه امرأته فكيهة بنت يسار؛ وسفيان بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، معه ابناه: ‏‏جابر بن سفيان، وجنادة بن سفيان، ومعه امرأته حسنة، وهي أمهما، وأخوهما من أمهما شرحبيل بن حسنة، أحد الغوث.
قال ابن هشام: ‏‏شرحبيل بن عبدالله أحدُ الغوث بن مر، أخي تميم بن مر.
قال ابن إسحاق: ‏‏وعثمان بن ربيعة بن أهبان بن وهب بن حذافة بن جمح، أحد عشر رجلاً. ‏‏
من هاجر إلى الحبشة من بني سهم
ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب، خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم؛ وعبدالله بن الحارث بن قيس ابن عدي بن سعد بن سهل، وهشام بن العاص بن وائل بن سعد بن سهم. قال ابن هشام: ‏‏العاص بن وائل بن هاشم بن سعد بن سهم.
قال ابن إسحاق: ‏‏وقيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم؛ وأبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم؛ وعبدالله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم؛ والحارث بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم؛ ومَعْمَر بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم؛ وبشر بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم؛ وأخ له من أمه من بني تميم، يُقال له: ‏‏سعيد بن عمرو؛ وسعيد بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم؛ والسائب بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم؛ وعمير بن رئاب بن حذيفة بن مهشم بن سعد بن سهم.
ومحَمية بن الجزاء، حليف لهم، من بني زبيد، أربعة عشر رجلاً. ‏‏

المهاجرون من بني عدي إلى الحبشة
ومن بني عدي بن كعب: ‏‏معمر بن عبدالله بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي؛ وعروة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي؛ وعدي بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي؛ وابنه النعمان بن عدي؛ وعامر بن ربيعة، حليف لآل الخطاب، من عنز بن وائل، معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن غانم.
خمسة نفر. ‏‏

المهاجرون من بني عامر إلى الحبشة
ومن بني عامر بن لؤي: ‏‏أبو سبرة ابن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر، معه امرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر؛ وعبدالله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر، وعبدالله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن مالك بن حسل بن عامر؛ وسليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر؛ وأخوه السكران بن عمرو، معه امرأته سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر؛ ومالك بن زمعة ابن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر، معه امرأته عمرة بنت السعدي بن وقدان بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر؛ وحاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر؛ وسعد بن خولة، حليف لهم.
ثمانية نفر.
قال ابن هشام: ‏‏سعد بن خولة من اليمن. ‏‏

المهاجرون من بني الحارث إلى الحبشة
قال ابن إسحاق: ‏‏ومن بني الحارث بن فهر: ‏‏أبو عبيدة بن الجراح، وهو عامر بن عبدالله بن الجراح بن هلال بن أُهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر؛ وسهيل بن بيضاء، وهو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث، ولكن أمه غلبت على نسبه، فهو ينسب إليها، وهي دعد بنت جحدم بن أمية من ظرب بن الحارث بن فهر، وكانت تدعى بيضاء؛ وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث؛ وعياض بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث، ويُقال: ‏‏بل ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث؛ وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث؛ وعثمان بن عبد غنم بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث؛ وسعد بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث بن فهر؛ والحارث بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث بن فهر.
ثمانية نفر. ‏‏

عدد مهاجري الحبشة
فكان جميع من لحق بأرض الحبشة، وهاجر إليها من المسلمين، سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم معهم صغارا وولدوا بها، ثلاثة وثمانين رجلاً، إن كان عمار بن ياسر فيهم، وهو يشك فيه. ‏‏

شعر عبدالله بن الحارث في الهجرة إلى الحبشة
وكان مما قيل من الشعر في الحبشة، أن عبدالله بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم، حين أمنوا بأرض الحبشة، وحمدوا جوار النجاشي، وعبدوا الله لا يخافون على ذلك أحداً.

وقد أحسن النجاشي جوارهم حين نزلوا به، قال: ‏‏
يا راكبا بلغن عني مغـلـغـلة        من كان يرجو بلاغ الـلـه والـدينِ
كل امرىء من عباد الله مضطهد        ببطن مكة مقـهـور ومـفـتـون
أنا وجدنا بـلاد الـلـه واسـعة        تنجي من الذل والمخزاة والـهـون
فلا تقيموا على ذل الحياة وخزي        في الممات وعيب غـير مـأمـون
إنا تبعنا رسول الله واطَّـرحـوا        قول النبي وعالوا في الـمـوازين ‏
فاجعل عذابك بالقوم الذين بغـوا        وعائذا بك ان يعلوا فـيُطـغـونـي


وقال عبدالله بن الحارث أيضاً يذكر نفي قريش إيَّاهم من بلادهم.
ويُعاتبُ بعض قومه في ذلك: ‏‏
أبت كبدي، لا أكذبنك، قتالهـم        علي وتأبـاه عـلـي أنـامـلـي
وكيف قتالي معشرا أدبـوكـم        على الحق أن لا تأشبوه ببـاطـل
نفتهم عباد الجن من حر أرضهم        فأضحوا على أمر شديد البـلابـل
فإن تك كانت في عدي أمـانة        عدي بن سعد عن تُقى أو تواصـل
فقد كنت أرجو أن ذلك فـيكـم        بحمد الذي لا يُطَّبى بالـجـعـائل
وبُدلت شبلا شبل كل خـبـيثة        بذي فجر مأوى الضعاف الأرامل


وقال عبدالله بن الحارث أيضاً: ‏‏
وتلك قريش تجحد الله حـقـه        كما جحدت عاد ومدين والحِجْـرُ
فإن أنا لم أبرق فلا يسعنَّـنـي        من الأرض بر ذو فضاء ولا بحر
بأرض بها عبد الإله مُحَمَّد        أُبين ما في النفس إذ بُلغ النقـر ‏

فَسُمِّي عبدالله بن الحارث -يرحمه الله- لبيته الذي قال: ‏‏‏‏(‏المبرق)‏‏. ‏‏

شعر عثمان بن مظعون في ذلك
وقال عثمان بن مظعون يعاتب أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، وهو ابن عمه، وكان يؤذيه في إسلامه، وكان أمية شريفاً في قومه في زمان ذلك: ‏‏
أتيمَ بن عمرو للذي جاء بِغضة        ومن دونه الشرمان والبرك أكتعُ
أأخرجتني من بطن مكة آمنـا        وأسكنتني في صرح بيضاء تقذع
تريش نبالا لا يُواتيك ريشُهـا        وتبري نبالا ريشها لك أجـمـع
وحاربتَ أقواما كراما أعـزة        و أهلكت أقواما بهم كنت تفـزع
ستعلم إن نابتك يوما مـلـمة        وأسلمك الأوباش ما كنت تصنـع

وتيم بن عمرو، الذي يدعو عثمان، جمح، كان اسمه تيما. ‏‏

إرسال قريش إلى الحبشة في طلب المهاجرين إليها
مَنْ أرسلتهما قريش في طلب المهاجرين
قال ابن إسحاق: ‏‏فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة، وأنهم قد أصابوا بها دارا وقرارا، ائتمروا بينهم أن يبعثوا فيهم منهم رجلين من قريش جلدين إلى النجاشي، فيردهم عليهم، ليفتنوهم في دينهم، ويخرجوهم من دارهم، التي اطمأنوا بها وأمنوا فيها؛ فبعثوا عبدالله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص بن وائل، وجمعوا لهما هدايا للنجاشي ولبطارقته، ثم بعثوهما إليه فيهم. ‏‏

شعر أبي طالب للنجاشي يَحُضُّهُ على الدَّفع عن المهاجرين
فقال أبو طالب، حين رأى ذلك من رأيهم وما بعثوهما فيه، أبياتاً للنجاشي يحضُّهُ على حُسن جوارهم والدفع عنهم: ‏‏
ألا ليت شعري كيف في النأي جعفر    وعمرو وأعـداء الـعـدو الأقـارب
وهل نالت أفعال النجاشي جعـفـرا        وأصحابـه أو عـاق ذلـك شـاغـب
تعلم، أبيت اللعن، أنـك مـاجـد        كريم فلا يشقى لـديك الـمـجـانـب
تعلـم بـأن الـلـه زادك بـسـطة        وأسبـاب خـير كـلـهـا بـك لازب
وأنـك فـيض ذو ســجـــال        غزيرة ينال الأعادي نفعها والأقـارب


حديث أم سلمة عن الرسولين اللذين أرسلتهما قريش للنجاشي
قال ابن إسحاق: ‏‏حدثني مُحَمَّد بن مسلم الزهري عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة زوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قالت: ‏‏لما نزلنا أرض الحبشة، جاورنا بها خير جار النجاشي، أمِنَّا على ديننا، وعبدنا الله تعالى لا نُؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه؛ فلما بلغ ذلك قريشا، ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جلدين، وأن يُهدوا للنجاشي هدايا مما يُستطرف من متاع مكة، وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم، فجمعوا له أدما كثيرا، ولم يتركوا من بطارقته بطريقاً إلا أهدوا له هدية، ثم بعثوا بذلك عبدالله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص، وأمروهما بأمرهم، وقالوا لهما: ‏‏ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم، ثم قدما إلى النجاشي هداياه، ثم سلاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم.
قالت: ‏‏فخرجا حتى قدما على النجاشي، ونحن عنده بخير دار، عند خير جار، فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل ‏أن يكلما النجاشي، وقالا لكل بطريق منهم: ‏‏إنه قد ضوى إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينكم، وجاءوا بدين مبتدع، لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم، فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم، فإن قومهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم؛ فقالوا لهما: ‏‏نعم.
ثم إنهما قدما هداياهما إلى النجاشي فقبلها منهما، ثم كلماه فقالا له: ‏‏أيها الملك، إنه قد ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.
قالت: ‏‏ولم يكن شيء أبغض إلى عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع كلامهم النجاشي.
قالت: ‏‏فقالت بطارقته حوله: ‏‏صدقا أيها الملك قومهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم.
قالت: ‏‏فغضب النجاشي، ثم قال: ‏‏لاها الله، إذن لا أسلمهم إليهما، ولا يكاد قوم جاوروني، ونزلوا بلادي، واختاروني على من سواي، حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم، فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما، ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما، وأحسنت جوارهم ما جاوروني. ‏‏

الحوار الذي دار بين المهاجرين والنجاشي
قالت: ‏‏ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فدعاهم، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا، قال بعضهم لبعض: ‏‏ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟‏‏ قالوا: ‏‏نقول: ‏‏والله ما علمنا، وما أمرنا به نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كائنا في ذلك ما هو كائن.
فلما جاءوا، وقد دعا النجاشي أساقفته، فنشروا مصاحفهم حوله، سألهم فقال لهم: ‏‏ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا به في ديني، ولا في دين أحد من هذه الملل؟‏‏ قالت: ‏‏فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه، فقال له: ‏‏أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف؛ فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات؛ وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام -قالت: ‏‏فعدد عليه أمور الإسلام- فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك؛ ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نُظلم عندك أيها الملك.
قالت: ‏‏فقال له النجاشي: ‏‏هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟‏‏ قالت: ‏‏فقال له جعفر: ‏‏نعم؛ فقال له النجاشي: ‏‏فاقرأه علي؛ قالت: ‏‏فقرأ عليه صدرا من: ‏‏‏‏((‏كهيعص)).
قالت: ‏‏فبكى والله النجاشي حتى اخضلَّت لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم، حين سمعوا ما تلا عليهم.
ثم قال لهم النجاشي: ‏‏إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يُكادون. ‏‏



ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة   ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Emptyالسبت 02 أكتوبر 2021, 12:00 am

رأي المهاجرين في عيسى عليه السلام أمام النجاشي
قالت: ‏‏فلما خرجا من عنده، قال عمرو بن العاص: ‏‏والله لآتينه غداً عنهم بما أستأصل به خضرائهم. قالت: ‏‏فقال له عبدالله بن أبي ربيعة، وكان أتقى الرجلين فينا: ‏‏لا تفعل، فإن لهم أرحاماً، وإن كانوا قد خالفونا، قال: ‏‏والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد.
قالت: ‏‏ثم غدا عليه من الغد فقال له‏‏: ‏‏أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه.

قالت‏‏: ‏‏فأرسل إليهم ليسألهم عنه.
قالت: ‏‏ولم ينزل بنا مثلها قط.
فاجتمع القوم، ثم قال بعضهم لبعض: ‏‏ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه؟‏‏ قالوا: ‏‏نقول والله ما قال الله، وما جاءنا به نبينا، كائنا في ذلك ما هو كائن.
قالت: ‏‏فلما دخلوا عليه، قال لهم: ‏‏ماذا تقولون في عيسى بن مريم؟‏‏ قالت: ‏‏فقال جعفر بن أبي طالب: ‏‏نقول فيه الذي جاءنا به نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، يقول: ‏‏هو عبدالله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم ‏العذارء البتول.
قالت: ‏‏فضرب النجاشي بيده إلى الأرض، فأخذ منها عودا، ثم قال: ‏‏والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود، قالت: ‏‏فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال؛ فقال: ‏‏وإن نخرتم والله، اذهبوا فأنتم شُيوم بأرضي -والشيوم: ‏‏الآمنون- مَن سبَّكم غرم، ثم قال: ‏‏من سبكم غرم، ثم قال: ‏‏من سبكم غرم.
ما أحب أن لي دبرا من ذهب، وأني آذيت رجلاً منكم -قال ابن هشام: ‏‏ويُقال دبرا من ذهب، ويُقال: ‏‏فأنتم سيوم، والدبر: ‏‏بلسان الحبشة: ‏‏الجبل- ردوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لي بها، فو الله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس فيّ فأطيعهم فيه.
قالت: ‏‏فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دار، مع خير جار. ‏‏

المهاجرون يفرحون بانتصار النجاشي على عدوه
قالت: ‏‏فو الله إنا لعلي ذلك، إذ نزل به رجل من الحبشة ينازعه في ملكه.
قالت: ‏‏فو الله ما علمتُنا حزنَّا حزنا قطُّ كان أشد علينا من حزن حزنَّاه عند ذلك، تخوفا أن يظهر ذلك الرجل على النجاشي، فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه.
قالت: ‏‏وسار إليه النجاشي، وبينهما عرض النيل، قالت: ‏‏فقال أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ‏‏من رجل يخرج حتى يحضر وقيعة القوم ثم يأتينا بالخبر؟‏‏ قالت: ‏‏فقال الزبير بن العوام: ‏‏أنا، قالوا: ‏‏فأنت.
وكان من أحدث القوم سِنّاً.
قالت: ‏‏فنفخوا له قربة فجعلها في صدره، ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم.
قالت: ‏‏فدعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه، والتمكين له في بلاده.
قالت: ‏‏فو الله إنا لعلى ذلك متوقعون لما هو كائن، إذ طلع الزبير وهو يسعى، فلمع بثوبه وهو يقول: ‏‏ألا أبشروا، فقد ظفر النجاشي، وأهلك الله عدوه، ومكن له في بلاده.
قالت: ‏‏فو الله ما علمتنا فرحنا فرحة قط مثلها.
قالت: ‏‏ورجع النجاشي، وقد أهلك الله عدوه، ومكن له في بلاده، واستوسق عليه أمر الحبشة، فكنا عنده في خير منزل، حتى قدمنا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وهو بمكة. ‏‏

قصة تملُّك النجاشي على الحبشة
قتل أبي النجاشي، وتملك عمُّه قال ابن إسحاق: ‏‏قال الزهري: ‏‏فحدثت عروة بن الزبير حديث أبي بكر ابن عبدالرحمن، عن أم سلمة زوج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال: ‏‏هل تدري ما قوله: ‏‏ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناسَ فيّ فأطيع الناس فيه؟‏‏ قال: ‏‏قلت: ‏‏لا؛ قال: ‏‏فإن عائشة أم المؤمنين حدثتني أن أباه كان ملك قومه، ولم يكن له ولد إلا النجاشي، وكان للنجاشي عم، له من صلبه اثنا عشر رجلاً، وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة، فقالت الحبشة بينها: ‏‏لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملَّكنا أخاه فإنه لا ولد له غير هذا الغلام، وإن لأخيه من صلبه اثني عشر رجلاً، فتوارثوا ملكه من بعده، بقيت الحبشة بعده دهراً؛ فغدوا على أبي النجاشي فقتلوه، وملَّكوا أخاه، فمكثوا على ذلك حينا. ‏‏

الحبشة تبيع النجاشي
ونشأ النجاشي مع عمه، وكان لبيباً حازماً من الرجال، فغلب على أمر عمه، ونزل منه بكل منزلة؛ فلما رأت الحبشة مكانه منه قالت بينها: ‏‏والله لقد غلب هذا الفتى على أمر عمه، وإنا لنتخوف أن يملِّكه علينا، وإن ملكه علينا ليقتلنا أجمعين، لقد عرف أنا نحن قتلنا أباه.
فمشوا إلى عمه فقالوا: ‏‏إمَّا أن تقتل هذا الفتى، وإمَّا أن تخرجه من بين أظهرنا، فإنا قد خفناه على أنفسنا؛ قال: ‏‏ويلكم!‏‏ قتلت أباه بالأمس، وأقتله اليوم!‏‏ بل أخرجه من بلادكم.
قالت: ‏‏فخرجوا به إلى السوق، فباعوه من رجل من التجار بست مئة درهم؛ فقذفه في سفينة فانطلق به، حتى إذا كان العشي من ذلك اليوم، هاجت سحابة من سحائب الخريف فخرج عمه يستمطر تحتها، فأصابته صاعقة فقتلته.
قالت: ‏‏ففزعت الحبشة إلى ولده، فإذا هو محمَّق، ليس في ولده خير، فمرج على الحبشة أمرهم. ‏‏

تولية النجاشي الملك برضا الحبشة
فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك، قال بعضهم لبعض: ‏‏تعلموا والله أن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره للذي بعتم غدوة، فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه الآن.
قالت: ‏‏فخرجوا في طلبه، وطلب الرجل الذي باعوه منه حتى أدركوه، فأخذوه منه؛ ثم جاءوا به، فعقدوا عليه التاج، وأقعدوه على سرير المُلك، فملكوه. ‏‏

حديث التاجر الذي ابتاع النجاشي
فجاءهم التاجر الذي كانوا باعوه منه، فقال: ‏‏إما أن تعطوني مالي، وإما أن أكلمه في ذلك؟‏‏ قالوا: ‏‏لا نعطيك شيئا، قال: ‏‏إذن والله أكلمه؛ قالوا: ‏‏فدونك وإياه.
قالت: ‏‏فجاءه فجلس بين يديه، فقال: ‏‏أيها الملك، ابتعت غلاما من قوم بالسوق بست مئة درهم، فأسلموا إلي غلامي وأخذوا دراهمي، حتى إذا سرت بغلامي أدركوني، فأخذوا غلامي، ومنعوني دراهمي.
قالت: ‏‏فقال لهم النجاشي: ‏‏لتُعطنَّه دراهمه، أو ليضعن غلامه يده في يده، فليذهبن به حيث شاء؛ قالوا: ‏‏بل نعطيه دراهمه.
قالت: ‏‏فلذلك يقول: ‏‏ما أخذ الله مني رشوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس فيّ فأُطيع الناس فيه.
قالت: ‏‏وكان ذلك أول ما خُبر من صلابته في دينه، وعدله في حكمه.
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: ‏‏لما مات النجاشي، كان يُتحدث أنه لا يزال يُرى على قبره نور.

إسلام النجاشي والصلاة عليه وخروج الحبشة عليه
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني جعفر بن مُحَمَّد، عن أبيه، قال: ‏‏اجتمعت الحبشة فقالوا للنجاشي: ‏‏إنك قد فارقت ديننا، وخرجوا عليه.
فأرسل إلى جعفر وأصحابه، فهيأ لهم سفناً، وقال: ‏‏اركبوا فيها وكونوا كما أنتم، فإن هزمتُ فامضوا حتى تلحقوا بحيث شئتم، وإن ظفرت فاثبتوا.
ثم عمد إلى كتاب فكتب فيه: ‏‏هو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن مُحَمَّداً عبده ورسوله، ويشهد أن عيسى بن مريم عبده ورسوله وروحه، وكلمته ألقاها إلى مريم؛ ثم جعله في قبائه عند المنكب الأيمن، وخرج إلى الحبشة، وصفُّوا له، فقال: ‏‏يا معشر الحبشة، ألست أحق الناس بكم؟‏‏ قالوا: ‏‏بلى؛ قال: ‏‏فكيف رأيتم سيرتي فيكم؟‏‏ قالوا: ‏‏خير سيرة؛ قال: ‏‏فما بالكم؟‏‏ قالوا: ‏‏فارقت ديننا، وزعمت أن عيسى عبد؛ قال: ‏‏فما تقولون أنتم في عيسى‏‏؟‏‏ قالوا: ‏‏نقول هو ابن الله؛ فقال النجاشي، ووضع يده على صدره على قبائه: ‏‏هو يشهد أن عيسى بن مريم، لم يزد على هذا شيئاً، وإنما يعني ما كتب، فرضوا وانصرفوا عنه.
فبلغ ذلك النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ فلمَّا مات النجاشي صلى عليه، واستغفر له. ‏‏

إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
اعتزاز المسلمين بإسلام عمر
قال ابن إسحاق: ‏‏ولما قدم عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة على قريش، ولم يدركوا ما طلبوا من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وردَّهما النجاشي بما يكرهون، وأسلم عمر بن الخطاب، وكان رجلاً ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره، امتنع به أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وبحمزة حتى عازُّوا قريشاً، وكان عبدالله بن مسعود يقول: ‏‏ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة، حتى أسلم عمر بن الخطاب، فلمَّا أسلم قاتل قريشاً حتى صلى عند الكعبة، وصلينا معه، وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى الحبشة.
قال البكائي، قال: ‏‏حدثني مسعر بن كدام، عن سعد بن إبراهيم، قال: ‏‏قال عبدالله بن مسعود: ‏‏إن إسلام عمر كان فتحاً، وإن هجرته كانت نصراً، وإن إمارته كانت رحمةً، ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلى عند الكعبة، وصلينا معه. ‏‏

حديث أم عبدالله بنت أبي حثمة عن إسلام عمر
قال ابن إسحاق: ‏‏حدثني عبدالرحمن بن الحارث بن عبدالله بن عياش بن أبي ربيعة، عن عبدالعزيز بن عبدالله بن عامر بن ربيعة، عن أمه أم عبدالله بنت أبي حثمة، قالت: ‏‏‏‏‏والله إنا لنترحَّل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر في بعض حاجاتنا، إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف علي وهو على شركه -قالت: ‏‏وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشدة علينا- قالت: ‏‏فقال: ‏‏إنه للانطلاق يا أم عبدالله.
قالت: ‏‏فقلت: ‏‏نعم والله، لنخرجن في أرض الله، آذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله مخرجا.
قالت: ‏‏فقال: ‏‏صحبكم الله، ورأيت له رقة لم أكن أراها، ثم انصرف وقد أحزنه -فيما أرى- خروجنا.
قالت: ‏‏فجاء عامر بحاجته تلك، فقلت له: ‏‏يا أبا عبدالله، لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا.
قال: ‏‏أطمعتِ في إسلامه؟‏‏ قالت: ‏‏قلت: ‏‏نعم؛ قال: ‏‏فلا يسلم الذي رأيتِ حتى يسلم حمار الخطاب؛ قالت: ‏‏يأسا منه، لما كان يُرى من غلظته وقسوته عن الإسلام. ‏‏

سبب إسلام عمر
قال ابن إسحاق: ‏‏وكان إسلام عمر فيما بلغني أن أخته فاطمة بنت الخطاب، وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وكانت قد أسلمت وأسلم بعلها سعيد بن زيد، وهما مستخفيان بإسلامهما من عمر، وكان نُعيم بن عبدالله النحَّام من مكة، رجل من قومه، من بني عدي ابن كعب قد أسلم، وكان أيضاً يستخفي بإسلامه فرقا من قومه، وكان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة ‏بنت الخطاب يُقرئها القرآن، فخرج عمر يوما متوشحا سيفه يريد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ورهطا من أصحابه قد ذُكروا له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا، وهم قريب من أربعين ما بين رجال ونساء، ومع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عمه حمزة بن عبدالمطلب، وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق، وعلي بن أبي طالب، في رجال من المسلمين رضي الله عنهم، ممن كان أقام من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بمكة، ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة.
فلقيه نعيم بن عبدالله، فقال له: ‏‏أين تريد يا عمر؟‏‏ فقال: ‏‏أريد مُحَمَّداً هذا الصابئ، الذي فرَّق أمر قريش، وسفه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها، فأقتله؛ فقال له نعيم: ‏‏والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت مُحَمَّداً!‏‏ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟‏‏ قال: ‏‏وأي أهل بيتي؟‏‏ قال: ‏‏خَتَنُكَ وابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو، وأختك فاطمة بنت الخطاب، فقد والله أسلما، وتابعا مُحَمَّداً على دينه، فعليك بهما.
قال: ‏‏فرجع عمر عامدا إلى أخته وختنه، وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة، فيها: ‏‏‏‏((‏‏طه‏‏)) ‏‏يقرئهما إياها، فلما سمعوا حس عمر، تغيب خباب في مخدع لهم، أو في بعض البيت، وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها، وقد سمع عمر حين دنا إلى البيت قراءة خباب عليهما، فلما دخل قال: ‏‏ما هذه الهَيْنَمة التي سمعت؟‏‏ قالا له: ‏‏ما سمعت شيئا؛ قال: ‏‏بلى والله، لقد أُخبرت أنكما تابعتما مُحَمَّداً على دينه، وبطش بختنه سعيد بن زيد؛ فقامت إليه أخته فاطمة ‏بنت الخطاب لتكفه عن زوجها، فضربها فشجها؛ فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه: ‏‏نعم لقد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك.
فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع، فارعوى، وقال لأخته: ‏‏أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرءون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به مُحَمَّد، وكان عمر كاتبا؛ فلما قال ذلك، قالت له أخته: ‏‏إنا نخشاك عليها؛ قال: ‏‏لا تخافي، وحلف لها بآلهته ليردنها إذا قرأها إليها؛ فلما قال ذلك، طمعت في إسلامه، فقالت له: ‏‏يا أخي، إنك نجس، على شركك، وإنه لا يمسها إلا الطاهر، فقام عمر فاغتسل، فأعطته الصحيفة، وفيها: ‏‏‏‏(‏طه).
فقرأها؛ فلما قرأ منها صدرا، قال: ‏‏ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!‏‏ فلما سمع ذلك خباب خرج عليه، فقال له: ‏‏يا عمر، والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه، فإني سمعته أمس وهو يقول: ‏‏اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام، أو بعمر بن الخطاب، فالله الله يا عمر.
فقال له عند ذلك عمر: ‏‏فدلني يا خباب على مُحَمَّد حتى آتيه فأُسلم؛ فقال له خباب: ‏‏هو في بيت عند الصفا، معه فيه نفر من أصحابه، ‏ فأخذ عمر سيفه فتوشحه، ثم عمد إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأصحابه، فضرب عليهم الباب؛ فلما سمعوا صوته، قام رجل من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فنظر من خَلل الباب فرآه متوشحا السيف، فرجع إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وهو فزع، فقال: ‏‏يا رسول الله، هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف؛ فقال حمزة بن عبدالمطلب: ‏‏فأذنْ له، فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه له، وإن كان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه؛ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏ائذن له، فأذن له الرجل، ونهض إليه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حتى لقيه في الحجرة، فأخذ حُجْزته، أو بمجمع ردائه، ثم جَبَذه به جبذة شديدة، وقال: ‏‏ما جاء بك يا ابن الخطاب؟‏‏ فو الله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة، فقال عمر: ‏‏يا رسول الله، جئتك لأومن بالله وبرسوله، وبما جاء من عند الله؛ قال: ‏‏فكبر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن عمر قد أسلم.
فتفرَّق أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من مكانهم، وقد عزوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة، وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وينتصفون بهما من عدوهم.
فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن إسلام عمر بن الخطاب حين أسلم. ‏

ما رواه عطاء ومجاهد عن إسلام عمر
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني عبدالله بن أبي نجيح المكي، عن أصحابه: ‏‏عطاء، ومجاهد، أو عمن روى ذلك: ‏‏أن إسلام عمر فيما تحدثوا به عنه، أنه كان يقول: ‏‏كنت للإسلام مباعدا، وكنت صاحب خمر في الجاهلية، أحبها وأسر بها، وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحَزْوَرة، عند دور آل عمر بن عبد بن عمران المخزومي، قال: ‏‏فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك، قال: ‏‏فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحدا.
قال: ‏‏فقلت: ‏‏لو أني جئت فلانا الخمَّار، وكان بمكة يبيع الخمر، لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها.
قال: ‏‏فخرجت فجئته فلم أجده.
قال: ‏‏فقلت: ‏‏فلو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين.
قال: ‏‏فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة، فإذا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قائم يصلي، وكان إذا صلى استقبل الشام، وجعل الكعبة بينه وبين الشام، وكان مصلاه بين الركنين: ‏‏الركن الأسود، والركن اليماني.
قال: ‏‏فقلت حين رأيته، والله لو أني استمعت لمُحَمَّد الليلة حتى أسمع ما يقول‏‏!‏‏ قال: ‏‏فقلت: ‏‏لئن دنوت منه أستمع منه لأروِّعنه؛ فجئت من قبل الحجر، فدخلت تحت ثيابها، فجعلت أمشي رويداً، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قائمٌ يصلي يقرأ القرآن، حتى قمتُ في قبلته مستقبله، ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة.
قال: ‏‏فلمَّا سمعتُ القرآنَ رَقَّ له قلبي، فبكيتُ ودخلني الإسلام، فلم أزل قائماً في مكاني ذلك، حتى قضى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- صلاته، ثم انصرف، وكان إذا انصرف خرج على دار ابن أبي حسين، وكانت طريقه، حتى يجزع المسعى، ثم يسلك بين دار عباس بن عبدالمطلب، وبين دار ابن أزهر بن عبد عوف الزهري، ثم على دار الأخنس بن شريق، حتى يدخل بيته.
وكان مسكنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في الدار الرقطاء، التي كانت بيدي معاوية بن أبي سفيان.
قال عمر -رضي الله عنه-: ‏‏فتبعتهُ حتى إذا دخل بين دار عباس، ودار ابن أزهر، أدركته؛ فلمَّا سمع رسول اله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حِسِّي عرفني، فظنَّ رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أني إنما تبعته لأوذيه فنهمني، ثم قال: ‏‏ما جاء بك يا ابن الخطاب هذه الساعة؟‏‏ قال: ‏‏قلت: ‏‏جئتُ لأومنَ بالله وبرسوله، وبما جاء من عند الله؛ قال: ‏‏فحَمِدَ اللهَ رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ثم قال: ‏‏قد هداكَ اللهُ يا عمر، ثم مسح صدري، ودعا لي بالثبات، ثم انصرفتُ عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ودخل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بيته.
قال ابن إسحاق: ‏‏والله أعلم أي ذلك كان. ‏‏

ذكر ثبات عمر في إسلامه وجلده
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني نافع مولى عبدالله بن عمر، عن ابن عمر، قال: ‏‏لما أسلم أبي عمر قال‏‏: ‏‏أي قريش أنقل للحديث؟‏‏ فقيل له: ‏‏جميل بن معمر الجمحي.
قال: ‏‏‏‏‏فغدا عليه.
قال عبدالله بن عمر‏‏: ‏‏فغدوت أتبع أثره، وأنظر ما يفعل، وأنا غلام أعقل كل ما رأيت، حتى جاءه، فقال له: ‏‏أعلمت يا جميل أني قد أسلمت، ودخلت في دين مُحَمَّد؟‏‏ قال: ‏‏فو الله ما راجعه حتى قام يجر رداءه واتبعه عمر، واتبعت أبي، حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: ‏‏يا معشر قريش، وهم في أنديتهم حول الكعبة، ألا إن عمر بن الخطاب قد صبا.
قال: ويقول عمر من خلفه: ‏‏كذب، ولكني قد أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا الله، وأن مُحَمَّداً عبده ورسوله.
وثاروا إليه، فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم.
قال: ‏‏وطَلِحَ، فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول: ‏‏افعلوا ما بدا لكم، فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم، أو تركتموها لنا؛ قال: ‏‏فبينما هم على ذلك، إذ أقبل شيخ من قريش، عليه حلة حِبْرَة، وقميص موشى، حتى وقف عليهم، فقال: ‏‏ما شأنكم؟‏‏ قالوا: ‏‏صبا عمر؛ فقال: ‏‏فمه، رجل اختار لنفسه أمرا فماذا تريدون؟‏‏ أترون بني عدي بن كعب يُسلمون لكم صاحبكم هكذا‏‏!‏‏ خلوا عن الرجل.
قال: ‏‏فو الله لكأنما كانوا ثوبا كُشط عنه.
قال: ‏‏فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة: ‏‏يا أبت، من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت، وهم يقاتلونك؟‏‏ فقال: ‏‏ذاك، أي بُنيّ، العاص بن وائل السهمي.
قال ابن هشام: ‏‏وحدثني بعض أهل العلم، أنه قال: ‏‏يا أبت، من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت، وهم يقاتلونك، جزاه الله خيراً.
قال: ‏‏يا بني، ذلك العاص بن وائل، لا جزاه الله خيراً.
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني عبدالرحمن بن الحارث عن بعض آل عمر، أو بعض أهله، قال: ‏‏قال عمر: ‏‏لما أسلمت تلك الليلة، تذكرت أيّ أهل مكة أشد لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت؛ قال: ‏‏قلت: ‏‏أبو جهل -وكان عمر لحنتمة بنت هشام بن المغيرة- قال: ‏‏فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه.
قال: ‏‏فخرج إليَّ أبو جهل، فقال: ‏‏مرحباً وأهلاً بابن أختي، ما جاء بك؟‏‏ قلت: ‏‏جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله مُحَمَّد، وصدَّقت بما جاء به؛ قال: ‏‏فضرب الباب في وجهي وقال: ‏‏قبحك الله، وقبح ما جئت به. ‏‏



ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة   ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Emptyالسبت 02 أكتوبر 2021, 12:17 am

خبر الصحيفة
ائتمار قريش بالرسول
قال ابن إسحاق: ‏‏فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قد نزلوا بلدا أصابوا به أمنا وقرارا، وأن النجاشي قد منع من لجأ إليه منهم، وأن عمر قد أسلم، فكان هو وحمزة بن عبدالمطلب مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأصحابه، وجعل الإسلام يفشو في القبائل، اجتمعوا وائتمروا بينهم أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم، وبني المطلب، على أن لا يُنكحوا إليهم ولا يُنكحوهم، ولا يبيعوهم شيئا، ولا يبتاعوا منهم؛ فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة، ثم تعاهدوا وتواثقوا على ذلك، ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيداً على أنفسهم، وكان كاتبَ الصحيفة منصورُ بن عكرمة بن عامر ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي -قال ابن هشام: ‏‏ويُقال: ‏‏النضر بن الحارث- فدعا عليه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فشُلّ بعض أصابعه. ‏‏
من انحاز إلى أبي طالب ومن خرج عنه
قال ابن إسحاق: ‏‏فلما فعلت ذلك قريش انحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبي طالب بن عبدالمطلب، فدخلوا معه في شعبه واجتمعوا إليه، وخرج من ‏بني هاشم أبو لهب، عبدالعزى بن عبدالمطلب، إلى قريش، فظاهرهم. ‏‏

تهكم أبي لهب بالرسول صلى الله عليه وسلم، وما نزل فيه من القرآن
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني حسين بن عبدالله: ‏‏أن أبا لهب لقي هند بنت عتبة بن ربيعة، حين فارق قومه، وظاهر عليهم قريشا، فقال: ‏‏يا بنت عتبة؛ هل نصرت اللات والعزى، وفارقت من فارقهما وظاهر عليهما؟‏‏ قالت: ‏‏نعم، فجزاك الله خيراً يا أبا عتبة.
قال ابن إسحاق: ‏‏وحُدثت أنه كان يقول بعض ما يقول: ‏‏يعدني مُحَمَّد أشياء لا أراها، يزعم أنها كائنة بعد الموت، فماذا وضع في يديّ بعد ذلك‏‏؟‏‏ ثم ينفخ في يديه ويقول: ‏‏تبا لكما، ما أرى فيكما شيئا مما يقول مُحَمَّد.
فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏‏‏(‏تبت يدا أبي لهب وتبَّ). ‏
قال ابن هشام: ‏‏تََّبت: ‏‏خسرت.
والتباب: ‏‏الخسران.

قال حبيب بن خُدْرة الخارجي: ‏‏
أحد بني هلال بن عامر بن صعصعة: ‏‏
يا طيب إنا في معشر ذهبت        مسعاتهم في التبار والتـبـبِ
وهذا البيت في قصيدة له. ‏‏

شعر أبي طالب في تظاهر قريش على الرسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق: ‏‏فلما اجتمعت على ذلك قريش، وصنعوا فيه الذي صنعوا.

قال أبو طالب: ‏‏
ألا أبلغا عني على ذات بينـنـا        لؤيا وخُصَّا من لؤي بني كـعـبِ
ألم تعلموا أنا وجدنا مُحَمَّداً        نبيا كموسى خُط في أول الكتـب
وأن عليه في العبـاد مـحـبة        ولا خير ممن خصه الله بالـحـب
وأن الذي ألصقتمُ من كتابـكـم        لكم كائن نحسا كراغيه السـقـب
أفيقوا أفيقوا قبل أن يحُفر الثرى        ويصبح من لم يجن ذنبا كذي الذنب
ولا تتبعوا أمر الوشاة وتقطعوا        أواصرنا بعد المـودة والـقـرب
وتستجلبوا حربا عوانا وربـمـا        أمرّ على من ذاقه جلب الحـرب
فلسنا ورب البيت نُسلم أحمـدا        لعزَّاء من عض الزمان ولا كرب
ولما تبنْ منا ومنكم سـوالـف        وأيد أُترّت بالقُساسية الـشـهـب
بمعترك ضيق ترى كسر القنـا        به والنسور الطُخم يعكفن كالشَّرب
كأن مجُال الخيل في حَجَراتـه        ومعمعة الأبطال معركة الحـرب
أليس أبونا هـاشـم شـد أزره        وأوصى بنيه بالطعان وبالضـرب
ولسنا نمل الحرب حتى تملـنـا        ولا نشتكي ما قد ينوب من النكـب
ولكننا أهل الحفائظ والنـهـى        إذا طار أرواح الكماة من الرعب

فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثاً، حتى جُهدوا لا يصل إليهم شيء، إلا سراً مستخفياً به من أراد صلتهم من قريش. ‏‏

أبو جهل يحكم الحصار على المسلمين
وقد كان أبو جهل بن هشام -فيما يذكرون- لقي حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ومعه في الشعب، فتعلق به وقال: ‏‏أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟‏‏ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة.
فجاءه أبو البَخْتري بن هشام بن الحارث بن أسد، فقال: ‏‏ما لك وله؟‏‏ فقال: ‏‏يحمل الطعام إلى بني هاشم؛ فقال له أبو البختري: ‏‏طعام كان لعمته عنده بعثت إليه فيه، أفتمنعه أن يأتيها بطعامها!‏‏ خلّ سبيل الرجل؛ فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه، فأخذ له أبو البختري لَحْي ‏بعير فضربه به فشجه، ووطئه وطأ شديدا، وحمزة بن عبدالمطلب قريب يرى ذلك، وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأصحابه، فيشمتوا بهم، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- على ذلك يدعو قومه ليلاً ونهاراً، وسراً وجهاراً، مبادياً بأمر الله لا يتقي فيه أحداً من الناس. ‏‏

ذكر ما لقي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من قومه من الأذى
ما نزل من القرآن في أبي لهب وامرأته حمالة الحطب
فجعلت قريش حين منعه الله منها، وقام عمه وقومه من بني هاشم، وبني المطلب دونه، وحالوا بينهم وبين ما أرادوا من البطش به، يهمزونه ويستهزئون به ويخاصمونه، وجعل القرآن ينزل في قريش بأحداثهم، وفيمن نصب لعداوته منهم، ومنهم من سمّى لنا، ومنهم من نزل فيه القرآن في عامة من ذكر الله من الكفار، فكان ممن سمّي لنا من قريش ممن نزل فيه القرآن عمه أبو لهب بن عبدالمطلب وامرأته أم جميل بنت حرب ابن أمية، حمَّالة الحطب، وإنما سماها الله تعالى حمالة الحطب، لأنها كانت -فيما بلغني- تحمل الشوك فتطرحه على طريق رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حيث يمر، فأنزل الله تعالى فيهما‏‏: ‏‏‏‏(‏تبت يدا أبي لهبٍ وتبْ، ما أغنى عنه مَالُهُ وما كسب، سيصلى نارًا ذات لهبٍ، وامرأتُهُ حمَّالةَ الحَطَبْ، فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِن مَّسَدٍ).
قال ابن هشام: ‏‏الجيد: ‏‏العنق.

قال أعشى بني قيس بن ثعلبة: ‏‏
يوم تُبدي لنا قُتيلة عن جيد        أسـيل تـزينـه الأطـواقُ
وهذا البيت في قصيدة له.
وجمعه: ‏‏أجياد.
والمسد: ‏‏شجر يدق كما يدق الكتان فتفتل منه حبال.

قال النابغة الذبياني، واسمه زياد بن عمرو ابن معاوية: ‏‏
مقذوفة بدخيس النحض بازلها        له صريف صريف القعو بالمسدِ
وهذا البيت في قصيدة له. وواحدته: ‏‏مسدة. ‏‏

أم جميل امرأة أبي لهب ورد الله كيدها عن الرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق: ‏‏فذُكر لي: ‏‏أن أم جميل: ‏‏حمالة الحطب، حين سمعت ما نزل فيها، وفي زوجها من القرآن، أتت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق، وفي يدها فِهْر من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت: ‏‏يا أبا بكر، أين صاحبك؟‏‏ فقد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إني لشاعرة، ثم قالت: ‏‏مذمماً عصينا وأمره أبَيْنا ودينه قَلَيْنا
ثم انصرفت، فقال أبو بكر: ‏‏يا رسول الله أما تُراها رأتك؟‏‏ فقال: ‏‏ما رأتني، لقد أخذ الله ببصرها عني. قال ابن هشام: ‏‏قولها ‏‏(‏ودينه قلينا)‏‏ عن غير ابن إسحاق.
قال ابن إسحاق: ‏‏وكانت قريش إنما تسمي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مذمما، ثم يسبونه، فكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يقول: ‏‏ألا تعجبون لما يصرف الله عني من أذى قريش، يسبون ويهجون مذمماَّ، وأنا مُحَمَّد. ‏‏

إيذاء أمية بن خلف للرسول صلى الله عليه وسلم
وأمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، كان إذا رأى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- همزه ولمزه، فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏‏‏


(‏وَيْلٌ لِكُلِّ هُمزةٍ لُمَزَةٍ، الّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ .‏‏ يَحْسَبُ أنَّ مَالَهُ أخْلَدَهُ .‏‏ كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ، وَمَا أدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ، نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ، التي تطلّعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ .‏‏ إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِي عََمَدٍ مُمَدَّدَةٍ).
قال ابن هشام: ‏‏الهمزة: ‏‏الذي يشتم الرجل علانية، ويكسر عينيه عليه، ويغمز به.

قال حسان بن ثابت: ‏‏
همزتك فاخْتضعْتُ لذل نفس        بقافية تـأجـج كـالـشُـواظِ
وهذا البيت في قصيدة له.
وجمعه: ‏‏همزات.
واللمزة: ‏‏الذي يعيب الناس سراً ويؤذيهم.

قال رؤبة بن العجاج: ‏‏
في ظل عَصْريْ باطلي ولمزي
وهذا البيت في أرجوزة له، وجمعه: ‏‏لمزات. ‏‏

إيذاء العاص الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وما نزل فيه من قرآن
قال ابن إسحاق: ‏‏والعاص بن وائل السهمي، كان خباب بن الأرت، صاحب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قيناً بمكة يعمل السيوف، وكان قد باع من العاص ابن وائل سيوفاً عملها له حتى كان له عليه مال، فجاءه يتقاضاه، فقال له: ‏‏يا خباب، أليس يزعم مُحَمَّد صاحبكم هذا الذي أنت على دينه أن في الجنة ما ابتغى أهلُها من ذهب، أو فضة، أو ثياب، أو خدم!‏‏ قال خباب: ‏‏بلى.
قال: ‏‏فأنظرني إلى يوم القيامة يا خباب حتى أرجع إلى تلك الدار فأقضيك هنالك حقك، فو الله لا تكون أنت وصاحبك يا خباب آثر عند الله مني، ولا أعظم حظاً في ذلك.
فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏‏‏(‏أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالًا وولدًا، أطلع الغيب).‏‏‏‏.‏‏.‏‏ إلى قوله تعالى: ‏‏‏‏(‏ونرثه ما يقول، ويأتينا فردًا). ‏‏

إيذاء أبي جهل الرسول صلى الله عليه وسلم، وما نزل فيه
ولقي أبو جهل بن هشام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، -فيما بلغني- فقال له: ‏‏والله يا مُحَمَّد، لتتركن سَبَّ آلهتنا، أو لنسبن إلهك الذي تعبد.
فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏‏‏(‏ولا تسُبُّوا الذين يدعون من دون الله، فيسُبُّوا الله عدوًا بغير علم).
فذُكر لي أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَفَّ عن سَبِّ آلهتهم، وجعل يدعوهم إلى الله. ‏‏

إيذاء النضر الرسول صلى الله عليه وسلم، وما نزل فيه
والنضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، كان إذا جلس رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مجلساً، فدعا فيه إلى الله تعالى وتلا فيه القرآن، وحذّر فيه قريشاً ما أصاب الأمم الخالية، خلفه في مجلسه إذا قام، فحدَّثهم عن رستم السنديد، وعن أسفنديار، وملوك فارس، ثم يقول: ‏‏والله ما مُحَمَّد بأحسن حديثاً مني، وما حديثه إلا أساطير الأولين، اكتتبها كما اكتتبتها.
فأنزل الله فيه: ‏‏‏‏(‏وقالوا أساطيرُ الأولين اكتتبها فهي تُملى عليه بُكرةً وأصيلًا، قل أنزله الذي يعلم السِّرَّ في السَّماوات والأرض، إنه كان غفورًا رحيمًا).
ونزل فيه ‏‏(‏إذا تُتلى عليه آياتُنا قال أساطيرُ الأولين).
ونزل فيه: ‏‏‏‏(‏ويلٌ لكل أفاكٍ أثيمٍ يسمعُ آياتِ الله تُتلى عليه ثم يُصرُّ مُستكبرًا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرًا، فبشِّرهُ بعذابٍ أليمٍ).
قال ابن هشام: ‏‏الأفاك: ‏‏الكذاب.
وفي كتاب الله تعالى: ‏‏‏‏(‏ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله، وإنهم لكاذبون). ‏

وقال رؤبة بن العجاج: ‏‏
ما لامرئ أفَّك قولا إفكا
وهذا البيت في أرجوزة له. 



قال ابن إسحاق: ‏‏وجلس رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يوماً -فيما بلغني- مع الوليد بن المغيرة في المسجد، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم في المجلس، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فعرض له النضر بن الحارث، فكلمه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حتى أفحمه، ثم تلا عليه وعليهم: ‏‏‏‏(‏إنكم وما تعبدون من دون الله حَصَبُ جهنَّم أنتم لها واردون، لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها، وكلٌ فيها خالدون، لهم فيها زفيرٌ، وهم فيها لا يسمعون).
قال ابن هشام: ‏‏حصب جهنم: ‏‏كل ما أوقدت به.

قال أبو ذؤيب الهذلي، واسمه خويلد بن خالد‏‏: ‏‏
فأطفئ ولا توقد ولا تك محضأ        لنار العداة أن تطير شـكـاتـهـا
وهذا البيت في أبيات له.
ويُروى ‏‏(‏ولا تك محضأ)‏‏.

قال الشاعر: ‏‏
حضأت له ناري فأبصر ضوءها        وما كان لولا حضأة النار يهـتـدي

مقالة ابن الزبعرى، وما أنزل الله فيه
قال ابن إسحاق: ‏‏ثم قام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وأقبل عبدالله بن الزبعرى السهمي حتى جلس، فقال الوليد بن المغيرة لعبدالله بن الزبعرى: ‏‏والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبدالمطلب آنفاً وما قعد، وقد زعم مُحَمَّد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم؛ فقال عبدالله بن الزبعرى: ‏‏أما والله لو وجدته خصمته، فسلوا مُحَمَّداً: ‏‏أكلّ ما يُعبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟‏‏ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيراً، والنصارى تعبد عيسى بن مريم عليهما السلام؛ فعجب الوليد، ومن كان معه في المجلس من قول عبدالله بن الزبعرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم.
فذُكر لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من قول ابن الزبعرى، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏إن كل مَنْ أحَبَّ أن يُعبد من دون الله فهو مع مَنْ عبده، إنهم إنما يعبدون الشياطين، ومن أمرتهم بعبادته.
فأنزل الله تعالى عليه في ذلك‏‏: ‏‏‏‏(‏إن الذين سبقت لهم منا الحُسنى، أولئك عنها مُبعدون، لا يسمعون حسيسها، وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون): ‏‏أي عيسى بن مريم، وعزيراً، ومن عُبدوا من الأحبار والرهبان الذي مضوا على طاعة الله، فاتخذهم من يعبدهم من أهل الضلالة أرباباً من دون الله. ونزَّل فيما يذكرون، أنهم يعبدون الملائكة، وأنها بنات الله: ‏‏‏‏(‏وقالوا اتخذ الرحمنُ ولدًا سبحانه، بل عبادٌ مُكرمون .‏‏ لا يسبقونه بالقول، وهم بأمره يعملون).‏‏‏‏.‏‏.‏‏ إلى قوله: ‏‏‏‏(‏ومن يقل منهم إني إلهٌ من دونه، فذلك نجزيه جهنم، كذلك نجزي الظالمين). ‏
ونزّل فيما ذكر من أمر عيسى بن مريم أنه يُعبد من دون الله، وعجب الوليد ومن حضره من حجته وخصومته: ‏‏‏‏(‏ولَمَّا ضُرب ابن مريم مثلًا إذا قومك منه يصدون): ‏‏أي يصدون عن أمرك بذلك من قولهم. ثم ذكر عيسى بن مريم فقال: ‏‏‏‏(‏إن هو إلا عبدٌ أنعمنا عليه، وجعلناه مثلًا لبني إسرائيل، ولو نشاءُ لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون، وإنه لعلمٌ للساعة فلا تمترُنَّ بها واتبعون هذا صراطٌ مستقيمٌ): ‏‏أي ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى، وإبراء الأسقام، فكفى به دليلا على علم الساعة، يقول: ‏‏‏‏(‏فلا تمترن بها واتبعون، هذا صراط مستقيم). ‏‏



ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة   ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Emptyالسبت 02 أكتوبر 2021, 12:26 am

الأخنس بن شريق، وما أنزل الله فيه
قال ابن إسحاق: ‏‏والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي، حليف بني زهرة، وكان من أشراف القوم وممن يُستمع منه، فكان يصيب من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ويرد عليه؛ فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏‏‏(‏ولا تطع كُلَّ حلافٍ مهينٍ، هماز مشَّاءٍ بنميم).‏‏‏‏.‏‏.
إلى قوله تعالى: ‏‏‏‏(‏زنيم)‏‏، ولم يقل: ‏‏‏‏(‏زنيم)‏‏ لعيب في نسبه، لأن الله لا يعيب أحداً بنسب، ولكنه حقق بذلك نعته ليُعرف.
والزنيم: ‏‏العديد للقوم.

وقد قال الخطيم التميمي في الجاهلية: ‏‏
زنيم تداعـاه الـرجـال زيادة        كما زيد في عرض الأديم الأكارعُ ‏

الوليد بن المغيرة، وما أنزل الله تعالى فيه
والوليد بن المغيرة، قال: ‏‏أيُنزَّل على مُحَمَّد وأُترك وأنا كبير قريش وسيدها، ويترك أبو مسعود عمرو بن عمير الثقفي سيد ثقيف، ونحن عظيما القريتين، فأنزل الله تعالى فيه، فيما بلغني: ‏‏‏‏(وقالوا لولا نُزِّلَ هذا القرآنُ على رجل من القريتين عظيم).‏‏‏‏.‏‏.‏‏ إلى قوله تعالى: ‏‏‏‏(‏مِمَّا يجمعون). ‏‏

أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط وما أنزل الله فيهما
وأبي بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، وعقبة بن أبي معيط، وكانا متصافيين، حَسَنا ما بينهما. فكان عقبة قد جلس إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وسمع منه، فبلغ ذلك أبيا، فأتى عقبة فقال له: ‏‏ألم يبلغني أنك جالست مُحَمَّداً وسمعت منه، قال: ‏‏وجهي من وجهك حرام أن أكلمك -واستغلظ من اليمين- إن أنت جلست إليه أو سمعت منه، أو لم تأته فتتفل في وجهه.
ففعل ذلك عدو الله عقبة بن أبي معيط لعنه الله.
فأنزل الله تعالى فيهما: ‏‏‏‏(‏ويوم يَعَضُ الظالمُ على يديه يقولُ يا ليتني اتخذتُ مع الرسول سبيلًا).‏‏‏‏.‏‏.‏‏ إلى قوله تعالى: ‏‏‏‏(‏للإنسان خذولًا).
ومشى أبي بن خلف إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بعظم بال قد ارْفتَّ، فقال: ‏‏يا مُحَمَّد، أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ما أرمّ، ثم فتَّه في يده، ثم نفخه في الريح نحو رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏نعم، أنا أقول ذلك، يبعثه الله وإياك بعدما تكونان هكذا، ثم يدخلك الله النار.
فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏‏‏(‏وضرب لنا مثلًا ونسي خلقه قال: ‏‏مَنْ يُحيي العظام وهي رميم، قل يحييها الذي أنشأها ‏أول مَرَّةٍ وهو بكل خلق عليم، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارًا، فإذا أنتم منه تُوقدون). ‏‏

سورة ‏‏(‏قل يا أيها الكافرون) ‏‏وسبب نزولها
واعترض رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وهو يطوف بالكعبة -فيما بلغني- الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، والوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل السهمي، وكانوا ذوي أسنان في قومهم، فقالوا: ‏‏يا مُحَمَّد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيراً مما نعبد، كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيراً مما تعبد، كنت قد أخذت بحظك منه. فأنزل الله تعالى فيهم: ‏‏‏‏(‏قل يا أيها الكافرون . لا أعبد ما تعبدون . ولا أنتم عابدون ما أعبد . ولا أنا عابد ما عبدتم .‏‏ ولا أنتم عابدون ما أعبد .‏‏ لكم دينكم ولي دينِ)، ‏‏أي إن كنتم لا تعبدون الله، إلا أن أعبد ما تعبدون، فلا حاجة لي بذلك منكم، لكم دينكم جميعاً، وليَ ديني. ‏‏

أبو جهل، وما أنزل الله فيه
وأبو جهل بن هشام، لَمَّا ذكر الله عز وجل شجرة الزقوم تخويفاً بها لهم، قال: ‏‏يا معشر قريش، هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها مُحَمَّد؟‏‏ قالوا: ‏‏لا؛ قال: ‏‏‏عجوة يثرب بالزبد، والله لئن استمكنا منها لنتزقمنَّها تزقماً.
فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏‏‏(‏إن شجرة الزقوم، طعام الأثيم، كالمُهل يغلي في البطون كغلي الحميم): ‏‏أي ليس كما يقول.

تفسير لفظ ‏‏(‏المهل)‏‏
قال ابن هشام: ‏‏المهل: ‏‏كل شيء أذبته، من نحاس أو رصاص أو ما أشبه ذلك فيما أخبرني أبو عبيدة. وبلغنا عن الحسن البصري أنه قال: ‏‏كان عبدالله بن مسعود والياً لعمر ابن الخطاب على بيت مال الكوفة، وأنه أمر يوماً بفضة فأُذيبت، فجعلت تلون ألواناً، فقال: ‏‏هل بالباب من أحد؟‏‏ قالوا: ‏‏نعم؛ قال: ‏‏فأدخلوهم، فأدخلوا، فقال: ‏‏إن أدنى ما أنتم راؤن شبهاً بالمُهل، لهذا.

وقال الشاعر: ‏‏
يسقيه ربي حميم المهل يجرعه        يشوي الوجوه فهو في بطنه صهر
ويُقال: ‏‏إن المهل: ‏‏صديد الجسد.

وقال عبدالله بن الزبير الأسدي: ‏‏
فمن عاش منهم عاش عبداً وإن يمت    ففي النار يُسقى مهلهـا وصـديدهـا
وهذا البيت في قصيدة له. ‏

استشهاد في تفسير ‏‏(‏المهل)‏‏ بكلام لأبي بكر
بلغنا أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- لما حُضِر أمر بثوبين لَبِيْسين يُغسلان فيكفن فيهما، فقالت له عائشة: ‏‏قد أغناك الله يا أبت عنهما، فاشترِ كفناً، فقال: ‏‏إنما هي ساعة حتى يصير إلى المُهل.

قال الشاعر: ‏‏
شاب بالماء منه مُهلا كريها        ثم علّ المتون بعد الـنـهـالِ

قال ابن إسحاق: ‏‏فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏‏‏(‏والشجرة الملعونة في القرآن، وُنخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانًا كبيرًا). ‏‏

ابن أم مكتوم، والوليد، ونزول سورة ‏‏(‏عبس)‏‏
ووقف الوليد بن المغيرة مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُكلمه، وقد طمع في إسلامه، فبينا هو في ذلك، إذ مَرَّ به ابن أم مكتوم الأعمى، فكلّم رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وجعل يستقرئه القرآن، فشقَّ ذلك منه على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حتى أضجره، وذلك أنه شغله عمَّا كان فيه من أمر الوليد، وما طمع فيه من إسلامه.
فلما أكثر عليه انصرف عنه عابساً وتركه.
فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏‏‏(‏عبس وتولى أن جاءه الأعمى).‏‏‏‏.‏‏.‏‏ إلى قوله تعالى: ‏‏‏‏(‏في صُحُفٍ مُكرَّمَةٍ، مرفوعةٍ مُطهرةٍ) ‏‏أي إنما بعثتك بشيراً ونذيراً، لم أخص بك أحداً دون أحدٍ، فلا تمنعه مِمَّن ابتغاه، ولا تتصدينّ به لِمَنْ لا يريده. ‏
قال ابن هشام: ‏‏ابن أم مكتوم، أحد بني عامر بن لؤي، واسمه عبدالله، ويُقال: ‏‏عمرو. ‏‏

ذكر مَنْ عاد من أرض الحبشة لَمَّا بلغهم إسلام أهل مكة
سبب رجوع مهاجرة الحبشة
قال ابن إسحاق: ‏‏وبلغ أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، الذين خرجوا إلى أرض الحبشة، إسلام أهل مكة، فأقبلوا لما بلغهم من ذلك، حتى إذا دنوا من مكة، بلغهم أن ما كانوا تحدثوا به من إسلام أهل مكة كان باطلا، فلم يدخل منهم أحد إلا بجوار أو مستخفياً.

من عاد من بني عبد شمس وحلفائهم
فكان ممن قدم عليه مكة منهم، فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة، فشهد معه بدراً وأحُداً، ومن حُبس عنه حتى فاته بدر وغيره، ومن مات بمكة منهم من بني عبد شمس بن عبد مناف بن قصي: ‏‏عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، ومعه امرأته رقية بنت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.
وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وامرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو.

ومن حلفائهم:
‏‏عبدالله بن جحش بن رئاب.

من عاد من بني نوفل
ومن بني نوفل بن عبد مناف: ‏‏عتبة بن غزوان، حليف لهم، من قيس ابن عيلان.

من عاد من بني أسد
ومن بني أسد بن عبدالعزى بن قصي: ‏‏الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد.

من عاد من بني عبد الدار
ومن بني عبد الدار بن قصي: ‏‏مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف؛ بن عبد الدار.
وسُويبط بن سعد بن حرملة.
 ‏
من عاد من بني عبد بن قصي
ومن بني عبد بن قصي: ‏‏طُليب بن عمير بن وهب بن عبد.

من عاد من بني زهرة
ومن بني زهرة بن كلاب: ‏‏عبدالرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد ابن الحارث بن زهرة؛ والمقداد بن عمرو‏‏، حليف لهم؛ وعبدالله بن مسعود، حليف لهم.

من عاد من بني مخزوم وحلفائهم
ومن بني مخزوم بن يقظة: ‏‏أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبدالله ابن عمرو بن مخزوم، معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة؛ وشماس بن عثمان بن الشريد بن سويد بن هرمي بن عامر بن مخزوم.
وسلمة بن هشام بن المغيرة، حبسه عمه بمكة، فلم يقدم إلا بعد بدر وأحد والخندق، وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة، هاجر معه إلى المدينة، ولحق به أخواه لأمه: ‏‏أبو جهل بن هشام، والحارث بن هشام، فرجعا به إلى مكة فحبساه بها حتى مضى بدر وأحد والخندق.

ومن حلفائهم: ‏‏
عمار بن ياسر، يُشك فيه، أكان خرج إلى الحبشة أم لا؟‏‏ ومعتب بن عوف بن عامر من خزاعة.

من عاد من بني جمح
ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب: ‏‏عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
وابنه السائب بن عثمان؛ وقدامة بن مظعون؛ وعبدالله بن مظعون.

من عاد من بني سهم
ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب: ‏‏خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي؛ وهشام بن العاص بن وائل، حبس بمكة بعد هجرة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى المدينة حتى قدم بعد بدر وأحد والخندق‏‏.

من عاد من بني عدي
ومن بني عدي بن كعب: ‏‏عامر بن ربيعة، حليف لهم، معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن حذافة بن غانم.

من عاد من بني عامر وحلفائهم
ومن بني عامر بن لؤي: ‏‏عبدالله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس: ‏‏وعبدالله بن سهيل بن عمرو، وكان حبس عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين هاجر إلى المدينة، حتى كان يوم بدر، فانحاز من المشركين إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فشهد معه بدراً؛ وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى، معه امرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو؛ والسكران بن عمرو بن عبد شمس، معه امرأته سودة بنت زمعة بن قيس، مات بمكة قبل هجرة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى المدينة، فخلف رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- على امرأته سودة بنت زمعة.

ومن حلفائهم: ‏‏
سعد بن خولة.

من عاد من بني الحارث
ومن بني الحارث بن فهر: ‏‏أبو عبيدة بن الجراح، وهو عامر بن عبدالله ابن الجراح؛ وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد؛ وسهيل بن بيضاء، وهو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال؛ وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة بن هلال.
فجميع مَنْ قدم عليه مكة من أصحابه من أرض الحبشة ثلاثة وثلاثون رجلاً. ‏‏

مَنْ دخل مكة بجوار من مهاجري الحبشة
فكان من دخل منهم بجوار، فيمن سمُي لنا: ‏‏عثمان بن مظعون بن حبيب الجمحي، دخل بجوار من الوليد بن المغيرة، وأبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، دخل بجوار من أبي طالب بن عبدالمطلب وكان خاله.
وأم أبي سلمة: ‏‏برة بنت عبدالمطلب. ‏



ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة   ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة Emptyالسبت 02 أكتوبر 2021, 12:33 am

قصة عثمان بن مظعون في رد جوار الوليد
تألمه لِمَا يُصيب إخوانه في الله، وما حدث له في مجلس لبيد
قال ابن إسحاق: ‏‏فأمًا عثمان بن مظعون فإن صالح بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف حدثني عمن حدثه عن عثمان، قال: ‏‏لما رأى عثمان ابن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من البلاء، وهو يغدو ويروح في أمان من الوليد بن المغيرة، قال: ‏‏والله إن غدوي ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني، لنقص كبير في نفسي.
فمشى إلى الوليد بن المغيرة، فقال له: ‏‏يا أبا عبد شمس، وفت ذمتك، قد رددت إليك جوارك؛ فقال له: ‏‏لم يا ابن أخي؟‏‏ لعله آذاك أحد من قومي؛ قال: ‏‏لا، ولكني أرضى بجوار الله، ولا أريد أن أستجير بغيره؟‏‏ قال: ‏‏فانطلق إلى المسجد، فاردد عليّ جواري علانية كما أجرتك علانية.
قال: ‏‏فانطلقا فخرجا حتى أتيا المسجد، فقال الوليد: ‏‏هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري؛ قال: ‏‏صدق، قد وجدته وفيا كريم الجوار، ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره؛ ثم انصرف عثمان، ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب في مجلس من قريش ينشدهم، فجلس معهم عثمان.
فقال لبيد‏‏: ‏‏
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
قال عثمان: ‏‏صدقت.

قال لبيد‏‏: ‏‏
وكل نعيم لا محالة زائل
قال عثمان: ‏‏كذبت، نعيم الجنة لا يزول.

قال لبيد بن ربيعة:


‏‏يا معشر قريش، والله ما كان يُؤذى جليسكم، فمتى حدث هذا فيكم؟‏‏ فقال رجل من القوم: ‏‏إن هذا سفيه في سفهاء معه، قد فارقوا ديننا، فلا تجدن في نفسك من قوله؛ فرد عليه عثمان حتى شري أمرهما، فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضَّرها، والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان، فقال: ‏‏أما والله يا ابن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية، لقد كنت في ذمة منيعة.
قال: ‏‏يقول عثمان: ‏‏بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله، وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس؛ فقال له الوليد: ‏‏هلم يا ابن أخي، إن شئت فعد إلى جوارك؛ فقال: ‏‏لا.

قصة أبي سلمة -رضي الله عنه- في جوار أبي طالب
ضجر المشركين بأبي طالب لإجارته، ودفاع أبي لهب، وشعر أبي طالب في ذلك
قال ابن إسحاق: ‏‏وأما أبو سلمة بن عبد الأسد، فحدثني أبي إسحاق بن يسار عن سلمة بن عبدالله بن عمر بن أبي سلمة أنه حدثه: ‏‏أن أبا سلمة لما استجار بأبي طالب، مشى إليه رجال من بني مخزوم، فقالوا له: ‏‏يا أبا طالب، لقد منعت منا ابن أخيك مُحَمَّداً، فما لك ولصاحبنا تمنعه منا؟‏‏ قال: ‏‏إنه استجار بي، وهو ابن أختي، وإن أنا لم أمنع ابن أختي لم أمنع ابن أخي؛ فقام أبو لهب فقال: ‏‏يا معشر قريش، والله لقد أكثرتم على هذا الشيخ، ما تزالون توثَّبون عليه في جواره من بين قومه، والله لتنتهن عنه أو لنقومن معه في كل ما قام فيه، حتى يبلغ ما أراد.
قال: ‏‏فقالوا: ‏‏بل ننصرف عما تكره يا أبا عتبة، وكان لهم وليا وناصرا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأبقوا على ذلك.
فطمع فيه أبو طالب حين سمعه يقول ما يقول، ورجا أن يقوم معه في شأن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

فقال أبو طالب يحرض أبا لهب على نصرته ونصرة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏
وإن امـرأ أبـو عـتـيبة عـمـه        لفي روضة ما إن يُسام المـظـالـمـا
أقول له، وأين منه نـصـيحـتـي        أبا معتـب ثـبـتْ سـوادك قـائمـا
ولا تقبلنّ الدهر ما عـشـت خـطة        تُسبّ بها إما هبطـت الـمـواسـمـا
وولّ سبيل العجز غيرك مـنـهـمُ        فإنك لم تخُلق على الـعـجـر لازمـا
وحارب فإن الحرب نُصْف ولن ترى    أخا الحرب يُعطىالخسف حتى يُسالمـا
وكيف ولم يجنوا علـيك عـظـيمة        ولم يخذلوك غانـمـا أو مـغـارمـا
جزى الله عنا عبد شمس ونـوفـلا        وتيما ومخزوما عقـوقـا ومـأثـمـا
بتفريقهـم مـن بـعـد ود وألـفة        جماعتنا كيما ينالـوا الـمـحـارمـا ‏
كذبتم وبيت الله نُبـزى مُحَمَّداً        ولما تروا يوما لدى الشـعـب قـائمـا

قال ابن هشام: ‏‏نبزى: ‏‏نسلب.
قال ابن هشام: ‏‏وبقي منها بيت تركناه. ‏‏

دخول أبي بكر في جوار ابن الدغنة ثم رد جواره عليه
سبب جوار ابن الدغنة لأبي بكر
قال ابن إسحاق: ‏‏وقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه، كما حدثني مُحَمَّد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنهما-، حين ضاقت عليه مكة وأصابه فيها الأذى، ورأى مِنْ تظاهر قريش على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأصحابه ما رأى، استأذن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في الهجرة فأذن له، فخرج أبو بكر مهاجراً، حتى إذا سار من مكة يوماً أو يومين، لقيه ابن الدغنة، أخو بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة، وهو يومئذ سيد الأحابيش. ‏‏

الأحابيش
قال ابن إسحاق: ‏‏والأحابيش: ‏‏بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة، والهون بن خزيمة بن مدركة، وبنو المصطلق من خزاعة.
قال ابن هشام: ‏‏تحالفوا جميعاً، فسُمُّوا الأحابيش -لأنهم تحالفوا بواد يُقال له الأحبش بأسفل مكة- للحلف.
ويُقال: ‏‏ابن الدغينة.  
قال ابن إسحاق: ‏‏حدثني الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ‏‏فقال ابن الدغنة: ‏‏أين يا أبا بكر؟‏‏ قال: ‏‏أخرجني قومي وآذوني، وضيَّقوا عليَّ؛ قال: ‏‏ولمَ؟‏‏ فو الله إنك لتزين العشيرة، وتُعين على النوائب، وتفعل المعروف، وتكسب المعدوم، ارجع فأنت في جواري.
فرجع معه، حتى إذا دخل مكة، قام ابن الدغنة فقال: ‏‏يا معشر قريش، إني قد أجرتُ ابن أبي قحافة، فلا يعرضنَّ له أحَدٌ إلا بخير.
قالت: ‏‏فكَفُّوا عنه. ‏‏

سبب خروج أبي بكر من جوار ابن الدغنة
قالت: ‏‏وكان لأبي بكر مسجد عند باب داره في بني جمح، فكان يصلي فيه، وكان رجلاً رقيقاً، إذا قرأ القرآن استبكى.
قالت: ‏‏فيقف عليه الصبيان والعبيد والنساء، يعجبون لِمَا يرون من هيئته.
قالت: ‏‏فمشى رجال من قريش إلى ابن الدغنة، فقالوا له: ‏‏يا ابن الدغنة، إنك لم تُجر هذا الرجل ليؤذينا، إنه رجل إذا صلّى وقرأ ما جاء به مُحَمَّد يرق ويبكي، وكانت له هيئة ونحو، فنحن نتخوَّف على صبياننا ونسائنا وضعفتنا أن يفتنهم، فأته فمُرْهُ أن يدخل بيته فليصنع فيه ما شاء.
قالت: ‏‏فمشى ابن الدغنة إليه، فقال له: ‏‏يا أبا بكر، إني لم أجرك لتؤذي قومك، إنهم قد كرهوا مكانك الذي أنت فيه، وتأذوا بذلك منك، فادخل بيتك، فاصنع فيه ما أحببت؛ قال: ‏‏أو أرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله‏‏؟‏‏ قال: ‏‏فاردد عليَّ جواري؛ قال: ‏‏قد رددتهُ عليك.
قالت: ‏‏فقام ابن الدغنة، فقال: ‏‏يا معشر قريش، إن ابن أبي قحافة قد رد علي جواري فشأنكم بصاحبكم.
قال ابن إسحاق: ‏‏وحدثني عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه القاسم ابن مُحَمَّد، قال: ‏‏لقيه سفيه من سفهاء قريش، وهو عامد إلى الكعبة، فحثا على رأسه ترابا.
قال: ‏‏فمر بأبي بكر الوليد بن المغيرة، أو العاص بن وائل، قال: ‏‏فقال أبو بكر: ‏‏ألا ترى إلى ما يصنع هذا السفيه؟‏‏ قال: ‏‏أنت فعلت ذلك بنفسك.
قال: ‏‏وهو يقول: ‏‏أي رب، ما أحلمك، أي رب، ما أحلمك، أي رب، ما أحلمك. ‏‏

حديث نقض الصحيفة
هشام بن عمرو يسعى في نقض الصحيفة
قال ابن إسحاق: ‏‏وبنو هاشم وبنو المطلب في منزلهم الذي تعاقدت فيه قريش عليهم في الصحيفة التي كتبوها، ثم إنه قام في نقض تلك الصحيفة التي تكاتبت فيها قريش على بني هاشم وبني المطلب نفر من قريش، ولم يبل فيها أحد أحسن من بلاء هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حُبيب بن نصر بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وذلك أنه كان ابن أخي نضلة بن هاشم بن عبد مناف لأمه، فكان هشام لبني هاشم واصلاً، وكان ذا شرف في قومه، فكان -فيما بلغني- يأتي بالبعير، وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب ليلا، قد أوقره طعاما، حتى إذا أقبل به فم الشعب خلع خطامه من رأسه، ثم ضرب على جنبه، فيدخل الشعب عليهم ثم يأتي به قد أوقره بزا، فيفعل به مثل ذلك.

سعي هشام في ضم زهير بن أبي أمية له
قال ابن إسحاق: ‏‏ثم إنه مشى إلى زهير بن أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، وكانت أمه عاتكة بنت عبدالمطلب، فقال: ‏‏يا زهير، أقد رضيت أن تأكل الطعام، وتلبس الثياب، وتنكح النساء، وأخوالك حيث قد علمت، لا يباعون ولا يبتاع منهم، ولا ينكحون ولا يُنكح إليهم؟‏‏ أما إني أحلف بالله أن لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام، ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم، ما أجابك إليه أبدا؛ قال: ‏‏ويحك يا هشام، فماذا أصنع؟‏‏ إنما أنا رجل واحد، والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها حتى أنقضها؛ ‏قال: ‏‏قد وجدت رجلاً، قال: ‏‏فمن هو؟‏‏ قال: ‏‏أنا، قال له زهير: ‏‏أبغنا رجلاً ثالثاً. ‏‏

سعي هشام في ضم المطعم بن عدي له
فذهب إلى المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، فقال له: ‏‏يا مطعم أقد رضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف، وأنت شاهد على ذلك، موافق لقريش فيه، أما والله لئن أمكنتموهم من هذه لتجدُنهَّم إليها منكم سراعا؛ قال: ‏‏ويحك، فماذا أصنع؟‏‏ إنما أنا رجل واحد؛ قال: ‏‏قد وجدت ثانياً؛ قال: ‏‏من هو؟‏‏ قال: ‏‏أنا؛ فقال: ‏‏أبغنا ثالثاً؛ قال: ‏‏قد فعلت؛ قال: ‏‏مَنْ هو؟‏‏ قال: ‏‏زهير بن أبي أمية، قال: ‏‏أبغنا رابعاً. ‏‏

سعي هشام في ضم أبي البختري إليه
فذهب إلى البختري بن هشام، فقال له نحواً مِمَّا قال للمطعم بن عدي، فقال: ‏‏وهل من أحد يُعين على هذا؟‏‏ قال: ‏‏نعم؛ قال: ‏‏من هو؟‏‏ قال: ‏‏زهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدي، وأنا معك؛ قال: ‏‏أبغنا خامساً. ‏‏

سعي هشام في ضم زمعة له
فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، فكلمه، وذكر له قرابتهم وحقهم، فقال له: ‏‏وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد؟‏‏ قال: ‏‏نعم، ثم سمى له القوم. ‏‏

ما حدث بين هشام وزملائه، وبين أبي جهل، حين اعتزموا تمزيق الصحيفة
فتعاودوا خَطْم الحجون ليلاً بأعلى مكة، فاجتمعوا هنالك.
فأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها، وقال زهير: ‏‏أنا أبدؤكم، فأكون أول من يتكلم.
فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة، فطاف بالبيت سبعاً؛ ثم أقبل على الناس فقال: ‏‏يا أهل مكة، أنأكل الطعام ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى لا يُباع ولا يُبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تُشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.
قال أبو جهل: ‏‏وكان في ناحية المسجد: ‏‏كذبت والله ولا تُشق؛ قال زمعة بن الأسود: ‏‏أنت والله أكذب، ما رضينا كتابها حيث كتبت؛ قال أبو البختري: ‏‏صدق زمعة، لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقر به؛ قال المطعم بن عدي: ‏‏صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها، ومما كتب فيها؛ قال هشام بن عمرو نحوا من ذلك.
فقال أبو جهل: ‏‏هذا أمر قُضي بليل، تُشُوْوِرَ فيه بغير هذا المكان.
وأبو طالب جالس في ناحية المسجد، فقام المطعم إلى الصحيفة ليشقها، فوجد الأرضة قد أكلتها، إلا ‏‏(‏باسمك اللهم)‏‏. ‏‏

شُلَّتْ يَدُ مَنْ كتب الصحيفة
وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة.
فشُلّت يده فيما يزعمون.

إخباره عليه الصلاة والسلام بأكل الأرضة الصحيفة، وما كان من القوم بعد ذلك
قال ابن هشام: ‏‏وذكر بعض أهل العلم: ‏‏أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال لأبي طالب: ‏‏يا عم، إن ربي الله قد سَلَّطَ الأرضة على صحيفة قريش، فلم تدع فيها اسماً هو لله إلا أثبتته فيها، ونفت منه الظلم والقطيعة والبُهتان؛ فقال: ‏‏أرَبُّكَ أخبرك بهذا؟‏‏ قال‏‏: ‏‏نعم؛ قال: ‏‏فو الله ما يدخل عليك أحد، ثم خرج إلى قريش، فقال: ‏‏يا معشر قريش، إن ابن أخي أخبرني بكذا وكذا، فهلم صحيفتكم، فإن كان كما قال ابن أخي، فانتهوا عن قطيعتنا، وانزلوا عما فيها، وإن يكن كاذباً دفعت إليكم ابن أخي، فقال القوم: ‏‏رضينا، فتعاقدوا على ذلك، ثم نظروا، فإذا هي كما ‏قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فزادهم ذلك شراً.
فعند ذلك صنع الرهط من قريش في نقض الصحيفة ما صنعوا. ‏‏

شعر أبي طالب في مدح النفر الذين نقضوا الصحيفة
قال ابن إسحاق: ‏‏فلما مزقت الصحيفة وبطل ما فيها..
قال أبو طالب، فيما كان من أمر أولئك النفر الذين قاموا في نقضها يمدحهم: ‏‏
ألا هل أتى بحريِّنا صنع ربنا        على نأيهم والله بـالـنـاس أرودُ
فيخبرهم أن الصحيفة مزقت        وأنْ كل ما لم يرضه الله مفسـد
تراوحها إفك وسحر مجمـع        ولم يُلف سحر آخر الدهر يصعد
تداعى لها من ليس فيها بقرقر        فطائرها فـي رأسـهـا يتـردد
وكانت كفاء رقـعة بـأثـيمة        ليُقطع منها سـاعـد ومـقـلَّـد
ويظعن أهل المكتين فـيهـربـوا        فرائصهم من خشية الـشـر تـرعـد
ويُتـرك حـرّاث يقـلـب أمـره        أيُتهـم فـيهـم عـنـد ذاك ويُنـجـد
وتصعد بين الأخشـبـين كـتـيبة        لها حدج سـهـم وقـوس ومِـرهـد
فمن يَنْشَ من حضّار مـكة عـزه        فعزتنـا فـي بـطـن مـكة أتـلـد
نشأنا بها والنـاس فـيهـا قـلائل        فلم ننفكك نـزداد خيراً ونـحـمـد
ونُطعم حتى يترك الناس فضلـهـم        إذا جعلت أيدي المفـيضـين تُـرعـد
جزى الله رهطا بالحجون تبابعـوا        على مـلأ يهـدي لـحـزم ويرشـد
قعودا لدى خطم الحجون كأنـهـم        مقـاولة بـل هـم أعـز وأمـجـد
أعان عليها كـل صـقـر كـأنـه        إذا ما مشى في رفرف الدرع أحـرد
جريّ على جُلَّى الخطوب كـأنـه        شهاب بـكـفَّـيْ قـابـس يتـوقَّـد
من الأكرمين من لؤي بن غـالـب        إذا سيم خـسـفـا وجـهـه يتـربـد
طويل النجاد خارج نصفُ سـاقـه        على وجهه يُسقى الغـمـام ويسـعـد
عظيم الرمـاد سـيد وابـن سـيد        يحض على مَقْرَى الضيوف ويحشـد
ويبني لأبناء العشـيرة صـالـحـا        إذا نحن طفنا في الـبـلاد ويمـهـد ‏
ألظَّ بهذا الصـلـح كـل مـبـرَّأ        عظيم الـلـواء أمـره ثـم يحُـمـد
قضوا ما قضوا في ليلهم ثم أصبحوا        عل مـهـل وسـائر الـنـاس رُقَّـدُ
همُ رجعوا سهل بن بيضاء راضـيا        وسُرّ أبو بـكـر بـهـا ومُحَمَّد
متى شُرّك الأقوام في جل أمـرنـا        وكنـا قـديمـا قـبـلـهـا نُـتـودد
وكنا قـديمـا لا نُـقـرّ ظُـلامة        ونـدرك مـا شـئنـا ولا نـتـشـدد
فيا لقصي هل لكم في نفـوسـكـم        وهل لكـم فـيمـا يجـىء بـه غـد
فإني وإياكـم كـمـا قـال قـائل        لديك البيان لـو تـكـلـمـت أسـود


ما رثى به حسان المطعم بن عدي، وذكره نقضه الصحيفة
وقال حسان بن ثابت: ‏‏يبكي المطعم بن عدي حين مات، ويذكر قيامه في نقض الصحيفة: ‏‏
أيا عين فابكي سيد القوم واسفحي        بدمع وإن أنزفته فاسكبـي الـدمـا
وبكِّي عظيم المشعرين كليهمـا        على الناس معروفا له ما تكلـمـا
فلو كان مجد يخلد الدهر واحـدا        من الناس، أبقى مجده اليوم مُطعما
أجرت رسول الله منهم فأصبحوا        عبيدك ما لبى مُـهِـلّ وأحـرمـا
فلو سئلت عنه معد بـأسـرهـا        وقحطان أو باقي بقية جـرهـمـا
لقالوا هو الموفى بخُفرة جـاره        وذمتـه يومـا إذا مـا تـذمـمـا
فما تطلع الشمس المنيرة فوقهم        على مثله فيهم أعـز وأعـظـمـا
وآبـى إذا يأبـي وألـين شـيمة        وأنوم عن جار إذا الليل أظـلـمـا


فذهب إلى البختري بن هشام، فقال له نحوا مما قال للمطعم بن عدي، فقال: ‏‏وهل من أحد يُعين على هذا؟‏‏ قال: ‏‏نعم؛ قال: ‏‏من هو؟‏‏ قال: ‏‏زهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدي، وأنا معك؛ قال: ‏‏أبغنا خامساً.
قال ابن هشام: ‏‏قوله ‏‏(‏كليهما)‏‏ عن غير ابن إسحاق.
قال ابن هشام: ‏‏وأما قوله: ‏‏‏‏(‏أجرت رسول الله منهم)‏‏، فإن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لما انصرف عن أهل الطائف، ولم يجيبوه إلى ما دعاهم إليه، من تصديقه ونصرته، صار إلى حراء، ثم بعث إلى الأخنس بن شريق ليجيره، فقال: ‏‏أنا حليف، والحليف لا يجير.
فبعث إلى سهيل بن عمرو، فقال: ‏‏إن بني عامر لا تجير على بني كعب‏‏.
فبعث إلى المطعم بن عدي فأجابه إلى ذلك، ثم تسلح المطعم وأهل بيته، وخرجوا حتى أتوا المسجد، ثم بعث إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن ادخل، فدخل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فطاف بالبيت وصلى عنده، ثم انصرف إلى منزله.
فذلك الذي يعني حسان بن ثابت. ‏‏

حسَّان يمدح هشام بن عمرو لقيامه في نقض الصحيفة
قال ابن إسحاق: ‏‏وقال حسان بن ثابت الأنصاري أيضاً: ‏‏يمدح هشام بن عمرو لقيامه في الصحيفة: ‏‏
هل يُوفينّ بـنـو أمـية ذمة        عقدا كما أوفى جوار هـشـام
من معشر لا يغدرون بجارهم        للحارث بن حُبيِّب بـن سـخـام
وإذا بنو حسل أجاروا ذمة        اوفوا وأدَّوْا جارهم بسـلام

وكان هشام أحد سُحام بالضم قال ابن هشام: ‏‏ويُقال سخام. ‏‏



ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الهجرة وإقامة الدولة الإسلامية الأولى
» الهجرة النبوية وبدايات التمكين - السنة الأولى
» من السنة الأولى إلى السنة التاسعة من الهجرة
» من دروس الهجرة
» مفهوم الهجرة من.. إلى..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: خيـر البـريـة مُـحَـمُّـدٌ-
انتقل الى: