منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة غافر الآيات من 11-16

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة غافر الآيات من 11-16 Empty
مُساهمةموضوع: سورة غافر الآيات من 11-16   سورة غافر الآيات من 11-16 Emptyالسبت 10 يوليو 2021, 12:33 am

قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

لنفهم معنى (أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ) (غافر: 11) لابدَّ أن نعرف ما هو الموت أولاً، الموت هو إذهاب الحياة بعد أنْ كانت موجودة، فما دام سيكون الموت فهو دليل على الحياة قبله، والموت أيضاً يعني عدم الحياة مطلقاً، يعني: عدم لم تسبقه حياة مطلقاً.

لذلك قال سبحانه: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ) (البقرة: 28) وهذا استفهام للتعجب يعني: قولوا لنا كيف يتأتَّى منكم الكفر: (وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰاكُمْ) (البقرة: 28) أي: كنتم عدماً فوهبكم الحياة: (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) (البقرة: 28) أي: يُذهب الحياة الموجودة: (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (البقرة: 28) أي: في الآخرة.

إذن: فالموت مرتان والحياة مرتان كذلك، والخلاف في هذه المسألة: أيكون الموت بعد حياة؟

أم يكفي أن يكون عدمٌ تأتي بعده الحياة؟

نقول: الموت هو العدم المطلق، سواء كان قبله حياة أم لم تكن قبله حياة؟

وأنت مثلاً ترى البعوضة صغيرة، والفيل ضخماً كبيراً فتقول: سبحان مَنْ صغّر البعوضة وكبّر الفيل، أكانت البعوضة كبيرة ثم صغّرها الله أم خُلقت هكذا؟

إذن: الموت ليس من الضروري أن يسبقه حياة، فيكفي أنه لم تكُنْ فيه حياة، بعد ذلك أحياناً الله واستوفينا الأجل في الدنيا ثم يأتي الموت.

إذن: الآية جمعت بين المعنيين: الموت المطلق أو العدم الذي لم تسبقه حياة، والموت بمعنى نَقْض الحياة الموجودة بالفعل، فقال سبحانه: (أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ) (غافر: 11).

بعضهم يرى أن الموت الأول هو إذهاب الحياة بعد انقضاء الأجل، ثم يحيا في القبر للسؤال ثم يموت في القبر ثم يُبعث يوم القيامة، والأول الذي اخترناه أليق.

وقوله سبحانه: (فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ) (غافر: 11) الاستفهام في (فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ) (غافر: 11) استفهام للتمني لكن هيهات، فلو رُدُّوا لَعَادوا لما كانوا عليه، فلا فائدةَ من تكرار هذه التجربة، والحق سبحانه بيَّن هذه المسألة في قوله تعالى: (كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا) (المؤمنون: 100).

ولو رُدُّوا لعادوا بطباع الشر فيهم وكفروا، والخروج أي من المأزق الذي نحن فيه ومن العذاب الذي نعاينه (مِّن سَبِيلٍ) (غافر: 11) من طريق للخروج وللنجاة.

هذا الذي ذكرناه خاصٌّ بحياة القوالب وموتها، أما حياة القلوب والأرواح فلها طريق آخر، ذكره الحق سبحانه في قوله: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) (الأنفال: 24).

لا شكَّ أنه سبحانه يخاطبهم وهم أحياء الحياة المادية إذن: هناك حياة أخرى يدعوهم إليها، إنها حياةُ المعنويات التي لا يأتي بعدها موت وهي الحياة في الجنة.

إذن: عندنا حياة للمادة بها تحيا وتتحرك وتأكل وتشرب وتنشط، وهناك حياة أخرى معنوية بها تدخل الجنة حيث نعيمٌ بلا فَوْت، وحياة بلا موت.

الحياة المادية لها روح تناسبها وهي حياة تنتهي بالموت، أما حياة القيم والمعنويات فلا بدَّ لها من روح عُلْوية تأتي بالالتزام بالمنهج في: افعل ولا تفعل، لذلك يسميها الله روحاً: (أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا) (الشورى: 52) وسمُّي مَنْ يحملها روحاً: (نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ) (الشعراء: 193).

وكل من الحياتين لها ما يناسبها من البقاء، فالأولى موقوتة بالأجل، والأخرى ممتدة باقية؛ لذلك قلنا في الشهيد الذي جاد بنفسه وأنهى حياته في سبيل منهجه أن الله يُجازيه على ذلك بأنْ يعصمه من الموت بعد ذلك.



سورة غافر الآيات من 11-16 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 10 يوليو 2021, 12:41 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة غافر الآيات من 11-16 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة غافر الآيات من 11-16   سورة غافر الآيات من 11-16 Emptyالسبت 10 يوليو 2021, 12:34 am

ذَٰلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الحق سبحانه و تعالى حينما تكلَّم عن العقائد وأيَّدها بالمعجزات، كان من الواجب أن نستقبل أحكامه تعالى فيها بالرضا والقبول، فلم يكلفنا سبحانه بحكم افعل ولا تفعل إلا بعد أنْ قدَّم حيثيات الإيمان الأعلى بالإله الأعلى، وآمن مَنْ آمن به وكفر مَنْ كفر رغم كل مصالحنا في تنظيم حركة الحياة بمنهج الله.

فإذا حكم علينا بحكم فيجب أن نطيعه، وإذا استقر في أذهانكم شيء يخالف ذلك فإنَّ واقعكم يؤيد أنكم لم تؤمنوا بقلوبكم (ذَلِكُم) (غافر: 12) أي: ما يحدث منكم من مواجهة الدعوة ومصادمتها ووقوفكم هذا الموقف المعادي ناشئ من (إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ) (غافر: 12) أي: كفرتم به.

وفي موضع آخر قال سبحانه: (وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (الزمر: 45).

أي: ظهر عليه الامتعاض والضيق لما سمعوا كلمة الله..  

لماذا؟

لأنهم يعلمون معنى الإيمان وما يترتب عليه من تكليف بمنهج: افعل كذا ولا تفعل كذا، يعلمون أن هذا المنهج يقيد شهواتهم فينهاهم عن أشياء مُحبَّبة إليهم ويدعوهم إلى أشياء أخرى ثقيلة على نفوسهم، لذلك إذا ذكَّرتهم بالله وبمنهج الإيمان امتعضوا في حين إذا ذكر غيره سبحانه من آلهتهم (إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (الزمر: 45) ويفرحون..  

لماذا؟

لأن هذه الآلهة التي اتخذوها من دون الله ليس لها مطلوب ولا تكاليف بافعل ولا تفعل.

إذن: أنتم مع هذه العبادة متروكون على هواكم، وعلى سيئات نفوسكم، هذا معنى الاستبشار ومعنى (وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ) (غافر: 12).

لكن بقيتْ حقيقة ينبغي ألاَّ تغيب عن أذهانكم: (فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ) (غافر: 12) فافرحوا بآلهتكم المزعومة كما تشاؤون، فأنا سأحكمكم بقدري قهراً عنكم فأمرضكم كما أحب، وأميتكم متى أشاء وأُفقركم وأغنيكم.. إلخ فلن تخرجوا أبداً بشيء عن ملكي إلاَّ فيما جعلتُ لكم فيه اختياراً.

فأنتم مختارون في الإيمان والكفر فمَنْ شاء فليؤمن ومَنْ شاء فليكفر، مَنْ شاء فليطع ومن شاء فَليعصِ ولن تنفعني طاعتكم، ولن تضرني معاصيكم، ومهما تمردتم في الأمور التي لكم فيها اختيار فإنَّ مردكم إليَّ ومنتهاكم عندي.

(فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ) (غافر: 12) الذي لا يمكن أبداً لأحد أنْ يتمرد على قدره، فإن كنتم ألفتم التمرد في الإيمان وفي الطاعة فأرُوني كيف تتمرَّدون على الله فيما لا اختيارَ لكم فيه.

ثم يذكر الحق سبحانه حيثيات العلو والكبرياء له سبحانه: (هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ...).



سورة غافر الآيات من 11-16 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة غافر الآيات من 11-16 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة غافر الآيات من 11-16   سورة غافر الآيات من 11-16 Emptyالسبت 10 يوليو 2021, 12:34 am

هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (١٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الآيات جمع آية وقلنا: إنها على أنواع ثلاثة: آيات كونية تدل على القدرة العالية والحكمة الفائقة للإله الحق صاحب العلو والكبرياء، وآيات المعجزات التي يمنحها سبحانه لتثبيت الرسل والإيمان بصدق بلاغهم عن الله، ثم آيات الأحكام التي تحمل أحكام الله.

يقول سبحانه: (هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ) (غافر: 13) أي: الكونية لتؤمنوا بالإله الأعلى ويُريكم المعجزات على أيدي الرسل، ثم يُنزِّل لكم آيات الأحكام التي تحمي أديانكم وعقائدكم، لأنني كما حميت أبدانكم بما أنزلتُ من ماء السماء وما نشأ عنه من رزق لكم تقتاتون به وتعيشون عليه، فكذلك خذوا مني الشيء الآخر الذي جعلتُه لقوام أديانكم، وهو الأحكام التي تحمي عقيدتكم في الحركة الحُكْمية بافعل ولا تفعل.

فقوله سبحانه: (هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً) (غافر: 13) يُراعي الأمرين معاً بحيث لا تهمل أحدهما على حساب الآخر.

(وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ) (غافر: 13) أي: يرجع إلى الله ويخلع عن نفسه كبرياء الجحود بذلك الإله، وينفض عن نفسه غبار الغفلة حتى يرجع إلى إيمان الفطرة التي أرادها الحق سبحانه في قوله: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) (الأعراف: 172) وكانت الإجابة أن قال الجميع (بَلَى) أي: أنت ربنا الحق.



سورة غافر الآيات من 11-16 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة غافر الآيات من 11-16 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة غافر الآيات من 11-16   سورة غافر الآيات من 11-16 Emptyالسبت 10 يوليو 2021, 12:35 am

فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الدعاء: هو إظهار الذلة والخضوع لله تعالى..  

لماذا؟

لأن من الناس مَنْ تمرَّد على الله وتكبَّر على الطاعة، و تعالى على أنْ يظهر لله الخضوع فحين يرى منكم الذلةَ والخضوع لله ويرى الإخلاص في العبادة يعلم أن هذا التمرد ليس طَبْعاً في الإنسان، بل هو طبْع هواه بدليل أن من الناس مَنْ ذَلَّ وخضع، ومن الناس مَنْ يدعو ربه ويخلص له ويطيعه.

إذن: ليس التمردُ خاصية لازمة للإنسان بل هو خاصية في المتمرد فقط، إنما الإنسان حينما يكون على طبيعته وفطرته لابد له أنْ يلجأ إلى الله ويستعين به، لذلك ادعوا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون منكم هذا الدعاء.

وقلنا في فضل الدعاء أنه "مخ العبادة"، والدعاء ما هو إلا ذلة عابد لعزة معبود، مجرد إظهار الذلة بصرف النظر عما يترتب على الدعاء، وإلا فالحق سبحانه أعطاك قبل أنْ تدعوه، وخلق لك قبل أن توجد، لذلك ليس من اللازم أن يستجيب الله لكل مَنْ يدعوه، وكأنه سبحانه يقول لنا: تنبَّهوا إلى أن منكم مَنْ يدعو فلا أستجيب له، وأنا حين لا أستجيب له أمنحه العطاء الأعلى لأنه قد يدعو بالشر دعاءه بالخير، ويطلب الشيء وهو لا يعرف أن فيه هلاكه.

وسبق أنْ ضربنا لذلك مثلاً بالأم التي تدعو على ولدها حين الغضب تقول (إلهي أشرب نارك)، فما موقف هذه الأم لو أن الله استجاب لها؟

إذن: الحق سبحانه علم أنها حمقاء في دعائها، وأنها دَعَت بِشَرٍّ تظنه خيراً فصوَّب لها الدعاء؛ لذلك قلنا في الثناء عليه سبحانه: سبحانك يا مَنْ تُصوِّب خطأ الداعين بألاَّ تجيب، وبذلك حميتنا من الضر، فكَمْ يدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير؟

وفي هذه الآية (فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ) (غافر: 14) حَثٌّ لنا على كيد الكافرين وإغاظتهم بإظهار الذلة لله والخضوع له سبحانه، فهذه المسألة تكيدهم، لأنها تظهر لهم عِزَّ الربوبية والكبرياء لله تعالى الذي كفروا به، وتعالَوْا على طاعته، وتكبَّروا عليه سبحانه، لذلك داوموا على الدعاء أمامهم وأروُهُمْ من أنفسكم منتهى الذلة لله.



سورة غافر الآيات من 11-16 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة غافر الآيات من 11-16 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة غافر الآيات من 11-16   سورة غافر الآيات من 11-16 Emptyالسبت 10 يوليو 2021, 12:40 am

رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (١٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

كلمة (رَفيع) على وزن (فعيل) من الفعل رفع، وهذا الوزن يأتي بمعنى فاعل مثل (رحيم) مبالغة من راحم، وتأتي بمعنى مفعول مثل قتيل يعني مقتول، كذلك كلمة (رفيع) يصح أنْ تكون بمعنى رافع.

أي: أنه سبحانه رافع لغيره، كما يرفع سبحانه بعض الخلق على بعض.

ويصح أنْ تكون (رفيع) بمعنى مفعول أي مرتفع في ذاته، والرافع لا يرفع غيره إلا إذا كان مرتفعاً في ذاته، فرفيع هنا بمعنى مرتفع عن كل شيء، كما نقول: الله أكبر والله أعلى وأجلّ.

فالله تعالى مرتفع الوجود لأن وجوده أزليٌّ لا عن عدم، أما وجودنا نحن فعن عدم، ووجوده سبحانه إلى دوام ووجودنا إلى عدم، وهو موجود سبحانه بذاته ووجودنا نحن به سبحانه، إذن: فهو سبحانه أحسن مرتفع في الوجود، نعم.

والله سبحانه مرتفع في قيوميته، فنحن نعمل ونتعب وننام لنرتاح، أما هو سبحانه فلا يُتعبه عمل ولا ينام ليستريح، لذلك قال سبحانه: (ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ) (البقرة: 255) وكأن الحق سبحانه يقول لنا: ناموا أنتم مِلْءَ جفونكم لأني لا تأخذني سِنَةٌ ولا نوم، يريد أنْ نطمئن ونحن في معيته سبحانه وبهذه القيومية يرفع الله مَنْ يشاء، وبطلاقة قدرته سبحانه يُبقي مَنْ يشاء في الرفعة ويُنزل مَنْ يشاء إلى الضِّعَة: (قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ) (آل عمران: 26).

وقوله: (رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ) (غافر: 15) لأن الرفع يقتضي منزلة أعلى من منزلة، وهذه هي الدرجات أي: ما بين كل منزلة وأخرى، والدرجات لا تكون إلا في العُلُو، أما النزول إلى أسفل فتسمى مراحله دركات.

والحق سبحانه يرفع من خَلْقه ما يشاء على ما يشاء، كما رفع من الزمان رمضان على غيره من الشهور، ورفع من المكان البيتَ الحرام وبيت المقدس، ورفع من الملائكة كما في قوله تعالى على لسان الملائكة: (وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ) (الصافات: 164).

ورفع من الرسل أُولي العزم منهم، كما قال تعالى: (تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) (البقرة: 253) ويرفع من عامة الخَلْق كما قال سبحانه: (يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة: 11) وكما رفع الله سبحانه أُولِي العلم كذلك رفع أصحاب الحركة في الحياة الذين ما أُوتوا علماً، إنما عندهم حركة تنفذ هذا العلم وتُطبِّقه وتحقق مطلوبه في الحياة، فالعلم يحتاج في تنفيذه ليد عاملة كأصحاب الحِرَف والعمال والصُّناع، لذلك قال سبحانه: (وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ ٱلأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ) (الأنعام: 165).

إذن: عندنا رفعةٌ للزمان، ورفعة للمكان، ورفعة للملائكة، ورفعة للأنبياء، ورفعة للمؤمنين، ورفعة لأُولي العلم، وأخيراً رفعة للخلائق في الأرض، وتأمل العدالة الإلهِية في رفعة الخلائف بعضهم على بعض.

فالحق سبحانه لم يَقُل لنا أيَّ بعض مرفوع وأيَّ بعض مرفوع عليه، ليبين لنا أن كل بعض مرفوع في شيء ومرفوع عليه في شيء آخر، إذن: لا يرفع الغني على الفقير، ولا الجميل على القبيح، ولا الذكي على الغبي، إنما يُرفع كلٌّ بحسْب عمله، كما ورد في قوله تعالى: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13).

فكل الخَلْق غير ما تقدم ممَّنْ رفعهُ الله مرفوعٌ في شيء ومرفوع عليه في شيء آخر، فالنجار الذي يصنع لي المكتب مرفوع عليَّ في هذا العمل ومُفضَّل عليَّ فيه، لأنه يعرف هذه الصَّنعة ويتقنها وأنا لا أعرفها.

فإذا ما جاء هذا العامل يسألني في مسألة كنت أنا مرفوعاً عليه فيها، لأنني أعرفها وهو لا يعرفها، وقلنا: إن الحق سبحانه أراد لحركة الحياة بين الخلق أنْ تُبْنى على الحاجة لا على التفضل، فكُلٌّ منا يحتاج الآخر ولا تكتمل حركةُ حياته إلا به.

ولو قامتْ حركة الحياة على التفضّل لتعطلتْ أكثر المصالح ولما استقامتْ الحياة، وتصور أننا جميعاً تخرَّجنا في الجامعة وصرْنا علماء، مَنْ سيؤدي لنا الأعمال الأخرى؟

مَنْ يكنس الشارع؟

ومَنْ يعمل في المجاري؟

ومن يبيع في الأسواق؟... إلخ.

وهذا هو مقصود الشاعر الذي قال:
النَّاسِ للنَّاسِ مِن بَدْوٍ وَحَاضِرَةٍ بَعْضٌ لِبَعْضٍ وإنْ لَمْ يَعْلَمُوا خَدَمُ

فليس منا مَنْ هو مُسخَّر فقط، بل كل منا مُسخَّر في شيء ومُسخر له في شيء آخر، لذلك يقول تعالى وهو يُعلِّمنا هذا الدرس: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ) (الحجرات: 11).

لذلك لا تنظر إلى عمل على أنه أفضل من عمل، إنما هناك عامل أفضل من عامل، والأفضل هو الذي يتقن عمله أكثر، فالعامل الذي يتقن عمله في الأدنى أفضل من العامل الذي لا يتقن عمله في العمل الأعلى.

لذلك قال الإمام علي كرَّم الله وجه: (قيمة كل امرئ ما يُحسنه) فمَنْ أراد من العلو الأفضلية فليتقن عمله مهما كان هذا العمل حقيراً -أي: في نظر البعض منا- فليس في الإسلام عمل حقير، إنما هناك عامل حقير، وهو المتهاون الذي لا يجيد ولا يتقن ما في يده ولا يخلص فيه.

وسبق أنْ ضربنا مثلاً من فرنسا ومن مناقشات مجلس الشعب الفرنسي، وقد كانوا يعرضون علينا بعض المواقف الحاسمة في هذه المناقشات، منها أن نقيب العمال كان كثير المطالب لصالح العمال، وكان يُسرف في ذلك، لكن كان الوزير المسئول عن تنفيذ هذه المطالب تحكمه ميزانية وأرقام وحسابات.

ومرَّت الأيام وصار نقيب العمال هذا وزيراً للعمل، ووقف نقيب العمال الجديد يقول له: لا أطلب منك إلا ما كنت تطلبه أنت من سابقك، فقال: لكن تحكمني ميزانيات وحسابات، فأراد أن يثير عاطفته نحو العمال، أو أراد أنْ يُحرجه فقال له: لا تنْسَ أنك كنتَ في يوم من الأيام ماسح أحذية، فأخذها الوزير بصدر رَحْبٍ وروح رياضية وردَّ عليه: نعم.. نعم.. لكنني كنتُ أجيدها.

إذن: العظمة ليست في العمل إنما في إجادته.

لذلك نقول: لو علم العامل المخلص في عمله والمتقن له عن غيب من صاحب العمل يعني يتقنه ويجيده لله، لو علم هذا العامل ما أدَّاه لمواجيد الإيمان بالله لافتخر بهذا العمل على العلماء.

قالوا: كيف ذلك؟

وماذا يؤدي العامل لمواجيد الإيمان؟

نقول: لأن كل مَنْ يرى عمله المتقن يقول: الله، فكأن العمل المتقن يُشيع كلمة الجمال في الكون، ويؤدي إلى ذكر الله، وفي هذا من الثواب ما لا يَخْفى على أحد.

وقوله تعالى: (ذُو ٱلْعَرْشِ) (غافر: 15) يعني: الذي يملك كوناً استقر له بدون شغب عليه، وهو المستقر في كمال قدرته وألوهيته، والملك لا يُتاح له الجلوس والاستواء على عرشه إلا بعد أن يستتبَّ له الأمر مع الفارق بين جلوسه سبحانه واستوائه على عرشه وبين جلوس ملوك الدنيا على عروشهم، فنحن نؤمن بهذا الجلوس دون تكييف أو تشبيه، وما دام وجوده تعالى ليس كوجودنا فكذلك جلوسه ليس كجلوسنا، وقلنا: إننا نأخذ هذه المسائل في إطار: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى: 11).

والحق سبحانه و تعالى استتبَّ له الأمر في الكون دون منازع، بدليل قوله سبحانه: (ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ) (فصلت: 11).

ولأنه سبحانه رفيع الدرجات، وهو سبحانه ذو العرش أراد سبحانه أنْ يضفي من رفعته على المؤمنين به، وأن يرفعهم على غيرهم، وألاَّ يتركهم هَمَلاً وهمجاً بدون منهج، لذلك أنزل عليهم رُوحاً منه سبحانه: (يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ) (غافر: 15).

فما كان سبحانه ليستعبد الخَلْق ثم يتركهم، إنما أنزل لهم المنهج الذي يحكم حركتهم في الحياة بافعل كذا، ولا تفعل كذا، وهذا هو قانون الصيانة الذي يضمن للبشر الصلاح والرِّفْعة وعُلُوَّ المنزلة، وجعل هذا المنهج اختياراً، مَنْ شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، مَنْ شاء أطاع ومَنْ شاء عصى، ليرى المؤمن أثر رفعة الله له في الآخرة حين يُدخِله الجنةَ دار النعيم الباقي، حيث لا فَوْتَ للنعمة، ولا مَوْتَ للوجود.

وهذا المنهج جاءنا في كتاب الله وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ينظم حركة حياتنا حتى تتكامل الحركات ولا تتصادم، فحين ترى شرع الله يقيد حركتك في شيء، فاعلم أنه قيَّد حركات الملايين من أجلك، فحين ينهاك عن السرقة مثلاً يُقيّد حركتك وأنت فرد ويمنع يدك أنْ تمتد لما لا تملك، وفي المقابل قيَّد ملايين الأيدي حتى لا تمتد إلى مالك أنت، حين أمرك بغضِّ البصر وحفظ المحارم أمر الخَلْق جميعهم أنْ يغضُّوا أبصارهم عن محارمك.. إلخ فتأمل مَنِ المستفيد من تطبيق هذا المنهج؟

وقوله: (يُلْقِي ٱلرُّوحَ) (غافر: 15) الروح لها معَانٍ عدَّة.

فالذي يتبادر إلى الذِّهْن أنها هي الروح التي تدبّ في المادة فتمنحها الحياة والحركة، وهذه هي الروح التي ألقاها الخالق سبحانه في آدم فتحرَّك وأدت كل الجوارح وظائفها بعد أنْ كانت طيناً.

ثم أراد سبحانه أنْ يحرس حركة المادة حتى لا تنطق في شهواتها، فأنزل روحاً أخرى من عنده سبحانه هي المنهج القيمي في القرآن الكريم؛ لذلك قال سبحانه: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) (الأنفال: 24).

كيف يُحييهم وهم أحياء مخاطبين بهذا الكلام؟

نعم هم أحياء حياةَ المادة بالروح التي دبَّتْ في أجسامهم فتحركوا بها، إنما المراد هنا حياة أرقى من حياة المادة هي حياة القيم التي تُرقِّي حركة الإنسان وتجعلها دائماً في الخير لنفسه ولمن حَوْله، وكما أن حياة المادة لها روح كذلك حياة القيم لها روح.

لذلك سمَّى القرآنَ روحاً، وسمَّى الذي نزل به من الملائكة رُوحاً، فقال سبحانه: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا) (الشورى: 52).

وقال: (نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ) (الشعراء: 193).

هذه هي حياة القيم والمثُل الرفيعة، الحياة التي تُؤهلك لحياة أخرى باقية لا تفنى، ولك أنْ توازن بين حياة تُؤهِّلك للدنيا الفانية وحياة تؤهلك للآخرة الباقية، لابدَّ أنك ستجد الروح الثانية أعظم وأفضل من الأولى.

ويكفي في التفريق بينهما أن الروح الأولى، وهي روح المادة تسري في المؤمن والكافر، وبهذه الروح يأتي كفر الكافر ومعصية العاصي، أمَّا روح المنهج والقيم فلا تكون إلا للمؤمن، ولا تُحرِّكه إلا في الخير حركةً سويّة تُسعده وتسعد مَنْ حوله في الدنيا قبل الآخرة.

لذلك قال سبحانه: (وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ) (العنكبوت: 64) ومعنى (الحيوان) يعني: الحياة الحقيقية الدائمة الباقية التي لا ينتهي نعيمها ولا يدركها فناء، وإنْ كان نعيم البشر في الدنيا على قَدْر حركتهم وإمكاناتهم فنعيمهم في الآخرة على قدر المنعم سبحانه ثم أنت تعيش في الدنيا عُرْضة للموت يهددك في كل لحظة، وربما يهجم عليك بغتة فليس له وقتٌ ولا سِنٌّ معين، وليس له سبب يرتبط به، فمنا مَنْ يموت بعد عام، ومنا مَنْ يموت بعد مائة عام، ومنا مَنْ يموت وهو في بطن أمه، الموت لا يفرق بين كبير أو صغير، ولا بين مريض أو سليم.

لذلك أبهمه الله..  

لماذا؟

لِنظلَّ دائماً ذاكرين له منتظرين هجمته، فكأن الإبهام هنا هو عَيْن البيان.

لذلك الحق سبحانه ينبهنا إلى هذه المسألة في قوله تعالى: (تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (الملك: 1-2).

تأمل: (خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ) (الملك: 2) فبدأ بالموت وقدَّمه على الحياة، وكأنه سبحانه يقول لنا: لا تستقبلوا الحياة إلا وفي أذهانكم الموت..  

لماذا؟

لأن ذكر الموت يمنع الغرور بالدنيا والركون إليها ويضبط سلوك الإنسان، فلا يتحرك إلا في الخير لأنه دائماً يعمل حسابَ العواقب التي تنتظره.

وقوله سبحانه: (عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ) (غافر: 15) يعني: على مَنْ يختاره ويصفيه لهذه المنزلة، وهذا مثل قوله تعالى(ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ) (الحج: 75).

وقوله تعالى: (ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) (الأنعام: 124).

ثم يوضح الحق سبحانه العلة من قوله: (يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ) (غافر: 15).  

لماذا؟

(لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ) (غافر: 15) يعني: إياك أنْ تفهم أن المسألة تنتهي بنهاية الحياة الدنيا، ويفلت أهل المعاصي بمعاصيهم وأهل الظلم بظلمهم لا.

إنما هناك مرجع ومردٌّ إلى هذا الإله الذي كفرت به أو الذي عصيته وتجرأت على محارمه، تذكّر هذه الحقيقة مهما نفرت عنه بالكفر أو نَبَا جانبك عن جانب ربك، فأنت مردود إليه رغماً عنك، موقوفٌ بين يديه، لا مهربَ لك منه أبداً، ولا مفرَّ.

وقلنا: إن الإنذار يعني التخويف من شرٍّ قبل أوانه لتستعدَّ له بأنْ تتجنب دواعي ما يخيف لتسلم منها، ولا معنى للأنذار ساعة وقوع الحدث، لابدَّ أنْ يكون قبل الحدوث بفترة كافية تمكنني من أن أتدارك الأمر وأعمل حسابي.

وقوله (يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ) (غافر: 15) أي: التلاقي، والتلاقي لا ينشأ إلا عن تباعد كان موجوداً بين شيئين، فبين أيِّ الأشياء يكون هذا التلاقي؟

قالوا: التلاقي هنا والمراد يوم القيامة سيكون في عدة صور، ففي الآخرة سترى الملائكة الذين آمنتَ بهم في الدنيا إيماناً غيبياً وتلتقي بهم مشهداً.

وفي الآخرة سترى رحمك وأسرتك الكبيرة من لَدُنْ أبيك آدم حتى آخر ولد له في الدنيا، ستلتقي بهم جميعاً، وسترى هذا الرحم الذي قطعته في الدنيا، ستتمثل لك هذه الشجرة الكبيرة متشابكة الأغصان متداخلة الفروع، وعندها ستقول: كيف قطعتُ هذه الرحم؟

وكيف جفوتُ هذه القربات لسبب وبدون سبب، لذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم لآدم، وآدم من تراب".

ويقول الحق سبحانه في الحديث القدسي: "أنا الرحمن، وهذه الرحم اشتققتُ لها اسماً من اسمي، فمَنْ وصلها وصلْتُه، ومَنْ قطعها قطعتُه".

وسيدنا معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- دخل عليه حاجبه في يوم من الأيام وقال: يا أمير المؤمنين رجل بالباب يقول أنه أخوك، فقال له: أَلاَ تعرف إخوتي؟

قال: هكذا يقول الرجل، قال أدْخِلْه، فلما دخل على معاوية قال له: أيّ إخوتي أنت؟

قال: أنا أخوك من آدم، فضحك معاوية، وقال: رحمٌ مقطوعة، والله لأكُوننَّ أول مَنْ وصلها، ثم قرَّبه وأعطاه ما يريد.

ومن التلاقي الذي سيكون في الآخرة أنْ يلتقي المظلومُ بظالمه، والخصمُ بمخصومه، نعم وعند الله تجتمع الخصومُ، وعلى العاقل أن يحسب لهذا اللقاء ألف حساب، ومَنْ تدبَّر العواقب نجا.

ومن التلاقي في الآخرة أنْ يلتقي الإنسان بصحيفة أعماله التي أحصتْ عليه كل صغيرة وكبيرة: (أَحْصَاهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ) (المجادلة: 6).

(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً) (آل عمران: 30).

يوم يقول لك ربك: (ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (الإسراء: 14).

ثم يرتفع التلاقي إلى قمته، فيلتقي المؤمنون بربهم عز وجل حين يتجلَّى عليهم سبحانه فيروْنَه، وتكون هذه أعظم النعم تفضلاً من الله وكرماً واقرأ: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ) (القيامة: 22-25).

وإذا كانت رؤية الحق سبحانه هي أعظم النعم للمؤمنين فهي أشدّ ألوان العذاب للكافرين لأنهم سيُحرمون منها(كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ) (المطففين: 15) يومها ستشتد حسرتهم وأسفهم: (وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّـٰهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ) (النور: 39).

وجد اللهَ الذي كفر به في الدنيا، ووجد العاقبة التي طالما حذَّرناه منها وذكّرناه بها.

وقوله تعالى: (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) (غافر: 16) أي: في هذا اليوم يوم التلاقي يأتون بارزين علانية بعد أن كانوا مُستترين بسيئاتهم في الدنيا، اليوم يُفتضح أمرهم ويُكشف سترهم (لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) (غافر: 16) الجميع في ساحة واحدة: الملوك والسُّوقة، السادة والعبيد، الرؤساء والمرؤوسون، الجميع في مقام العبودية.

لذلك سينادي الحق سبحانه: (لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ) (غافر: 16) يقولها الحق سبحانه لأنه تعالى كان يُملِّك بعضنا في الدنيا، أما في الآخرة فلا مُلْك إلا لله وحده، لذلك يجيب على هذا السؤال المؤمن والكافر، الجميع يقولون (لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ) (غافر: 16) نعم لأنه إله غيره ولا ملك سواه.

ومعنى (لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ) (غافر: 16) أن المُلْك لله اليوم وقبل اليوم، فهذه الحقيقة التي أنكرها الكفار في الدنيا اعترف بها المؤمنون الذين رضوا بالله رباً، يُؤتي الملك مَنْ يشاء، وينزع الملْك ممَّنْ يشاء، ويُعز من يشاء ويُذلُّ مَنْ يشاء.

فكلمة (ٱلْيَوْمَ) مُوجَّهة هنا إلى الكافرين الذين أنكروا هذه الحقيقة في دنياهم، لكنهم اعترفوا بها في الآخرة فأقرّوا (لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ) (غافر: 16).



سورة غافر الآيات من 11-16 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة غافر الآيات من 11-16
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: غـافــر-
انتقل الى: