منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة النحل الآيات من 051-055

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: سورة النحل الآيات من 051-055   سورة النحل الآيات من 051-055 Emptyالثلاثاء 07 يناير 2020, 1:44 am

وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَٰهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٥١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وقد جاء النهي في الآية نتيجة خروج الإنسان عن مُراد ربِّه سبحانه، فالعجيب أن البشر والجن أيضاً -يعني الثقلين- هم المختارون في الكون كله، اختيار في أشياء وقَهْر في أشياء أخرى.

ومع ذلك لم يشذّ من خَلْق الله غيرهما.

فالسمٰوات والأرض والجبال كان لها اختيار، وقد اختارت التسخير، وانتهت المسألة في بداية الأمر، ومع ذلك فهي مُسخَّرة وتُؤدِّي مهمتها لخدمة الإنسان، فالشمس لم تعترض يوماً ولم ترفض.

فهي تشرق على المؤمن كما تشرق على الكافر.

وكذلك الهواء والأرض والدابة الحلوب، وكُلُّ ما في كون الله مُسخَّر للجميع.

إذن: كل هذه الأشياء لها مهمة، وتؤدي مُهمتها على أكمل وجه.

ولذلك يقول تعالى في حقِّ هذه الأشياء: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلْجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ) (الحج: 18) هكذا بالإجماع، لا يتخلّف منها شيء عن مُراد ربه.

فما الحال في الإنسان؟

يقول تعالى: (وَكَثِيرٌ مِّنَ ٱلنَّاسِ) (الحج: 18).

ولم يَقُلْ: والناس.

ثم قال: (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ) (الحج: 18).

هذا هو الحال في الإنسان المكرّم الذي اختاره الله وترك له الاختيار.

إنما كل الأجناس مُؤدّيه واجبها؛ لأنها أخذتْ حظّها من الاختيار الأول، فاختارت أن تكون مُسخَّرة، وأن تكون مقهورة.

فالإنسان.

واحد يقول: لا إلهَ في الوجود.

العالم خُلِق هكذا بطبيعته، وآخر يقول: بل هناك آلهة متعددة؛ لأن العالم به مصالح كثيرة وأشياء لا ينهض بها إله واحد.

يعني: إله للسماء، وإله للأرض، وإله للشمس.. الخ.

إذن: هذا رأي في العالم أشياء كثيرة بحيث لا ينهض بها في نظره إله واحد، ونقول له: أنت أخذتَ قدرة الإله من قدرة الفردية فيك.

لا.

خُذها من قدرة من: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى: 11).

لأن القدرة الإلهية لا تعالج الأشياء كما تفعل أنت، وتحتاج إلى مجهود وعمل.

بل في حقّه تعالى يتم هذا كله بكلمة كُنْ.

كُنْ كذا وانتهت المسألة.

ونعجب من تناقض هؤلاء، واحد يقول: الكون خُلِق هكذا لحاله دون إله.

والآخر يقول: بل له آلهة متعددة.

نقول لهم: أنتم متناقضون، فتعالَوْا إلى دين الله، وإلى الوسطية التي تقول بإله واحد، لا تنفي الألوهية ولا تثبت التعددية.

فإنْ كنتَ تظنُّ أن دولابَ الكون يقتضي أجهزة كثيرة لإدارته، فاعلم أن الله تعالى لا يباشر تدبير أمر الكون بعلاج.

يفعل هذه ويفعل هذه، كما يُزاول البشر أعمالهم، بل يفعلها بـ "كُنْ"؛ ولذلك فالحق سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وحيَّكم وميتكم، ورطبكم ويابسكم اجتمعوا في صعيد واحد، فسأل كل إنسان منكم ما بلغت أمنيته، فأعطيت كل سائل منكم ما سأل ما نقص ذلك من مُلْكي إلا كما لو أن أحدكم مر بالبحر فغمس فيه إبرة ثم رفعها إليه، ذلك بأنِّي جواد ماجد، افعل ما أريد، عطائي كلام، وعذابي كلام، إنما أمري بشيء إذا أردته أن أقول له كن فيكون".

فيا مَنْ تُشفْق على الإله الواحد أن يتعبَ من إدارته للكون بشتى نواحيه، ارتفع بمستوى الألوهية عن أمثال البشر؛ لأن الله تعالى لا يباشر سلطانه علاجاً في الكون، وإنما يباشره بكلمة "كُنْ".

إذن: إله واحد يكفي، وما دُمْنا سلَّمنا بإله واحد، فإياك أن تقول بتعدُّد الآلهة.

وإذا كان الحق تبارك وتعالى نفى إلهين اثنين، فنَفْي ما هو أكثر من ذلك أَوْلَى.

واثنان أقل صُور التعدد.

ومعنى (إِلـٰهَيْنِ) أي: معبودين، فيكون لهما أوامر ونواه، والأوامر والنواهي تحتاج إلى طاعة، والكون يحتاج إلى تدبير، فأيُّ الإلهين يقوم بتدبير أمور الكون؟

أم أنه يحتاج إلى مُسَاعد؟

إنْ كان يحتاج إلى مساعد فهذا نقْص فيه، ولا يصلح أن يكون إلهاً.

وكذلك إنْ تخصَّص كُلٌّ منهما في عمل ما، هذا لكذا وهذا لكذا، فقد أصبح أحدهما عاجزاً فيما يقوم به الآخر.

وأي ناحية إذن من نواحي الحياة تكون هي المسيطرة؟

ومعلوم أن نواحي الحياة مشتركة ومتشابكة.

ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى: (وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) (المؤمنون: 91).

وقال: (لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا) (الأنبياء: 22).

فكيف الحال إذا أراد الأول شيئاً، وأراد الآخر ألاَّ يكون هذا الشيء؟

فإنْ كان الشيء كان عجزاً في الثاني، وإن لم يكُن كان عجزاً في الأول.

إذن: فقوة أحدهما عَجْز في الآخر.

ونلحظ في قوله تعالى: (وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ) (النحل: 51).

عظة بليغة، كأنه سبحانه حينما دعانا إلى توحيده يقول لنا: أريحوا أنفسكم بالتوحيد، وقد أوضح الحق سبحانه وتعالى هذه الراحة في قوله: (ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ٱلْحَمْدُ للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) (الزمر: 29).

يعني رجل خُلَّص لسيد واحد، ورجل أسياده كثيرون، وهم شركاء مختلفون، فإنْ أرضى هذا أغضب ذاك، وإن احتاجه أحدهما تنازعه الآخر.

فهو دائماً مُتْعبٌ مُثقَلٌ، أما المملوك لسيد واحد فلا يخفي ما فيه من راحة.

ففي أمره سبحانه بتوحيده راحةٌ لنا، وكأنه سبحانه يقول: لكم وِجْهة واحدة تكفيكم كُلَّ الجهات، وتضمن لكم أن الرضا واحد، وأن البُغْض واحد.

إذن: فطلبُه سبحانه راحةٌ لنا؛ لذلك قبل أن يطلبها مِنّا شهد بها لذاته تعالى، فقال: (شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ) (آل عمران: 18).

فلو قال معترض: كيف يشهد لذاته؟

نقول: نعم، يشهد لذاته سبحانه؛ لأنه لا أحدَ غيره.

لا أحد معه، فشهادة الذات للذات هنا شيء طبيعي.

وكأنه سبحانه يقول: لا أحدَ غيري، وإنْ كان هناك إله غيري فَلْيُرني نفسه، وليُفصِح عن وجوده.

أنا الله خلقت الكون وأخذته وفعلتُ كذا وكذا، فإما أنْ أكون صادقاً فيما قلت وتنتهي المسألة، وإما أنْ أكون غير صادق، وهناك إله آخر هو الذي خلق.

فأين هو؟

لماذا لا يعارضني؟

وهذا لم يحدث ولم ينازع الله في خَلْقه أحد، وحين تأتي الدعوى بلا معاند ولا معارض تَسْلَم لصاحبها.

فإنْ قال قائل: لعل الآلهة الأخرى لم تَدْرِ بأن أحداً قد أخذ منهم الألوهية، فإنْ كان الأمر كذلك فهم لا يصلُحون للألوهية لعدم درايتهم، وإنْ دَرَوْا ولم يعارضوا فهُمْ جُبناء لا يستحقون هذه المكانة.

وبشهادته سبحانه لذاته بأنه لا إله إلا هو أقبل على خَلْق الخَلْق؛ لأنه ما دام يعرف أنه لا إله غيره، فإذا قال: "كن" فهو واثق أنه سيكون.

ولذلك ساعة يحكم الله حُكْماً غيبياً يقول: أنا حكمت هذا الحكم مع أنكم مختارون في أنْ تفعلوا أو لا تفعلوا، ولكني حكمتُ بأنكم لا تفعلون، وما دُمْتُ حكمت بأنكم لا تفعلون ولكم قدرة أن تفعلوا، ولكن ما فعلتم، فهذا دليل على أنه لا إله غيري يُعينكم على أنْ تفعلوا.

ثم شهدتْ الملائكة على شهادة الذات، وشهد أولو العلم شهادةَ الاستدلال، كما قال تعالى: (شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ) (آل عمران: 18).

لنا هنا وَقْفة مع قوله تعالى: (إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ) (النحل: 51).

فعندنا العدد، وعندنا المعدود، فإذا قُلْنا مثلاً: قابلت ثلاثة رجال، فكلمة "ثلاثة" دلتْ على العدد، وكلمة "رجال" دلَّتْ على جنس المعدود، وهكذا في جميع الأعداد ما عدا المفرد والمثنى، فلفظ كل منهما يدل على العدد والمعدود معاً.

كما لو قلت: إله.

فقد دلَّتْ على الوحدة، ودلتْ على الجنس، وكذلك "إلهين" دلَّتْ على المثنى وعلى جنس المعدود.

ولذلك كان يكفي في الآية الكريمة أن يقول تعالى: لا تتخذوا إلهين؛ لأنها دلَّتْ على العدد وعلى المعدود معاً، ولكن الحق تبارك وتعالى أراد هذا تأكيداً للأمر العقديّ لأهميته.

ومن أساليب العرب إذا أحبُّوا تأكيد الكلام أن يأتوا بعده بالمراد.

فيقولون: فلان قسيم وسيم، وفلان حَسن بَسَن، وفلان شيطان ليطان، يريدون تأكيد الصفة.

وكذلك في قوله: (إِلـٰهَيْنِ) فقط تثبت الألوهية، ولتأكيد هذه القضية العقدية لأنها أهمّ القضايا بالنسبة للإنسان، وهي قضية القمة، فقال تعالى: (إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ) (النحل: 51).

وكذلك أيضاً في قوله: (إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ) (النحل: 51).

فجاء بقوله تعالى (وَاحِدٌ) لتأكيد وحدانية الله تعالى وفي الآية مَلْحظ آخر يجب تأمّله، وهو أن الكلام هنا في حالة الغيبة: (إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ) (النحل: 51).

فكان القياس في اللغة هنا أن يقول: "فإياه فارهبون".

ولكن وراء تحويل السياق من الغيبة إلى المجابهة للمتكلم قال: (فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ) (النحل: 51).

وهذا وراءه حكمة، ومَلْحظ بلاغي، فبعد أنْ أكَّد الألوهية بقوله تعالى: (إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ) (النحل: 51).

صَحَّ أنْ يُجابِهَهم بذاته؛ لأن المسألة ما دامتْ مسألة رَهْبة، فالرهبة من المتكلم خير من الرهبة من الغائب.

وكأن السياق يقول: ها هو سبحانه أمامك، وهذا أَدْعى للرهْبة.

وكذلك في فاتحة الكتاب نقرأ: (ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ) (الفاتحة: 2-4).

ولم يَقُلْ: إياه نعبد، متابعة للغيبة، بل تحوَّل إلى ضمير الخطاب فقال: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة: 5).

ذلك لأن العبد بعد أن استحضر صفة الجلال والعظمة أصبح أَهْلاً للمواجهة والخطاب المباشر مع الله عز وجل.

فقوله: (فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ) (النحل: 51).

بعد ما استحضر العبد عظمة ربه، وأقرّ له بالوحدانية وعَلِم أنه إله واحد، وليس إلهين.

واحد يقول: نُعذّبه.

والآخر يقول: لا.

ليس الأمر كذلك، بل إله واحد بيده أنْ يُعذّب، وبيده أنْ يعفو، فناسب السياق هنا أنْ يُواجههم فيقول: (فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ) (النحل: 51).

ثم يقول تعالى: (وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ...).



سورة النحل الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 051-055   سورة النحل الآيات من 051-055 Emptyالثلاثاء 07 يناير 2020, 1:45 am

وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (٥٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

عندنا هنا اللام.

وقد تكون (اللام) للمِلْك كما في الآية.

وكما في: المال لزيد، وقد تكون للتخصيص إذا دخلتْ اللام على ما لا يملك، كما نقول: اللجام للفرس، والمفتاح للباب، فالفرس لا يملك اللجام، والباب لا يملك المفتاح.

فهذه للتخصيص.

والحق سبحانه يقول هنا: (وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ) (النحل: 52).

وفي موضع آخر يقول: (لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَات وَمَا فِي ٱلأَرْضِ) (يونس: 68).

وكذلك في: (يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ) (الحشر: 24).

ومرة يقول: (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ) (الجمعة: 1).

حينما تكون اللام للملكية قد يكون المملوك مختلفاً ففي قوله: (مَا فِي ٱلْسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ) (النحل: 52).

يعني: القدر المشترك الموجود فيهما.

أي: الأشياء الموجودة في السماء وفي الأرض.

أما في قوله: (مَا فِي ٱلسَّمَاوَات وَمَا فِي ٱلأَرْضِ) (يونس: 68).

أي: الأشياء الموجودة في السماء وليست في الأرض، والأشياء الموجودة في الأرض وليست في السماء، أي: المخصَّص للسماء والمخصَّص للأرض، وهذا ما يُسمُّونه استيعاب الملكية.

وما دام سبحانه له ما في السمٰوات وما في الأرض، فليس لأحد غيره مِلْكية مستقلة، وما دام ليس لأحد غيره ملكية مستقلة.

إذن: فليس له ذاتية وجود؛ لأن وجوده الأول موهوبٌ له، وما به قيام وجوده موهوب له.

ولذلك يقولون: مَنْ أراد أن يعاند في الألوهية يجب أن تكون له ذاتية وجود.

وليست هذه إلا لله تعالى ونضرب لذلك مثلاً بالولد الصغير الذي يعاند أباه، وهو ما يزال عَالةً عليه.

فيقول له: انتظر إلى أن تكبر وتستقلّ بأمرك.

فإذا ما شَبَّ الولد وبلغ وبدأ في الكَسْب أمكن له الاعتماد على نفسه، والاستغناء عن أبيه.

لذلك نقول لمن يعاند في الألوهية: أنت لا تقدر؛ لأن وجودك هِبَة، وقيام وجودك هِبَة، كل شيء يمكن أنْ يُنزع منك.

ولذلك، فالحق سبحانه وتعالى يُنبِّهنا إلى هذه المسألة في قوله تعالى: (كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ) (العلق: 6-7).

فهذا الذي رأى نفسه استغنى عن غيره -من وجهة نظره- إنما هل استغنى حقاً؟.

لا.

لم يستغن، بدليل أنه لا يستطيع أنْ يحتفظَ بما يملك.

قوله تعالى: (وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ) (النحل: 52).

الذي له ما في السمٰوات والأرض، وبه قيام وجوده بقيوميته، فهو سبحانه يُطمئِنك ويقول لك: أنا قيُّوم - يعني: قائم على أمرك.

ليس قائماً فقط.

بل قيُّوم بالمبالغة في الفِعْل، وما دام هو سبحانه القائم على أمرك إيجاداً من عَدَم، وإمداداً من عُدم.

إذن: يجب أن تكون طاعتُك له سبحانه لا لغيره.

وفي الأمثال يقولون "اللي ياكل لقمتي يسمع كلمتي" فإذا كنتَ أنت عالة في الوجود.

وجودك من الله، وإمدادك من الله، وإبقاء مُقوِّمات حياتك من الله؛ لذلك قال تعالى: (وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً) (النحل: 52).

أي: هذه نتيجة؛ لأن لله ما في السمٰوات والأرض، فَلَه الدين واصباً، أي: له الطاعة والخضوع دائماً مستمراً، ومُلْك الله دائم، وهو سبحانه لا يُسلم مُلْكَه لأحد، ولا تزال يد الله في مُلْكه.

وما دام الأمر هكذا فالحق سبحانه يسألهم: (أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ) (النحل: 52).

والهمزة هنا استفهام للإنكار والتوبيخ، فلا يجوز أنْ تتقيَ غير الله، لأنه حُمْق لا يليق بك، وقد علمتَ أن لله ما في السمٰوات وما في الأرض، وله الطاعة الدائمة والانقياد الدائم، وبه سبحانه قامت السمٰوات والأرض ومنه سبحانه الإيجاد من عَدَم والإمداد من عُدم.

إذن: فمن الحُمْق أنْ تتقي غيره، وهو أَوْلى بالتقوى، فإنِ اتقيتُم غيره فذلك حُمْق في التصرّف يؤدّي إلى العطَب والهلاك، إنِ اغتررتم بأن الله تعالى أعطاكم نِعَماً لا تُعَدُّ ولا تُحصَى.

ومن نِعم الله أن يضمن لعباده سلامة الملكَات وما حولها، فلو سَلِم العقل مثلاً سَلِمت وصَحَّتْ الأمور التي تتعلق به، فيصحّ النظام، وتصحّ التصَرُّفات، ويصحّ الاقتصاد.

وهذه نعمة.

فالنعمة تكون للقلب وتكون للقالب، فللقالب المتعة المادية، وللقلب المتعة المعنوية.

وأهم المتَع المعنوية التي تريح القالب أن يكون للإنسان دينٌ يُوجّهه.

أن يكون له ربٌّ قادر، لا يُعجِزه شيء، فإنْ ضاقتْ به الدنيا، وضاقتْ به الأسباب فإن له رباً يلجأ إليه فيُسعفه ويكيفه، وهذه هي الراحة الحقيقة.

وقد ضمن لنا الحق -سبحانه وتعالى- سلامة القالب بما أودع في الكون من مُقوِّمات الحياة في قوله: (وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا) (فصلت: 10).

أي: اطمئنوا إلى هذا الأمر، فالله سبحانه لا يريد منكم إلا أنْ تُعمِلوا عقولكم المخلوقة لله لِتُفكِّروا في المادة المخلوقة لله، وتنفعلوا لها بالطاقة المخلوقة لله في جوارحكم، وسوف تجدون كلَّ شيء مُيسَّراً لكم.

فالله تعالى ما أراد منكم أنْ تُوجِدوا رزقاً، وإنما أراد أن تُعمِلوا العقل، وتتفاعلوا مع مُعْطيات الكون.

ولكن كيف يتفاعل الإنسان في الحياة؟

هناك أشياء في الوجود خلقها الله سبحانه برحمته وفضله، فهي تفعل لك وإنْ لم تطلب منها أن تفعل، فأنت لا تطلب من الشمس أنْ تطلُع عليك، ولا من الهواء أنْ يَهُبَّ عليك... الخ.

وهناك أشياء أخرى تفعل لك إنْ طلبتَ منها، وتفاعلتَ معها، كالأرض إنْ فعلتَ بيدك فحرثْتَ وزرعْتَ ورويْتَ تعطيك ما تريد.

وفي هذا المجال من التفاعل يتفاضل الناس، لا يتفاضلون فيما يُفعل لهم دون انفعال منهم.

لا بل ارتقاء الناس وتفاضُلهم يكون بالأشياء التي تنفعل لهم إنْ فعلوا.

أما الأخرى فتَفعل لكل الناس، فالشمس والهواء والمياه للجميع، للمؤمن وللكافر في أيّ مكان.

إذن: يترقّى الإنسان بالأشياء التي خلقها الله له، فإذا انفعل معها انفعلتْ له، وإذا تكاسل وتخاذل لم تُعْطِه شيئاً، ولا يستفيد منها بشيء.

ولذلك قد يقول قائل: الكافر عنده كذا وكذا، ويملك كذا وكذا، وهو كافر.

ويتعجّب من القدر الذي أَعطَى هذا، وحرَم المؤمن الموحد منه.

نقول له: نعم أخذ ما أخذ؛ لأنه يشترك معك فيما يُفعل لك وإنْ لم تطلب، ويزيد عليك أنه يعمل ويكدّ وينفعل مع الكون وما أعطاه الله من مُقوِّمات وطاقة، فتنفعل معه وتعطيه، في حين أنك قاعد لا هِمَّة لك.

وكذلك قد يتسامى الارتقاء في الإنسان، فيجعل الشيء الذي يُفعل له دون أن يطلب منه -أي: الشيء المسخَّر له- يجعله ينفعل له، كما نرى فيما توصَّل إليه العلم من استخدام الطاقة الشمسية مثلاً في تسخين المياه.

هذه الطاقة مُسخَّرة لنا دون جَهْد مِنّا، ولكن ترقِّي الإنسان وطموحه أوصله إلى هذا الارتقاء.

وكُلُّ هذه نِعَم من الله؛ ولذلك قال تعالى: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ...).



سورة النحل الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 051-055   سورة النحل الآيات من 051-055 Emptyالثلاثاء 07 يناير 2020, 1:46 am

وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (٥٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أمدَّنا الله سبحانه بهذه النعم رحمة منه وفضلاً.

نِعَم تترى لا تُعَد ولا تُحْصَى، ولكن لرتابة النعمة وحلولها في وقتها يتعوّدها الإنسان، ثم يذهل عن المنعم سبحانه ونستطيع أن نضرب لذلك مثلاً بالولد الذي تعطيه مصروفه مثلاً كل أول شهر، تجده لا يحرص على أنْ يلقاك بعد ذلك إلا كل أول شهر، إنما إذا عوَّدته أن يأخذ مصروفه كل يوم تراه في الصباح يحوم حولك، ويُظهِر لك نفسه ليُذكِّرك بالمعلوم.

إذن: رتابة النعمة قد تُذهِلك عن المُنعِم، فلا تتذكره إلا حين الحاجة إليه؛ لذا يُنبِّهنا الحق تبارك وتعالى: إذا أعطيتُ لكم نعمة فإياكم أنْ تغتروا بها.

إياكم أن تُذهِلكم النعمة عن المنعم؛ لأنكم سوف تحكمون على أنفسكم أنه لا مُنعِم غيري، بدليل أنني إذا سلبْتُ النعمة منكم فلن تجدوا غيري تلجأون إليه فستقولون: ياربّ ياربّ.

فأنت ستكون شاهداً على نفسك، لن تكذب عليها، فَلِمَنْ تتوجّه إذا أصابك فقر؟

ولمن تتوجَّه إذا أصابك مرض؟

لن تتوجّه إلا إلى الله تقول: يا رب.

(ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) (النحل: 53).

فترة الضُّر التي تمرُّ بالإنسان هي التي تلفته إلى الله، والحاجة هي التي تُلجئه إلى المصدر الحقيقي للإمداد، فإذا كانت النعمة قد تُذهِله وتُنسِيه، فالضر يُذكِّره بربّه الذي يملك وحده كَشْف الضر عنه.

ولذلك، فالناس أصحاب اليقين في الله تعالى ساعةَ أنْ يصيبهم ضُرٌّ، يقول: ذكَّرتني بك ياربّ، يأخذها على أنها نعمة.

كأنها نجدة نجدتْه مما هو فيه من غفلة.

يا ربّ أنت ذكّرتني بك.

أنا كنتُ ناسياً ذاهلاً.

كنت في غفلة.

وساعةَ أنْ يعودَ ويشعر بالتقصير يرفع الله عنه البلاء؛ وذلك يُرفع القضاء عن العبد إنْ رضي به وعلم أن فيه خيراً له.

ولذلك، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يُنبّهنا لهذه الأحداث التي تصيبنا، فإياكم أن تستقبلوها بالجزع والفزع.

ولكن استقبلوها بالإيمان والرضا، واعلموا أن ربكم يغار عليكم، وهو بهذه الأحداث يلفتكم إليه قهراً عنكم؛ لكي تعودوا إليه وتلجأوا إليه.

لكي تقولوا يارب.

يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن رب العزة في الحديث القدسي: "مِنْ عبادي مِنْ أحبهم فأنا أبتليهم ليقولوا يارب".

ويقول تعالى في الآية الأخرى: (فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ) (الأنعام: 43).

أي: أنه سبحانه يريد منا إذا نزل بنا بلاء وبأس أنْ نتضرّع إليه سبحانه؛ لأن الضراعة إلى الله لَفْتة وتذكير به.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يُرشِدنا إلى هذه الحقيقة، فالمصاب الحقيقي ليس مَنْ نزل به ضُرٌّ أو أصابه بلاء.

لا.

بل المصاب الحقيقي مَنْ حُرِم الثواب.

إذن: نقول لمن عنده نعمة: احذر أن تُنسِيِك النعمة وتُذهلك عن المنعم، أما صاحب البلاء والضر، فسوف يردُّك هذا البلاء، ويُذكّرك هذا الضرّ بالله تعالى، ولن تجدَ غيره تلجأ إليه.

فقوله تعالى: (فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) (النحل: 53).

أي: تضْرَعون بصراخ وصوت عالٍ كخُوار البقر، لا يُسِرّه أحد ولا يستحي منه أنْ يُفتضح أمره أمام مَنْ تكبّر عليهم.

ويا ليتكم حين ينتابكم مثل ذلك تعتبرون به وتتعِظُون، وتقولون في لحظة من اللحظات: سوف تلجئنا الأحداث إلى ربنا.

بل بالعكس حينما نكشف عنكم الضر سوف تعودون إلى ما كنتم عليه.

ثم يقول الحق سبحانه: (ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ...).



سورة النحل الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 051-055   سورة النحل الآيات من 051-055 Emptyالثلاثاء 07 يناير 2020, 1:47 am

ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فمن الناس مَنْ إذا أصابه الله بضُرٍّ أو نزل به بأْسٌ تضرّع وصرخ ولجأ إلى الله ودعاه، وربما سالتْ دموعه، وأخذ يُصلّي ويقول: يا فلان ادْعُ لي الله وكذا وكذا.

فإذا ما كشف الله عنه ضُرَّه عاود الكَرّة من جديد؛ لذلك قال تعالى في آية أخرى: (وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ) (يونس: 12).

ومن لُطْف الأداء القرآني هنا أن يقول: (إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (النحل: 54).

أي: جماعة منكم وليس كلكم، أما الباقي فيمكن أنْ يثبتُوا على الحق، ويعتبروا بما نزل بهم فلا يعودون.

فالناس -إذن- مختلفون في هذه القضية: فواحد يتضرّع ويلتفت إلى الله من ضُرٍّ واحد أصابه، وآخر يلتفت إلى الله من ضُرّيْن، وهكذا.

وقد وجدنا في الأحداث التي مرَّتْ ببلادنا على أكابر القوم أحداثاً عظاماً تلفتهم إلى الله، فرأينا مَنْ لا يعرف طريق المسجد يُصلّي، ومَنْ لا يفكر في حج بيت الله، يسرع إليه ويطوف به ويبكى هناك عند الملتزم، وما ألجأهم إلى الله ولفتهم إليه سبحانه إلا ما مرَّت بهم من أحداث.

أليست هذه الأحداث، وهذه الأزمات والمصائب خيراً في حقهم؟.

بلى إنها خير.

وأيضاً قد يُصاب الإنسان بمرض يُلِمّ به، وربما يطول عليه، فيذهب إلى الأطباء، ويدعو الله ويلجأ إليه، ويطلب من الناس الدعاء له بالشفاء، ويعمل كذا وكذا.

فإذا ما كشف الله عنه المرض وأَذِن له بالشفاء قال: أنا اخترتُ الطبيب الحاذق، الطبيب النافع، وعملتُ وعملتُ.

سبحان الله! لماذا لا تترك الأمر لله، وتُعفِي نفسك من هذه العملية؟

وفي قوله تعالى: (ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (النحل: 54).

صمام أَمْن اجتماعي في الكون، يقول للناس: إياكم أن تأخذوا على غيركم حين تُقدمون إليهم جميلاً فيُنكرونه.

إياكم أنْ تكُّفوا عن عمل الجميل على غيركم؛ لأن هذا الإنكار للجميل قد فعلوه مع أعلى منكم، فعلوه مع الله سبحانه، فلا يُزهدك إنكارهم للجميل في فِعْله، بل تمسَّك به لتكون من أهله.

والحق تبارك وتعالى يضرب لنا مثلاً لإنكار الجميل في قصة سيدنا موسى -عليه السلام-: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً) (الأحزاب: 69).

فقد اتهمه قومه وقعدوا يقولون فيه كذباً وبُهْتاناً، فقال موسى: يا ربّ أسألك ألاَّ يُقَال فيَّ ما ليس فيَّ.

فقال تعالى لموسى: أنا لم افعل ذلك لنفسي، فكيف أفعلها لك؟

ولماذا لم يفعلها الحق سبحانه لنفسه؟.

لم يفعلها الحق سبحانه لنفسه ليعطينا نحن أُسْوة في تحمُّل هذا الإنكار، فقد خلق الله الخَلْق ورزقهم ووَسِعهم، ومع ذلك كفروا به، ومع ذلك ما يزال الحق سبحانه خالقاً رازقاً واسعاً لهم.

إذن: في الآية تقنين وأمان للمجتمع أن يتفشى فيه مرض الزُّهْد في عمل الخير.

وقَوْل الحق سبحانه: (بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (النحل: 54).

تشمل الآية مَنْ أنكر الجميل من المؤمنين، ومن الكافرين.

ولكن لماذا يشركون؟

يقول الحق تبارك وتعالى: (لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ...).



سورة النحل الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 051-055   سورة النحل الآيات من 051-055 Emptyالثلاثاء 07 يناير 2020, 1:47 am

لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أي: مُسْتعظمين كقارون الذي قال: (إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ) (القصص: 78).

أخذتُ هذا بَجْهدي وعملي.

ومثله مَنْ تقول له: الحمد لله الذي وفَّقك في الامتحان، فيقول: أنا كنت مُجِداً.

ذاكرتُ وسهرتُ.

نعم أنت ذاكرتَ، وأيضاً غيرك ذاكر وجَدَّ واجتهد، ولكن أصابه مرض ليلة الامتحان فأقعده، وربما كنت مثله.

فهذه نغمة مَنْ أَنكر الفضل، وتكبَّر على صاحب النعمة سبحانه وقوله: (لِيَكْفُرُواْ) (النحل: 55).

هل فعلوا ذلك ليكفروا، فتكون اللام للتعليل؟

لا بل قالوا: اللام هنا لام العاقبة.

ومعناها أنك قد تفعل شيئاً لا لشيء، ولكن الشيء يحدث هكذا، وليس في بالك أنت.

إنما حصل هكذا.

ومثال هذه اللام في قوله تعالى في قصة موسى وفرعون: (فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً) (القصص: 8).

ففرعون حينما أخذ موسى من البحر وتبنَّاه وربَّاه، هل كان يتبنَّاه ليكون له عدواً؟

لا.

إنما هكذا كانت النهاية، لكي يثبت الحق سبحانه أنهم كانوا مُغفَّلين، وأن الله حالَ بين قلوبهم وبين ما يريدون.

إذن: المسألة ليستْ مرادة.

فقد أخذْته وربَّيته في الوقت الذي تقتل فيه الأطفال.

ألم يخطر ببالك أن أحداً خاف عليه، فألقاه في البحر؟!

لذا يقول تعالى: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) (الأنفال: 24).

وكذلك أم موسى: (وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ) (القصص: 7).

كيف يقبل هذا الكلام؟

وأنَّى للأم أن ترمي ولدها في البحر إنْ خافت عليه؟!

كيف يتأتَّى ذلك؟!

ولكن حالَ الله بين أم موسى وبين قلبها، فذهب الخوف عليه، وذهب الحنان، وذهبت الرأفة، ولم تكذّب الأمر الموجّه إليها، واعتقدت أن نجاة وليدها في هذا فألقتْه.

وقوله: (فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (النحل: 55).

أي: اكفروا بما آتيناكم من النعم، وبما كشفنا عنكم من الضر، وتمتعوا في الدنيا؛ لأنني لم اجعل الدنيا دار جزاء، إنما الجزاء في الآخرة.

وكلمة (تَمَتَّعُواْ) هنا تدل على أن الله تعالى قد يُوالي نِعمه حتى على مَنْ يكفر بنعمته، وإلاَّ فلو حَجَب عنهم نِعَمه فلن يكون هناك تمتُّع.

ويقول تعالى: (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (النحل: 55).

أي: سوف تروْنَ نتيجة أعمالكم، ففيها تهديد ووعيد.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ...).



سورة النحل الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة النحل الآيات من 051-055
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة النحل الآيات من 031-035
» سورة النحل الآيات من 106-110
» سورة النحل الآيات من 026-030
» سورة النحل الآيات من 111-115
» سورة النحل الآيات من 116-120

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: النَّحل-
انتقل الى: