(25) مدينة ينبع:
هذه المدينة ليست كبيرة من حيث عدد السكان، وليس بها من التنظيم ما لسواها من المُدُنِ التي على سواحل البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، بل هي ضيقة الشوارع التي تتراكم في جنوبها الأقذار، والأتربة، وماؤها آسِنٌ غيرَ صالح للشُّربِ مجلبة للأمراض، لونه أزرق يُجْلَبُ من المستنقعات الرديئة الرائحة ومن العجب أنَّ أهل هذه المدينة يشربون من ماء هذه المستنقعات من غير مبالاة، وقد أُخْبِرْتُ أنَّ الحكومة العثُمَّانية عازمة على الاعتناء بأمر الصحة في هذه المدينة، لا سيما الماء الذي منه حياة كُلِّ شيء؛ إذ عَزَمَتْ على رَدْمِ هذه المستنقعات وإنشاء آبار ارتوازية.

وبهذه المدينة نَوْعٌ من البعوض لَسْعُهُ يَقْرُبُ من لسع الزنابير، والسبب في وجود هذه المستنقعات.

أما حالة التجارة في هذه المدينة فليست ذات أهمية تُذكَر؛ إذ بها بعض الحوانيت لبيع بعض البضائع الضرورية لمعاش الأهالي.
•••
وقد دخل الإسلام هذه المدينة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يلقَ المُسْلِمون في فتحها عناءً؛ لأن أهلها أسلموا وسَلّمُوا طوعًا واختيارًا ورغبةً في الإسلام لا خوفًا من السَّيف، وإلى هذه المدينة يُنسَب أبو عبد الله حرملة المدلجي، وهو من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ويقطن في هذه المدينة عربُ قبيلة جهينة، وهم أصحاب النفوذ دون سائر سكانها، ثُمَّ أقلعت الباخرة من هذه المدينة قاصدة جَدَّةَ ولم تمكث الباخرة فيها سوى ساعتين.