منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالأربعاء 18 أغسطس 2021, 11:10 pm

(16) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بحصار الكفار لبني هاشم وبني عبد المطلب في شعب أبي طالب
زادت حيرة المشركين إذ نفدت بهم الحيل، ووجدوا بني هاشم وبني المطلب مصممين على حفظ نبي الله -صلى الله عليه وسلم- والقيام دونه، كائنًا ما كان، فاجتمعوا في خيف بني كنانة من وادي المُحَصَّبِ فتحالفوا على بني هاشم وبني المطلب ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يجالسوهم، ولا يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للقتل، وكتبوا بذلك صحيفة فيها عهود ومواثيق: ‏(‏ألا يقبلوا من بني هاشم صلحًا أبدًا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموه للقتل‏)‏‏.

قال ابن القيم‏:
يُقال‏: كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم، ويُقال‏: نضر بن الحارث، والصحيح أنه بَغِيض بن عامر بن هاشم، فدعا عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَشُلَّتْ يده‏.

تم هذا الميثاق وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة، فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب، مؤمنهم وكافرهم -إلا أبا لهب- وحبسوا في شعب أبي طالب، وذلك فيما يقال‏: ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة‏. وقد قيل غير ذلك‏.

واشتد الحصار، وقطعت عنهم الميرة والمادة، فلم يكن المشركون يتركون طعامًا يدخل مكة ولا بيعًا إلا بادروه فاشتروه، حتى بلغهم الجهد، والتجئوا إلى أكل الأوراق والجلود، وحتى كان يسمع من وراء الشعب أصوات نسائهم وصبيانهم يتضاغون من الجوع، وكان لا يصل إليهم شيء إلا سرًا، وكانوا لا يخرجون من الشعب لاشتراء الحوائج إلا في الأشهر الحرم، وكانوا يشترون من العير التي ترد مكة من خارجها، ولكن أهل مكة كانوا يزيدون عليهم في السلعة قيمتها حتى لا يستطيعون شراءها‏.

وكان حكيم بن حزام ربما يحمل قمحًا إلى عمَّته خديجة رضي الله عنها وقد تعرَّض له مرة أبو جهل فتعلق به ليمنعه، فتدخل بينهما أبو البخترى، ومكنه من حمل القمح إلى عمته‏.

وكان أبو طالب يخاف على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان إذا أخذ الناس مضاجعهم يأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يضطجع على فراشه، حتى يرى ذلك من أراد اغتياله، فإذا نام الناس أمر أحد بنيه أو إخوانه أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمره أن يأتي بعض فرشهم‏.‏

وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون يخرجون في أيام الموسم، فيلقون الناس، ويدعونهم إلى الإسلام، وقد أسلفنا ما كان يأتي به أبو لهب‏.

ومَرَّ عامان أو ثلاثة أعوام والأمر على ذلك، وفي المحرم سنة عشر من النبوة نقضت الصحيفة وفك الحصار؛ وذلك أن قريشًا كانوا بين راض بهذا الميثاق وكاره له، فسعى في نقض الصحيفة من كان كارهًا لها‏.

وكان القائم بذلك هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي -وكان يصل بني هاشم في الشعب مستخفيًا بالليل بالطعام- فإنه ذهب إلى زهير بن أبي أمية المخزومي -وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب- وقال‏: يا زهير، أرضيت أن تأكل الطعام، وتشرب الشراب، وأخوالك بحيث تعلم‏؟‏

فقال‏: ويحك، فما أصنع وأنا رجل واحد‏؟‏

أمَا والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها.

قال‏: قد وجدت رجلًا‏.

قال‏: فمن هو‏؟‏

قال‏: أنا‏.

قال له زهير‏: ابغنا رجلًا ثالثًا‏.

فذهب إلى المطعم بن عدى، فذكره أرحام بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف، ولامه على موافقته لقريش على هذا الظلم.

فقال المطعم‏: ويحك، ماذا أصنع‏؟‏ إنما أنا رجل واحد.

قال‏: قد وجدت ثانيًا.

قال‏: مَنْ هو‏؟‏

قال‏: أنا‏.

قال‏: ابغنا ثالثًا‏.

قال‏: قد فعلت‏.

قال‏: من هو‏؟‏

قال‏: زهير بن أبي أمية.

قال‏: ابغنا رابعًا‏.

فذهب إلى أبي البخترى بن هشام، فقال له نحوًا مما قال للمطعم.

فقال‏: وهل من أحَدٍ يُعين على هذا‏؟‏

قال‏: نعم‏.

قال‏: من هو‏؟‏

قال زهير بن أبي أمية..

والمطعم بن عدى..

وأنا معك.

قال‏: ابغنا خامسًا‏.

فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، فكلّمه وذكر له قرابتهم وحقهم.

فقال له‏: وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحَدٍ‏؟‏

قال‏: نعم، ثم سَمَّى له القوم.

فاجتمعوا عند الحَجُون، وتعاقدوا على القيام بنقض الصحيفة.

وقال زهير‏: أنا أبدأكم فأكون أول مَنْ يتكلّم‏.

فلَمَّا أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير عليه حُلَّةٌ، فطاف بالبيت سبعًا، ثم أقبل على الناس، فقال‏: يا أهل مكة، أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى، لا يباع ولا يبتاع منهم‏؟‏ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة‏.

قال أبو جهل - وكان في ناحية المسجد‏: كذبت، والله لا تشق‏.

فقال زمعة بن الأسود‏: أنت والله أكذب، ما رضينا كتابتها حيث كتبت‏.‏

قال أبو البخترى‏: صدق زمعة، لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقر به‏.

قال المطعم بن عدى‏: صدقتما، وكذب مَنْ قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها ومما كُتِبَ فيها‏.

وقال هشام بن عمرو نحوًا من ذلك‏.

فقال أبو جهل‏: هذا أمر قضى بليل، وتُشُووِر فيه بغير هذا المكان‏.

وأبو طالب جالس في ناحية المسجد، إنما جاءهم لأن الله كان قد أطلع رسوله -صلى الله عليه وسلم- على أمر الصحيفة، وأنه أرسل عليها الأرضة، فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم إلا ذكر الله عز وجل، فأخبر بذلك عمه، فخرج إلى قريش فأخبرهم أن ابن أخيه قد قال كذا وكذا، فإن كان كاذبًا خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقًا رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا، قالوا‏: قد أنصفت‏.

وبعد أن دار الكلام بين القوم وبين أبي جهل، قام المطعم إلى الصحيفة ليشقها، فوجد الأرضة قد أكلتها إلا: ‏(‏باسمك اللهم‏)‏، وما كان فيها من اسم الله فإنها لم تأكله‏.

ثم نقض الصحيفة وخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومَنْ معه من الشعب، وقد رأي المشركون آية عظيمة من آيات نبوته، ولكنهم -كما أخبر الله عنهم: ‏(‏وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ‏)‏ ‏(‏القمر‏: ‏2‏)‏- أعرضوا عن هذه الآية وازدادوا كفرًا إلى كفرهم.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالأربعاء 18 أغسطس 2021, 11:13 pm

(17) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بموت عمه أبو طالب وزوجه خديجة (رضي الله عنها)
ازداد المرض بأبي طالب، فلم يلبث أن وافته المنية، وكانت وفاته في رجب سنة عشر من النبوة، بعد الخروج من الشعب بستة أشهر‏.

وقيل‏:
توفي في رمضان قبل وفاة خديجة رضي الله عنها بثلاثة أيام‏.‏

وفي الصحيح عن المسيب‏: ‏
أن أبا طالب لَمَّا حضرته الوفاة دخل عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وعنده أبو جهل، فقال‏: ‏(‏أي عم، قل‏: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله‏)‏ فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية‏: يا أبا طالب، ترغب عن ملة عبد المطلب‏؟‏ فلم يزالا يكلماه حتى قال آخر شيء كلمهم به‏: على ملة عبد المطلب، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏: ‏(‏لأستغفرن لك ما لم أنه عنه‏)‏، فنزلت‏: ‏‏(‏مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ‏)‏ ‏(‏التوبة‏: ‏113‏)‏ ونزلت‏: ‏(‏إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ‏)‏ ‏(‏القصص‏: 56‏)‏‏.

ولا حاجة إلى بيان ما كان عليه أبو طالب من الحياطة والمنع، فقد كان الحصن الذي احتمت به الدعوة الإسلامية من هجمات الكبراء والسفهاء، ولكنه بقى على ملة الأشياخ من أجداده، فلم يفلح كل الفلاح‏.

ففي الصحيح عن العباس بن عبد المطلب، قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-‏: ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك‏؟‏ قال‏: ‏(‏هو في ضَحْضَاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار‏).

وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم-، -وذكر عنده عمه- فقال‏: ‏(‏لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من النار تبلغ كعبيه‏)‏.

وبعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو بثلاثة أيام -على اختلاف القولين- توفيت أم المؤمنين خديجة الكبرى -رضي الله عنها- وكانت وفاتها في شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة، ولها خمس وستون سنة على أشهر الأقوال، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ ذاك في الخمسين من عمره‏.‏

إن خديجة كانت من نِعَمِ الله الجليلة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بقيت معه ربع قرن تحن عليه ساعة قلقه، وتؤازره في أحرج أوقاته، وتعينه على إبلاغ رسالته، وتشاركه في مغارم الجهاد المر،وتواسيه بنفسها ومالها، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏: ‏‏(‏آمنت بي حين كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها وحرم ولد غيرها‏)‏.

وفي الصحيح عن أبي هريرة قال‏: ‏
أتى جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال‏: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها، وبشّرها ببيتٍ في الجنة من قَصَبٍ لا صَخَبَ فيه ولا نَصَبَ‏.‏

وقعت هاتان الحادثتان المؤلمتان خلال أيام معدودة، فاهتزت مشاعر الحزن والألم في قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم لم تزل تتوالى عليه المصائب من قومه‏.

فإنهم تجرأوا عليه وكاشفوه بالنكال والأذى بعد موت أبي طالب، فازداد غمًا على غم، حتى يئس منهم، وخرج إلى الطائف رجاء أن يستجيبوا لدعوته، أو يؤووه وينصروه على قومه.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالأربعاء 18 أغسطس 2021, 11:24 pm

(18) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بإيذاء أهل الطائف وقذفه بالحجارة عند دعوتهم للإسلام
تكالبت الأحزان على النبي -صلى الله عليه وسلم- وزادت عليه همومه وتضاعفت بوفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وعمه أبي طالب في عام واحد، فخديجة كانت خير ناصر ومعين له -بعد الله تعالى-، وعمه كان يحوطه ويحميه، ويحبه أشد الحب، وضاعف من حزنه -صلى الله عليه وسلم- أنه مات كافراً.

وتستغل قريش غياب أبي طالب فتزيد من إيذائها للنبي -صلى الله عليه وسلم- وتضيَّق عليه، وكان أبو لهب من أكثر الناس كراهية للدعوة وصاحبها -صلى الله عليه وسلم-، حتى إنه كان يلاحق النبي -صلى الله عليه وسلم- في موسم الحج، وفي الأسواق يرميه بالحجارة ويقول: "إنه صابئ كذاب"، ويحذر الناس من إتباعه، فضاقت مكة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واشتد به الحال، حتى فكر في أن يتخذ أسلوبا آخر في دعوته بتغيير المكان، علَّه أن يجد قبولاً، فاختار الخروج للطائف، التي كانت تمثل مركزاً مهماً لسادات قريش وأهلها، ومكانا استراتيجيا لهم، حيث كانوا يملكون فيها الأراضي والدور، وكانت راحة لهم في الصيف.

فعزم على الخروج إليها راجياً ومؤملاً أن تكون أحسن حالاً من مكة، وأن يجد من أهلها نصرة، فخرج على أقدامه حتى لا تظن قريش أنه ينوي الخروج من مكة، وكان في صحبته زيد وهو ابن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالتبني، وكان بمثابة الحامي والحارس لرسول الله. ففي شوال سنة عشر من النبوة ‏(‏في أواخر مايو أو أوائل يونيو سنة 619 م‏)‏ خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف، وهي تبعد عن مكة نحو ستين ميلًا، سارها ماشيًا على قدميه جيئة وذهوبًا، ومعه مولاه زيد بن حارثة، وكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم إلى الإسلام، فلم تجب إليه واحدة منها‏.

فلَمَّا انتهي إلى الطائف عمد ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف، وهم عبد ياليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو بن عمير الثقفي، فجلس إليهم ودعاهم إلى الله، وإلى نصرة الإسلام.
فقال أحدهم‏:
هو يَمْرُط ثياب الكعبة ‏(‏أي يمزقها‏)‏ إن كان الله أرسلك‏.

وقال الآخر‏:
أما وَجَدَ الله أحدًا غيرك؟.

وقال الثالث‏:
‏والله لا أكلمك أبدًا، إن كنت رسولًا لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي أن أكلمك‏.

فقام عنهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال لهم‏: ‏
(‏إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني‏)‏‏.‏

وأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أهل الطائف عشرة أيام، لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فقالوا‏: اخرج من بلادنا‏.

وأغروا به سفهاءهم، فلما أراد الخروج تبعه سفهاؤهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، فوقفوا له سِمَاطَيْن ‏(‏أي صفين‏)‏ وجعلوا يرمونه بالحجارة، وبكلمات من السَّفه، ورجموا عراقيبه، حتى اختضب نعلاه بالدماء‏.

وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شِجَاج في رأسه، ولم يزل به السفهاء كذلك حتى ألجئوه إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة على ثلاثة أميال من الطائف، فلما التجأ إليه رجعوا عنه، وأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حُبْلَة من عنب فجلس تحت ظلها إلى جدار‏.

فلما جلس إليه واطمأن، دعا بالدعاء المشهور الذي يدل على امتلاء قلبه كآبة وحزنًا مما لقى من الشدة، وأسفًا على أنه لم يؤمن به أحد، قال‏: ‏‏
(‏اللهم إليك أشكو ضَعْف قُوَّتِى، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني‏؟‏ إلى بعيد يتجهمني‏؟‏ أم إلى عدو ملكته أمري‏؟‏ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سَخَطُك، لك العُتْبَى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك‏)‏‏.‏

فلما رآه ابنا ربيعة تحركت له رحمهما، فدعوا غلامًا لهما نصرانيًا يقال له‏: عَدَّاس، وقالا له‏: ‏خذ قطفًا من هذا العنب، واذهب به إلى هذا الرجل‏.

فلما وضعه بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مد يده إليه قائلًا‏: ‏(‏باسم الله)‏ ثم أكل‏.

فقال عدَّاس‏:
إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد.

فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:
‏(‏من أي البلاد أنت‏؟‏ وما دينك‏؟‏

قال عدَّاس‏:
أنا نصراني من أهل نِينَوَى‏.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:
(من قرية الرجل الصالح يونس بن مَتَّى‏)‏‏.

قال له‏ عدَّاس:
وما يُدريك ما يونس ابن متى‏؟‏

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:
‏(‏ذاك أخي، كان نبيًا وأنا نبي‏)‏.

فأكَبَّ عدَّاس على رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويديه ورجليه يقبلها‏.

فقال ابنا ربيعة أحدهما للآخر‏:
أمَّا غلامك فقد أفسده عليك‏.

فلما جاء عدَّاس قالا له‏:
ويحك ما هذا‏؟‏

قال‏ عدَّاس:
يا سيدي، ما في الأرض شيء خيرٌ من هذا الرجل، لقد أخبرني بأمر لا يعلمه إلا نبي.

قالا له‏:
ويحك يا عداس، لا يصرفنك عن دينك، فإن دينك خير من دينه‏.‏

ورجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في طريق مكة بعد خروجه من الحائط كئيبًا محزونًا كسير القلب، فلما بلغ قرن المنازل بعث الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة‏.‏

وقد روى البخاري تفصيل القصة -بسنده- عن عروة بن الزبير:
أن عائشة رضي الله عنها حدثته أنها قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-‏: هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد‏؟‏ قال‏: ‏(‏لقيتُ من قومكِ ما لقيتُ، وكان أشَدُّ ما لقيتُ منهم يوم العقبة، إذ عَرَضْتُ نفسي على ابن عبد يالِيل بن عبد كُلاَل، فلم يُجبني إلى ما أردتُ، فانطلقتُ -وأنا مهموم- على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقَرْنِ الثَّعالب -وهو المُسَمَّى بقَرْنِ المنازل- فرفعتُ رأسي فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلتني، فنظرتُ فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال‏: إن اللهَ قد سَمِعَ قول قومك لك، وما رَدُّوا عليك، وقد بعث اللهُ إليك مَلَكَ الجبال لتأمرهً بما شِئْتَ فيهم‏.

فناداني مَلَكُ الجبال، فسلّم عَلَيَّ ثم قال‏: يا مُحَمَّدْ، ذلك، فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين -أي لفعلت، والأخشبان‏: هما جبلا مكة‏: أبو قُبَيْس والذي يقابله، وهو قُعَيْقِعَان-.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:
بل أرجو أن يُخرج اللهُ عَزَّ وجَلَّ من أصلابهم مَنْ يَعْبُدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وحده لا يُشرك به شيئاً‏)‏‏.

وفي هذا الجواب الذي أدلى به الرسول -صلى الله عليه وسلم- تتجلّى شخصيته الفذَّة، وما كان عليه من الخُلُق العظيم لا يُدْرَكُ غَوْرُهُ‏.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالأربعاء 18 أغسطس 2021, 11:35 pm

(19) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بمؤامرة قتله وخروجه من مكة مهاجراً إلى المدينة
عقد برلمان مكة المُسَمَّى ‏بدار الندوة‏ أخطر اجتماع له في تاريخه، وتوافد إلى هذا الاجتماع جميع نواب القبائل القرشية؛ ليتدارسوا خطة حاسمة تكفل القضاء سريعًا على حامل لواء الدعوة الإسلامية؛ وتقطع تيار نورها عن الوجود نهائيًا‏.‏

وبعد التشاور في هذا الموضوع تقدم كبير مجرمى مكة أبو جهل بن هشام.
و‏قال أبو جهل‏:
والله إن لي فيه رأيًا ما أراكم وقعتم عليه بعد‏.

قالوا‏:
وما هو يا أبا الحكم‏؟‏

قال‏:
أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابًا جليدًا نَسِيبا وَسِيطًا فينا، ثم نعطى كل فتى منهم سيفًا صارمًا، ثم يعمدوا إليه، فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه، فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعًا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعًا، فرضوا منا بالعَقْل، فعقلناه لهم‏.‏

ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين, فقد نزل جبريل عليه السلام إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بوحي من ربه تبارك وتعالى فأخبره بمؤامرة قريش، وأن الله قد أذن له في الخروج، وحدد له وقت الهجرة، وبين له خطة الرد على قريش فقال‏: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه‏.‏

وذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- في الهاجرة -حين يستريح الناس في بيوتهم- إلى أبي بكر رضي الله عنه ليبرم معه مراحل الهجرة، قالت عائشة رضي الله عنها‏: بينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة، قال قائل لأبي بكر‏: هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متقنعًا، في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر‏: فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر‏.‏

قالت‏:
فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏‏، فاستأذن، فأذن له فدخل، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر‏: ‏(‏أخرج مَنْ عندك‏)‏‏.‏

فقال أبو بكر‏:
إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله.‏

قال‏:
‏(‏فأني قد أذن لي في الخروج‏)‏.

فقال أبو بكر‏:
الصُّحبة بأبي أنت يا رسول الله؟‏

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:
‏(‏نعم‏)‏‏.‏

ثم أبرم معه خطة الهجرة، ورجع إلى بيته ينتظر مجيء الليل‏.

وقد استمر في أعماله اليومية حسب المعتاد حتى لم يشعر أحد بأنه يستعد للهجرة، أو لأي أمر آخر اتقاء مما قررته قريش‏.

أمَّا أكابر مجرمي قريش فقضوا نهارهم في الإعداد سراً لتنفيذ الخطة المرسومة التي أبرمها برلمان مكة ‏(‏دار الندوة‏)‏ صباحًا.

وكان من عادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينام في أوائل الليل بعد صلاة العشاء، ويخرج بعد نصف الليل إلى المسجد الحرام، يصلي فيه قيام الليل، فأمر عليًا رضي الله عنه تلك الليلة أن يضطجع على فراشه، ويتسجى ببرده الحضرمي الأخضر، وأخبره أنه لا يصيبه مكروه‏.‏

فلَمَّا كانت عتمة من الليل وساد الهدوء، ونام عامة الناس جاء المذكورون إلى بيته -صلى الله عليه وسلم- سرًا، واجتمعوا على بابه يرصدونه، وهم يظنونه نائمًا حتى إذا قام وخرج وثبوا عليه، ونفَّذُوا ما قرَّرُوا فيه‏.

وكانوا على ثقة ويقين جازم من نجاح هذه المؤامرة الدنية، حتى وقف أبو جهل وقفة الزهو والخيلاء، وقال مخاطبًا لأصحابه المطوقين في سخرية واستهزاء‏: إن محمدًا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها‏.‏

وقد كان ميعاد تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل في وقت خروجه -صلى الله عليه وسلم- من البيت، فباتوا متيقظين ينتظرون ساعة الصفر، ولكن الله غالبٌ على أمره، بيده ملكوت السموات والأرض، يفعل ما يشاء، وهو يُجير ولا يُجار عليه، فقد فعل ما خاطب به الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما بعد‏: ‏(‏وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏)‏ ‏(‏الأنفال‏: ‏30)‏‏.

وقد فشلت قريش في خطتها فشلًا ذريعًا مع غاية التيقظ والتنبه؛ إذ خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من البيت، واخترق صفوفهم، وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على رءوسهم، وقد أخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه، وهو يتلو‏: ‏(‏وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ‏)‏ ‏(‏يس‏: ‏9‏)‏‏.

فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابًا، ومضى إلى بيت أبي بكر، فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلًا حتى لحقا بغار ثَوْر في اتجاه اليمن‏.‏

وبقى المحاصرون ينتظرون حلول ساعة الصفر، وقبيل حلولها تجلت لهم الخيبة والفشل.

فقد جاءهم رجل مِمَّنْ لم يكن معهم، ورآهم ببابه..
فقال‏:
ما تنتظرون‏؟‏

قالوا‏:
محمدًا‏.

قال‏:
خبتم وخسرتم، قد والله مر بكم، وذر على رءوسكم التراب، وانطلق لحاجته.

قالوا‏:
والله ما أبصرناه، وقاموا ينفضون التراب عن رءوسهم‏.

ولكنهم تطلعوا من صير الباب فرأوا عليًا.

فقالوا‏:
والله إن هذا لمحمد نائمًا، عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا‏.

وقام علىٌّ عن الفراش، فسقط في أيديهم، وسألوه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال‏: لا علم لي به‏.‏

غادر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيته‏ وأتى إلى دار رفيقه -وأمنّ الناس عليه في صحبته وماله- أبي بكر رضي الله عنه‏.

ثم غادر منزل الأخير من باب خلفي؛ ليخرجا من مكة على عجل وقبل أن يطلع الفجر‏.‏

ولمَّا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم أن قريشًا سَتَجِدُّ في الطلب، وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار لأول وهلة هو طريق المدينة الرئيسي المتجه شمالًا، فسلك الطريق الذي يضاده تمامًا، وهو الطريق الواقع جنوب مكة، والمتجه نحو اليمن، سلك هذا الطريق نحو خمسة أميال حتى بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثَوْر وهو جبل شامخ، وَعِر الطريق، صعب المرتقى، ذو أحجار كثيرة، فحفيت قدما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقيل‏: بل كان يمشى في الطريق على أطراف قدميه كي يخفي أثره فحفيت قدماه، وأيا ما كان فقد حمله أبو بكر حين بلغ إلى الجبل، وطفق يشتد به حتى انتهي به إلى غار في قمة الجبل عرف في التاريخ بغار ثور‏.‏

ولَمَّا انتهيا إلى الغار قال أبو بكر‏:
والله لا تدخله حتى أدخل قبلك، فإن كان فيه شيء أصابني دونك، فدخل فكسحه، ووجد في جانبه ثقبًا فشق إزاره وسدها به، وبقى منها اثنان فألقمهما رجليه، ثم قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ادخل، فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ووضع رأسه في حجره ونام، فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر، ولم يتحرَّك مخافة أن ينتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسقطت دموعه على وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال‏: ‏(‏ما لك يا أبا بكر‏؟‏‏)‏ قال‏: لُدِغْتُ، فداك أبي وأمي، فتفل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذهب ما يجده‏.‏

وكَمُنَا في الغار ثلاث ليال، ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد‏.

وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما‏.

قالت عائشة‏:
وهو غلام شاب ثَقِف لَقِن، فيُدْلِج من عندهما بسَحَرٍ، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرًا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، و ‏(‏كان‏)‏ يرعى عليهما عامر بن فُهَيْرَة مولى أبي بكر مِنْحَة من غنم، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رِسْل -وهو لبن مِنْحَتِهما ورَضيفِهما- حتى يَنْعِق بها عامر بن فُهَيْرَة بغَلَس، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث، وكان عامر بن فهيرة يتبع بغنمه أثر عبد الله بن أبي بكر بعد ذهابه إلى مكة ليُعَفي عليه‏.‏

أمَّا قريش فقد جُنَّ جنونها حينما تأكد لديها إفلات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صباح ليلة تنفيذ المؤامرة‏.

فأول ما فعلوا بهذا الصدد أنهم ضربوا عليًا، وسحبوه إلى الكعبة، وحبسوه ساعة، علهم يظفرون بخبرهما‏.‏

ولمَّا لم يحصلوا من عليّ على جدوى جاءوا إلى بيت أبي بكر وقرعوا بابه، فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر، فقالوا لها‏: أين أبوك‏؟‏ قالت‏: لا أدرى والله أين أبي‏؟‏ فرفع أبو جهل يده -وكان فاحشًا خبيثًا- فلطم خدها لطمة طرح منها قرطها‏.‏

وقَرَّرَتْ قريش في جلسة طارئة مستعجلة استخدام جميع الوسائل التي يمكن بها القبض على الرجلين، فوضعت جميع الطرق النافذة من مكة ‏(‏في جميع الجهات‏)‏ تحت المراقبة المسلحة الشديدة، كما قررت إعطاء مكافأة ضخمة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما إلى قريش حيين أو ميتين، كائنًا من كان‏.‏

وحينئذ جَدَّتْ الفرسان والمُشَاةُ وقُصَّاصُ الأثر في الطلب، وانتشروا في الجبال والوديان، والوهاد والهضاب، لكن من دون جدوى وبغير عائدة‏.‏

وقد وصل المطاردون إلى باب الغار، ولكن اللهَ غالبٌ على أمره.

روى البخاري عن أنس عن أبي بكر قال‏:
كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغار، فرفعتُ رأسي فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت‏: يا نبي الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا‏.

قال‏:
‏(‏اسكت يا أبا بكر، اثنان، اللهُ ثالثهُمَا‏)‏.

وفي لفظ‏:
‏(‏ما ظنُّك يا أبا بكر باثنين اللهُ ثالثهُمَا‏)‏‏؟.

وقد كانت معجزة أكرم الله بها نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فقد رجع المطاردون حين لم يبق بينه وبينهم إلا خطوات معدودة‏.‏

وحين خمدت نار الطلب، وتوقفت أعمال دوريات التفتيش، وهدأت ثائرات قريش بعد استمرار المطاردة الحثيثة ثلاثة أيام بدون جدوى، تهيأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه للخروج إلى المدينة‏.‏

وكانا قد استأجرا عبد الله بن أُرَيْقِط الليثي، وكان هاديًا خِرِّيتًا -ماهرًا بالطريق- وكان على دين كفار قريش، وأمَّناه على ذلك، وسلّما إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثَوْر بعد ثلاث ليال براحلتيهما، فلمَّا كانت ليلة الاثنين -غرة ربيع الأول سنة 1هـ / 16 سبتمبر سنة 622م- جاءهما عبد الله بن أريقط بالراحلتين، وكان قد قال أبو بكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- عند مشاورته في البيت‏: بأبي أنت يا رسول الله، خذ إحدى راحلتي هاتين، وقرب إليه أفضلهما، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالثمن‏.

وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها بسُفْرَتِهما، ونسيت أن تجعل لها عِصَامًا، فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة، فإذا ليس لها عصام، فشقَّت نطاقها باثنين، فعلّقت السفرة بواحد، وانتطقت بالآخر فسميت‏: ذات النطاقين‏.‏

ثم ارتحل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر رضي الله عنه وارتحل معهما عامر بن فُهَيْرة، وأخذ بهم الدليل -عبد الله بن أريقط- على طريق السواحل‏.‏

وأول ما سلك بهم بعد الخروج من الغار أنه أمعن في اتجاه الجنوب نحو اليمن، ثم اتجه غربًا نحو الساحل، حتى إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس، اتجه شمالًا على مقربة من شاطئ البحر الأحمر، وسلك طريقًا لم يكن يسلكه أحَدٌ إلا نادرًا‏.‏

وقد ذكر ابن إسحاق المواضع التي مَرَّ بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الطريق، قال‏: ‏
لَمَّا خرج بهما الدليل سلك بهما أسفل مكة، ثم مضى بهما على الساحل حتى عارض الطريق أسفل من عُسْفَان، ثم سلك بهما على أسفل أمَج، ثم استجاز بهما حتى عارض بهما الطريق بعد أن أجاز قُدَيْدًا، ثم أجاز بهما من مكانه ذلك فسلك بهما الْخَرَّار، ثم سلك بهما ثَنَّية الْمَرَّة، ثم سلك بهما لِقْفًا، ثم أجاز بهما مَدْلَجَة لِقْف، ثم استبطن بهما مَدْلَجة مِجَاج، ثم سلك بهما مَرْجِح مِجَاح، ثم تبطن بهما مَرْجِح من ذي الغُضْوَيْن، ثم بطن ذي كَشْر، ثم أخذ بهما على الْجَدَاجِد، ثم على الأجرد، ثم سلك بهما ذا سلم من بطن أعدا مَدْلَجَة تِعْهِنَ، ثم على العَبَابيد، ثم أجاز بهما الفَاجَة، ثم هبط بهما الْعَرْج، ثم سلك بهما ثنية العَائِر -عن يمين رَكُوبة- حتى هبط بهما بطن رِئْم، ثم قدم بهما على قُباء‏.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالأربعاء 18 أغسطس 2021, 11:42 pm

(20) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بالمنافقين وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول
عبد الله بن أبي بن سلول، يلقبه المسلمون بكبير المنافقين, كان على وشك أن يكون سيد المدينة قبل أن يصلها الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

كانت البداية قبل هجرة النبي، يوم كانت المدينة تعيش قتالاً شرساً بين الأوس والخزرج ما إن تهدأ ثائرتها قليلاً حتى تعود للاشتعال مرّة أخرى، وانتهى الصراع على اتفاقٍ بين الفريقين يقضي بنبذ الخلاف وتنصيب ابن سلول حاكماً على المدينة.

ووئدت هذه الفكرة بدخول الإسلام إلى أرض يثرب، وورود الناس حياض الشريعة، واجتماعهم حول راية النبي، فصارت نظرة ابن سلول لهذا الدين تقوم على أساس أنه قد حرمه من الملك والسلطان، وبذلك كانت مصالحه الذاتية وأهواؤه الشخصيّة وراء امتناعه عن الإخلاص في إيمانه والصدق في إسلامه.

خاض ابن سلول صراعاً مريراً علنياً في قليل من الأحيان وسرياً في أحايين كثيرة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه للسيطرة على مقاليد الأمور في المدينة, وينسب له المؤرخون المسلمين الكثير من المواقف المُعادية للإسلام منها موقفه في غزوة أحُدٍ فقد تمرَّدَ عبدُ اللهِ بن أُبي، فانسحب بنحو ثلث العسكر -ثلاثمائة مقاتل- قائِلاً‏: ما ندري علام نقتلُ أنفسَنَا؟ ‏ومُتظَاهِرَاً بالاحتجاجِ بأنَّ رسول الله تَرَكَ رأيه، وأطاعَ غيرَهُ‏.

ينقل عنه قوله عندما رجع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجيشه من غزوة بني المصطلق: "والله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعزُّ منها الأذلُّ"، وكان ابن سلول يقصد الرسول ولَمَّا علم ابنه عبد الله بما قال ذهب إلى الرسول وقال: "يا رسول الله قد علمت المدينة أنه لا يوجد أحَدٌ أبَرُّ من أبيه مني فإن تريد قتله فأمرني أنا فإني لا أصبر على قاتل أبي".

وعندما دخل الجيش المدينة بعد العودة من غزوة بنو المصطلق تقدَّم عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول الجيش ووقف بسيفه على مدخل المدينة والكلُ مُستغربٌ من عمله حتى إذا قدم أبوه داخلاً المدينة أشهر السيف في وجه أبيه وقال والله لا تدخل حتى يأذن لك رسول الله.

وقال بن سلول أيضاً:
(لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا)، أي: امنعوا الأموال عنه وعن أصحابه، لا تعطوه زكاة ولا غيرها، فيضطر الناس للانفضاض عنه، والأعراب الذين لا يأتون للمال لا يأتون، فلما سمع بذلك عمر رضي الله عنه، قال: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: دعه.. لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه.

وبموت عبد الله بن أبي بن سلول انحسرت حركة النفاق بشكل كبير، وتراجع بعض أفرادها عن ضلالهم، في حين اختار البعض الآخر البقاء على الكفر الذي يضمرونه، والنفاق الذي يظهرونه.

وكان هؤلاء المنافقون يحضرون المسجد فيستمعون أحاديث المسلمين، ويسخرون ويستهزئون بدينهم، فاجتمع يوماً في المسجد منهم ناس، فرآهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتحدَّثُون بينهم، خافضي أصواتهم، قد لصق بعضهم ببعض، فأمر بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأُخْرِجُوا من المسجد إخراجاً عنيفاً، فقام أبو أيوب، خالد بن زيد بن كليب، إلى عمر بن قيس، أحد بني غنم بن مالك بن النجار -كان صاحب آلهتهم في الجاهلية- فأخذ برجله فسحبه، حتى أخرجه من المسجد، وهو يقول‏‏:‏‏ أتخرجني يا أبا أيوب من مربد بني ثعلبة.

ثم أقبل أبو أيوب أيضاً إلى رافع بن وديعة، أحد بني النجار فلبَّبه بردائه ثم نطره نطراً شديداً، ولطم وجهه، ثم أخرجه من المسجد، وأبو أيوب يقول له‏‏:‏‏ أفٍّ لك مُنافقاً خبيثاً‏‏: ‏‏أدراجَك يا منافق من مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏‏.

قال ابن هشام‏:‏‏
 أي ارجع من الطريق التي جئت منها‏‏.
‏‏
وقام عمارة بن حزم إلى زيد بن عمرو، وكان رجلاً طويل اللحية، فأخذ بلحيته فقاده بها قوداً عنيفاً حتى أخرجه من المسجد، ثم جمع عمارة يديه فلدمه بهما في صدره لدمة خَرَّ منها‏‏. يقول‏‏:‏‏ خدشتني يا عمارة؛ قال‏:‏ أبْعَدَكَ اللهُ يا مُنافق، فما أعَدَّ اللهُ لك من العذاب أشَدُّ من ذلك، فلا تقربنَّ مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏.‏

قال ابن إسحاق‏‏:‏
‏وقام أبو محمد، رجل من بني النجار، كان بدرياً، وأبو محمد، مسعود بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم ابن مالك بن النجار إلى قيس بن عمرو بن سهل، وكان قيس غلاماً شاباً، وكان لا يُعلم في المنافقين شابٌ غيره، فجعل يدفع في قفاه حتى أخرجه من المسجد‏.‏‏

وقام رجل من بَلْخُدرة بن الخزرج، رهط أبي سعيد الخدري، يُقَالُ له‏‏:‏‏ عبدالله بن الحارث، حين أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإخراج المنافقين من المسجد إلى رجل يُقال له‏‏:‏‏ الحارث بن عمرو، وكان ذا جمَّة، فأخذ بجمَّته فسحبه بها سحباً عنيفاً، على ما مَرَّ به من‏ الأرض، حتى أخرجه من المسجد.

قال‏‏:‏‏ يقول المنافق‏‏:‏‏ لقد أغلظت يا ابن الحارث؛ فقال‏‏:‏‏ إنك أهلٌ لذلك، أي عدو الله لما أنزل الله فيك، فلا تقربنَّ مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنك نجس‏‏.
‏‏َ
وقام رجل من بني عمرو بن عوف إلى أخيه زُوَيّ بن الحارث، فأخرجه من المسجد إخراجاً عنيفاً، وأفَّف منه، وقال‏‏:‏ غلب عليك الشيطان وأمره‏‏.

فهؤلاء مَنْ حَضَرَ المسجد يومئذ من المنافقين، وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإخراجهم.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالأربعاء 18 أغسطس 2021, 11:59 pm

(21) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بالغزوات التي غزاها لنشر الدعوة الإسلامية
بلغ عدد الغزوات التي قادها الرسول 28 غزوة، كان من ضمنها 9 غزوات دار فيها قتال والباقي حقق أهدافه دون قتال.

من ضمن هذه الغزوات خرج الرسول إلى 7 غزوات علم مسبقاً أن العدو فيها قد دبر عدواناً على المسلمين.

استمرت الغزوات 8 سنوات (من 2 هجري إلى 9 هجري).

في السنة الثانية للهجرة حدث أكبر عدد من الغزوات حيث بلغت 8 غزوات.

بلغ عدد البعوث والسرايا 38 ما بين بعثة وسرية.

غزوات الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالترتيب هي:
جدول توزيع غزوات الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- على سنوات الجهاد:
1    غزوة الأبواء (ودان) 2 هجري  ودان
2    غزوة بواط 2 هجري   بواط
3    غزوة العشيرة 2 هجري    العشيرة
4    غزوة بدر الأولى 2 هجري   وادي سفوان
5    غزوة بدر الكبرى 2 رمضان هجري    بدر
6    غزوة بني سليم 2 هجري  قرقرة الكدر
7    غزوة بني قينقاع 2 هجري   المدينة المنورة
8    غزوة السويق 2 هجري   قرقرة الكدر
9    غزوة ذي أمر 3 هجري  ذو أمر
10    غزوة بحران 3 هجري  بحران
11    غزوة أحد 3 هجري  جبل أحد
12    غزوة حمراء الأسد 3 هجري   حمراء الأسد
13    غزوة بني النضير 3 هجري   ضواحي المدينة المنورة
14    غزوة ذات الرقاع 3 هجري   ذات الرقاع
15    غزوة بدر الآخرة 4 هجري   بدر
16    غزوة دومة الجندل 5 هجري   دومة الجندل
17    غزوة بني المصطلق 5 هجري   المريسيغ
18    غزوة الخندق 5 هجري    المدينة المنورة
19    غزوة بني قريظة 5 هجري   ضواحي المدينة المنورة
20    غزوة بني لحيان 6 هجري    غران
21    غزوة ذي قرد 7 هجري     ذو قرد
22    غزوة الحديبية 7 هجري   الحديبية
23    غزوة خيبر 7 هجري   خيبر
24    غزوة عمرة القضاء 7 هجري   مكة المكرمة
25    غزوة مؤتة 8 هجري   مؤتة
26    فتح مكة 8 هجري   مكة المكرمة
27    غزوة حنين 8 هجري   وادي حنين
28    غزوة الطائف 8 هجري    الطائف
29    غزوة تبوك 9 هجري    تبوك
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالخميس 19 أغسطس 2021, 12:07 am

 (22) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بمؤامرة لاغتياله
كان من أثر هزيمة المشركين في وقعة بدر أن استشاطوا غضباً، وجعلت مكة تغلي كالمِرْجَل ضد النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى تآمر بطلان من أبطالها أن يقضوا على مبدأ هذا الخلاف والشقاق ومثار هذا الذل والهوان في زعمهم، وهو النبي -صلى الله عليه وسلم-‏.‏

جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية في الحِجْر بعد وقعة بدر بيسير ـ وكان عمير من شياطين قريش ممن كان يؤذي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وهم بمكة ـ وكان ابنه وهب بن عمير في أساري بدر، فذكر أصحاب القَلِيب ومصابهم، فقال صفوان‏:‏ والله إن في العيش بعدهم خير‏.‏

قال له عمير‏:‏ صدقت والله، أما والله لولا دَيْن على ليس له عندي قضاء، وعيال أخشي عليهم الضَّيْعةَ بعدي لركبتُ إلى محمد حتى أقتله، فإن لي قِبَلَهُمْ عِلَّةً، ابني أسير في أيديهم‏.‏

فاغتنمها صفوان وقال‏:‏ على دينك، أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي، أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم‏.‏

فقال له عمير‏:‏ فاكتم عني شأني وشأنك‏. قال‏:‏ أفعل‏.‏

ثم أمر عمير بسيفه فشُحِذَ له وسُمَّ، ثم انطلق حتى قدم به المدينة، فبينما هو على باب المسجد ينيخ راحلته رآه عمر بن الخطاب -وهو في نفر من المسلمين يتحدثون ما أكرمهم الله به يوم بدر- فقال عمر‏:‏ هذا الكلب عدو الله عمير ما جاء إلا لشر‏.

ثم دخل على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال‏:‏ يا نبي الله، هذا عدو الله عمير قد جاء متوشحاً سيفه، قال‏:‏ ‏‏(‏فأدخله علي‏)‏، فأقبل إلى عمير فلَبَّبَهُ بحَمَالة سيفه، وقال لرجال من الأنصار‏:‏ ادخلوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث، فإنه غير مأمون، ثم دخل به، فلَمَّا رآهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعمر آخِذٌ بحمَّالة سيفه في عُنُقِهِ، قال‏:‏ ‏‏(‏أرسله يا عمر، ادن يا عمير‏)‏، فدنا وقال‏:‏ أنْعِمُوا صباحاً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏‏(‏قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة‏)‏‏.‏

ثم قال‏:‏ ‏‏(‏ما جاء بك يا عمير؟‏‏)‏.

قال‏:‏ جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم، فأحسنوا فيه‏.

قال‏:‏ ‏‏(‏فما بال السيف في عنقك‏؟‏‏)‏.

قال‏: ‏قبَّحها الله من سيوف، وهل أغنت عنا شيئاً؟‏

قال‏:‏ ‏‏(‏أصدقني، ما الذي جئت له؟‏‏)‏.

قال‏:‏ ما جئت إلا لذلك‏.‏

قال‏:‏ ‏‏‏بل قعدتَ أنت وصفوان بن أمية في الحِجْر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت‏:‏ لولا دَيْنٌ عليَّ وعيالٌ عندي لخرجت حتى أقتل مُحَمَّداً، فتحمَّل صفوان بِدَيْنِكَ وعيالك على أن تقتلني، واللهُ حائلٌ بينك وبين ذلك‏.‏

قال عمير‏:‏ أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمْرٌ لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمدُ لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المَسَاق، ثم تَشَهَّدَ شهادة الحق‏.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏
‏‏فقِّهوا أخاكم في دِينِهِ، وأقرئُوه القرآن، وأطلقوا له أسيره‏‏‏.‏

وأمَّا صفوان فكان يقول‏:‏ أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تُنسيكم وقعة بدر‏.‏

وكان يسأل الرُّكبان عن عمير، حتى أخبره راكب عن إسلامه فحلف صفوان ألا يكلمه أبدًا، ولا ينفعه بنفع أبدًا‏ًًًً.‏

ورجع عمير إلى مكة وأقام بها يدعو إلى الإسلام، فأسلم على يديه ناس كثير‏.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالخميس 19 أغسطس 2021, 12:20 am

 (23) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بكسر رباعيته وشق شفته وجرح وجنته في موقعة أحد
بعد أن انتصر المسلمون انتصاراً كبيراً في معركة بدر على المشركين وأوقعوا فيهم الكثير من القتلى، عاد من بقي من الكفار إلى مكة حين كانت مكة تحت سلطة المشركين يجرون وراءهم أذيال الخيبة، ووجدوا أن قافلة أبي سفيان قد رجعت بأمان، فاتفقوا فيما بينهم أن يبيعوا بضائعها والربح الذي سيجنونه يجهزوا به جيشاً لمقاتلة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأخذ الثأر لمقتل آبائهم وإخوتهم وأبنائهم الذين حاربوا النبي عليه السلام والصحابة، وأرادوا القضاء على الإسلام في بدر.

اجتمعت قريش لقتال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأرسلت مبعوثين إلى بعض القبائل الحليفة طلبا للمقاتلين، فاجتمع ثلاثة آلاف مشرك مع دروعهم وأسلحتهم، وكان معهم مائتا فرس وخمس عشرة ناقة عليها ركب الهوادج وهي البيوت الصغيرة التي توضع على ظهور الجمال وجلست فيهن بعض النساء المشركات ليشجعن المشركين على القتال، وتذكيرهم بالهزيمة في بدر.

وفي أثناء استعداداتهم طلب أبو سفيان من العباس بن عبد المطلب عم رسول الله الخروج معه لقتال المسلمين ولكنه لم يقبل بذلك، وأرسل العباس سراً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يحذره من الخطر المحدق، فوصل الخبر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني قد رأيت والله خيراً -أي في المنام– رأيت بقراً تُذبح، ورأيت في ذباب سيفي (حد سيفي) ثلماً (كسراً) ورأيت إني أدخلت يدي في درع حصينة، فأوَّلتها المدينة"، وكان معنى هذا المنام الذي رآه الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن البقر ناس يُقتلون، وأمَّا الثلم في السيف فهو رجل من أهل بيت النبي يُقتل.

خرج كفار قريش بجيشهم حتى وصلوا إلى ضواحي المدينة المنورة قرب جبل أحد حيث كان النبي الأعظم -صلى الله عليه وسلم- قد صلى صلاة الجمعة بالناس وحثهم على الجهاد والثبات، وخرج بسبعمائة مقاتل شجاع من الصحابة الكرام بعد أن رجع بعض المنافقين خوفاً من القتال.

وكانت خطة الحرب التي وضعها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجعل المدينة المنورة في وجهه ويضع خلفه جبل أحد وحمى ظهره بخمسين من الرُّماة المهرة صعدوا على هضبة عالية مشرفة على أرض المعركة، وجعل قائدهم صحابياً كريماً هو عبد الله بن جبير وأمرهم النبي أن يبقوا في أماكنهم وأن لا يتركوها حتى يأذن لهم وقال لهم: "ادفعوا الخيل عنا بالنبال" وقسم الحبيب المصطفى جيش المسلمين إلى عدة أقسام، جعل قائداً لكل منها وتسلم هو قيادة المقدمة.

ونهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- الناس عن الأخذ في القتال حتى يأمرهم، وظاهر بين درعين، وحرض أصحابه على القتال، وحضهم على المصابرة والجلاد عند اللقاء، وأخذ ينفث روح الحماسة والبسالة في أصحابه حتى جرَّد سيفاً باتراً ونادي أصحابه‏:‏ ‏‏(‏مَنْ يأخذ هذا السيف بحقه‏؟‏‏)‏، فقام إليه رجال ليأخذوه -منهم على بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وعمر بن الخطاب- حتى قام إليه أبو دُجَانة سِمَاك بن خَرَشَة، فقال‏:‏ وما حَقُّهُ يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏‏(‏أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني‏)‏‏.

قال‏:‏ أنا آخذه بحقه يا رسول الله، فأعطاه إيَّاه‏.‏

وكان أبو دجانة رجلاً شجاعاً يختالُ عند الحرب، وكانت له عصابة حمراء إذا اعتصب بها علم الناس أنه سيقاتل حتى الموت‏.

فلمَّا أخذ السيف عصب رأسه بتلك العصابة، وجعل يتبختر بين الصفين، وحينئذ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏‏(‏إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن‏)‏‏.‏

وبدأت المعركة فأقبل المشركون فاستقبلتهم سيوف المسلمين البتارة بقوة، وأخرج أبو دجانة عصابة الموت..

فخرج وهو يقول‏:‏
أنا الذي عــاهـدني خليلي ** ونحن بالسَّـفْـح لدى النَّخِيل
ألا أقوم الدَّهْرَ في الكَيول ** أضْرِبْ بسَيف الله والرسول


وانطلق أبو دجانة, ثم شهر سيفه لا يقف شيء أمامه إلا حطمه وأوقعه أرضاً، وكان رجل من المشركين لا يدع جريحاً مسلماً إلا قتله، فلحق به أبو دجانة ليُريحَ الناس من شره، حتى التقيا فضرب المُشرك أبا دجانة ضربة تلقاها الأخير بكل عزم وثبات ثم بادله بضربة قوية من سيفه فقتله.

واقتتل الناس قتالاً شديداً وفعل الرماة المسلمون فعلتهم، إذ كانوا من أحد أسباب تراجع الكفار وفرارهم، وكانت الهزيمة على المشركين.

ولكن حصلت حادثة أليمة غيِّرت من مسار نهاية المعركة، إذ إن الرماة الذين أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بحماية ظهور المسلمين وعدم ترك أماكنهم حتى يأذن لهم، ترك الكثير منهم مكانه ظنا أن المعركة حسم أمرها وأنه لم يبق أثر للمشركين، ونزلوا ليأخذوا من الغنائم، وبقي أقل من عشرة رماة أبوا أن يلحقوا بهم وقالوا: "نطيع رسول الله ونثبت مكاننا"، فنظر خالد بن الوليد وكان ما زال مُشْرِكاً إلى مَنْ بقي من الرماة فتوجَّه بمجموعة من المشركين، وتسللوا ففاجأوا الرماة القليلين من الخلف وقتلوهم بما فيهم قائدهم عبد الله بن جبير.

عندها تعالت صيحات المشركين وفوجئ المسلمون بأنهم قد أصبحوا مُحاصرين، فقتل من قتل منهم واشتد الأمر عليهم، عندها عاد من هرب من المشركين وهجموا على المسلمين هجمة شرسة، ورفعوا عن الأرض رايتهم المتسخة.

وكان عدد من الكفار قد اتفقوا فيما بينهم على مهاجمة النبي دفعة واحدة فاستغلوا فرصة ابتعاد بعض الصحابة عن النبي أثناء المعركة وانقضوا عليه، فمنهم مَنْ ضربه بالسيف فأصاب جبهته الشريفة، ومنهم مَنْ رماه بحجارة فكسرت رباعيته اليمنى وهي أحد أسنانه الأمامية، وشُقَّتْ شفته الشريفة، وهجم آخر فجرح وجنة النبي أي أعلى خده الشريف بالسيف ورفعه فرَدَّهُ النبي ولكنه سقط فجرحت ركبته الشريفة وسال دمه على الأرض، وأقبل مشرك اسمه أبي بن خلف حاملاً حربته ووجهها إلى رسول الله فأخذها النبي منه وقتله بها.

ولَمَّا جرح النبي الأعظم -صلى الله عليه وسلم-، صار الدم يسيل على وجهه الشريف وأقبل لحمايته خمسة من الأنصار، فقُتِلُوا جميعاً ورَكَضَ أبو دجانة وجعل من ظهره ترساً لرسول الله فكانت السهام تنال عليه وهو منحن يحمي ببدنه وروحه أعظم الكائنات سيدنا محمداً -صلى الله عليه وسلم-.

وازدادت المصائب إذ قد جاء عبد حبشي مشرك ماهر بالرماية اسمه وحشي أمره سيده بقتل سيدنا حمزة ووعده بأن يجعله حرا إن قتله، وبقي طيلة المعركة يتحين الفرصة حتى وجد نفسه وجها لوجه أمامه، فرفع حربته وهزها ثم رماها فاخترقت جسد سيدنا حمزة رضي الله عنه الذي وقع شهيداً في سبيل الله.

وانتهت المعركة بانسحاب المشركين الذين ظنوا أنهم انتصروا، ولا يُقَالُ إن رسول الله خسر بل إن الذين خالفوا أوامره خابوا وسبَّبُوا الخسارة لأنفسهم.

ودفن المسلمون شهداءهم في أحد حيث استشهدوا، ولما عاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة في جو حزين، جاءت إحدى نساء الأنصار قد قتل أباها وأخاها شهيدين.

فلما أخبرت قالت: "ماذا حل برسول الله؟"

فقالوا لها: "هو بحمد الله كما تحبين".

قالت: "أرونيه".

فلَمَّا نظرت إليه دمعت عيناها فرحا بسلامته وقالت:
"كل مصيبة بعدك هينة يا رسول الله لا توازي مصيبتنا بفقدك".

وهكذا انتهت معركة أحد التي كانت درسا تعلم منه المسلمون أهمية الالتزام بأوامر النبي وتعاليمه الشريفة، وأن أوامره كلها فيها الخير والفلاح.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالخميس 19 أغسطس 2021, 12:32 am

 (24) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بمقتل عمه حمزة بن عبد المطلب
يقول قاتل حمزة وحْشِي بن حرب‏:‏ كنت غلاماً لجبير بن مُطْعِم، وكان عمه طُعَيمَة بن عدي قد أصيب يوم بدر، فلما سارت قريش إلى أحد قال لي جبير‏:‏ إنك إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق‏.

قال‏:‏ فخرجت مع الناس ـ وكنت رجلاً حبشياً أقذف بالحربة قذف الحبشة، قلما أخطئ بها شيئاً ـ فلما التقي الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره، حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأوْرَق، يهُدُّ الناس هدّا ما يقوم له شيء‏.

فوالله إني لأتهيأ له أريده، فأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني إذ تقدمني إليه سِبَاع بن عبد العزي، فلما رآه حمزة قال له‏:‏ هلم إلى يابن مُقَطِّعَة البُظُور -وكانت أمه ختانة- قال‏:‏ فضربه ضربة كأنما أخطأ رأسه.‏

قال‏:‏ وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها إليه، فوقعت في ثُنَّتِه –أحشائه- حتى خرجت من بين رجليه، وذهب لينوء نحوي فَغُلِبَ، وتركته وإيَّاها حتى مات، ثم أتيته فأخذت حربتي، ثم رجعت إلى العسكر فقعدت فيه، ولم يكن لي بغيره حاجة، وإنما قتلته لأعتق، فلمَّا قدمت مكة عُتِقْتُ.‏

وكان تشويه الشهداء‏‏ آخر هجوم قام به المشركون ضد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولما لم يكونوا يعرفون من مصيره شيئاً -بل كانوا على شبه اليقين من قتله- رجعوا إلى مقرهم، وأخذوا يتهيئون للرجوع إلى مكة، واشتغل من اشتغل منهم -وكذا اشتغلت نساؤهم- بقتلي المسلمين، يمثلون بهم، ويقطعون الآذان والأنوف والفروج، ويبقرون البطون‏.

وبقرت هند بنت عتبة كبد حمزة فلاكتها، فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها، واتخذت من الآذان والأنوف خَدَماً ـخلاخيل- وقلائد‏.‏

ولمَّا تكامل تهيؤ المشركين للانـصراف أشـرف أبو سفـيان على الجبل، فـنادي أفيكم محمد‏؟‏ فلم يجيبوه‏.

فقال‏:‏ أفيكم ابن أبي قحافة‏؟‏ فلم يجيبوه‏.

فقال‏:‏ أفيكم عمر بن الخطاب‏؟‏ فلم يجيبوه -وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- منعهم من الإجابة- ولم يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة لعلمه وعلم قومه أن قيام الإسلام بهم‏.

فقال‏:‏ أمَّا هؤلاء فقد كفيتموهم، فلم يملك عمر نفسه أن قال‏:‏ يا عدو الله، إن الذين ذكرتهم أحياء، وقد أبقي الله ما يسوءك‏.

فقال‏:‏ قد كان فيكم مثله لم آمر بها ولم تسؤني‏.‏

ثم قال‏:‏ أعْلِ هُبَل‏.‏

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏‏(‏ألا تجيبونه‏؟‏‏)‏

 فقالوا‏: ‏فما نقول‏؟‏

 قال‏:‏ ‏‏(‏قولوا‏:‏ الله أعلى وأجل‏)‏‏.‏

ثم قال‏:‏ لنا العُزَّى ولا عزى لكم‏.‏

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏‏(‏ألا تجيبونه‏؟‏‏)

‏ قالوا‏:‏ ما نقول‏؟‏ قال‏:‏ ‏‏(‏قولوا‏:‏الله مولانا، ولا مولي لكم‏)‏‏.‏

ثم قال أبو سفيان‏:‏ أنْعَمْتَ فَعَال، يوم بيوم بدر، والحرب سِجَال‏.‏

فأجابه عمر، وقال‏:‏ لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار‏.

ثم قال أبو سفيان‏:‏ هلم إلى يا عمر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏‏(‏ائته فانظر ما شأنه‏؟‏‏)‏ فجاءه، فقال له أبو سفيان‏:‏ أنشدك الله يا عمر، أقتلنا محمداً‏؟‏

قال عمر‏:‏ اللهم لا‏.

وإنه ليستمع كلامك الآن‏.

قال‏:‏ أنت أصدق عندي من ابن قَمِئَة وأبر‏.‏

وأشرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الشهداء فقال‏:‏ ‏‏(‏أنا شهيد على هؤلاء، إنه ما من جريح يُجْرَح في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة، يَدْمَي جُرْحُه، اللون لون الدم، والريح ريح المِسْك‏)‏.‏

وكان أناس من الصحابة قد نقلوا قتلاهم إلى المدينة فأمر أن يردوهم، فيدفنوهم في مضاجعهم وألا يغسلوا، وأن يدفنوا كما هم بثيابهم بعد نزع الحديد والجلود‏.

وكان يدفن الاثنين والثلاثة في القبر الواحد، ويجمع بين الرجلين في ثوب واحد، ويقول‏:‏ ‏‏(‏أيهم أكثر أَخْذًا للقرآن‏؟‏‏)‏ فإذا أشاروا إلى الرجل قدَّمَهُ في اللحد، وقال‏:‏ ‏‏(‏أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة‏)‏‏.

ودفن عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح في قبر واحد لما كان بينهما من المحبة.

وفقدوا نعش حنظلة، فتفقدوه فوجدوه في ناحية فوق الأرض يقطر منه الماء، فأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه أن الملائكة تُغَسِّلُه، ثم قال‏:‏ ‏‏(‏سلوا أهله ما شأنه‏؟‏‏)‏ فسألوا امرأته، فأخبرتهم الخبر‏.‏

ومن هنا سمي حنظلة‏:‏ غسيل الملائكة.‏

ولَمَّا رأى ما بحمزة -عمه وأخيه من الرضاعة- اشتد حُزنه، وجاءت عمته صفية تريد أن تنظر أخاها حمزة، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابنها الزبير أن يصرفها، لا تري ما بأخيها، فقالت‏:‏ ولم‏؟‏ وقد بلغني أن قد مُثِّلَ بأخي، وذلك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك، لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله، فأتته فنظرت إليه، فصلت عليه -دعت له- واسترجعت واستغفرت له‏.

ثم أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدفنه مع عبد الله بن جحش -وكان ابن أخته، وأخاه من الرضاعة-‏.‏

قال ابن مسعود‏:‏
ما رأينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باكياً قط أشد من بكائه على حمزة بن عبد المطلب‏.‏

وضعه في القبلة، ثم وقف على جنازته وانتحب حتى نَشَع من البكاء ـ والنشع‏:‏ الشهيق‏.‏

وكان منظر الشهداء مُريعاً جداً يفتت الأكباد‏.

قال خباب‏:‏
إن حمزة لم يوجد له كفن إلا بردة مَلْحَاء، إذا جعلت على رأسه قَلَصَت عن قدميه، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه، حتى مدت على رأسه، وجعل على قدميه الإِذْخَر‏.

وقال عبد الرحمن بن عوف‏:‏
قُتِلَ مُصعب بن عمير وهو خير مني، كفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، وروي مثل ذلك عن خباب، وفيه‏:‏ فقال لنا النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏‏(‏غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه الإذخر‏)‏‏.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالخميس 19 أغسطس 2021, 12:39 am

 (25) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بقتل أصحابه في بئر معونة
قدم أبو براء عامر بن مالك المدعو بمُلاَعِب الأسِنَّة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فدعاه إلى الإسلام فلم يُسلم ولم يبعد، فقال:‏ يا رسول الله، لو بعثت أصحابك إلى أهل نَجْد يدعونهم إلى دينك لرجوت أن يجيبوهم، فقال‏:‏ ‏‏(‏إني أخاف عليهم أهل نجد‏)‏، فقال أبو بَرَاء:‏ أنا جَارٌ لهم، فبعث معه أربعين رجلاً -في قول ابن إسحاق، وفي الصحيح أنهم كانوا سبعين، والذي في الصحيح هو الصحيح- وأمَّرَ عليهم المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة الملقب بالمُعْنِقَ لِيمُوت، وكانوا من خيار المسلمين وفضلائهم وساداتهم وقُرَّائِهِمْ، فساروا يحتطبون بالنهار، يشترون به الطعام لأهل الصفة، ويتدارسون القرآن ويصلون بالليل، حتى نزلوا بئر معونة -وهي أرض بين بني عامر وحَرَّة بني سُلَيْم- فنزلوا هناك، ثم بعثوا حرام بن مِلْحَان أخا أم سليم بكتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عدو الله عامر بن الطُّفَيْل، فلم ينظر فيه، وأمر رجلاً فطعنه بالحربة من خلفه، فلَمَّا أنفذها فيه ورأى الدم، قال حرام:‏ الله أكبر، فُزْتُ ورب الكعبة‏.‏

ثم استنفر عدو الله لفوره بني عامر إلى قتال الباقين، فلم يُجيبوه لأجل جوار أبي براء، فاستنفر بني سليم، فأجابته عُصَيَّة ورِعْل وذَكَوان، فجاءوا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقاتلوا حتى قُتِلُوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد بن النجار، فإنه ارْتُثَّ من بين القتلى، فعاش حتى قتل يوم الخندق‏.‏

وكان عمرو بن أمية الضمري والمنذر بن عقبة بن عامر في سرح المسلمين فرأيا الطير تحوم على موضع الوقعة، فنزل المنذر، فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه، وأسر عمرو بن أمية الضمري، فلما أخبر أنه من مُضَر جَزَّ عامر ناصيته، وأعتقه عن رقبة كانت على أمِّهِ‏.‏

ورجع عمرو بن أمية الضمري إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حاملاً معه أنباء المُصاب الفادح، مصرع سبعين من أفاضل المسلمين، تذكر نكبتهم الكبيرة بنكبة أحُدٍ؛ إلا أن هؤلاء ذهبوا في قتال واضح؛ وأولئك ذهبوا في غدرة شائنة‏.‏

ولَمَّا كان عمرو بن أمية في الطريق بالقَرْقَرَة من صدر قناة، نزل في ظل شجرة، وجاء رجلان من بني كلاب فنزلا معه، فلمَّا ناما فتك بهما عمرو، وهو يري أنه قد أصاب ثأر أصحابه، وإذا معهما عهد من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يشعر به، فلما قدم أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما فعل، فقال‏: ‏‏‏(‏لقد قتلت قتيلين لأدِيَنَّهما‏)‏، وانشغل بجمع ديتهما من المسلمين ومن حلفائهم اليهود، وهذا الذي صار سبباً لغزوة بني النضير، كما سيُذكر‏.‏

وقد تألّم النبي -صلى الله عليه وسلم- لأجل هذه المأساة، ولأجل مأساة الرجيع اللتين وقعتا خلال أيام معدودة، تألماً شديداً، وتغلّب عليه الحُزن والقلق، حتى دعا على هؤلاء الأقوام والقبائل التي قامت بالغدر والفتك في أصحابه‏.

ففي الصحيح عن أنس قال:‏
دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- على الذين قَتَلُوا أصحابَهُ ببئر معونة ثلاثين صباحاً، يدعو في صلاة الفجر على رِعْل وذَكْوَان ولَحْيَان وعُصَية، ويقول‏: ‏‏‏(‏عُصَية عَصَتْ الله ورسوله‏)‏، فأنزل الله تعالى على نبيه قرآناً قرأناه حتى نسخ بعد‏:‏ ‏‏(‏بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه‏)‏ فترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قُنُوتَه.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالخميس 19 أغسطس 2021, 1:25 am

 (26) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بحصار الكفار واليهود للمدينة المنورة في غزوة الأحزاب
عاد الأمن والسلام، وهدأت الجزيرة العربية بعد الحروب والبعوث التي استغرقت أكثر من سنة كاملة، إلا أن اليهود -الذين كانوا قد ذاقوا ألواناً من الذلة والهوان نتيجة غدرهم وخيانتهم ومؤامراتهم ودسائسهم- لم يفيقوا من غيهم، ولم يستكينوا، ولم يتعظوا بما أصابهم من نتيجة الغدر والتآمر‏.

فهم بعد نفيهم إلى خيبر ظلوا ينتظرون ما يحل بالمسلمين من خلال المناوشات التي كانت قائمة بين المسلمين والوثنيين، ولما تحول مجري الأيام لصالح المسلمين، وتمخضت الليالي والأيام عن بسط نفوذهم، وتوطد سلطانهم ـ تحرق هؤلاء اليهود أي تحرق‏.‏

وشرعوا في التآمر من جديد على المسلمين، وأخذوا يعدون العدة، لتصويب ضربة إلى المسلمين تكون قاتلة لا حياة بعدها‏. ولما لم يكونوا يجدون في أنفسهم جرأة على قتال المسلمين مباشرة، خططوا لهذا الغرض خطة رهيبة‏.‏

خرج عشرون رجلاً من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة، يحرضونهم على غزو الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويوالونهم عليه، ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم، فأجابتهم قريش، وكانت قريش قد أخلفت موعدها في الخروج إلى بدر، فرأت في ذلك إنقاذا لسمعتها والبر بكلمتها‏.‏

ثم خرج هذا الوفد إلى غَطَفَان، فدعاهم إلى ما دعا إليه قريشاً فاستجابوا لذلك، ثم طاف الوفد في قبائل العرب يدعوهم إلى ذلك فاستجاب له من استجاب، وهكذا نجح ساسة اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب الكفر على النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين‏.

وعلى إثر ذلك خرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة -وقائدهم أبو سفيان- في أربعة آلاف، ووافاهم بنو سليم بمَرِّ الظَّهْرَان، وخرجت من الشرق قبائل غطفان‏:‏ بنو فَزَارة، يقودهم عُيينَة بن حِصْن، وبنو مُرَّة، يقودهم الحارث بن عوف، وبنو أشجع، يقودهم مِسْعَر بن رُحَيلَةِ، كما خرجت بنو أسد وغيرها‏.‏

واتجهت هذه الأحزاب وتحركت نحو المدينة على ميعاد كانت قد تعاقدت عليه‏.

وبعد أيام تجمع حول المدينة جيش عَرَمْرَم يبلغ عدده عشرة آلاف مقاتل، جيش ربما يزيد عدده على جميع من في المدينة من النساء والصبيان والشباب والشيوخ‏.‏

ولو بلغت هذه الأحزاب المحزبة والجنود المجندة إلى أسوار المدينة بغتة لكانت أعظم خطراً على كيان المسلمين مما يقاس، وربما تبلغ إلى استئصال الشأفة وإبادة الخضراء، ولكن قيادة المدينة كانت قيادة متيقظة، لم تزل واضعة أناملها على العروق النابضة، تتجسس الظروف، وتقدر ما يتمخض عن مجراها، فلم تكد تتحرك هذه الجيوش عن مواضعها حتى نقلت استخبارات المدينة إلى قيادتها فيها بهذا الزحف الخطير‏.‏

وسارع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عقد مجلس استشاري أعلي، تناول فيه موضوع خطة الدفاع عن كيان المدينة، وبعد مناقشات جرت بين القادة وأهل الشورى اتفقوا على قرار قدمه الصحابي النبيل سلمان الفارسي رضي الله عنه‏.‏

قال سلمان‏:‏ يا رسول الله، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خَنْدَقْنَا علينا‏.

وكانت خطة حكيمة لم تكن تعرفها العرب قبل ذلك‏.‏

وأسرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى تنفيذ هذه الخطة، فوكل إلى كل عشرة رجال أن يحفروا من الخندق أربعين ذراعاً، وقام المسلمون بجد ونشاط يحفرون الخندق، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحثهم ويساهمهم في عملهم هذا‏.

ففي البخاري عن سهل بن سعد، قال‏:‏
كنا مع رسول الله في الخندق، وهم يحفرون، ونحن ننقل التراب على أكتافنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:‏ ‏‏(‏اللهم لا عَيشَ إلا عيشُ الآخرة، فاغفر للمهاجرين والأنصار‏)‏‏.‏

وعن أنس‏:‏
خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الخندق فإذا المهاجرين والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأي ما بهم من النصب والجوع قال‏:‏
اللهم إن العيش عيش الآخرة ** فاغفـر للأنصـار والمهـاجرة

فقالوا مجيبين له‏:‏
نحـن الذيـن بايعـوا محمـداً ** على الجهـاد ما بقيـنا أبداً

وفيه عن البراء بن عازب قال‏:‏
رأيته -صلى الله عليه وسلم- ينقل من تراب الخندق حتى واري عني الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشعر، فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة، وهو ينقل من التراب ويقول‏:‏
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ** ولا تصـدقنـا ولا صلينــا
فأنزلن سكينـة علينـا ** وثبت الأقـدام إن لاقينــا
إن الآلي رغبوا علينـا ** وإن أرادوا فتـنـة أبينـــا

قال‏:‏
ثم يمد بها صوته بآخرها.

وفي رواية‏:‏
إن الآلي قـد بغـوا علينـا ** وإن أرادوا فـتنـة أبينـا

كان المسلمون يعملون بهذا النشاط وهم يقاسون من شدة الجوع ما يفتت الأكباد.

قال أنس‏:‏
كان أهل الخندق يؤتون بملء كفي من الشعير، فيصنع لهم بإهَالَةٍ سنخة توضع بين يدي القوم، والقوم جياع، وهي بشعة في الحلق ولها ريح‏.‏

وقال أبو طلحة‏:‏
شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجوع، فرفعنا عن بطوننا عن حجر حجر، فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن حجرين‏.‏

وبهذه المناسبة وقعت أثناء حفر الخندق آيات من أعلام النبوة، رأي جابر بن عبد الله في النبي -صلى الله عليه وسلم- خمصاً شديدًا فذبح بهيمة، وطحنت امرأته صاعاً من شعير، ثم التمس من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سراً أن يأتي في نفر من أصحابه، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بجميع أهل الخندق، وهم ألف، فأكلوا من ذلك الطعام وشبعوا، وبقيت بُرْمَة اللحم تغط به كما هي، وبقي العجين يخبز كما هو‏.‏

وجاءت أخت النعمان بن بشير بحَفْنَة من تمر إلى الخندق ليتغدى به أبوه وخاله، فمرَّت برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فطلب منها التمر، وبدده فوق ثوب، ثم دعا أهل الخندق، فجعلوا يأكلون منه وجعل التمر يزيد، حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه يسقط من أطراف الثواب‏.‏

وأعظم من هذين ما رواه البخاري عن جابر قال‏:‏ إنا يوم خندق نحفر، فعرضت كُدْية شديدة، فجاءوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا‏:‏ هذه كدية عرضت في الخندق‏. فقال‏:‏ ‏‏(‏أنا نازل‏)‏، ثم قام وبطنه معصوب بحجر ـ ولبثنا ثلاثة لا نذوق ذواقاً ـ فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- المِعْوَل، فضرب فعاد كثيباً أهْيل أو أهْيم، أي صار رملاً لا يتماسك‏.‏

وقال البراء‏:‏
لَمَّا كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فاشتكينا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاءه وأخذ المعول فقال‏:‏ (‏بسم الله‏)‏، ثم ضرب ضربة، وقال‏:‏ ‏‏(‏الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة‏)‏.

ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال‏:‏ ‏‏(‏الله أكبر، أعطيت فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن‏)‏.

ثم ضرب الثالثة، فقال‏:‏ ‏‏(‏بسم الله‏)‏، فقطع بقية الحجر، فقال‏:‏ ‏‏(‏الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني‏)‏‏.‏

وروي ابن إسحاق مثل ذلك عن سلمان الفارسي رضي الله عنه‏.‏

ولَمَّا كانت المدينة تحيط بها الحرات والجبال وبساتين من النخيل من كل جانب سوي الشمال، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم أن زحف مثل هذا الجيش الكبير، ومهاجمته المدينة لا يمكن إلا من جهة الشمال، اتخذ الخندق في هذا الجانب‏.‏

وواصل المسلمون عملهم في حفره، فكانوا يحفرونه طول النهار، ويرجعون إلى أهليهم في المساء، حتى تكامل الخندق حسب الخطة المنشودة، قبل أن يصل الجيش الوثني العرمرم إلى أسوار المدينة‏.‏

وأقبلت قريش في أربعة آلاف، حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رُومَة بين الجُرْف وزَغَابَة، وأقبلت غَطَفَان ومن تبعهم من أهل نجد في ستة آلاف حتى نزلوا بذَنَبِ نَقْمَي إلى جانب أحد‏.‏

‏(‏وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا‏)‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 22‏]‏‏.‏

وأمَّا المنافقون وضعفاء النفوس فقد تزعزعت قلوبهم لرؤية هذا الجيش ‏(‏وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا‏)‏‏ [‏الأحزاب‏:‏ 12‏]‏‏.

وخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثلاثة آلاف من المسلمين، فجعلوا ظهورهم إلى جبل سَلْع فتحصنوا به، والخندق بينهم وبين الكفار‏.

‏وكان شعارهم‏:‏ ‏[‏حم لا ينصرون‏]‏، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وأمر بالنساء والذراري فجعلوا في آطام المدينة‏.‏

ولمَّا أراد المشركون مهاجمة المسلمين واقتحام المدينة، وجدوا خندقاً عريضاً يحول بينهم وبينها، فالتجئوا إلى فرض الحصار على المسلمين، بينما لم يكونوا مستعدين له حين خرجوا من ديارهم، إذ كانت هذه الخطة -كما قالوا- مكيدة ما عرفتها العرب، فلم يكونوا أدخلوها في حسابهم رأساً‏.‏

وأخذ المشركون يدورون حول الخندق غضاباً، يتحسسون نقطة ضعيفة ؛ لينحدروا منها، وأخذ المسلمون يتطلعون إلى جولات المشركين، يرشقونهم بالنبل، حتى لا يجترئوا على الاقتراب منه، ولا يستطيعوا أن يقتحموه، أو يهيلوا عليه التراب، ليبنوا به طريقاً يمكنهم من العبور‏.‏

وكره فوارس من قريش أن يقفوا حول الخندق من غير جدوى في ترقب نتائج الحصار، فإن ذلك لم يكن من شيمهم، فخرجت منها جماعة فيها عمرو بن عبد وُدّ وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب وغيرهم، فتيمموا مكاناً ضيقاً من الخندق فاقتحموه، وجالت بهم خيلهم في السَّبْخة بين الخندق وسَلْع، وخرج على بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم، ودعا عمرو إلى المبارزة، فانتدب له على بن أبي طالب، وقال كلمة حمي لأجلها -وكان من شجعان المشركين وأبطالهم- فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه، ثم أقبل على علي، فتجاولا وتصاولا حتى قتله علي رضي الله عنه، وانهزم الباقون حتى اقتحموا الخندق هاربين، وقد بلغ بهم الرعب إلى أن ترك عكرمة رمحه وهو منهزم عن عمرو‏.‏

وقد حاول المشركون في بعض الأيام محاولة بليغة لاقتحام الخندق، أو لبناء الطرق فيها، ولكن المسلمين كافحوا مكافحة مجيدة، ورشقوهم بالنبل، وناضلوهم أشد النضال حتى فشل المشركون في محاولتهم‏.‏

ولأجل الاشتغال بمثل هذه المكافحة الشديدة فات بعض الصلوات عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه‏:‏ أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق، فجعل يسب كفار قريش‏.

فقال‏:‏ يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن تغرب، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏‏(‏وأنا والله ما صليتها‏)‏، فنزلنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بُطْحَان، فتوضأ للصلاة، وتوضأنا لها، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلي بعدها المغرب‏.

وقد استاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لفوات هذه الصلاة حتى دعا على المشركين، ففي البخاري عن على عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال يوم الخندق‏:‏ ‏‏(‏ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم ناراً، كما شغلونا عن الصلاة الوسطي حتى غابت الشمس‏)‏‏.

وفي مسند أحمد والشافعي أنهم حبسوه عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فصلاهن جميعاً‏.

قال النووي‏:‏
وطريق الجمع بين هذه الروايات أن وقعة الخندق بقيت أياماً فكان هذا في بعض الأيام، وهذا في بعضها‏. انتهي‏.‏

ومن هنا يؤخذ أن محاولة العبور من المشركين، والمكافحة المتواصلة من المسلمين، دامت أياماً، إلا أن الخندق لما كان حائلاً بين الجيشين لم يجر بينهما قتال مباشر أو حرب دامية، بل اقتصروا على المراماة والمناضلة‏.‏

وفي هذه المراماة قتل رجال من الجيشين، يعدون على الأصابع‏:‏
ستة من المسلمين، وعشرة من المشركين، بينما كان قتل واحد أو اثنين منهم بالسيف‏.‏

وفي هذه المراماة رمي سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم فقطع منه الأكْحَل، رماه رجل من قريش يقال له‏:‏ حَبَّان بن العَرِقَة، فدعا سعد‏:‏ اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلى أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني لهم حتى أجاهدهم فيك، وإن كنت وضعت الحرب فافجرها واجعل موتتي فيها‏.

وقال في آخر دعائه‏:‏
ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة‏.‏

وبينما كان المسلمون يواجهون هذه الشدائد على جبهة المعركة كانت أفاعي الدس والتآمر تتقلب في جحورها، تريد إيصال السم داخل أجسادهم‏:‏ انطلق كبير مجرمي بني النضير حيي بن أخطب إلى ديار بني قريظة فأتي كعب بن أسد القرظي -سيد بني قريظة وصاحب عقدهم وعهدهم، وكان قد عاقد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن ينصره إذا أصابته حرب، كما تقدم- فضرب عليه حيي الباب فأغلقه كعب دونه، فما زال يكلمه حتى فتح له بابه، فقال حيي‏:‏ إني قد جئتك يا كعب بعز الدهر وببحر طَامٍ، جئتك بقريش على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال من رُومَة، وبغطفان على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بذَنَب نَقْمَي إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني على ألا يبرحوا حتى نستأصل محمداً ومن معه‏.‏

فقال له كعب‏:‏ جئتني والله بذُلِّ الدهر وبجَهَامٍ قد هَرَاق ماؤه، فهو يرْعِد ويبْرِق، ليس فيه شيء‏. ويحك يا حيي فدعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء‏.

فلم يزل حيي بكعب يفْتِلُه في الذِّرْوَة والغَارِب، حتى سمح له على أن أعطاه عهداً من الله وميثاقاً‏:‏ لئن رجعت قريش وغطفان، ولم يصيبوا محمداً أن أدخل معك في حصنك، حتى يصيبني ما أصابك، فنقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان بينه وبين المسلمين، ودخل مع المشركين في المحاربة ضد المسلمين‏.‏

وفعلاً قامت يهود بني قريظة بعمليات الحرب‏.

قال ابن إسحاق‏:‏
كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت، وكان حسان فيه مع النساء والصبيان، قالت صفية‏:‏ فمر بنا رجل من يهود، فجعل يطيف بالحصن، وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون في غور عدوهم، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إن أتانا آت، قالت‏:‏ فقلت‏:‏ يا حسان، إن هذا اليهودي كما تري يطيف بالحصن، وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا مَنْ وراءنا مِنْ يهود، وقد شغل عنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فانزل إليه فاقتله‏.‏

قال‏:‏ والله لقد عرفتِ ما أنا بصاحب هذا، قالت‏:‏ فاحتجزت ثم أخذت عموداً، ثم نزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن وقلت‏:‏ يا حسان، انزل إليه فاسلبه، فإنه لم يمنعني من سبله إلا أنه رجل، قال‏:‏ ما لي بسلبه من حاجة‏.‏

وقد كان لهذا الفعل المجيد من عمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أثر عميق في حفظ ذراري المسلمين ونسائهم، ويبدو أن اليهود ظنوا أن هذه الآطام والحصون في منعة من الجيش الإسلامي -مع أنها كانت خالية عنهم تماماً- فلم يجترئوا مرة ثانية للقيام بمثل هذا العمل، إلا أنهم أخذوا يمدون الغزاة الوثنيين بالمؤن، كدليل عملي على انضمامهم إليهم ضد المسلمين، حتى أخذ المسلمون من مؤنهم عشرين جملاً‏.‏

وانتهي الخبر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإلى المسلمين فبادر إلى تحقيقه، حتى يستجلي موقف قريظة، فيواجهه بما يجب من الوجهة العسكرية، وبعث لتحقيق الخبر السعدين؛ سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وعبد الله بن رواحة وخَوَّات بن جبير، وقال‏:‏ ‏‏(‏انطلقوا حتى تنظروا أحَقٌ ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا‏؟‏ فإن كان حقاً فالحنوا لي لحناً أعرفه، ولا تَفُتُّوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فاجهروا به للناس‏)‏‏.

فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون، فقد جاهروهم بالسَّبِّ والعداوة، ونالوا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏.‏

وقالوا‏:‏ من رسول الله؟‏ لا عهد بيننا وبين محمد، ولا عقد‏.

فانصرفوا عنهم، فلمَّا أقبلوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحنوا له، وقالوا‏:‏ عَضَل وقَارَة؛ أي إنهم على غدر كغدر عضل وقارة بأصحاب الرَّجِيع‏.

وعلى رغم محاولتهم إخفاء الحقيقة تفطن الناس لجلية الأمر، فتجسَّد أمامهم خطرٌ رهيب‏.‏

وقد كان أحرج موقف يقفه المسلمون، فلم يكن يحول بينهم وبين قريظة شيء يمنعهم من ضربهم من الخلف، بينما كان أمامهم جيش عرمرم لم يكونوا يستطيعون الانصراف عنه، وكانت ذراريهم ونساؤهم بمقربة من هؤلاء الغادرين في غير منعة وحفظ، وصاروا كما قال الله تعالي‏:‏ ‏(‏وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا‏)‏‏ [‏الأحزاب‏:‏10، 11‏]‏.

ونجم النفاق من بعض المنافقين حتى قال‏:‏
كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسري وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط‏. وحتى قال بعض آخر في ملأ من رجال قومه‏:‏ إن بيوتنا عورة من العدو، فائذن لنا أن نخرج، فنرجع إلى دارنا فإنها خارج المدينة‏.

وحتى همَّت بنو سلمة بالفشل، وفي هؤلاء أنزل الله تعالي‏:‏ ‏(‏وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا‏)‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 12، 13‏]‏‏.‏

أمَّا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتقنع بثوبه حين أتاه غَدْر قريظة، فاضطجع ومكث طويلاً حتى اشتد على الناس البلاء، ثم نهض مبشراً يقول‏:‏ ‏‏(‏الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين بفتح الله ونصره‏)‏، ثم أخذ يخطط لمُجابهة الظّرف الرَّاهن، وكجزء من هذه الخطة كان يبعث الحرس إلى المدينة؛ لئلا يُؤْتَي الذَّراري والنساء على غِرَّةٍ، ولكن كان لابد من إقدام حاسم، يُفضي إلى تخاذل الأحزاب، وتحقيـقاً لهــذا الهـدف أراد أن يُصالـح عُيينَة بن حصن والحارث بن عوف رئيسي غطفان على ثلث ثمار المدينة، حتى ينصرفا بقومهما، ويخلو المسلمون لإلحاق الهزيمة الساحقة العاجلة بقريش التي اختبروا مدي قوتها وبأسها مراراً.

وجرت المُراودة على ذلك، فاستشار السعدين في ذلك، فقالا‏:‏ يا رسول الله، إن كان الله أمرك بهذا فسمعاً وطاعة، وإن كان شيء تصنعه لنا فلا حاجة لنا فيه، لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قِرًي أو بيعاً، فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك نعطيهم أموالنا‏؟‏ والله لا نعطيهم إلا السيف، فَصَوَّبَ رأيهما وقال‏:‏ ‏‏(‏إنما هو شيء أصنعه لكم لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة‏)‏‏.‏

ثم إن الله عز وجل -وله الحمد- صنع أمراً من عنده خذل به العدو وهزم جموعهم، وفَلَّ حدهم، فكان مما هيأ من ذلك أن رجلاً من غطفان يقال له‏:‏ نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي رضي الله عنه جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال‏:‏ يا رسول الله، إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني ما شئت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏‏(‏إنما أنت رجل واحد، فَخذِّلْ عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة‏)‏، فذهب من فوره إلى بني قريظة -وكان عشيراً لهم في الجاهلية- فدخل عليهم وقال‏:‏ قد عرفتم ودي إياكم، وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا‏:‏ صدقت‏.

قال‏:‏ فإن قريشاً ليسوا مثلكم، البلد بلدكم، فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون أن تتحولوا منه إلى غيره، وإن قريشاً وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه، وقد ظاهرتموهم عليه، وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره، فإن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ومحمداً فانتقم منكم، قالوا‏:‏ فما العمل يا نعيم ‏؟‏ قال‏:‏ لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن‏. قالوا‏:‏ لقد أشرت بالرأي‏.‏

ثم مضي نعيم على وجهه إلى قريش وقال لهم‏:‏ تعلمون ودي لكم ونصحي لكم‏؟‏

قالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ إن يهود قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه، ثم يوالونه عليكم، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم، ثم ذهب إلى غطفان، فقال لهم مثل ذلك‏.‏

فلما كانت ليلة السبت من شوال -سنة 5هـ- بعثوا إلى يهود‏:‏ أنا لسنا بأرض مقام، وقد هلك الكُرَاع والخف، فانهضوا بنا حتى نناجز محمداً، فأرسل إليهم اليهود أن اليوم يوم السبت، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه، ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهائن، فلما جاءتهم رسلهم بذلك قالت قريش وغطفان‏:‏ صدقكم والله نعيم، فبعثوا إلى يهود إنا والله لا نرسل إليكم أحداً، فاخرجوا معنا حتى نناجز محمداً، فقالت قريظة‏:‏ صدقكم والله نعيم‏.
فتخاذل الفريقان، ودبت الفرقة بين صفوفهم، وخارت عزائمهم‏.‏

وكان المسلمون يدعون الله تعالى‏:‏ ‏‏(‏اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا‏)‏، ودعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الأحزاب، فقال‏:‏ ‏‏(‏اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم‏)‏‏.‏

وقد سمع الله دعاء رسوله والمسلمين، فبعد أن دبت الفرقة في صفوف المشركين وسري بينهم التخاذل أرسل الله عليهم جنداً من الريح فجعلت تقوض خيامهم، ولا تدع لهم قِدْرًا إلا كفأتها، ولا طُنُبًا إلا قلعته، ولا يقر لهم قرار، وأرسل جنداً من الملائكة يزلزلونهم، ويلقون في قلوبهم الرعب والخوف‏.‏

وأرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تلك الليلة الباردة القارسة حذيفة بن اليمان يأتيه بخبرهم، فوجدهم على هذه الحالة، وقد تهيأوا للرحيل، فرجع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخبره برحيل القوم، فأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد رد الله عدوه بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفاه الله قتالهم، فصدق وعده، وأعز جنده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، فرجع إلى المدينة‏.‏

وكانت غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة في شوال على أصح القولين، وأقام المشركون محاصرين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين شهراً أو نحو شهر‏.

ويبدو بعد الجمع بين المصادر أن بداية فرض الحصار كانت في شوال ونهايته في ذي القعدة، وعند ابن سعد أن انصراف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الخندق كان يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة‏.‏

إن معركة الأحزاب لم تكن معركة خسائر، بل كانت معركة أعصاب، لم يجر فيها قتال مرير، إلا أنها كانت من أحسم المعارك في تاريخ الإسلام، تمخضت عن تخاذل المشركين، وأفادت أن أية قوة من قوات العرب لا تستطيع استئصال القوة الصغيرة التي تنمو في المدينة ؛ لأن العرب لم تكن تستطيع أن تأتي بجمع أقوي مما أتت به في الأحزاب، ولذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أجلي الله الأحزاب‏:‏ ‏‏(‏الآن نغزوهم، ولا يغزونا، نحن نسير إليهم‏)‏‏.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالخميس 19 أغسطس 2021, 6:22 am

(27) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- لهدم العقائد الفاسدة السائدة في المجتمع
إنه زيد بن حارثة وقد وهبته أمُّنَا خديجة -رضي الله عنها- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقبل منها هديتها.

عاش زيد رضياً بصحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, مُوَفَّقاً في خدمته.

وبعد حين حضر إلى مكة وفد من بني حارثة يطلبون شراء ابنهم زيد وفديته لتحريره من رقه, ففاض سخاء النبي العربي وقال لهم: إن اختاركم فخذوه من غير ثمن.

ولَمَّا جئ بزيد أنعم الله عليه, فاختار الرِّقَ مع النبي على الحرية بين قومه, وصار بعد ذلك يُدعى زيد بن محمد تعظيماً له وتكريماً.

بلغ الفتى أشده واستوى, فرغب سيده أن يزوجه كريمة من كرائم العرب, لتكون له في الحياة سنداً وظهيراً, ويبالغ النبي في تكريم زيد, فيتقدَّم إلى زينب بنت جحش ابنة عمَّته أميمة بنت عبد المطلب, فيخطبها لمولاه, مكافأة له ودليلاً على رضاه.

ولكن زينب تأنف أن تتزوَّج من زيد وذلك لنسبها العربي الكريم.

ولكن وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالًا مبينًا, فلا يصح لرجل ولا امرأة اختيار أمر من الأمور يُخالف ما قضاه الله جل جلاله, ثم بلّغه لنبيه, ليرض عبد الله ولتخضع زينب لقضاء الله ورسوله, وليسعدا بزواج يخلّد الله شأنه في كتابه الكريم.

عاش زيد وزينب معيشة زوجين هانئين بما وفقهما الله, وأرخى لهما حبال السعادة, ورفه لهما في العيش ومد أسباب الرخاء, وبعد حين أراد الله أن تقع الواقعة, سناً لشرائع, وإيضاحاً لأمور الدِّين, وتبياناً للعالمين, وتصحيحاً لأوهام الناس.

وهل يقدم على مخالفة مألوف العرب, وتحطيم أغلالهم, ونبذ خرافاتهم إلا رجل ملك الإيمان نفسه وملأ الحق قلبه, وخالطت الجرأة منه العصب والدم والمسامع والأطراف, وتغلغلت الشجاعة الخلقية فوصلت منه إلى اللب والشغاف؟

وهل يسمو بشر إلى تلك المنزلة سمو النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-؟

وبعد حين من الدهر وهت وضعفت الرابطة بين زيد وزوجته وفترت تلك العلاقة التي تجمع بينهما كزوجين مؤتلفين.. فيتقدَّم زيد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شاكياً يستشيره في طلاق زينب, فيتجلّى عطف الرسول ونُبله قائلاً: يا زيد, هذه زينب يَسَّرَ اللهُ لك زواجها بعد عُسر, وسهَّلهُ بعد امتناع, وعسى أن يُصلح حالها لك بعد, فأمسكها عليك, واتق الله لئلا تصِمها أي تعيبها بأنها لا تُحسن عشرة الأزواج وثب وإلى رُشدك, فلا تنقض أمراً أبرمته ولم يتم إلا بعد أن نزل فيه قرآن من المُدَبِّر الحكيم.

يقول الرسول العظيم قوله هذا ونفسه تفيض حناناً وإشفاقاً وعطفاً لما كان سبق في علم الله, من أن زيداً يطلق زينب ثم تتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- من بعده.

واستمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- متضرعاً بينه وبين نفسه إلى الله, مبتهلاً إلى رحمته, عسى أن يمحو الله ما أثبت, فيُصلح الحال, بين المرء وزوجه.

وينقض أمراً سبق أن أبرمه استكمالاً لأسباب التشريع.

فاضت نفس الرسول صلى الله عليه وسل بالنصح لزيد, وبالضراعة إلى الله, أملاً أن ينقض الله ما ابرم, و أن يمحو ما اثبت ولكن أبى الله إلا أن يتم قضاؤه, فأوحى الله إلى رسوله: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً(37) الأحزاب.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخفى قضاء الله, عسى أن تنفع فيه شفاعته, ويخشى الناس أن يضلوا بسبب اعتراضهم على أمر لم يألفوه, وتشريع ما تعودوه, ولكن من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل الله فما له من هاد.

واللهُ أحَقُّ بالخشية والرعاية من سواه.

لأن مألوف الناس وعاداتهم ليست أصلاً لتشريع.

ولا أساساً لقانون, والنبي -صلى الله عليه وسلم- أولى مَنْ يهدم العقائد الفاسدة, ويقوّض الخرافات السائدة فيقيم بعدها صرحاً من الحق, ومناراً للشريعة السمحة.

انقضت عدة زينب بعد طلاقها من زيد ثم هيأ الله زواجها من النبي الكريم وكانت زينب فخوراً تتيه دلالاً وتمتلئ عجباً, فتقول لسائر نساء النبي إن الله تولّى تزويجي أمَّا انتن فتولّى تزويجكن أولياؤكن.

وكانت هذه الحادثة خرقاً غير مألوف, غيَّر وجهة أحوالهم ومعتقداتهم فقد ادَّعُوا للدَّعي ما للابن من الحقوق, من إرث ونسب وتسلط ذلك الاعتقاد على أنفسهم ورسخ في أذهانهم وعسر عليهم أن يخلعوا عنهم هذه الأفكار.

فتقدَّم النبي الكريم بآية واضحة وحدة قاطعة فقام بما قام مع قيام هذه العادة وتمكنها من الناس ومن أولى بذلك رسول الشريعة الحنفية, وهو الذي نادى بحُرمة ربا الجاهلية وأول رباً وضعه ربا عمه العباس, حتى يرى الناس صنيعه بأقرب الناس إليه وتنقطع وساوس الشيطان من صدورهم.

كانت قصة زيد وزينب مثاراً لأقوال وشبهات جرفت كثيراً من الناس ممن زاغ بهم الباطل وران على قلوبهم حلك الضلال فنسبوا إلى النبي أنه اشتهى -صلى الله عليه وسلم- زينب بعد زواجها من زيد وما كان محمد ليمكن لميوله, ويمهد لهواه بما يخالف أمر ربه, تسامى قدرُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

أمَا كانت زينب أمامه بكراً تحت سمعه وبصره وهو بالأربعين زمن اكتمال الفتوة؟

أفبعد ثلاث عشرة سنة وبعد أن زالت نضرة البكارة عنها وهدأت فيه ثورة الشباب ينظر إليها نظر المُشتهي؟

ألم يكن له من شواغل الدين والفتح شاغل عن أمور النساء, وهو ابن سادة الكرام الموصوفين: قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم دون النساء ولو باتت بأطهار.

إنه ابتلاء الله العظيم للنبي الكريم ليعلم الناس ويهدم عقائدهم الفاسدة التي تربوا عليها وتمسكوا بها, فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- هو خير معلم لهم.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالخميس 19 أغسطس 2021, 4:33 pm

(28) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بحديث الإفك
في غزوة المريسيع كانت قصة حديث الإفك، وفيها أن عائشة رضي الله عنها كانت قد خرج بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معه في هذه الغزوة بقرعة أصابتها، وكانت تلك عادته مع نسائه، فلما رجعوا من الغزوة نزلوا في بعض المنازل، فخرجت عائشة لحاجتها، ففقدت عقداً لأختها كانت أعارتها إياه، فرجعت تلتمسه في الموضع الذي فقدته فيه في وقتها، فجاء النفر الذين كانوا يرحلون هَوْدَجَها فظنوها فيه فحملوا الهودج، ولا ينكرون خِفَّتَه؛ لأنها رضي الله عنها كانت فَتِيَّةَ السن لم يَغْشَهَا اللحم الذي كان يثقلها، وأيضاً فإن النفر لَمَّا تساعدوا على حمل الهودج لم ينكروا خفته، ولو كان الذي حمله واحداً أو اثنين لم يخف عليهما الحال، فرجعت عائشة إلى منازلهم، وقد أصابت العقد، فإذا ليس به داع ولا مجيب، فقعدت في المنزل، وظنت أنهم سيفقدونها فيرجعون في طلبها، والله غالب على أمره، يدبر الأمر من فوق عرشه كما يشاء، فغلبتها عيناها، فنامت، فلم تستيقظ إلا بقول صفوان بن المُعَطَّل‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون، زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏؟‏ وكان صفوان قد عَرَس في أخريات الجيش ؛ لأنه كان كثير النوم، فلما رآها عرفها، وكان يراها قبل نزول الحجاب، فاسترجع وأناخ راحلته، فقربها إليها، فركبتها، وما كلمها كلمة واحدة، ولم تسمع منه إلا استرجاعه، ثم سار بها يقودها، حتى قدم بها، وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة، فلما رأي ذلك الناس تكلم كل منهم بشاكلته، وما يليق به، ووجد الخبيث عدو الله ابن أبي متنفساً، فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه، فجعل يستحكي الإفك، ويستوشيه، ويشيعه، ويذيعه، ويجمعه ويفرقه، وكان أصحابه يتقربون به إليه، فلما قدموا المدينة أفاض أهل الإفك في الحديث، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساكت لا يتكلم، ثم استشار أصحابه -لما استلبث الوحي طويلاً- في فراقها، فأشار عليه علي رضي الله عنه أن يفارقها، ويأخذ غيرها، تلويحاً لا تصريحاً، وأشار عليه أسامة وغيره بإمساكها، وألا يلتفت إلى كلام الأعداء‏.

فقام على المنبر يستعذر من عبد الله ابن أبي، فأظهر أسيد بن حضير سيد الأوس رغبته في قتله فأخذت سعد بن عبادة -سيد الخزرج، وهي قبيلة ابن أبي- الحمية القبلية، فجري بينهما كلام تثاور له الحيان، فخفضهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى سكتوا وسكت‏.‏

أمَّا عائشة فلما رجعت مرضت شهراً، وهي لا تعلم عن حديث الإفك شيئاً، سوي أنها كانت لا تعرف من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللطف الذي كانت تعرفه حين تشتكي، فلما نَقِهَتْ خرجت مع أم مِسْطَح إلى البَرَاز ليلاً، فعثرت أم مسطح في مِرْطِها، فدعت على ابنها، فاستنكرت ذلك عائشة منها، فأخبرتها الخبر، فرجعت عائشة واستأذنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لتأتي أبويها وتستيقن الخبر، ثم أتتهما بعد الإذن حتى عرفت جلية الأمر، فجعلت تبكي، فبكت ليلتين ويوماً، لم تكن تكتحل بنوم، ولا يرقأ لها دمع، حتى ظنت أن البكاء فالق كبدها، وجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فتشهد وقال‏:‏ ‏(‏أما بعد يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب إلى الله تاب الله عليه‏)‏‏.‏

وحينئذ قَلَص دمعها، وقالت لكل من أبويها أن يجيبا، فلم يدريا ما يقولان‏. فقالت‏:‏ والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلت لكم‏:‏ إني بريئة -والله يعلم أني بريئة- لا تصدقونني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر -والله يعلم أني منه بريئة- لتُصَدِّقنِّي، والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف، قال‏:‏ ‏(‏فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ‏)‏ ‏[‏يوسف‏:‏ 18‏]‏‏.‏

ثم تحوَّلت واضطجعت، ونزل الوحي ساعته، فَسُرِّي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يضحك‏.

فكانت أول كلمة تكلم بها‏:‏ ‏(‏يا عائشة، أمَّا اللهُ فقد برَّأكِ‏)‏، فقالت لها أمها‏:‏ قومي إليه‏.‏‏. فقالت عائشة إدلالاً ببراءة ساحتها، وثقة بمحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله‏.

والذي أنزله الله بشأن الإفك هو قوله تعالي‏:‏ ‏(‏إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ ‏[‏ النور‏:‏ 11: 20‏]‏‏... العشر الآيات‏.‏

وجُلِد من أهل الإفك مِسْطَح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحَمْنَة بنت جحش، جلدوا ثمانين ثمانين، ولم يُحَدّ الخبيث عبد الله بن أبي مع أنه رأس أهل الإفك، والذي تولَّى كبره؛ إمَّا لأن الحُدود تخفيف لأهلها، وقد وعده الله بالعذاب العظيم في الآخرة، وإمَّا للمصلحة التي تُرِكَ لأجلها قتله‏.

وهكذا وبعد شهر قشعت سحابة الشك والارتياب والقلق والاضطراب عن جو المدينة، وافتضح رأس المنافقين افتضاحاً لم يستطع أن يرفع رأسه بعد ذلك، قال ابن إسحاق‏:‏ وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه‏.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمر‏:‏ ‏(‏كيف ترى يا عمر‏؟‏ أما والله لو قتلته يوم قلت لي‏:‏ اقتله، لأرعدت له آنف، ولو أمرتها اليوم بقتله لقتلته‏)‏‏.

قال عمر‏:‏ قد والله علمتُ، لأمْر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعظم بركة من أمري‏.

فهل يستطيع رجل أن يتصرَّف ويفعل مثل ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ما أتهم في عرض أهله, أم كان سيثور ويضرب ويتهم وقد يقتل, لا - لا يفعل كل ذلك لأنه معلم البشرية والمبتلى الأعظم صلى الله عليك وسلم يا حبيبي يا رسول الله.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالخميس 19 أغسطس 2021, 4:39 pm

 (29) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- في صُلح الحُدَيْبِيَة
أري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المنام، وهو بالمدينة، أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام، وأخذ مفتاح الكعبة، وطافوا واعتمروا، وحلق بعضهم وقصَّر بعضهم، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا، وحَسِبُوا أنهم داخلو مكة عامهم ذلك، وأخبر أصحابه أنه معتمر فتجهَّزُوا للسفر‏.‏

واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه، فأبطأ كثير من الأعراب، أما هو فغسل ثيابه، وركب ناقته القَصْواء، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم أو نُمَيْلَة الليثي‏. وخرج منها يوم الاثنين غرة ذي القعدة سنة 6 هـ، ومعه زوجته أم سلمة، في ألف وأربعمائة، ويقال‏:‏ ألف وخمسمائة، ولم يخرج معه بسلاح، إلا سلاح المسافر‏:‏ السيوف في القُرُب‏.‏

وتحرك في اتجاه مكة، فلما كان بذي الحُلَيْفَة قَلَّد الهدي وأشْعَرَه، وأحرم بالعمرة؛ ليأمن الناس من حربه، وبعث بين يديه عيناً له من خزاعة يخبره عن قريش، حتى إذا كان قريباً من عُسْفَان أتاه عينه، فقال‏:‏ إني تركت كعب بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش، وجمعوا لك جموعاً، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، واستشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه، وقال‏:‏ ‏(‏أترون نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم‏؟‏ فإن قعدوا, قعدوا موتورين محزونين، وإن نجوا يكن عنق قطعها الله، أم تريدون أن نؤم هذا البيت فمن صدنا عنه قاتلناه‏؟‏‏)‏ فقال أبو بكر‏:‏ الله ورسوله أعلم، إنما جئنا معتمرين، ولم نجئ لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم:‏ ‏(‏فروحوا‏)‏، فراحوا‏.‏

وكانت قريش لما سمعت بخروج النبي -صلى الله عليه وسلم- عقدت مجلساً استشارياً قررت فيه صد المسلمين عن البيت كيفما يمكن، فبعد أن أعرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الأحابيش، نقل إليه رجل من بني كعب أن قريشاً نازلة بذي طُوَي، وأن مائتي فارس في قيادة خالد بن الوليد مرابطة بكُرَاع الغَمِيم في الطريق الرئيسي الذي يوصل إلى مكة‏.

وقد حاول خالد صد المسلمين، فقام بفرسانه إزاءهم يتراءى الجيشان‏.

ورأي خالد المسلمين في صلاة الظهر يركعون ويسجدون، فقال‏:‏ لقد كانوا على غرة، لو كنا حملنا عليهم لأصبنا منهم، ثم قرر أن يميل على المسلمين -وهم في صلاة العصر- ميلة واحدة، ولكن الله أنزل حكم صلاة الخوف، ففاتت الفرصة خالداً‏.‏

وأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طريقاً وَعْرًا بين شعاب، وسلك بهم ذات اليمين بين ظهري الحَمْض في طريق تخرجه على ثنية المُرَار مهبط الحديبية من أسفل مكة، وترك الطريق الرئيسي الذي يفضي إلى الحرم ماراً بالتنعيم، تركه إلى اليسار، فلما رأي خالد قَتَرَة الجيش الإسلامي قد خالفوا عن طريقه انطلق يركض نذيراً لقريش‏.‏

وسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كان بثنية المرار بركت راحلته، فقال الناس‏:‏ حَلْ حَلْ، فألَحَّتْ، فقالوا‏:‏ خلأت القصواء، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل‏)‏، ثم قال‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها‏)‏، ثم زجرها فوثبت به، فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية، على ثَمَد قليل الماء، إنما يتبرضه الناس تبرضاً، فلم يلبث أن نزحوه‏.

فشكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العطش، فانتزع سهماً من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا‏.‏

ولَمَّا اطمأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء بديل بن وَرْقَاء الخزاعي في نفر من خزاعة، وكانت خزاعة عَيْبَة نُصْح لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل تُهَامَة، فقال‏:‏ إني تركت كعب ابن لؤي، نزلوا أعداد مياه الحديبية، معهم العُوذ المطَافِيل، وهم مقاتلوك وصادَوك عن البيت‏.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إنا لم نجئ لقتال أحَدٍ، ولكنا جئنا مُعتمرين، وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب وأضرَّت بهم، فإن شاءوا ماددتهم، ويخلُّوا بيني وبين الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جَمُّوا، وإن هم أبوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذن اللهُ أمره‏)‏‏.‏

قال بديل‏:‏ سأبلغهم ما تقول، فانطلق حتى أتي قريشاً، فقال‏:‏ إني قد جئتكم من عند هذا الرجل، وسمعته يقول قولاً، فإن شئتم عرضته عليكم‏.‏

فقال سفهاؤهم‏:‏ لا حاجة لنا أن تحدثنا عنه بشيء‏.

وقال ذوو الرأي منهم‏:‏ هات ما سمعته‏.

قال‏:‏ سمعته يقول كذا وكذا، فبعثت قريش مِكْرَز بن حفص، فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ هذا رجل غادر، فلما جاء وتكلم قال له مثل ما قال لبديل وأصحابه، فرجع إلى قريش وأخبرهم‏.‏

ثم قال رجل من كنانة اسمه الحُلَيْس بن علقمة‏:‏ دعوني آته‏.

فقالوا‏:‏ ائته، فلما أشرف على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البُدن، فابعثوها‏)‏، فبعثوها له، واستقبله القوم يُلَبُون، فلما رأي ذلك‏، قال‏:‏ سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يُصَدُّوا عن البيت، فرجع إلى أصحابه، فقال‏:‏ رأيتُ البُدن قد قلدت وأشعرت، وما أري أن يصدوا، وجري بينه وبين قريش كلام أحفظه‏.‏

فقال عروة بن مسعود الثقفي‏:‏ إن هذا قد عرض عليكم خطة رُشْد فاقبلوها، ودعوني آته، فأتاه، فجعل يكلمه، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- نحواً من قوله لبديل‏.

فقال له عروة عند ذلك‏:‏ أي محمد أرأيت لو استأصلت قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخرى فوالله إني لا أري وجوها، وإني أري أوباشاً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، قال له أبو بكر‏:‏ امصص بَظْر اللات، أنحن نفر عنه‏؟‏ قال‏:‏ من ذا‏؟‏ قالوا‏:‏ أبو بكر، قال‏:‏ أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت عندي لم أجْزِكَ بها لأجبتك‏.

وجعل يكلم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكلما كلمه أخذ بلحيته، والمُغيرة بن شعبة عند رأس النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعه السيف وعليه المِغْفَرُ، فكلما أهوي عروة إلى لحية النبي -صلى الله عليه وسلم- ضرب يده بنعل السيف، وقال‏:‏ أخِّر يدك عن لحية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرفع عروة رأسه، وقال‏:‏ مَنْ ذا‏؟‏ قالوا‏:‏ المُغيرة بن شعبة، فقال‏:‏ أي عُذَر، أو لستُ أسعي في غَدْرَتِك‏؟‏

وكان المغيرة صَحِبَ قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبـي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏أمَّا الإسلام فأقبلُ، وأمَّا المال فلست منـه فـي شيء‏)‏ ‏(‏وكان المُغيرة ابن أخي عروة‏)‏‏.‏

ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتعظيمهم له، فرجع إلى أصحابه، فقال‏:‏ أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، على قيصر وكسري والنجاشي، والله ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً، والله إن تَنَخَّمَ نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيماً له، وقد عرض عليكم خطة رُشْدٍ فاقبلوها‏.‏

ولَمَّا رأي شباب قريش الطائشون، الطامحون إلى الحرب، رغبة زعمائهم في الصلح فكروا في خطة تحول بينهم وبين الصلح، فقرروا أن يخرجوا ليلاً، ويتسللوا إلى معسكر المسلمين، ويحدثوا أحداثاً تشعل نار الحرب، وفعلاً قد قاموا بتنفيذ هذا القرار، فقد خرج سبعون أو ثمانون منهم ليلاً فهبطوا من جبل التنعيم، وحاولوا التسلل إلى معسكر المسلمين، غير أن محمد بن مسلمة قائد الحرس اعتقلهم جميعاً‏.‏

ورغبة فـــي الصلــح أطلـق سراحهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وعفا عنـهم، وفي ذلك أنزل الله‏:‏ ‏(‏وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ‏)‏ ‏[‏الفتح‏:‏ 24‏]‏.

وحينئذ أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبعث سفيراً يؤكد لدي قريش موقفه وهدفه من هذا السفر، فدعا عمر بن الخطاب ليُرسله إليهم، فاعتذر قائلاً‏:‏ يا رسول الله، ليس لي أحَدٌ بمكة من بني عدي بن كعب يغضب لي إن أوذيت، فأرسل عثمان بن عفان، فإن عشيرته بها، وإنه مبلغ ما أردت، فدعاه، وأرسله إلى قريش، وقال‏:‏ أخبرهم أنا لم نأت لقتال، وإنما جئنا عُمَّاراً، وادعهم إلى الإسلام، وأمره أن يأتي رجالاً بمكة مؤمنين، ونساء مؤمنات، فيبشرهم بالفتح، ويخبرهم أن الله عز وجل مظهر دينه بمكة، حتى لا يستخفي فيها أحد بالإيمان‏.‏

فانطلق عثمان حتى مَرَّ على قريش بِبَلْدَح، فقالوا‏:‏ أين تريد‏؟‏

فقال‏:‏ بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكذا وكذا، قالوا‏:‏ قد سمعنا ما تقول، فانفذ لحاجتك، وقام إليه أبان ابن سعيد بن العاص، فرحَّبَ به ثم أسرج فرسه، فحمل عثمان على الفرس، وأجاره وأردفه حتى جاء مكة، وبلّغ الرسالة إلى زعماء قريش، فلمَّا فرغ عرضوا عليه أن يطوف بالبيت، فرفض هذا العرض، وأبي أن يطوف حتى يطوف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏.‏

واحتبست قريش عثمان عندها -ولعلهم أرادوا أن يتشاوروا فيما بينهم في الوضع الراهن، ويبرموا أمرهم، ثم يردوا عثمان بجواب ما جاء به من الرسالة- وطال الاحتباس، فشاع بين المسلمين أن عثمان قُتِلَ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا بلغته الإشاعة‏:‏ ‏(‏لا نبرحُ حتى نُناجز القوم‏)‏، ثم دعا أصحابه إلى البيعة، فثاروا إليه يبايعونه على ألا يفروا، وبايعته جماعة على الموت، وأول مَنْ بايعه أبو سنان الأسدي، وبايعه سلمة بن الأكوع على الموت ثلاث مرَّات، في أول الناس ووسطهم وآخرهم، وأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيد نفسه وقال‏:‏ ‏(‏هذه عن عثمان‏)‏‏.

 ولَمَّا تمَّت البيعة جاء عثمان فبايعه، ولم يتخلّف عن هذه البيعة إلا رجلٌ من المنافقين يقال له‏:‏ جَدُّ بن قَيْس‏.‏

أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه البيعة تحت شجرة، وكان عمر آخذا بيده، ومَعْقِل بن يَسَار آخذا بغصن الشجرة يرفعه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذه هي بيعة الرضوان التي أنزل الله فيها‏:‏ ‏(‏لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ...‏) ‏الآية ‏[‏الفتح‏:‏ 18‏].‏

وعرفت قريش ضيق الموقف، فأسرعت إلى بعث سُهَيْل بن عمرو لعقد الصلح، وأكدت له ألا يكون في الصلح إلا أن يرجع عنا عامه هذا، لا تتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبداً، فأتاه سهيل بن عمرو، فلمَّا رآه قال‏:‏ ‏(‏قد سهل لكم أمركم‏)‏، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فجاء سهيل فتكلم طويلاً، ثم اتفقا على قواعد الصلح...

وهي هذه‏:‏
1‏. الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرجع من عامه، فلا يدخل مكة، وإذا كان العام القابل دخلها المسلمون فأقاموا بها ثلاثاً، معهم سلاح الراكب، السيوف في القُرُب، ولا يتعرض لهم بأي نوع من أنواع التعرض‏.‏

2‏. وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض‏.

3‏. مَنْ أحَبَّ أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومَنْ أحَبَّ أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وتعتبر القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين جزءاً من ذلك الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي من هذه القبائل يعتبر عدواناً على ذلك الفريق‏.‏

4‏. مَنْ أتي محمداً من قريش من غير إذن وليه -أي هارباً منهم- رَدَّهُ عليهم، ومَنْ جاء قريشاً مِمَّنْ مع محمد -أي هارباً منه- لم يُرَدُّ عليه‏.‏

ثم دعا علياً ليكتب الكتاب، فأملي عليه‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ فقال سهيل‏:‏ أمَّا الرحمن فوالله لا ندري ما هو‏؟‏ ولكن اكتب‏:‏ باسمك اللّهم‏.

فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك‏.

ثم أملي‏:‏ ‏(‏هذا ما صالح عليه محمد رسول الله‏)‏ فقال سهيل‏:‏ لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب‏:‏ محمد بن عبد الله فقال‏:‏ ‏(‏إني رسول الله وإن كذبتموني‏)‏، وأمر علياً أن يكتب‏:‏ محمد بن عبد الله، ويمحو لفظ رسول الله، فأبي على أن يمحو هذا اللفظ‏.

فمحاه -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم تمَّت كتابة الصحيفة، ولَمَّا تمَّ الصُّلح دخلت خزاعة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانوا حليف بني هاشم منذ عهد عبد المطلب، كما قدمنا في أوائل الكتاب، فكان دخولهم في هذا العهد تأكيداً لذلك الحلف القديم، ودخلت بنو بكر في عهد قريش‏.‏

وروى سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الحديبية ولو نرى قتالاً لقاتلنا -وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين المشركين- فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بلى قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال: ففيم نُعطي الدَّنِيَّة في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟

فقال: يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبداً.  

قال: فانطلق عمر -فلم يصبر متغيظا- فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: بلى قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبداً.  

قال: فنزل القرآن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ فأرسل إلى عمر فأقرأه إيَّاه فقال: يا رسول الله أو فتح هو؟ قال: "نعم" فطابت نفسه ورجع. أخرجه البخاري.

وبينما الكتاب يُكتب إذ جاء أبو جَنْدَل بن سهيل يَرْسُفُ في قيوده، قد خرج من أسفل مكة حتى رمي بنفسه بين ظهور المسلمين، فقال سهيل‏:‏ هذا أول ما أقاضيك عليه على أن ترده فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إنا لم نقض الكتاب بعد‏)‏‏.‏

فقال‏:‏ فوالله إذا لا أقاضيك على شيء أبداً‏.

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏فأجزه لي‏)‏‏.

قال‏:‏ ما أنا بمجيزه لك‏.

قال‏:‏ ‏(‏بلى فافعل‏)‏، قال‏:‏ ما أنا بفاعل‏.

وقد ضرب سهيل أبا جندل في وجهه، وأخذ بتلابيبه وجرَّهُ؛ ليرده إلى المشركين، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته‏:‏ يا معشر المسلمين، أأرَدُّ إلى المشركين يفتنوني في ديني‏؟‏ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صُلحاً، وأعطيناهم على ذلك، وأعطونا عهد الله فلا نغدر بهم‏)‏‏.‏

فوثب عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول‏:‏ اصبر يا أبا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب، ويدني قائم السيف منه، يقول عمر‏:‏ رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، فضن الرجل بأبيه، ونفذت القضية‏.

ولَمَّا فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قضية الكتاب قال‏:‏ ‏(‏قوموا فانحروا‏)‏، فوالله ما قام منهم أحَدٌ حتى قال ثلاث مرات، فلمَّا لم يقم منهم أحَدٌ قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت‏:‏ يا رسول الله، أتُحِبُّ ذلك‏؟‏ اخرج، ثم لا تكلم أحداً كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فقام فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بُدْنَه، ودعا حالقه فحلقه، فلمَّا رأي الناس ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غمّاً، وكانوا نحروا البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، ونحر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جملاً كان لأبي جهل، كان في أنفه بُرَةٌ من فضة، ليغيظ به المشركين، ودعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للمُحلّقين ثلاثاً بالمغفرة وللمُقصرّين مرة‏.

وفي هذا السفر أنزل الله فدية الأذى لِمَنْ حلق رأسه، بالصيام، أو الصدقة، أو النسك، في شأن كعب بن عُجْرَة‏.

ثم جاء نسوة مؤمنات فسأل أولياؤهن أن يردهن عليهم بالعهد الذي تم في الحديبية، فرفض طلبهم هذا؛ بدليل أن الكلمة التي كتبت في المعاهدة بصدد هذا البند هي‏:‏ ‏(‏وعلى أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك إلا رددته علينا‏)‏، فلم تدخل النساء في العقد رأساً‏.

وأنزل الله في ذلك‏:‏ ‏(‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ‏)‏، حتى بلغ ‏(‏بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ‏)‏ ‏[‏الممتحنة‏:‏ 10‏]‏ فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمتحنهن بقوله تعالى‏:‏ ‏(‏إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ ‏[‏الممتحنة‏:‏ 12‏]‏، فمَنْ أقرَّت بهذه الشروط قال لها‏:‏ ‏(‏قد بايعتك‏)‏، ثم لم يكن يردهن‏.
 
وطلّق المسلمون زوجاتهم الكافرات بهذا الحكم‏.

فطلّق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشِّرك، تزوَّج بإحداهما معاوية، وبالأخرى صفوان بن أمية‏.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالخميس 19 أغسطس 2021, 6:28 pm

(30) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بوضع السم في طعامه
لما اطمأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخيبر بعد فتحها أهدت له زينب بنت الحارث، امرأة سَلاَّم بن مِشْكَم، شاة مَصْلِيَّةً، وقد سألت أي عضو أحَبُّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏؟‏ فقيل لها‏:‏ الذراع، فأكثرت فيها من السم، ثم سَمَّتْ سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تناول الذراع، فَلاَكَ منها مضغة فلم يسغها، ولفظها، ثم قال‏:‏ ‏(‏إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم‏)‏، ثم دعا بها فاعترفت، فقال‏:‏ ‏(‏ما حملك على ذلك‏؟‏‏)‏ قالت‏:‏ قلت‏:‏ إن كان ملكًا استرحت منه، وإن كان نبيًا فسيخبر، فتجاوز عنها‏.

وكان معه بِشْر بن البراء بن مَعْرُور، أخذ منها أكلة فأساغها، فمات منها‏.

واختلفت الروايات في التجاوز عن المرأة وقتلها، وجمعوا بأنه تجاوز عنها أولاً، فلمَّا مات بشر قتلها قِصَاصَاً‏.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالخميس 19 أغسطس 2021, 10:37 pm

 (31) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بوضع السيف على رقبته لقتله
عن جابر‏ رضي الله عنه:‏ كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فنزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتفرَّق الناسُ في العضاة، يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحت شجرة فعلّق بها سيفه‏.

قال جابر‏:‏
فنمنا نومة، فجاء رجل من المشركين‏:‏ فاخترط سيف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...
فقال‏:‏ أتخافني‏؟‏
قال‏:‏ ‏(‏لا‏)‏.
قال‏:‏ فمَنْ يمنعك مني‏؟‏
قال‏:‏ ‏(‏الله‏)‏‏.‏

قال جابر‏:‏
فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعونا، فجئنا، فإذا عنده أعرابي جالس‏.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صَلْتًا‏.

فقال لي‏:‏ مَنْ يمنعك مني‏؟‏
قلت‏:‏ الله، فها هو ذا جالس‏)‏، ثم لم يُعاتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏.‏

وفي رواية أبي عوانة‏:‏
فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال‏:‏ ‏(‏مَنْ يمنعك مني‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ كُـْن خـير آخـذ، قال‏:‏ ‏(‏تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟‏‏)‏ قال الأعرابي‏:‏ أعاهدك على ألا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، قال‏:‏ فخلّي سبيله، فجاء إلى قومه، فقال‏:‏ جئتكم من عند خير الناس‏.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالجمعة 20 أغسطس 2021, 1:07 am

 (32) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- بفتح مكة
وتحرَّكت كل كتيبة من الجيش الإسلامي على الطريق التي كُلِّفتْ الدخول منها‏ لمكة, فأمَّا خالد وأصحابه فلم يلقهم أحَدٌ من المشركين إلا أناموه‏.

وقتل من أصحابه من المسلمين كُرْز بن جابر الفِهْرِي وخُنَيْس بن خالد بن ربيعة‏.

كانا قد شذا عن الجيش، فسلكا طريقاً غير طريقه فقتلا جميعاً، وأمَّا سفهاء قريش فلقيهم خالد وأصحابه بالخَنْدَمَة فناوشوهم شيئاً من قتال، فأصابوا من المشركين اثني عشر رجلاً، فانهزم المشركون، وانهزم حِمَاس بن قيس -الذي كان يُعِدُّ السلاح لقتال المسلمين- حتى دخل بيته، فقال لامرأته‏:‏ أغلقي عليَّ بابي‏.

فقالت‏:‏ وأين ما كنت تقول‏؟‏

فقال‏:‏ وأقبل خالد يجوس مكة حتى وافى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الصفا‏.

وأمَّا الزُّبَيْرُ فتقدَّم حتى نصب راية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحَجُون عند مسجد الفتح، وضرب له هناك قُبَّةً، فلم يبرح حتى جاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏.‏

ثم نهض رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله، حتى دخل المسجد، فأقبل إلى الحجر الأسود، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنماً، فجعل يطعنها بالقوس، ويقول‏:‏ ‏(‏جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا‏) ‏‏[‏الإسراء‏: ‏81‏]‏، ‏(‏قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ‏)‏ ‏[‏سبأ‏: ‏49‏]‏، والأصنام تتساقط على وجوهها‏.‏

وكان طوافه على راحلته، ولم يكن مُحْرِماً يومئذ، فاقتصر على الطواف، فلمَّا أكمله دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمر بها فَفُتِحَتْ فدخلها، فرأي فيها الصور، ورأي فيها صورة إبراهيم، وإسماعيل -عليهما السلام- يستقسمان بالأزلام، فقال‏:‏ ‏(‏قاتلهم الله، والله ما استقسما بها قط‏)‏‏.

ورأي في الكعبة حمامة من عيدان، فكسرها بيده، وأمر بالصور فَمُحِيَتْ‏.‏

ثم أغلق عليه الباب، وعلى أسامة وبلال، فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب حتى إذا كان بينه وبينه ثلاثة أذرع وقف، وجعل عمودين عن يساره، وعموداً عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه -وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة- ثم صلي هناك‏.

ثم دار في البيت، وكَبَّرَ في نواحيه، وَوَحَّدَ اللهَ، ثم فتح الباب، وقريش قد ملأت المسجد صفوفاً ينتظرون ماذا يصنع‏؟‏ فأخذ بعضادتي الباب وهم تحته، فقال‏:‏ ‏(‏لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثُرَة أو مال أو دم فهو تحت قدمي هاتين، إلا سِدَانَة البيت وسِقاية الحاج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد -السوط والعصا- ففيه الدِّية مُغلظة، مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولاد‏.  

يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب ثم تلا هذه الآية‏:‏ ‏(‏يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليمٌ خبير‏)‏‏.‏

ثم قال‏:‏ ‏(‏يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم‏؟‏‏)‏

قالوا‏:‏ خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم.

قال‏:‏ ‏(‏فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته‏:‏ ‏(‏لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ‏)‏ اذهبوا فأنتم الطلقاء‏)‏‏.‏

ثم جلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد فقام إليه علي -رضي الله عنه- ومفتاح الكعبة في يده فقال‏:‏ اجمع لنا الحجابة مع السقاية، صلى الله عليك -وفي رواية أن الذي قال ذلك هو العباس-.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏أين عثمان بن طلحة‏؟‏‏)‏‏.

فدعي له، فقال له‏:‏ ‏(‏هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء‏)‏.

وفي رواية ابن سعد في الطبقات: أنه قال له حين دفع المفتاح إليه‏:‏ ‏(‏خذوها خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلا ظالم، يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته، فكلوا مِمَّا يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف‏)‏‏.‏

وحانت الصلاة، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلالاً أن يصعد فيؤذن على الكعبة، وأبو سفيان بن حرب، وعتاب بن أسيد، والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة، فقال عتاب‏:‏ لقد أكرم الله أسيداً ألا يكون سمع هذا، فيسمع منه ما يغيظه‏.

فقال الحارث‏:‏ أمَا والله لو أعلم أنه حق لاتبعته‏.

فقال أبو سفيان‏:‏ أمَا والله لا أقول شيئًا، لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصباء‏.

فخرج عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لهم‏:‏ ‏(‏لقد علمت الذي قلتم‏)‏ ثم ذكر ذلك لهم‏.‏

فقال الحارث وعتاب‏:‏
نشهد أنك رسول الله، والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك‏.‏

ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ دار أم هانئ بنت أبي طالب، فاغتسل وصلى ثماني ركعات في بيتها -وكان ضحى- فظنَّها مَنْ ظنَّها صلاة الضحى، وإنما هذه صلاة الفتح، وأجارت أم هانئ حموين لها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏قد أجرنا مَنْ أجَرْتِ يا أمَّ هانئ‏)‏.

وقد كان أخوها علي بن أبي طالب أراد أن يقتلهما، فأغلقت عليهما باب بيتها، وسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لها ذلك‏.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالجمعة 20 أغسطس 2021, 1:20 am

 (33) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- في غزوة حنين
في يوم السبت -السادس من شهر شوال سنة 8 هـ- غادر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- مكة -وكان ذلك اليوم التاسع عشر من يوم دخوله في مكة- خرج في اثني عشر ألفاً من المسلمين؛ عشرة آلاف مِمَّنْ كانوا خرجوا معه لفتح مكة، وألفان من أهل مكة‏.

وأكثرهم حديثو عهد بالإسلام واستعار من صفوان بن أمية مائة درع بأداتها، واستعمل على مكة عَتَّاب بن أسيد‏.‏

ولَمَّا كان عشية جاء فارس، فقال‏:‏ إني طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم بِظُعُنِهم ونَعَمِهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- وقال‏:‏ ‏(‏تلك غنيمة المسلمين غدًا إن شاء اللّه‏)‏، وتطوَّع للحراسة تلك الليلة أنس بن أبي مَرْثَد الغَنَوي‏.‏

وفي طريقهم إلى حنين رأوا سِدْرَة عظيمة خضراء يقال لها‏:‏ ذات أنْوَاط، كانت العرب تعلق عليها أسلحتهم، ويذبحون عندها ويعكفون، فقال بعض أهل الجيش لرسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط‏.

فقال‏ -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏اللّه أكبر، قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسي‏:‏ اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة، قال‏:‏ إنكم قوم تجهلون، إنها السَّنَنُ، لتركبُنَّ سَنَنَ مَنْ كان قبلكم‏)‏‏.‏

وقد كان بعضهم قال نظراً إلى كثرة الجيش‏:‏ لن نُغْلَبَ اليوم، وكان قد شق ذلك على رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-‏.

انتهي الجيش الإسلامي إلى حنين، الليلة التي بين الثلاثاء والأربعاء لعشر خلون من شوال، وكان مالك بن عوف قد سبقهم، فأدخل جيشه بالليل في ذلك الوادي، وفرَّق كُمَنَاءه في الطرق والمداخل والشعاب والأخباء والمضايق، وأصدر إليهم أمره بأن يرشقوا المسلمين أول ما طلعوا، ثم يَشُدُّوا شَدَّةَ رجل واحد‏.‏

وبالسَّحَر عبَّأ رسولُ اللّه -صلى الله عليه وسلم- جيشه، وعقد الألوية والرايات، وفرَّقها على الناس، وفي عَمَاية الصبح استقبل المسلمون وادي حنين، وشرعوا ينحدرون فيه، وهم لا يدرون بوجود كمناء العدو في مضايق هذا الوادي، فبينا هم ينحطون إذا تمطر عليهم النبال، وإذا كتائب العدو قد شدَّت عليهم شَدَّةَ رجل واحد، فانشمر المسلمون راجعين، لا يلوي أحد على أحد، وكانت هزيمة منكرة، حتى قال أبو سفيان بن حرب، وهو حديث عهد بالإسلام‏:‏ لا تنتهي هزيمتهم دون البحر -الأحمر- وصرخ جَبَلَةُ أو كَلَدَةُ بن الحَنْبَل‏:‏ ألا بطل السِّحْر اليوم‏.‏

وانحاز رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- جهة اليمين وهو يقول‏:‏ ‏(‏هَلُمُّوا إليَّ أيها الناس، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد اللّه‏)‏ ولم يبق معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين والأنصار‏، تسعة على قول ابن إسحاق، واثنا عشر على قول النووي، والصحيح ما رواه أحمد والحاكم في المستدرك من حديث ابن مسعود، قال‏:‏ كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين، فولّى عنه الناس وثبت معه ثمانون رجلاً من المهاجرين والأنصار، فكنا على أقدامنا ولم نُوَلِّهم الدُّبُر.

وروي الترمذي من حديث ابن عمر بإسناد حسن قال‏:‏ لقد رأيتنا يوم حنين وإن الناس لمولين، وما مع رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- مائة رجل‏.‏

وحينئذ ظهرت شجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- التي لا نظير لها، فقد طفق يركض بغلته قبل الكفار وهو يقول‏:‏ (‏أنــا النبي لا كَذِبْ ** أنا ابن عبد المطلب‏)‏

بيد أن أبا سفيان بن الحارث كان آخذاً بلجام بغلته، والعباس بركابه، يكفانها ألا تُسرع، ثم نزل رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فاستنصر ربه قائلاً‏:‏ ‏(‏اللّهم أنزل نصرك‏)‏‏.‏

وأمر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- عمَّهُ العباس -وكان جَهِيَر الصوت- أن ينادي الصحابة، قال العباس‏:‏ فقلت بأعلى صوتي‏:‏ أين أصحاب السَّمُرَة‏؟‏

قال‏:‏ فوالله لكأن عَطْفَتَهُم حين سمعوا صوتي عَطْفَة البقر على أولادها.

فقالوا‏:‏ يا لبيك، يا لبيك‏.‏

ويذهب الرجل ليُثني بعيره فلا يقدر عليه، فيأخذ درعه، فيقذفها في عنقه، ويأخذ سيفه وترسه، ويقتحم عن بعيره، ويخلي سبيله، فيؤم الصوت، حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس واقتتلوا‏.‏

وصرفت الدعوة إلى الأنصار‏:‏ يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة في بني الحارث بن الخزرج، وتلاحقت كتائب المسلمين واحدة تلو الأخرى كما كانوا تركوا الموقعة، و تجالد الفريقان مجالدة شديدة، ونظر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- إلى ساحة القتال، وقد استحر واحتدم، فقال‏:‏ ‏(‏الآن حَمِي الوَطِيسُ‏)‏‏.

ثم أخذ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قبضة من تراب الأرض، فرمي بها في وجوه القوم وقال‏:‏ ‏(‏شاهت الوجوه‏)‏، فما خلق اللّه إنساناً إلا ملأ عينيه تراباً من تلك القبضة، فلم يزل حَدُّهُم كَلِيلاً وأمرهم مُدْبِرًا‏.‏

وما هي إلا ساعات قلائل -بعد رمي القبضة- حتى انهزم العدو هزيمة منكرة، وقتل من ثَقِيف وحدهم نحو السبعين، وحاز المسلمون ما كان مع العدو من مال وسلاح وظُعُن‏.‏

وهذا هو التطور الذي أشار إليه سبحانه وتعالى في قوله‏:‏ ‏(‏وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ‏)‏ ‏[‏التوبة‏: ‏25 - 26‏].‏

ولَمَّا انهزم العدو صارت طائفة منهم إلى الطائف، وطائفة إلى نَخْلَة، وطائفة إلى أوْطاس، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أوطاس طائفة من المُطاردين يقودهم أبو عامر الأشعري، فَتَنَاوَشَ الفريقان القتال قليلاً، ثم انهزم جيش المشركين، وفي هذه المناوشة قتل القائد أبو عامر الأشعري‏.‏

وطاردت طائفة أخري من فرسان المسلمين فلول المشركين الذين سلكوا نخلة، فأدركت دُرَيْدَ بن الصِّمَّة فقتله ربيعة بن رُفَيْع‏.‏

وأمَّا معظم فلول المشركين الذين لجأوا إلى الطائف، فتوجَّه إليهم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بنفسه بعد أن جمع الغنائم‏.

وكانت الغنائم‏:‏ السبي ستة آلاف رأس، والإبل أربعة وعشرون ألفاً، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقية فضة، أمر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بجمعها، ثم حبسها بالجِعْرَانَة، وجعل عليها مسعود بن عمرو الغفاري، ولم يقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف‏.‏

وكانت في السبي الشيماء بنت الحارث السعدية؛ أخت رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة، فلما جيء بها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عَرَّفَتْ له نفسها، فعرفها بعلامة فأكرمها، وبسط لها رداءه، وأجلسها عليه، ثم مَنَّ عليها، ورَدَّهَا إلى قومها‏.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالجمعة 20 أغسطس 2021, 1:28 am

 (34) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- عند تقسيم غنائم غزوة حنين
لَمَّا عاد رسولُ اللْه -صلى الله عليه وسلم- بعد رفع الحصار عن الطائف مكث بالجعرانة بضع عشرة ليلة لا يقسم غنائم غزوة حنين، ويتأنَّى بها، يبتغي أن يقدم عليه وفد هوازن تائبين فيُحرزوا ما فقدوا، ولكنه لم يجئه أحَدٌ، فبدأ بقسمة المال، ليُسكتَ المُتطلعين من رؤساء القبائل وأشراف مكة، فكان المؤلفة قلوبهم أول مَنْ أعطي وحظي بالأنصبة الجزلة‏.

أعطي أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الإبل، فقال‏:‏ ابني يزيد‏؟‏ فأعطاه مثلها، فقال‏:‏ ابني معاوية‏؟‏ فأعطاه مثلها.

وأعطي حكيم بن حزام مائة من الإبل، ثم سأله مائة أخري، فأعطاه إياها‏.

وأعطي صفوان بن أمية مائة من الإبل، ثم مائة ثم مائة -كذا في الشفاء-.

وأعطي الحارث بن الحارث بن كَلَدَة مائة من الإبل.

وكذلك أعطي رجالاً من رؤساء قريش وغيرها مائة مائة من الإبل وأعطي آخرين خمسين خمسين وأربعين أربعين، حتى شاع في الناس أن محمداً يُعطي عطاءً، ما يخاف الفقر، فازدحمت عليه الأعراب يطلبون المال حتى اضطروه إلى شجرة، فانتزعت رداءه فقال‏:‏ ‏(‏أيها الناس، رُدُّوا عليَّ ردائي، فو الذي نفسي بيده لو كان عندي عدد شجر تهامة نِعَماً لقسمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً‏)‏‏.‏

ثم قام إلى جنب بعيره فأخذ من سنامه وبرة، فجعلها بين إصبعه، ثم رفعها، فقال‏:‏ ‏(‏أيها الناس، واللّه مالي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس، والخمس مردود عليكم‏)‏‏.‏

وبعد إعطاء المؤلفة قلوبهم أمر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- زيد بن ثابت بإحضار الغنائم والناس، ثم فرضها على الناس، فكانت سهامهم لكل رجل إمَّا أربعاً من الإبل، وإمَّا أربعين شاة، فإن كان فارساً أخذ اثني عشر بعيراً أو عشرين ومائة شاة‏.‏

روى ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ لَمَّا أعطى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- ما أعطي من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وَجَدَ هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القَالَةُ، حتى قال قائلهم‏:‏ لقي واللّه رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قومه.

فدخل عليه سعد بن عبادة فقال‏:‏ يا رسول اللّه، إن هذا الحي من الأنصار قد وَجَدُوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء‏.‏

قال‏:‏ ‏(‏فأين أنت من ذلك يا سعد‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ يا رسول اللّه، ما أنا إلا من قومي‏.

قال‏:‏ ‏(‏فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة‏)‏‏.

فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا‏.

وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال‏:‏ لقد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فحمد اللّه، وأثني عليه، ثم قال‏:‏ ‏(‏يا معشر الأنصار، ما قَالَهٌ بلغتني عنكم، وَجِدَةٌ وجدتموها عليَّ في أنفسكم‏؟‏ ألم آتكم ضلالاً فهداكم اللّه‏؟‏ وعالة فأغناكم اللّه‏؟‏ وأعداء فألف اللّه بين قلوبكم‏؟‏‏)‏.

قالـوا‏:‏ بلـي، اللّه ورسولـه أمَنُّ وأفْضَلُ‏.‏

ثم قال‏:‏ ‏(‏ألا تجيبوني يا معشر الأنصار‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ بماذا نجيبك يا رسول اللّه‏؟‏ للّه ورسوله المن والفضل‏. قال‏:‏ ‏(‏أما واللّه لو شئتم لقلتم، فصَدَقْتُمْ ولصُدِّقْتُمْ‏:‏ أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسَيْنَاك‏)‏‏.‏

‏(‏أوَجَدْتُمْ يا معشر الأنصار في أنفسكم في لَعَاعَةٍ من الدنيا تَألفَّتُ بها قوماً ليُسْلِمُوا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامكم‏؟‏ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- إلى رحالكم‏؟‏ فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعْبًا، وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللّهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار‏)‏‏.‏

فبكي القوم حتى أخْضَلُوا لِحَاهُم وقالوا‏:‏ رضينا برسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قَسْمًا وحظاً، ثم انصرف رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، وتفرقوا‏.‏
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالجمعة 20 أغسطس 2021, 2:43 pm

(35) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- مع أزواجه
القصة الأولى:
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا ذبح شاةً أو جاءته هديةٌ يرسل منها إلى معارف وصديقات خديجة -رضي الله عنها- وناقشته عائشة -رضي الله عنها- في هذا الموضوع فرد عليها كما ورد في كتاب الاستيعاب "إني أحب حبيبها".

روى انس بن مالك -رضي الله عنه- "كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بيت عائشة وكان لديه بعض الضيوف دعاهم إلى تناول الطعام فسمعت زينب بنت جحش بذلك فأرسلت مع خادمتها صحفة فيها ثريد عليه ضلع شاة وهو الطعام الذي تعرف أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يفضله على سائر الأطعمة الأخرى.

وما كادت عائشة ترى الصحفة في يد الخادمة حتى ضربتها بيدها فوقعت الصحفة على الأرض وتناثر منها ما كان بها من طعام وانفلقت الصحفة ودخلت عائشة تبكي في غرفتها.أما الرسول الكريم الحليم -صلى الله عليه وسلم- فابتسم وقال لمدعويه "غارت أمكم... غارت أمكم...".

أنها يعني أتت بطعام في صحفة لها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين فلقتي الصحفة ويقول كلوا غارت أمكم مرتين ثم أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحفة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة وأعطي صحفة أم سلمة عائشة.

فلو فعلت هذا الفعل زوجة ما مع زوجها أمام ضيوفه, فماذا تعتقد أنه بفاعل, إن أقل شيء سيفعله هو أن ينهرها ويرفع صوته عليها أو قد يمد يده ويضربها, ولكنه -صلى الله عليه وسلم- هو معلم البشرية فلم يفعل إلا الخير.



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالجمعة 20 أغسطس 2021, 2:45 pm

القصة الثانية:

سمع سيدنا عمر يوماً من زوجته أن ابنته حفصة تراجع رسول الله بالكلام -أي ترد- فمضى إليها غاضباً، فما إن دخل عليها سألها عما قد سمع عنها، وهي صادقة, فأجابته بأنه قد حصل، فعلا صوته عليها وزجرها، وقال لها: تعلمين أني أحذركِ عقوبة الله، وغضب رسوله يا بُنية، لا يغرنَّك هذه التي أعجبها حسنها، وحب رسول الله إياها، والله لقد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, لولا أنا لطلقك.. أي أبقاك عنده من أجلي.


ولمن يسأل كيف كانت تتعامل مع رسول الله هكذا؟ نقول إن هذه الزوجة, كانت صاحبة جرأة أدبية، جريئة، ومتكلمة، وفصيحة، ولو كانت بين يدي رسول الله، فكلكم يعلم أن الكلفة مرفوعة بين الزوجين, ولا يوجد حواجز إطلاقاً، فالواحد منا يكون خارج بيته له مكانته وشأنه, لكن في البيت هو أحد أفراد الأسرة، العلاقات الحميمة بين الزوجين تذيب الحواجز الضخمة، في مودة، وفي طمع، فتأتي كلمة زائدة أحياناً، والنبي لولا أنه بشر تجري عليه كل خصائص البشر, لما كان سيد البشر.



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالجمعة 20 أغسطس 2021, 2:46 pm

القصة الثالثة:
حصلت مع حفصة, كانت سبباً في طلاقها طلاقاً رجعياً، طلقة واحدة.          

قال العلماء: يقول تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا).          

وهذه الآية سياقها في سورة الطلاق، من اتقى الله في تطليق امرأته جعل الله له مخرجاً إلى إرجاعها، فالنبي أدَّبَهَا بطلقة واحدة؛ لأنها أفشت سر رسول الله، أفشت سراً استكتمها إياه رسول الله.

القصة:
أن النبي عليه الصلاة والسلام, خلا مرة بمارية القبطية في بيت حفصة، تألَّمت حفصة أشَدَّ الألم من هذه الضُّرَّة، لم يتزوجها بعد، فمارية جاءته هدية من المُقوقس، فبكت حفصة أمامه، فلمَّا بكت أراد النبي أن يسترضيها, فقال: ألا ترضين أن أحَرِّمُهَا على نفسي فلا أقربها؟

قالت: بلى، فحرَّمها على نفسه، وقال لها: لا تذكري ذلك لأحد، فرضيت حفصة بذلك، وسعدت ليلتها بقرب النبي عليه الصلاة والسلام، حتى إذا أصبحت الغداة, لم تستطع كتمان هذا السر، فنبَّأت به عائشة، وقالت لها: البارحة جاء عندي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبكيت أمامه فحرَّم مارية على نفسه، فأنزل الله قوله الكريم, مُعلماً ومُرشداً، وهادياً ومُؤدباً, لحفصة خاصَّة, وللنساء عامَّة: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إلى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِير).

لم تقدِّر حفصة -رضي الله عنها-, وهي تذيع السر لعائشة, عواقب هذا الإفشاء، فيُقال, ليس على التأكيد: إنه طلقها طلاقاً رجعياً, طلقة واحدة تأديباً لها، وقد بلغ ذلك عمر، كما تروي الرواية, فحسا التراب على وجهه من شِدَّة ألمه، واسود وجهه أمام رسول الله، وقال: وما يعبأ اللهُ بعمر وابنته بعدها، هو اعتبر نفسه حقق مكسبًا كبيرًا جداً, بتزويج ابنته من رسول الله، فصار النبي صهره.

فنزل جبريل عليه السلام من الغدِ على النبي عليه الصلاة والسلام, فقال: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمةً بعمر.          

(أي لمكانة عمر عند الله).

وفي رواية أخرى, أن جبريل قال: أرجع حفصة, فإنها صوَّامةٌ قوَّامة، وإنها زوجتك في الجنة.          

فما الذي فعله النبي مع أهل بيته بعد هذه الحادثة, وهل الخبر الذي شاع بأن النبي طلق زوجاته صحيح, وما هو الحوار الذي جرى بين النبي وعمر؟

بعد هذا الحادث اعتزل النبي نساءه شهرًا، وأدَّبهن، وشاع الخبر أن النبي طلّق نساءه، ولم يكن أحَدٌ من الصحابة, يجرؤ على الكلام معه في ذلك، حتى إن عمر استأذن عدة مرات ليدخل عليه، فلم يؤذن له، فذهب مسرعاً إلى بيت ابنته حفصة, فوجدها تبكي، فقال: لعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد طلقكِ، إنه كان قد طلقكِ مرة، ثم راجعكِ من أجلي، فإن كان طلقكِ مرة أخرى, لا أكلمكِ أبداً، هكذا ورد في السيرة.

ثم ذهب ثالثةً يستأذن النبي، فأذن له، فدخل عمر والنبي متكئٌ على حصير, قد أثر في جنبه, فقال: يا رسول الله! أطلقت نساءك؟

فرفع النبي رأسه إليه، وقال: لا، فقال عمر: الله أكبر، ثم قال سيدنا عمر من شدة فرحه: لو رأيتنا يا رسول الله, وكنا معشر قريش قوماً نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فغضبت على امرأتي يوماً, فإذا هي تراجعني، فأنكرتُ أن تراجعني, فقالت: ما تُنكر أن أراجعك, فوالله إن أزواج النبي ليُراجعنه، وتهجره إحداهُنَّ اليوم إلى الليل؟ فقلت: قد خاب مَنْ فعل ذلك منكن وخسرت، أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها بغضب رسول الله، إذن هي قد هلكت، هذا كلام سيدنا عمر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.          

فتبسَّم النبي لهذا القول، وأعجبه.

فقال عمر: يا رسول الله, قد دخلت على حفصة, فقلت لها: لا يغرنَّك أن كانت جاريتك, أي عائشة, لأنها كانت أصغر منها, هي أوسم وأحب إلى النبي منكِ، فتبسَّم عليه الصلاة والسلام مرةً ثانية، فقلت: أستأنس يا رسول الله؟

أي أجلس.          

فقال: نعم.          

فجلستُ, فرفعتُ رأسي في البيت، والله ما رأيت في البيت شيئاً يردّ البصر، فقال: رسول الله ينام على الحصير وكسرى ملك الفرس ينام على الحرير, فاستوى النبي جالساً, وقال: أَوَفِي شَكٍّ أنت يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.          

-وفي رواية: "إنها نبوةٌ وليست مُلكاً".

وفي رواية: "أما ترضى أن تكون الدنيا لهم والآخرة لنا؟".          

فقلت: استغفر لي يا رسول الله.

وكان عليه الصلاة والسلام: أقسم ألا يدخل عليهن شهراً, من شدة ما وجده عليهن, حتى عاتبهما الله عز وجل: (إِنْ تَتُوبَا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا)، والمقصود عائشة وحفصة, قال تعالى: (وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ).

ثم جاءت الآية:
(عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً).

وملخص هذه القصة وعبرتها:
أن الذي جرى في بيت النبي, يجري في بيوت المؤمنين، والنبي وقف الموقف الكامل، وقد لاحظتم؛ ففيه الشدة، وفيه اللين، وفيه الرحمة، والعطف، والحكمة، أمام منافسة شريفة، وطباع أنثوية طبيعية، هذا كله نتعلَّمه في بيت النبي عليه الصلاة والسلام.          

فاصبروا على نسائكم، عسى الله أن يصلح شأنهن لكم ويصلح شأنهن بكم.



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالجمعة 20 أغسطس 2021, 2:47 pm

القصة الرابعة:
كان من تدبير عائشة وحفصة -رضي الله عنهما- ما دبّراه لأسماء بنت النعمان الكندية، لَمَّا جاء أبوها النعمان، وهو من سُلالة ملوك كنده يعرض زواجها على الرسول -صلى الله عليه وسلم- قائلا: ألا أزوجك أجمل أيم في العرب؟!

وقَبِلَ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- الزواج من ابنة النعمان، فزوَّجها له أبوها وبعث محمد مع النعمان مَنْ يأتي بأسماء من نجد، فلمَّا جيء بها إلى المدينة أنزلت في بني ساعدة حتى تهيأ لزفافها على الرسول -صلى الله عليه وسلم.

جاءت أسماء ورآها بعض نساء المدينة، فَرُحْنَ يُذعن ما رأين من حُسنها وجمالها.

وقالت عائشة لحفصة -رضي الله عنهما-: قد وضع يده في الغرائب يوشكن أن يصرفن وجهه عنا.

ولم تستطع عائشة -رضي الله عنها- إلا أن تصطحب حفصة وبعض نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- فيذهبن ليرين هذه الوافدة الغريبة الجميلة، التي أوشكت أن تصرف وجه زوجهن عنهن.

ولَمَّا رأت عائشة ومعها نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- (أسماء الكندية) رأين ما ملأ قلوبهن وجداً وحسدا.

فأقبلن عليها يُزينّها ويُجمّلنها ويُقدمن لها نصيحتهن قائلات لها:
إذا أردتِ أن تكوني ذات حظوةٍ عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإذا دخل عليكِ فقولي: إني أعوذ بالله منك، فإن ذلك يَسُرُّهُ ويُعجبه.

وعملت أسماء بنصيحة نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما دخل إليها محمد -صلى الله عليه وسلم- وأقبل عليها، ابتدرته قائلة (أعوذ بالله منك!!) فوقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث هو، ثم استدار عنها وهو يقول: (عُذْتِ بِمُعَاذٍ.... عُذْتِ بِمُعَاذٍ...) ثم خرج إلى رسوله الذي أتى فقال له: (مَتِّعْهَا وَرُدَّهَا إِلَى أَهْلِهَا).

وعادت أسماء إلى أهلها تقصُّ عليهم نصيحة النساء، نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- التي خدعوها بها.

وأرسل النعمان إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- مَنْ يُعَرِّفْهُ بما كان من خديعة ابنته، وبما قال نساؤه لها، فقال محمد -صلى الله عليه وسلم- (إنَّهُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، وَكَيْدَهُنَّ عَظِيمٌ).

وهكذا تخلّصت عائشة بمُصاحبة حفصة من مُنَافِسَةٍ كانت تعتقد أنها ستكون عليها وعلى سائر نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات خطر كبير.

وهكذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يضربُ صفحاً عن غيرة عائشة الضارية، ويقول فيما كانت تأتي بسببها من أفعال مثيرة للدهشة، كان يعلق على ذلك قائلاً: (ويحها لو استطاعت ما فعلت).



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالجمعة 20 أغسطس 2021, 2:48 pm

القصة الخامسة:
ذات يوم كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يجلس مع السيدة الحبيبة عائشة -رضي الله عنها- وجاء ذكر السيدة المُخلصة خديجة -رضي الله عنها- فاشتعل قلبُ عائشة بالغيرة وسألت زوجها الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: "يا رسول الله... أرأيت لو نزلت وادياً وفيه شجرة قد أُكِلَ منها ووجدت شجرة لم يُؤْكَلُ منها في أيُّهَا كنت ترتع بعيرك؟

(تعني عائشة بالشجرة التي أكل منها السيدة خديجة لأنها كانت ثيباً وكانت قد تزوجت قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- مرتين وتعني بالشجرة التي لم يؤكل منها نفسها وذلك لأنها العذراء الوحيدة التي تزوجها الرسول -صلى الله عليه وسلم-).

فابتسم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال لها: "في التي لم يُرتع فيها".



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالجمعة 20 أغسطس 2021, 2:50 pm

القصة السادسة:
في أحد الأيام كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يجلس مع عائشة -رضي الله عنها- وجاءت السيدة هالة بنت خويلد أخت السيدة خديجة -رضي الله عنهما- تزور النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانت نبرة صوتها تشبه نبرة صوت أختها الراحلة فلمَّا سمعها الحبيب -صلى الله عليه وسلم- قال في صوت مُتهدِّج يفوح بعبق الذكريات الجميلة مع زوجةٍ وفيَّةٍ كخديجة: "اللهُمَّ هالة".

فاشتعل قلب عائشة بنار الغيرة مما سمعته وقالت: "ماذا تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر? كأن لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة!... لقد أبدلك الله خيرا منها!...

فبان على النبي الزوج الوفي -صلى الله عليه وسلم- الغضب وقال لعائشة: "والله ما أبدلني الله خيراً منها.

آمنت بي حين كفر الناس...

وصدقتني إذ كذبني الناس...

وواستني بمالها إذ حرمني الناس...

ورزقني منها الله -تعالى- الولد دون غيرها من الناس".

وكما نعلم كلنا أنَّ أمُّنَا الحبيبة عائشة رغم شبابها لا تنجب الأولاد.



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالجمعة 20 أغسطس 2021, 2:52 pm

القصة السابعة:
ويقول البخاري: "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أقبل الليل سار مع عائشة مرة ومع حفصة مرة أخرى يتحدث معهما".

وكانت كل منهما تركب بعيرها داخل هودجها فلا يراها أحَدٌ ولا يراها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإنما يسمع صوتها فقط.

وقالت حفصة: "ألا تركبين الليلة بعيري واركب أنا بعيرك تنظرين وانظر".

(أي تسمع كل منهما ما يقوله النبي -صلى الله عليه وسلم- للأخرى).          

ورضيت عائشة بذلك.

وجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جمل عائشة وهو لا يعلم أن داخل هودجه حفصة ولكنه حين سلَّم عليها وبادلها الحديث عرفها.          

وبعد مرور الوقت التفتت عائشة إلى جملها الذي كانت تركبه حفصة فلم تر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فجُنَّ جنونها وبدأت تفكر بأنه -صلى الله عليه وسلم- خلا بحفصة فاشتعلت نارُ الغيرة بقلبها الطاهر المُحِبُّ العفيف العاشق لأجمل وأكمل بني البشر خلقة وخُلُقاً.

ويقول البخاري: أن عائشة في هذه الحادثة وضعت رجليها بين الإذخر: (وهو شجيرات شائكة تنبت في الصحراء وتوجد فيها الحيَّاتُ والعقارب) وأخذت تصيح: "يا رب سَلِّط عليَّ عقرباً أو حيَّةً تلدغني فاني لا استطيع أن أقول لزوجي شيئاً".          

هكذا كانت غيرة السيدة عائشة تقف دائماً عند الحٌدود التي تقضي بها قواعد الدِّين والعدل وما غيرتها الشديدة إلا مظهر من مظاهر الحب العميق لرجلها الفريد ودليل تعلُّقا بالرسول -صلى الله عليه وسلم-.

يكفيها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا أصابه مرض الموت جمع نسائه واستأذنهن أن يُمَرَّضَ في بيت حبيبته عائشة فكان -صلى الله عليه وسلم- يعرق عرقاً غزيراً فتمسح وجهه بيده ولَمَّا سُئِلَتْ عن ذلك قالت: لأن يده -صلى الله عليه وسلم- أطهر من يدها.

ثم تراه -صلى الله عليه وسلم- ينظر إلى صحابيٍّ يستاك فأخذت منه السِّواك وألانته بفمها ثم أعطته لرسول الله ليستاك به فكان ريقها آخر ما دخل جوف حبيبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وتقول -رضي الله عنها-: قُبِضَ رسولُ الله بين سحري ونحري فمن سفهي وحداثة سني أنه -صلى الله عليه وسلم- قُبِضَ وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت التدم مع النساء.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالجمعة 20 أغسطس 2021, 3:22 pm

 (36) ابتلاؤه -صلى الله عليه وسلم- وهو في مرض الموت
في اليوم الثامن أو التاسع والعشرين من شهر صفر سنة11هـ -وكان يوم الاثنين- شهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جنازة في البقيع، فلمَّا رجع، وهو في الطريق أخذه صداع في رأسه، واتقدت الحرارة، حتى إنهم كانوا يجدون سَوْرَتَها فوق العِصَابة التي تعصَّب بها رأسه‏.‏

وقد صلي النبي -صلى الله عليه وسلم- بالناس وهو مريض 11 يوماً، وجميع أيام المرض كانت 31، أو 41 يوماً‏.‏

عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يوعك فوضعت يدي عليه فوجدت حرة بين يدي فوق اللحاف فقلت يا رسول الله ما أشدها عليك قال إنا كذلك يضعف لنا البلاء ويضعف لنا الأجر قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال الأنبياء قلت يا رسول الله ثم من قال ثم الصالحون إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يحويها وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء (صححه الألباني).

وعن عبد الله بن مسعود قال دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يوعك فمسسته بيدي فقلت يا رسول الله إنك لتوعك وعكاً صشديداً.

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم.

قال فقلت ذلك لأن لك أجرين؟

فقال أجل.

ثم قال ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله تعالى به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها (متفق عليه).

الأسبوع الأخير‏‏
وثقل برسول الله -صلى الله عليه وسلم- المرض، فجعل يسأل أزواجه: ‏(‏أين أنا غداً‏؟‏ أين أنا غداً‏؟‏‏)‏ ففهمن مراده، فأذن له يكون حيث شاء، فانتقل إلى بيت عائشة يمشي بين الفضل بن عباس وعلى بن أبي طالب، عاصباً رأسه، تخط قدماه حتى دخل بيتها، فقضي عندها آخر أسبوع من حياته‏.‏

وكانت عائشة تقرأ بالمعوذات والأدعية التي حفظتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكانت تنفث على نفسه، وتمسحه بيده رجاء البركة‏.‏

قبل الوفاة بخمسة أيام‏‏
ويوم الأربعاء قبل خمسة أيام من الوفاة، اتقدت حرارة العلة في بدنه، فاشتد به الوجع وغمي، فقال: ‏(أ‏هريقوا علي سبع قِرَب من آبار شتي، حتى أخرج إلى الناس، فأعهد إليهم‏)‏، فأقعدوه في مِخَضَبٍ، وصبوا عليه الماء حتى طفق يقول: ‏(‏حسبكم، حسبكم‏)‏‏.‏

وعند ذلك أحس بخفة، فدخل المسجد متعطفاً ملحفة على منكبيه، قد عصب رأسه بعصابة دسمة حتى جلس على المنبر، وكان آخر مجلس جلسه، فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: ‏(‏أيها الناس، إلي‏)‏، فثابوا إليه، فقال - فيما قال: ‏(‏لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‏)‏ - وفي رواية: ‏(‏قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‏)‏ - وقال: ‏(‏لا تتخذوا قبري وثناً يعبد‏)‏‏.‏

وعرض نفسه للقصاص قائلاً‏: ‏
‏(‏مَنْ كُنْتُ جلدتُ له ظَهْرًا فهذا ظهري فليستقد منهُ، ومَنْ كنتُ شتمتُ له عِرْضاً فهذا عِرضِي فليستقد منه‏ُ)‏‏.‏

ثم نزل فصلى الظهر، ثم رجع فجلس على المنبر، وعاد لمقالته الأولي في الشحناء وغيرها‏.
   
فقال رجل‏:‏ إن لي عندك ثلاثة دراهم، فقال‏:‏ ‏(‏أعطه يا فضل‏)‏.

ثم أوصي بالأنصار قائلاً‏: ‏
‏(‏أوصيكم بالأنصار، فإنهم كِرْشِي وعَيْبَتِي، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم، فاقبلوا من مُحْسِنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم‏)‏.

وفي رواية أنه قال: ‏
(‏إن الناس يكثرون، وتَقِلُّ الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمَنْ وَلِيَ منكم أمراً يضر فيه أحداً أو ينفعه فليقبل من مُحسنهم، ويتجاوز عن مُسيئهم‏)‏‏.‏

ثم قال‏:‏ ‏(‏إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده‏)‏‏.‏

قال أبو سعيد الخدري: فبكي أبو بكر‏.

قال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، فعجبنا له، فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عبد خَيَّرَهُ الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا، وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا‏.

فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المُخَيَّر، وكان أبو بكر أعلمنا‏.‏

ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ‏(‏إن من أمنّ الناس على في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذتُ أبا بكر خليلاً، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ، إلا باب أبي بكر‏)‏‏.‏

قبل أربعة أيام‏
ويوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام قال وقد اشتد به الوجع: ‏(‏هلموا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده‏)‏، -وفي البيت رجال فيهم عمر- فقال عمر: قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبُكم كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم مَنْ يقول: قرِّبُوا يكتب لكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومنهم مَنْ يقول ما قال عمر، فلمَّا أكثروا اللغط والاختلاف قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ‏(‏قوموا عني‏)‏‏.‏

وأوصى ذلك اليوم بثلاث‏: ‏
أوصي بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب.

وأوصي بإجازة الوفود بنحو ما كان يجيزهم.

أما الثالث فنسيه الراوي‏.

ولعله الوصية بالاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، أو تنفيذ جيش أسامة، أو هي‏: ‏(‏الصلاة وما ملكت أيمانكم‏)‏‏.‏

والنبي -صلى الله عليه وسلم- مع ما كان به من شدة المرض كان يُصَلّي بالناس جميع صلواته حتى ذلك اليوم -يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام- وقد صَلَّي بالناس ذلك اليوم صلاة المغرب، فقرأ فيها بالمرسلات عُرْفاً‏.‏

وعند العشاء زاد ثقل المرض، بحيث لم يستطع الخروج إلى المسجد‏.          

قالت عائشة: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‏أصَلَّى الناس‏؟‏‏)‏.

قلنا: لا يا رسول الله، وهم ينتظرونك‏.‏

قال: ‏(‏ضعوا لي ماء في المِخْضَب‏)‏.

ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه‏.

ثم أفاق، فقال: ‏(‏أصلى الناس‏؟‏‏).‏

ووقع ثانياً وثالثاً ما وقع في المرة الأولي من الاغتسال ثم الإغماء حينما أراد أن ينوء - فأرسل إلى أبي بكر أن يُصَلّي بالناس، فصلّي أبو بكر تلك الأيام 17 صلاة في حياته -صلى الله عليه وسلم-، وهي صلاة العشاء من يوم الخميس، وصلاة الفجر من يوم الاثنين، وخمس عشرة صلاة فيما بينها‏.‏

وراجعت عائشة النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث أو أربع مرات؛ ليصرف الإمامة عن أبي بكر حتى لا يتشاءم به الناس، فأبي وقال: ‏(‏إنكن لأنتن صواحب يوسف، مُرُوا أبا بكر فليُصَلِّ بالناس‏)‏‏.‏

قبل ثلاثة أيام‏
قال جابر: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل موته بثلاث وهو يقول‏: ‏‏(‏ألا لا يموت أحَدٌ منكم إلا وهو يُحْسِنُ الظنَّ بالله‏)‏‏.‏

قبل يوم أو يومين‏‏
ويوم السبت أو الأحد وجد النبي -صلى الله عليه وسلم- في نفسه خِفَّةً، فخرج بين رجلين لصلاة الظهر، وأبو بكر يُصَلّي بالناس، فلمَّا رآهُ أبو بكر ذهب ليتأخَّر، فأومأ إليه بألّا يتأخَّر.

قال -صلى الله عليه وسلم-: ‏(‏أجلساني إلى جنبه‏)‏.

فأجلساه إلى يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يقتدي بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويُسْمِعُ النَّاسَ التكبير‏.‏

قبل يوم‏
وقبل يوم من الوفاة -يوم الأحد- أعتق النبي -صلى الله عليه وسلم- غلمانه، وتصدَّق بستة أو سبعة دنانير كانت عنده، ووهب للمسلمين أسلحته، وفي الليل أرسلت عائشة بمصباحها امرأة من النساء وقالت: أقطري لنا في مصباحنا من عُكَّتِك السَّمن، وكانت درعه -صلى الله عليه وسلم- مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من الشعير‏.‏

آخر يوم من الحياة‏
روي أنس بن مالك: أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين -وأبو بكر يُصَلّي بهم- لم يفاجئهم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كشف سِتْرَ حُجرة عائشة فنظر إليهم، وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسَّم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه؛ ليصل الصف، وظنَّ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يخرج إلى الصلاة‏.          

فقال أنس: وهَمَّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم، فَرَحًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأشار إليهم بيده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أتمُّوا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخي السِّتر‏.‏

ثم لم يأت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقت صلاة أخرى‏.‏

ولمَّا ارتفع الضحى، دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- فاطمة فسَارَّها بشيءٍ فبكت، ثم دعاها، فسَارَّهَا بشيءٍ فضحكت، قالت عائشة: فسألنا عن ذلك -أي فيما بعد- فقالت: سارَّني النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يُقبض في وجعه الذي تُوفِّيَ فيه، فبكيتُ، ثم سارَّني فأخبرني أني أوَّلُ أهله يتبعه فضحكت‏ُ.‏

وبشَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- فاطمة بأنها سيدة نساء العالمين‏.‏

ورأت فاطمة ما برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الكرب الشديد الذي يتغشَّاه‏.‏

فقالت: واكرب أباه‏.


فقال لها: ‏(‏ليس على أبيكِ كربٌ بعد اليوم‏)‏‏.

ودعا الحسن والحسين فقبَّلهما، وأوصي بهما خيراً، ودعا أزواجه فوعظهُنَّ وذكَّرهُنَّ‏.

وطفق الوجع يشتدُّ ويزيدُ، وقد ظهر أثر السُّمِّ الذي أكله بخيبر حتى كان يقول: ‏(‏يا عائشة، ما أزال أجِدُ ألم الطعام الذي أكلتُ بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهَرِي من ذلك السُّمِّ‏)‏‏.‏

وقد طرح خَمِيصَة له على وجهه، فإذا اغتمَّ بها كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك - وكان هذا آخر ما تكلَّم وأوصي به الناس: ‏(‏لعنةُ الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبُور أنبيائهم مساجد -يحذر ما صنعوا- لا يبقين دينان بأرض العرب‏)‏‏.‏

وأوصى الناس فقال: ‏
(‏الصلاة، الصلاة، وما ملكت أيمانكم‏)‏، كرَّرَ ذلك مِرَاراً‏.‏

الاحتضار‏
وبدأ الاحتضارُ فأسندتهُ عائشة إليها، وكانت تقول: إنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ علىَّ أنَّ رسولَ اللهِ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- تُوفِّيَ في بيتي وفي يومي وبين سَحْرِي ونَحْرِي، وأنَّ اللهَ جمع بين ريقي وريقه عند موته‏.

دخل عبد الرحمن -بن أبي بكر- وبيده السِّواك، وأنا مُسْنِدةٌ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرأيتُهُ ينظرُ إليه، وعرفتُ أنه يُحِبُّ السِّواك، فقلتُ: آخذهُ لك‏؟‏ فأشار برأسه أن نعم‏.

فتناولته فاشتد عليه، وقلت: ألينه لك‏؟‏ فأشار برأسه أن نعم‏.

فليَّنْتُهُ، فأمره -وفي رواية أنه استنَّ به كأحسن ما كان مُستناً- وبين يديه رَكْوَة فيها ماء، فجعل يُدخِلُ يديه في الماء فيمسح به وجهه، يقول: ‏(‏لا إله إلا الله، إن للموت سكرات‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ الحديث‏.‏

وما عدا أن فرغ من السِّواك حتى رفع يده أو أصبعه، وشخص بصره نحو السَّقف، وتحرَّكت شفتاه، فأصغت إليه عائشة وهو يقول: ‏(‏مع الذين أنعمتَ عليهم من النَّبيين والصِّديقين والشُّهداءُ والصَّالحينَ، اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى‏، اللهم، الرفيق الأعلى‏)‏‏.‏

كرَّر الكلمة الأخيرة ثلاثاً، ومالت يَدُهُ ولَحِقَ بالرَّفيق الأعلى‏.

إنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏

وقع هذا الحادث حين اشتدت الضحى من يوم الاثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وقد تمَّ له -صلى الله عليه وسلم- ثلاث وستون سنةً وزادت أربعة أيام‏.‏

صلّى اللهُ عليك وسلّم يا حبيبي يا رسولَ اللهِ, يا مَنْ ابتُلِيتَ بلاءً لا يستطيع بشرٌ في الحياة الدنيا أن يحتمله, فابتُليتَ كما عرضنا في كتابنا بكل أنواع الابتلاءات التي قد يتعرَّض لها بشرٌ, فتحمَّلت وصبرت ونصرك اللهُ تعالى كما وعدك في كتابه الكريم.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)   ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 Emptyالسبت 21 أغسطس 2021, 8:26 am

المراجع:
الرحيق المختوم لصفي الرحمن المباركفوري.
سيرة ابن هشام.
صحيح البخاري.
صحيح مسلم.

؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
وصلى الله تعالى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تم الانتهاء من هذا الكتاب بإذن الله تعالى ومشيئته
يوم السبت 19/3/1433ه- الموافق 11/2/2012م
---------------------------
ahmedaly240@hotmail.com
ahmedaly2407@gmail.com






ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم) - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
ابتلاءات النبي (صلى الله عليه وسلم)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» لماذا لم يصم النبي -صلى الله عليه وسلم- صيام داود عليه السلام
» قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وكيف أنها من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم
» نساء في بيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ( 2 )
» حَجَّة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما رواها عنه جابر -رضي الله عنه-
» لماذا منع النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب من الزواج على فاطمة رضي الله عنهما ؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: ابتلاءات النبي مُحَمَّـدٍ-
انتقل الى: