أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الحلقة السابعة عشر من مدرسة الحياة الجمعة 13 مايو 2011, 4:58 am | |
| المحاضرة السابعة عشر فلا زال حديثنا موصولاً مع هذه الخاطرة من كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي- رحمه الله تعالي- وهو كان في سبيل الرد على الذين ذموا الدنيا بإطلاق ، فبين أن الدنيا ليست مذمومة بإطلاق ، أنما يذم فيها فعل الجاهل والعاصي ، أما ما خلقه الله- تبارك وتعالى- للناس ليستعينوا به على عبادته- تبارك وتعالي ، فإن المرء لو استعمله على الوجه المشروع ، كان ممدوحاً لا مذمومًا إذ أن الله عز وجل أذن له في استعماله .وذكر أشياء ضرورية لا يستغنى المرء عنها ، فذكر المال ، وذكر النكاح وتكلمنا عن هذين فيما سبق واليوم نتكلم عن المحور الثالث الذي اختاره بن الجوزي وهو من الدنيا للدلالة علي أنه لا يذم ، بل التقعر في تركه هو المذموم كما سيأتي في كلامه- رحمه الله تعالي بعد ذلك قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-: ( وأما المَطعَمُ فالمُراد منه تَقويةِ هذا البَدن لخدمَةِ الله- عز وجل- )وبن الجوزي يكرر لفظ الخدمة وأنا أتحاشاه إنما أقول لعبادة الله- عز وجل- لأن لفظ الخدمة فيه نظر ، ولم يجري علي لسان أحد من السلف فيما أعلم ، وأنا إذا وجدت لفظ الخدمة أنا سأبدلها للعبادة يقول: (وأما المَطعَمُ فالمُراد منه تَقويةِ هذا البَدن لعبادة الله- عز وجل- وحقٌ على ذِي النًَاقةِ أن يُكرِمُهَا لِتحمِله ).ويقصد بالناقة هنا البدن لأن البدن هو الذي يحمل الروح ، والبدن مطية الآدمي في حياته ، حتى إذا مات دخلت الروح في بدن آخر يناسب الخلود إما الخلود في الجنة نسأل الله غنمها ، أو في النار نسأل الله أن يجنبنا غرمها ، فالبدن مطية الروح ، هذه الروح تركب هذا البدن في مدة الحياة الدنيا ولذلك إذا مات فنيت هذه المطية ، ثم تبدل الأجساد بأجساد أخرى فهذه الناقة التي تحمل روحك أو هذه المطية التي تحمل روحك حق عليك أن تكرمها لكي تحمل هذه الروح ، وفي زمان اختفاء سفيان الثوري- رحمه الله- كان يختفي بين الناس حول الكعبة ، أخته علمت أن بعض تلاميذه وهو أبو شهاب الحنَّاط ذاهب إلى مكة ، فأعطته طعامًا ، أعطته سويقاً وسمناً وكعكاً، قال، فبحثت عن سفيان وكان مختفيًا في الناس ، فلما ألقيت عليه السلام ما رد عليَّ ، لماذا خائف أن يكون عين ، أي خشي أن يكون جاسوس ، وهو هارب ويختفي في الناس . فعندما قال له: أنا جئتك من عند أختك بزاد ، قال: فهب وقال: قرِّب تعالي بسرعة ، قال: فأكل أكلاً جيداً ثم قام يصلي إلي الفجر قال: ثم ألتفت إليَّ وقال : ( أعلِف الحمار ثم كُدَهُ )أكله وشغله هذا مثل ضربه سفيان ، قال: أعلف الحمار ثم كُدَه ، أي الذي منعه من القيام الجوع يريد أن يقوم لكن من شدة الجوع بدنه أو قدماه لا تحملانه . فَالإِنْسَانُ الَّذِيْ يُفْهَمُ لِمَاذَا خَلَقَ ؟ لَا يَجُوْزُ لَهُ أَنْ يُعَذِّبَ هَذِهِ الْمَطِيَّةُ :ولا أن يقلل من قوتها لأنها هي التي تحمل الروح ، وأعظم الناس عذاباً من رُزق همه عالية مع بدن ضعيف ، يريد أن يفعل كل شيء لكن بدنه لا يساعده .وكانت حفصة بنت سيرين- رحمها الله - تقول: ( يا معشر الشباب أعبدوا الله في الشباب فإني رأيت العبادة في الشباب) وهذا الأثر لحفصة- رحمها الله - قرأته قديمًا في أول عهدي للطلب ، ما أحسست بهذه الكلمة إلا بعد ما وصلنا إلى الشيخوخة وكبرنا ، وعجز المرء أن يوفي ما يريده من العلم .أحيانًا كان مثلاً الإنسان ينشط فأظل مثلاً أكثر من خمسة عشر ساعة لا أَكِل ولا أَمِل ولا أشعر إطلاقًا أنني جالس علي الكرسي ، ولا أن أنني في تعب ، حديث " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم " أنا أذكر أنني لما أخرجته في بذل الإحسان الجزء الثاني في بذل الإحسان في تقرير سنن النسائي أبي عبد الرحمن ، هذا الحديث طال بحثي فيه أكثر من عشرة أيام ، وخرجت في النهاية بجزء كبير يعني يقارب السبعين صفحة من طرق هذا الحديث وعلل هذه الطرق ، ومناقشة وبسط أهل العلم فيه ، وما شعرت ، وهذا الحديث خاصة أنا أذكره مع حديث القلتين ومع حديث عائشة - رضي الله عنها- " كنت أغتسل مع النبي- صلي الله عليه وسلم- من إناء واحد تختلف فيه أيدينا فأقول له : دعلي دعلي " مع حديث " لولا أن أشق علي أمتي لأمرتهم بالسواك " أربعة أحاديث ؟ أذكر أن أقل حديث أخذ حوالي خمسة أيام أو أربعة أيام ,كان فيه همة وكان أيضًا فيه صحة أنك تستطيع أن تقف عشر ساعات ، لأن طالب العلم الذي يعمل في التحقيق والتحرير وليس في النقل يكون يعمل كحامل الأحجار يمكن يمشي في الليلة اثنين أو ثلاثة كيلو وهي مسافة الغرفة أو مسافة المسكن ، الذي هو خصصه للمكتبة ، نفترض أنها أربعة متر مثلاً ، تظل لمدة عشر ساعات طوال الليل تذهب وتأتي وتحمل الكتب وتضعها على المكتب ، والكتب كثيرة تأخذ ما تحتاجه منها ثم تضعها على الأرفف مرة أخرى ، وتأتي بالكتب مرة أخرى .تحمل الصف كبير ووجهك لا يرى منه وتعمل وتذهب وتأتي ، وهذا الذي يعمل بالتحرير ، طبعاً هناك فرق بين تحرير العلم وبين النقل . إِنَّمَا يُعْرَفُ قَدْرٌ الْمَرْءِ بِتَحْرِيْرِ مَوَاضِعَ الْخِلَافِ:كما قال الشافعي- رحمه الله-: إنما العلم هو معرفة اختلاف الناس ، يعرف ما هذا القول ، وما هذا القول ، وفي الأخر ما هو الصواب من ذلك كله هذا هو العلم ,لكن لما تضعف مُنة الطالب الذي لم يذاكر ، وقلة مرحلة الخمول ، ومرحلة الخمول التي هي مرحلة الطلب ، لا أحد يعرفه ، لما يخرج من الباب لا أحد ينتظره ولا أحد يقول له عندي مشكلة ، ولا أحد يقول له هات لي علاج ، ولا أحد يقول أنا أريد أن أسألك سؤال أو غير ذلك ، لا يفطن له ولم يكمل ولم يَبرُز ، فمستريح ، يصلي في الجماعة ممكن لا تجد أحد يقول له السلام عليكم ويخرج من المسجد هادئ ورائق وتمام التمام ، أنا أحسدهم على الذي هم فيه .فمرحلة الخمول ممكن تكون مرحلة قصيرة في حياة الطالب ، ثم دخل في صلب العمل ومطلوب منه محاضرة هنا ومحاضرة هناك وثلاث محاضرات في اليوم ، ويذهب إلى البلاد لكي يعطي خطبة الجمعة ، ويعطى الدرس ، لم يهنأ بمرحلة الخمول ، فليس عنده علم ، هو أخذ قليل من العلم .لما يتصدر للتأليف ليس عنده شيء ما الذي سيحرره ؟ فهو لم يدرس الأصول ولا تذوق الأصول ولم يستطع أن يفعل شيء ، ومطلوب منه كتب لأنه أصبح شيخًا ويذهب إلي كل مكان ولابد أن يكون مؤلف ، وحتى وإن قلت له أن يعمل مصحح في دار نشر ، يقول: مصحح ؟ كيف أعمل مصحح ؟ أنا مؤلف ، مع أنه لم يكن يتصدر لتصحيح الكتب إلا أفذاذ العلماء ، لأن من الذي يعرف خطأ المؤلف إلا واحد عالم علمه أعلم من المؤلف . كَانَ الْشَّيْخُ عَبْدُ الْرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَ الْمُعَلِّمِيَّ الْيَمَانِيَ:قدره إلا من درس الحديث ، كان مصححاً للكتب في حيدر أباد في الهند ، وهو الذي أخرج لنا التاريخ الكبير للبخاري ، أخرج لنا الجرح والتعديل لأبي حاتم ، وأخرج لنا جزء من سنن البيهقي حتى الجزء الرابع أظن ، وأخرج كتاب الكفاية في علوم الرواية ، وأخرج الإكمال لأبن مأكوله ، أخرج الأنساب للسمعاني ، أخرج تاريخ جرجان لحمزة السهمي ، أخرج كتب كل كتاب سبيكة ذهب ، هذا كله غير كتاب التنكيل ، وكتاب التنكيل هذا جوهرة ، هذا الكتاب أنا نسخته لنفسي عندما كنت فقيرًا ، لذلك هذا الكتاب أحفظه ، التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل ، كتاب جوهرة وهذا كان مصححًا . اليوم لما هان العلم الذي يصحح كتبي كان في بيروت آنذاك عندما كنت بطبع كتبي في بيروت بعض البنات ، بنات لماذا ؟ لأن العمالة مرتب البنات صغير قليل ، فيأتي لي الكتاب في تجارب الطبع فيه العجر والبجر التي كانت موجودة لماذا لم تصحح هذا ؟ يقول: أنا آسف لأن البنات لم يأخذوا بالهم ، بنات من ؟ البنات المصححات ، بنات تصحح كتب الحديث وأسماء رواة الحديث ؟ أنا أقول لك تقول له: تعمل مصحح ؟ يقول: لا مصحح ، أنا مؤلف علي أساس أنه رمح . أيها المؤلف أرني كتابك ؟ يدخل ، فهو يريد أن يقلب في خلال أسبوع يكون أشتغل له كتاب أو شيء لكي يأتي بالفلوس لكي يستعين بهم علي الحياة فيأتي لك من كتب الناس والآن ماكينة التصوير أصبحت مبذولة ، كان زمان عندما يقول: قال بن القيم ، سينقل عشرة أوراق لابن القيم كثير ، يده سوف تؤلمه ، ليس فارغاً يريد أن يدخل في مؤلف ثاني لأنه تعاقد مع هذه الدار والأخرى ، والأخرى ، فيكون المؤلف قص والصق . قال بن القيم يقص بن القيم ويلصق يقص ويلصق قال بن تيمية ، قال بن حجر ، قال السيوطي وإذا به يخرج في خلال أسبوع مثلاً يخرج كتاب مائة وستين صفحة ، ويظن أنه طالما أسمه نزل في الأسواق و أصبح موجودًا على الأرصفة أنه أصبح تعاظم في نفسه ، لا ، العلم ليس هكذا ، إنما العلم هو التحرير ، أن تحرر مواضع النزاع . فنرجع إلي ما كان بن الجوزي يقوله ، الإنسان العاقل هو الذي يكرم هذا البدن طالما لديك صحة ، و أنت تخدم العلم وتخدم الدعوة ، فلا يأتي واحد يقلل من أكله وشربه بحيث أنه كما ذكر بن الجوزي رجل كان يصلي قاعدًا بسبب ماذا ؟ لا يريد أن يأكل ، ما الفائدة ؟ يصلي قاعدًا كيف تصلي قاعدًا وأنت قادر علي القيام ؟ تكون الصلاة باطلة ، لكن هذا جاهل لا يعرف شيء لو أنه مشي علي قانون الفقهاء لعلم أن ترك الأكل في هذه الحالة إثم ، وأنه لا يمدح به بل يذم .فكلام حفصة بنت سيرين يوضع أمامكم ، أي الشباب يعرف أن مرحلة الشباب هذه أعظم وأفضل المراحل التي يبذل فيها الطالب حُشاشة نفسه في سبيل طلب العلم .خلاصة الكلام: أن هذا البدن أمانة حملك الله- عز وجل- حفظها فحفظها لتتم لك عبادة الله - تبارك وتعالي - إنما تُجَوِع نفسك وغير ذلك قال الله عز وجل ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾(النساء:147) هي مسألة أنه يعنِّيك لا بالعكس ينزل لك الرخص أيضاً لماذا نزل الرخص ؟ ليضع عنك العذاب ، لأن تعذيب البشر ليس مراداً ، إنما المراد أنه إذا لابث العمل مشقة أصبر علي المشقة لكن لا تعذب نفسك ابتداءًا ، لأن الله عز وجل قال:﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾(البقرة:185) .فيقول بن الجوزي: (وحقٌ على ذِي النًَاقةِ أن يُكرِمُهَا لِتحمِله . وقد كان النَّبيُ- صلى الله عليه وسلم- يأكُل ما وجَدَ .)بمعني أنه لا يتكلف مفقوداً ولا يرد موجوداً، وما عاب طعاماً قط ، إن اشتهاه أكله وإن عافته نفسه تركه ، وكان بعض الناس الأذكياء عندما تطهوا له زوجته أكل ويكون الطبخ غير منضبط يقول: ما عاب النبي- صلي الله عليه وسلم- طعاماً قط ، فهو يريد أن يقول لها أنت لم تطهي جيدًا ، لكن بأسلوب رفيق ، أي أنه لو عاب لعبت أنا لكنه كان متبعاً ، فما كان يتكلف مفقوداً ولا يرد موجوداً.بل أنه- صلي الله عليه وسلم- كان إذا دخل البيت فسأل عن الطعام لم يجده فينوي الصيام ، لأجل هذا كان مريحاً ، فيه بعض الناس عندهم بسبب هذه المسألة يعملوا إزعاج لا آخر له ، طبق معين غير موجود ، وصنف معين غير موجود تكون مشكلة ، إنسان غير مريح ، تكون المرأة تدور حول نفسها ماذا أفعل له ؟ يكون متعب لا ، النبي- عليه الصلاة والسلام - كان مربحاً جداً، وما صاحبه أحد قط فأخذ عليه مثقال ذرة من المؤاخذة . أنظر هل هناك أكثر من أن أنس- رضي الله عنه- يخدمه تسع سنين ، يقول أنس: ما قال لي قط لشيء فعلته لما فعلته ؟ ولا لشيء تركته لما تركته ؟ تسع سنين واحد يخدم واحد ، وفي كتاب أخلاق النبي لأبي الشيخ يقول أنس كلاماً معناه ، ولم أكن علي مستوي الخدمة ، أي لم أكن أفعل مثل ما يريد بالضبط ، ومع ذلك ما عاب قط ، هذا الصبر ما له آخر أنه لا يعاتب قط أحدًا ، لماذا ؟ لأن العتاب كثيرًا ما يفسد الود ، عندما تقول لماذا لم تفعل ؟ ، لماذا أتيت ؟ ، لماذا ذهبت ؟ ، لماذا جلست ؟ ، لماذا قمت ؟ ، الإنسان يتضجر من كثرة العتاب وأفضل الناس من ترك المعاتبة إلا ما كان في أمر الشرع ، إنما إذا كان في أمر الدنيا وكان الأمر محتملاً فأنه يترك المعاتبة ، فالرسول- صلى الله عليه وسلم- كان يأكل ما وجد ، فإن وجد اللحم أكله (وكان يَأكُلُ لَحمَ الدَّجاج )كما في حديث أبي موسي الأشعري في الصحيحين ( وأحبُ الأشيَاءَ إِلَيهِ الحَلوَى والعَسَل ).وهذا كما في حديث عائشة رضي الله عنها (وما نُقِلَ عَنه أنَّه امتَنَعَ مِن مُبَاحٍ ).وهذا الكلام أريد أن أعقب عليه حتى لا يتعقب بعض الناس بن الجوزي فيه ، الحديث الذي ذكرته " أنه كان إذا اشتهته نفسه أكله وإلا تركه " ، فهذا يدل على أنه ترك مباحًا ، أليس ذلك مثل الضب ، كان الصحابة يأكلون الضب والنبي- صلى الله عليه وسلم- لا يأكله ، فقيل له في ذلك قال:" ليس بأرض قومي " أي لما شبَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يكن الضب يؤكل في مكة ولم يتعود عليه ، والذي يعرف الضب ممكن يبغضه .أنا لما ذهبت إلى السعودية ذات مرة وبعض الناس اصطاد ضباً من الجبل ووضعه في الإناء وأوقد عليه النار والماء يغلي ، وظل الضب يتحرك في الإناء حتى أخر لحظة ، وممكن يظل ثلاث ساعات في الإناء والماء يغلي وهو يتحرك فأنت إذا لم تكن متعود على الضب فلا من الممكن أن تقترب منه ، وممكن نفسك تتركه تماماً ، وهم ما شاء الله يأكلونه جيدًا وليس عنده مشكلة في ذلك ، لماذا ؟ لأنه طلع فوجده في الجبل ويجري خلفه ويصطاده .الرسول عليه- صلى الله عليه وسلم- ما كان يأكل الضب وكان أصحابه يأكلونه ، فهو مباح .لكن بن الجوزي يريد أن يقول في كلمة:( وما امتَنَعَ مِن مُبَاحٍ ) ، يرد على أهل التصوف الذين جعلوا الجوع رياضة وجعلوه مذهباً ، بحيث لو رأى واحد أخر يأكل يقول له استمر في الأكل لن تنفع ولن ترد ، هو يرد على هؤلاء ، ولم يقصد بن الجوزي ظاهر الكلام أنه ما امتَنَعَ مِن مُبَاحٍ ، لا ، امتنع من بعض المباحات التي عافتها نفسه - صلى الله عليه وسلم- . قال: ( وجِيء علي- رضي الله عنه- بِفَالُوذَج .)الفالوذج: شيء مثل العصيدة وكانت طبعًا محببة وكانت هذه أكل الملوك يوضع على موائد الملوك ، مثل الملوخية ، هي كان اسمها ملوكية وليس ملوخية ، لماذا ؟ لأنها لم يكن يأكلها إلا الملوك .قال: (وجِيء علي- رضي الله عنه- بِفَالُوذَج فَأكَلَ منه وقال: ما هذا ؟ قالوا: يوم النَورُوز ) والنوروز: هذا أحد أعياد الكفار . قال: ( فقال: نَورُوزُنا كل يوم ). هكذا نقل بن الجوزي- رحمه الله-وَلَمَّا فَتَّشْتِ عَنْ هَذَا الْأَثَرِ ، الْحَقِيقَةِ وُجِدِتْ بْنُ الْجَوْزِيِّ– رَحِمَهُ الْلَّهُ- أَخْطَأَ فِيْ نَقْلِ هَذَا الْأَثَرُ هُنَا .أولاً: الذي روى هذا الأثر البيهقي في سننه الكبير ووضعه تحت عنوان باب كراهية مشاركة اليهود والنصارى في أعيادهم ومهرجاناتهم ، تقريباً هذا هو التبويب ، وأورد فيه أثرًا لعبد الله بن عمر بن العاص ينهى فيه المسلمين أن يشاركوا غيرهم في أعيادهم ، وقال: من بني داراً في بلاد الكفر أو شاركهم في أعيادهم حشر يوم القيامة معهم ، ونقل أيضاً عن عمر بن الخطاب ولا أظنه يصح من جهة الإسناد عن عمر بن الخطاب أنه نهى أيضاً عن مشاركة الكافرين في أعيادهم .وهذا الأثر الذي أورده البيهقي تحت النهي ، وطبعًا بن الجوزي لما نقل هذا الأثر نقله على أساس أنه إذن في الأكل أليس كذلك ؟ لما قال: نَورُوزُنا كل يوم ، فلم يمتنع ، وبن الجوزي يقول ويدلل بأدلة على أن الفضلاء لم يمتنعوا عن أكل المباح حتى لو كان الفالوذج نفسه .بن الجوزي- رحمه الله- : نقل هذا عن علي ، ولا يصح ابتداءًا من جهة الإسناد ، إلى أن الإسناد كله إلى محمد بن سيرين صحيح ، نقاوة ، يرويه البيهقي عن شيخه أبي عبد الله الحاكم قال حدثنا محمد بن يعقوب أبو العباس عن الحسن بن علي بن عفان العامري قال حدثنا أبو أسامه حماد بن أسامة عن حماد بن زيد عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين أن علياً لو أنا قلت: وأخرج البيهقي بإسنادٍ صحيح إلى محمد بن سيرين أن علياً إذا أردت أن أصحح إسنادًا أو أحكم على إسناداً فوقفت في الصحيح عند راوٍ من رواة الإسناد ، وفوق هذا الراوي لا يزال موجود بعض الرواة ، اعلم أن فوق هذا الراوي الذي وقفت عنده علة ، أنا الآن ذكرت في الإسناد ، كلهم أئمة ، الحاكم وشيخه محمد بن يعقوب ، والحسن بن علي بن عفان العامري أبو أسامه ، حماد بن زيد ، هشام بن حسان ، محمد بن سيرين ، إسناد مثل سبيكة الذهب .فأنا لما أقول: وروى البيهقي بإسنادٍ صحيح إلى محمد بن سيرين ، فلماذا لم أقل إلى علي ، أكيد فيه شيء ، والمحدثون لا يفعلون هذا إلا لعلة ، وإلا لو الإسناد كله صحيح من أوله إلى آخره كنت قلت وروى البيهقي بإسناد صحيح عن على أنه قال: كذا كذا ، فلماذا وقفت عند محمد بن سيرين أكيد فيه فوق محمد بن سيرين علة من العلل ، لذلك أنا وقفت في تصحيح الإسناد إليه , أين العلة هنا ؟قال: محمد بن سيرين لم يدرك عليًا ، لم يدرك علي بن أبي طالب ، فيكون الإسناد منقطع ما بين محمد بن سيرين وبين علي بن أبي طالب ، وانظر العلم نور ، وعلم الحديث ينير لك الدنيا مباشرة ، والذي لا يدرس الحديث يظل طوال عمره مضطرب ، لماذا ؟ لأنه لو جاء له في باب الاحتجاج ، وهو يحتج بأدلة وهو لا يعرف صحيح أم ضعيف ، خصمه ممكن يقول له دليلك ضعيف حتى لو كان في البخاري ، يقول له دليلك ضعيف ، فيقول له لماذا دليلي ضعيف ؟ قول اثبت أن دليلك صحيح .فلن يستطيع أن يتكلم ، لا يقول رواه فلان أو فلان خالف فلان أو الإسناد صحيح أو غير ذلك ، وحتى لو نقل له كلام بعض أهل العلم وقال له أن فلان صححه ، يقول له: فلان أخطأ ، كيف أخطأ ؟ لأن في باب المناظرة لا ينفع التقليد ، لا يصلح في باب المناظرة أن تقلد ، ينبغي في باب المناظرة أن تحتج بالأدلة ، إنما تقول فلان سأحضر لك مقابله فلان ، ستقول: قال الشافعي ، سأقول لك قال مالك ، قال أبو حنيفة ، قال أحمد ، نحن الاثنين مثل بعض ، إلى متى سنظل في هذه الحدوتة ؟ تأتي لى بواحد وأنا أتي لك بواحد في مقابله ، فإذن نحي عنا الرجال وسنأتي بهم بعد ذلك ، وحتى لا يقول لي أحد قول الشافعي ليس له قيمة أو قول مالك أو أحد من العلماء ، لا لكن بعد أن تؤسس دليلك تقول وبقولي قال أحمد وقال مالك وقال الشافعي والعلماء الفضلاء قالوا كذا وكذا ولكن وتؤخر هذا الكلام إلى ما بعد ، ولا تفتي من الأول بأقوال العلماء ، لأن قول العالم مهما جلَّ لا يعد دليلاً ، إلا على العوام فقط ، لكن نحن في باب المناظرة ولا يناظر إلا رجل فاهم معنى المناظرة ودرس الكتب والأدلة ، إنما العوام الذي جاء يستفتي ، يأخذ فتوى ولم يدخل معك في مناظرة يكفى أن تقول له: جائز ، أو غير جائز ، وهذا قول الشافعي أو قول مالك ، قول سفيان لأنه لن يقول لك لا .الآن البيهقي حتى لو صح هذا ، لو أن بن الجوزي لم ينقل هذا علي سبيل الخطأ لما صح عن علي- رضي الله عنه- ، لماذا ؟ لهذه العلة في الإسناد وهي الانقطاع في الإسناد ما بين محمد بن سيرين وبين على بن أبي طالب ، لكن البيهقي لما روى هذا الأثر ، قال أبو سامه حماد بن أسامه أحد رواة الحديث ، كره علي أن يقال: نيروز ، قلب الكلمة وإنما قالها علىٌ على سبيل الإنكار وليس على سبيل الموافقة ، ولذلك قال البيهقي عقب هذا الخبر ، إنما كره أي علي بن أبي طالب أن يخص يوم في الشرع لم يخصه رسول الله- صلي الله عليه وسلم- ، أنتم لماذا لم تأكلوا الفالوذج كل يوم ، قال اليوم يوم النيروز فكره أن يخص يوم حتى لو كان هذا اليوم فيه أكل وشرب ، إذا كان هذا الذي ابتدأ هذه العادة رجلاً كافرًا .فأنت ترى خروج المسلمين في عيد مثل شم النسيم الذي يملأ الحدائق ويملأ الشوارع هم المسلمون ، عيد الحب كذلك ، خرجوا وجعلوا الدنيا حمراء ، ولن تجد أحمر من ذلك ، كله أحمر ، ولماذا يا بني هذا الاحمرار ؟ يقولون عيد الحب ، ( فالنتين ) أليس عندك خبر ، لا ، ليس عندي خبر ، وماذا يكون ذلك وأنا لم أقرأ القصة وكأنه باقي في ذهني بقايا كلام لواحد أن هناك رجل ضحى بنفسه من أجل محبوبته وغير ذلك ، وأنا لن أجادل في المعلومات ولكن على الأقل شيء ليس مما يخص المسلمين .لماذا تخرجون لتكثروا سواد المشركين ، أو لم يُنهَى المسلمين عن ذلك ، أو لم يَنهَي النبي- صلى الله عيه وسلم- عن ذلك ، وقال النبي- صلى الله عيه وسلم- " من تشبه بقوم فهو منهم وجُعِل الذُّلُ والصَّغَارَ علي من خالف أمرِي " وهذا الذي حدث حتى الأولاد اليوم كل القمصان التي يرتدونها عليها كلام أجنبي ، وهذا الكلام لم يأتي عفو الخاطر هذا الكلام مقصود ، أن يكون الحرف اللاتيني أو الحرف الانجليزي بالنسبة لك مألوفاً لا تنكره بالعكس تجد واحد أحضر سيارة استيراد وعلق الأرقام عليها وعلق اللوحة الانجليزي التي أتت مع السيارة من البلاد ، من بلدها ، وحتى أصبح الآن المحلات لو أراد أن يكتب كلمة وهي أصلاً إنجليزي يكتبها بالعربي مثلاً شوز ، محل شوز ، قل محل أحذية ، ما الذي سيحدث لك ، والناس يقولون سوبر ماركت ، قل بقالة ، ما الذي سيحدث لك أن تعمل هكذا ، الأسماء التي على المحلات كثير أجنبي ويفخر بذلك ، ولا يفعل ذلك واحد عنده انتماء صحيحالذي عنده انتماء صحيح ينفر قلبه أشد النفرة من أن يوافق أعداءه حتى في مثل هذا ، ويكون قبيح أنه يترجم الكلمة الأجنبية بنفس الحروف العربية وأن تقرأها بالحروف العربية بنفس النطق باللغة الأجنبية ، وأنا مرة كنت في بعض البلاد العربية وواحد دعانا للعشاء في مطعم ، فلما نظرت إلى المطعم مكتوب (وِيلكَم) ، المطعم اسمه هكذا ، وِيلكَم بالإنجليزي أي مرحبًا ، ووجد مكتوب بالعربي (وَيلَكُم) لأن وِيلكَم لما تكتبها بالعربي وَيلَكُم ، فأنا قلت أننا سنأكل ضرب ولن نتناول العشاء ، فأقول له وَيلَكُم هذا ، أكيد هذا المطعم غالي ، أكيد الحوت بالشيء الفلاني وأنا أتندر عليه سبحان الله ، وأنا أتعجب من هذا الشخص الذي كتب هذه القصة مقابل بعضها ، وهذا نوع من الاختراق ، وهذا له قصة طويلة دامية ، حكيت هذه القصة مرارًا على فترات متباعدة ولا أريد أن أخرج كثيرًا عن الموضوع وأنا أخرج وأعود ، لكن لو دخلت إلى هذا الطريق أظن أنني لن أعود ، لو أردت أن أحكي كيف وصل الحال بنا إلى هذا الأمر الْأُوْلَىْ تَغْيِيْرِ الْأَسْمَاءِ لِلْمَحَلاتِ إِلَىَ أَسْمَاءَ عَرَبِيَّةٌ:وأنا أناشد وأرجو من كل رجل تورط في هذا أنه يغير العنوان ، وما لم يقع عليه ضرر ، لأن الاسم ربما يكون صار ماركة مسجلة ، الاسم مشهور لا يستطيع أن يغيره ، بكل أسف ، أنا أرجو إذا كان الأمر في الاستطاعة ، وأنا أعتقد أن من له انتماء صحيح لن يتوقف في هذا الاستثناء الذي أن أقوله ، سيغيره جزماً، على الأقل في الملابس حاول ألا يرتدي أبناءك شيء عليه كتابة بالانجليزي أو بالفرنساوي أو غير ذلك ، على الأقل حاجة سادة . فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول : " من تشبه بقوم فهو منهم وجُعِل الذُّلُ والصَّغَارَ علي من خالفَ أمرِي " . تحريم العلماء لكل مطعوم يقوم به أعياد المشركين:فعندما يكون شيء من أعياد الكفرة لا يحل للمسلم أن يخرج ويكثر سواد المشركين ولا أن يحتفل بأعيادهم ، بل حرّم العلماء أكل مطعوم يقوم العيد به مثل الفسيخ في يوم شم النسيم ، حرَّم العلماء بيعه في هذا اليوم ، لأن يوم شم النسيم يوم معلوم ، ممكن تأكل قبله ، أو تأكل بعده ، لكن تأكل في هذا اليوم لا يجوز ، لا يجوز أن يبيع أو أن يأكل . ِلمَاذَا حَرَّمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَكَلَ الْفَسِيخِ ؟فلا يأتي واحد ويقول الكل مباح لأن الفسيخ حلال ، الفسيخ وسيخ في عيد من أحل الفسيخ ، كم قال بعض العلماء ذلك وهذا ليس كلامي ، هذا كلام بعض المتأخرين الذين يرون حرمة أكل الفسيخ أصلاً ، على أساس أن الفسيخ لما يوضع في الشمس وينتفخ يصير جيفة ، ولا تقول لي السمك حله الميتة ، لا هو لم يعد ميتة ، صار جيفة بسبب الصديد والدم المسفوح في جوفه .والذي حرمه من العلماء حرمه لذلك ، لكن أنت إذا جئت بالسمك وتكسره بالملح في بيتك فلا بأس بذلك ، لكن لا يوضع في الشمس ويعفن ثم تأتي وتخلله وغير ذلك . فكل طعام يقوم به هذا العيد يحرمه العلماء ويؤثمون صاحبه ، سواء كان آكلاً أو كان بائعاً، كذلك البيض ، البيض حلال نأكله ، لكن في هذا اليوم لا يباع ولا يؤكل في الحدائق وغير ذلك لكن لو واحد اشترى البيض ولم يخطر بباله شم النسيم ولا غير ذلك وهو يريد أن يأكل بيض ، اشترى كرتونة بيض حتى لو كان في يوم شم النسيم فهذا جائز له ، لماذا ؟ لأن العيد لم يقم بفعله هو سيذهب ليأكله في بيته ، لكن يأخذ البيض ويأخذ معه الألوان ويلون البيض ، كل هذا حرام ، والقصد من هذا حفظ شخصية المسلم ، لا تذوب شخصيته في شخصية عدوه . الْسَّلَامُ سَلِمَ لِدُخُوْلِ الْجَنَّةِ: نحن اليوم في زمان اختلطت فيه الأزياء ، واختلط فيه كل شيء ، حتى أن المسلم لا يستطيع أن يؤدي حق المسلم على المسلم في بعض الأمور ، لماذا ؟ لا يعرف هذا ماذا يكون ؟ كله يرتدي بدلة وكرفته ، وكله حليق وغير ذلك فأنت لو أردت أن تقول لواحد السلام عليكم ، ولا يظهر عليه أي علامة أنه مسلم ، بسبب اختلاط الأزياء ، فكيف تقول له السلام عليكم ؟ ولا أحد يتهاون في إلقاء السلام ، لأن النبي- صلي الله عليه وسلم- قال كما في حديث مسلم من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- " والله لا تخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أفلا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم " ، هل هذا قليل ؟ السلام سلم لدخول الجنة إفشاء السلام صار سلم لدخول الجنة .تشميث العاطس ، واحد يجلس معك في مواصلة وعطس ولا يظهر عليه أي علامة أنه مسلم ، حتى لو كان حليقاً، ولا يوجد في وجهه علامة صلاة ، لا تعرف ماذا يكون ، وحق المسلم على المسلم تشميث العاطس ، لأن تشميث العاطس فيه دعاء ، في سنن أبي داود أن اليهود كانوا يتعاطسون في مجلس النبي- صلي الله عليه وسلم- يعمل نفسه أنه يعطس ، وهو لا يعطس ولا حاجة ، رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله ، لئام من زمان ، لكن يتلاءم على من ؟ هذا النبي- صلي الله عليه وسلم- ، فيعمل نفسه أنه يعطس لكي يقول له النبي يرحمك الله ، لأن دعوة النبي مستجابة .وهم يعرفون ذلك ، ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ﴾(البقرة:146) ، يعرفون القصة تمام ،والنبي- صلي الله عليه وسلم- قال كما في الصحيح: " لوآمن بي عشرة من اليهود لآمن اليهود جميعًا " ، فهم يريدون الرحمة وهم يعرفون أن دعوته مستجابة وغير ذلك ، فلم يكن يقول لهم رحمكم الله ، إنما كان يقول:" يهديكم الله ويصلح بالكم " ،فإذا قِيلَ هذا دعاء بالهداية أيضاً، نقول ليس هناك مشكلة أن تدعوا بالهداية لأي أحد كافر أو غيره ، لكن لا تدعو له بالرحمة ، لأن الرحمة لمن آمن بالله ورسوله فقط ,كما قال تعالي:﴿ وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾(الزخرف:35) وأريد أن أقول في النهاية والكلام في قصة التشبه كلام كثير ، لكن طالما جاءت هذه المسألة ، والبيهقي الذي نقل هذا الأثر نقل أو جعل أن هذا مكروهًا ، لماذا ؟ لتخصيص يوم بمطعوم ، لاسيما إذا كان هذا اليوم الذي سنَّه إما كافر وإما من أهل البدع، وجعل هذا الأكل فيذلك اليوم علامة على هذا المذهب حينئذٍ لا يجوز للمسلمين أن يخصصوا ذلك اليوم حتى ولو كان بشيٍ مطعوم .أي أن المسألة ليست في العبادات فقط ، لا يأتي واحد ويقول لا ، نحن لا نوافقهم في العبادات ، لكن الطعام مباح وحلال وغير ذلك ، حتى لو كان في مطعوم ، فلذلك البدعة تقع في العبادات وفي العوائد أيضاً، والعوائد جمع عادة ، وممكن البدعة تكون في العادة حتى لو كانت خارجة عن الشرع قال: ( وإنما يُكرَه الأكلُ فوق الشِّبع ، واللبسُ على وجهِ الاختِيَالِ والبَطَر).كُل لكن لا تشبع ، وهناك حديث مشهور عند الناس كثير جدًا ويقولوه وغير ذلك ، " نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع " هذا لا أصل له ، وعلى النقيض يقول: " الوعاء يستغفر للاعقه " إنما الذي ثبت أن النبي- صلي الله عليه وسلم- كان بأصابعه يمسح القصعة ، هذا هو الذي صح ، لكن " الوعاء يستغفر للاعقه " هذا فيه معنى ليس في معني مجرد مسح الصحفة التي كان يأكل منها النبي- صلى الله عليه وسلم- . الْأَفْضَلِ عِنْدَ تَنَاوُلِ الْطَّعَامِ تَقْسِيْمِ الْمَعِدَةِ ثَلَاثَةٌ أَثْلَاثٍ:إنما الذي صح كما صححه الترمذي وغيره أن يجعل معدته على ثلاثة أثلاث ، يجعل ثلثاً لطعامه وثلثاً لشرابه وثلثاً لنفسه ، لا يملأ البطن أكل ولا يستطيع أن يقوم أو يتحرك ، ثم يأتي له اختناق في النفس ، ولا يأتي واحد ويقول لي كيف يكون ثلثٌ لنفسه ؟ هل الواحد يتنفس من معدته ؟ نقول له لا ، المعدة حجمها صغير ، ممكن تضع أو تأكل فيها خمسة كيلوا فتنتفخ ، فتضيق على الرئة ، وتأتي الرئة لكي تتمدد وتأخذ راحتها في النفس تجد المعدة ضاغطة عليها وتدخل على حيزها ، فلا يعرف أن يتنفس ، وليس إن النفس يدخل على الأمعاء وعلى المعدة .وفي حدود علمي وأرجو ألا أكون أخطئ في هذه المسائل التي لا أعرف فيها أن المريء ينطبق ، بعد أن ينتهي المرء من الأكل المريء يغلق ، تلقائي كما خلقه الله- عز وجل- لا ينفتح إلا عندما تأكل ، لذلك عندما تأتي لتأكل بعد مدة تجد اللقمة تقف في حلقك ، وأنت تحس باللقمة وهي تمشي في المريء وعضلات المرئ تدفعها ، تدفعها إلى المعدة ، وأحيانًا لا تستطيع أن تسلك المسائل تشرب مياه أو عصير لكي تدفع هذه اللقمة إلى المعدة . فالمقصود بثلث لنفسه: أن يترك حيزاً، بالإضافة إلى أن الشبع مشكلة كما نقل عن لقمان الحكيم أنه قال لابنه: (يا بني أن المعدة إذا امتلأت نامت الفكرة وكفت الأعضاء عن العبادة ) الْشِّبَعِ مَدْعَاةً لِلْخُرُوْجِ عَنِ الْجَادَّةِ الْسَّوِيَّةِ: لذلك في الصيام الذي يريد أن يكون نشيطاً في القيام يأكل العُلقة شيء بسيط يسكن بها الجوع ، وبعدما يصلي يكون نشيط جداً لو صلي وهو متخفف ، لكن أول ما يملأها علي الفور كما يقولون الدم ترك المخ ونزل علي المعدة ، الرجل ملأها وتجد عنده دوران ، ويريد أن ينام ، ولا يستطيع أن يفتح عينيه ، ولابد أن يأخذ له قليلاً من النوم ، وينام حتى الساعة الواحدة ، ويضيع عليه القيام ويستيقظ فلا يعرف أن يصلي التهجد أو أن يكمل صلاة الليل وتكون مشكلة عليه . فالناس الذين يفهمون هذه القصة يعرف أن الشبع مدعاة للخروج عن الجادة السوية ، الشبع مباح ، أن يأكل المرء حتى الشبع مباح ليس حرام لكن لا يجعله عادة ، والأكل فوق الشبع فيه قصة رواها الإمام البخاري - رحمه الله - ولكن نذكرها إن شاء الله في الدرس المقبل حتى لا ننفق بقية الوقت في الكلام ونضيع الصلاة . انتهي الدرس السابع عشر |
|