منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة غافر الآيات من 26-31

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة غافر الآيات من 26-31 Empty
مُساهمةموضوع: سورة غافر الآيات من 26-31   سورة غافر الآيات من 26-31 Emptyالسبت 10 يوليو 2021, 8:29 pm

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (٢٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قول فرعون (ذَرُونِيۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ..) (غافر: 26) يعني: اتركوني أقتله (سيبوني عليه) دَلَّ على وجود تيار من القوم يمنع فرعون من قَتْل موسى، وإلا لما قال (ذَرُوني) فمَنْ هؤلاء؟

ربما كانوا من أتباع فرعون المؤمنين بصدق موسى، وبما جاء به، فأحبُّوا أنْ يدافعوا عنه بطريقة لا تثير شكَّ فرعون، فاحتالوا عليه.

وهذا دليل على أن أصحاب الخير يجوز لهم أنْ يحتالوا على أهل الشر لنصرة الخير وأن الله يعينهم.

جاء هؤلاء وقالوا لفرعون: إنْ قتلتَ موسى سيقول الناس أنه على حق، وأنك لم تقدر على رَدِّ حجته فقتلته لتستريح منه، وعندها سيقفون ضدك.

ومن هؤلاء المدافعين عن موسى الرجل المؤمن من آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه خوفاً من بطش فرعون، والذي دافع عن موسى دفاعاً قوياً وقدَّم الحجج، فقال: (وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ..) (غافر: 28).

وتأمل هنا سُخْرية فرعون واستهزائه (وَلْيَدْعُ رَبَّهُ..) (غافر: 26) أي: ربه الذي يدعو إليه ليناديه كي ينقذه ولو لم يكُنْ مستهزئاً لقال: وليدْع ربَّنا (إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ) (غافر: 26) سبحان الله انظر كيف يحاول أهل الباطل قَلْب الحقائق، ففرعون يخاف من موسى أنْ يُبدِّل دين قومه ودينهم هو الإيمان بفرعون إلهاً لهم يعبدونه من دون الله.

(أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ) (غافر: 26) ينشأ الفساد من أين؟

من وجود فريقين في المجتمع: فريق يؤمن بفرعون إلهاً، وفريق يؤمن بموسى وربه الحق، فالرعية كلها في شقاق ونزاع، وأصحاب مراكز القوى المستفيدون من ألوهية فرعون لن يسكتوا، ولا شكَّ أن هذه فتنة ستُحدِثُ فساداً في نظره.



سورة غافر الآيات من 26-31 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة غافر الآيات من 26-31 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة غافر الآيات من 26-31   سورة غافر الآيات من 26-31 Emptyالسبت 10 يوليو 2021, 8:29 pm

وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (٢٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هنا يؤكد موسى على ربوبية الحق سبحانه بعد أنْ هدده فرعون بالقتل: (ذَرُونِيۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ..) (غافر: 26) ثم استهزأ بربه: (وَلْيَدْعُ رَبَّهُ..) (غافر: 26) لذلك جاء ردّ موسى (إِنِّي) وفيها تأكيد واستحضار لعبوديته أمام عِزِّ الربوبية التي يستهزئ بها فرعون، فلما يقُلْ مثلاً: أعوذ بالله من فعلك، إنما أكد أن الله ربه بل (وَرَبِّكُـمْ) أيضاً.

ومعنى (عُذْتُ..) (غافر: 27) لجأتُ إليه وهو القادر على نُصْرتي وحمايتي، فقوله (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي..) (غافر: 27) يبين لنا منزلة الاستعاذة بالله، فالإنسان حين يستعيذ بالله من شيء لا يَقْوَى عليه فقد أفاض وأنصف، لأنه سلط على مَنْ آذاه وليستْ له قدرة على أنْ يردَّه، سلَّط عليه مَنْ يقدر على أنْ يفعل.

لذلك قال سبحانه: (فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ) (النحل: 98).

لماذا؟

لأنك حين تقرأ القرآن تنفعل به، وتكون معه في حضرة الله يكلمك وأنت تسمع، وحين تنفعل بالقرآن وتتدبر معانيه تحدث عندك إشراقات ومواجيد ترقى بك، وهذا كله يغيظ الشيطان فيسارع إليك ليصرفك عن القراءة، كما يحدث لنا كثيراً في الصلاة مثلاً، ويشكو الكثيرون منا من الانشغال في الصلاة بسبب وسوسة الشيطان.

لكن لا عجبَ في ذلك إذا تأملنا قوله تعالى يحكي لنا موقف الشيطان منا: (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف: 16) نعم، وأيّ صراط أقوم من الصلاة وقراءة القرآن، لذلك قلنا: إن الشيطان ليس في حاجة لأنْ يذهب إلى الخمارة مثلاً، إنما يذهب إلى المسجد ليفسد عليك صلاتك ويشغلك عن منهج الهداية، لذلك أمرك الله بالاستعاذة منه ليكون لك حصناً ووقاية.

هنا يقول موسى عليه السلام: إني أعوذ بالله منك يا فرعون وهو أقوى منك وقادر على حمايتي من كيدك، فهو (ربي) أي: الذي خلقني وربَّاني وأنا مسئول منه، فهو أوجدني بقدرته ويصونني بقيوميته، أَلاَ ترى أن كلَّ صانع يحفظ صنعته، ويجعل لها ضماناً للصيانة؟

أليس الخالق سبحانه أَوْلى بأنْ يضمن لي حياتي التي خلقها؟

بلى بشرط أنْ تقولها: (عُذْتُ بِرَبِّي).

وكان يكفي أنْ يقول (إنِّي عُذْتُ بِرَبِّي) فلماذا قتل (وَرَبكُمْ) ؟

قالوا: ليؤكد على ربوبية ربه عز وجل، ويؤكد سعادته بهذه الربوبية، فهو ربي وربُّ الآخرين وربكم جميعاً ليقولوها معه: إنَّا عُذْنا بربنا من فرعون وعمله، وكأنه يريد أن يستجمع قُوَى الخير والإيمان ويُقوِّي جانبه بالجماعة المؤمنة، ليكون الدعاء أَدْعَى للقبول وأَوْلى.

هذه المسألة تفسر لنا أهمية الجماعة وروح الجماعة في الإسلام، إننا مثلاً في الصلاة نقرأ بفاتحة الكتاب، نقول: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة: 5) هكذا بالجمع، فلماذا لم يَقُلْ: إياك أعبد وإياك أستعين.

لأن دعاء الجماعة أقوى، الجماعة تُدخِلك في زمرة الصالحين، فإذا لم تكُنْ صالحاً فجاور الصالحين لعله ينالك ما ينالهم من الثواب والقبول.

لذلك احذر أن تحتقر أهل التقوى وأهل الصلاح، فلعلَّك تُؤخذ في محضِ الفضل معهم.

إذن: دعاء الجماعة أَوْلَى بالقبول من دعاء الفرد، لذلك كانت صلاة الجماعة تفوق صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة، أنت ترى التاجر مثلاً يبيع السلعة فيها المعطوبة وفيها السليمة، فإذا ناقشته وقلتَ له لا آخذ المعطوبة مثلاً يقول لك: هذه صفقة واحدة المعطوبة في السليمة، كذلك نحن في صلاة الجماعة نداري المعطوبة في السليمة أملاً في أنْ تُقبل الصفقة كلها.

فمن أيِّ شيء استعاذ سيدنا موسى؟

(مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ) (غافر: 27) هكذا بصيغة الجمع وبالوصف: (مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ..) (غافر: 27) ولم يصرح باسم خصمه فرعون صاحب القضية ومُدَّعي الألوهية ومهدده بالقتل.

لماذا؟

قالوا: لم يُذْكر فرعون في هذا المقام لأمرين: الأول: حتى لا يجعل فرعون في مقابل الله لو قال: إني عُذْتُ بربي من فرعون، ثم إن فرعون لم يكُنْ وحده، بل كان معه آخرون على شاكلته، فأراد أنْ يجمعهم بكلمة تشمل كل متكبر.

الأمر الآخر: أن سيدنا موسى هنا يراعي حقَّ التربية ويحفظ لفرعون هذا الجميل فلم يصرح باسمه، ويكفي أنه داخلٌ ضمن هذا الوصف: (مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ) (غافر: 27).

لذلك نجد القرآن الكريم جعل التربية شقيقة الولادة، يعني الابن في الدم مثل الابن في التربية، فقال سبحانه: (وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ..) (لقمان: 14) ثم خصَّ الأم بالحيثية(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ..) (لقمان: 14) لماذا يذكر القرآنُ هذه الحيثية للأم؟

قالوا: لأن هذه الحيثية لا يدركها الولد وهو طفل، في حين يدرك بعد ذلك فضلَ والده فذكَّره الله بفضل أمه لأنه لم يشهده، ثم يقول سبحانه: (وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء: 24) فِعلَّة الدعاء هنا التربية، سواء أكانت للأم التي ولدت، أم للأم التي ربَّتْ، فمن ربِّي غير ولده كان أهلاً لأنْ يدعي له هذا الدعاء(وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء: 24).

وقوله: (مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ) (غافر: 27) يعني: اجتمعتْ فيه خَصْلتان من خصال الشر، فهو متكبر يعني قاسي القلب، وقسوة القلب لا تردعه عن القهر والجبروت، ثم هو لا يؤمن بالحساب فلا يخاف من القصاص، ولا يعمل حساباً للعواقب، ومثل هذا لا أملَ في إصلاحه.



سورة غافر الآيات من 26-31 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة غافر الآيات من 26-31 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة غافر الآيات من 26-31   سورة غافر الآيات من 26-31 Emptyالسبت 10 يوليو 2021, 8:30 pm

وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (٢٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

لما جاء موسى عليه السلام إلى ربه عز وجل فقال: (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي..) (غافر: 27) استجاب الله له وأعاذه، لا برسول ولا ملك ولا بأحد من أتباعه المؤمنين، إنما برجل مؤمن من آل فرعون كان يكتم إيمانه خوفاً من بطش فرعون قام مدافعاً عن موسى، وهذا أوضح في الحجة وأبلغ.

لكن لماذا (يَكْتُمُ إِيمَانَهُ..) (غافر: 28) ما دام مؤمناً؟

قالوا: كانوا يغلفون إيمانهم ويسترونه لأنه ليس لديهم القوة التي يَدْفعون بها الطغيان، فالإيمان في النفس حتى يجد الفرصة فيظهر ويجاهر، وها هو يظهر على لسان هذا الرجل المؤمن الذي يعلن أمام فرعون وجبروته أنه مؤمن، ويدعو بدعوة هي أشبه بدعوة الرسل، ويخبر بمنهج كأنه رسول.

وكلمة (يَكْتُمُ إِيمَانَهُ..) (غافر: 28) لها في الإسلام ملحظ وتاريخ، ومعنى كَتْم الإيمان أن الإيمان يحاول أن يبرز في تصرفات الرجل لكنه يكتم إيمانه، فهو حريص على أنْ يجعل إيمانه سراً بينه وبين ربه فقط ليستطيع أن يقول كلمة الحق ويجهر بها أمام القوم وهو غير مؤمن حتى لا يَؤْذَى.

إذن: فالإيمان عمل وجداني له نضج على جميع جوارح النفس الإنسانية، فالمؤمن تجده متواضعاً منكسراً يستجيب للحق ويخضع له، المؤمن عطوف كريم حليم رحيم، تلحظ إيمانه من تصرفاته، ولكنه يحاول أن يكتم هذا حتى يقف الموقف الذي يمكنه من الجهر بالإسلام جهراً قوياً عنيفاً.

لذلك يقولون: إن الإيمان عملية قلبية وهو سِرٌّ بين العبد وربه، ثم له أمر ظاهري بين المؤمن والناس، وقد يلتحم الأمران السر والجهر بينه وبين ربه، وبينه وبين الناس، فقد يكون مؤمناً بينه وبين الله أما بينه وبين الناس فهو مؤمن أو غير مؤمن، لأن العملية الإيمانية يُبدي فيها فوق ما يظهر إيمانه، والرسول -صلى الله عليه وسلم- شرع هذا، كيف؟

قالوا: في غزوة الأحزاب حين اجتمعتْ قريش وغطفان واليهود، حيث استدرج اليهود كلاً من قريش وغطفان ليحاربوا معهم محمداً ليثأروا منه -صلى الله عليه وسلم- بعد مسألة بني قينقاع لما أذاهم رسول الله.

فلما ذهب حيي ومعه سلام بن مشكم إلى مكة ليستثيروا قريشاً وغطفان على رسول الله، قال لهم: يجب أن نقف جميعاً يداً واحدة في مواجهة محمد، لأننا إنْ تركناه سيستذلنا ويستذلكم، فلابُدَّ أنْ تنجدونا بقوتكم، لكن قريشاً يعلمون أن اليهود أهلُ كتاب، فقالوا لهم: نريد أنْ نسألكم أولاً: أمحمد على حق أم نحن؟

وهم يعلمون موقف اليهود من قبل رسول الله، وأنهم كانوا يستفتحون به على الذين كفروا، ويقولون: سيأتي نبيّ أطلَّ زمانه سنتبعه ونقتلكم به قَتْل عاد وإرم.

المهم أنهم قالوا لهم: إنكم على حق ومحمد على باطل.

وفعلاً اتحدوا في محاربة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذه الحرب التي قال الله فيها عن المؤمنين: (وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ..) (البقرة: 214).

وسُميت هذه الغزوة غزوة الأحزاب أو الخندق، ويأتي جند من جنود الله: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ..) (المدثر: 31) ويذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقول له: يا رسول الله لقد أُشْرب قلبي الإيمان ولا يعلم أحدٌ بإيماني وأنا أشهد أنك رسول الله، واسم هذا الرجل نُعيم بن مسعود الأشجعي فقال له رسول الله: "أنت رجل واحد وما غناؤك لي، لكن اكتم إيمانك وخذِّل عنا".

هذه أول مسألة في قضية كتم الإيمان، إذن: فَكتْم الإيمان جائز وله مهمة.

فقال الرجل: لكن يا رسول الله سأضطر لأنْ أقول غير الحقيقة -أكذب يعني- قال: (افعل ما تحب).

فما كان من نُعيم بن مسعود إلا أن ذهب إلى قريش وغطفان وقال لهم: أنتم تعلمون وُدِّي لكم ومحبتي إياكم وقد جئتكم بنصيحة لأبرئ ذمتي من الوفاء لكم.

إن اليهود ندموا على معاداة محمد وهم يريدون أنْ يتراجعوا ولن يتراجعوا إلا بشيء تكون لهم يد يطمئنون إلى معاهدة محمد.

فإذا أردتم أنْ تناجزوا محمداً مع هؤلاء وتضمنوا عدم خيانتهم فسوف يطلبون منكم سبعين رجلاً رهينة من قريش وغطفان مخافةَ أنكم إذا اشتدتْ الحرب وحميَتْ تتركوهم وترجعوا إلى بلادكم ويظلُّون هم في مواجهة محمد ويكونون هم أعداءه.

ثم ذهب إلى اليهود فقال لهم: أنتم تعلمون مودتي لكم ومحبتي إياكم، وإن هؤلاء القوم يعني قريشاً وغطفان ليسوا من بلدكم ولهم مكانتهم في بلادهم، ولهم أموالهم وأهلوهم، فإنِ استشعروا شيئاً فرُّوا وتركوكم في مواجهة محمد، فلتأخذوا منهم سبعين رجلاً رهينة حتى تضمنوهم.

فلما جاء أبو سفيان وقال: لقد طال بنا الموقف وتعب الخُفّ والحافر وطالت المدة، فيا معشر يهود هيا لننجز مهمتنا، قالوا: هذا يوم السبت ولا نقاتل فيه، ونحن لا نقاتل الرجل إلا أن نضمن أنكم معنا إلى نهاية المعركة فأعطونا سبعين رجلاً منكم رَهْناً.

عندها علم أبو سفيان أن كلام نعيم صحيح، فقال: ليس لنا أن نعود إلى بلادنا، ثم قال: يا قوم لينظرْ كل واحد منكم مَنْ عن يمينه ومَنْ عن شماله لأننا سنقول كلاماً مهماً.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أرسل إليهم سيدنا حذيفة، فكان بين صفوفهم فبادر مَنْ عن يمينه وسأله: مَنْ أنت؟

ومنْ عن شماله وسأله: مَنْ أنت؟

وكانت فطنةً ولباقة منه حتى لا يسأله أحد ولا ينكشف أمره.

بعد ذلك قال أبو سفيان: لم يَعُدْ أمامنا إلا الرحيل حتى لا نقع في مخالب اليهود فهيا، وضرب راحلته فقامت وهي معقولة فانقطع العقال.

الشاهد هنا أن نعيم بن مسعود كتم إيمانه عن القوم ليتمكن من القول الذي قاله، وإنْ كان غير الواقع، وهو لم يفعل ذلك إلا بعد أن استأذن فيه رسول الله، وهذا دليلٌ على أن كتم الإيمان جائز وأنه له مُهمة.

كذلك سيدنا العباس -رضي الله عنه- لا شكَّ أنه كان قد آمن برسول الله، لأنه ساعة أخذ العهد لرسول الله وكان لم يعلن إسلامه بعد، ذهب وقال: هذا محمد في مَنَعة من قومه، فإنْ شئتم أنْ تأخذوه فعاهدوه على كذا وعلى كذا وإلا فاتركوه، فكيف يأخذ العهد لرسول الله وهو ما يزال على دين قريش؟

إذن: لابدَّ أنه كان يكتم إيمانه حتى لا تجرؤ قريش على إيذاء رسول الله الإيذاء البالغ إكراماً لعمه العباس.

فهذه مهمة كتم الإيمان، لذلك يقول تعالى: (مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَانِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النحل: 106).

وفي غزوة خيبر كان في اليهود رجل اسمه الحجاج بن علاط السُّلَمي جاء في هذه الغزوة وذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: يا رسول الله، لقد شرح الله صدري للإسلام وأشهد ألا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأنا ذاهبٌ الآن إلى مكة لأموال لي هناك وأمانات أستردها؟

وسوف يسألونني فاسمح لي أنْ أقول قال له (قُلْ ما تشاء).

وذهب الحجاج إلى قريش فقالوا: لابدَّ أن عند هذا الخبر، وسألوه: هل ذهب القاطع إلى خيبر؟

يقصدون رسول الله لأنهم كانوا يتهمونه بقطع الأهل والعشيرة بعد بعثته -صلى الله عليه وسلم- فقال: نعم وهُزِم هناك هزيمة منكرة وقُتِل أصحابه، وسيأخذه اليهود أسيراً ويأتون به إليكم ليصنعوا معكم يداً تظل عليكم لهم طوال العمر، وقد جئتكم لآخذ أموالي التي عند الناس حتى أذهب إلى السَّبْي قبل أن تُباع فأشتري منه، فأخذوا يساعدونه في جمع أمواله ويُيسِّرون له مهمته.

بلغتْ هذه المقالة العباس فذهب إليه وقال له: يا حجاج ماذا تقول؟

قال: هو ما سمعت، قال: أو حَقٌّ ذلك؟

قال: أفتكتُم عليَّ؟

قال: والذي نفسي بيده أكتم عليك، قال: أمهلني حتى يخلو موضعي من الناس، فجلس مُدة ثم ذهب إليه فقال: والله الخبر الذي بلغك عني لم يحدث منه شيء، بل تركتُ محمداً منتصراً في خيبر وعروساً على صفية بنت حيي بن أخطب، ولكني احتلتُ لآخذ أموالي من هؤلاء، فاكتُمْ أمري واستر عليَّ ثلاثة أيام حتى أُعجز القوم وأفرّ ثم أشِع ذلك ما شئتَ.

وبعد ثلاثة أيام تطيَّب العباس بالطِّيب وأمسك عصاه ثم طاف بالبيت فلقيه واحد منهم وقال: والله لهذا هو التجلُّد يا أبا الفضل.

يقصد بذلك المصيبة التي وقعت لابن أخيه، فقال العباس للرجل: والذي حلفتَ به ما هو تجلّد ولكنه حقيقة الأمر، لأن صاحبكم أخبركم بخلاف الواقع وابن أخي انتصر على أعدائه وهو عروسٌ على بنت حُيي بن أخطب في خيبر، قال: أو يكون ذلك؟

قال: هكذا، قال: أفلتنا الخبيث فأوْلَى له.

نقول: كتم هؤلاء إيمانهم ليتمكنوا من نُصْرة الدين وليكونوا جنداً من جنوده، وللإسلام جنديات مختلفة: جندية العلانية، وجندية الكتمان، وجندية التجسس على الأعداء.

بعض المفسرين قال: (يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) (غافر: 28) أي: من آل فرعون، وهذا غير صحيح بدليل أنه سيقول ويخبر بهذا الإيمان ويُفصله كأنه رسول، ولو كان الكتمان من آل فرعون لَقَال: يكتم إيمانه آل فرعون لأن الفعل (كتم) يتعدى بنفسه إلى مفعولين، كما في قوله تعالى: (وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً) (النساء: 42).

لكن ماذا قال الرجل المؤمن؟

قال: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ) (غافر: 28) تأمل جرأة الحق من هذا المؤمن، فهو يجهر بهذا الاستفهام الإنكاري (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً) (غافر: 28) يجهر به أمام فرعون.

(أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ) (غافر: 28) أي: بسبب قوله ربي الله فلا جريرةَ له غير هذا، يقولها الرجل المؤمن علانية أمام فرعون، وما أدراك ما فرعون، إنه الوحيد الذي ادعى الألوهية وقال لقومه(مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي) (القصص: 38) فلا شكَّ أن كلمة الرجل المؤمن تغيظه وتهدم أركان ألوهيته المدَّعاة.

وقوله: (وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ) (غافر: 28) أي: بالآيات الواضحات فكيف يُقتل؟

ولنفرض أنه كذاب فلا يضيركم كذبه، لأنه كذب على الله وسوف يتحمل عاقبة هذا الكذب (وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ) (غافر: 28) يعني: وإنْ كان صادقاً لم تُحرموا خيره وأصابكم بعض هذا الخير.

إذن: لماذا تقتلونه؟

فالاحتياط ألاَّ يُقتل.

لكن، هل معنى ذلك أن نترك كلَّ ملحد يقول ما يحلو له ويخوض في أمور الدين ولا نمنعه اعتماداً على (وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) (غافر: 28) قالوا: لا بل يجب أنْ نُقدِّر هنا جملة: امنعوه أن يقول لكن لا تقتلوه.

كثيراً ما نسمع عن الزنادقة الذين يخوضون في دين الله الآن، فماذا نفعل.

أنتركهم ونقول: عليهم كذبهم؟

لا إنما يجب أنْ نتصدَّى لهم ونمنعهم من هذا الهراء، ونأخذ على أيديهم حتى لا يُحدثوا ما يضر بدين الله.

كذلك قال الرجل المؤمن من آل فرعون يدافع عن سيدنا موسى عليه السلام كأنه يريد أن يستبقي حجة الحق لعله توجَد آذان فيما بعد تنصره.

ثم يقرر الحق سبحانه هذه الحقيقة: (إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) (غافر: 28) هذا الكلام يُعَد تعريضاً وطَعْناً في فرعون، فالحق سبحانه لا يترك أحداً يكذب عليه دون أنْ يفضح كذبه..

لماذا؟

لأن سَتْر هذا الكذب يُعتبر تدليساً في منهج السماء، وحاشا لله تعالى ذلك، لذلك نرى كلَّما ادَّعى أحدٌ النبوةَ افتُضِح أمره وعلم الناس كذبه، لأنه لا يصح أنْ يدَّعي كذابٌ النبوة، ولا يظهر الله للناس كذبه، وهذا مُتضمَّنٌ في قوله تعالى وفي وعده: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا) (غافر: 51).

وفي قوله: (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ) (الصافات: 173).



سورة غافر الآيات من 26-31 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة غافر الآيات من 26-31 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة غافر الآيات من 26-31   سورة غافر الآيات من 26-31 Emptyالسبت 10 يوليو 2021, 8:31 pm

يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (٢٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله: (يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ) (غافر: 29) هذا كلام الرجل المؤمن ينصح قومه.

نعم لهم المُلْك أي: مُلْك فرعون وجبروته وسطوته وادعاؤه للألوهية.. إلخ و (ظَاهِرِينَ فِي ٱلأَرْضِ) (غافر: 29) يعني: منتصرين وعالين على غيركم، لكن احذروا فهذا حال موقوت لا يدوم لكم فهو مُقيَّد (لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ) (غافر: 29) وكأنه يقول لهم: احذروا أنْ يضيع هذا الملْك من أيديكم.

فربما كان هذا الرجل -أي موسى عليه السلام- صادقاً فيجمع حوله الأتباع والأنصار، ويقضي على هذا الملك، فاستبقوا إذن ولو الضلال الذي أنتم عليه ولا تدخلوا معه في صدام لا تعلمون عاقبته: (فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَا) (غافر: 29) لا أحدَ، لأن بأسَ الله وانتقامه في تأييد رسله بأسٌ لا يُرَدّ ولابدَّ أنْ يدمر المخالف فاحذروا، هكذا يتحدث الرجل المؤمن بمنطق الإيمان الراسخ في نفسه ويصدق قومه لا يغشهم.

وهنا لابُدَّ أنْ ينتفضَ فرعون، وأنْ يحاول القبض على زمام الأمور لصالحه: (قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ) (غافر: 29) لاحظ منطق التسلط في (مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ) (غافر: 29) ومنطق التزييف في (وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ) (غافر: 29).

لكن هذا من فرعون لم يمنع الرجل المؤمن أنْ يستمر في دعوته ولم يصدَّه أنْ ينصح قومه: (وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ...).



سورة غافر الآيات من 26-31 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة غافر الآيات من 26-31 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة غافر الآيات من 26-31   سورة غافر الآيات من 26-31 Emptyالسبت 10 يوليو 2021, 8:31 pm

وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (٣١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هنا يستمر الرجل المؤمن في نُصْحه لقومه، فكلمة فرعون لم تُخفهُ ولم تصدّه عن دعوته، فيقول: (يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ) (غافر: 30) يعني: إنْ كنتم ظاهرين الآن في الأرض ولكم الغلبة، فلستم أظهر ممن سبقوكم في موكب الرسالات من أول نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ) (غافر: 31).

وقد أرانا الله العجب فيمن كذَّب الرسل(فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (العنكبوت: 40).

إذن: عليكم أنْ تأخذوا ممن سبقوكم في التكذيب عبرة، خاصة وأنتم تشاهدون آثارهم في الأرض التي تدل على أنهم كانوا أقوى منكم وآثاراً في الأرض، ومع ذلك لم تنفعهم قوتهم، ولم تمنعهم آثارهم من بأس الله حين نزل بهم، وما أبقى الله على هذه الآثار إلا لتكوين عبرة لمن بعدهم: (وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (الصافات: 137-138).

ولو انطمستْ آثارهم لم تكُنْ هناك حجة واقع، فبقاء الآثار إلى الآن تبين لنا أن الذين صنعوا هذه الحضارات وتركوا هذه الآثار لم يستطيعوا أنْ يحموا حضاراتهم، وكانوا أكثر منكم قوة وآثاراً في الأرض وعمروها أكثر منكم، فما دام قد حدث هذا في الواقع وأنتم تشاهدونه فخذوه قولاً من الرسول وواقعاً أمامكم في الكون.

ونلاحظ هنا أن كلمة (يَوْم) جاءت مفردة و (الأحزاب) جمع فلماذا لم يَقُل مثلاً (أيام الأحزاب)، والحزب هم الجماعة المناهضون للرسول المكذبون له، فحزب مناهض لنوح، وحزب مناهض لهود، وآخر لصالح.. إلخ.

إذن: فالأيام هنا متعددة، ومع ذلك قال: (مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ) (غافر: 30) فوحَّد اليوم وجمع الأحزاب..

لماذا؟

لأن العملية كأنها حدثٌ واحد مُتحد في الجميع، وإنْ تعددتْ الأحزاب بتعدُّد الرسل فهو يوم الأحزاب لا أيام الأحزاب، لأننا لو قلنا: أيام الأحزاب لكان لهذا يوم بسبب، ولهذا يوم بسبب آخر وهكذا، لكنه سبب واحد في جميع الحالات، ألا وهو التكذيب في مقام العقيدة، وفي مقام تشريع الحق سبحانه للخلق.

ثم بعد ذلك يُفصل ما أجملته كلمة الأحزاب: (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ) (غافر: 31) يعني: لم يأخذهم هذه الأَخْذة ظلماً لهم، وكلمة (لِلعبَادِ) يعني: كيف يظلمهم وهم عباده وصنعته، إنما أخذهم جزاءَ أفعالهم وتكذيبهم لرسلهم ليكونوا عبرة واقعية في الكون يعتبر بها كل مَنْ يعارض منهج الحق.



سورة غافر الآيات من 26-31 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة غافر الآيات من 26-31
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة غافر الآيات من 32-35
» سورة غافر الآيات من 36-40
» سورة غافر الآيات من 41-46
» سورة غافر الآيات من 47-50
» سورة غافر الآيات من 51-55

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: غـافــر-
انتقل الى: