منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة النحل الآيات من 121-125

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 121-125 Empty
مُساهمةموضوع: سورة النحل الآيات من 121-125   سورة النحل الآيات من 121-125 Emptyالسبت 11 يناير 2020, 7:32 pm

شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى: (شَاكِراً لأَنْعُمِهِ) (النحل: 121).

فيه تلميح لأهل مكة الذين جحدوا نعمة الله وكفروها، وكانت بلدهم آمنة مطمئنة، فلا يليق بكم هذا الكفر والجحود، وأنتم تدَّعُون أنكم على مِلّة إبراهيم -عليه السلام- فإبراهيم لم يكن كذلك، بل كان شاكراً لله على نعمه.

وقوله: (ٱجْتَبَاهُ) (النحل: 121).

اصطفاه واختاره للنبوة، واجتباء إبراهيم -عليه السلام- كان عن اختبار، كما قال تعالى: (وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) (البقرة: 124).

أي: اختبره ببعض التكاليف، فأتمها إبراهيم على أكمل وجه، فقال له ربه: (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً) (البقرة: 124).

ولكنه لحبه أن تتصل الإمامة في ذريته قال: (قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي) (البقرة: 124).

فعدَّل الله له هذه الرغبة، وصحَّح له، بأن ذريتك ستكون منها الظالم، فقال: (لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ) (البقرة: 124).

لذلك تعلَّم إبراهيم -عليه السلام- من هذا الموقف، وأراد أن يحتاط لنفسه بعد ذلك، فعندما أراد أن يطلب من ربه أن يرزق أهل مكة من الثمرات قال: (رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَداً آمِناً وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ) (البقرة: 126).

فصحَّح الله له أيضاً هذا المطلب، فالموقف هنا مختلف عن الأول، الأول كان في إمامة القيم والدين، وهذه لا يقوم بها ظالم، أما هذه فرزق وعطاء ربوبية يشمل المؤمن والكافر والطائع والعاصي، فالجميع في الرزق سواء، فقال تعالى: (وَمَن كَفَرَ) (البقرة: 126).

أي: سأرزق الكافر أيضاً.

وهنا تتجلى عظمة الربوبية التي تُربِّي الأنبياء، وتصنعهم على عَيْنها، فكل مواقف الأنبياء تتجمع في النهاية، وتعطينا خلاصة الكمال البشري.

ويدل على دقة إبراهيم -عليه السلام- في أداء ما طُلِب منه موقفه في بناء البيت، فبعد أن دَلَّه الله على مكانه أخذ يُزيح عنه آثار السيول، ويكشف عن قواعده، وكان يكفي إبراهيم لتنفيذ أمر ربه أنْ يرفع البناء إلى ما تناله يده من ارتفاع، ولكنه أحب أن يأتي بالأمر على أتمِّ وجوهه، وينفذه بدقة واحتياط، ففكَّر أن يأتي بحجر مرتفع، ويقف عليه ليزيد من ارتفاع البناء، فجاء بالحجر الذي هو مقام إبراهيم، كل ذلك وولده يساعده؛ لذلك لما أتى بالحجر جاء بحجر لا يرفعه إلا رجلان.

وكذلك موقفه الإيماني وتخلِّيه عن الأسباب، حينما ترك زوجه هاجر وصغيره إسماعيل في وادٍ غير ذي زرع، وفي مكان خالٍ من مُقوِّمات الحياة وأسباب العيش.

إنه لا يؤمن بالأسباب، إنما يؤمن بمُسبِّبها، وطالما أنه سبحانه موجود فسوف يُوفِّر لهم من الأسباب ما يحفظ حياتهم؛ لذلك حينما سألته هاجر: أهذا منزل أنزلكه الله أم من عندك؟

فلما علمت أنه من الله قالت: إذن لن يُضيِّعنا.

وكأن إيمان إبراهيم نضح على زوجته، وملأ قلبها يقيناً في الله تعالى وقوله سبحانه: (وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (النحل: 121).

كيف.

بعد كل هذه الأوصاف الإيمانية تقول الآيات (وَهَدَاهُ) أليست هذه كلها هداية؟

نقول: المراد زاده هداية، كما قال تعالى: (وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ) (محمد: 17).

ثم يقول الحق سبحانه: (وَآتَيْنَاهُ فِي ٱلْدُّنْيَا...).



سورة النحل الآيات من 121-125 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 121-125 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 121-125   سورة النحل الآيات من 121-125 Emptyالسبت 11 يناير 2020, 7:32 pm

وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الحق سبحانه يُبيِّن أن جزاء إبراهيم -عليه السلام- عظيم في الدنيا قبل جزاء الآخرة، والمراد بحسنة الدنيا محبة جميع أهل الأديان له، وكثرة الأنبياء في ذريته والسيرة الطيبة والذكر الحسن.

وها نحن نتحدث عن صفاته ومناقبه ونفخر ونعتز به.

وهذا العطاء من الله لإبراهيم في الدنيا؛ لأنه بالغ في طاعة ربه وعبادته.

وقد طلب إبراهيم -عليه السلام- من ربه هذه المكانة، فقال: (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ * وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ) (الشعراء: 83-84).

حُكْماً: أي: حكمة أضع بها الأشياء في مواضعها.

ولسان صدق: هو الذكر الطيب والثناء الحسن بعد أن أموت.

وقوله تعالى: (وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ) (النحل: 122).

فإنْ كان هذا جزاءَه في الدنيا، فلا شكَّ أن جزاء الآخرة أعظم.

ثم يقول الحق سبحانه: (ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ...).



سورة النحل الآيات من 121-125 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 121-125 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 121-125   سورة النحل الآيات من 121-125 Emptyالسبت 11 يناير 2020, 7:33 pm

ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الحق سبحانه وتعالى بعد أن ذكر بعضاً من صفات الخليل إبراهيم من كونه أمَّة قانتاً لله حنيفاً، ولم يَكُ من المشركين، وأنه شاكرٌ لأنعمه، واجتباه ربه وهداه.. الخ قال: (ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ) (النحل: 123).

يا محمد: (أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً) (النحل: 123).

كأن قمة مناقب إبراهيم وحسناته أننا أوحينا إليك يا خاتم الرسل أن تتبع ملته.

وملة إبراهيم: أي شريعة التوحيد.

ثم يُؤكّد الحق سبحانه براءة إبراهيم من الشرك فيقول: (وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ) (النحل: 123).

ثم يقول الحق سبحانه: (إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبْتُ...).



سورة النحل الآيات من 121-125 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 121-125 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 121-125   سورة النحل الآيات من 121-125 Emptyالسبت 11 يناير 2020, 7:34 pm

إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٢٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

بعد أن تحدَّث الحق سبحانه عن إبراهيم أبي الأنبياء، وذكر جانباً من صفاته ومناقبه تكلَّم عن بني إسرائيل في قضية خالفوا فيها أمر الله بعد أن طلبوها بأنفسهم، وكأن القرآن يقول لهم: لقد زعمتم أن إبراهيم كان يهودياً، فها هي صفات إبراهيم، فماذا عن صفاتكم أنتم؟

وأين أنتم من إبراهيم -عليه السلام-؟

ويعطينا الحق سبحانه مثالاً عن مخالفتهم لربهم فيما يأمر به، وأنهم ليسوا كإبراهيم في اتباعه، فيذكر ما كان منهم في أمر السبت.

و (السبت) هو يوم السبت المعروف التالي للجمعة السابق للأحد، والسبت مأخوذ من سَبَتَ يَسْبِت سَبْتاً.

يعني: سكن واستقرَّ، ومنه قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً) (النبأ: 9).

ذلك أن بني إسرائيل طلبوا يوماً يرتاحون فيه من العمل، ويتفرغون فيه لعبادة الله، وقد اقترح عليهم نبيهم موسى -عليه السلام- أن يكون يوم الجمعة، فهو اليوم الذي أتمَّ الله فيه خَلْق الكون في ستة أيام، وهو اليوم الذي اختاره الخليل إبراهيم، ولكنهم رفضوا الجمعة واختاروا هم يوم السبت وقالوا: إن الله خلق الدنيا في ستة أيام بدأها بيوم الأحد، وانتهى منها يوم الجمعة، وارتاح يوم السبت، وكذلك نحن نريد أن نرتاح ونتفرغ لعبادة الله يوم السبت، وهكذا كانت هذه رغبتهم واختيارهم.

أما العيسويون فرفضوا أن يتبعوا اليهود في يوم السبت، أو إبراهيم -عليه السلام- في يوم الجمعة، واختاروا الأحد على اعتبار إنه أول بَدْء الخلق.

أمَّا أمَّة مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فقد اختار لها الله يوم الجمعة يوم الانتهاء وتمام النِّعمة.

إذن: اليهود طلبوا يوم السبت واختاروه للراحة من العمل والتفرغ للعبادة، فهذا مطلبهم، وقد وافقهم ربُّهم سبحانه وتعالى عليه، وأمرهم أنْ يتفرَّغوا لعبادته في هذا اليوم، وافقهم ليُبيّن لجاجتهم وعنادهم، وأنهم لن يُوفُوا بما التزموا به وإن اختاروه بأنفسهم، ووافقهم ليقطع حجتهم، فلو اختار لهم يوماً لاعترضوا عليه، ولكن هاهم يختارونه بأنفسهم.

كما أن قصة السبت مع اليهود جاءت لتخدم قضية عقدية عامة، هي أن الآيات التي تأتي مُصدِّقة للرسل في البلاغ عن الله تعالى قد تكون من عند الله وباختياره سبحانه، وقد تكون باختيار المرسَل إليهم أنفسهم، وقد كان من بني إسرائيل أنْ كذَّبوا بهذه وهذه ولذلك قال تعالى: (وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ) (الإسراء: 59).

أي: لكونهم يقترحون الآية ثم يُكذِّبونها، فأمْرهم تكذيب في تكذيب.

وقصة السبت ذُكِرَتْ في مواضع كثيرة، مثل قوله تعالى: (وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (الأعراف: 163).

لقد نقض اليهود عهدهم مع الله كعادتهم، وأخلفوا ما التزموا به، وذهبوا للصيد في يوم السبت، فكادهم الله وأغاظهم، فكانت تأتيهم الحيتان والأسماك تطفو على سطح الماء كالشراع، ولا ينتفعون منها بشيء إلا الحسرة والأسف، فيقولون: لعلها تأتي في الغد فيخيب الله رجاءهم: (وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ) (الأعراف: 163).

وقد سمَّى القرآن الكريم ذلك منهم اعتداءً؛ لأنهم اعتدوا على ما شرع الله، قال تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (البقرة: 65).

وقوله تعالى: (إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبْتُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ) (النحل: 124).

كلمة (اخْتَلَفُوا) تُوحي بوجود طائفتين متناقضتين في هذه القضية، والحقيقة أن الخلاف لم يكُنْ بين اليهود بعضهم البعض، بل بينهم وبين نبيهم الذي اختار لهم يوم الجمعة، فخالفوه واختاروا السبت، فجعل الله الخلاف عليهم.

فالمعنى: إنما جُعِل السبت حُجّة على الذين اختلفوا فيه؛ لأنه أثبت عدوانهم على يوم العبادة، فبعد أن اقترحوه واختاروه انقلب حُجة عليهم، ودليلاً لإدانتهم.

ولو تأملنا قوله: (عَلَىٰ ٱلَّذِينَ) (النحل: 124).

نجد أن كلمة (عَلَى) تدلُّ على الفوقية أي: أن لدينا شيئاً أعلى وشيئاً أدنى؛ فكأن السبت جاء ضد مصلحتهم، وكأن خلافهم مع نبيهم انقلب عليهم.

ومن ذلك قوله تعالى: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ) (الرعد: 6).

يؤولها بعضهم على معنى (مع ظلمهم) نقول: المعنى صحيح، ولكن المعية لا تقتضي العلو، فلو قلنا: مع ظلمهم فالمعنى أن المغفرة موجودة مع الظلم مجرد معية، أما قول الحق سبحانه: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ) (الرعد: 6).

أي: أن المغفرة عَلَت على الظلم، فالظلم يتطلب العقاب، ولكن رحمة الله ومغفرته عَلَتْ على أنْ تُعامِل الظالم بما يستحق، فرحمة الله سبقتْ غضبه، ونفس الملحظ نجده في قول الحق سبحانه: (ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) (إبراهيم: 39).

فالكبر كان يقتضي عدم الإنجاب ولكن هبة الله علت على سنة الكِبَر.

ثم يقول الحق سبحانه: (ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ...).



سورة النحل الآيات من 121-125 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 121-125 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 121-125   سورة النحل الآيات من 121-125 Emptyالسبت 11 يناير 2020, 7:34 pm

ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فبعد أن تحدثتْ الآيات عن النموذج الإيماني الأعلى في الإنسان في شخص أبي الأنبياء إبراهيم، وجعلتْ من أعظم مناقبه أن الله أمر خاتم رسُله باتباعه، أخذتْ في بيان الملامح العامة لمنهج الدعوة إلى الله.

قوله: (ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ) (النحل: 125).

الحق تبارك وتعالى لا يُوجّه هذا الأمر بالدعوة إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- إلا وهو يعلم أنه سيُنفِّذ ما أُمِر به، وسيقوم بأمر الدعوة، ويتحمل مسئوليتها.

(ٱدْعُ) : بمعنى دُلَّ الناس وارشدهم.

(سَبِيلِ رَبِّكَ) (النحل: 125).

السبيل هو الطريق والمنهج، والحكمة: وَضْع الشيء في موضعه المناسب، ولكن لماذا تحتاج الدعوةُ إلى الله حكمةً؟

لأنك لا تدعو إلى منهج الله إلا مَنِ انحرف عن هذا المنهج، ومَنِ انحرف عن منهج الله تجده أَلِف المعصية وتعوَّد عليها، فلابُدَّ لك أنْ ترفقَ به لِتُخرجه عما ألف وتقيمه على المنهج الصحيح، فالشدة والعنف في دعوة مثل هذا تنفره، لأنك تجمع عليه شدتين: شدة الدعوة والعنف فيها، وشدة تَرْكه لما أحبَّ وما أَلِفَ من أساليب الحياة، فإذا ما سلكتَ معه مَسْلَك اللِّين والرِّفق، وأحسنت عَرْض الدعوة عليه طاوعك في أنْ يتركَ ما كان عليه من مخالفة المنهج الإلهي.

ومعلوم أن النصْح في عمومه ثقيل على النفس، وخاصة في أمور الدين، فإياك أن تُشعِر مَنْ تنصحه أنك أعلم منه أو أفضل منه، إياك أن تواجهه بما فيه من النقص، أو تحرجه أمام الآخرين؛ لأن كل هذه التصرّفات من الداعية لا تأتي إلا بنتيجة عكسية، فهذه الطريقة تثير حفيظته، وربما دَعَتْه إلى المكابرة والعناد.      

 وهذه الطريقة في الدعوة هي المرادة من قوله تعالى: (بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ) (النحل: 125).

ويُروى في هذا المقام -مقام الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة- قصة دارت بين الحسن والحسين -رضي الله عنهما-، هذه القصة تجسيدٌ صادق لما ينبغي أنْ يكون عليه الداعية.

فيُروى أنهما رَأيَا رجلاً لا يُحسِن الوضوء، وأراد أنْ يُعلِّماه الوضوء الصحيح دون أنْ يجرحَا مشاعره، فما كان منهما إلا أنهما افتعلا خصومة بينهما، كل منهما يقول للآخر: أنت لا تُحسِن أنْ تتوضأ، ثم تحاكما إلى هذا الرجل أنْ يرى كُلاً منهما يتوضأ، ثم يحكم: أيهما أفضل من الآخر، وتوضأ كل منهما فأحسن الوضوء، بعدها جاء الحُكْم من الرجل يقول: كل منكما أحسن، وأنا الذي ما أحسنْتُ.

إنه الوعظ في أعلى صورة، والقدوة في أحكم ما تكون.

مثال آخر للدعوة يضربه لنا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، حينما أتاه شاب في فَوْرة شبابه، يشتكي عدم صَبْره عن رغبة الجنس، وهي -كما قلنا- من أشرس الغرائز في الإنسان.

جاء الشاب وقال: "يا رسول الله إئذن لي في الزنا".
هكذا تجرأ الشاب ولم يُخْفِ عِلّته، هكذا لجأ إلى الطبيب ليطلب الدواء صراحة، ومعرفة العلة أولَ خَطوات الشفاء.
فماذا قال رسول الله؟
انظر إلى منهج الدعوة، كيف يكون، وكيف استلَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الداء من نفس هذا الشاب؟ فلم يزجره، ولم ينهره، ولم يُؤذه، بل أخذه وربَّت على كتفه في لطف ولين، ثم قال: "أتحبه لأمك؟ قال: لا يا رسول الله، جُعِلْتَ فِدَاك، قال: فكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، قال: أَتُحبه لأختكَ؟ قال: لا يا رسول الله جُعِلْتُ فِدَاك، قال: "فكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم".

وهكذا حتى ذكر العمة والخالة والزوجة، ثم وضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده الشريفة على صدر الشاب ودعا له: "اللهم نَقِّ صدره، وحَصِّن فَرْجه" فقام الشاب وأبغض ما يكون إليه أن يزني، وهو يقول: فوالله ما هَمَّتْ نفسي بشيء من هذا، إلا ذكرْتُ أمي وأختي وزوجتي
.
فلنتأمل هذا التلطُّف في بيان الحكم الصحيح، فمعالجة الداءات في المجتمع تحتاج إلى فقه ولباقة ولين وحُسْن تصرف، إننا نرى حتى الكفرة حينما يصنعون دواءً مُرّاً يغلفونه بغُلالة رقيقة حُلْوة المذاق ليستسيغه المريض، ويسهل عليه تناوله.

وما أشبه علاج الأبدان بعلاج القلوب في هذه المسألة.

ويقول أهل الخبرة في الدعوة إلى الله: النصح ثقيل فلا تُرْسِله جبلاً، ولا تجعله جدلاً.

والحقائق مُرّة فاستعيروا لها خِفّة البيان.

وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا سمع عن شيء لا يرضيه من ذنب أو فاحشة في مجتمع الإيمان بالمدينة كان يصعد منبره الشريف، ويقول: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا".

ويكتفي بالتوجيه العام دون أنْ يجرحَ أحداً من الناس على حَدِّ قولهم في الأمثال: إياك أعني واسمعي يا جاره.

ومن ذلك ما كان يلجأ إليه العقلاء في الريف حينما يتعرض أحدٌ للسرقة، أو يضيع منه شيء ذو قيمة، فكانوا يعلنون عن فَقْد الشيء الذي ضاع أو سُرِق ويقول: ليلة كذا بعد غياب القمر سوف نرمي التراب.

ومعنى "نرمي التراب" أن يحضر كل منهم كمية من التراب يلقيها أمام بيت صاحب هذا الشيء المفقود، وفي الصباح يبحثون في التراب حتى يعثروا على ما فُقِد منهم، ويصلوا إلى ضالَّتهم دون أنْ يُفتضحَ الأمر، ودون أن يُحرَج أحد، وربما لو واجهوا السارق لأنكر وتعقدت المسألة.

وقوله سبحانه: (وَجَادِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل: 125).

والجدل مناقشة الحجج في قضية من القضايا، وعلى كُلِّ من الطرفين أنْ يعرضَ حُجّته بالتي هي احسن.

أي: في رفق ولين ودون تشنُّج أو غَطْرسة.

ويجب عليك في موقف الجدال هذا ألاَّ تُغضِبَ الخصْم، فقد يتمحَّك في كلمة منك، ويأخذها ذريعة للانصراف من هذا المجلس.

وقوله سبحانه: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ) (النحل: 125).

قد يتساءل البعض: ما علاقة هذا التذييل للآية بموضوع الدعوة إلى الله؟

يريد الحق سبحانه أن يُبيّن لنا حساسية هذه المهمة، وأنها تُبنى على الإخلاص لله في توجيه النصيحة، ولا ينبغي للداعية أبداً أنْ يغُشَّ في دعوته، فيقصد من ورائها شيئاً آخر، وقد تقوم بموعظة وفي نفسه استكبار على الموعوظ، أو شعور أنك أفضل منه أو أعلم منه.

ومن الناس -والعياذ بالله- مَنْ يجمع القشور عن موضوع ما، فيظن أنه أصبح عالماً، فيضر الناس أكثر مِمّا ينفعهم.

إذن: إنْ قُبِل الغش في شيء فإنه لا يُقبل في مجال الدعوة إلى الله، فإياك أنْ تغشَّ بالله في الله؛ لأنه سبحانه وتعالى أعلم بمَنْ يضل الناس، ويصدهم عن سبيل الله، وهو أعلم بالمهتدين.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ...).



سورة النحل الآيات من 121-125 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة النحل الآيات من 121-125
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة النحل الآيات من 101-105
» سورة النحل الآيات من 031-035
» سورة النحل الآيات من 106-110
» سورة النحل الآيات من 026-030
» سورة النحل الآيات من 111-115

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: النَّحل-
انتقل الى: