أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: سورة الصافات الآيات من 164-170 الخميس 04 فبراير 2021, 12:35 am | |
| وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
إذن: هذه الحجارة حين يُحمَىَ عليها ليُعذَّب بها هؤلاء المشركون لا لأن لها ذنباً تُعاقَبُ عليه، إنما لها مقام معلوم، والتزام بتنفيذ أمر الله في المخالف: (وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ) (الصافات: 164).
يعني: قَدْر ومرتبة، فالملائكة درجات ومراتب، لا يحقد الأدنى على الأعلى ولا يزدري الأعلى الأدنى؛ لأن المقام المعلوم الذي جعلهم الله فيه قدر لله تعالى، وهم يحترمون قدر الله في خَلْق الله، وهذا درس ينبغي أنْ نتعلَّمه، وأنْ يُراعي كل مِنَّا قدر الآخرين ومنزلتهم، فأنا حين أحترم الأعلى مني إنما أحترم قدر الله الذي جعله أعلى مني، وإنْ كان دوني في يوم ما، وقُلْنا إن العالم ليس مسألة (ميكانيكا) إنما خَلْق بقدر وبحكمة مرادة لله.
فكيف نكون بنات الله؟
وكيف نُعبَد من دون الله ونحن مُسخَّرون لعبادته سبحانه ونحن جنود مصفوفون في انتظار أوامره تعالى (وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ) (الصافات: 165) أي: نقف صفوفاً منتظمة، والصف دليل الانتظام وعنوان الالتزام والانضباط؛ لذلك ورد في الحديث: "إن الله لا ينظر إلى الصَّفِّ الأعوج".
لماذا؟
لأنكم بين يدي الله سبحانه فأروا الله منكم ما يدل على المساواة والالتزام والترابط.
وفي الحرب كذلك: (إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ) (الصف: 4) وهذا التشبيه له دلالته، لأن البنيان المرصوصَ يعني أن اللبنة فيه ليس لها إرادة في الخروج عن الأخرى؛ لأنها محكومة بالبناء الذي وُضِعَتْ فيه؛ لذلك لما استعرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصفوفَ في إحدى الغزوات رأى جندياً شَذَّ عن صَفه، فأشار إليه بعصاه أنْ يستوي بمثله، وأن ينضبط في صَفه.
ثم يقولون: (وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ) (الصافات: 166) يعني كيف نرضى أنْ نُعبدَ من دون الله، ونحن ما خُلِقْناَ إلا لتسبيحه تعالى: (وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ * لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً...). |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الصافات الآيات من 164-170 الخميس 04 فبراير 2021, 12:35 am | |
| وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
قولهم: (لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً) (الصافات: 168) أي: كتاباً ووَحْياً مُنزلاً (مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ) (الصافات: 168) كالذي أُنزِل على الرسل السابقين (لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ) (الصافات: 169) وعجيبٌ منهم أنْ يبرروا شركهم بهذه الحجة، وقد جاءهم سيد المرسلين جميعاً، فالرسل السابقون كانوا محدودي الرسالة زماناً ومكاناً، وكانوا جميعاً قبل رسول الله مُكلَّفين بنقل حكم الله إلى الخَلْق، أمَّا رسول الله: فهو الرسول الوحيد الذي فُوِّض من الله أنْ يُشرِّع للخلق؛ لأن رسالته عامة في الزمان وفي المكان إلى قيام الساعة.
إذن: كيف تريدون ذِكْراً من الأولين، ومعكم خاتم الرسل المشرِّع الذي تأتيه من الله القضية الكلية فيُبيِّنها ويشرحها ويُفصِّلها.
وقوله: (فَكَفَرُواْ بِهِ) (الصافات: 170) يعني: لما جاءهم الرسول الذي يطلبونه كفروا به.
إذن: المسألة مسألةَ لَجَج وعناد وكبرياء في قبول الحق والانقياد له (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (الصافات: 170) حَرْفا (السين) و (سوف) يدلان على الاستقبال، لكن سوف أبعد في الزمن من السين.
فقوله تعالى (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (الصافات: 170) احتياط زمني من القرآن الكريم، فالفعل (يَعْلَمُونَ) (الصافات: 170) مضارع للحال وللاستقبال، أما سوف فهي للمستقبل البعيد عن مستقبل السين؛ ذلك لأن المعاصرين لنزول القرآن منهم مَنْ سيموت قبل أنْ يرى عاقبة المشركين، وقبل أنْ يشهد ظهور الإسلام وانتصاراته.
فإنْ كان قد مات قبل أنْ يعلمَ فسوف يعلم في الآخرة ويرى العاقبة، هذا لغير المؤمن، أما المؤمن فليس في حاجة إلى هذا العلم؛ لأنه صدق الله فيما أخبر، ومن ذلك قول الإمام علي -رضي الله عنه-.
لو كُشِف عني الحجاب ما ازددتُ يقيناً.
لذلك لما نزل قول الله تعالى - وكان المسلمون في كَرْب وشدة وضيق قبل الفتح: (سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ) (القمر: 45) والسين تدل على المستقبل القريب تعجب سيدنا عمر وما أدراك ما عمر، كان القرآن ينزل على مقتضى ما يرى، ومع ذلك تعجَّب وقال: أيُّ جمعٍ هذا ونحن غير قادرين على حماية أنفسنا وأهلنا، فلما جاء الفتح وانتصر المسلمون وحدث ما حدث قال: صدق الله: (سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ) (القمر: 45).
فالمؤمن مُصدِّق بما أخبر الله به، لأنه أمر قُضِي أزلاً في علم الله، وما دام قُضِي بالفعل في الأزل، ولا توجد قوة معارضة تنقض ما قضى الله به، وما دام الله تعالى لا يعتريه عجْزٌ يمنعه أنْ ينفذ ما قضى فهو واقع لا محالة.
والمثال الواضح في هذه المسألة قوله تعالى: (أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ) (النحل: 1) تعلمون أن علماء النحو يقولون: الفعل ماض وهو ما دلَّ على حدوث فعل في زمن مضى وانتهى، ومضارع: وهو ما يدل على الحال أو الاستقبال، إذن: كيف نجمع بين (أَتَىٰ) الماضي و: (فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ) (النحل: 1).
والنهي عن استعجاله يدل على المستقبل، أي: أنه لم يَأْتِ بَعْد؟
نقول: الذي يتكلم بهذا الكلام هو الله لا نحن، والله تعالى لا يحكمه زمان، فإذا أخبر بأمر فهو واقع لأنه لا رادَّ لما قضى أزلاً، فأمْرُ الله أتى أزلاً فلا تستعجلوه واقعاً. |
|