أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: سورة الصافات الآيات من 69-74 الأربعاء 03 فبراير 2021, 10:08 pm | |
| إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
يعني: وجدوا آباءهم على ضلال (فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ) (الصافات: 70) يعني: يتبعون طريقهم ويُقلِّدونهم، ومعنى (يُهْرَعُونَ) (الصافات: 70) أي: يُزعجون ويسرعون كأن شيئاً يحملهم على الإسراع؛ لأن هذا الفعل (يُهْرَعُونَ) مبني للمجهول.
أى: لِمَا لم يُسَمَّ فاعله كما نقول: زُكم فلان، فالفاعل غير معروف.
ولو كان الإسراع في اتباع الآباء منهم لَقَال يَهرعون بالفتح، إنما يُهرعون كأن شيئاً يدفعهم إلى تقليد الآباء، ليبين لك سبحانه أن الشر أعدى، لأنه لا تكليفَ للنفس فيه ولا حجزَ للشهوة، لذلك يجري الإنسان إليه ويُسرع في طلبه.
أما الهدى والمنهج فلا يسرع إليه لأنه يُضيِّق عليه مجال الشهوات، ويُقيِّد حركته في إطار ما شرع الله، إذن: هم يُقلِّدون الآباء وهم يعرفون أنهم ضالون لينفلتوا من قَيْد التكاليف الشرعية.
لذلك لما أخذ الله تعالى علينا العهد ونحن في عالم الذر، قال سبحانه: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ) (الأعراف: 172-173).
وقد حكى القرآن اعترافهم باتباع الآباء في أكثر من موضع من كتاب الله، فقال سبحانه: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ) (البقرة: 170) ويردُّ عليهم: (أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ) (البقرة: 170).
فكأن الحق سبحانه يقول لهم: أنتم كاذبون في هذا الادعاء.
ولو كانت القضية عامة، فلماذا لم تتبعوا أباكم آدم عليه السلام، وقد جاء بمنهج وسار عليه؟
فلو اتبعه القوم لقلَّدهم مَنْ بعدهم وهكذا، ولاستمرَّ منهج الله، إنما حَكَمتكم الشهواتُ، وسيطرتْ عليكم الرغباتُ، فأخرجتكم عن منهج ربكم وخالفتم.
ثم أليس منكم رجل عاقل يَعِي هذا الضلال، ويأنف أنْ يتبعه، ويبحث عن هدى؟. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الصافات الآيات من 69-74 الأربعاء 03 فبراير 2021, 10:14 pm | |
| وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (٧٢) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
قوله تعالى: (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ) (الصافات: 71) يعني: ليس هؤلاء بدعاً في الضلال، فقد ضَلَّ قبلهم كثيرون ممَّنْ سبقوهم، وهذا يعني أن قِلَّة آمنتْ، والكثرة ضَلَّتْ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ) (الصافات: 72) يعني: لم نتركهم على غفلتهم، بل أرسلنا إليهم الرسل تنذرهم وتحذرهم.
وقلنا: إن في ذات النفس البشرية مناعات ذاتية، تعصم صاحبها من المعصية ومن الزَّلل، حتى لو كان منفرداً عن الناس، فإنْ ضعُفَتْ عنده هذه المناعة فخالف منهج الله تلومه النفس اللوَّامة الأوَّابة، فتؤنبه حتى يتوب ويرجع، فإنْ ألفَ المعصية وضعُفَتْ عنده النفس اللوَّامة، ولم يَعُد له رادع من ذات نفسه رَدَعَه المجتمعُ الآمر بالمعروف، الناهي عن المنكر، المجتمع الناصح الذي يقيم بين أفراده قوله تعالى: (وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ) (العصر: 3).
وفَرْق بين: وصُّوا وتواصَوْا، تواصَوْا يعني: يُوصِي بعضكم بعضاً، ففيها تفاعل بين أفراد المجتمع؛ لأن المجتمعَ حتى المؤمن المتدين يتفاوتُ الناسُ فيه من حيث الاستقامة وتطبيق المنهج، ولابُدَّ أنْ يُوجَد في المجتمع مَنْ يضعُف فيشذّ، أو تصيبه غفلة، فيجد مَنْ يُردعه، ويجد مَنْ يُذكِّره حتى يعودَ إلى الجادة.
فإذا فُقِد الرادع من المجتمع، وعَمَّ الفساد المجتمع قلنا: تدخلتْ السماء برسول جديد ومنهج جديد.
نحن نعرف أن الرسول يأتي بشيراً ونذيراً.
لكن الحق سبحانه هنا خَصَّ الإنذار (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ) (الصافات: 72).
لماذا؟
قالوا: لأن دَرْءَ المفسدة مُقدَّم على جَلْب المنفعة، وقلنا لتوضيح هذه المسألة: لو أن شخصاً يرمي لك تفاحة مثلاً، وآخر يرميك بحجر لا شكَّ أنك ستدفع الحجرَ عن نفسك أولاً.
وقوله: (فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ) (الصافات: 73) يعني: تأمل نتيجة الإنذار، فرسل الله أنذروا الجميع، لكن هل انتفع الجميعُ بالإنذار؟
لا بل منهم مَن انتفع به، ومنهم مَنْ أعرض عنه، لذلك جاء الحق سبحانه بعدها بهذا الاستثناء: (إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ) (الصافات: 74) أي: الذين أخلصهم واصطفاهم لعبادته وطاعته، وهم الذين انتفعوا بالإنذار.
وبعد أنْ تكلَّم الحق سبحانه عن موكب الرسل إجمالاً، فقال: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ) (الصافات: 72) أراد سبحانه أنْ يتكلَّم عنهم ببعض التفصيل، فقال سبحانه: (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ...). |
|