أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: سورة الصافات الآيات من 35-39 الأربعاء 03 فبراير 2021, 9:55 pm | |
| إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
قوله سبحانه: (إِنَّهُمْ) (الصافات: 35) أى: الكفار الذين وُصِفُوا بالإجرام: (كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ) (الصافات: 35) أي: يستكبرون عن قبولها والتصديق بها (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا) (الصافات: 36) يعني: منصرفون عن عبادتها (لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ) (الصافات: 36) أي: من أجله، ومن أجل دعوته.
وعجيب من العرب وهم أمَّة كلام يُقدِّرون الكلمة ويتذوَّقونها، ويجعلون لها أسواقاً ومعارض، ويُكرِّمون الشعر والشعراء، لدرجة أنهم علَّقوا أجود قصائدهم على أستار الكعبة، عجيب من قوم هذا حالهم أنْ يقولوا (آلِهَتِنَا) (الصافات: 36) وهم يعلمون تماماً معنى الآلهة ومعنى العبادة، فالإله يعني المعبود فبأى حَقٍّ عُبِدَتْ الأصنام؟
بماذا أمرتكم؟
وعن أي شيء نهتْكم؟
ما المنهج الذي جاءتكم به؟
نعم هم يعلمون أنها جمادات، لا تضر ولا تنفع، لكن عبدوها بفطرة التديُّن في الإنسان، فالإنسان بطبعه مُتدين يحب أن يستند إلى قوة أعلى منه يلجأ إليها عند الشدة، قوة تعينه على التجلُّد والتصبُّر للأحداث، وقد وجدوا في هذه الآلهة أنها آلهة بلا تكاليف وبلا متطلبات، فعبدوها من دون الله.
ثم عجيبٌ منهم وهم أمة كلام ألاَّ يفرقوا بين كلام الله في القرآن وبين الشعر، وهم أعلم الناس به وبأوزانه وقوافيه، فأين الشعر من كلام الله في القرآن؟
ثم عجيب منهم أنْ يتهموا رسولَ الله بالجنون، وهم أعلمُ الناس به وبأخلاقه وصفاته وسيرته فيهم قبل بعثته، وما أبعدَ الجنون عن الذي جمع محاسن الصفات وكريم الأخلاق!! الجنون أنْ يتصرّف المجنون بجوارحه تصرُّفاً لا يمرُّ على العقل، المجنون لا يفاضل بين الأشياء، ولا يعرف الضَّارَّ من النافع، المجنون ليس له خُلُق، لذلك يردُّ الحق عليهم ويدفع عن رسوله اتهاماتهم، فيقول: (نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: 1-4).
لذلك يقول تعالى هنا: (بل) وهي للإضراب عن الكلام السابق، يعني: دَعْكَ من هذا الهُرَاء (بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ) (الصافات: 37) بالشيء الثابت الذي لا يتغير (وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ) (الصافات: 37) صدق مَنْ سبقوه من الرسل في منهج الله. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة الصافات الآيات من 35-39 الأربعاء 03 فبراير 2021, 9:56 pm | |
| إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
في الآيات السابقة قال سبحانه حكايةً عن الظالمين قوْلَ المتبوعين لأتباعهم: (فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ) (الصافات: 31) وهنا يؤكد هذا المعنى، إلا أنه يُصرِّح هنا بنوع الإذاقة (لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ) (الصافات: 38) وهذا العذاب الأليم ليس ظلماً ولا تعدياً، إنما جزاء ما قدَّمتم: (وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الصافات: 39).
وبعد الحديث عن أهل الكفر واللَّدَد وأهل الإجرام والعناد، وبيان مصيرهم، وما ينتظرهم من الجزاء يُتبع الحق سبحانه هذا بالحديث عن أهل الإيمان الذين أخلصوا العبادة لله، والجمع بين المتقابلين أسلوب من أساليب القرآن، كما في قوله سبحانه: (إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (الانفطار: 13-14) وبضدِّها تتميز الأشياء، والشيء بعد ذكر مقابله يتبين حُسْنه.
كما قال الشاعر واصفاً محبوبته: فَالوَجْهُ مِثْل الصُّبْح مُبْيضٌ والشَّعْر مثْلُ الليْل مُسود ضِدَّانِ لَمَّا اسْتجْمعَا حَسُنَا والضدُّ يُظهِرُ حُسْنَهُ الضِّدُّ
لذلك يذكر الحق سبحانه ما أعدَّه للمؤمنين المخلصين، بعدما ذكره من جزاء الظالمين المكذِّبين، لينشئ الحسرة في نفوسهم، فتكون عذاباً جديداً يضاف إلى عذابهم في النار.يقول تعالى: (إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ...). |
|