(50) صلاة الجماعة:
وإنَّ الحكمة في صلاة الجماعة وتفضيلها على صلاة المُنفرد هي الإشارة إلى الحَثِّ على الاتحاد واجتماع الكلمة، وإن في وقوف الفقير بجانب الغني إشارة إلى أن التفاضل بين المُسْلِم وأخيه ليس بحُسْنِ الزِّيِّ، والهندام، ولا بالغنى بل بالتقوى "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ"، وفيه أيضًا إشارة إلى المساواة بين المُسْلِم وأخيه في كُلِّ الحقوق، وفي استقأمَّة الصفوف إشارة إلى الانتظام المطلوب في كُلِّ الأعمال، وفي توجيه الوجوه إلى القبلة إشارة إلى أنه من أهل هذا الدِّين، ومن بُعد المسافات وقربها بين كُلِّ صلاة وأخرى إشارة إلى أن الأعمال تُؤدَّى في الأوقات المناسبة لها؛ لأن الوقت ما بين صلاة الفجر والظهر هو وقت اشتغال المرء بأمور المعاش، فإذا قضى نحو الست ساعات وهو يشتغل بالكسب، كان هذا الوقت كافيًا لهذا الغرض فيصلي الظهر، وقرب المسافة ما بين صلاة الظهر والعصر، وما بين هذه وصلاة المغرب إشارة إلى أن هذه الأوقات يقل فيها عمل الإنسان للكسب فيمكنه أن يؤدي الفرض، وإشارة إلى أنه كما افتتح النهار بصلاة الصبح كذلك يختمه بصلاة المغرب، وفي بُعد المسافة ما بين صلاة العشاء وصلاة الصبح إشارة إلى أن هذا الوقت هو وقت النوم، وأخْذ النفْسِ قِسْطها من الرَّاحة، كما قال الله تعالى: "وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا".

وكُنَّا نُبَيِّنُ لهم الغرض الذي يريده الشارع من فريضة صلاة الجمعة والعيدين والأذان والإمأمَّة.