أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: سورة الصافات الآيات من 158-163 الأربعاء 03 فبراير 2021, 10:47 pm | |
| وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
كلمة (الجِنة) بالكسر وكذلك الجنة بالفتح ومنها الجن ومجنون كلها مادة (جنَّ) وتفيد الاكتنان والستر و (الجنة) هنا هم الملائكة سُمُّوا بذلك لأنهم مستورون عَنّا فلا نراهم، وكذلك الجنة لأنها تستر مَنْ يسير فيها بكثرة أشجارها، أو تستر مَنْ فيها بتوفير كل احتياجاته، فلا يحتاج أنْ يخرج منها، وكذلك المجنون لأنه غاب عقلُه واستتر.
والمعنى أنهم جعلوا بين الله تعالى وبين الملائكة نَسَباً حين قالوا: الملائكة بنات الله (وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (الصافات: 158) يعني: علمتْ الملائكة أن هؤلاء المشركين بالله مُحضَرون للعذاب، ومُحضَر اسم مفعول يعني: أُجبر على الحضور.
ثم يردُّ الله عليهم مُنزِّهاً نفسه سبحانه عن مشابهة الخَلْق: (سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الصافات: 159) فكلمة (سبحان الله) نراها دائماً في كل شيء، يخرج الذات إلى مشابهة الخَلْق، والسبحانية لله أي: التنزيه لله موجود وثابت لله تعالى قبل أنْ يُوجد المنزِّه.
فكلمة (سُبْحانَ) تعني: التنزيه المطلق لله قبل أنْ يخلق مَنْ يُنزهه، فلما خلق الله الخَلْق سبَّحه: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ) (الحشر: 1) وقال: (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ) (التغابن: 1) أي: ما يزال مُسبِّحاً في الحال والاستقبال إلى قيام الساعة.
وما دامت هذه السُّبْحانية ثابتة لله تعالى قبل الخَلْق وبعده ودائمة في الماضي والحاضر والمستقبل، فإياك يا أشرف الخَلْق وأكرمه ومَنْ جعل الخَلْق كله من أجله ألاَّ تكون مُسبِّحاً أو تشذّ عن هذه المنظومة المسبحة: (سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ) (الأعلى: 1) فمعنى (سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الصافات: 159) يعني: تنزَّه الحَقُّ سبحانه عن قَوْل هؤلاء المشركين وكذبهم، و تعالى سبحانه أنْ يكونَ بينه وبين الجِنَّة نسبٌ. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الصافات الآيات من 158-163 الخميس 04 فبراير 2021, 12:32 am | |
| إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠) فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
مناسبة قوله تعالى هنا (إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ) (الصافات: 160) استثناء من قوله تعالى: (إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (الصافات: 158) فاستثنى اللهُ عباده المخلصين أنْ يدخلوا مع هؤلاء المحضرين للعذاب.
وقوله: (فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ) (الصافات: 161) أي: من دون الله (مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ) (الصافات: 162) يعني: أنتم وما تعبدون من دون الله لا تفتنوا خَلْقي عليَّ.
يعني: لا تُفْسِدوا الخَلْق على الله تعالى، يُقَالُ: فتن فلان على فلان زوجته.
يعني: أفسدها عليه، والمعنى: أنتم لا تستطيعون أنْ تفسدوا بيني وبين ملائكتي.
وكيف والملائكة أنفسهم ما خُلقوا إلا لعبادتي وحبي: (يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ) (الأنبياء: 20) كيف تفسدونهم وهم بريئون منكم ومن عبادتكم لهم، بل ويلعنونكم.
إذن: كيف تفسدونهم على الله؟
والحق سبحانه في موضع آخر يردُّ عليهم: (أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ..) (الإسراء: 57) يعني: هؤلاء الذين يعبدونهم من دون الله هم أنفسهم يبتغون إلى الله الوسيلة التي تقرِّبهم إليه.
وفي موضع آخر قال: (قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً) (الإسراء: 42).
إذن: ما أنتم بفاتني هؤلاء المعبودين على ربهم؛ لأنهم أخلصوا لله العبادة ويتنافسون في التقرُّب إليه.
وقوله: (إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ: (الصافات: 163) أي: إلا مَنْ يرضي بالعبودية من البشر فمصيره النار؛ لذلك لما أراد سبحانه أنْ يُبكِّتَ الذين عبدوا الحجارة قال: انظروا فلن تُعذَّبوا في النار إلا بالحجارة لِتَرَوْا معبودكم معكم ومثلكم في النار.
فإنْ قَلْت: وما ذنبُ هذه الأحجار التي عُبِدت من دون الله؟
يقول سبحانه: (وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ...). |
|